مقتل أسقف الكلدان في العراق هو انتصار لثقافة الموت على ثقافة الحياة

الياس بجاني

الأمين العام للمنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

 

من المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية ندين بشدة جريمة قتل المثلث الرحمة مطران الكنيسة الكلدانية في الموصل بولص فرج رحو، ونقـدم إلى القيمين على الكنيسـة الكلدانية والشعـب الكلداني الآرامـي وإلى كل مسيحيي الشرق أحر التعازي القلبية متضرعين معهم إلى الله سبحانه تعالى أن يرحم نفس الفقيد الشهيد بنوره السـماوي، وينعم على أهله ومحبيه وأبناء كنيسته بعطايا الإيمان والقـوة والصبر والسـلوان.

 

إن خطف المطران رحو وقتل ثلاثة من مرافقيه الشمامسة ومن ثم قتله دون أي مبرر أو سبب غير الحقد والكراهية والتعصب هو عمل ليس فقط إرهابي وإجرامي، بل ممارسة بربرية ووحشية لا يمكن أن يقترفها إلا من كان رجساً وشيطاناً بفكره وأهدافه، وهو بالتأكيد لا يعرف الله ولا يمت للحضارة والإنسانية بصلة.

 

مؤسف ومحزن هذا الإجرام المنهجي الذي يلاحق المسيحيين في كل الدول الشرق أوسطية وتحديداً في ما يسمى منها بالعربية فيما العالم الحر غير مبالي وكـأن الأمر برمته لا يعنيه، لا من قريب، ولا من بعيد.

 

يُستهدف المسيحيون المشرقيون كل يوم بأسس وجودهم وبأرزاقهم وأرواحهم وثقافتهم وحضارتهم وهويتهم وتاريخهم، كما برموزهم الدينية والثقافية والمطلوب كما أصبح واضحاً وجلياً هو تهجيرهم بالقوة والإرهاب واقتلاع جذورهم وقتلهم.

 

لقد أصبح الوضع المسيحي المشرقي في حالة لا يمكن وصفها إلا بالمأساوية والكارثية، فالإضطهاد والتنكيل والإرهاب والقتل المنظم يلاحق المسيحيين هؤلاء دون رحمة أو هوادة، فمن مصر إلى الجزائر والسودان وليبيا وغزة، ومروراً بالأردن والسعودية وباقي دول الخليج العربي، ووصولاً بالطبع إلى لبنان آخر ملاذ أمن حيث التآمر الفاضح على وجودهم وأرضهم وهويتهم والحريات.

 

نرفع الصوت عالياً ونحذر دول العالم الحر وفي مقدمها أميركا والاتحاد الأوروبي وكندا وأستراليا وروسيا وهي التي تفاخر بعلمانيتها وديموقراطيتها وبتخليها عن الأديان كافة، من إن سكوتها المطبق والمستنكر على جريمة تفريغ دول الشرق وخصوصاً العربية منها من المسيحيين سيسقط الحصن الأول الأمامي الذي حماها حتى الآن من وحشية وبربرية الأصولية ومخططات الإرهابيين الساعين إلى تقويض وضرب كل الديموقراطيات والقيم والثقافات والحضارات في العالم. كما يجب أن تعلم هذه الدول أن إفراغ الدول الشرق أوسطية وفي مقدمها لبنان من المسيحيين هو موت فكري وثقافي وحضاري وإنساني للشرق الأوسط برمته، كما أنه موت لا محالة سينتقل إليها إن لم تتحرك وتحمي الوجود المسيحي في أرض ومهد الحضارات التي هم كانوا من أهم مؤسسيها وروادها.

 

يبقى أن تفريغ الشرق من المسيحيين سيكون انتصاراً مدوياً لثقافة الهمجية والموت ورفض الآخر التي تحمل مشعلها البربري دول محور الشر، سوريا وإيران ومعهما كل المنظمات الإرهابية والأصولية، وهزيمة نكراء لثقافة الحياة والحريات والقيم الأخلاقية والإنسانية كافة، وبالتالي انكسار لكل دول العالم الحر.

 

تورنتو/ كندا في 14 آذار 2008

عنوان الكاتب الألكتروني phoenicia@hotmail.com