لن يصل إلى الرئاسة أي ماروني يعتبر نفسه قوياً لأنه سيكون رئيس تحدِ

تعليق الياس بجاني على مقالة لشارل جبور

http://www.aljoumhouria.com/news/index/108425

الياس بجاني/09 كانون الأول/13/لا يمكن لأي عاقل ومتفهم لواقع لبنان الحالي الهش والمتفجر والمفكك والملغم والمحتل من قبل جيش إيران أن يظن ولو للحظة أن ميشال عون أو أمين الجميل أو سمير جعجع أو سليمان فرنجية لهم أي حظ في   الوصول إلى موقع الرئاسة الأولى ولو 1%. وذلك لأن في وصولهم غالب ومغلوب وتحدِ وهذا أمر مسلتزماته وظروفه ومعطياته غير متوفرة حالياً كما كانت يوم وصل الشيخ بشير للرئاسة. من هنا على القادة الأربعة إن كان لبنان أولاً هو همهم ومرتجاهم (هذا أمر فيه الكثير من الشكوك) أن يتوافقوا على شخصية محترمة لبنانياً وتؤمن بلبنان الكيان والهوية والرسالة ولا يكون تاريخها خنوعياً وذمياً وملوثاً لا بالدم ولا بالعمالة ولا بإلإستزلام، والساحة المارونية غنية جداً بهكذا شخصيات. قلنا إذا كان بالإمكان أن يتوافق القادة الأربعة، ولكن الوقائع والتجربة والتاريخ والتحالفات والإرتباطات والأجندات والأحلام والأوهام والكيمياء والمكونات السيكولوجية لكل شخصية منهم يؤكدون لنا بما لا يقبل الشك أنه ليس بالإمكان لا من قريب ولا من بعيد أن يتوافقوا لأن الكرسي مغرية وحلم الوصول إليه يعطل العقل ويعمي البصر والبصيرة. شخصياً لا نعتقد أن لعون أية فرصة لأن محور الشر الإرهابي الذي التحق به بعد عداوة وحروب ونفي على خلفية خيانة الذات ومركبات الحقد والكراهية وحب الانتقام والغرق في عبادة تراب الأرض وكل الكراسي، هذا المحور لا يثق بعون ولا يريده رئيساً وهو لن يرشحه ولم يتبنى ترشيحه، وبالتأكيد 14 آذار تفضل لاسيفورس عليه. أما الرئيس الجميل فعليه أن لا يدخل في هذه المعمعة وأن يترفع عن الحلم والوهم، فهو وصل للكرسي يوم كانت للرئاسة كل الصلاحيات ولم يتمكن من انجاز أي شيء. بالنسبة لسيمان فرنجية حظوظه ستكون وكما قال هو لمرسال غانم إما صفر أو 100% كون الرجل ملتحق كلياً وحتى الانصهار بعائلة الرئيس الأسد وبنظامه ووصوله يعني انتصار الأسد وهذا أمر حالياً من رابع المستحيلات. يبقى أنه على الدكتور جعجع وهو حالياً في موقع أكبر وأقوى بكثير من موقع الرئاسة الأولى أن يتعظ من تجربة الشيخ بشير وأن يعمل بجد وقوة مع 14 آذار على إيصال رئيس لبناني صرف وأن لا يغرق هو شخصياً في أوحال الرئاسة التي وأن وصل إليها سوف تحجمه وتلجمه وربما تجوف وتفرغ حزبه.

 

وجهات نَظر ثلاث... رئاسية

شارل جبور/جريدة الجمهورية

الإهتمام الذي تستحوذ عليه الانتخابات الرئاسية، والتي تصدرت كلّ الملفات السياسية، دليل ثابت على موقع الرئاسة الأولى في الحياة الوطنية اللبنانية، الأمر الذي يؤكد مجدداً أنّ أهميتها نابعة من دورها وما يصدر عنها، لا من الصلاحيات التي تتعطّل على وَقع الصراعات والتجاذبات. أعادت الانتخابات الرئاسية المسيحيين إلى واجهة الأحداث السياسية، وعلى رغم أنّ هذا الاستحقاق وطنيّ بامتياز، إلّا أنه لا ينفي أنّ المسيحيين يُولونه أهمية قصوى انطلاقاً من طائفة هذا الموقع الذي سيستقطب، في ظلّ الفراغ الحاصل، كلّ التركيز ويؤدي إلى فرز المرشحين بين موالاة ومعارضة ووسطيين، وحيث سيتمحور الصراع بين وجهات نظر ثلاث:

الوجهة الأولى 8 آذارية، وقد عبّر عنها السيّد حسن نصرالله بوضوح بقوله إنّ فريقه السياسي يريد ترشيح شخصية من صفوفه، أي لن يرضى بتكرار تجربة الرئيس الوسطي، في مسعى واضح للقبض على السلطة أو بالحدّ الأدنى محاصرة رئيس الحكومة في حال اضطراره الى التسليم بنتائج الشارع السني أو أيّ اتفاق سعودي-إيراني أو تجنّب الفتنة السنية-الشيعية. فـ"حزب الله" يريد استبعاد أيّ تناغم أو تقاطع بين رأسَي السلطة التنفيذية الماروني والسني، لا بل يسعى لوَضع رئيس الجمهورية في مواجهة رئيس الحكومة. ولذلك، فإنّ أهدافه تتمحور بين إيصال رئيس يحمل توجّهاته وبين الفراغ.

الوجهة الثانية مسيحية 14 آذارية، وتنطلق من الاعتبارات الآتية:

1 - الأزمة السورية طويلة، وبمعزل عن مؤدياتها التي ستصبّ حُكماً في مصلحة 14 آذار، إلّا انّ "حزب الله" يستفيد من الوقت الضائع والحال الانتظارية التي تقبع فيها الحركة الاستقلالية بُغية إحكام قبضته على كل مفاصل السلطة ومنع أيّ تغيير خارجي من أن ينعكس محلياً.

وبالتالي، أصبح من المُلحّ مواجهة هذا المشروع من داخل المؤسسات، وفي طليعتها رئاسة الجمهورية التي يجب خَوضها، ليس على أساس معركة تقليدية وكلاسيكية، إنما على قاعدة فِعل مقاومة فعلية لوَقف تمدّد "حزب الله" واستعادة ما للدولة للدولة.

2 - إيصال شخصية وسطية يعني تمديد للوضع القائم الذي يخدم "حزب الله"، إذ وعلى رغم مواقف الرئيس ميشال سليمان الوطنية والسيادية، غير انه لم يترجم هذه المواقف إلى أفعال، إن من خلال تعيينات في مواقع حساسة أو باستخدام صلاحياته برفض توقيع قوانين ومراسيم تخدم سياسة الحزب.

3 - لا يمكن تفعيل الدور المسيحي إلّا من داخل المؤسسات، ومن هنا أهمية إيصال شخصية من صقور 14 آذار تُعيد المسيحيين رأس حربة في الصراع القائم، كما تعيد الاعتبار إلى المواجهة بين مشروعَين سياسيّين، لا بين السنّة والشيعة.

أمّا الوجهة الثالثة فهي وسطية، وتقول إن اندفاع فريقي 8 و14 آذار لإيصال شخصية من صفوفهما سيؤدي الى تفريغ الرئاسة الأولى، لأنّ ميزان القوى الإقليمي والمحلي لا يسمح بكَسر هذا التوازن. وبالتالي، من الأجدى إجراء مقاربة موضوعية تعمد إلى تشخيص الواقعَين الداخلي والخارجي وتشكّل منطلقاً لإتمام الانتخابات وتلافي الفراغ.

وتعتبر هذه الوجهة أنّ أيّ محاولة داخلية لكَسر الستاتيكو الحالي ستُدخِل لبنان في جولات من العنف، وربما الحروب، فيما من الحكمة الإبقاء على التوازن القائم بانتظار تبَلور المشهد الخارجي، وهذا التوازن يتطلّب انتخاب رئيس وسطي يستكمِل ما بدأه سليمان. فاللحظة لا تحتمل أكثر من ذلك، ومن غير الجائز تحميل الرئاسة أكثر من قدرتها على الاحتمال.

وترى هذه الوجهة انّ من مصلحة الفريقين المتنازعين وصول شخصية وسطية، حيث أن "حزب الله" يتجنّب بذلك الصراع الداخلي، كما يتجنب المواجهة المباشرة مع الشرعيتين العربية والدولية، لأنه بغياب المؤسسات يصبح وضعه مكشوفاً.

ومن مصلحة 14 آذار أن تدفع باتجاه انتخاب شخصية وسطية بدلاً من الفراغ، وأن تواصِل مواجهتها مع الحزب من دون أن تجرّه الى رَدّ فِعل عسكري يساهم في المزيد من الفرز، وأن تَتكِئ على وجود رئيس من خارج صفوفها ويحمل توجهاتها السيادية نفسها، الأمر الذي يعزّز موقفها لجهة أنّ مشروعها غير فئوي، إنما وطني بامتياز.

وفي المحصّلة، يفترض التمييز بين الموقف الذي يجب أن يكون حاسماً وجازماً ونهائياً، وبين المواجهات التي يجب خَوضها على أساس معطيات وحسابات دقيقة، لا على طريقة "السولد" التي تكون سلبيّاتها أكثر من إيجابياتها. ومن هنا ضرورة التوفيق بين تزخيم الوضع المسيحي وتفعيله، وبين تجنّب الفراغ الذي يؤدي الى تغييب المسيحيين عن المعادلة الوطنية.