سياسة الحافة الإيرانية وتشكيل الحكومة اللبنانية
بقلم/الياس بجاني

من المعروف عن حكام إيران الملالي أنهم يجيدون بمهارة عالية جداً ممارسة فنون وشجون سياسات ومسرحيات حافة الهاوية، أي أنهم يتعاملون مع الدول الأخرى المعادية أو المنافسة على حد سواء بمفهوم وثقافة المناورات والتهديد والوعيد ورفع سقوف الشروط، ومن ثم فجأة يتراجعون عندما تصل الأمور إلى حافة المواجهة.

هذا التكتيك المكشوف والمفضوح والضوضائي مارسه ويمارسه الملالي مع أميركا والغرب ودول الخليج العربي منذ سيطرتهم بالقوة والإرهاب على مقدرات إيران وقد نجح للأسف في خلق هالة إيرانية لا تتناسب مع قدراتها لا العسكرية ولا الاقتصادية بنتيجة تردد الغرب وامتناعه عن استعمال القوة لردع الملالي، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمونها ويرضخون لها.

هذا النمط الإيراني المخادع هو الذي يعطل تشكيل الحكومة في لبنان حالياً حيث لا يمر يوم واحد منذ أن تم تكليف الرئيس تمام سلام في السادس من نيسان الماضي دون تهديد ووعيد وهز أصابع ومسرحيات استكبار لقادة حزب الله بالويل والثبور وعظائم الأمور.

في هذا السياق التهويلي فإن القاصي والداني يعلم علم اليقين أن حزب الله ليس لبنانياً أو عربياً بأي شكل من الأشكال، بل هو فيلقاً عسكرياً إيرانياً وإرهابياً من المرتزقة اللبنانيين ومرتبط كلياً وعلى كافة الصعد بالحرس الثوري الإيراني وقراره ليس بأيدي قادته اللبنانيين لا من قريب ولا من بعيد، بل هو في إيران الملالي الساعية بالقوة إلى إسقاط الدولة اللبنانية واستبدالها بدويلة ملالوية.

من هنا يعتقد كثر من المتابعين من داخل وطن الأرز وخارجه عن قرب لأحداث هذا الوطن المحتل والفاشل والمارق، ومعهم أيضاً كثر من العارفين بثقافة وعقلية أسياد حزب الله في إيران الملالي الذين يجيدون اللعب السياسي المحترف والمراهنة على تراجع العدو بإيصاله إلى الحافة، هؤلاء بمعظمهم ينصحون الرئيسين سلام وسليمان ومعهما 14 آذار بضرورة عدم الاكتراث لتهديدات حزب الله العالية النبرة والإقدام بسرعة وتشكيل الحكومة الوطنية التي يرون أنها تخدم لبنان الوطن والإنسان وذلك لتجنب الفراغ الذي تسعى إليه إيران من ضمن مخططها الجهنمي الهادف لاستكمال سيطرتها على كل لبنان دولة وشعباً وأرضاً.

إن حزب الله الإيراني ورغم هالة القوة الكاذبة التي يحاول أمينه العام السيد حسن نصرالله التسوّيق لها من خلال خطاباته الرنانة والببغائية المملة، هو حزب تبعي ومرتهن لا قرار له ولا سلطة ولا استقلالية، بل هو 100% مرتبط بإيران وينفذ ما تأمره به دون اعتراض أو سؤال.

إن العديد من المراقبين هؤلاء يعتقدون جازمين أن إيران الملالي وهي في خضم تقاربها مع أميركا والغرب لن تأمر حزبها الإرهابي في لبنان القيام بأي عمل عسكري أو شوارعي وبلطجي ضد أي حكومة تشكل دون الالتزام بشروطها التعجيزية كما فعلت في غزوة أيار 2008 الجاهلية والمجرمة، وذلك خوفاً من ضرب وإفشال كل جهود رئيسها روحاني الذئب الساعي بثياب الحمل إلى رفع العقوبات وتحسن الوضع الاقتصادي الإيراني المنهار.

من المعروف والمؤكد أن إيران تهدد وتتوعد وتصل إلى الحافة ثم تتراجع وهذا ما سوف يكون أمر حزب الله التابع لها في حال شُكِلت الحكومة اللبنانية دون التقيد بشروط الملالي المذلة والاستعبادية.

من هنا على الرئيسين ميشال سليمان وتمام سلام الإقدام دون تردد وخوف وعدم الغرق في أوحال خوف وليد جنبلاط المزمنة الذي امتهن الاستسلام على قاعدة المثل التركي البالي: "اليد التي لا تستطيع كسرها، قبلها وأدعي لها بالكسر". على الرئيسين ترك البيك جنبلاط جالساً على ضفاف الأنهر بمفرده بانتظار جثث الأعداء، وليتم تشكيل الحكومة بسرعة دون أثلاث معطله ودون توزير الصهر جبران باسيل أو الدلوع الصحناوي ومن هم من خاماتهما وتبعيتهما لمحور الشر السوري-الإيراني.

لتشكل الحكومة وليفعل حزب الله ما بمقدوره أن يفعله، وهو كما يرى كثر من العارفين بخفايا الأمور لن يفعل أي شيء لأن إيران لن تأمره بغير الصراخ والزعيق وسنفونيات الكلام الإستكباري والفوقي.

نسأل السياديين من قادتنا ومعهم المسؤولين غير التابعين لمحور الشر إلى متى الخوف وإلى متى التردد والمساومات والتنازلات؟ ألا يستحق الوطن وأهله أن يجازف قادته والمسؤولين عنه من أجل خلاصه ومن أجل إخراجه من فم التنين الإيراني؟

في الخلاصة، يا سادة يا حكام ويا سياسيين ورجال دين محترمين إن العلاج لمرض سرطان حزب الله الإيراني يكمن في الجرأة والإقدام ومن ثم فقط وفقط بالجرأة والإقدام، بالله عليكم اقدموا وشكلوا الحكومة وانقذوا الوطن قبل أن يفترسه الملالي.

الكاتب معلق سياسي وناشط لبناني اغترابي

*عنوان الكاتب الألكتروني

phoenicia@hotmail.com

*تورنتو/كندا في 03 تشرين الثاني/2013