أهم ما جاء في عدد مجلة الشراع الصادرة الحمعة 11 نيسان/اضغط
هنا
*أسرار
وخفايا متفرقة/الجيش هو المعركة الفاصلة بقلم حسن صبرا
*رسائل
رئيس التحرير/هل يجد بري الدواء عند الدكتور
*خلافات
عائلية في التيار الوطني الحر: هل يقصم الصهر ظهر عون؟ بقلم هدى الحسيني
*المناورات الإسرائيلية:استعدادات جدية لحرب مستوفاة الشروط بقلم ناصر شرارة
*مقابلة مع عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده. حوار احمد الموسوي
*ماذا بقي من 13 نيسان 1975 حرب باردة على نار متأججة بقلم ماجدة صبرا
*كتاب
من عيتاني ورد من الشراع
*متفرقات
*فلسطين
وقف ومرجعيتها ولاية الفقيه بقلم ابراهيم احمد
====================
شوكت في الاقامة الجبرية
المعلومات حول وضع اللواء آصف شوكت في الاقامة الجبرية اكدتها اوساط من داخل سوريا،
وأشارت الى قيام دوريات من الامن العسكري السوري بدهم شقق عائدة لكبار الضباط في
منطقة المزة في دمشق بتاريخ 29/3/2008، فيما ذكر احد التجار السوريين عن قيام
مجموعة من الامن السوري باطلاق النار على سيارة عسكرية كان يقودها ضابط مقرب من
اللواء آصف شوكت قرب مفرق الزبداني، الا انهم اخطأوه.
سري
في معلومات خاصة لـ((الشراع))، ان النظام السوري قام بإعدام اثنين من ضباط
الاستخبارات العسكرية السورية بشكل سري في الأسبوع الماضي على خلفية التحقيق في
اغتيال عماد مغنية، وجرى التكتم الشديد على هذا الموضوع، في الوقت الذي تلقى فيه
أهالي الضابطين تحذيرات من الادلاء بأي معلومات في هذا الشأن.
لا
تكتم السر
أكدت اوساط دبلوماسية في بيروت عن ان التقرير النهائي للجنة التحقيق الدولية سوف
يظهر تورط من الضباط الاربعة الموقوفين في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بطريقة
غير مباشرة وبأمر من الضابط السوري جامع جامع، وان استمرار توقيف هؤلاء الضباط
يندرج في هذا الاطار، والادعاء من قبل بعض المسؤولين في لجنة التحقيق عن ان موضوع
توقيف هؤلاء شأن لبناني، ما هو الا مجرد تمويه وأسلوب للحفاظ على سرية التحقيق.
ليس
سراً
طلب مرجع سياسي عربي كبير الوقوف ملياً امام تقديم روسيا مبلغ نصف مليون دولار
لتمويل عمل السنة الاولى للمحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة قتلة الرئيس الشهيد
رفيق الحريري، لأنه التزام روسي حاسم بتقديم قتلة الحريري الى المحاكمة مما يسقط من
يد النظام السوري ورقة اساسية كان يراهن عليها لعدم قيام المحكمة او تعطيلها او
افقادها الدعم الدولي المطلوب
احتجاجاً
على الفراغ الرئاسي
*اقترح
أحد السياسيين على البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير أن يقيم عظة الأحد في
أقرب كنيسة إلى قصر بعبدا، ثم يتوجه المصلون بعد العظة برفقة أحد المطارنة إلى باحة
القصر الجمهوري
والاعتصام رمزياً فيها احتجاجاً على الفراغ الرئاسي.
*خشي أحد السياسيين العرب ممن حضروا القمة العربية في دمشق من أن يتحول وضع القيادة السورية مع إيران كوضع الرئيس إميل لحود في سوريا، وتالياً لا يعود هناك استقلالية للقرار السوري.
*ربط أحد نواب تكتل ((التغيير والإصلاح)) الجفاء القائم بين العماد ميشال عون وبين ميشال المر بالجهود التي يبذلها المر وبذلها سابقاً للمحافظة على إبقاء العماد ميشال سليمان مرشحاً توافقياً.
*في حوار حاد جرى بين رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المهندس خالد مشعل وشخصية عربية سعت لجمعه بالرئيس الفلسطيني على هامش القمة سأل السياسي العربي القيادي الفلسطيني عن امتناعه عن الذهاب إلى قطاع غزة ما دامت السلطة فيه كاملة لحماس، فامتنع عن الجواب.
*أكثر من صيغة تم تداولها لمساعدة الرئيس السابق إميل لحود للإطلالة الدورية إعلامياً، وآخر صيغة في هذا المجال هي تشجيعه على تكوين رابطة للضباط القدامى الذين يدينون له بالولاء السياسي ينطلق منها لتأسيس حزب أو تيار.
تزايد حوادث سرقة السيارات بالقوة على طريق المطار
سجل في الآونة الاخيرة تزايد حوادث سرقة السيارات بالقوة على طريق المطار. وآخر ما سجل في هذا الاطار هو توقيف سيارة لطيار لبناني من بيروت بقوة السلاح من قبل مسلحين يستقلون سيارة ودراجة، وإخراجه منها وسلب السيارة.
اللافت ان الطيار المذكور ابلغ من مخفر قوى الامن الذي قصده ليحرر محضراً بما تعرض له ان ما حدث معه هو الحادث الثالث الذي يحصل على طريق المطار خلال اقل من اسبوع.
مؤتمر
القومي
يعقد الحزب القومي السوري الاجتماعي مؤتمراً له من اجل انتخاب مؤسساته القياديةفي 1
و2 ايار/مايو المقبل.
و
ينعقد هذا المؤتمر ضمن استمرار ظروف تجميد مجموعة كبيرة من ((عمداء)) الحزب لنشاطهم
فيه، وذلك اعتراضاً على دور اسعد حردان بداخله.
رفض
خارجي
ومحلي لمبادرة بري
اكدت مصادر دبلوماسية في بيروت ان مبادرة الرئيس نبيه بري للحوار، اصطدمت برفض
خارجي لهان قبل ان تصطدم برفض محلي.
وأكدت هذه المصادر ان بعض الدول الكبرى تقصدت ان تظهر للرئيس نبيه بري عبر اشارات
مختلفة، عن عدم رضاها على الدور الذي يقوم به في سياق الازمة اللبنانية.
تحديد
أمكنة المجموعات الاصولية
جرى في مخيم عين الحلوة خلال الاسبوعين الماضيين اتصالات من اجل تحديد اماكن تواجد
الجماعات الاصولية غير الفلسطينية التي قدمت الى المخيم خلال السنوات الاخيرة. ولكن
اتجاهات فلسطينية اسلامية داخل المخيم رفضت هذا المشروع، واعتبرت ان المجموعات
الاصولية الفلسطينية، سواء كانت عريبة او غير عربية، هي جزء من الطيف السياسي
الفلسطيني المقاوم في المخيم.
فتور
ام ود؟
سئل
الرئيس نبيه بري عن صحة الكلام الذي شاع في بيروت عن انه لم يلق اسقبالاً حاراً من
الرئيس السوري بشار الاسد، فرفض بري هذا الكلام، وقال ان الاستقبال كان اكثر من
ممتاز وودي، بدليل انه اعطي فرصة التحدث حتى امام قصر رئاسة الجمورية في سوريا، وهو
امر لم يحدث من قبل لأي مسؤول لبناني.
ثانياً، السوريون لا يستقبلون بالعادة بالقبلات الا اذا كان الاستقبال يجري على سلم الطائرة في المطار (!!)، وهنا اشارة الى الكلام عن ان الاسد لم يقبل بري عندما التقاه.
تطمينات سورية لإسرائيل
أكدت
أوساط دبلوماسية في بيروت، ان التقارير والمعلومات تشير إلى استحالة قيام حزب الله
بأي عمل عسكري ضد إسرائيل في هذه الفترة منعاً لإحراج النظام السوري الذي قدم
تعهدات للإسرائيليين بمنع حزب الله من قيامه بتحركات عسكرية ضد إسرائيل.
التطمينات السورية نقلها دبلوماسي سوري في الولايات المتحدة الأميركية خلال لقاءاته الدورية مع دبلوماسيين إسرائيليين في نيويورك.
37
ألفاً من حزب الله تدربوا في إيران
يقوم حزب الله بتكثيف دوراته العسكرية في طهران حيث وصل عدد خريجي هذه الدورات
المكثفة إلى حوالى الـ37000 مقاتل، وتشرف على التدريبات مجموعة من ضباط في وحدة
التدريب المركزي في الحرس الثوري الإيراني ((الباسدران)) برئاسة عميد إيراني معروف
بلقب نور الدين.
وفي منطقة البقاع الغربي نصب حزب الله بطاريات صواريخ من نوع ((ملاك)) الصينية الصنع، وعمد إلى حفر أنفاق تصل بين عدد من قرى البقاع الغربي، وإلى إقامة مخازن ذخيرة وسلاح وصواريخ في أكثر من منطقة.
تشتت
سكاف واضطرابه
تؤكد أوساط في قوى الرابع عشر من آذار ان النائب إيلي سكاف، تلقى نصائح سورية
((تضمنت ما يشبه التهديد)) نقلها إليه أحد نوابه المرتبطين مباشرة بمكتب العميد
محمد ناصيف ((أبو وائل))، بعدم ابتعاده عن تكتل النائب ميشال عون على غرار ما قام
به النائب ميشال المر.
وأشارت أوساط قريبة من سكاف إلى ((انه يعيش هذه الأيام حالة من التشتت الذهني والقلق والاضطراب، بسبب تردي شعبيته داخل مدينة زحلة، ولجوئه إلى سياسة ((كم الأفواه)) من خلال شكواه وادعاءاته القضائية المتلاحقة بحق إعلاميين ومسؤولين حزبيين في منطقة زحلة ينتقدون سياسته ومواقفه)).
تدريب
مجموعات المعارضة
أرسل حزب الله إلى منطقة البقاع الغربي مجموعة كبيرة من عناصر ((قوات الفجر))
التابعة للداعية فتحي يكن، بعد تزويد هذه العناصر بالسلاح والذخائر، في الوقت الذي
يواصل فيه الحزب تدريب مجموعات من أنصار وئام وهاب وطلال إرسلان، وفيصل الداوود
وناصر قنديل.. بذريعة تدريب سرايا المقاومة اللبنانية.
راجع!؟
عمد مجهولون في بعض مناطق البقاع الأوسط إلى كتابة شعارات على الجدران مؤيدة للنظام
السوري من بينها عبارة رستم راجع.
نصب
صواريخ سورية متطورة
عمدت سوريا الى نصب شبكات من الصواريخ المتطورة التي حصلت عليها اخيراً من ايران،
في موقع عسكري في منطقة الشنشار قرب حمص، وان مجموعة من الخبراء العسكريين
الايرانيين تقوم بالاشراف على هذه الشبكات، وعلى تدريب ضباط سوريين من المختصين في
مجال الدفاعات الجوية.
اغتيال
مغنية وحرج حزب الله
اشارت اوساط الى ان اغتيال عماد مغنية في دمشق، بات من اصعب الامور التي يواجهها
حزب الله والتي تتسبب له بالاحراج، لان التحقيقات تظهر يوماً بعد يوم دور
الاستخبارات السورية في عملية الاغتيال، والسؤال هل يستطيع حزب الله فك تحالفه مع
النظام السوري في حال تبين له ان اغتيال مغنية كان بقرار سياسي من هذا النظام؟
سليمان ولو بالاكثرية
اكدت اوساط ان هناك توجهاً فعلياً لدى الاكثرية النيابية لانتخاب العماد ميشال
سليمان بالنصف زائداً واحداً، بعدما تبين لقوى الرابع عشر من آذار/مارس انه لا نية
ابداً للمعارضة في تسهيل عملية الانتخاب، والسعي لابقاء الفراغ الرئاسي في لبنان
خدمة للمصالح السورية - الايرانية.
اصولية
انضمت مجموعة من الاصوليين الى خلايا اصولية ناشطة في مخيم عين الحلوة، وتتلقى
تدريبات في حي حطين في المخيم على ايدي المدرب العسكري في تنظيم جند الشام عماد
ياسين.
استغراب
استغربت اوساط ما ردده وزير الخارجية السورية وليد المعلم عن صفقة عرضت على دمشق
لمقايضة المحكمة الدولية، معتبرة ان المعلم يؤكد بطريقة غير مباشرة ان النظام
السوري هو المتهم الاول في موضوع اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والا فلماذا هذا
النظام هو المعني الاول بموضوع المحكمة؟
القاعدة
تلقى جهاز امني لبناني معلومات في غاية السرية والخطورة ولوائح تتضمن اسماء مسؤولين
اصوليين من تنظيم ((القاعدة)) دخلوا لبنان في اواخر شهر آذار/مارس الماضي على
ارتباط مباشر مع الفرع الخارجي في الاستخبارات العامة السورية الفرع 279 ومنهم من
كان لاجئاً في طهران.
المعلومات اكدت وجود دور امني خطير لهؤلاء في لبنان وفي داخل المخيمات الفلسطينية وفق خطة امنية وضعتها مجموعة من ضباط الاستخبارات العامة في سوريا في منطقة كفرسوسة، بإشراف اللواء علي المملوك.
مؤامرة في بعلبك
حذرت اوساط في الطائفة السنية في بعلبك من تمادي حزب الله في عملية اختراق هذه
الطائفة ومحاولاته استمالة بعض شخصياتها بقصد احداث انقسامات داخلها يوظفها في
الانتخابات النيابية والبلدية، ويعمد حزب الله الى دفع مبالغ مالية ومساعدات كبيرة
لاقطاب في الطائفة، في حين يقوم بتشكيل لجان بذريعة التصدي لأي خلافات مذهبية في
المنطقة، هذه الاجواء نقلها عدد من العقلاء للمفتي محمد رشيد قباني مرفقة بلوائح
اسمية لكل الشخصيات السنية الضالعة في هذه المؤامرة.
تحذيرات
لخدام للتنبه
تلقى نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام تحذيرات من جهات امنية دولية
بضرورة التنبه لأي خطر قد يستهدفه في هذه الفترة، مع اقتراب موعد انعقاد المحكمة
الدولية وكان خدام قد كشف عن محاولة لاغتياله جرت في اواخر ايلول/سبتمبر الماضي
بتخطيط من اللواء علي المملوك مدير الاستخبارات العامة في سوريا
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
الجيش هو المعركة الفاصلة
حسن صبرا
لم
يعد خافياً على أحد ان معركة حزب الله التي بدأت في لبنان منذ فترة طويلة ضد الجيش
اللبناني دخلت الآن مرحلة جديدة، كانت احدى حلقاتها القاسية اغتيال اللواء الركن
الشهيد فرانسوا الحاج، والتركيز على الاغتيال المعنوي لقائد الأركان اللواء شوقي
المصري.. ومن قال انه غير مستهدف بالإغتيال.
اغتيل فرانسوا الحاج لأنه اسقط نظرية حسن نصرالله بأن مخيم نهر البارد خط احمر،
ويتم اغتيال شوقي المصري لأنه اسقط التطاول الميليشيوي الذي ينفذه زعران حزب الله
في الشارع ضد الجيش اللبناني بدءاً من أحداث مار مخايل، حيث وقف الجيش دفاعاً عن
نفسه والناس والوطن.
المرحلة الجديدة شملت اسقاط قائد الجيش العماد ميشال سليمان من الحسابات السياسية،
وأهمها رئاسة الجمهورية المستحقة له بإجاع شعبي وطني لبناني وسياسي عربي ودولي لا
سابق له لأي انسان في أي بلد في العالم.. وربما لأول مرة في التاريخ.
والمسألة ليست رمزية بل فعلية وعملية، فمن يقتل فرانسوا الحاج، ومن يريد اغتيال
شوقي المصري يعرف ان هذين الموظفين والرجلين والبطلين هما من أركان الجيش وميشال
سليمان وبقاء لبنان.
المسألة إذن ليست رمزية.. بل وسياسية تستهدف ألا يكون للبنان جيش، فلا جيش في
العالم بلا قائد، وميشال سليمان مهدد بأن يفقد رئاسة الجمهورية وقيادة الجيش، وهذا
الموقع ليس مهماً لشخص ميشال سليمان الضابط القائد صاحب المسؤولية فقط بل مهم
أساساً للوطن الذي يفقد بإخراج ميشال سليمان من المهمتين السياسية (رئيس جمهورية)
والعسكرية (قيادة الجيش) آخر مؤسسات الحكم بعد إقفال مجلس النواب، وحصار الحكومة
وتهديد وزرائها ورئيسهم بالقتل في أي لحظة.
هل
المسألة هي في تقاطع المصالح بين النظام السوري وحزب الله، ام بالتنسيق ام
بالمصادفة؟.. كل الامور متساوية بعد ان ربط حزب الله مصيره بمصير بقاء النظام في
دمشق وربط النظام بقاءه في السلطة بنجاح حزب الله في مخططه في لبنان، لذا فإن اطلاق
النار بات متساوياً في الحصة والهدف والنجاح من نهر البارد الى فرانسوا الحاج الى
مار مخايل الى شوقي المصري.
ما
العمل؟
انها ليست مسؤولية الجيش فقط لحماية نفسه داخلياً وخارج الثكنات وفي الثقافة
الوطنية المعتمدة وتعزيزها ليلاً نهاراً، في الجنوب كما في بيروت، كما في كل
المناطق اللبنانية، بل هي مسؤولية المواطنين الذين يشكل بقاء الجيش موحداً قادراً
؟؟؟ الفرصة الأخيرة لهم قبل أن تندلع الحرب الأهلية التي يدفع إليها تحالف أو تبعية
بشار الأسد حسن نصرالله لعلي خامنئي.
هؤلاء الثلاثة يريدون عقد الصفقات مع أميركا ومع إسرائيل ولا يريدون لأحد أن
يحاسبهم، بل هم يريدون محاسبة لبنان دولة وشعباً ومؤسسات وخاصة الجيش لأنه يشكل
عقبة أمام هذا المشروع الجهنمي، وإذ ا كانوا قبل الآن يطلقون النار على
الشعب اللبناني وعلى حكومته وعلى مجلس نوابه وعلى مؤسساته الأخرى، فإنهم ومنذ فترة
يصوبون على الجيش اللبناني بكل أدواره ومسؤولياته، بدءاً من استنـزافه في حرب
المخيمات من نهر البارد إلى الناعمة وانفاقها إلى قوسايا وحلوى إلى الحدود الدولية
مع فلسطين.. وبين كل واحدة من هذه المخيمات والثانية تبرز شوارع بيروت دائماً في
فرن الاستنـزاف الدائم للجيش وأعصابه وعلاقاته مع الناس.. أهله، أبنائعه اخوانه..
وكل أبناء الوطن.
هذا
التحالف الجهنمي يعتبر ان سقوط الجيش اللبناني اعتباراً من 21/8/2008 هو هدفه
المباشر، لافراغ الجيش من قيادته، بعد افراغ رئاسة الجمهورية من مسؤولها منذ 2004
ومنع رئيس وطني توافقي من ان يكون حكماً وراعياً للحوار بين اللبنانيين وإفراغ
المجلس النيابي من دوره بدءاً من اقفاله.
منذ
فترة بدأ إطلاق النار صائباً هادفاً ضد جيش لبنان الوطني، وسيتصاعد هذا الاطلاق
صائباً وهادفاً الى اقصى مدى خلال الاشهر المقبلة، وقد صدرت لوائح من حزب الله
واستخبارات دمشق ضد ضباط معروفين في هذا الجيش الوطني، وهم مهددون بالقتل والابعاد
وشك الحركة وافقادهم الثقة بالنفس وبمن هم حولهم، وفي الوقت نفسه يجري مراودة عدد
من الضباط بالاغراءات والامنيات والمواقع المستقيلة.
واذا كان الرهان دائماً على ضباط الجيش وجنوده وولائهم وتربيتهم والثقة التي زرعها
ميشال سليمان في مؤسسة الجيش، وفي حب الناس وأملهم في هذا الحصن الحصين للوطن
وحياتهم وأرواحهم ومسقبلهم ووطنهم، فإن المعركة مستمرة ومفتوحة وهي واحدة من
الاستحقاقات التي سيخوضها الجيش ويكسبها بفضل صموده ووطنيته ودعم الناس وحكومة
الوطن ورجال الاستقلال والسيادة ولبنان والعروبة.
حسن
صبرا
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
رسائل رئيس التحرير
هل يجد بري الدواء عند ((الدكتور))؟
لا يعمل الرئيس نبيه بري وفق مقولة ((لا يلدغ المؤمن من الجحر مرتين))، ليس لأنه
غير مؤمن، بل لأنه يعمل على طريقة مواجهة من في الجحر بأساليب متعددة، حتى لو لدغ
عدة مرات..
وقصة بري مع النظام السوري واستخباراته تلخص هذا التوصيف المعاكس، فلم يتعرض زعيم
سياسي في لبنان من اصدقاء نظام الاسد الأب والإبن لما تعرض له الرئيس بري.. ومع هذا
ما زال مراهناً ربما - والبعض يقول مرغماً – على ان هذا النظام قد يحمل الخير
للبنان في يوم ما.
ومشكلة بري مع الأسد الأب والإبن انه يتصرف كزعيم وطني لبناني، والاثنان لا يكرهان
في الدنيا الا زعماء لبنان الوطنيين، وهم اعتبروا ان لهم المونة على نبيه بري لأنهم
اصحاب فضل عليه، وهم يريدون ان يحبهم كما يشاؤون هم لا كما يقتنع او يعتقد او يضطر،
فإذا احبهم على طريقتهم فهذا يعني ان يكره الآخرين كل الآخرين.
هم
يريدون بري ان يكره رفيق الحريري، وهم يعتقدون ان بري كان السد الوحيد امام طموحات
واقتحامات الرئيس الشهيد، لكن بري الذي كان يجد دائماً جوامع مشتركة مع الشهيد في
كثير من القضايا الوطنية والاجتماعية والسياية، كان يصدم نظام الأسد الأب والإبن
بالإنسجام او بالتوافق او بالإتفاق بينه وبين الحريري، فكانت الكراهية تتصاعد في
صدور العائلة الحاكمة في دمشق ضد الاثنين أي ضد بري وضد الحريري معاً.
وثم
يريدون ان يكره بري البطريرك صفير، وهم يعتبرون ان بري كان السد امام عقلانية
ووطنية البطرك الماروني، ومشروعيته الوطنية.. لذا كان حريصاً على البحث عن نقاط
اللقاء مع سيد الموارنة ومجد لبنان، فإذا ما خلص الى نتيجة التوافق معه انهالت عليه
سكاكين نظام عائلة الأسد من كل حد حدب وصوب حتى يلزموه الصمت اشهراً ((تكفيراً)) له
عن ذنبه تجاه مشروع هذه العائلة المعادي للبنان وطناً ودولة.
عائلة الأسد الآن تكره نبيه بري لأنه كان يجتمع مع سعد الحريري، وهم يريدونه ان
يتماثل مع حسن نصرالله الذي يلتـزم موقف العائلة الحاكمة بمنع اللقاء مع زعيم
الاغلبية النيابية شريك الوطن والدين والمجتمع.
لا
يوجد زعيم سياسي في لبنان يحيط نفسه بسواتر امنية وجدارات من كل الأثقال حول مقره،
ويتصرف على أساس انه رجل ميت، كنبيه بري وهو يعرف ان من يريد قتله لا يمزح بعد ان
قتل كمال جنبلاط ورينيه معوض وحسن خالد ورفيق الحريري.. والعشرات من الشهداء ابطال
الاستقلال..
البعض يقول ان عائلة الأسد لا تريد قتل أي زعيم شيعي في لبنان حتى لا تخسر تأييد
هذه الطائفة الكبيرة، وهي التي تشكل لها عكازة لكل مشاريعها الارهابية ضد الوطن
الصغير، وفـزاعة ضد بقية الطوائف التي يتشكل منها لبنان.
والبعض يقول ان نبيه بري لا يخالف رأي النظام السوري ليس حرصاً حتى ألا يقتل فحسب،
بل لأنه وصل الى قناعة بأن غريمه السابق في صفوف الشيعة حسن نصرالله، سحب البساط من
تحت رجليه ولم يعد يملك ان يخالفه حتى لا يحترق شيعياًن ولأن نصرالله بات عكاز
عائلة الأسد في لبنان، فإن بري لا يستطيع مواجهة الأسد الجريح وعكازه.
والبعض الثالث يقول ان احداً لم يواجه نصرالله ومشروع ايران التوسعي في لبنان، منذ
ربع قرن بمثل ما واجهه به بري وحركة امل، وان الرجل لم يعد يستطيع تحمل أي خلاف
شيعي حتى لا تعود الدماء تسيل الى الركب، مثلما حصل عندما تصدى لتوسع حزب الله
الايراني.
من
هذا المنظار يجب رؤية تحرك بري السياسي منذ سحب وزرائه من حكومة الوطن، احتجاجاً
على المحكمة الدولية الى اقفاله مجلس النواب الى اعتماده دعوات الحوار اسلوباً
لتقطيع الوقت، الى نظريته بضرورة مصالحة (س.س) أي المملكة العربية السعودية ونظام
عائلة الأسد في سوريا حتى ينجو لبنان من الحرب الاهلية، الى الإرباك الذي يعيشه
ووزراؤه في التعامل مع حكومة الوطن، بين ان تكون شرعية ودستورية صباحاً في جمران في
طهران، وان تكون غير شرعية وغير دستورية بعد ساعات في بيروت، وحضور وزرائه
واستقالتهم وتصريف الاعمال وغيابهم وتلقي الرسائل من عائلة الاسد وإرسالها بالبريد
الى رئيس حكومته.. الى تعامله مع قانون الانتخابات، الى رضائه بنقل التفويض من
المعارضة من عين التينة الى الرابية، الى مقاطعته قرارات حكومة السنيورة لأنها غير
ميثاقية والمشاركة في الانتخابات التي تجري فرعياً في منطقتين في لبنان، ثم استقبال
النائبين الجديدن رغم اقفال مجلس النواب.
لا
يظنن احداً ان الرئيس نبيه بري سعيد بهذا الذي يجري في لبنان، او هو مرتاح لإنهيار
الدولة اللبنانية ومؤسساتها، واذا كان البعض يلحظ حزناً على بري وهو يظهر خشيته على
المصير الاسود الذي ينتظر الوطن بسبب مشروع تدمير مؤسساته الذي يرجي تباعاً، فليصدق
هذا الحزن الحقيقي، ولا يلتفت الى اعلانه هنا او هناك بأن هناك غيره من يتحمل
المسؤولية.. وهو هنا لا يستثني أحداً في هذه المشاركة المأسوية في إيصال لبنان إلى
هذا المصير – حتى لو وجد بري نفسه في صفوف المعارضة التي كان يحمّلها مع الاكثرية
مسؤولية هذا الذي يجري.
أعيت الحيل الرئيس بري الذي كانت بحوزته وفي مستودع أفكاره وأسراره أمام أحاجي
النظام السوري في لبنان، وهو الذي كان يفتخر بأنه الاقرب إلى فهم ماذا يريد هذا
النظام وتحديداً عائلة الأسد الأب والابن والصهر والمربي.
حاول بري في فترة من الفترات أن يضع قواعد جديدة لحل هذه الأحاجي معتمداً على
تحليله هو واعمالاً لعقله وقلبه وضميره، فإذا به يشعر انه يحتاج كي يفهم ماذا يريد
بشار وماهر الأسد ان يرفع السواتر الترابية والجداريات حول قصر سكنه وعائلته، وان
يمتنع عن التنقل في بيروت وان يودع الجنوب ومصيلح وان ينقطع عن عادة الاستقبالات
إلا لمن هو موثوق، وان يستمع كثيراً إلى من زرعتهم استخبارات الأسد ليس في حركة أمل
فقط بل داخل منـزله وغرفة طعامه وتحت الكرسي التي يجلس عليها فتوقف بري عن اعمال
تحليله والمراهنة كثيراً على كفاءته الشخصية والسياسية القديرة.
وعاد إلى بيته الأسد.. لا مجلس نواب، لا محكمة دولية، لا اعتراف بحكومة الوطن
والمقاومة السياسية التي يرأسها فؤاد السنيورة، لا حوارات ثنائية لا مع سعد الحريري
ولا مع وليد جنبلاط..
الآن مطلوب من نبيه بري سورياً أن يدفع سعد الحريري إلى مقاطعته وان يدفع وليد
جنبلاط إلى مهاجمته وأن يدفع سمير جعجع إلى إعلان حربه طبعاً سياسياً وإعلامياً على
نبيه بري، وأن يدفع حركة أمل إلى مزيد من الاستفزاز في الشارع، وإلى تغطية كل جريمة
ترتكبها عصابات عائلة الأسد في لبنان.
الآن مطلوب من نبيه بري أن يتوقف عن استقبال سفير المملكة العربية السعودية في
لبنان، وأن يفتح سجالات مع كل سفير عربي أو غربي آخر، وأن يهاجم كوشنير إذا أبدى
رأياً أو قال معلومة.. وأن يمتنع عن زيارة أي بلد في الدنيا إلا وفق الأجندة
السورية.. حتى لو كانت للراحة من طول حصار أو توتر أعصاب.
الآن مطلوب سورياً من نبيه بري أن يعود كما كان عندما قررت دمشق أن تحارب ياسر
عرفات في المخيمات، وأن تمنع حواراً بين اللبنانيين وأن يلغي كل ما تقدم من نتائج
حوارات سابقة دعا إليها بري هو نفسه.
الآن مطلوب من بري أن يستمع إلى إذاعة دمشق وأن يقرأ صحف ((البعث)) و((الثورة))
و((تشرين)) وان يتمعن وأن يحفظ المناسبات السورية ليدلي بتصريح أو يكتب بياناً أو
حتى يقيم مهرجاناً قد لا يحضره لكنه ملزم بأن يخطب فيه كما يخطب حسن نصرالله.
الآن مطلوب من نبيه بري أن يقتنع ان رستم غزالة ما زال في عنجر وان ملف ومصير لبنان
بين أيدي محمد ناصيف وماهر الأسد وان يستقبل الذين سحبهم الاثنان من حركة أمل، وان
يستفيد من ((خبراتهم)) الاخبارية.
الآن مطلوب من نبيه بري أن يردد عشر مرات في اليوم:ان سوريا لا تتدخل في الشؤون
اللبنانية، وان سوريا على مسافة واحدة من الجميع في لبنان، وان سحب الاستخبارات
السورية من لبنان وسحب المنظمات الفلسطينية الإرهابية من أراضيه ومنع التقاتل في
المخيمات، ووقف الاعتداءات على الجيش اللبناني، كلها في خانة الجيش اللبناني
والحكومة اللبنانية وبين أيدي اللبنانيين، وان سوريا لا تريد إلا الخير للبنان
والوفاق بين اللبنانيين.
ذهب
رجل مريض إلى طبيب قلب يسأله علاجاً فوصف له دواء وان يقتصر على نصف علبة دخان
تنفيثاً كل يوم.. وبعد عدة أيام عاد المريض يلهث شاكياً من سوء حالته، فاستوضح
الطبيب التزام المريض بالأدوية ومواعيدها، وتعجب من الأجوبة الإيجابية.. فسأل
الطبيب المريض هل تنفث نصف علبة دخان يومياً فأجابه المريض نعم.. فقال الطبيب وكم
سيجارة كنت تدخن قبل ذلك، فأجاب المريض.. ولا سيجارة..
البعض يخشى أن يصبح نبيه بري مريضاً يعالجه الدكتور بشار الأسد.
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
خلافات عائلية في التيار الوطني الحر: هل يقصم الصهر ظهر عون؟
هدى الحسيني
كان
يمكن لجبران باسيل ان يكون الصهر الذي يسند ظهر حميه ميشال عون، لكن الطفل المعجزة
الذي يريد ان يؤدي دور سليمان فرنجية.. على الأقل في احتضان الاستخبارات السورية له
منذ الصغر بات هو العبء الاكبر على هذا الرجل الحائر، بين ان يكون سياسياً فاشلاً
بين السياسيين، او يعود ضابطاً يورط وطنه وجيشه وطائفته في حروب لا تنتهي حتى يفرط
الجيش، بعد ان فرط الطائفة المارونية.. تمهيداً لفرط الوطن كله.
وقصة هذا الصهر الذي يريد حموه ان يجعله نائبه تروى، منذ ان كان يافعاً في البترون
محمولاً بهدف الاقتراب من عون في قصر بعبدا (لاجئاً حالماً بأن يحتله حتى الممات)
الى ان دخل مملكته بعلاً لأصغر بناته شانتال مقرباً من قلب وعقل السيدة نادية ميشال
عون او كما يسميها بعلها.. خيط الحرير.
استخبارات عائلة الاسد تلقفت طموح هذا الشاب الذي كان ينقصه في تقليد سليمان فرنجية
للوصول ان يكون له اساس في زعامة او عائلة سياسية او حزب سياسي.
لكنه الخارج من وسط قروي بسيط لا يملك من مؤهلات النجاح الا الطموح وشهادة الهندسة
والتقليد، وجد في جموح ميشال عون وشبقه الى الرئاسة حتى على حساب دماء الموارنة
والجيش والناس كلهم ضالته، او قل فريسته الجاهزة للالتهام، فصبر عليها حتى باتت له
انياب او ركبت له هذه على عجل منه ومن منـزله الجديد.. ودائماً تحت اشراف وتوجيه
الاستخبارات السورية.
هنا
يفتقد جبران مواهب سليمان فرنجية الصغير في حضن الاستخبارات السورية، فجده ليس
سليمان الكبير ووالده ليس طوني ضحية قرار استخبارات دمشق بقتله كي يسهل عليها تقسيم
موارنة الشمال.. وقد كان.
فظل
جبران رهينة سليمان الذي اجاد تنقيط الهدايا على صهر ميشال عون بالقطارة.. هنا
سيارة مصفحة هدية من آصف شوكت، وهنا منـزل بملايين الدولارات في الرابية من حلفاء
سليمان الداخليين (حزب الله) الذين لم يبخلوا على الصهر الصغير بتعهدات ومقاولات في
مناطق يختارونها له للربح السريع.. حتى اذا سئل عون ومن اين للصهر الصغير كل هذا
المال والجاه؟ جاء الجواب المضحك من عون: انه من مصروفه!!
لا
تنسوا ان حزب الله يعطيه تعهدات وآخرها 15 مبنى في الضاحية.. ومعظم ما هدم في
البترون يعيد جبران بناءه بمال ايران عبر حزبها في لبنان.
وجبران ايضاً لا يمتلك مواهب سليمان بشعبية عائلية موروثة، ولا هذا القرب من بيت
الاسد نفسه صغيراً جرت تربيته بعد ان عجز عن الدراسة، ففي رأي سليمان ان الدراسة في
مدرسة الاسد تعوضه عن الدراسة بين خلق الله وطلابه وعلومه وكتبه وثقافته حتى اوصلته
الى التطاول على البطريركية يناديه اتباعه ببطرك الموارنة.. اذن ليس على جبران الا
ان يكون شماساً في سلك بطريركه سليمان كما يريد اتباع هذا الاخير كي يكون له دور.
وليس في الامر طرفة او افتراء، فسليمان فرنجية وصل بطموحه ان يرث ميشال عون نفسه
بجمهوره، بجماعته حتى وصل الى الصهر الطموح، ومشكلة باسيل الاخرى ان سليمان فرنجية
الصغير كان وحيداً، لم يكن له شقيق او غريم عند بيت الاسد من آل فرنجية سوى ابن عم
والده سمير، اما جبران باسيل فإن عائلة عون الكبيرة تحتمل ان يكون له فيها منافسون
بدءاً من آلان عون الى سليم عون الى كل افراد عائلة عون الطموحين في تيار قريبهم
ميشال.
صحيح ان جبران باسيل متحالف هذه الايام مع سليم عون، الذي يصطحبه معه الى دمشق
للقاء قادة الاستخبارات السورية الا ان سليم عون نجح ايضاً في نقل ولاء جبران من
آصف شوكت الذي يقصقص آل الاسد جوانجه هذه الايام، الى محمد ناصيف الذي تولى سابقاً
تربية اولاد حافظ الاسد ومنهم ماهر وبشار بعد باسل، ويتولى الآن ((تربية))
اللبنانيين الذين ثاروا على تسلط العائلة الحاكمة في دمشق..
جبران الذي يواجه آلان عون المدعوم من اشقاء وشقيقات ميشال عون بات يستند الى سليم
عون المدعوم من استخبارات دمشق.
اذن،
الثالوث الذي يدفع جبران باسيل للصعود داخل بيت ميشال عون هم سليمان فرنجية وحزب
الله واستخبارات آل الاسد آصف شوكت ثم محمد ناصيف.
اما الثالوث الذي يدفع جبران باسيل للصعود داخل التيار الوطني فهو مشكل من ميشال
عون اولاً ثم من حماة جبران نادية او خيط الحرير.. اما الثلث الاخير فهو بنات ميشال
عون الثلاث وهن زوجه شانتال وشقيقتاها الاكبر منها وهما كلوديت وميراي.
مقابل هذين الثالوثين هناك من يعترض داخل التيار الوطني على مساره كله بدءاً من
تفاهم معلمه ميشال عون مع حزب الله، وصولاً الى محاولة فرض الطفل المعجزة نائباً
للرئيس في الهيكلية التنظيمية الجديدة التي كانت انتخابات التيار ستفرزها في شهر
ايار/مايو المقبل.. أي نائباً لميشال عون نفسه حتى صرخ كثيرون داخل التيار محتجين
بالقول: اذا كان ميشال عون يريد جبران نائباً له فليجعله نائباً في منـزله وليس في
منازلنا، أي في بيت عون وعائلته وليس في تيارنا.
كانت الاحتجاجات تتعاظم وتصل اصداؤها الى أذني ميشال عون وكان يطنش حتى كشفت له
استخبارات حزب الله وعائلة الاسد ان هناك حالة تململ كبيرة تظهر في التيار وتنذر
بتحرك جدي لعمل تصحيحي داخله، وعليك ان تستلحق نفسك وتسبق هذه التحركات.
بعد
ان وصلت الى عون انباء الاجتماع الذي عقده عدد من قياديي التيار في فندق ((لورويال))
في ضبية، والذي تحدث فيه الحضور عن ضرورة تصحيح الاوضاع داخل التيار على ابواب
المؤتمر التنظيمي المقرر بعد عدة اسابيع استدعى عون المعترضين ليستمع الى شكواهم
وأولها: وقف اندفاعة ميشال عون بتعيين صهره نائباً له في المؤتمر الذي كان مزمعاً
عقده يوم 2/5/2008، وثانيها تقييد الصلاحيات الواسعة التي كانت ستعطى لنائب الرئيس
بحيث يحظى بصلاحيات واسعة سياسياً وتنظيمياً، وثالثها يتعلق بتوزيع الصلاحيات داخل
التيار العوني وتشكيل فريق عمل يشرف على ادارة الملف السياسي، مع الاشارة الواضحة
الى ان اللواء عصام ابو جمرة هو رفيق درب ميشال عون عسكرياً ثم في المنفى، وهو يحظى
بشعبية داخل التيار نظراً لعلاقته الطيبة مع الجميع عكس جبران الذي يعتبره الثائرون
مغروراً وحقوداً ولا يجيد التعامل مع اهل التيار.
اما
ما لم يقله المحتجون حتى الآن لعون داخل منـزله ضد باسيل فهو انه صنيعة الاستخبارات
السورية ويتلقى دعماً غير محدود من حزب الله فضلاً عن رعاية سليمان فرنجية له.. لكن
الثائرين ينشرون هذا الكلام في الخارج وفي جلساتهم الخاصة مع مقربين وبين بعضهم
بعضاً.
اما
ما صرح به المحتجون امام عون فهو ان هناك حالة انحسار للتيار تتصاعد منذ عقد تحالفه
مع حزب الله في شباط/فبراير 2006 واذا كانت الروح الوطنية للتيار تجلت خلال عدوان
اسرائيل في تموز/يوليو 2006 اثر خطف حزب الله للجنديين الصهيونيين، في احتضان
النازحين من الجنوب وتشكيل جبهة دعم خدماتية لهم بمال ايراني، فإن بعد السكرة جاءت
الفكرة وبدأ ابناء التيار وأنصاره في الوسط المسيحي يتساءلون الى أين يأخذنا حزب
الله ولماذا نرتبط نحن بعجلته التي يقودها ضباط ايرانيون وسوريون؟
وتصاعد الاحتجاج داخل التيار - كما قال الثائرون لعون شخصياً - بعد ان عطل حزب الله
انتخابات رئاسة الجمهورية وترك فراغاً متعمداً في المؤسسة الاولى في البلد، وهي
المؤسسة التي اتفق اللبنانيون على ان يرأسها عسكري ماروني هو العماد ميشال سليمان.
اما
الامر الاخطر في أسباب تراجع شعبية التيار فهي في دعم ميشال عون لحزب الله واعطائه
((الحق)) (ومن يملك هذا الحق) في توريط لبنان في حرب تختار مكانها وزمانها ايران،
من خلال قول عون ان من حق حزب الله (وليس الدولة اللبنانية مثلاً) ان ترد على أي
عدوان صهيوني على لبنان.
ثم
يصل المحتجون الى كلامهم مع عون الى انه ليس من حق حزب الله ولا حسن نصر الله ان
يقرر الحرب المفتوحة مع اسرائيل ومن لبنان بعد اغتيال عماد مغنية.. ونحن نعرف ان لا
الحزب ولا نصر الله ولا سوريا ولا ايران استشارت عون في كل هذه المخططات.. بل ان
مهمة عون بعد كل هذه المخططات ان يوافق مما خلق حالة خوف ورعب في الوسط المسيحي
انعكست تراجعاً حاداً في شعبية التيار مثلما تظهرها نتائج الانتخابات في كل جامعة
ونقابة واتحاد خاصة بين المسيحيين.
ويقول المحتجون ان النظام السوري الذي نكّل بنا وقتل عدداً من شبابنا، ودفع الآلاف
الى الهجرة، وسجن المئات (رغم نفي عون ان يكون له انصار في السجون السورية) يجد ان
المدافع الاول عنه في لبنان هو ميشال عون، رغم رؤيته كيف ينتهك نظام دمشق السيادة
اللبنانية، وكيف يسلح المنظمات الفلسطينية المرتبطة به، وكيف يعزز وجودها داخل
المخيمات وخارجها وعلى طريق الجنوب وفوق مطار بيروت، وكيف ادخل هذا النظام عصابة
شاكر العبسي الى مخيم نهر البارد للقيام بتمرد ينتهي وفق المخطط الى اقامة امارة
اسلامية في طرابلس وإخضاع الشمال المسيحي الى حكم اسلامي متعصب.
وتحدث المحتجون دون تردد عن حالة الفساد وشراء الذمم الذي يقوم به حزب الله داخل
صفوف قيادات معروفة في التيار الوطني، وهذه القيادات هي التي تورط ايضاً التيار في
مواقف في بعض المناطق لا يريدها التيار ولا ابناؤه..
وفضلاً عن هذا الفساد المالي هناك التغلغل الامني داخل التيار، لحزب الله الذي بات
يملك تأثيراً ونفوذاً مباشرين لدى قيادات عونية مرتبطة به تسليحاً وتمويلاً، مما
يجعل التيار يذوب داخل الحزب دون ان يلتفت عون الى هذا النفوذ لحزب الله داخل تياره
رغم الاعتراضات التي يقدمها مخلصون له، ناصحين ان يلتفت الى رفض القاعدة العونية
لكل هذا. وقال المحتجون لعون لقد قبلنا ورقة التفاهم مع حزب الله لأنها في نظرنا
كانت ستؤدي الى ((لبننة)) الحزب لكنها انتهت الى ((أقلمة)) التيار أي اتباعه لسياسة
النظامين السوري والايراني.
وصارح مقربون من ميشال عون رئيس التيار الوطني الحر بأن تفاهمه مع حزب الله كان
مبرراً امام جمهوره بأنه سيسهل وصول عون الى رئاسة الجمهورية، لكن الذي حصل هو ان
هذا التفاهم هو الذي قتل أي حظ لعون بالوصول الى الرئاسة.. وأكثر من ذلك ان هذا
التفاهم الذي تحول من تناغم بين فريقين متكافئين متساويين في القرار وفي الاجراءات،
الى تبعية كاملة من فريق عون الى فريق حزب الله، هو المانع الاساسي حتى الآن لوصول
رئيس ماروني هو العماد ميشال سليمان الى رئاسة الجمهورية، وربما اذا استمر هذا
التفاهم بطبيعته الحالية سيؤدي ليس الى استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية بل الى
حرمان الموارنة من قيادة هذه المؤسسة، لأن دعوة عون الى تعديل اتفاق الطائف
لاسترجاع صلاحيات رئيس الجمهورية التي كانت في الميثاق الوطني او دستور 1943،
تواجهها دعوة حزب الله العلنية مدعومة من إيران لاعطاء الشيعة في لبنان موقعاً
متقدماً في الجمهورية على حساب المسيحيين، وليس هناك من تفسير لطرح المثالثة التي
تحدث بها الايرانيون مع وزير خارجية فرنسا برنارد كوشنير وجرى تعميمها في لبنان الا
انتزاع ما تبقى من حقوق وصلاحيات للموارنة في لبنان لمصلحة الشيعة خاصة المرتبطين
بإيران.
وصارح مقربون من عون ايضاً رئيس التيار الوطني الحر بأن يحفظ خط الرجعة مع الوطنيين
الآخرين في لبنان ممن كانوا حلفاءه في قوى 14 آذار/مارس لأن أي صفقة يعقدها نظام
دمشق مع اسرائيل ستكون على حسابه، خاصة اذا تمادى في الغاء نفسه لمصلحة مشروع حزب
الله.. فالذي يتخلص من عماد مغنية على ابواب صفقة ما او منعاً لهجوم اسرائيلي ما لا
يتوانى عن التضحية بعشرات من امثال ميشال عون قرباناً وتضحية به على مذبح مصلحته،
ولن يكون عون اقرب الى قلب الاسد من نصر الله ولا من مغنية.
عون
يعاقب المحتجين
كان عون مستمعاً واعداً بأن يفعل ما يجب عليه فعله للتصدي لكل هذه الحالات، فإذا به
بعد انتهاء الاجتماع يصدر اوامره بإحالة عدد من المحتجين الى المجلس التأديبـي الذي
شكله من القضاة السابقين سليم العازار، جوزيف جريصاتي ويوسف سعدالله الخوري واللواء
المتقاعد نديم لطيف.
ثم
اصدر عون قراراً بتأجيل الانتخابات الى ت1/اكتوبر 2008 كي يكون لديه فرصة واسعة
لإجراء عملية تأديب كبيرة داخل التيار لكل معترض على علاقته مع سوريا وتفاهمه مع
حزب الله، خاصة وأنه يشعر ان الحزب ونظام دمشق هما خشبة الخلاص الوحيدة وأمله
الوحيد كي يظل حصاناً في سباق الرئاسة حتى لو جرت بعد سنة او سنتين.
لكن
عون وهو يأخذ نفساً بتأجيل الانتخابات عمد الى تسريب انباء عن تشكيلة محتملة لهيئة
نائب الرئيس تضم صهره جبران مع اللواء عصام ابو جمرة واللواء شكور، دون نسيان
التذكير بأن عون يظل في الرئاسة رقم 1 بينما نائب الرئيس لا يصل الى درجة او رقم 10
في تسلسل الاهمية والصلاحية مهما كتب في دستور التيار الذي سيتحول الى حزب.
واستمراراً في تحسين صورته عمد عون الى فتح حوار كان متعذراً مع البطريرك صفير
بواسطة المطران بولس مطر لالهاء جماعته واقناع بعض المحتجين بأنه في طريقه لتعديل
مساره السياسي حيث كان الحوار مع البطرك من المحرمات السورية على عون وجماعته.
هوية المحتجين
هل هناك هوية واحدة للمحتجين على عون؟
مقربون من التيار وعونيون سابقون يؤكدون ان لا هوية واحدة تجمع بين المحتجين اذ ان
تياراً بطبيعة تيار عون التقى جمهوره على كراهية نظام الوصاية والاستبداد على
لبنان، قد يختلف هذا الجمهور نفسه على مسائل عديدة اخرى تشمل كل نواحي الحياة
السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن.. فالمحتجون موزعون على عدة اهتمامات.
فهناك من يهتم في السياسة باستعادة استقلال التيار الوطني الحر وحريته في التحرك
السياسي والوطني واعتماد السيادة والاستقلال والشفافية والانتماء اللبناني النهائي
مقياساً للتعامل مع القوى السياسية الاخرى في لبنان.
وهناك من يهتم بألا يسبقه جبران باسيل او حتى عصام ابو جمرة الى مواقع متقدمة كنائب
رئيس حول ميشال عون.
وهناك من يهتم بتعزيز وجوده داخل التيار من خلال دعم حزب الله وسليمان فرنجية
واستخبارات دمشق له للوصول الى السلطة.. أي سلطة. وهناك من يريد فعلاً تركيبة حزبية
تعتمد الاسس الديموقراطية في الاسلوب وفي النهج.
كيف
يرد عون؟
لا احد يحسد عون الآن على الوضع المتأزم داخل تياره خاصة وان الامور لن تعود الى
الوراء.. بل انها ستتصاعد من الآن الى مؤتمر ت1/اكتوبر المقبل ولو كان بمقدور عون
ان يحسم الامور المتفاقمة داخل تياره لحسمها الآن لكن تأجيل المؤتمر هو تأجيل
للانفجار المقبل.. علَّ تطورات داخلية او اقليمية تؤجل هذا الانفجار، او تجعله غير
ذي اهمية امام ما يمكن ان يحصل في لبنان او بين اسرائيل وسوريا وحزب الله.
فبداية الشرر الذي يشتعل الآن في التيار متعددة ومنها تحديداً تفاهمه مع حزب الله،
اما الاشتعال داخل بيت عون الواسع فجاء مع تمرد ميشال المر الذي يريد استعادة لقب
دولة الرئيس من ميشال عون بعد ان حرمه منها على الاقل داخل اجتماعات كتلته النيابية..
وكان عون ينتظر اشتعالاً اكبر مع انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بحيث
كان سيخسر اكثر من 70% من كتلته النيابية فضلاً عن خسارة 70% ممن تبقى من قاعدته
الشعبية خاصة بين الموارنة.. دون ان ننسى ان لافتات التأييد التي رفعت في كسروان
وجبيل وبعبدا لفخامة الرئيس العماد ميشال سليمان بمعظمها من جماعة التيار الوطني
الحر.
تأجيل الانتخابات يعطي عون فرصة لترتيب المؤسسات الاساسية في حزبه المقبل خاصة في
اللجنة المركزية، والمكتب السياسي حيث سيعين عون اعضاء هاتين المؤسستين تاركاً
لجمهوره انتخاب مندوبين في القرى والبلدات الصغيرة.. ومع هذا بدأ المال السياسي
يؤدي دوره في انتخابات تيار عون وخاصة في القرى والبلدات والمدن الصغيرة.
اما
الامر الاخطر فهو ان عون سيعتمد اسلوب اللائحة المغلقة كي يضمن انتخاب من يريد بضم
هؤلاء المقربين الى لائحة واحدة يترأسها هو ولا يسمح بشطب أي اسم منها، وبذا يعين
عون اعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية..
هدى
الحسيني
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المناورات الإسرائيلية: استعدادات جدية لحرب مستوفاة الشروط
ناصر شرارة
طوال الفترة التي سبقت بدء المناورة الاسرائيلية الكبرى، شهدت المنطقة حالة من
التوتر العسكري والامني الشديدين. في وزارة الدفاع السورية تم وضع احتمالات خطرة،
وهي ان تكون المناورة غطاء من الخديعة لتنفيذ هجوم سريع انطلاقاً من البقاع الغربي
في لبنان وصولاً الى تخوم دمشق. وفي المجلس الجهادي داخل حزب الله، وهو الحلقة
الضيقة المؤلفة على أغلب تقدير من سبعة أشخاص بينهم امين عام حزب الله السيد حسن
نصر الله وخليفة عماد مغنية، تم اعلان حالة من الاستنفار لمواكبة فعاليات المناورة
والتنبه لمساراتها واهدافها. اما في اسرائيل، فقد تم الاستعداد لبدء المناورة وسط
قلق من ان تؤدي فعالياتها في ظل توتر الجبهات التي تجري في مقابلها الى الانجرار
الى حرب غير محسوبة نتيجة حسابات خاطئة لدى الاطراف الاخرى التي تستهدفها المناورة
في إطار الاستعداد لخوض حرب مستقبلية معها.
ويوم السابع من نيسان/ابريل الشهر الجاري، بدأت المناورة الاسرائيلية الاكبر في
تاريخها، وخضع لتطبيقاتها ليس فقط عمال الاطفاء وقيادة وعناصر نجمة داود وطواقم
المستشفيات والاجهزة والقطاعات الامنية والعسكرية، بل ايضاً رئيس الوزراء ايهود
اولمرت وجميع افراد حكومته : ((الجميع في اسرائيل بحاجة لإعادة تأهيل)). هذا هو
العنوان الحقيقي للمناورة، وهذا هو الدرس المستفاد من عبر حرب تموز/يوليو عام 2006
التي تجري المناورة في اطار تصحيح اخطائها.
ومناورة ((نقطة تحول 2))، هي تتويج لمجموعة مناورات بدأت في العام الماضي تحت عنوان
إعادة تأهيل كل شيء، وإعادة بناء النظرية العسكرية الاسرائيلية من ألفها الى يائها.
في البداية جرت المناورات على مستوى اعادة تأهيل السرايا المقاتلة في الجيش
الاسرائيلي. وخلال هذه التدريبات اكتشفت ثغرات جسيمة، وبعضها كان مهيناً حسبما يقول
المراسل العسكري لموقع صحيفة ((معاريف)) الالكتروني، الذي يورد مثلاً على ذلك يفيد
انه خلال إجراء مناورة بالسلاح الحي لسرية دبابات تابعة لقاعدة تسئيليم، كان وزير
الدفاع ايهود باراك يشرف على المناورة ووقف بجانبه كل من قائد سلاح البر بيني غانتس
ورئيس هيئة الاركان غابي اشكنازي . وفجأة التقطت آلة تصوير ((معاريف)) صورة مهينة
لاشكنازي وهو يتابع المناورة بمنظار مغلق على نحو يكرر الموقف المضحك لوزير الدفاع
السابق عمير بيرتس عندما ظهرت صورته وهو يتابع احد مشاهد الحرب على لبنان بمنظار
مغلق.
لقد
أكدت هذه الحادثة ان إعادة التأهيل ليست حكراً على أمثال بيرتس، بل الجميع يحتاجها.
وهنا برزت الحاجة للإجابة عن سؤال : كيف ستتصرف القيادة الامنية والسياسية خلال
الحرب المقبلة. فليس مضموناً أن يكون تصرفها مقبولاً، ولا نقول مثالياً؟.
باراك الملك!
هناك تحد اساسي لسلسلة المناورات التي تختتم بمناورة نقطة تحول 2، ومفاده ((تحرير
الرأي العام الاسرائيلي)) من إحساس نفسي ضاغط يجتاحه بعد حرب تموز 2006، وهو انه
يسلم مقاليد زمام مصيره لقيادة تجريبية وغير خبيرة. ويعبر عن هذه القناعة الشائعة
في الشارع الاسرائيلي، مصطلح متداول كالخبز داخل اسرائيل، يحذر من ان عصر القيادة
التاريخية في اسرائيل، انتهى!.
وحده ايهود باراك، يحاول الايحاء بأنه امتداد نادر للقيادة التاريخية، وانه وريث
السلالة العسكرية الحديدية التي ينتمي اليها موشي دايان وارييل شارون. وحيث يقبع
شارون الان في موته السريري في مستشفى هداسا، يتحدث الممرضون عنه بلقب ((الملك))،
وهو الاسم الذي اطلقه عليه جنود وحدته التي قامت بالاختراق في حرب رمضان 1973، ما
ادى الى تمكين اسرائيل من حصار الجيش الثالث المصري، وقلب موازين الحرب. وتقول
مقالة متخصصة بالحالة النفسية العامة للرأي العام الاسرائيلي أصدرها مركز جامعة تل
ابيب : ان ابقاء شارون على قيد الحياة رغم موته السريري، ليس فقط عملاً اخلاقياً،
بل بالاساس، حاجة نفسية للاحياء في اسرائيل، لأن إعلان موته سيعني عملياً ان الشعب
سيسير لدفن ليس فقط شارون، بل آخر رموز القيادة التاريخية.
وعشية المناورة الاكبر يوم 7 نيسان/ابريل، ألغى ايهود باراك، زيارة كانت مقررة
لألمانيا، علماً ان تقنية تنفيذ المناورة لا تستلزم بقاءه، اذ انه حسب تراتبية
تطبيقاتها، تخضع امرة قيادتها للعميد احتياط زئيف تسوك- رام (رئيس شبكة الطوارئ
الوطني)، الذي يتلقى أوامره من نائب وزير الدفاع ميتان فلنائي بوصفه مسؤولاً عن
الجبهة الداخلية من قبل المؤسسة الامنية. ومع ذلك فإن باراك فضل البقاء في محاولة
للإشارة بأن وجوده يمنح الرأي العام الاسرائيلي ثقة بأهمية المناورة، ويمنحه ثقة
بأنها لن تقود الى حرب تنتج عن حسابات خاطئة في التصرف اثناء إجراء تطبيقاتها، خاصة
وان المناورة جرت وسط كلام صحافي مكثف عن انها قد تترافق مع رد من قبل حزب الله على
اغتيال عماد مغنية.
ولكن هل نجحت مناورات باراك المتزامنة مع سلسلة مناورات ((نقطة تحول 2))، الهادفة
لتحصين الجبهة الداخلية، في تسويقه بين الرأي العام الإسرائيلي على انه خلف نجيب
للقادة التاريخيين، وبأنه ملك آخر في اسرائيل؟.
الوقائع لا تؤشر الى ان هذا الهدف ناله باراك. فقبل أيام صدرت مؤشرات من حزب العمل
نفسه الذي يرأسه باراك توحي بعدم قوته. فداخل مركز حزب العمل تشكلت مجموعة تطالب
بعزله عن رئاسة الحزب تحت شعار ان الاصلاح يحتاج لدم جديد.
ولكن باراك يواجه هذا التحدي عبر إثارة الغبار الصامت عن مسؤوليته عن اغتيال مغنية،
كعلامة على اقتداره على استعادة المبادرة الامنية والعسكرية الاسرائيلية التي فقدت
خلال حرب تموز العام 2006.
وحتى لو كان باراك حقاً هو آخر ملوك إسرائيل، فهل يمكن لدولة تخوض تحدي وجود ، كما
تقول دراسة اسرائيلية، ان تعيش على مستقبل انه بقي لديها شخص واحد يمكن الاعتماد
عليه. وهنا تطرح الدراسة فرضية ان تضطر اسرائيل لخوض الحرب المقبلة من دون وجود
باراك.. فكيف سيكون الوضع ؟.
ومن
خلال مجمل الافتراضات والمعطيات التي تطرحها الدراسة بخصوص هذه الفرضية يمكن رسم
السيناريو التالي، لحدوث لحظة تجد فيها اسرائيل نفسها امام هذا التحدي: ((حرب من
دون باراك)). وتجدر الإشارة الى ان هذا السيناريو يقوم على تجسيد معطيات حرب على
الورق، أي ما يسمى في علم المناروات : محاكاة حرب في ظرف سياسي وعسكري معين.
والعنوان هنا لهذه المحاكاة هو حرب من دون باراك. تتخيل المحاكاة هذه الحرب على
النحو التالي:
محاكاة للرد على اغتيال مغنية
فجأة يصل الخبر الذي طالما توجس منه المستوى السياسي والامني في إسرائيل: حزب الله
نفذ فعلاً تهديده. عشرات القتلى والجرحى في انفجار في القدس استهدف موكب سيارة
ايهود باراك وزير الدفاع الاسرائيلي في خلال توجهه الى مكتب رئيس الحكومة ايهود
اولمرت. ما تزال المعلومات اولية عن مصير باراك. لكن المؤشرات الاولى تتحدث عن
اصابته بجروح بالغة. كما أصيب أو قتل العشرات ممن تواجدوا قرب سيارته لحظة
استهدافها بانفجار وصف بأنه ضخم.
في
وزارة الدفاع في تل ابيب:
رئيس الوزراء ايهود اولمرت على الخط. يقدم أحد كبار الضباط في وزارة الدفاع سماعة
الهاتف الى نائب وزير الدفاع اللواء احتياط ميتان فلنائي المسؤول من جانب المؤسسة
الامنية عن شؤون الجبهة الداخلية والذي يخضع لامرته العميد احتياط زئيف تسوك – رام
(رئيس شبكة الطوارئ التي انشئت بعد حرب تموز عام 2006 والتي اشرفت لوجستياً على
تنفيذ مناورة 7 نيسان الكبرى الخاصة بكيفية تصرف الجبهة الداخلية والمستويين الامني
والسياسي والمدني، في حال حدوث حرب شاملة مع حزب الله او مع سوريا او مع ايران او
مع جميعهم دفعة واحدة.
يقول اولمرت بصوت قلق: ما اخبار باراك؟
يجيب ميتان : الموساد يقول انه في حالة ((كوما)) كاملة..
اولمرت : بعد ساعة اجتماع في مكتبي.. يبدو اننا سنباشر تنفيذ خطة الحرب: ((نقطة
تحول- 2
يقفل اولمرت الخط. وفي وزارة الدفاع يرتسم سؤال اساسي: من يحل مكان باراك في إدراة
الحرب، وفي منصب وزير الدفاع؟.
يهرول ميتان الى ركن قصي في مكتبه، ويخرج من احد ادراج خزنة حديدية ملفاً كتب عليه
(خطة : ((نقطة تحول 2)) ) ليحملها معه الى اجتماعه مع اولمرت.
في
هذه الاثناء يصل الى مكتب ميتان العميد احتياط زئيف تسوك – رام، رئيس شبكة الطوارئ.
ويقول هل تأمر ببدء إعلان الاستنفار في حالة شبكة الطوارئ.
يجيب ميتان. نعم.. بالتأكيد.. منذ هذه اللحظة كل اسرائيل ضمن فعاليات شبكة الطوارئ.
مناورة 7 نيسان بخصوص الجبهة الداخلية، ستوضع منذ هذه الساعة موضع التنفيذ الفعلي.
ولكن انتظرحصولي على الاشارة السياسية، ربما بعد نحو ثلاث ساعات.
يتوجه ميتان الى مكتب اولمرت في القدس، وحسب خطة ((نقطة تحول 2)) التي رسمت سيناريو
مسبقاً لكيفية التصرف في حال قام حزب الله برد قوي على اغتيال مغنية، يصل ايضاً الى
مبنى رئاسة الحكومة كل من رئيس و نائب رئيس هيئة اركان الجيش الاسرائيلي، الجنرال
اشكنازي والجنرال دان هارئيل ورؤساء اجهزة الموساد والشاباك وامان، ووزير الامن
الداخلي ووزيرة الخارجية تسيبـي ليفني، وتعقد مشاورات غير رسمية ريثما يدعو أولمرت
لاجتماع لمجلس الوزراء لمناقشة كيفية التصرف.
رئيس الموساد يقدم تقديرا اولياً للموقف : حزب الله تقصد ان يكون الهدف باراك،
نظراً للاعتبارات التالية : الرد على اغتيال رأس الهرم العسكري في حزب الله برأس
الهرم العسكري في اسرائيل. الانتقام من باراك بالتحديد لكون حزب الله يحمله
المسؤولية عن اتخاذ قرار اغتيال مغنية، والايحاء بأن قتل المسؤولين في الحزب سيواجه
بقتل المسؤولين عن اتخاذ هذه القرارات في اسرائيل. اخيراً، الحزب يتوقع ان يسود
الارباك على المستوى الامني في اسرائيل، نتيجة اغتيال باراك، بحيث يصبح قرار الرد
العسكري مربكاً، كما ان خوض اسرائيل الحرب بدون باراك سيضعف معنويات الشعب
الاسرائيلي جراء اعتقاده انه ضمانة الفوز بهذه الحرب.
ويختم رئيس الموساد تقدير الموقف بتوصية مهمة، وهي ضرورة ان يتم تعيين خلف لباراك
بخلال نهاية هذا اليوم حتى لا نترك إشارة ضعف لحزب الله.
يقترح ((الموساد)) تعيين ميتان، ويقترح الامن العسكري تعيين اشكنازي، اما الشاباك
فيقترح استشارة حزب العمل باسم وريث باراك.
نقاط القوة في سيرة ميتان الشخصية، تفيد، بحسب تقدير الموقف الذي يقدمه الموساد،
بأنه مطلع على التفكير الامني لباراك وعلى خططه بخصوص كيفية مواجهة الحرب الجديدة
في لبنان وضد سوريا وإيران. واللافت في سيرته هو قيادته لعملية قرية السموع
الفلسطينية - قضاء الخليل في 13 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 1966، حيث هدم القرية
وقتل من أبنائها 18 شخصاً وجرح 134. ويعبر هذا الامر عن إرادة الرد القاسي لدى
ميتان.
رئيس الموساد يعتقد ان تعيين ميتان سيرسل لحزب الله وللبنانيين رسالة عن ارادة الرد
القاسي في حال ذهب حزب الله بعيداً في استهداف العمق الاسرائيلي بالصواريخ.
سيرة اشكنازي تظهره انه متخصص بأوضاع حزب الله وبالوضع في لبنان..
اولمرت يطور رأي الشاباك، فيقترح تعيين ميتان بالوكالة، ليصار لاحقاً الى استمزاج
رأي حزب العمل بمن يريد وزيراً للدفاع بدلا من رئيسه باراك. وبرأي اولمرت يجب
مراعاة التوازنات السياسية داخل الحكومة عند الحديث عن تعيين بديل لباراك الذي هو
اضافة لكونه وزيراً للدفاع وقائداً عسكرياً ومشرفاً على المؤسسة العسكرية فهو أيضاً
رئيس لحزب العمل الشريك الاكبر في الائتلاف الحكومي.
رئيس امان : الوقت ضيق ونحن في حالة طوارئ وعليه فإن تعيين بديل لباراك يجب ان يخضع
لخصوصية اللحظة الامنية الاستثنائية. وقد يكون من المفيد عدم انتظار توافق حزب
العمل على بديل لباراك، بل يمكن استمزاج رأي شمعون بيريس في انتقاء شخصية من الحزب
ليكون وزيراً للدفاع.
ثم
يصار الى نقاش خيارات الرد:
اولمرت هل نقوم برد قوي لكنه محدود، أم ندخل حرباً شاملة مع حزب الله، أم نقوم بحرب
مع الحزب وسوريا في آن معاً.
تسيبـي ليفني: يجب التشاور مع واشنطن. خلال زيارة باراك الاخيرة الى واشنطن نصحه
البنتاغون بعدم الدخول في حرب شاملة مع حزب الله في هذه المرحلة. فالحزب لديه
صورايخ بعيدة المدى التقطتها الاقمار الاصطناعية الاميركية . واسرائيل لن تنته من
بناء القبة الحديدية قبل عام 2010 (المقصود: انتاج صواريخ مضادة لصواريخ ارض – ارض
قصيرة ومتوسطة المدى)
أولمرت: لكن الرد القوي المحدود سيتبعه رد من حزب الله على شكل دفعات من الصواريخ
تستهدف كل مستوطنات الشمال وربما أبعد من ذلك. وقد يتواكب ذلك مع إطلاق صواريخ من
قطاع غزة تقوم بها حماس أو بأضعف تقدير حركة الجهاد الاسلامي.
رئيس شبكة الطوارئ: نحن نستطيع إخلاء سكان الشمال في غضون ساعات تنفيذاً لمناورة 7
نيسان، ونستطيع إنزال سكان حيفا الى الملاجئ في غضون سبع ساعات. والسؤال هو عن مدة
الحرب؟ الجبهة الداخلية لا تستطيع تحمل حرب تتجاوز الاربعة أسابيع على أبعد تقدير.
ليفني: أميركا تستطيع التحذير بشكل علني من انها ستكون معنية بالدفاع عن الجبهة
الداخلية الاسرائيلية. وهذا يوفر لإسرائيل ان ترد بضربة قوية ومحدودة من دون ان
يقوم حزب الله برد شامل بل برد رمزي. وهنا نكتفي بإخلاء مستوطنات الشمال لبضعة أيام
او على أبعد تقدير اسبوعين.
اشكنازي: بخصوص سيناريو حرب شاملة ضد حزب الله تتوافر لدى هيئة الاركان خطة جاهزة،
مفادها: اجتياح بري سريع من منطقة راشيا بعمق 27 كيلومتراً في منطقة البقاع الغربي،
وبذلك تصبح دمشق في مرمى نيران القوات الاسرائيلية، ويمكن تحقيق هذا التقدم بظرف
خمس ساعات.. المنطقة مختلفة عن منطقة القطاع الاوسط الصعبة المسالك. القطاع الغربي
مثالي لزحف سريع للدبابات. هذه العملية ستؤمن هدف قطع طريق بيروت دمشق، مما يجعل
حزب الله يخسر عمقه التسليحي الاستراتيجي.الهدف هو البقاء في هذه المنطقة، واستصدار
قرار من مجلس الامن بنشر قوات دولية فيها. هكذا نعزل حزباً تسليحياً عن سوريا،
ونجعل موقف لبنان اقوى في أية مباحثات مع سوريا حول تصحيح علاقاتهما. وإذا دخلت
سوريا الحرب، فلدينا بنك اهداف لقصفه، وسنشل سوريا وسترغم على وقف إطلاق النار،
ونحن لن ندخل الاراضي السورية بل سنقف على أبواب دمشق داخل الاراضي اللبنانية.
ونفاوض على انتشار جديد لقوات ((اليونيفيل)) في تلك المنطقة وعلى الحدود اللبنانية
– السورية.
ميتان فلنائي: ان تنفيذ سيناريو اشكنازي يفترض تأمين المستلزمات التالية:
أولاً: تحييد حماس لأن الجيش والجبهة الداخلية سيكونان بوضع صعب إذا قاتلنا على
الجبهة الشمالية والجنوبية في وقت واحد. فالمشكلة ليست فقط في الصواريخ المنطلقة من
حماس والجهاد انطلاقاً من غزة باتجاه عسقلان والعمق الاسرائيلي، بل أيضاً بأن الرد
الإسرائيلي على غزة سيسفر عن تكرار محاولات حماس لدفع سكان القطاع لاقتحام الجدار
على الحدود بين مصر والقطاع. وهنا سنواجه الشارع المصري الذي سيدخل على جهد تجييش
الشارع العربي في هذه المعركة. واشنطن عندها، ستقول لنا كفى خوفاً على الوضع المصري
الداخلي.
وهنا يقترح ميتان الاتصال بالسفير النرويجي في تل ابيب لحث بلاده على تذكير حماس
الاتفاق الذي رعته النرويج والذي حصل بشكل سري بينه وبين ممثلين عن حماس في وزارة
الدفاع في تل ابيب وقوامه مبادلة وقف اطلاق الصواريخ بالغذاء لغزة وبوقف اسرائيل
لعملياتها هناك ضد قادة حماس. (تفاصيل هذا الاتفاق كشفه امين عام رئاسة السلطة
الوطنية الفلسطينية لجريدة ((الصباح)) في غزة الطيب عبد الرحمان)
ثانياً: يجب القيام بعملية استباقية تستهدف شبكة صواريخ أرض – جو الروسية التي
نشرتها سوريا على طول شواطئها بمساعدة وإدارة خبراء روس. هذه الصواريخ تستطيع
اعتراض الطائرات الاسرائيلية حتى قبل ان تصل الى اجواء سوريا. بعد تنفيذ هذه
العملية يتم الاتصال بالاتراك لابلاغ سوريا بأن الضربة هي دفاعية، وليس لدى اسرائيل
نية بدخول الاراضي السورية. وهي مستعدة بعد إنجاز عملية اقتحام منطقة البقاع الغربي
ان تستأنف اتصالاتها السرية مع دمشق حول سلام في الجولان.
وهنا توجد نقطة قوة في صالح خطة اشكنازي، وهي ان سوريا لن تصل مرحلة ((النضج
العملياتي))، إلا في عام 2009 ، حيث تنجز استكمال صفقات السلاح الكبرى مع روسيا.
وعلى هذا هناك مجال للتكهن بأن سوريا لن ترد على قصف اسرائيل لشبكة صواريخها للدفاع
الجوي.
ثالثاً: يجب تنفيذ الهجوم البري بسرعة فائقة ، ثلاثة ايام أو اسبوع على أوسع تقدير،
حتى تبدأ خطوة عقد جلسة لمجلس الامن لنشر قوات دولية في المنطقة التي تجتاحها
اسرائيل.
يحاول اولمرت ان يجمل النقاش: تعيين بديل لباراك يجب ان يتم خلال ساعات لتلافي
إشارات الضعف. ميتان وزير بالوكالة.
خيار ضربة قوية ولكن محدودة لحزب الله، تضمن واشنطن عدم تحولها لحرب مفتوحة ضد
العمق الاسرائيلي من قبل حزب الله، عبر اصدار الادارة بياناً يحذر فيه من ضرب المدن
الاسرائيلية بالصواريخ.
خيار اشكنازي بالسيطرة على منطقة البقاع الغربي وقطع طريق دمشق – بيروت، ونشر قوات
دولية في تلك المنطقة وعلىالحدود اللبنانية السورية.
الى
هنا، انتهى سيناريو محاكاة كيفية التصرف في حال مواجهة حرب بدون باراك او حتى معه .
ولكن السؤال الذي يطرحه اكثر من معلق عسكري في اسرائيل، هو: من الذي سيقرر اعتماد
هذا الخيار او ذاك؟.
الجواب واحد وهو واشنطن. وذلك لعدة أسباب:
حتى
العام 2010 فإن حماية الجبهة الداخلية هي مسؤولية اميركية. وربما بعد هذا العام
ستظل الجبهة الداخلية مسؤولية أميركية، لان النقاش بخصوص القبة الحديدية يظهر ان
نجاحها غير اكيد. ووصول المدمرة كول الى شواطئ المتوسط عشية وخلال الحرب
الاسرائيلية الاخيرة على غزة، تظهر ان اميركا ملتزمة بهذه الضمانة . ولكن حتى مع
هذه الضمانة هناك مشكلة : فبطاريات صواريخ باتريوت معدة للرد على احتمال هجوم على
الجبهة الداخلية وفق نسخة الحرب مع صدام حسين وتحديات من نوع سقوط بضعة صواريخ سكود
على اسرائيل. علماً ان المطروح الآن سقوط مئات الصواريخ دفعة واحدة انطلاقاً من
سوريا ولبنان وغزة وربما ايضاً من ايران!.
الهدف المركزي للتحدي الاستراتيجي لاسرائيل- كما صاغته اجهزة الاستخبارات
الاسرائيلية الثلاثة - هو ايران وليس سوريا او حزب الله او حماس. وباراك وفق نظريته
الامنية الجديدة يعمل من اجل إقناع العالم على تشكيل حلف عسكري عالمي لمقاتلة ايران،
وضرب منشآتها النووية، تكون اسرائيل جزءاً منه، وليس رأس حربته. وعليه فإن فتح حرب
شاملة في الشمال قد يخدم إيران كما حصل في حرب تموز عام 2006 . فاستراتيجية ايران
تقوم على إشعال النار في المنطقة خارج اراضيها لتغطية مسار بناء سلاحها النووي
وتعزيز دورها الاقليمي. وهكذا فإن اسرائيل في حال استدرجت لحرب ضد سوريا ولبنان
تكون كمن يسير بقدميه لخدمة هدف ايران الاستراتيجي.
ولعل تشابك مجمل هذه التعقيدات هو الذي جعل كبير المعلقين العسكريين في صحيفة
معاريف المقرب من المؤسسة العسكرية، يوجز مجمل الكلام الاسرائيلي عن المناورات
والحرب بالقول: ان اسرائيل تستعد لحرب لا تملك كل إمكانات الرد عليها ولا تعرف متى
يجب ان تبدأ وكيف : السؤال المركزي : ايران اولاً.. أم حماس أم حزب الله وسوريا ؟
بالنسبة لباراك على الاقل الاجابة واضحة: إيران أولاً . ولكن العالم ليس جزءاً من
ألوية الجيش الإسرائيلي.
ناصر شرارة
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
مقابلة مه عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده
حوار احمد الموسوي
**اده:لا
حل توافقياً مع المعارضة
*ادعو
الاكثرية لممارسة حقها بالانتخاب بالنصف زائداً واحداً
*الحل
الوحيد الذي تقبل به المعارضة هو الحصول على كل شيء
*دعوة
بري للحوار لتضييع الوقت ودوره في الحل ثانوي لأن القرار ليس بيده
*معلومات
جديدة دائماً تصلنا وتحذرنا من حصول اغتيالات
*قانون
الانتخاب الاكثري اسوأ قانون في العالم
اعتبر عميد الكتلة الوطنية كارلوس اده ان دعوة الرئيس نبيه بري للحوار هي لتضييع الوقت، وان دور بري في الحل ثانوي لأنه لا يملك القرار، وأكد ان المعارضة لا تقبل ولن تقبل بأي حل عقلاني توافقي، وان الحل الوحيد الذي تقبل به هو ان تأخذ كل شيء، ودعا قوى 14 آذار/مارس الى ان تمارس حقها كأكثرية فتذهب الى انتخاب رئيس للجمهورية بالنصف زائداً واحداً. الشراع التقت العميد اده وأجرت معه الحوار التالي حول آخر المستجدات على الساحة اللبنانية.
#
بعد
القمة العربية، الرئيس نبيه بري يقوم بجولة على الدول العربية المؤثرة في الوضع
اللبناني، والأمر نفسه بالنسبة الى الرئيس فؤاد السنيورة، هل تتوقع نتائج ايجابية
لهذا التحرك الجديد؟
- لا،
لأن المعطيات ما زالت هي نفسها، ولو كان هناك حل للأزمة لكان وجد هذا الحل منذ زمن،
وللخروج من الطريق المسدود الذي نواجهه يفترض حدوث تغيير في المعطيات المحلية
والاقليمية، وانا لا ارى وجود أي تغيير في هذا الاطار.
#
الرئيس بري ألا يدرك ذلك؟ وإلا ما الهدف من مثل هكذا تحرك؟
- اعتقد
ان الهدف هو لكسب الوقت، ولكي يعطي انطباعاً في ذهن الناس بأنه يتحرك وبأنه ما زال
لديه دور فعال في حين ان دوره في حل الازمة ثانوي، لأن القرار ليس بيده.
#
الحديث عن كسب الوقت يردده اكثر من طرف. فإذا قلنا ان الرئيس بري او المعارضة تعمل
على كسب الوقت، فبتقديرك لماذا ووصولاً الى ماذا؟
- كل
الاطراف التي تمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية، هم بانتظار إما الوصول الى
الانتخابات النيابية على أمل ان تتغير الاكثرية النيابية الحالية، وتنتقل من
الموالاة الى المعارضة، وإما حصول اغتيالات جديدة تسقط الحكومة القائمة، وإما حصول
تطورات خارجية، او حصول تغيير في الادارة الاميركية وكل ذلك في اطار المراهنة على
تغيير المعادلة الداخلية الحالية وعلى تغيير ميزان القوى لصالح المعارضة، وهم
يسيرون في مثل هذه الرهانات بدون الأخذ بعين الاعتبار اية مصلحة وطنية للبلد، لا
الوضع الاقتصادي والاجتماعي ولا وضع الشباب اللبناني الذي يهاجر من وطنه، وهم
مستعدون لتدفيع البلد اية أكلاف باهظة مهما تكن كبيرة للوصول الى اهدافهم السياسية
الضيقة.
#
وقوى الاكثرية ماذا تنتظر؟
- الاكثرية،
كانت تضع امامها الوصول الى حل توافقي، ولهذا السبب قدمت تنازلات، فتنازلت عن
مرشحيها للرئاسة، وقبلت بترشيح العماد ميشال سليمان الذي هو في الاساس كان مرشح
فريق المعارضة، اضافة الى تنازلات اخرى وعلى الرغم من ذلك رأينا ان كل تنازل يحصل
امام المعارضة بحسن نية لمعالجة الازمة الوطنية، قابلت المعارضة ذلك بشروط اضافية،
ما يؤكد ان المعارضة لا تريد أي حل توافقي وان ما تريده هو اخذ كل شيء.
#
وبعد الوصول الى هذه المرحلة من القناعة لديكم، ماذا تنتظر قوى 14 آذار/مارس؟
-كنا
بانتظار ما ستسفر عنه القمة العربية، وكقوى 14 آذار/مارس مجتمعة انا لا املك
جواباً، ولكن كعميد ((كتلة وطنية))، فأنا في الاساس ومنذ زمن لا انتظر شيئاً،
والموقف المعلن الذي أتبناه منذ فترة طويلة، هو ان ارتهان المعارضة للخارج واهدافها
السياسية التي لا تتلاءم ابداً مع الطبيعة التقليدية للمجتمع اللبناني، كل ذلك لا
يسمح بحل وسط مع المعارضة، وكذلك منذ البدء كنت ادعو الى الذهاب الى الانتخاب
بالنصف زائداً واحداً، والمؤسف انه لم يحصل العمل بطريقة فعالة كافية لهذا الخيار،
وحصل من بعض ((الرفاق)) في 14 آذار/مارس تردد ما جعل هذا الخيار بعيداً كقرار سياسي.
#
والآن؟
- اليوم
لا اعتقد ان بإمكاننا ان نبقى كل الوقت نفكر في قرار توافقي لاننا لن نصل اليه،
والقرار التوافقي الوحيد الذي سنصل اليه مع المعارضة هو القرار التوافقي الذي سيوصل
الاكثرية الى الاستسلام النهائي، ولذا يجب ان نقوم بدورنا الديموقراطي والذي هو دور
الاكثرية، وان نتصرف كأكثرية وان نقوم بانتخاب رئيس للجمهورية كأكثرية أي بالنصف
زائداً واحداً.
#
هذا
قد يستبعد انتخاب العماد ميشال سليمان؟
- نعم،
ممكن.
#
لا
مشكلة في ذلك؟
- انا
ما عندي مشكلة.
#
وهذا يجنبكم مسألة تعديل الدستور الذي كنت انت معترضاً بشدة عليه.
-
نعم، فالبلد أي بلد لا يمكن ان يحكم او يُدار بدون ثوابت، وهذه الثوابت هي بمثابة
الاعمدة والاساسات التي يقوم عليها البناء، ولا يمكن اللعب بها، ولذلك فالدستور هو
بمثابة الاساس الذي يمسك البلد والمجتمع ولا يجوز اللعب به، في كل حين، وعندما وضعت
المادة التي تمنع ترشيح بعض الموظفين وخاصة قياديي الجيش، فذلك لأسباب معينة، وهذا
ليس في لبنان فقط ولكن في كل المجتمعات الاخرى، عدا عن اننا في لبنان جربّنا مخاطر
السماح بذلك وعشنا النتائج السلبية لمثل هذا الخطأ.. اكثر من مرة.
#
اكثر من مرة! من تقصد؟
- العماد
لحود، وقبله بطريقة اخرى العماد عون كرئيس حكومة..
#
تجربة الرئيس فؤاد شهاب ألم تكن ناجحة؟
- في
جزء منها كانت ناجحة، وهو الجانب الاداري ولكنها اورثتنا حكم المكتب الثاني وكانت
الكلفة كبيرة جداً، ونزعت كل الانجازات الايجابية التي حققها فؤاد شهاب.
#
الرئيس بري يدعوكم مجدداً الى طاولة الحوار؟
-رأينا
ان المحاولات والتجارب السابقة لدعوات الرئيس بري الحوارية، لم تكن الا لتضييع
الوقت، وأول طاولة حوار توصلت الى الاتفاق على بعض القضايا والبنود التي لم تطبق
لأن حزب الله اخذ المبادرة وتسبب بحرب مع اسرائيل، ومن ثم حصلت حوارات ومفاوضات لم
تصل الى أي نتيجة ودائماً كان هناك تراجع من الرئيس بري عما يكون قد تم الاتفاق
عليه بعد التشاور مع حلفائه، ثم حصلت مبادرات عدة فرنسية وأوروبية وعربية، وقد
عرفنا الآن الى اين يمكن ان نصل في مثل تلك الدعوة الى الحوار، فالمعارضة ليست
مستعدة لأي حل حقيقي.
#
الوزير السابق سليمان فرنجية طرح مبادرة وهي موافقة الاكثرية على قانون الانتخاب
للعام 1960 مقابل انتخابات الرئاسة وتشكيل الحكومة هل توافق على هذا الطرح؟
- لا،
ليس نعم، لا.
#
لماذا؟
- لأن
قانون 1960 سيىء هو اقل سوءاً من قانون العام 2000 لكنه سيىء ايضاً وقانون الاكثرية؟
اية اكثرية في اللوائح كما هو معتمد في القوانين اللبنانية، اسوأ نظام انتخابي في
العالم وليس هناك الا ثلاثة بلدان تعتمده هي لبنان وجيبوتي والثالث نسيت اسمه، وهذا
القانون يمنع الناخب من امكانية التركيز على المرشح، ويمنع بالمقابل المرشح من
امكانية التوجه الى الانتخاب، ويفرض تركيز الجهد الانتخابي على اقامة تحالفات غريبة
الشكل بين اطراف لا يرتبطون بأية علاقة سياسية، بل على العكس يضطر المرشح ان يبتعد
احياناً عن بعض حلفائه السياسيين في سبيل الحصول على اصوات من اطراف سياسية اخرى لا
يتفق معها، فقط لتبادل الاصوات ما يسمح بحصول ((زعبرة)) وعدم تمثيل حقيقي وفي
النهاية تأتي النتائج، ولا احد يفهم حقيقة لماذا حصل ذلك؟ وهذا ما رأيناه في كل
الانتخابات النيابية، فلماذا اللجوء الى قوانين غير صحيحة او سليمة في حين ان هناك
قوانين متاحة بامكانها تحسين تمثيل إرادة الشعب البناني في مجلس النواب.
#
هذا
الاقتراح كمدخل لحل الازمة؟
-هذا
يعني انه في كل مرة يجب ان نقدم شيئاً سلبياً للحصول على شيء آخر، ولذلك جوابي لا.
#
حسناً المعارضة على الاقل قالت قانون 1960 هو مشروعي للانتخاب، فما تفسيرك لعدم
تقديم الاكثرية قانونها للانتخابات حتى اليوم؟
- لانها
تدرس القانون الذي قدمته اللجنة التي تشكلت برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس،
واقتراحات اخرى.
#
أنتم متهمون بأنكم تماطلون ولا تقدمون أي مشروع وصولاً في اللحظات الاخيرة الى
اعتماد قانون الالفين، كما كان يحصل في زمن الادارة السورية؟
- هذا
اتهام من المعارضة وهو غير صحيح.
#
لكن
الانتخابات اصبحت على الابواب وسواء كان هذا اتهاماً صحيحاً ام غير صحيح فسنصل الى
النتيجة نفسها؟
-لا
لن نصل الى ذلك، وسيكون هناك مشروع لقانون انتخابي قبل الانتخابات النيابية، ونحن
في الكتلة الوطنية منذ 4 سنوات قدمنا مشروعاً انتخابياً.
#
على
اساس الدائرة الفردية؟
- نعم.
#
هل
طرحتموه على قوى 14 آذار/مارس؟
- نعم
وقد اظهر كثيرون ميلهم الى هذا القانون، وهنا اؤكد أن افضل قانون لتأمين افضل تمثيل
في مجلس النواب في الحالة اللبنانية هو قانون الدائرة الفردية وقانون 1960 هو تكملة
لنظام ((البوسطات)) ولكن بحجم اقل، ولذلك ادعو جميع اللبنانيين الى المطالبة بهذا
القانون، لأن قانون 1960 وغيره يبقيهم ممسوكين من الانظمة الانتخابية نفسها التي
نعاني من نتائجها.
#
هل
المبادرة العربية ما زالت قائمة؟
- ما
زالت قائمة ولكن المشكلة ان المعارضة لا تقبل بها.
#في
حال استمر الوضع القائم هل تتوقع ان تتخذ العلاقات بين الموالاة والمعارضة منحى
صدامياً؟
- هذا
يعود الى المعارضة، فقوى 14 آذار/مارس دائماً تبحث عن حل للأزمة، حل عقلاني وواقعي،
والتصعيد سواء في الكلام او في الشارع يأتي دائماً من المعارضة، ونأمل ان تغيّر
المعارضة اسلوبها وتقتنع وتقبل بما يطرح عليها من حلول عقلانية وواقعية.
#
تحدثت عن مخاوف من تجدد الاغتيالات، هل من معطيات او معلومات جديدة، ام ذلك مجرد
استنتاج وتوقعات استناداً الى ما سبق وحصل؟
- اولاً
استناداً الى ما سبق، ولا ارى تغييراً في هذا المسار، وثانياً هناك معلومات تصل
الينا وتحذرنا لأخذ الاجراءات الامنية اللازمة.
#
هذه
المعلومات حديثة؟
-
نعم
حديثة.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
ماذا بقي من 13 نيسان 1975 حرب باردة على نار متأججة
ماجدة صبرا
*في
كل جولة كان اللاعبون في الخارج يعيدون توزيع القوى في لبنان
*توقفت
التظاهرات وعادت لتظهر في تشييع المغتالين
*الاغتيالات
والتفجيرات غيرت المزاج الشعبي وبات ربع اللبنانيين يعانون اضطراباً
*تعويد
المواطن على ممارسة العنف المتنقل والتعاطي معه تمهيداً لانزلاقه الى الحرب بدون
مقاومة
عشية الذكرى الثالثة والثلاثين لاندلاع شرارة الحرب الاهلية في لبنان (13 نيسان/ابريل 1975) لم يعد جديداً ان نذكر بأن لبنان ما زال يعيش على شفير الهاوية، فهو يحاذي هذه الهاوية منذ العام 1943 بسبب ما مر به من حروب وأزمات، كانت تختلف في كل جولة من جولاتها بحيث ان الاهداف كانت تتغير، ويتغير فرقاء الحرب، وتختلط التحالفات بشكل غير متوقع حتى يتحول عدو الامس الى صديق اليوم، وتتغير بالتالي الشعارات المناسبة للمرحلة، ما يدفعنا الى السؤال بعد ثلاثة عقود ونيف ما الذي بقي من 13 نيسان/ابريل والحرب الاهلية؟ وهل تتكرر هذه الحرب بحيث اننا على اعتاب فاصل جديد من فصول حرب جديدة؟ هذه الحرب التي بدأت رسمياً بإطلاق الرصاص من مسلحي حزب الكتائب على ما بات يسمى ((بوسطة عين الرمانة)) التي كانت تحمل بعض المواطنين والمسلحين الفلسطينيين العائدين من إحياء ذكرى احدى النكبات التي اثقلت كاهل هذه الامة، ليدخل معها لبنان في نكبة جديدة ودوامة من العنف وصراع دموي ومعقد من القصف العشوائي والمجازر وعمليات القنص وتقسيم بيروت الى بيروتين استمر حتى العام 1990 لتفتح فصلاً جديداً من الازمات لم يكن معروفاً الى أين تأخذ لبنان.. فأصبحت الازمة السياسية بمثابة الحالة المستديمة لهذا البلد، وخابت الآمال التي علقها اللبنانيون على استقرار الوضع بعد انتهاء الحرب الاهلية، اذ ان المعجزة لم تحصل.
ولم يعد مجهولاً ان أكثر ما كان يفجر السلم الاهلي في لبنان، هو انخراطه في صراعات المنطقة، اذ لا تلبث هذه الصراعات ان تحول هذا البلد وحسب تركيبته الطائفية المتعددة (18 طائفة) الى بؤرة اشد اشتعالاً من أي بؤرة اخرى في المنطقة، ورغم إصرار اللبنانيين على رفض الحرب الا ان ما نعيشه يوحي بأننا نعيش حرباً اهلية، باردة تطبخ على نار متأججة رغم نفي جميع الاطراف انها تريد الحرب مهما بلغت قوة هذا الطرف العسكرية واللوجستية مثل حزب الله الذي لا يريد كما يتردد الدخول في حرب داخلية كي لا يلطخ سمعته ويفقد صدقيته ولتوكيد قادته مراراً بأن سلاحه وصواريخه ليست موجهة الى الداخل بل الى العدو الاسرائيلي.. يقابل هذا رغبة جامحة للحزب في تكريس تفوقه (التذكير الدائم بتفوقه العسكري والحرب المفتوحة وشروطه المتوالية لانتخاب رئيس للجمهورية) من السيطرة الفعلية على الدولة مقابل فريق ينادي بضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة.. الا ان اللاعبين في الخارج كانوا يقفون دائماً وراء اعادة توزيع القوى فيه، اذ ان لبنان بكيانه ووضعه الحالي، قنبلة موقوتة صاعقها في الخارج ودمارها وضحاياها من الداخل.
انعاش
الذاكرة
وقبل محاولة الاجابة عن أي سؤال طرحناه لا بد من عودة الى الامس القريب وانعاش
الذاكرة بما حصل في تلك الفترة وان بشكل موجز، اذ تعرض لبنان لعملية تغيير اجتماعي
عميق ادت الى بروز قوى اجتماعية وسياسية جديدة سعت الى تغيير قواعد اللعبة السياسية
ومعها النظام اللبناني برمته، اذ انبثق النظام اللبناني من توازن دقيق لحماية اوضاع
اجتماعية طائفية، عبّر عنه الميثاق الوطني من ناحية شعار ((لا غالب ولا مغلوب))
الذي رفع عام 1958 من ناحية اخرى، وأعقب ذلك في الخمسينيات المد التاريخي لحركة
القومية العربية بقيادة الزعيم جمال عبد الناصر الذي اجتذب اليه اعداداً متزايدة من
الشباب اللبناني ((المسلم)) ورأى البعض في هذه المعادلة عاملاً من عوامل عدم
الاستقرار.. وفي الستينيات حدثت ازمة في النظام الرأسمالي ممثلة في افلاس بنك انترا
والتطورات السياسية التي ارتبطت بالصراع العربي – الاسرائيلي، ولا سيما بعد تصاعد
حركة المقاومة الفلسطينية عبر عمليات مسلحة قامت بها عبر الحدود للبنان الجنوبي
وقيام اسرائيل بسلسلة من عمليات العدوان والعمليات الانتقامية في لبنان الامر الذي
جعل لبنان في أتون الصراع، اضف الى ذلك ان الاعتداءات الاسرائيلية على قرى منطقة
الجنوب دفعت بأعداد كبيرة من مواطنيه الى الانتقال الى المناطق المحيطة ببيروت التي
سميت ((حزام البؤس)).
ويعيد البعض ربط ما حدث في لبنان بنكسة 5 حزيران/يونيو 1967، اذ يرى هؤلاء ان احدى اهم نتائج هذه الحرب انها مكنت اسرائيل من الحاق هزيمة عسكرية بالدول العربية، فنشأت وتطورت المقاومة الفلسطينية المسلحة التي تمكنت من القيام بعملياتها العسكرية داخل الاراضي المحتلة بشكل قوي ومؤثر.. ومع نهاية العام 1967 كانت عمليات المقاومة الفلسطينية بداخل العمق الاسرائيلي على اشدها منطلقة من الاردن ولبنان وبدأت اسرائيل بتوجيه ضربات عسكرية ضد القواعد الفلسطينية في لبنان والداخل اللبناني لدفع الحكومة اللبنانية الى اخذ مواقف صارمة ضد المقاومة الفلسطينية ولعل من اشدها قيام قوات الصاعقة الاسرائيلية بضرب وتدمير ثلاث عشرة طائرة مدنية في مطار بيروت في 28 كانون الاول/ديسمبر 1968 رداً على عملية الفدائيين الفلسطينيين في مطار اثينا وأدت هذه العملية الى زيادة حدة التوتر القائم بين الجيش اللبناني وقوات المقاومة فوقعت بعض الصدامات لم تنته الا باتفاقية القاهرة التي ابرمت في تشرين الثاني/نوفمبر 1969 وتضمنت ثلاث نقاط رئيسية هي: السماح للفلسطينيين بإدارة مخيمات اللاجئين، واحتفاظ الفلسطينيين ببعض طرق العبور وبعض المواقع جنوب لبنان وإقرار القيادة الفلسطينية بالمقابل بسيادة الحكومة اللبنانية وتعهدها والتزامها بعدم التدخل في شؤون السياسة اللبنانية الداخلية.
بعض المحللين السياسيين رأى في هذه الاتفاقية انها نصف تسوية وأهملت الكثير من الامور وكانت احداث العام 1970 المعروفة بأيلول الاسود وقيام الجيش الاردني بضرب القواعد الفلسطينية في الاردن قد دفعت بالمقاومة الفلسطينية الى تركيز قواعدها في الجنوب اللبناني.. لم يستطع لبنان القيام بما قام به الاردن، اذ ان التيارات الاسلامية (السنة والشيعة) دعمت الفلسطينيين الذين حصلوا ايضاً على دعم اليسار اللبناني ومجموعات من المسيحيين المنتمين الى الاحزاب الشيوعية واليسارية.. وبدأت تظهر منذ ذلك الوقت معالم صراع بين المسلمين واليسار اللبناني والقوات الفلسطينية من طرف وبين المسيحيين الموارنة واليمين اللبناني من طرف آخر، وكان من الممكن للحرب الاهلية اللبنانية ان تبدأ في تلك السنة ولكن حرب تشرين الاول/اكتوبر العام 1973 اخرت حدوثها حتى العام 1975، وبدأت هذه الحرب بداية دموية شديدة منذ يومها الاول وذلك بعد قتل الزعيم اللبناني معروف سعد في 26 شباط/فبراير خلال تظاهرة للصيادين المحتجين على منح الحكومة اللبنانية لشركة ((بروتين)) التي كان يرأسها الرئيس السابق كميل شمعون امتيازاً لصيد الاسماك على طول الشاطىء اللبناني تداخلت هذه الحادثة مع ما كان يشهده لبنان من تحول اجتماعي كبير تجلى في نمو قوى طفيلية ورأسمالية، وتدهور اوضاع الطبقة الوسطى واضطرابات طلابية وعمالية عنيفة مع استشراء الغلاء وظهور قوى اجتماعية وتقدمية جديدة رأت في التغيير الاجتماعي علاجاً لاوضاع لبنان ومشاكله (كم تبدو الصورة شبيهة باليوم مع اختلاف القوى)، لكن القوى اليمينية وعلى رأسها حزب ((الكتائب)) كانت ترى في الوجود الفلسطيني في لبنان اساساً للحرب الاهلية، فكانت حادثة البوسطة في عين الرمانة التي اشعلت شرارة الحرب التي حصدت حوالى مئتي الف قتيل وتسببت بنحو 50 الف اعاقة جزئية و12 الف اعاقة تامة وقدر عدد المفقودين بعشرات الآلاف، وأكثر من مليون مهجر واستمر نحو نصفهم مهجراً حتى العام 1995 وانهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل العملات الاجنبية، وتراكم عجز الموازنة ما ولد ديناً وصل الى نحو 35 مليار دولار وخسائر مادية تجاوزت الـ 30 مليار دولار وقدر عدد انفجار السيارات بحوالى اربعة آلاف انفجار ادت الى مقتل حوالى 4386 شخصاً وجرح الآلاف (من احصاءات الدولية للمعلومات وانماء).
بدأت الحرب في مدينة بيروت كبداية لحرب المدن وانتهت بحرب الجبل مع استمرارها في المدن ايضاً.. وكان لدخول القوات السورية بطلب من الحكومة اللبنانية وتصديها لقوات المقاومة الفلسطينية واليسار اللبناني دوره في منع الحاق هزيمة فادحة بالاطراف الاخرى وكان الزعيم كمال جنبلاط قد اعلن انه كان قريباً جداً من تحقيق نصر عسكري حاسم على قوات الاحزاب اليمينية الا ان هذا التدخل ابقى الوضع على ما هو عليه، وبعدها تم اغتيال الزعيم جنبلاط وكان الموقف الفرنسي والاميركي الضمني والصريح هو القبول بدخول القوات السورية الى لبنان التي سرعان ما نقلت بندقيتها من اليمين الى اليسار، بعد زيارة الرئيس المصري انور السادات الى اسرائيل في 19 تشرين الثاني/نوفمبر 1977 فانهارت علاقة سوريا الودية مع القوات المسيحية عام 1978 وحدثت مواجهات دامية ادى الى قطيعة نهائية، ومع ذلك فان القوات السورية لم تستطع ان تنهي الحرب التي استمرت في حدتها ودمويتها وسعة انتشارها مع ازدياد عدد الاطراف الاقليمية المتورطة والمعنية بها، وكانت سوريا تنشر 20 الف جندي من قواتها في لبنان ولم تكن تخفي دمشق طموحها بأن تتحكم بالسلطة السياسية في بيروت، فلبنان كما كان يرى الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد الخاصرة التي يمكن عبرها تهديد سوريا على المدى الاستراتيجي، وعلى المستوى السياسي كان لبنان ملجأ المعارضين السوريين، وقد كانت جميع التغيرات العنيفة للنظام السوري بين عامي 1949 و1970 بما في ذلك حركة حافظ الاسد التصحيحية تنطلق من لبنان.
وفي العام 1978 اجتاحت اسرائيل جنوب لبنان ووصلت حتى مجرى نهر الليطاني لإقامة ما سمته ((الحزام الامني)) ثم انسحبت بعد نشر قوات تابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان مخلفة وراءها ميليشيات مسيحية عهدت اليها بإحكام السيطرة على المنطقة بقيادة سعد حداد.
وفي العام 1982 نفذ ارييل شارون الخطة التي كان وضعها للقضاء على المقاومة الفلسطينية في لبنان، وبعد حصول اسرائيل على الموافقة الضمنية لوزير الخارجية الاميركية الكسندر هيغ اجتاحت في شهر حزيران/يونيو القوات الاسرائيلية الجنوب اللبناني فضربت القواعد الفلسطينية وحاصرت بيروت وبين 21 آب/اغسطس و3 ايلول/سبتمبر خرج الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات من لبنان مع 11 الف مقاتل فلسطيني فيما انسحبت القوات السورية الى البقاع وبعد اغتيال بشير الجميل الذي انتخب كرئيس للجمهورية، اجتاحت اسرائيل بيروت في 15 ايلول/سبتمبر وقتل في الشهر نفسه ألف مدني فلسطيني ولبناني في مخيمي صبرا وشاتيلا. وعام 1983 انسحبت اسرائيل من بيروت والمناطق الجنوبية وابقت على الحزام الامني، وقدمت الى بيروت مجموعة من القوات الفرنسية والاميركية وهو الامر الذي ادى الى عودة القتال من جديد بين الفصائل والميليشيات اللبنانية، وقصفت القوات البحرية الاميركية المناطق الجبلية حيث يتواجد الحزب التقدمي الاشتراكي، وبعد مقتل 300 من الاميركيين والفرنسيين في عمليات انتحارية انسحبت هذه القوات من لبنان، وبعد موجة من الاغتيالات السياسية والسيارات المفخخة بدأت سلسلة عمليات اختطاف الرهائن الغربيين، وفي تلك الفترة وبعد انسحاب القوات الاسرائيلية من مناطق وقرى الجبل خسرت ميليشيات ((الكتائب)) و((القوات اللبنانية)) في مواجهة ميليشيات الحزب التقدمي الاشتراكي ما اجبرها على الخروج من منطقة الشوف الجبلية.
وفي العام 1985 دخلت حركة ((امل)) في حرب مع القوات الفلسطينية الموجودة في مخيمات الضاحية الجنوبية بالنيابة عن القوات السورية، وفي عام 1987 عاد الجيش السوري مجدداً الى بيروت الغربية بعد ان شهدت هذه المناطق اشتباكات دامية بين رفاق الامس، فبين العامين 1987 و1988 نشبت حرب شوارع وأحياء وأزقة بين حركة امل والحزب التقدمي الاشتراكي وبين حركة امل وحزب الله وبين حركة امل وما تبقى من منظمات فلسطينية، وفي العام 1988 انتهت ولاية الرئيس امين الجميل فعين مكانه قائد الجيش آنذاك ميشال عون رئيساً للوزراء فشكل حكومة مؤلفة من ستة وزراء ثلاثة منهم مسلمون وثلاثة مسيحيون، لكن الوزراء المسلمين قدموا استقالاتهم وفي هذه الاثناء كانت حرب الخليج واخراج القوات العراقية من الكويت هي الحدث الابرز عالمياً، حيث بدأت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الاميركية ومشاركة 30 دولة من بينها سوريا حرباً ادت الى اخراج القوات العراقية، هذه الحرب تركت آثارها على الوضع اللبناني اذ تمكنت سوريا من الحصول على تفويض دولي بإنهاء حالة العماد ميشال عون واحكام سيطرتها على لبنان، وفي العام 1989 وقعت الاطراف اللبنانية اتفاق الطائف في المملكة العربية السعودية الذي وضع حداً للحرب الاهلية، لكن رفض العماد عون فجّر مواجهات دامية بين اطراف مسيحية وفي 13 تشرين اول/اكتوبر انتهت الحرب رسمياً في لبنان بسقوط العماد عون الذي فرّ من القصر الرئاسي والتجأ الى السفارة الفرنسية بعد الهجوم السوري على قصر بعبدا.
الا ان الحرب مع اسرائيل لم تنته فهي رفضت تطبيق قرارات مجلس الامن ولم تنسحب الا في ايار/مايو 2000 تحت ضربات المقاومة وبعد ان شنت على لبنان عمليات حربية اعتبرتها تصفية حسابات مع ((حزب الله))، ففي العام 1996 وبعملية اطلق عليها ((عناقيد الغضب)) شنت اسرائيل حرباً على الجنوب وارتكبت مجزرة ((قانا)) وانتهت بتفاهم نيسان/ابريل الذي كان راعيه الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
تفكك الثنائيات
بانهيار المعسكر الشرقي بتفكك الاتحاد السوفياتي في كانون اول/ديسمبر 1991 انتهت
الثنائية الدولية، ووضعت العرب في الموقع الاضعف وجعلت اسرائيل في الموقع القوي،
وهكذا اصبحت الولايات المتحدة الاميركية الدولة الاقوى عالمياً من دون منازع.
ومع بداية الألفية الثالثة انفجر الوضع في المنطقة باندلاع الانتفاضة الجديدة في الاراضي الفلسطينية عام 2000، ثم دخول الولايات المتحدة الاميركية مرحلة جديدة بعد احداث 11 ايلول/سبتمبر 2001، اطلقت عليها اسم مواجهة ((الارهاب)) او ((محور الشر)) الذي تمثله كل من ايران والعراق وكوريا الشمالية والدول والمنظمات التي تدعمها لا سيما حماس في فلسطين وحزب الله في لبنان، واصبحت احداث 11 ايلول/سبتمبر وتداعياتها المحرك او الذريعة التي تستخدمها الولايات المتحدة لتبرير سياساتها في العالم وخاصة في الشرق الاوسط، لانها اعتبرت ان تفجير البرجين العالميين في نيويورك هو وصول الارهاب الى الداخل الاميركي، فلا بد من مكافحته عسكرياً على مستوى العالم لحماية المواطنين الاميركيين من هجمات محتملة اخرى ان لم تجرِ مكافحة الارهاب في منابعه ومواطنه الاصلية، فكانت الحرب في افغانستان لاسقاط حركة ((طالبان)) والمجيء بحكومة بديلة بسبب ايوائها لأسامة بن لادن، ثم الحرب على العراق واحتلالها كحرب استباقية لضرب الارهاب المحتمل وبحجة ارساء قواعد الديموقراطية فيها وكانت النتيجة حل الجيش والاجهزة الامنية العراقية وادخال ايران الى العراق. وتطبيق مشروع ((دمقرطة)) الشرق الاوسط، انعكس كل هذا على لبنان، وكان انسحاب القوات السورية من لبنان عام 2005 بعد اشهر على اغتيال الشهيد رفيق الحريري، تحت وطأة التظاهرات التي خرجت تطالب بهذا الانسحاب، بمثابة إشارة لفتح باب تغيير موازين القوى في لبنان، والذي يبدو انه نضج منذ زمن بعيد ولكنه لم يحدث بفعل الكوابح الخارجية، فنشأت تحالفات بين قوى خرجت في 14 آذار/مارس وحملت هذا التاريخ كاسم لها مطالبة بالسيادة والاستقلال وعلى رأسها القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل وقوى يسارية والكتلة الوطنية وجمهور كبير من المواطنين وسميت بـ((ثورة الأرز)) وكانت سبقتها تظاهرة في 8 آذار/مارس لتقديم الشكر لسوريا وعلى رأسها حزب الله وحركة أمل والقوى الموالية لسوريا.
حرب
باردة
الاغتيالات السياسية التي بدأت بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة عام 2004، تبعها
اغتيال رئيس الوزراء السابق الشهيد رفيق الحريري، الذي كان بمثابة الزلزال الذي فصل
بين مرحلة ما قبل وما بعد، إذ ان هذا الانفجار المروع كان بداية لتفجيرات أخرى،
واستمرت التظاهرات مع كل زيارة إلى ضريح الشهيد الحريري في جامع الأمين وسط البلد،
إلى ان توقفت هذه التظاهرات ولم تعد تظهر إلا في جنازات المغتالين التي كانت تصيب
المواطنين مع كل انفجار بالصدمة. كما غيرت المزاج الشيعي وبددت شعور المواطن بالأمن
والاستقرار وأحدثت حالة إرباك سياسي في داخل لبنان وانعكست على العلاقة مع سوريا
ويشير البعض إلى ان عمليات الاغتيال التي بدأت كبيرة ومروعة وتخللها تفجيرات صغيرة
وعمليات اغتيال استهدفت الشخص المقصود وبالتالي يصعب رسم خط بياني لها، كما حدث مع
اغتيال الصحافي الشهيد سمير قصير والشهيد جورج حاوي، والوزير الشهيد بيار الجميل،
مع الإشارة إلى التفجيرات التي كانت تتم ليلاً، وهي أمور جعلت المواطن اللبناني
يعتاد على هذه الحالة غير المستقرة وان يتحول مزاجه النفسي إلى التفاعل ببطء معها
وعلى نار هادئة، أو هي جعلته يبدأ في التعايش مع حالة عدم الاستقرار، فبعد تكرار
التفجيرات في الموعد نفسه بات اللبنانيون ينتظرون بقلق هذه التفجيرات، بعد ذلك
توقفت لتطال رموزاً عسكرية (فرنسوا الحاج) وأمنية (وسام عيد) ومن قبلها طالت شخصيات
حزبية (النائب انطوان غانم) من حزب الكتائب ليس له تأثير مباشر في سير الامور
السياسية على الأرض.
هذه التفجيرات التي اغتالت أشخاصاً وأبنية خالية عادت لتنتقل إلى المناطق المزدحمة بقصد إسقاط ضحايا كثر. لذلك يرى البعض ان هذا التطور في العمل الإجرامي هدفه زعزعة الاستقرار النفسي، عزز ما كان يحدث من اضطرابات أمنية واشتباكات داخل الاحياء بما يؤجج الوضع الداخلي لتعود حالة التوتر من جديد. ويستنتج من خط سير هذه العمليات ان لا تكون على درجة من الخطورة والفجائية في التأثير (اشتباكات بالعصي مثلاً كما حصل في منطقة رأس النبع) إذ لم يقصد منها إشعال حرب أهلية أو أحداث داخلية كبرى بشكل مفاجىء وإنما هي لتحطيم الاحساس بالأمن والاستقرار ولرفع درجة تفاعل المواطن اللبناني مع عدم الاستقرار والأمن والدفع بمزاجه النفسي باتجاه العنف رويداً رويداً وتعويده على ممارسة العنف المتنقل أو التعاطي معه. هي خطة تفكيك بطيئة ومدروسة لدفع هذا المواطن للانغماس في حالات عنف بعد ان يتعود على التعايش مع هذه الاضطرابات الأمنية، والنتيجة إنهاء حذره ووأد الدروس المستفادة من الحرب الأهلية وإثارة الشكوك بين الفئات اللبنانية وبعضها.
فإذا كانت عملية رفع درجة التوتر تجري بحسابات دقيقة حتى لا تشتعل الحرب قبل أوانها فإن هناك عملية من نوع آخر كانت تجري بالتوازي لتفكيك جهاز الدولة اللبنانية ولافقادها مشروعيتها لدى المواطنين ليتم إنهاء حالة التواصل اللبناني – اللبناني التي تشكلت بعد الحرب الأهلية. ولعل الهجوم الدائم على الدولة وحصار رمزها ونعني الخيم المحيطة بالسراي الحكومي مقر رئيس الحكومة وبعض الوزراء، والتهديد بالعصيان المدني وشل المؤسسات، تم أيضاً خطوة خطوة، ويؤكد البعض ان ما يجري ليس إلا تمهيداً وتهيئة لكي تشتعل الحرب دون كوابح وموانع ودون تحصين ضدها على مستوى الفرد أو المجتمع أو الدولة. خطة مرتبة ومتدرجة لإشعال الحرب في لبنان، نتمنى ألا تكون إلا في رأس واضعها.
اضطرابات نفسية
وفي دراسة أعدتها جمعية ((ادراك)) شملت عينة من المجتمع اللبناني، أظهرت ان ربع
اللبنانيين البالغين أي 25.8% عانوا اضطراباً نفسياً واحداً على الأقل خلال مرحلة
ما من حياتهم وأكدت الدراسة العلاقة الوثيقة بين التعرض لإحداث الحرب والإصابة
بالاضطرابات النفسية. وبيّنت ان نسبة اضطرابات القلق بلغت 16.7% والاضطرابات
المزاجية 12.6% أكثر انتشاراً من اضطرابات التحكم في الاندفاعات 4.4% والاضطرابات
المتعلقة بالإدمان 2.2%. وأشارت الدراسة إلى ان التعرض لأحداث الحرب زاد ستة أضعاف
تقريباً من احتمال أن يصاب اللبناني بأحد اضطرابات القلق وزاد اكثر من ثلاثة اضعاف
احتمال ان يصاب اللبناني بأحد اضطرابات المزاج وضاعف أكثر من 12 مرة احتمال الإصابة
لدى اللبنانيين باضطرابات التحكم في الاندفاعات للمرة الأولى.
ماذا بقي؟!
الحرب الأهلية ابتدأت في 13 نيسان 1975، بإطلاق الرصاص على بوسطة في عين الرمانة من
مسلحين تابعين لحزب الكتائب والضحايا كانوا من الفلسطينيين. وفي حرب الجبل حصلت
مجازر بين القوات اللبنانية وكانت تعرف بأنها ميليشيا حزب الكتائب وبين ميليشيا
الحزب التقدمي الاشتراكي. وفي 15 نيسان 2008 يقيم حزب الكتائب ذكرى هذه الحرب وأول
المدعوين ممثل السلطة الفلسطينية في لبنان عباس زكي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي
وليد جنبلاط.
ففي
السياسة لا صديق دائماً ولا عدو دائماً..
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
كتاب من عيتاني ورد من الشراع
من الشيخ احمد سامي عيتاني ورد ما يلي:
طالعتنا مجلتكم الصادرة بتاريخ 31/3/ 2008م في العدد رقم 1334 في الصفحتين 16 و17 نص رسالة مذكور فيها انها موجهة من الشيخ عبد الناصر جبري الى السيد حسن نصر الله مؤرخة بتاريخ 11 شباط/فبراير 2006 تتضمن مطالبته بصرف مبالغ مالية للعلماء. وفي اسفل الرسالة مذكور اسمي وتحته توقيع. افيدكم علماً بأن هذا التوقيع الوارد تحت اسمي في الرسالة المذكورة غير صحيح ولست معنياً على الاطلاق في فحوى الرسالة لا من قريب ولا من بعيد ولست موقعاً عليها اطلاقاً. لذلك، اطلب من جانبكم نشر ردي على هذه الرسالة في العدد الذي يصدر عن مجلتكم في اول اصدار يلي تاريخ تبلغكم هذا الكتاب، وذلك عملاً بقانون المطبوعات ومصداقية مجلتكم، مع الاحتفاظ بكافة حقوقي القانونية في ملاحقة كل من يستخدم اسمي ويزور توقيعي والادعاء عليه.
رد
الشراع/مع نشرنا لكتاب الشيخ احمد عيتاني فإننا ما زلنا نحتفظ بالوثيقة التي ارسلها
الشيخ عبد الناصر جبري الى السيد حسن نصر الله، وفيها اسماء وتواقيع الموقعين عليها
ومن ضمنهم الشيخ جبري والشيخ عيتاني، فإذا كان الشيخ عيتاني يشكك بصحة توقيعه فإننا
نحيله الى الشكوى الى القضاء للتحقق ما اذا كان هذا التوقيع خاصاً به ام ان هناك من
زوّر له توقيعه وفي هذه الحالة فعليه البحث عمن زوّر له التوقيع ونحن من جهتنا
مستعدون لتقديم هذه الوثيقة الى القضاء كي ينال الشيخ عيتاني حقه ونحافظ نحن على
حقنا في الصدقية وفي احترام القراء ومن ضمنهم الشيخ احمد عيتاني نفسه.
فإذا كان الشيخ احمد عيتاني غير موقع على هذه الوثيقة فعليه ان يبحث عن حقه اما مع
حزب الله واما مع الشيخ عبد الناصر جبري، وفي هذه الحالة نحن ننتظر كيف سيرد على
هذا التزوير لتوقيعه.اما
اذا كان موقعاً فهو مسؤول مع الشيخ جبري وبقية الموقعين لاستيضاحهم هل قبض المشايخ
الواردة اسماؤهم في الوثيقة مستحقاتهم المالية بين مشارك ومتعاون ام ان هناك من
اكل عليهم حقوقهم.. وماذا هم فاعلون
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
د.
منيف حمدان لـ((الشراع)) لا يمكن اقرار زيادة الاجور في القطاع العام الا في مجلس
النواب
بما
ان اقرار زيادة الاجور في القطاع العام يحتاج الى قانون من مجلس النواب بعكس
القطاع الخاص الامر الذي يعرقل مسألة زيادة الاجور لموظفي القطاع العام بسبب
اغلاق ابواب مجلس النواب، ويقول الخبير القانوني الدكتور منيف حمدان ((كل تشريع يتم
من خلال اقتراح قانون من مجلس الوزراء أو بواسطة مجلس النواب بعد ان يتقدم عشرة
نواب بذلك الى مجلس النواب، ومجلس النواب هو الذي يقر هذا الاقتراح ويوافق عليه،
اما مجلس الوزراء فهو بمثابة المعد للمرسوم لا اكثر، وفي ظل الاوضاع الراهنة لا
يمكن إقرار زيادة الاجور في القطاع العام، بل سيستمر الوضع على حاله حتى يفتح مجلس
النواب ابوابه.
ماذا
يريد فخري دلول؟
تاجر العقارات الفلسطيني الاصل فخري دلول، الذي تعرض لنكسة مالية لأسباب عائلية منذ
سنوات اصبح الآن معتمداً من قبل حزب الله لعقد صفقات شراء عقارات في عدد من المناطق
اللبنانية، ضمن مشروع الحزب للتوسع في عدد من الاحياء والقرى والبلدات ذات الطابع
المسيحي او الدرزي او السني لاقامة المزيد من المربعات الامنية سواء في بيروت او
خارجها.
دلول يسعى لجذب عدد من الجمعيات البيروتية المؤيدة لتيار ((المستقبل)) وابعادها عن
تأييد زعيم الاغلبية النيابية سعد الحريري، من خلال مساعدات مالية وعينية يقدمها
لها ضمن مخطط يخدم الاستخبارات السورية وحزب الله.
ويعتمد فخري دلول على عدد من ازلام الاستخبارات السورية الذين كانوا يقدمون له
الخدمات على انواعها عندما كان لبنان تحت الوصاية السورية، وما زالوا على صلة به،
وهم يحضرون له الوفود وغيرها الى شقته في بيروت
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
فلسطين ((وقف)) ومرجعيتها ((ولاية الفقيه))..؟
ابراهيم احمد
لا يعطي الكيان الصهيوني أي فرصة للرئيس الفلسطيني محمود عباس لكي يؤكد نجاح رهانه على المفاوضات وتخليه عن البندقية، وهذه هي قناعته القديمة التي كانت في خلفية الصورة التي بموجبها ابرم ياسر عرفات اتفاق اوسلو، ولا تحاول الولايات المتحدة الاميركية ان تقدم له اكثر من استمرار الاجتماعات بينه وبين رئيس وزراء العدو الصهيوني ايهود اولمرت، ولا يريد اولمرت ان يتقدم ولو بنصف خطوة في عملية السلام، وهو قد اعلن عن (يهودية) الكيان الصهيوني، ووافقه الرئيس الاميركي جورج بوش على ذلك بكل المضاعفات التي يمكن ان تترتب على ذلك بالنسبة للمواطنين العرب في فلسطين المحتلة سنة 1948.
صحيح ان الوضع الداخلي للكيان الصهيوني مهتز حيث تفتقر تل ابيب الى الشخصية السياسية الجامعة التي كانت عامل ثقة للمستوطنين مثل بن غوريون ومناحيم بيغن وليفي اشكول وصولاً الى ارييل شارون، لكن التعويض الواضح عن هذا الاهتزاز وعن هذا الافتقار الى الشخصية التاريخية، هو انتقال الموقف الاميركي من تأييد الموقف الصهيوني والتعهد بحماية كيانية دولته، الى هذا التماهي في المواقف بين واشنطن وتل ابيب، فإدارة البيت الابيض في عهد جورج بوش الابن، تكاد تكون هي نفسها ادارة اولمرت والعكس صحيح، وهذا الامر يصعّب على الرئيس الفلسطيني محمود عباس مهمته السياسية، ويزيد من تأزم الوضع الفلسطيني الداخلي الذي قد يصل الى الانفجار باقتتال داخلي وهذا ما تسعى اليه تل ابيب بالفعل حيث تعمل على ان تسيطر حماس والجهاد على الضفة الغربية كما سيطرتا على قطاع غزة، لأن هذه السيطرة تبرر المزيد من العدوانية لأي حكومة صهيونية.
ان
الوساطات التي جرت حتى الآن بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس قد باءت بالفشل، ومن
الطبيعي ان تصبح المبادرة اليمنية بدون أي مفعول سياسي لأن الاعلان عن موتها كان
قبل ان يغادر الوفدان اليمنيان صنعاء، ولم تكن القمة العربية على مستوى مجرد النظر
في القضية، وذهبت او ذُهب بالقضية الفلسطينية الى مكان آخر يعرف كيف يوظف
الايديولوجيا في مصالحه، بل يجيد انشاء المنظمات الايديولوجية وهذا المكان هو ايران
التي تتماهى في ايديولوجيتها الخاصة مع الايديولوجيا الصهيونية، من حيث العوامل
التعبوية والعملانية، فولاية الفقيه كمرجعية معصومة تنوب عن الله في الارض لتخاطب
اناساً مختصين وحدهم بهذا الخطاب دون غيرهم من البشر هي الوجه الآخر لمقولة شعب
الله المختار التي اختص الله بها اليهود دون غيرهم من البشر، فالخطابان يستمدان
مشروعيتهما من المصدر نفسه ويوظف كل منهما خطابه لأهدافه السياسية أي المشروع
التوسعي، وبهذا المعنى فإن ما بينهما هو منافسة وصراع على النفوذ وليس عداء
مستحكماً كما يحاول ان يدعي كل منهما نحو الآخر، انها ايديولوجيا الانغلاق
الاجتماعي المتبادل حيث يصبح التطرف في كل جهة احد مصادر الشرعية والمشروعية، وبهذا
المعنى يمكن فهم سيطرة الاصولية في كل جانب فتل ابيب تغتال اسحاق رابين ليس لأنه
اقل صهيونية بل ربما لأنه خفف من ايديولوجيته لصالح عملية السلام، وإيران تجعل
التمثيل السياسي حكراً على رجال الدين ثم تحبس منتظري وتقزم دور خاتمي وتهز صورة
رفسنجاني وتحيّد حتى لاريجاني ليس لأنهم اقل تفقهاً بولاية الفقيه ولكنهم ربما
لأنهم يعترضون او لهم ملاحظاتهم على توظيفها السياسي الحاد الذي يتجاوز حدود الفقه،
والايراني والصهيوني يتحكمان معاً الآن بالقضية الفلسطينية، حيث احدهما مسيطر على
الارض ويتحمل عبء هذه السيطرة لأنه يزيد من مستوطناته ويعمل على اتمام المعازل
السكانية في الضفة الغربية ويكسب المزيد من الوقت لتهويد القدس ويكيف انتشاره
الامني مع الجدار الفاصل، ويكمل مشروعه الصهيوني المتمادي على الجزء الاكبر من
فلسطين، اما الآخر فيمسك بمعظم الموقف الفلسطيني من خلال سيطرة حماس على قطاع غزة،
ومن خلال سعيه ومثابرته الحثيثة للتغلغل في المخيمات واجادة لعبة: فرّق تسد التي
فعلت فعلها في لبنان وفلسطين والعراق، وامتدت ايضاً الى النظام العربي العام وأمسكت
بأحد اضلاعه الاساسيين أي سوريا واستفادت من مقولة: فلسطين ((وقف)) لتربطها بمرجعية
ولاية الفقيه.
---------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------