تفاصيل
أسوأ اجتماع
عقده الرئيس
الشهيد في حياته
(1 من 2) ...نهاد
المشنوق:
سورية قتلت
الحريري
سياسياً... وخدام
لم يكن يرغب
بعلاقة بينه
وبين بشار
الأسد
بيروت – حازم
الأمين
الحياة 2005/05/12
طوال سنوات
خلت، لم يشأ
نهاد المشنوق
وهو أحد أقرب
معاوني الرئيس
الراحل رفيق
الحريري
الحديث على
رغم ما في جعبته،
مما يمكن ان
يقال. فهو كان
منذ العام 1989
وحتى العام 1998
في «غرفة أسرار»
الحريري، قبل ان يقصيه
السوريون عن
منصبه عندما
ضغطوا على الرئيس
الحريري،
فحمل حقيبته
وسافر الى
باريس ثم عاد
بعد ثلاث
سنوات بقي
خلالها صديقاً
للرئيس ولكن...
يقول
المشنوق انه
لم يشأ في
حياة الرئيس
الحريري ان
يتحدث لما قد
يسببه كلامه
من احراج
له. أما بعد
استشهاده
ففضل ان
يبقى خلال الاشهر
الثلاثة
الماضية
صامتاً على
رغم ما عاناه
في صحته. فقد
سمع ان
نجلي الحريري
سعد الدين
وبهاء الدين
تعرضا لتهديدات
دفعتهما
للسفر،
وكلامه قد
يضاعف من المخاطر.
اليوم قرر
نهاد المشنوق ان يتحدث،
فكشف محاضر
العلاقة بين
الرئيس الحريري
والنظام في
سورية، وقدم
رواية وقراءة
للأحداث التي
شكلت سياقاً
سياسياً
وأمنياً لعملية
الاغتيال،
فروى الوقائع
التي تجمعت والتي
اعتبرها نصاباً
سياسياً
لقرار
الاغتيال.
ما هو في
رأيك تاريخ
تأزم العلاقة
بين الرئيس الحريري
والسوريين؟
- في
الحقيقة
الرئيس
الحريري
والسوريون
كانوا دائماً
على خلاف. بعد
ثلاثة أشهر من
تكليفه عام 1992
بدأ الخلاف حول
أمور سياسية وادارية
وتنظيمية في
لبنان. نظرته
للأمور وطريقة
تعاطيه معها،
وعلاقته
بالسياسيين
المرتبطين
بالنظام
السوري او
بالأمن
السوري. كان
هناك مشكل
دائم بينه
وبين النظام
السوري، او
دعني أقول
توتر دائم بعض
الاحيان
يصل الى
مشكلة وبعض الاحيان
يُحل سريعاً.
أذكر انه في
المرة الاولى
دخل الرئيس
الحريري الى
مجلس النواب
ولديه خطة
محددة وشعر
بأنه يريد
سلطات استثنائية
تشريعية،
وانه لا
يستطيع ان
ينزل في كل
شاردة وواردة الى مجلس
النواب. طبعاً
كان
واضحاً انه لا
يستطيع
الحصول على
هذه الصلاحيات
في لبنان.
فذهبنا الى
الشام حيث
التقى (نائب
الرئيس عبدالحليم)
خدام و(رئيس الاركان
حكمت)
الشهابي،
وبعدها كان
على موعد مع
الرئيس حافظ الاسد،
وكانت
النتيجة
واضحة، وهي ان لا
صلاحيات
استثنائية،
ولكن وعود بأن
تتم مساعدته
على تمرير ما
يطلبه في مجلس
النواب. لم تكن
مفاجأة. هناك
مشكلة جدية
بين اسلوبين
في التفكير لا
يعبر عنها «ابو
جمال»
بالضرورة. الصداقة
مع خدام لم
تكن صورة
العلاقة مع
سورية.
لماذا لم
يتمكن الرئيس
الحريري من اقامة
علاقة مع جيل المسؤولين
السوريين
الجدد؟
- انا اعتقد
بأن سورية اغلقت
ابوابها
تماماً
وسياسياً امام
الرئيس
الحريري بعد
انتخابات
العام 2000 وحتى استشهاده. هذا
التصعيد بدأ
عام 1996 واستمر
في 1997 وانتهى
سنة 1998 بسماعه
اعتذاره على الراديو
عن تشكيل
الحكومة
وخروجه لمدة
سنتين من
السلطة. وهذا
التصعيد
استمر حتى
العام 2000، وبعد
الانتخابات
أُغلقت ابواب
دمشق نهائياً
في وجه رفيق
الحريري.
كانت هناك
صلة طبعاً،
ولكن كان هناك
اقفال
سياسي. صلة لضرورات
العمل
ولليوميات
ولكن
استراتيجياً اقفلت، والاسباب
واضحة،
فعلاقة
الحريري
بالسوريين
كانت عبر نائب
الرئيس
السوري عبدالحليم
خدام ورئيس الاركان
(الشهابي)،
رئيس اركان
الجيش استقال
بعد رفضه
مسألة
الوراثة ورفض
رئاسة
الحكومة،
ونائب الرئيس
السوري اصبح
مبعداً عن كل
الملفات وعن
ملف لبنان في
شكل خاص. والاهم
ان
المصفاة
الرئيسية
للسياسة
السورية –
اللبنانية
وهو الرئيس
حافظ الاسد
توفي، كل هذه
العناصر اقفلت
الباب تماماً.
يذهب
(الحريري) الى
الشام ويلتقي
مسؤولين
سوريين ويرى
الرئيس الاسد
ويعود، لكنه
كان يعلم ان
كل الطاقم
الحاكم في
السياسة
الخارجية والامن
والاستخبارات
وفي الرئاسة
ليسوا اصدقاءه.
لماذا؟
- ينظرون اليه نظرة
قديمة، وليس
كما يقال بسبب
علاقته بأبو
جمال
وبالشهابي. انا
مقتنع وسامع
ومتابع انهم
ينظرون اليه
نظرة تخوينية،
ويعتقدون
بأنه احدى
الايدي الاميركية
في لبنان، ومع
الوقت اصبح
في رأيهم احدى
الايادي الاميركية
في المنطقة.
هذا الفريق في
سورية على هذا
المنوال منذ
العام 1992، وهم
تكرسوا بعد
مجيء الرئيس
الجديد،
وانتصروا في
لبنان عبر اميل
لحود، ولم
ينسوا ان
الرئيس
الحريري تسبب
في العام 1995 بابعاد
الرئيس لحود
والتمديد للرئيس
الهراوي.
كان الرئيس
الحريري يشعر
دائماً انه
موضوع من قبل المسؤولين
الامنيين
السوريين في
خانة التآمر،
وهذه مشكلة لا
حل لها، وحاول
بكل الطرق.
أنت كنت اقرب
شخص للرئيس
الحريري،
وقريب ايضاً
من ملف علاقته
بالسوريين،
فهل كنت ترى ان
العلاقة
بينهم سائرة الى التدهور؟
- أنا لم
أكن افهم كيف
قبلوا به
رئيساً
للحكومة! وهذا
ما كنت اقوله
له. رجل
بهذا الحجم
وهذه
الاتصالات
وهذه القدرة،
فكيف يقبلون به رئيس
حكومة في
لبنان.
انا كنت على
صلة بأقرب
الناس من بشار
الاسد في
لبنان. لم يكن الامر
صدفة، انا
كنت دائماً احاول
تنظيم علاقة
الرئيس
الحريري مع اصدقاء
بشار الاسد
في لبنان، مع
طلال ارسلان
وسليمان
فرنجية. في
وقت لم يتمكن
الرئيس الحريري
من اقامة
علاقة مع
الدكتور بشار
لأسباب عدة
أهمها عدم رغبة
أبو جمال
بذلك. اقمنا
علاقة مع اصدقائه
في لبنان. الامر
لم يعط نتيجة
طبعاً لكننا
حاولنا.
هناك سياق
سياسي ادى
الى
اغتيال
الرئيس
الحريري. فهل
في رأيك ان
تأزم علاقته
بالسوريين هو
ما ادى الى
مواجهته هذا
المصير؟
- انا افضل
ان أراها
بطريقة اخرى. افضل
ان اعود
الى
النشأة
السياسية
للرئيس
الحريري، كيف
تحول عام 1982 من
مقاول كبير
الحجم في
السعودية الى
رئيس حكومة
لبنان عام 1992،
هذا حدث وفق
نشأة وتدرج معينين
ولم يحصل بشكل
مفاجئ. الرئيس
الحريري
عندما رأى على
التلفزيون
الفلسطينيين
يغادرون مرفأ
بيروت، قال:
«الآن بدأ
العمل».
وفعلاً بدأ
يتواصل مع
لبنان بوسائل
مختلفة. التعليم
من جهة، وبدأ يتعاطى
بموضوع تنظيف الاسواق
والخرائط
والمساعدات
الطبية
والصحية، لم يترك
لبنانياً يتعاطى
في الشأن
العام الا
وقابله وسمع
منه، وكان
يزور لبنان في
اوقات
صعبة، وحضر
مؤتمر جنيف
ومؤتمر لوزان
ضمن الوفد
السعودي. كان
هذا بمثابة
تدرج وفق مخطط
شخصي. وطبعاً
شارك الرئيس
الحريري
بالاتفاق الثلاثي
بين حبيقة
وبري وجنبلاط
وشكل له هذا الامر
إحراجاً لدى
السنّة الذين
لم يكونوا
مرتاحين لهذا
الاتفاق.
تعرف الى
عبدالحليم
خدام في ذلك
الوقت وأنشأ
معه علاقة
خاصة وسياسية
واستمع منه الى مخابئ
السياسة
اللبنانية
ولم يبقي على
شيء الا
وفعله. وكان
يلازمه في ذلك
الحين في شكل
دائم السفير جوني عبدو
الذي كان في
سويسرا
ولاحقاً في
باريس، ولعبدو
خبرة كبيرة في
المسألة
اللبنانية.
تدرج الحريري
وصولاً الى
الطائف. وكان
ما كان، وكانت
الفكرة عنه انه وسيط
سياسي سعودي.
الى ان اصبح
واضحاً بعد
اتفاق الطائف ان رؤساء
الحكومات قد
استنفدوا.
أعتقد بأن
الرئيس الاسد
قال في ذلك
الوقت ان
هذه المرحلة
انتهت ويجب ان تبدأ
مرحلة اخرى
في لبنان،
وكان ذلك
جزءاً من
تفاهم مع
السعوديين.
والرئيس
الحريري هو
التسوية.
دخل الرئيس
الحريري الى
الحياة
السياسية
وكان يتوقع ان يجد
اتفاق الطائف
أمامه، فوجد ان ما يحكم البلد
هو الاتفاق
الثلاثي وليس
اتفاق الطائف.
في تلك الفترة
كان الاتفاق
الثلاثي هو
المعادلة
وليس اتفاق
الطائف. وبدأ يتعاطى مع
هذا الواقع
بروح عملية
وليس برفض
كامل. من 1992 الى
1996 وهو يحاول
جاهداً كي
ينتقل من
الاتفاق الثلاثي
الى
الطائف. وكنا
نناقش هذا الامر
معه ونقول له ان
الانتخابات
هي الوسيلة
الوحيدة
للتغيير. واجه
من دون نتيجة،
وكان واضحاً ان هناك
ملعبين ممنوع
عليه
دخولهما،
وهما مجلس النواب
والجيش،
وكلما كان
يحاول الدخول الى واحد
من هذين
الملعبين
كانت تحصل ازمة
في البلاد.
ففي ذلك الوقت
كان بدأ
التحضير لمجيء
العماد اميل
لحود الى
رئاسة
الجمهورية.
سنة 1996 دخل
المجلس الذي
كان محرماً
عليه، ولكن كيف،
بعد ان
مُدد للرئيس الهراوي،
فقد انتصر
الحريري في
التمديد. خاض اول معركة
كبرى منذ
دخوله
بالتمديد للياس
الهراوي
مخالفاً بذلك
مجموعة كبيرة
من المسؤولين
السوريين
ومخالفاً
بذلك رأي
الجيش الذي
كان مؤسسة
سياسية في ذلك
الحين من
الدرجة الاولى.
كان الجيش يتعاطى
بكل تفاصيل
الحياة
السياسية
اليومية، عبر
جهاز
الاستخبارات
ومديرية
التوجيه. ودخل
في صراع علني
وبخطابات
دفاعاً عما
سميناه في حينها
الحياة
المدنية
والنظام
المدني.
انتهت هذه
المعركة
بانتصار له في
التمديد. في
ذلك الحين
فعلاً تم
تهشيم النظام
المدني من اوله
الى آخره
عبر القيادة
السياسية
للجيش. حملة شعواء لا
يمكن تصورها،
وقبلها بقليل
وفي العام 1993 تم تطويق
وزارة المال
من قبل الجيش
بسبب ملف يتعلق
بسيارات
الضباط، وفي
الليل جاء مدير
المخابرات
ونائبه
العقيد جميل
السيد وبكل صراحة
قالوا للرئيس
الحريري ان
ما حصل (تطويق
الوزارة) هو
خطأ مقصود،
وقد جاءوا بعد
تدخل
السوريين. كان
واضحاً اننا
كنا امام
مؤسسة سياسية
وليس مؤسسة
عسكرية، وكنا
على اشتباك
يومي معها.
ووصلت الامور
الى انهم
اصدروا
بياناً باسم
مديرية
التوجيه يقول:
«ان
المدعو نهاد
المشنوق هو
الذي سرب
خبراً يتعلق
بضباط في
الدرك…». ووصلت
الحدة الى
تدخلهم
بالأمور
الشخصية
ومتابعتهم
لمسائل تتعدى التنصت
على الهاتف.
كان واضحاً
انه ربح معركة
التمديد،
ولكن ايضاً
كان واضحاً
انه اسس
لأزمة كبرى
بينه وبين
المؤسسة
العسكرية
والمجموعة
المحيطة بالرئيس
بشار الاسد.
وفي فترة
التمديد
كلفني الرئيس
الحريري بعقد
اجتماع مع
قائد الجيش في
حينها العماد
لحود. اجريت
معه تسعة
اجتماعات،
وتركز النقاش
حول مسألة ان
التوقيت الآن
غير مناسب
لوصولك الى
رئاسة
الجمهورية،
وان هذه الفترة
تقتضي هذا
التمديد الذي
نسعى له وانه
لا يجوز لهذا
التمديد اذا
حدث ان
يكون مؤسساً
لعلاقة سيئة
معك. وكان
وزير الدفاع
في حينه
الوزير محسن دلول الذي
شارك ببعض هذه
اللقاءات.
فحسم الموضوع
في ذلك الحين
الرئيس حافظ الاسد،
وهو من حسم
التمديد. وبعد
التمديد اصبحت
أمامنا
منظومة كبرى
من الاجهزة
الامنية
والسياسية
اللبنانية
والسورية.
خاض الرئيس
الحريري
الانتخابات
سنة 1996 ونجح
نجاحاً
باهراً وساير
عبر تركه
مقاعد فارغة،
وخلال هذه
الفترة كان
نسج شبكة
علاقات
داخلية متواضعة
وقوية جداً في
الخارج ووضع
مخططاً لتوسيع
علاقاته الدولية.
فرنسا
والسعودية
وسورية ومصر
كانت تحصيل
حاصل، وانما
امتد في ذلك
الحين الى
الفاتيكان
وعزز ايضاً
علاقاته الاميركية
وكانت لديه
قدرة اقناع
كبيرة. ولكن
هذه الشبكة في
الوقت نفسه
زادت من ازماته
في الداخل ومع
سورية. كل
رحلة ناجحة في
الخارج تتبع
بحملة وأزمة
داخلية كبرى. الى حد انه
وعندما نكون
عائدين في
الطائرة صرنا
دائماً نسأل
في نوع
المشكلة التي
تنتظرنا في بيروت.
وتابع الرئيس
الحريري بناء
علاقاته الدولية،
مع الرئيس
خاتمي في ايران
وهلموت كول
في المانيا،
ووصلت
علاقاته الى
البرازيل
التي كان
يسأله رئيسها
أن ينصحه في
مستقبل اسعار
الاسهم
في البرازيل.
توسعت
علاقته الى
حد انها اصبحت ازمة
مستمرة لا
تتوقف، وهو اراد في
ذلك الوقت خوض
المزيد من
الصراع. وهنا
راح يسأل اين
الطائف؟ صراع
شبه اسبوعي
مع الرئيس الياس
الهراوي
على جدول اعمال
مجلس الوزراء.
الازمات
مع الرئيس الهراوي
لا تقل عن ازماته
مع الرئيس
لحود ولكن
الفارق ان
الهراوي
مدني ولحود
عسكري. دائماً
رئيس
الجمهورية منتصر
بالسوريين
على رفيق
الحريري.
ودائماً ما انتصر
رئيس مجلس
النواب نبيه
بري
بالسوريين ايضاً على
الحريري.
بدأت تكثر
شعبيته في
لبنان وفي
الدرجة الاولى
في الاوساط
السنية. وقرر
الدخول في
القتال في
مجلس النواب.
صراع في
المجلس حول
جميع مشاريع
الحكومة والقروض
والقوانين،
والغالبية
كانت متحالفة مع
المجموعة الامنية
السياسية. في
التعيينات
مشكلة مع
المجموعة الامنية
السياسية،
وكذلك في
القرار
السياسي هناك
مشكلة مع
المجموعة الامنية
السياسية،
وأيضاً في
القرار
المالي. وفي
كل مرة كان
هناك شخص اسمه
الرئيس حافظ الاسد
يجري تسوية
للأمور. بعد
العام 1996 بدأت الامور
تأخذ شكلها
النهائي. وبدأ
الصراع يشتد
وهو يزداد
شعبية
وعلاقات
دولية، وفي
تلك الفترة
صار زعيماً من
زعماء المنطقة.
انتقل الى
مجلس النواب،
صار الاشتباك
مزدوجاً،
بصفته النيابية،
وبصفته رئيس
حكومة، وكبر
الاشتباك،
وطلع الكلام ان هذا
النظام مجلسي
وليس نظاماً ديموقراطياً.
وكان
الحريري حقق
في تلك الفترة
انتشاراً
سنياً كبيراً،
وهو لم يكن
يرغب كثيراً
هذا الموقع.
كان يتضايق
كثيراً من
انتشاره
السني الذي لا
حدود له.
وكان اقرب
وزراء اليه
باسم السبع
المقاتل
الدائم وغازي العريضي
وفريد مكاري
الأنيق
الدائم،
وثلاثتهم
ليسوا من
السنّة.
في اي
وقت شعر
الرئيس
الحريري
بضرورة
استقلال لبنان؟
- سنة 1996 قام
بعملية اتفاق
نيسان (ابريل)
دفاعاً عن
المقاومة. شرَّع
المقاومة.
وبعد مداولات
وزيارات
لسورية، فهم
من الرئيس الاسد
في المناقشة
انه يجب تجاهل
القرار الرقم
425. فطلب مني ألا
آتي على ذكر
هذا القرار في
أي من خطاباته
او
كلماته.
انا اعتقد
بأنه انتعش
فيه في ذلك
الحين مفهوم
الاستقلال. لن
أعود الى
البدايات
ولكنه كثيراً
ما حاول ان
يتفادى حضور اعياد
الاستقلال.
وكان يعتبر ان لبنان
دولة غير
مستقلة. في
بداية مجيئه
بقي لسنتين لا
يحضر اعياد
الاستقلال،
ولاحقاً سافر
في سنتين اخريين.
السنة في
لبنان أهل
دولة واذا
لم يكن لديهم
نص يذهبون الى
الشريعة.
شخصية رفيق
الحريري
السياسية لا
يمكن
اختصارها الا
باتفاق
الطائف الذي
يعبر في رأيه
عن مسألة قيام
الدولة. كان
يناقش ويبحث
في هذا الامر
في شكل شبه
يومي ومستمر
لمدة عشر
سنوات. ولكن كان
واضحاً ان
حماة الاتفاق
الثلاثي
يفتشون عن
مصالحهم وليس
عن الدولة.
كان يعتقد
بأن اتفاق
الطائف هو
الوسيلة لتدبير
كل شيء وعلى
رأسها
الاستقلال
والعلاقات مع
سورية. بعد
العام 1996 تغير.
لم يتغير
بمعنى انه اصبح
استقلالياً وانما اصبح
ممارساً لهذا الامر في
شكل او
بآخر، لأنه
كان يرى ان
البلد سائر الى
المجهول من
دون ضوابط.
هذا الامر
تمثل في
المجيء بنظام
امني سياسي
عسكري الى
البلد. طبعاً
هذا لا يعني
انه استطاع
تغيير القرار،
اذ من
الواضح انه لم
يعد له احد في
الشام والجو السياسي
الداخلي
موبوء، ولم
يعد امامه
من خيارات،
فسلم بمسألة
انتخاب
العماد لحود رئيساً
للجمهورية،
وصارت الازمة
الشهيرة التي
خرج على اساسها.
في ذلك الوقت
قرر ان
يحقق فوزاً
كبيراً في
الانتخابات.
لم يترك وسيلة
من الوسائل لم
يستعملها،
استغلال
الفترة
الانتقالية،
وتحييد كبار الامنيين،
لم يترك شيئاً
لم يفعله، في
ذلك الوقت كان
واضحاً ان
الناس
متجاوبون معه
بطريقة غير
طبيعية. بدأ
عمله في آخر 1998
وبقي سنة ونصف
السنة يعمل
يومياً وكأن
الانتخابات
غداً. وحقق
هذا النجاح
الكبير.
وللمرة
الأولى مدينة
مثل بيروت تسلم
قيادتها لشخص
واحد.
توفي الرئيس الاسد
وتسلم
الدكتور بشار
وبدأ النزاع
الحقيقي، وأغلقت
ابواب
دمشق نهائياً
في وجهه وصار
يرى الرئيس الاسد في
فترات
متباعدة وفي
أحاديث لا يتخللها
الكثير من
الود.
شبك تحالفات
داخلية قوية
مع وليد جنبلاط
وغيره، إضافة الى شبكة
علاقات دولية
هائلة، وصار
حجمه كبيراً،
وفي رأيي انه
في تلك اللحظة
اكتمل النصاب
السياسي
لقتله.
لم يعد من
الممكن
تجاهله او
تجاوزه ولم
يعد من الممكن
القيام
بخطوات من دونه،
اذاً يجب ازاحته.
وجاء قانون
محاسبة سورية
الذي ترجم الى
القرار الرقم
1559، بما لا يدع
مجالاً للشك ان
المنطقة صارت
محاصرة
ومطوقة،
وفيها شخص واحد
حر اسمه رفيق
الحريري، من
بغداد الى
عمان الى
سورية ولبنان.
صار يهتم
بكتابة
الدستور الفلسطيني،
ويجتمع مع اياد
علاوي، ويتعاطى
في التشكيلة
العراقية،
وصديق حميم
للملك الأردني
عبدالله
الثاني، فلم
يعد في الامكان
احتماله.
ما الذي حصل
في سورية وجعل
من الرئيس
الحريري هدفاً
للسياسة
السورية في
لبنان؟
- انا أعتقد
بأنه اذا
كان لا بد من
الكلام عن
طبيعة النظام
السوري التي
نشأت في العام
2000، فلا بد من
التأكيد ان
الرئيس بشار الاسد وصل
على حصان
ابيض، ليس
بسبب تسلمه
السلطة، وانما
بسبب تقبل
المجتمع
الدولي له
باعتباره
صورة حديثة عن
سورية التي امضت
وقتاً طويلاً
في تراتبية
سلطوية دائمة
لم تتغير. وفي
البداية ظهر ان لديه
ميول تحديث،
ورغبة
بالتغيير
وتفهماً
لحاجات
المجتمع
الدولي
واعترافاً مطلقاً
بالشرعية
الدولية. وكان
معه في الوقت نفسه
إرث والده
الذي يمكن
تقسيمه
جزأين، الجزء الاول هو
ثقل نظام عمره
30 سنة والجزء
الثاني هو
القيم
والثوابت.
الذي ظهر بعد
سنتين من حكم
الدكتور بشار
انه امسك ارث
الوالد من دون
اي تعديل.
كان واضحاً ان ليس
لديه الافق
الدولي
والنظرة
الدقيقة
لتغيرات
العالم التي
كانت متوافرة
لوالده طوال 30
عاماً. ظهر
ارتباك كبير
في السياسة
الخارجية
مثلاً، وظهر ان هناك
لغتين تتحدث بهما
الخارجية
السورية.
على الصعيد
الداخلي وفي
البداية ظهر
وكأن هناك انفراجاً
في سورية.
ففتحت
المنتديات
الثقافية
وأتيح لبعض
المعارضين
الكلام، ولكن
فجأة صدر قرار
باغلاق
كل هذه
المنتديات،
وتم بعدها
اعتقال
نائبين منتخبين.
اعتقد بأن
الرئيس بشار
وبدل ان
يتخلى عن اثقال
والده وان
يحتفظ بقيمه
فعل العكس اذ
احتفظ
بالأثقال
وتخلى عن القيم
ما عدا مسألة
تحرير
الجولان ولكن
بالطريقة
التي يعرفها.
في فترة
الانفتاح
السياسي في
البداية، شكل الامن في
سورية اول
طوق على حركة
الرئيس الاسد
تحت شعار ان
الامن
سيد الاحكام.
وبعد فترة
تدخَّل سوسلوف
حزب البعث عبدالحليم
خدام وبدأ
ينظر الى
مسألة
الاعتقالات
وكأنها
طبيعية، ونسي
انه وأولاده
كانوا لفترة ليست
بعيدة معرضين
للاعتقال.
وانطلقت
نظرية تماسك
الحزب في وجه
الرأي العام
وليس لاقناع
الرأي العام. انا
تقديري انه
عندها وضع
الطوق الثاني
حول الرئيس
بشار وهو
الطوق
الحزبي، اذ
أقنعوه بأنه
لا أمان من
دون الطوق الامني
اولاً
والطوق
الحزبي
ثانياً فيبقى
الشعب السوري
خارجهما،
فاختار الاسد
الأمن العام
بدلاً من
الرأي العام.
طوقان في
الداخل
وقراءة خاطئة
للتطورات في العالم،
فكان طبيعياً ان جزءاً
من هذه
السياسة
لبنان، كما
كان طبيعياً ان تصاب
علاقتهم
السياسية
بلبنان
بتدهور. وأصبحوا
يعتقدون بأن
في امكانهم
فعل ما
يريدون. ويقول
الدكتور اياد
علاوي
عندما كان في
بيروت انه
اتصل بالرئيس الاسد قبل
التمديد الاخير
للرئيس لحود
وقال له ان
الاميركيين
غير موافقين اطلاقاً
على مسألة
التمديد،
وبعد جدل قال
له علاوي ان اصراركم
على التمديد اشبه
بانتحار
سياسي، فرد الاسد
حرفياً:
«انتحار سياسي
مع تمديد افضل
من انتحار
سياسي من دون
تمديد».
الرئيس حافظ الاسد
كانت لديه
ميزة انه في اصعب الاوقات
لا يقفل كل الابواب،
فانتقلنا الى
سياسة اخرى
معاكسة
تماماً. فعدم
التمديد لم
يكن رضوخاً للضغوط
الاميركية
وانما
اعترافاً بالشرعية
الدولية التي
نشأت، وفي
الواقع.
أنا
معلوماتي انه
عندما جاء
وزير
الخارجية الاميركي
كولن باول
عام 2003 الى
سورية وقابل
الرئيس الاسد
وأجرى معه
محادثات حول
مسائل عدة
منها المفاوضات
العربية – الاسرائيلية
ومنها لبنان
ومنها مكاتب
«حماس»
و»الجهاد الاسلامي»
في دمشق،
ومنها
العراق، يؤكد
الجانب الاميركي
انه تم
الاتفاق على
نقاط محددة
منها الانسحاب
من لبنان ما
عدا البقاع
قبل نهاية
العام 2003.
وطبعاً هذا الامر لم
يتم، ولم يتم
الالتزام
بمعظم بنود
التفاهم.
وبعدها
اقتربنا من
موضوع محاسبة
سورية، وبعدها
وصلنا الى
القرار الرقم
1559. ثم جاء ارميتاج
وبعده وليام
برنز، وكان
الرد السوري ان ما حصل
في الجلسة هو
استماع وليس
اتفاق، ففقد الاميركيون
صوابهم، فهم
بحوزتهم محضر
الاجتماع.
هذه هي
المقدمات
الفعلية
لانهيار
العلاقة بين
النظامين
اللبناني
والسوري
والتي سنشهد فصولاً
اخرى
منها.
في رأيك من
قتل الرئيس
رفيق
الحريري؟
- جنائياً
لا أعلم، ولكن
اعتقد بأن
المسؤول سياسياً
عن قتل الرئيس
الحريري هو
سورية. ولكن
اعتقد ايضاً
بأن قتل
الرئيس
الحريري جزء
من مخطط كبير
للمنطقة،
وليس جزءاً من
العلاقات
السورية –
اللبنانية.
وأعتقد بأن
قتله هو
محاولة لاخلاء
الساحة
السنية من
زعامة بهذا
الحجم تمتد من
بغداد الى
دمشق مروراً بالاردن
ووصولاً الى
لبنان. ما
مكّن قيام ما
سماه الملك عبدالله
الثاني الحلف
الشيعي في
المنطقة
بوجود شخص بحيوية
وقدرة وزعامة
رفيق الحريري.
والشيعية هنا
كلمة سياسية
وليست كلمة
دينية. في السياسة
هناك اجماع
محلي ودولي
على
المسؤولية
السياسة
للنظام السوري
عن مقتل
الرئيس رفيق
الحريري.
خصوصاً ان
ذلك سبقه
محاولة قتل
أمير
الاعتدال في
لبنان مروان
حمادة. وسبق
ذلك صاروخان انذار اطلقا
على تلفزيون
«المستقبل»
قبل اكثر
من سنة من
عملية
الاغتيال.
وعلى كل حال
الرواية التي
نُقلت عما قيل
في الاجتماع
الذي جرى بين
الرئيس بشار الاسد
والرئيس
الحريري قبل
التمديد، عزز
هذا الانطباع.
ولكن ما هو
غير معروف انه
حصل اجتماع بينه
وبين الرئيس الاسد في
كانون الاول
(ديسمبر)
العام 2003، وكان
هذا الاجتماع
أسوأ من الاجتماع
الاخير بكثير،
لأن الضباط
المعنيين
بالملف
اللبناني
حضروا هذا
الاجتماع، أي
اللواء غازي
كنعان
والعميد رستم
غزالة
والعميد خلوف.
كان هذا
الاجتماع
أسوأ اجتماع
عقده الرئيس الحريري
في حياته، ومع
ذلك كان
صبوراً.
ماذا حصل في
هذا
الاجتماع؟
حصل فيه جدال
سيئ وتخللته
كلمات نابية،
وكانت هناك
مضبطة اتهام
طويلة
ووهمية، ومنها
ان هناك مسؤولاً اميركياً
وصل من طريق
مطار بيروت
وقابله سراً
من اجل التحضير
لقرارات.
وطبعاً كانوا
يتكلمون عن مساعد
وزير
الخارجية الاميركي
الذي من
المستحيل ان
يصل الى
بيروت على هذا
النحو. والامر
الثاني انه
عندما كان في
عمان طلب من
الملك عبدالله
ان يتوسط
مع الاسرائيليين
لعدم اتمام
مبادلة الاسرى
في الوقت الذي
كان فيه
الرئيس
الحريري يجري
اجتماعات
مكثفة مع
الأمين العام
لـ»حزب الله»، وهو
كان في عمان
لمسألة تتعلق
بمساهمته في
البنك العربي.
وثالثاً
ورابعاً
وخامساً... ومع
ذلك صبر
الرئيس
الحريري ولم
يتحدث ابداً
عن هذا
الاجتماع
وانتظر
الضباط حتى
خرجوا وسألهم
أين يمكننا ان نكمل
حديثنا؟...
فتوجهوا الى
منزل كنعان
وأصبح الكلام
هادئاً اكثر...
ولكن ما جرى
كان قد جرى.
ما الذي دفعك
للاعتقاد بأن
اغتيال
الحريري هو
استهداف
لشخصية سنية اولاً؟
- اعتقد
انه منذ 25 الى
30 منه، السنّة
في لبنان
مستهدفون،
وعندما تعود الى
التاريخ صار
عملياً مقتول
خمسة رؤساء
حكومات سنة، اولاً
رياض الصلح الى صائب
سلام الذي نفي
سنوات طويلة
وعاد وتوفي بيروت،
الى تقي
الدين الصلح
الذي غادر
مرغماً بيروت
وتوفي في
باريس، الى
رشيد كرامي
الذي اغتيل في
الطائرة
وصولاً الى
رفيق
الحريــــري،
وقتل ايضاً
زعيم سني كبير
هو المفتي حسن
خـــالد.
السنّة
يعانون من
مشكلة عربية،
ففي الوقت الذي
يعتقدون
بأنهم هم
عروبة لبنان،
في الوقت نفسه
اي خلاف
عربي يقع
عليهم. بعد
مقتل الرئيس
الحريري امتصهم
السعوديون
والمصريون،
وبعد جهود
الأمير عبدالله
بن عبدالعزيز
والرئيس حسني
مبارك، بدا ان هناك
احتضاناً
لمصابهم،
ولكن المطلوب
هو استمرار
هذا الاحتضان.
السنّة في
لبنان هم
أهل اعتدال في
السياسة. هذه
الحال السنية
المسالمة
والمعتدلة لم
تتمكن من ان
توجد نسيجاً من
الحماية
الطبيعية مع
أي وضع عربي.
علماً ان
السعوديين
لعبوا دوراً
كبيراً في هذا
السياق، ولكن
المطلوب
يتعدى
الاحتضان. حتى
على مستوى
المؤسسات،
فمؤسسة
المقاصد
وضعها المالي حالياً
يرثى له، ولا
من يهتم، فبعد
وفاة صائب سلام
تدهورت الامور
في المؤسسة.
وغيرها من المؤسسات
التعليمية
والاجتماعية.
لا اعتقد بأن
عائلة
الحريري وسعد
الدين
الحريري
سيتخلون عن
هذه المهمة،
ولكن قدرة الاشخاص
لا يمكن ان
تكون منتظمة
وملتزمة
بالطريقة
نفسها التي يمكن
ان تقوم بها دول
لرعاية هذه
المؤسسات
الحاضنة
للاعتدال والمنتجة
لمسلمين
معتدلين في كل
المجالات.
غداً حلقة
ثانية تتناول
حكاية مغادرة
المشنوق مكتب
الحريري
ومعلومات عن
مرحلة ما بعد
الاغتيال.
لهذه
الأسباب
أُبعدت من
مكتب الحريري...
وطه ميقاتي
أعادني الى
بيروت (2 من 2)... المشنوق:
لحود أراد ردم
الحفرة في
اليوم الأول
فنصحته بتولي
التحقيق اذا
لم يكن هو
الفاعل
بيروت – حازم
الأمين
الحياة 2005/05/13
الرئيس رفيق
الحريري ونهاد
المشنوق
وبينهما نجل
الأول سعد
الدين.
يجيب نهاد
المشنوق في
الحلقة
الثانية والاخيرة
من الحديث معه
عن أسئلة
تتعلق بمسألة
إبعاده عن
مكتب الحريري
ثم يعطي رأياً
او
توقعاً في
مستقبل زعامة
آل الحريري،
ويختتم بحكاية
الانفجار
الذي أودى
بالحريري
وبزيارة قام بها
للرئيس لحود،
بعدما هاله الاهمال
المتعمد في عملية
التحقيق.
كنتَ من أكثر
المقربين من
الرئيس
الحريري الى
ان طلب
السوريون منه ابعادك عن
مكتبه في
العام 1998. ما
الذي حصل
ولماذا ضغط
السوريون على
الحريري لابعادك؟
- في
اللحظة الاولى
التي اختارني
فيها الشيخ
رفيق الحريري
لأكون احد
معاونيه في
لبنان سنة 1989،
كان واضحاً ان الموقف
السوري مني هو
موقف سلبي،
وعبَّر عن ذلك
نائب الرئيس
السوري عبدالحليم
خدام بالقول
له: «شو بدك فيه
لنهاد
المشنوق، هذا صوفته
حمراء»، فرد
الحريري مازحاً:
«بسيطة منغسلها
بتصير
زهر». ولم يأخذ
بهذه النصيحة
من بدايات
العمل معه.
ما أريد ان
أصححه بهذا
المعنى ان
الرئيس
الحريري لا
تعمل معه، بل
تعيش معه. تعيش
على صوت فتحة
الباب عندما
يصحو وتذهب على
صوت اقفال
الباب عندما
يذهب الى
النوم. هذه
طبيعة العمل
مع الرئيس
الحريري
بالنسبة الى
المقربين اليه.
استمر هذا
الجو، وحاولت
قدر الامكان
ان اثبت انني غير
ما يعتقدون. ليست
لدي عواطف
مسبقة سلبية
من النظام
السوري. طوال
سنوات لم اعمل
على اقامة
علاقة مباشرة
معهم او
مع المسؤولين
منهم. كنت
اذهب دائماً
مع الرئيس
الحريري الى
الشام لمدة
عشر سنوات
ولكن لم اذهب
مرة معه لمقابلة
أي مسؤول
سوري. حتى مسؤولو
الامن في
لبنان كنت
أعرفهم وألتقيهم
انما
نادراً، ولم
تكن لي صلة
مباشرة معهم او علاقة
تسمح بتبادل
الرأي في
مسائل عدة.
مرت فترة
طويلة حصلت
فيها اشكالات
سياسية كبيرة
في البلد او
بين الحريري والهراوي او مع
مجموعة
سياسيين
محسوبين على
الخط السوري،
كانت تنتشر اشاعات ان نهاد
المشنوق قال
كذا أو فعل
كذا او
انه منتمٍ
للجمعية الفلانية،
ولكن كانت تلك
باستمرار
ظواهر عابرة اكثر من انها تؤسس
لموقف مني.
سنة 1997 لاحظت
تغيراً في
العلاقة بيني
وبين الرئيس الحريري.
وكنت
تعودت على
مسألة انه
عندما كان
يسمع موقفاً سورياً
مني تتغير
ملامح وجهه،
ويصير يلزمه
وقت للتخفف من
الحوار
المباشر معه. لاحظت
حينها هذا الامر،
فألححت عليه
لمعرفة
المشكلة. قال ان العماد
حكمت الشهابي ايضاً
تفضل علي
باتهامات،
وقال له انه
لا يجوز ان
يبقى نهاد
المشنوق في
موقعه الى
جانب الرئيس
الحريري، وانني
من السنّة
المتطرفين «سنّة
سكر زيادة». وان
هذا يسيء
للرئيس
الحريري
ولسياسته. انا
متأكد من ان
الرئيس
الحريري دافع
في هذا
الموضوع
واعتبر انني
أنفذ سياسته اياً تكن
هذه السياسة. استأذنته
للذهاب
لمقابلة
اللواء غازي
كنعان، فقبل
على مضض لأنه
لم يكن يرغب ابداً ان
يكون
لمعاونيه
القريبين أي
علاقة او
صلة مباشرة بالمسؤولين
السوريين،
وكان يعتبر ان هذا ملف
استراتيجي
وهو من يتسلمه
مباشرة من ألفه
الى يائه. طلبت
موعداً من
اللواء كنعان
وذهبت اليه،
وأخبرته ما
سمعته، فرد
مستغرباً
وقال ان
العماد
الشهابي من
المتعارف
عليه انه لا
يدخل في هذه
التفاصيل وهو
غير متابع الى
هذا الحد. ولكن
كنعان طلب مني
ان ازور
الوزير دلول
في منزله
وأكلمه في هذا
الامر. استغربت
الربط،
وأوحيت بأنني
متمنع، ولكن
بعد إلحاح منه
نزلت وطلبت
موعداً من دلول
الذي كان في
حينها يخوض
حملة شعواء
على كبار
الموظفين
المقربين من
الحريري في
الدولة بسبب
عدم توظيف
مناصرين له،
وإهمال بعض
مطالبه.
لم افهم
كثيراً الصلة
بين ما قاله
الشهابي وبين دلول،
وحملته على
المقربين من
الحريري. عند دلول حصل
حوار حول
شكواه من
المقربين من
الحريري وتصرفهم
تجاهه في الادارة.
حاولت اقناعه
انني لست
معنياً
بمسألة الادارة
وهو لم يسبق ان حدثني
عن هذا
الموضوع، وان
ليست لي علاقة
بهذا الأمر. ولاحقاً
استوضحت
وتبين ان
اللواء كنعان
رغب في
الاستعانة
بالوزير دلول
الذي تربطه
صداقة قديمة
مع العماد
الشهابي لحل
هذه المشكلة. وانتهى
الموضوع عند
هذا الحد. ولكن
كان واضحاً ان هناك
قراراً
كبيراً وليس ظرفياً
وطارئاً.
سارت الايام
حتى صيف العام
1998 وانتقال
الرئيس
الحريري الى
السراي
الكبيرة. فتأجل
انتقال مكتبه الاعلامي الى
السراي
الكبيرة في
ذلك الحين،
بحجة ان
هناك حديثاً
في البلد عن
استخدام
الحريري موظفين
ومساعدين في ادارة
مؤسسات
الدولة بدلاً
من الإتيان
بموظفين من
داخل الادارة.
وطبعاً لم يكن
هذا الكلام
مقنعاً، وكان
واضحاً ان
هناك كلاماً
من نوع آخر. تركته
في حينها اسبوعاً
الى عشرة ايام، ولا
بد من ظرف
مناسب للكلام
ببساطة. لم
يأت الكلام
لوحده،
فبعدها ذهبت الى
الرئيس
الحريري في
فقرا وجلست
معه نحو ثلاث
ساعات،
تحدثنا عن كل
شيء. في العمل
والسياسة والامور
الشخصية
والعائلية. كانت
جلسة مهمة. وألححت
عليه في مسألة
الموقف
السوري
مجدداً، فأصر ان ليس
هناك أي جديد. واستمر
الجو نفسه. وشعرت
انه لا يمكن
الاستمرار
بهذه الطريقة اذ شعرت
بأنها مسألة
محرجة لي. صرت اعمل عبر
الفاكس. كتبت
استقالتي في
آب (اغسطس) 1998،
وصدفة زارني
صديقان فعرضت
عليهما ما
أنويه. فأقنعوني
بضرورة
الانتظار
قليلاً. استمررت
بعدها بالعمل
قدر الامكان
الى ان
جاء وقت كان
الرئيس
الحريري ينوي
الذهاب الى
نيويورك
للقاء الأمين
العام للأمم
المتحدة. فرتبت
الرحلة،
وذهبت برفقته
في الطائرة، لكنني
كنت في حينها
مقلاً
بالكلام. في
نيويورك شعرت
بأن الغيمة
بدأت تزول. كان
يوم ثلثاء
على ما اذكر،
اتصلت بصديق
لي هنا وهو من
المطلعين على
الموقف الامني
والسياسي
السوري. وبعد
التحية قال لي:
«ألم
يخبرك صاحبك؟»،
قلت له: بماذا؟
قال كان يوم الاحد
الماضي عند اللواء
غازي كنعان
الذي ابلغه ان لديهم
معلومات تقول انني ازود
الاسرائيليين
بمعلومات عن
الوضع في
لبنان بسبب
موقعي في الادارة
السياسية،
عبر صحافي
فرنسي، وأن
هذا الصحافي
الفرنسي يجري
اتصالاً
بجبريل الرجوب
الذي يوصل المعلومات
الى الاسرائيليين.
طبعاً
الرواية مختلقة
وليس فيها
أي جملة صحيحة.
شعرت في حينها
بعبء كبير،
وفوجئت ورحت
أسأل عن الاسباب.
في حينها كان
الرئيس اميل
لحود قد انتخب.
فهمت القصة
واستنتجت
سياسياً ماذا يعني هذا
الكلام.
اول رد فعل
كان قرار
العودة الى
بيروت. صعدت الى
الطائرة مع
الرئيس
الحريري وكنا
عائدين من نيويورك
الى
باريس. لم افاتحه
بما اعلم،
وكنت انتظر هو
ان
يبلغني، وبعد
قليل طلبني
الرئيس
الحريري الى
غرفته في
الطائرة. اخبرني
بالموقف
السوري حيالي.
في ذلك الوقت
انفعلت قليلاً،
لأنني كنت
اعتبر انه لو
كانت هناك علاقة
طبيعية بيننا
وبينهم (نحن
المعاونين) لم
تكن الامور
لتصل الى
ما وصلت اليه.
الامتناع
كلياً عن
الاتصال بهم
ومقابلتهم لا
يأتي الا
بهذه النتيجة.
قلت له ان
هذا الامر
سببه هذه
السياسة، قال
لي ان الامر
قابل للحل،
فقلت إن المسألة
لن تحل. سألني
رأيي، فقلت انني اعتقد
بأن هذا الامر
قرار نهائي. وعندما
وصلنا الى
باريس، ذهب هو
الى
منزله، وأنا اكملت الى
بيروت. وبدأ
الصراع
المعنوي. انتشر
الخبر. ورحت
أتوجه الى
مكتبي كل يوم
وأمارس عملي،
وتركت للرئيس
الحريري حرية
تكليفي
بمهمات او
عدم تكليفي. هو
كان محرجاً
جداً في هذه
المسألة فكان
يعتبر ان
هذا الامر
يعطي صورة عنه
انه لا يستطيع
ان يحمي
جماعته. وبعد
فترة قلت له
انه لا يجوز
الاستمرار في
هذه اللعبة
فهم بكل بساطة
يطلبون ان
أكون خارج
محيطك وعلي ان أخرج. وأنا
مستعد لكن
بشرط واحد هو ان
يتراجعوا عما
قالوه علناً
وصراحة.
كانت قد مرت
ثلاثة اشهر
على هذه الاخبار
وأنا اداوم
في المكتب،
ويأتي الي
ضباط ويوصلون
رسائل
وموفدين
بعضهم يحمل
تحذيرات
وتنبيهات،
وأنا اسمع
وأقول لهم انني
اعمل مع
الرئيس
الحريري وهو
الذي عليه أن
يأخذ القرار.
وصودف ان
وزير
الداخلية في
ذلك الحين ميشال
المر الشجاع
فعلاً، كُلّف
بسؤالي عن
مضمون هذا
الكلام، من
قبل اللواء
كنعان
والرئيس
الحريري. جاء الي الى
المكتب وكان
يضحك وقال لي
هناك رواية
تقول كذا كذا،
فقلت له جيد،
وفندت له
الرواية، من ان ليس لدي
صديق فرنسي
على الاطلاق،
فضلاً عن انني
لا اجيد
اللغة
الفرنسية اصلاً،
وصولاً الى
أنني لا اعرف
جبريل الرجوب.
في الوقت
نفسه يحاولون
نشر خبر في كل
الصحف اللبنانية
عني بما يتضمن
اتصالي بهذه
الجماعات. لكن
الصحف امتنعت
عن نشر الخبر. الى ان
وجدوا صحيفة
نشرته تحت
عنوان ان
هذا المستشار
المتهم من دون
ان تسميه
لن يعود الى
بيروت بسبب
هذه التهمة.
كان ميشال
المر صادقاً
وجدياً
بالدفاع عني. وذات
مرة ذهب الى
اللواء كنعان
برفقة ابنه
وزير الدفاع
الحالي الياس
المر، وتحدث
معه عن قضيتي
وكان واضحاً ان الامور
صعبة. فجاء الى
الرئيس
الحريري
وأبلغه،
وذهبت انا
اليه في
الداخلية
وأخبرني.
قلت للرئيس
الحريري انهم
يريدونني ان
اترك العمل
والبلد وأنا
لا امانع
لكن شرط ان
يتراجعوا عن
هذا الكلام. فأنا
لا استطيع ان
اخرج من البلد
وعلى أكتافي
تهمة من هذا
النوع الى
أي مكان في
العالم. لا
أحمل ان
اذهب الى
المنزل
وأقابل اولادي.
الأسوأ ان
الامور
كانت حادة،
سورية في
مرحلة
انتقالية،
الرئيس حافظ الاسد
يسلم ابنه مع
تراجع في صحته.
وكانت ازمة
حكمت الشهابي
عمرها اشهراً
ولا تزال على
حدتها،
والحليف
الآخر
للشهابي وهو عبدالحليم
خدام يشعر بأن
عليه ان
يزيد من
القتال في
مسألة
الخلافة
والوراثة ويستعمل
أهم أسلحته
وهي رفيق
الحريري. واميل
لحود يتسلم
رئاسة
الجمهورية. ووسط كل
هذه الظروف
المطلوب
تسوية لنهاد
المشنوق.
اصررت على انني
لا اترك مكتبي
وتهمتي معي. وبعد
جهد جهيد
وبإلحاح
وإصرار من
الرئيس الحريري
على نائب
الرئيس خدام،
قال لهم ان
نهاد يريد ان
يغادر الى
مصر، فهل
تريدون شيئاً
منه، فرد
احدهم: «يريد ان يذهب
ليلاقي اصحابه
هناك». فرد
الرئيس
الحريري «فليذهب
اينما
يريد ولكن قبل
ذهابه يجب ان
نجد طريقة لازالة
ما علق به
من آثار هذه
التهمة». وكان
المخرج أن
ازور معه كلاً
من اللواء
كنعان ونائب
الرئيس خدام،
وعندما
يستقبلانني
ويذاع الخبر،
ينتهي
الموضوع عند
هذا الحد
لأنهم (أي
السوريون) طبعاً
لا يستقبلون
عملاء لاسرائيل.
في أول تشرين
الثاني (نوفمبر)
سنة 1998 قصدنا عنجر،
وسألني
الرئيس: «تريد ان تراه
قبلي او
بعدي؟»، فقلت
طبعاً بعد ان
تراه أنت،
فانتظرت في
فندق بارك اوتيل
في شتورة
وبعد نحو ساعة
طلبني الرئيس
وتوجهت الى
عنجر. دخلت
على الرئيس
وعلى كنعان. تحدثت
عن قضيتي، فرد
كنعان انه يجب
ان أنسى
هذه القصة،
فرددت بحدة انني لا
استطيع ان
انسى
خصوصاً انني
اتهمت بأنني
عميل اسرائيلي
فهل تعتقد بأن
لدي غير سمعتي
أورثها
لأولادي؟
فتدخل الرئيس
الحريري وهدأ الاجواء،
ثم ذهبنا الى
أبو جمال.
وأذيع خبر
استقبالي من
جانب المسؤولين
السوريين
ونشرته
الصحف،
وانهالت علي
الاتصالات
مستفسرة. ونهار
الخميس كان
يجب ان
أغادر الى
باريس تاركاً
عملي ومكتبي. وأثناء
توجهي الى
المطار اتصل بي النائب
نادر سكر،
وقال لي ان
اللواء كنعان
طلب منه ان
يبلغني انه
يجب ان
اصدر بياناً اقول فيه انني
التقيت على
وجه السرعة
وبعد انتظار
نحو ساعة في
الخارج مع
اللواء
كنعان، وان
ليس للأخير أي
علاقة بمحو ما
وجه الي
من تهم
التعامل مع اسرائيل،
وان هذا
الموضوع يبته
القضاء
اللبناني،
وان علي أن
أوقع البيان
باسم
المستشار
السابق لرئيس
الحكومة. فقلت
له ان
يصدر البيان
هو، وانني
مسافر الآن، وانني لم اصبح حتى
الآن
مستشاراً
سابقاً، وان
هذا الامر
يقرره الرئيس
الحريري.
على الطائرة
تلقيت اكثر
من 20 اتصالاً
في محاولة
لدفعي لكتابة
البيان ورفضت،
وتولى الرئيس
الحريري
تبريد الاجواء.
بقيت في
باريس لأكثر
من سنة، الى
ان
التقيت
وبالصدفة
يوماً الرجل
النبيل طه ميقاتي
شقيق رئيس
الحكومة
الحالي نجيب
ميقاتي. سلمت
عليه ودعاني الى مقهى
قريب وسألني
عن مشكلتي
فرويتها له،
فرد انه عائد الى بيروت
بعد نحو 15
يوماً، ومن
المعروف ان
هناك علاقة
مودة تربطه بالرئيس
بشار الاسد.
وعد بحل
المشكلة
وفعلاً بعد ان عاد الى
بيروت وزار
الشام اتصل بي وقال لي ان مشكلتي
حلت وصار في امكاني
العودة الى
بيروت.
الحريري
برفقة الوزير
السابق فؤاد السنيورة
ونهاد
المشنوق
ويظهر في
الصورة
اللواء علي الحاج.
عدت الى
بيروت وذهبت
في اليوم
الثاني الى
منزل الرئيس
الحريري حيث
كان يتقبل
التعازي بوفاة
والده،
فاستقبلني
بشكل دافئ
جداً، وكذلك
استقبلني
جميع من حوله
بالحرارة
نفسها. ولاحظ
الجميع
مجيئي،
وانهالت علي
الاتصالات،
وبعد نحو
ثلاثة ايام
اتصل بي
طه ميقاتي
مجدداً وقال
ضاحكاً ان
الشباب لا
يريدونك في
بيروت في شكل
دائم وان علي ان اقيم
فترة في بيروت
وأخرى في
الخارج حتى لا
تفسر عودتي
بأنها عودة الى العمل. واستمر
هذا الوضع بين
الاقامة
في باريس ثم الاقامة
المتقطعة في
بيروت نحو
ثلاث سنوات.
الى ان
عدت يوماً
فاستقبلني
الرئيس
الحريري
وأذيع الخبر
فاتصل بي
اللواء كنعان ودعاني
اليه
فزرته وكانت
جلسة بمثابة
اعتذار مني.
ما هي اسباب
الموقف
السوري منك؟
- هم
يعتبرون انني
ذراع الرئيس
الحريري
العسكرية، أي
المقاتل في كل
الظروف، وانه اذا كان
هناك من امل
في التعاون
بين الرئيس
لحود وبين
الرئيس الحريري،
فهذا الامل
لا يمكن ان
يتم بسهولة
طالما انني
موجود في
موقعي. كما
يعتبرون انني
مارست دوراً
حاداً في
مسألة النظام العسكري
والنظام الامني،
وقمت بحملة اعلامية
حادة وقوية في
مقابل الحملة الاعلامية
التي قام بها
في ذلك الحين
نائب مدير
المخابرات
جميل السيد
لضرب أساس
النظام
المدني
وتخوين الجميع،
واعتبار
الجميع
فاسدين وقتلة
ومجرمين، والحل
هو قائد الجيش.
والمشكلة
الثانية انهم
يعتبرونني
سنياً «سكّر
زيادة»، وانني
لست من اهل
الاعتدال في
السنة. وطبعاً
كل هذا الكلام
غير صحيح. كانوا
يعتبرونني الاول بين
معاونيه ولدي
قدرة على
القتال
والشراسة السياسية،
ولهذا يجب ألا
أكون
موجوداً،
ويقولون انهم
صبروا علي ما
يكفي، ولم يتم
تجنيدي كل هذه
المدة، ولم
يتم التفاهم
والتنسيق معي.
ماذا جرى منذ
اغتيال
الحريري وحتى
اليوم؟
- عندما
سمعت السفير جوني عبده
يتحدث انه
كانت هناك
ضمانات
فرنسية ودولية
بأن احداً
لن يتعرض
لحياة الرئيس
الحريري،
دققت انا
في هذا الامر
وسألت،
فاكتشفت انه
في رحلته الاخيرة
الى
فرنسا طرح
عليه الرئيس
جاك شيراك ان
يبقى في باريس
لفترة حتى
تهدأ الامور،
لأنه كانت لدى
الفرنسيين
معلومات جدية
عن مخاطر قد
يتعرض لها
فكان جوابه «لا
أحد يجرؤ». وحول
موضوع السفير
عبده ايضاً
لدي تعليق. سمعته
يتحدث عن
مصطفى حمدان (قائد
لواء الحرس
الجمهوري) ومسؤوليته
عما جرى. اعتقد
بأن لا مسؤول
امنياً في
لبنان اسمه
مصطفى حمدان. حمدان
ضابط في الجيش،
مسؤول عن
أمن رئيس
الجمهورية
فأي قرار في
القصر الجمهوري
المسؤول عنه
هو رئيس
الجمهورية
شخصياً. وبالتالي
لماذا
الالتفاف على
المسؤولية.
في الحقيقة
سمعت روايات
كثيرة عن
مسألة التحقيق
الذي حصل بعد
اغتيال
الرئيس
الحريري،
وجزء منه يدين
بشكل مباشر
رئيس الجمهورية.
ومن خلال
قراءتي
للأمر، سواء
عبر اصدقاء
او
متابعة
التصريحات،
اكتشفت ان
هناك جريمة
ثانية ترتكب
اسمها جريمة
التحقيق، لأن
وزير العدل (السابق
عدنان عضوم)
يصحو على
سيادة وينام
على لجنة
تحقيق دولية. ووزير
الداخلية (السابق
سليمان
فرنجية) يقول ان هذه
الطريقة هي
التي نحقق بها
في لبنان منذ
الاستقلال. لم
يجد أحد كلمة
سوية وطبيعية
ليخفف من
ارتباك الناس.
كنت في عشاء
والتقيت
وزيراً قال لي
انه سمع في
مجلس الوزراء
حديثاً
جانبياً بين
وزير الاشغال
وبين رئيس
الجمهورية
حول سحب
السيارات
وتعبيد
الطريق في
النهار نفسه
الذي تم فيه
الانفجار. لم
أصدق ذلك،
واعتبرت ان
هناك شيئاً ما
يجري في مكان
ما. افهم ان
تكون الاجهزة
الامنية
والوزراء
المعنيون
مرتبكين حيال
جريمة في هذا
الحجم،
ولكنني لا
افهم ان
يكونوا أميين الى هذا
الحد. دفعني
ذلك لمتابعة
الموضوع
والسؤال، واذ
يحصل اجتماع
في البلدية
بحضور
المحافظ
ومدير عام
الطرق
والمباني وشخص
ثالث للبحث في
مسألة فتح
الطريق،
وعلمت ان
فادي النمار
(مدير عام
الطرق
والمباني) يقول
انه يريد اذناً
من النائب
العام،
لنفاجأ
لاحقاً ان
هناك اذناً
من قاضي
التحقيق رشيد
مزهر بسحب
السيارات، وفتح
الطريق
وتعبيدها. في وقتها
نزل سعد الدين
الحريري الى
موقع الجريمة
وارتبك
الجميع ولم
يعد هناك مجال
لاستمرار هذه الاعمال. ومن
خلال التدقيق
تبين ان
وزير الاشغال
طُلب منه بأن
يقوم بمهمة
طمر الحفرة،
فاعتذر الوزير
لأن الأمر ليس
من اختصاصه. وسألت
اصدقاء
في الامم
المتحدة،
فاكتشفت ان
لقاءات (رئيس
بعثة التحقيق
الدولية) فيتزجيرالد
مع المسؤولين
الامنيين
كانت مضحكة،
وأجوبتهم
كانت هشة.
استمررت
بمتابعة
الموضوع وكنت
كلما سمعت اكثر
يزداد شعوري
بفداحة ما
يجري. طلبت
موعداً من
رئيس
الجمهورية
على رغم معرفتي
بأن هذا الامر
لا يرضي
كثيرين من
الناس. ذهبت الى
الرئيس وقلت
له ان
لجنة تقصي
الحقائق
ستكشف كل
التقصير
والإهمال
والفشل. وقلت
له انه اذا
لم يرفع دم
الرئيس
الحريري عن الارض فلن
يكون هناك
مجال لتفادي
الكارثة. وقلت
له في المرحلة
المقبلة
ستقوم جبهة
عريضة
للمطالبة
بتنحيتك،
وخروج الجيش
السوري لم يكن
مفاجئاً وهو
نتيجة سياسة
أوصلتنا الى
هنا. وقلت له: «ان فخامتك
وصلت على رأس
مثلث اسمه «حزب
الله» والاجهزة
العسكرية والامنية
وسورية، وأنت
قائم على هذا
المثلث. وصلت
لهذه الغاية،
وهذه الغاية
انتهت، والحل
الوحيد امامك
ان تشارك
شخصياً
بمسألة
التحقيق وان
توصله الى
نتيجة فعلية، الا اذا
كنت انت
من فعلها»،
وأضفت: «في
المرة الاولى
تمت حمايتك من
قبل سورية وفي
المرة الثانية
حماك
البطريرك. في
المرة
الثالثة لن
يحميك احد»...
لكنني لا
اعتقد بأنني
تمكنت من
تغيير شيء في
هذا الكلام.
كيف تصف
علاقة الرئيس
الحريري بـ»حزب
الله»؟
- بالتأكيد
كان لديه هم
حماية «حزب
الله»، والبحث
كان بالوسائل
وليس بالمبدأ.
«حزب الله» حرر
جنوب لبنان،
وهذه مسألة
بالنسبة الى
شخص من اصول
قومية عربية
مثل رفيق
الحريري ليست
تفصيلاً. انها
مسألة
تأسيسية ولا
بد من اخذها
في الاعتبار.
ما يطرح الآن
حول سلاح «حزب
الله» ليس
امتداداً
لقناعات
الحريري. انه
سلاح شريف ولا
يجوز التعاطي
معه او
قراءته او
مناقشته على
انه سلاح. انه
قضية، وقضية
محقة. أي
افتعال الآن
لسلاح «حزب
الله»، يوحي
وكأنه ثمة من
يريد ان
يعاقب هذه
المقاومة. اضافة
الى ذلك «حزب
الله» تنظيم
جدي وله جذوره
وله جهاز امني
جدي وعسكري،
وهو يحتاج
وقتاً طويلاً
ومفاهيم
ووجهات عربية واسلامية لاقناع «حزب
الله» بالانتقال
الى
الوضع الجديد.
أذكر ان
في اللقاء الاول
بين الرئيس
الحريري
والسيد حسن
نصر الله سنة 1992،
حضرته انا،
وكان السيد في
حينها الأمين
العام الجديد
للحزب وشاباً صغيراً
منتخباً
حديثاً،
ذهبنا برفقة
الزميل مصطفى
ناصر، وحصل
حوار بين
الاثنين حول
مسائل قتال اسرائيل
وغيرها. وقال
الرئيس الحريري
للسيد نصر
الله ممازحاً:
«أنا مستعد
لتقديم أي شيء
لدعم أي حركة
لتحرير الارض
اللبنانية او
العربية ما
عدا أن أموت». لم
يكن الرئيس الحريري
يشعر اطلاقاً
بأي نوع من
الصراع مع «حزب
الله». قد تمر
فترات يكون
فيها على خلاف
سياسي مع الحزب
وكان يحيل هذا
الخلاف دائماً
الى
علاقة الحزب
مع سورية،
ولكن لم يكن
هناك دائماً
أي نوع من
الصراع.
كيف يمكن ان
تصور نوع
الفراغ الذي
تركه
الحريري؟
- الحريري
ترك فراغاً
كبيراً وهائلاً،
وليكن الله في
عون من سيحاول
ملء هذا
الفراغ.
في رأيك
نجله وخليفته
سعد الدين
سيتمكن من
ذلك؟
- لسعد
ميزة، وهي انه
تربى في الارض
نفسها التي
تربى فيها
والده وهي
المملكة العربية
السعودية،
ولسعد رغبة في
العمل السياسي
منذ زمن، وهو
صبور ايضاً
وهي مقدرة
مشابهة
لمقدرة والده
على رغم صغر سنه.
فالتجربة
السعودية
علمته أموراً
كثيرة. لديه
قدرة على الاحاطة
بالناس سواء
داخل العائلة او في
العمل وهو في
طبيعته محب
وكريم، وعقله مسيس ولكن
في الوقت نفسه
ورث تجربة
كبيرة
ومفاهيم وصلات،
وهذه بمقدار
ما تساعده
وتفتح له
الطرق،
بمقدار ما
تُتعبه. ومن
جهة اخرى،
صحيح ان
والده رجل
كبير، ولكن
هناك خلافات
بين اللبنانيين
على مفاهيم والده،
وهناك امور
كثيرة تحتاج الى نقاش. الاكيد ان لديه
الرغبة
والقدرة
والصبر. وهذه
عناصر أساسية.
في البداية،
وهذا امر
ايجابي اكيد،
ان عمته
السيدة بهية اخذت عنه
حملاً
كبيراً، وهو
وجه المقارنة
بينه وبين
والده، وذلك
عبر الدور
السياسي
الكبير الذي
لعبته منذ
لحظة اغتيال
الرئيس
الحريري،
خصوصاً
خطابها في ساحة
الشهداء، اذ
استطاعت ان
تضبط الشأن
السياسي
بطريقة
علنية، وخففت
عن سعد الدين
مسألة
المقارنة مع
والده. خطابها
أعاد مضمون
خطاب الرئيس
الحريري،
ولولا خطابها
في ذلك اليوم
لكانوا سرقوا
الضريح سياسياً.
من هو المؤهل
من بين
المحيطين
بالعائلة ان
يلعب دوراً في
مساعدة سعد
الدين؟
- المحيطون
بالعائلة كثر.
الدائرة الاضيق
على ايامي
كانوا خمسة اشخاص،
وهم فؤاد السنيورة
وبهيج طبارة
وباسم السبع وعبداللطيف
الشماع
وأنا. اضيف
اليهم
لاحقاً
آخرون، من
بينهم وسام
الحسن وهو
عاقل وموزون،
وسليم دياب
المتطوع
لمساوئ
النيابة
والمتعفف
عنها، والفضل شلق الموثوق
في كل
المجالات
العمرانية. وخرج
آخرون. هذه
المجموعة
استمرت ولكل
واحد من هؤلاء
صفة. وللرئيس
الحريري ميزة
هي قدرته على
تشغيل كل الناس.
لا ادري اذا
كان سعد الدين
يتمتع بهذه
المقدرة، مع
اعتقادي انه
يتمتع بها.
وماذا عن
العائلة؟
- السيدة
نازك سيدة
قديرة ومسؤولة،
واختيارها
للأعمال
الخيرية هو في
مكانه. وأهمية
السيدة نازك
لا تكمن فقط
في صبرها في هذه
الفترة وادارة
دفة العائلة، وانما ايضاً
بسبب صبرها في
ايام
حياة الرئيس
الحريري. ففي
ظل انشغالاته
المتواصلة،
كانت هي الى
جانبه والى
جانب اولادها
ايضاً
الذين نجحت في
تنشئتهم، من
أيمن الهادئ الى فهد
الفنان الى
هند المؤمنة
والصابرة
التي استطاعت
بإيمانها
وتماسكها من اثارة الاعجاب
في الفترة الاخيرة،
الى عدي
المبتسم
دائماً وجومانا
الحاملة مع
والدتها همّ
الدنيا.
اعتقد بأن
السيدة نازك
بغطائها الابيض
لا تزال
تستيقظ
صباحاً وتسأل
درويش، «صديق
الجميع»، عن
دولته وتنتظر
مكالمته قبل
أن تنام.
أما عن بهاء
الدين، فهو
شخصية
مختلفة، فهو
كان يعيش في اوروبا
وملامحه
قاسية
قليلاً، ولكن
عندما تقترب
منه تكتشف انه
طيب القلب. ومتابع
بدقة لكل
تطورات الوضع
الدولي. فهو
باشر عملاً
مستقلاً في البورصة
والسوق
المالية
ومتابع دقيق
ونشيط، وأتذكر
ان والده
قال لي يوماً ان بهاء
كون ثروة اكبر
من ثروة والده
عندما كان في
عمره.
هناك شخص آخر
أكاد اقول
انه من
العائلة وهو عبداللطيف
الشماع
وهو رفيق
السنوات
العشر التي
قضيتها مع
الرئيس
الحريري. احد اصدقائنا
كان يسميه «ابو
الهول» لأنه
قليل الكلام
ولكنه يفاجئك
بإلمامه بكل شيء.
وهو الذي أسس
تلفزيون «المستقبل»،
وهذه المسألة
لم تكن سهلة. ولا
أنسى طبعاً
مولانا رضوان
السيد شيخ
الطريقة
الحريرية،
وسيدنا داوود الصايغ
مستشار
الرئيس
وقناته الى
البطريركية
ومحمد السماك
شيخ الحوار الاسلامي – المسيحي.