سنة
على غياب
جبران
التويني
يقلم/الكولونيل
شربل
بركات
بعد سنة
على غياب
الصحافي الذي
لبس الصحافة بكل
هيبتها،
وحملها بكل
رونقها،
وقادها بكل
جسارتها، حتى
أضحت بجد
السلطة
الرابعة، في
وطن معذب
تسيطر عليه
جيوش احتلال لا
تعرف لياقة في
التعامل مع
الناس، وتحكم
بنيه أجهزة
مخابرات هي
وليدة قمة
الأنظمة
التوتاليتارية
وقد تتلمذت
على يد أساتذة
القهر والظلم
والاستبداد،
وإذا به
يطوعها
ويتحداها
قتخافه بدل أن
يخافها وتحسب له
الحساب بدل أن
يأخذها هو
بالحسبان.
يوم كتب
جبران مقالته
الشهيرة "مع
الحقيقة حتى
يجف الحبر"
كان يتحدى
للمرة الأولي
من لم يكن أحد يجرؤ على
مجرد التفكير،
ليس بانتقاده،
بل حتى بعدم
التبخير له.
يومها وأنا
أقرأه أحسست
بأنه كسر
القيد الذي كانوا
يريدونه أن
يمنع الكلام لينطفئ
الحلم، فشعرت
بأن لبنان لا
بد أن يقوم. قال
لهم بأنه سيستمر
في المجاهرة بالحقيقة
ولو كلفته
دمه. وإذا به
يرسم بهذا التحدي
خط المستقبل،
ويرفع شعار
النضال، ليكسر
جدار الخوف،
ولسان حاله
يقول مع منصور
الرحباني
"قوي قلبك
وهجوم يا
بتوصل على
الموت يا
بتوصل عل
الحرية".
كان
جبران رفيق
الكل وملهم
الشباب. أخرج
نفسه من
معادلاتهم
منذ هجومه
الأول وحرر
كلمته، ولو لم
يستطع تحرير
الكل. كان
النظام
المفروض قد
نفذ على الصحف
أكثر أنواع
المراقبة
إرهابا وهي
"المراقبة
الذاتية" فلا
حاجة لأحد أن يقول
لك ما هو
المسموح
والممنوع بل
عليك أنت أن
تعرف حدودك
بنفسك فتمتنع
بدون أن يسألك
أحد عن النقد
أو مقاربة
الممنوعات، وحتى
الاشارة
إليها، أما
الأمثلة في العقوبات
والانتقام
فكفيلة
بتعليم من لا
يتعلم،
وبمجرد أن
يتذكر
الصحافي أسماء كسليم اللوزي مثلا
وكيف سلخت يده
اليمنى التي
كان يكتب بها
ووضعت
بالأسيد قبل
أن يقتل، حتى
يرتدع من ذاته
ولا يجرؤ على
التفكير بالاعتراض.
وحده جبران
أخرج نفسه من
تلك المعادلة ووحده
صارحهم وقال
لهم وللعالم
ما لم يحب أحد
أن يسمعه.
نفتقدك
اليوم يا
جبران بعد سنة
على غيابك، ونفتقد
لقلمك الصارم
والصريح ذاك
الذي يعرف أن
يسمي الأشياء
بأسمائها بكل
وضوح ولكن بتهذيب
ولباقة.
نفتقدك لأن الساحة
تكاد تخلوا من
الأبطال، فهم
يقتلون
الواحد تلو الآخر
دون أن يرف
للقتلة جفن لا
بل ازدادوا
وقاحة، فيوم
قتلوك وقفوا
عن بعد، أما
اليوم فهم
يقتلون
مواجهة وفي عز
الظهيرة ولا
يحسبون لأحد
حساب.
نفتقدك
لأنهم عرفوا
كيف يفرقون
بيننا وعرفوا كيف
يستغلون ضغفا
عند بعضنا
وسذاجة عند
البعض الآخر،
عرفوا كيف
يربون في قلوب
البعض حقدا
ليس بالسهل
انتزاعه،
ونحن نعرف أنه
إنما سيقضي
بالنتيجة على
حامله ولذا فالوطن
والشعب
سيدفعان
الثمن قبل أن
نتخلص من هذا
الحقد ومفاعيله.
نفتقدك
يا جبران لأن
الوطن الذي
أحببت والشعب
الذي فاخرت به
والاستقرار
الذي حلمت أن
نتفيأ في ظله،
يمرون كلهم في
ظروف صعبة ويجتازون
نفقا آخر من
الأنفاق
المظلمة التي يدفعنا
المغرضون
باتجاهها.
ويا
جبران، يا من
أضفت لاسم
حملته مزيدا
من الفخر لتزداد
شلوح الأرز
اخضرارا
وجبال لبنان
شموخا،
نحاكيك في
عليائك أن
تغفر لهم فهم
لن يعرفوا أين
تسير بهم
الأمواج التي
يعتقدون أنهم
يحركون، وهي
إنما تتهيأ
وتتعالى
لتقلب
السفينة بمن
فيها، فهل من
نجاة في البحر
الذي يهيجون
إن هي غرقت؟
وأي مصير
ينتظرنا إن
نحن لم نحسن
التدبير؟
جبران...
يا قلبا كبيرا
بحب لبنان ويا
منارة عالية
على رؤوس
جباله، رفضت
الرضوخ
لتهديدهم ورفضت
الذل والسكوت
فصرت مارد
الكلمة وملهم
العنفوان
وستبقى خالدا
في سجلات
التاريخ
وعنوانا
لمرحلة
التحرر ومثلا
يحتذى لكل
المناضلين،
وإن القسم
الذي رددته
وراءك جماهير
ثورة الأرز
سيوحد اللبنانيين
ويعيد لهم
العز
والافتخار
ولن يقدر المغرضون
على قتل الحلم
الذي زرعته في
النفوس أو وقف
حركة التاريخ
السائر قدما
مهما وضعوا
العراقيل أمام
المسيرة أو
حاولوا
إرجاعها إلى
الوراء.
تورونتو/7
كانون
الأول - 2006