قداس وجنار في تورنتو /كندا/لراحة نفس الشهيد المقدم ابراهيم سلوم

 

المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

الأحد 5 آب

 

بدعوة من الجمعية الكندية لأبناء عين إبل أقيم في كنيسة السيدة العذراء في مدينة تورونتو قداس وصلات وضع البخور عن نفس المغفور له المقدم ابراهيم سلوم الذي كان استشهد في معارك نهر البارد الأسبوع الماضي وقد ألقى الكولونيل شربل بركات كلمة بالمناسبة عدد فيها صفات الشهيد البطل وتقدم بالتعازي من العائلة والجيش اللبناني باسم النادي وأصدقاء الشهيد وكافة الحضور هذا نصها:

 

 

سائل الأرز كي يـعـز الـبـقـاء             كم سقتـه محاجـر ودمـــاء

                بحـر دمـع وابـحـر مـن دمـاء           ألف عام ولم يشح العطــاء

                في شمال وفـي بـقـاع عـزيـز            وجـنـوب أذلّــه الأشـقـيــاء

                لم نـروّع ولـم يـهـز الحنـايــا          غير لبنان صرخـة أو بكـاء

                علمتنـا قـبـل الـسرى أمـهـاتٌ           كيف نفدي متى يعزّ الفـداء

فنـشـأنـا لبنان فـيـنــا إبــاءٌ        وكبرنا والعـزم منـا مضــاء

                أسرجي الخيل أمتي واتبعيني                   أطبق الليل والدجـى مـشّـاء

                وازرعيني على حنـايـا جـبـال              قد تداعى من أجلها الشهداء

                يرخص الموت إذ تنادي بلادي          أنـقــذونـي أذلـنـي الأعــداء

 

أبيات من قصيدة لشاعر عين إبل، لا بل شاعر المقاومة الحقيقية مقاومة أصحاب الأرض المنزرعين فيها، المغفور له الأستاذ يوسف حبوب، وقد ألقاها بمناسبة عيد شهداء عين إبل في 30 آب 1977 وكان من بين هؤلاء الشهداء يوسف سلوم والد الشهيد المقدم ابراهيم الذي نصلي اليوم لراحة نفسه.

 

كان ابراهيم يومها لم يبلغ العاشرة من العمر، وقد أثر فيه، بدون شك، استشهاد الوالد، سيما وأنه صغير البيت، وكان بعد بحاجة لحنان الأب. لكن الجد ابن الثمانين حاول ملئ ذلك الفراغ، وهو أحد شعراء عين إبل الأربعة الكبار الذين برزوا في القرن الماضي وحملوا كلهم اسم طانوس.

 

عرف ابراهيم في تلك الفترة الكثيرين ممن سقطوا على درب الشهادة، فبعد أسابيع قليلة على استشهاد والده، سقط الفتى نبيل، ثم جارهم الشاب مارون، وتلته جارتهم اميلي وابنتها دلال، ثم تريز وجورج والحسون وغيرهم... كلهم سقطوا لأنهم تشبثوا بالأرض لتبقى حرة عزيزة، ولحقوا بقوافل الشهداء الذين سبقوهم، لتتزين ساحات عين إبل بأسمائهم. فهنا أمام الكنيسة ينتصب تمثال بنوا الضابط الذي استشهد في أحداث 1958، وهناك من الجهة الأخرى قبر الشهداء الذي يضم من رسموا بدمائهم حدود لبنان الكبير سنة 1920، ويرقد بينهم ميشال الضابط الثاني الذي سقط في أوائل السبعينات، وهنالك بقرب الدير نصب تذكاري لحيدر وعيد وبطرس أوئل قافلة 1976، دون أن ننسى شكيب وبولس اللذين افتتح بهما الأعداء أحداث الغدر تلك. فهل يمكن أن يخف العنفوان أو يستهان بالكرامة؟..

 

ويُرفع الحصار عن عين إبل، ويعود طوني الشقيق الاكبر من الخليج ليستقر في البلدة ويبني العائلة، ثم يتبعه أخويه مارون وسعد، فيلتئم الشمل لولا وديع الذي يعمل في بيروت. ويكبر البيت، ويصبح ابراهيم بتهذيبه وصمته ومثابرته وذكائه حديث الكل، وتبنى الآمال عليه، ويكون على قدر المسؤولية.

 

لكن الوطن يبدأ بالابتعاد من جديد، ويسقط كيروز في معارك الجبل، وتتعثر الطرق، وتتالى المآسي، ويصبح البحر مركبنا وطريق الاتصال بالوطن، وتسهم عين إبل بقافلة جديدة من الشهداء؛ داني وخليل ومارون (مطر) وطوني (أبو غنام) وشربل (سلامة) ثم الصحافي نصرت وجورجيت وغيرهم...  وكلهم من الجيران، وقد عرفهم ابراهيم الشاب جميعا وتأثر لفقدهم. ولكن الوطن كان يكبر في قلبه، كما العنفوان والتصميم، ولم تثنه إصابة شقيقه شربل الذي رافقه كل الوقت، وفقده لإحدى عينيه، عن مشاريعه وأهدافه.

 

وتتغير الأحوال في العاصمة، ويلتحق ابراهيم بالمدرسة الحربية، مصنع الرجال، ومنبت البطولة، وركيزة الوطن. ويثبت جدارته وقدراته، وتُشحذ طاقاته، فيتخرجَ منها مع كل آمال العائلة، ولكن ليصعق بعد أشهر قليلة باستشهاد طوني، الأخ الأكبر، وإصابة زوجته معه في نفس الانفجار. ويصعب عليه عدم تمكنه من المشاركة في مراسم الدفن.

 

كان ابراهيم دوما مثالَ الشاب النشيط الذي توصل بجهده وتصميمه إلى ما كان يصبو إليه، ولكن نجاحه كان أول الطريق بالنسبة له، وكان النضال والمثابرة رفيقان دائمان في كل الموقف، وهكذا فقد أحبه الزملاء؛ رؤساء ومرؤوسين، وفتحت أمامه طرق التدرج والتقدم. وها هو ضابط مغوار له كل الاحترام والتقدير.

 

وعلى خطى الآباء يبني ابراهيم العائلة، ويفرح بالابنتين، ويتدرج في الترقيات، ليصبح من الضباط القادة، ويكسب ثقة الجميع، ويكبُر في قلبه الوطن، لتصبح كلَ زاوية فيه عزيزة كعين إبل.

 

ثم تعود الغيوم لتتلبد من جديد فوق سماء لبنان بعد عرس الحرية القصير الذي عاشه الشعب، ويدخل الغرباء مرة أخرى لتهديد "شجرة الحرية" التي قيل ذات يوم "أنها لا تروى إلا بالدم"... فيهب الأبطال، ويتدافعون لتلبية النداء، والقضاء على أعداء الوطن، وحماية أبنائه الآمنين. ويتساقط الشهداء، ويصاب الرفاق بين أيدي القائد البطل، فيأبى إلا أن ينزل بنفسه ليخلص أحد جنوده، فيكتب بدمه ملحمة أخرى، ويسطّر آية جديدة في سجل الخلود...

 

ونستذكر هنا قول شاعرنا:

               

                أعداء لبنـان كـم مرت بنـا محـن           فشالنا العزم منها والجبين علا

                إن تقتلوا الألف والمليون موطننا               يبقى لنا ثابتا بالغـش مـا زغـلا

                فكـل نبع بـه استسـقـى مدامعـنــا              ومن دمانا تراب الأرز قد جبلا

                جمعّـتـم الشـر مـن شتـى منـابتـه              لدحر لبنان أو تقطيع ما وصلا

                فكان للحرب أغبرة وما انقشعت        حتى رأينا لـواء الشـر منخـذلا

                فكـم شهــيـد لـنـا للـحـق رايـتــه                 وكم قتيل لكم للبـاطـل اعتـمـلا

                لا تجمع الحق والبطلان منـزلـة              شتان ما بين من أحيا ومن قتلا

 

أيها الرفيق العزيز... يا من فارقتنا بالأمس ونحن بعيدين عن الوطن بالجسد... أما العيون فهي دوما شاخصة عليه... نقولها وفي القلب غصة... نم قرير العين فقد أديت قسطك للعلى...

 

في يوم الجيش هذا... يومَ وداعك... ماذا نقول عنك...

لقد فقت معلميك... وفقت ببطولتك كل وصف، فأصبحت الرمز، كما في تلك الأغنية التي نحب أن نهديها اليوم لطفلتيك الصغيرتين، ولذلك الوعد الآتي لتكتمل المسيرة... نرددها كما لعطر الليل في أيام فخر الدين:

بيك صار برج منوّر... صار القصة اللي بتتخبر... راح وبدو يرجع أكبر... راجع بغناني الحصادين...

راجع بصوات المدافع... راجع بطلات العياد... صوتو عم يهدر بالمواقع... وبدو يخلق بقصص الولاد...

 

إلى عائلة البطل، أشقائه وأقاربه... إلى زوجته الثكلى وأولاده أكثر من سيفتقده، إلى ذلك الطفل الذي لم يولد بعد... وإلى أهالي عين إبل وعائلته الكبرى: الجيش اللبناني الذي يسطّر كل يوم ملحمة جديدة... وإلى كل اللبنانيين في دول الانتشار، نرفع العزاء باسمنا واسمكم وباسم الجالية العين ابلية الممثلة بالنادي وأصدقاء الشهيد، وندعو الله أن يتقبله بين الأبرار والصديقين...

 

المجد لله...   

    

الأحد 5-آب-2007 

نقلاً عن موقع الجيش اللبناني الرسمي على الإنترنت

 

استشهاد الرائد ابراهيم سلوم 

27-7-2007 

استشهد بتاريخ 26/7/2007 الرائد ابراهيم سلوم من فوج المغاوير.

ينقل الجثمان بتاريخ 27/7/2007 الساعة 10.30 من المستشفى العسكري المركزي الى بلدة عين أبل – الجنوب.

تقبل التعازي بتاريخ 27-28 و29/7/2007 طيلة النهار في منزل والد الشهيد الكائن في بلدة عين ابل – الجنوب

وبتاريخي 31/7/2007اعتباراً من الساعة 10.00 ولغاية الساعة 19.00 في صالون كنيسة قلب يسوع – بداور، وبتاريخ 4، 5، 6، 7، 8 و9 /8/2007 في منزل والد الشهيد الكائن في بلدة عين ابل-الجنوب.

 

 

مرور أسبوع على استشهاد الرائد إبراهيم سلوم

31-8-2007 

يقام قداس وجناز بمناسبة مرور أسبوع على استشهاد الرائد إبراهيم سلوم من فوج المغاوير وذلك بتاريخ 1/8/2007 الساعة 19.00 في كنيسة القلب الأقدس – بدارو.

 

قيادة الجيش شيعت الرائد الشهيد إبراهيم يوسف سلوم

29-7-2007 

شيعت قيادة الجيش يوم أمس، الرائد الشهيد إبراهيم يوسف سلوم، الذي استشهد بتاريخ 26/7/2007 ، أثناء قيامه بالواجب العسكري خلال الأحداث الأمنية الجارية في منطقة الشمال، حيث احتضن من قبل أهالي بلدة عين ابل - الجنوب، ورفاق السلاح بموكب شعبي حاشد،  ثم أقيمت الصلاة على راحة نفسه الطاهرة ، وألقى ممثل العماد قائد الجيش، كلمة نوه فيها بمناقبية الشهيد وتضحياته الكبيرة دفاعاً عن سيادة الوطن وكرامة أبنائه.