قراءة
في نتائج
الانتخابات
الفلسطينية
بقلم/الكولونيل
شربل بركات
انتخب الشعب
الفلسطيني
اليوم حركة
"حماس"
لتمثيله في
المجلس
التشريعي،
فهل تكون
"حماس" عند حسن
ظن
الفلسطينيين؟
أم أنها سوف
تخيّب آمالهم
فور تسلمها
السلطة؟
سؤال مهم نترك
الإجابة عليه
للأيام
القادمة، وهي
دون شك ستحمل
ملامح
المرحلة
المقبلة منذ
تشكيل
الحكومة
الأولى.
لأن الرفض
والهدم أسهل
بكثير من
المسؤولية والبناء.
وما رأيناه من
مواقف حزب
الله في لبنان،
وهو قد شارك
بالحكومة،
ولكنه لم
يتخل، لا عن
سلاحه لصالح
أجهزة الدولة
التي يشارك
بإدارتها،
ولا عن تفرده
بقرار الحرب
والسلم عندما
فتح معركة مع
إسرائيل بدون
الرجوع إلى
هذه الحكومة،
وكأنما عنده
ازدواجية في
الموقف، أو
أنه لا يعترف
بالحكومة ولا
بالشراكة،
وأن هذه
الشراكة، بالنسبة
له، مرحلية،
ولن تستمر، ما
ظهر في أول خلاف
بوجهات
النظر، حيث
سارع إلى
الانسحاب من الجلسة
ثم الاعتكاف،
وكأن مشاركته
مع الغير هي
عملية مؤقتة
لا تهدف إلا
لكسب الوقت.
ولكن حماس،
وبالرغم من أن
أغلب قادتها
مر في مدرسة
هذا الحزب في
مخيم "مرج
الزهور"
وحاولت أن
تتشبه
بخطواته في
عملياتها
الانتحارية، قد
تشكل وحدها
الحكومة
الفلسطينية،
وسوف تختلف
طبعا عن حزب
الله
بالمنهاج
والتصرف.
فهي، بحسب
اللعبة
الديمقراطية
وعدد المقاعد
النيابية،
تتمتع
بأكثرية تقدر
بواسطتها تشكيل
الحكومة بدون
مشاركة
الآخرين. ولكن
هل ستعتبر
حركة حماس
بأنها انتصرت
بالديمقراطية
وسوف تستعمل
هذه
الديمقراطية
كمنهاج في تعاملها
مع الآخرين،
بدءا بالداخل
الفلسطيني،
ووصولا إلى
العلاقات مع
الدول
المجاورة،
وخاصة
إسرائيل، ومن ثم
إلى علاقاتها
مع المجتمع
الدولي؟ أم
أنها، وكحزب
الله، ستكتفي
بالمحافظة
على تحالفاتها
الإقليمية،
وستبقي على
طروحاتها
بشأن جارتها
إسرائيل، ولن
تتخلى عن
السلاح
والعمليات
الانتحارية؟
وعندها كيف
سيكون مستقبل
علاقاتها مع
الآخرين؟
عند رؤية
السيد خالد
مشعل، على
شاشات التلفزة،
يعلن، من
دمشق، خططا
ومشاريع
مستقبلية لفلسطين
الجديدة،
يتبادر إلى
الأذهان فورا
صورته مع
الرئيس أحمدي
نجاد قبل
أسبوعين،
وكأن الأحداث
تتسارع لتضع
نهاية لحلم
السلام الآتي
بالتفاوض بين
الفلسطينيين
وإسرائيل،
برعاية
العالم
الموحد
لإنهاء مسلسل
العنف هذا
الذي يغطي
الشرق الأوسط
منذ نصف قرن،
على الأقل،
ويمنع
الاستقرار
فيه والتقدم.
سيما وأن
الرئيس
الإيراني
نجاد قد حدد
أهدافه في المرحلة
المقبلة؛ وهي
تتلخص بتحدّي
المجتمع الدولي،
من جهة،
والمضي في
عملية رفع
إيران إلى مستوى
الدول
النووية، ومن
جهة أخرى،
دغدغة مشاعر
المسلمين
عامة،
والمتطرفين
منهم بشكل خاص،
بتهديده بمحو
إسرائيل من
الوجود، وإعادة
اليهود إلى
أوروبا في
هجرة قسرية
معاكسة. ولا
يختلف التوجه
الإيراني
الأخير
بالأساس، عن توجه
حماس التي لا
تعترف
بإسرائيل،
وتدعو، حتى
الآن، إلى
إزالتها من
الوجود. ولكن
هل ستبقي حماس،
بعد نجاحها في
اكتساب أصوات
الفلسطينيين،
على هذا
الطرح؟
وكيف
ستتعايش مع
جارتها
إسرائيل؟ وهل
تبقى الشعارات
في المستوى
الإعلامي؟
أم أنها
ستأخذ المنحى
العملي وتبدأ عملية
التنفيذ؟ وما سيكون،
عندها، موقف
الفلسطينيين
من جماعة
أوسلو؟
وما سيكون
موقف العالم
الذي أيّد هذه
الاتفاقات؟
وبالتالي
موقف الدول
العربية التي
تعترف بالدولة
العبرية
وتقيم علاقات
معها؟
أسئلة أخرى
تطرح نفسها
وتجعلنا نعيد
الحسابات
والتحاليل.
الفلسطينيون،
خاصة الذين
منهم قد بقي
في الأرض
وتخلى عن السلاح
والرفض،
وتعايش مع
الواقع الذي
فرض في 1948 أو
بعده في 1967،
تأقلموا نوعا
ما، واستغلوا
الدولة
الناشئة بشكل
أو بآخر،
واستطاعوا أن
يبنوا أنفسهم
ليصبح لهم
تأثيرهم على
الأحداث، وتكبر
مدنهم
وتجمعاتهم
السكنية، إن في
داخل حدود
إسرائيل، أم
في الضفة
والقطاع، لتشكل
مجتمعات
تنموا
اقتصاديا
وعدديا، ما يجعلها
قوة إنتاجية
يحسب لها
حساب.
وإذا
بفلسطينيي
الشتات، وعلى
رأسهم منظمة عرفات،
التي كانت
تعتمد العنف
وسيلة وحيدة
للفت الأنظار
والحصول على
حق
الفلسطينيين
بإقامة
دولتهم، تعود
إلى طاولة
المفاوضات،
وتتفق في
أوسلو على التخلي
عن العنف
واعتماد
الحوار
الحضاري وسيلة
لاستعادة
الحقوق، ولو
على مراحل.
ويفرح
العالم أجمع،
وتتضافر
الجهود
لتقريب وجهات
النظر، بين من
لم ينس الظلم
والقهر الذي
لحقه في الحرب
العالمية
الثانية،
وبين من لم
يعرف سوى
التشرد
والحقد لنصف
قرن تلى.
وتقوم دول
المنطقة
بالمساعدة
على إنهاء
رواسب الماضي،
ويشترك
العالم في
تقدمات
للدولة الناشئة
كي تستوعب
المتغيرات،
وتنظم
الطاقات، وتسهر
على أمن
واستقرار
شعبها، وعلى
نموه وتأهيله
ودفعه في طرق
الإنتاج.
ولكن التطرف
الناشئ في
المنطقة
كلها، يسلك
طريقه بسهولة
إلى قلب هذا
المجتمع الذي
يعاني من ضغوط
كبيرة، ويفرز
حركات الرفض،
التي تحتمي
بالدين
وتتستر
بالشعارات وتتقوى،
هي أيضا، بقوى
الرفض في
المنطقة، وهنا
كان لسوريا
دورا كبيرا
وبالتالي
لإيران. وتصبح
حماس الندّ
القوي لمنظمة
التحرير،
ويصبح الرفض
والمزايدة
همّ الجميع
لاستيعاب
الشارع
الفلسطيني.
وبينما تضيع
الفرص
المتتالية على
الفلسطينيين
بأجمعهم،
تفرض حماس، من
خارج السلطة،
سيطرتها على
الأرض، وهذا
أمر طبيعي،
لأنه لا يمكن
للسلطة أن
تقوم بدور
الرافض والمحاور
بنفس الوقت،
ومن هنا كان
ضعف موقفها،
بينما كان
موقف حماس
واضح وسهل
لأنه يرفض كل
شيء وبالتالي
فهو لا يخطئ.
اليوم وبعد
نجاح حماس في
كسب أصوات
الفلسطينيين
في الانتخابات،
ماذا تقدر أن
تقدّم لهم
أكثر مما قدمت
فتح؟
سؤال يطرح
نفسه ولا بد
من الإجابة
عليه قبل
التكهن
بالمستقبل
وبنجاح أو فشل
حماس في قيادة
الفلسطينيين.
قد يقول البعض
بأن الخدمات
التي تقوم بها
حماس على
المستوى
الشعبي هي
مثال على
كيفية
إدارتها
لشؤون الدولة
فيما بعد، وهي
التي يعتبر
قادتها ممن
يرفض الفساد
والمحسوبيات،
وبأنهم
سيقيمون
العدل في
الرعية، وينشرون
الأخلاق،
ويشددون على
القيم، وهذا
حسن، ولكنه لن
يكفي لإدارة
الدولة، ودفع
الرواتب، ومتابعة
الشؤون
الاقتصادية
والإنمائية
في دولة
ناشئة، بقليل
من الموارد
ومجالات العمل،
وكثير من
الهموم
ومشاكل الناس.
من هنا
النظرة
التشاؤمية
عند بعض
المحللين؛ بأن
التعبئة
الجهادية
والتنظيم
العسكري سيكونان
المخرج الأسهل
للإبقاء على
وهج السلطة
الجديدة
وظهورها بمظهر
الممسك
بالأمور
والمسيطر على
الساحة، ومن
هذا المنطلق
بالذات
التخوف من
توجه الدولة
الفلسطينية
الجديد نحو
التطرف في
المواقف
والقرارات،
وبالتالي،
المواجهة،
ليس فقط مع
إسرائيل،
وإنما مع
العالم. وما
قد يساند هذا
الرأي هو
توجّه قيادة
حماس نحو مشعل
ودمشق كمصدر
وحي لتخطيط
المستقبل،
وبالتالي
فأول الوفود
سوف يزور مشعل
في دمشق،
وبالطبع
سترتسم هناك
بعض الخطوط
الأساسية
للتوجه
السياسي الجديد
للسلطة.
ما نتمناه هو
أن لا يضطر
الشعب
الفلسطيني،
أينما وجد،
لأن يكون
وقودا، مرة
أخرى،
لمشاريع
وهمية لقوى أو
منظمات لا
تعرف أن تقوده
نحو شاطئ
الأمان
والاستقرار
والتطور، ليشعر
بفخر
الانتماء،
ويرتاح من
عناء المعارك
التي تفرض
عليه، وتستغل
بؤسه، وتحارب
بدماء بنيه،
دون أن يكون
له في آخر
المطاف ناقة
أو جمل.
وما نخافه
أيضا، هو ما
ستؤول إليه
نتيجة هذه
التحولات في
السياسة
الفلسطينية
بشأن سلاح
المخيمات في
لبنان، الذي
كانت السلطة السابقة
قد اعترفت أنه
من حق الدولة
اللبنانية
وحدها أن تقرر
من يحمل
السلاح وأين،
وأن هذه
السلطة تقبل
بكل ما تقره
الدولة
اللبنانية. فكيف
سيكون القرار
بعد أن تتسلم
حماس؟
وهل ستقدر
حماس هذه أن
تتفلت من
سيطرة سوريا
التي تظهر
وكأنها الطرف
الوحيد
المؤيد لها؟
وماذا سيكون
دورها في
مشاريع إيران
ومواجهتها
الدولية؟...
تورونتو في 5/
شباط/ 2006