ماذا
وراء زيارة
الشيخ أمين لنصرالله
بقلم
الكولونيل شربل
بركات
أوردت
صحف بيروت أمس
خبرا عن زيارة
قام بها الرئيس
السابق الشيخ
أمين الجميل
لسماحة السيد
حسن نصرالله
أمين عام حزب
الله، وقيل
بأنها محاولة
لتقريب وجهات النظر،
وفي نفس الوقت
إظهار حسن النية
وشكر على
التعزية
بالشيخ بيار،
الذي لم تمر
بعد أسابيع
ثلاثة على
استشهاده.
فماذا تحمل في
طياتها تلك
الزيارة؟ وهل
تبشر بالخير
للبنانيين؟ أم أنها
تندرج في
سلسلة
المجاملات
الغير نافعة والتي
لا تزيد ولا
تنقّص في
"المقدر"؟
زيارة
الشيخ أمين
للسيد حسن
ليست
المبادرة الأولى
التي يقوم
بمثلها الشيخ
أمين بعد
خسارة فادحة
تضرب أركان
البيت، فهو
يوم قتل
المرحوم
الشيخ بشير
ذهب أيضا في زيارة
"سرية" للقاء
موفد من
الرئيس الأسد،
ربما لمحاولة
وضع الأوراق
على الطاولة
دفعة واحدة،
وهو تكلم فيما
بعد عن هذا
اللقاء الذي
لم تتداوله
الصحف كما حدث
هذه المرة.
وكما في المرة
الأولى يظهر
بأن الشيخ
أمين يذهب
مباشرة إلى
الخصم كبادرة
حسن نية أو قد
تكون نوعا من
التسامح
لينهي مشكل
ويؤسس ربما
لعلاقة أفضل.
ولكن
من يراقب
الأمور
ويحاول أن
يستقرئ الأحداث
قد يرى ترابطا
بين الجريمة
الأخيرة وحزب الله،
كذلك الترابط
الذي كان بين
سابقتها
وسوريا، وفي
الاثنتين
تشابه تصرف
الشيخ أمين،
فهل كانت
الزيارة
الأولى والتي
بدت كتنازل عن
دم بشير
مبادرة من
الشيخ أمين
لإعادة علاقات
طبيعية مع أحد
اللاعبين
الأساسيين
يومها في
الساحة
اللبنانية،
وهو بذلك حاول
أن يكون أكبر
من المصيبة
وأن يوظف تلك
الخسارة لربح
لصالح لبنان؟ وهل إن التاريخ
يعيد نفسه
ليجعل من هذه
البادرة التي
تنم عن شهامة
وكبر وتعالي
على الجروح لصالح
قضية أكبر من
الكل وقد تسهم
في ترطيب الأجواء
وإعادة
الأمور إلى
مساراتها
الصحيحة؟
لا شك
بأن قيام
الرئيس الشيخ
أمين بهذه
الزيارة هو
عمل يتطلب
شجاعة
وتسامحا ورؤية،
فمها يكن فإن
السيد نصرالله
وحزبه اليوم
هم من يقف
بمواجهة
الحكومة وجماعة
14 آذار التي
اعتبر
المرحوم
الشيخ بيار
أحد أركانها،
وكان مقتله
مرتبطا بدون
شك بتصعيد
الأزمة وزيادة
الشرخ بين
اللبنانيين.
فمن هو صاحب
المصلحة في
قتله؟ وهل أن
زيارة الشيخ أمين
لغريمه هي
لتبرئته من
الجريمة؟ أم
إنها بادرة
مسامحة
مباشرة لقطع
الطريق على
الفتنة، فيكون
بيار
فداء للبنان
كما كان عمه
بشير من قبله،
وتقف كل
الغرائز
ومفاعيل
الانتقام عند
هذا الحد؟
الشيخ
أمين له
طريقته
وحركاته الدرماتيكية
أحيانا للرد على
الأحداث، وهو
حاول تحييد
سوريا يوم قام
بلقاء مبعوث
الرئيس الأسد
بعد مقتل بشير،
وحاول ضبط
النفس ومنع
الانتقام يوم
أوقف قاتله
ولم يحاكمه،
ليعود هذا
فيخرج من
السجن على يد
السوريين في
1990، ولم تنفعه
ولا نفعت
لبنان
مراعاته
للأخوة ومسايرته
لموقف سوريا
في عدم إبرام
اتفاقية 17 آيار،
ولا نفع إقصاء
الرئيس
الأسعد أو التخلي
عن الرئيس الوزان،
فلماذا يقوم
الشيخ أمين
بنفس
المبادرات؟
ولماذا لم يعد
تقييم تلك التنازلات
التي فهمت
دوما وكأنها
ناتجة عن ضعف
لا عن قوة أو
كبر نفس أو
تسامح كما
يقول المثل
العربي بأن
"العفو عند
المقدرة"،
فهل أن المستشارين
هم أنفسهم أم
أن الشيخ أمين
لا يسأل ولا
يستشير؟
قد يكون
الشيخ أمين
يمتلك حسا
وطنيا مميزا،
أو قد تكون
تربيته
المسيحية
حساسة في
مواضيع الموت
والغفران، أو
أنه بزيارته
للسيد حسن إنما
نقل عرضا
مباشرا من 14
آذار. ولكن
هل إن وسائل
الاتصال
انقطعت كليا
بين الحكومة
وحزب الله
ليتطلب الأمر
زيارة الشيخ
أمين الشخصية
وهو المحزون
على فقد ولده؟
وما هو
إذا وضع
الرئيس بري
الذي استقبل
وفدا من نواب 14
آذار أمس نقل
إليه
بالتأكيد
عرضا من
الحكومة؟
الرئيس
أمين الجميل
الذي انتخب
رئيسا للجمهورية
بعد مقتل
شقيقه بشير،
لم تترك له
سوريا أن يحكم
البلاد بهدوء،
بالرغم من
الغفران الذي
بادر إليه،
وقلب الصفحات
عدة مرات خلال
حكمه. فهل
ينتظر من
السيد حسن الذي
يتبع سوريا
وإيران أن
يسهم في حل
يعيد الهدوء
والسكينة إلى
لبنان وهو
الذي لم يسأل
عن لبنان أو
مصلحة بنيه
يوم شن حربه
في تموز
الماضي بدون
أي حساب، وها
هو اليوم يشن
حربا من نوع
آخر ليبقي
القلق
والاضطراب
يخيمان على
البلاد،
والإحباط
واليأس
يسيطران على
اللبنانيين؟
قد
يفسر بعض
المبغضين
تصرف الشيخ
أمين بأنه محاولة
لطرح نفسه من
جديد كحل وسط
لأزمة الحكم،
فهو محسوب على
14 آذار ولكنه
يتمتع
باستقلالية،
وهو منفتح على
الجميع وغير
متشدد، حتى
عندما يتعرض
لأقسى أنواع
الظلم، ولكن
على الجميع أن
يعرفوا بأن ما
يجري الآن
تجاوز الحلول
الفردية والمبادرات
الخاصة، وقد
أصبحت
الخطوات
الصغيرة
والكبيرة
منها تدرس في
عواصم القرار
الإقليمية
منها والدولية،
ومها يكن فإن
القرارات
خرجت من أيدي
اللاعبين
المحليين،
ونحن نشهد
الفصل ما قبل
الأخير من الصراع
الذي سيطيح
بكثير من
الأسس التي
قامت عليها المنطقة
والتي كان من
المستحسن على
اللبنانيين
لو لم يزجوا بأنفسهم
فيها، لا بل كان
الأجدر بهم
منذ قيام ثورة
الأرز أن
يصروا على نزع
السلاح
تطبيقا
للقرارات
الدولية
وتساوي اللبنانيين
في الحقوق
والواجبات
وتعلم
الديمقراطية
التي تمنح
الفريق
الحاكم مدة
كافية من الحكم
ليستطيع
خلالها أن
يحاول تنفيذ
مشاريعه بينما
تبقى
المعارضة
جاهزة
لمناقشة كل
مشروع ووضع
النقاط على
الحروف قبل
اتخاذ أي قرار.
فهل
تكون زيارة
الشيخ أمين
بادرة خير؟ أم أنها لن
تعدو كونها
مجاملة خاصة
على الطريقة اللبنانية
لن تضيف إلى
الأمور شيئا؟
نحن
نتمنى أن يكون
هناك المزيد
من الأمل في
تسوية الأمور
بالطرق
السلمية سيما
وأن الأيام
الأخيرة بدأت
تنبت تشنجا
وتوترا،
ولكننا نخشى
أن يكون اللاعبين
الأساسين
الذين يديرون
اللعبة من دمشق
وطهران لا
يهمهم مصلحة
اللبنانيين،
وأن اللاعبين
المحليين
ليسوا سوى
منفذين لما يرسم
هؤلاء،
وعندها فلا
معنى عميق ولا
فائدة ترجى من
زيارة يقوم
بها حتى الشيخ
أمين لنصر
الله.
*تورونتو
5 كانون الأول 2006
الكولونيل
شربل
بركات