الإرهاب والكلمة
الحرة
الكولونيل
شربل بركات
في
أولى جلسات
هذا المجلس
النيابي
الجديد قام
الجنرال
ميشال عون،
مشكورا، وفي
أثناء مناقشة
البيان
الوزاري بطرح
موضوع مهم يخص
أهلنا في
الجنوب وإخوتنا
الموجودين
داخل
إسرائيل،
طالباً أن
تدرس هذه
القضية بجدية
في المجلس النيابي،
كونه،
المفترض أن
يكون، المكان
الصالح لحل
مثل هذه
المشاكل التي
لها أبعادا
وطنية...
وقامت
القيامة...
لم
نستغرب أن يرد
جماعة ما يسمى
بحزب الله (أستغفر
الله) على
الجنرال
ويدافعوا عن
"حقهم" في
تصنيف الناس
بين "مواطن"
و"خائن" أو في
"توقيف كل
واحد عند حده"
في موضوع
يعتبرونه من
"المكاسب"
التي دفعوا
ثمنها، وفي
منطقة
"طوّبت" لهم
حكراً،
وكأنها
بالفعل
دولتهم
الخاصة؛ فهذا
الحزب يحميها
بسلاحه،
وصواريخه،
و"طائراته"،
وهو وحده يقرر
متى وأين يفتح
النار على
جيرانه، أو
يفاوضهم
فيمنع عنهم
الاعتداء،
وهو الذي يقرر
من يسكن
المنطقة ومن
لا يحق له
ذلك، فهو ينفي
من يشاء ويفرض
على الدولة أن
تسجن له من
يريد وتقوم بالتحقيقات
والملاحقات
ووضع النقاط
السود على
السجلات،
وإذا لم يعجبه
الحكم، ليس له
إلا أن يغمز،
فتعاد
المحاكمة،
وهو هنا واسع
الصدر، رحب،
يقبل بأن يعود
بعض "الخونة"
ليعيشوا تحت
رحمته،
ويقروا
بنعمته،
وبأنه هو من
يحي ومن يميت.
أوليس هو
"المحرر"؟.
ولكن
المفاجأة
كانت أن يزايد
الحزب
الاشتراكي
على حزب
"الشيطان"
هذا في التهجم
على أهلنا
الجنوبيين،
مع العلم أن
السيد جنبلاط
حاول أن يظهر
نفسه كزعيم
لكل الدروز،
وليس لحزبه الاشتراكي
فقط، ومن ثم
لكل
اللبنانيين،
فإذا به يعتبر
أن دروز
حاصبيا
ونواحيها
ليسوا من
"جماعته"،
ولا يهمه
الدفاع عنهم،
أو عن من كان
يحميهم طيلة
السنوات التي
سبقت أيار 2000.
نفهم
جيدا أن يكون
السيد جنبلاط
يزايد على حزب
"الشيطان"
هذا، لأنه
يعتقد بأن
أوانه لم يحن
بعد، وأنه سيبقى
سيفاً مسلطاً
على رقاب
اللبنانيين
لفترة من
الزمن، ولذا فهو
مضطر
لاسترضائه.
ولكن هل هناك
فرق بين دروز
حاصبيا
ومنطقتها
ودروز الجليل
أو الجولان الذين
يذهب السيد
جنبلاط
ليلاقيهم،
علناً وبدون
أي خجل، في
عمان عاصمة
الأردن؟
فهؤلاء يعيشون
في كنف
إسرائيل
ويتعاونون
معها بدون
عقد، ومنهم
الجنرالات
والنواب
والحزبيين
الذين يفتخر
بهم، ومنهم
الموظفون
الكبار في
الدولة، وحتى
الوزراء أو
نواب الوزراء،
فهل يخوّنون؟
ثم ماذا عن
أحمد الطيبي
أو عزمي بشارة
اللذين
استقبلا
بأقواس النصر
في بيروت، وهل
هما أكثر
وطنية من علي
بدوي أو حسن
أبو رافع؟
وبينما يهلل
لهذين
النائبين في الكنيست
الإسرائيلي
واللذين
اختارا الترشيح
للمنصب وتم
انتخابهما من
قبل مواطني
إسرائيل
يهوداً وعرباً،
يخوّن الذين
فرضت ظروف
الحرب
والجغرافية عليهم
كبدوي وأبو
رافع
وغيرهما،
التمسك بالأرض
والدفاع عنها
والقتال، ككل
اللبنانيين
الشرفاء،
داخل حدود
منطقتهم، من
أجل أن تبقى
لبنانية حرة
لا تجيّر
لإيران ولا لسوريا،
ولسان حالهما
يقول مع
شاعر المقاومة
الجنوبية
الحقيقية:
أنا أبن
(حاصبيا) لا
طهران عاصمتي ولا
دمشق ولا
أبتاع أو أشرى
والأرض
أرضي وهذا
البيت مملكتي أتيه
فيه على مروان
أو كسرى
وها هي
إسرائيل التي
تعاونوا معها
من أجل البقاء
والحفاظ على
الجيرة
الحسنة لمصلحة
الطرفين،
تقبل بحزب
الله جاراً،
طالما لم يعكر
الأمن في
قراها
الشمالية، ومهما
تطاول
بالكلام أو
تجرأ في شبعا
فالظاهر أنه
يعرف حدوده،
وهو لم
يتجاوزها بعد.
المفاجأة
الأخرى كانت
بأن يصمت تيار
الحريري، وهو
الذي يمثل
الأكثرية
النيابية،
ويتزعم
السنّة، ويتحالف
مع قرنة شهوان
والقوات،
وينادي
بالانفتاح،
ويعقد العزم
على المضي في
التحرر من
التبعية
لسوريا أو
غيرها،
ويحاول أن
يسير في خط الدول
المتقدمة، لا
بل أن يقنع
هذه الدول بمد
يد العون إلى
لبنان الذي
يريد أن ينزع
عنه وجه الإرهابي
ومروج
المخدرات،
ووجه دولة
يحكمها أبو
مجحن من جهة
ونصر الله من
جهة أخرى.
فإذا بنوابه
يصمتون
ويتركون
الحبل على
الغارب لحزب "الشيطان"
أن يحكم البلد
كله، ومعه
شرعية المجلس
النيابي
المنتخب تحت
عيون العالم.
فهل إن
الحريري يخاف
هذا الحزب؟
وهل هناك أية
علاقة لهذا
الحزب بمقتل
والده؟ أم أن
الإرهاب هو الذي
يجعلك تسكت عن
الحق خوفاً من
الفجور فيصدق
القول " ويأكل
الفاجر مال التاجر"؟
هذا
الهجوم
الإرهابي
"الفاجر" جعل
الجنرال عون
يتراجع، أقله
في المؤتمر
الصحفي، وإذا
بالجنوبيين
يصبحون، بلغة
المؤتمر
الصحافي،
"فارين"،
وكأنهم
مذنبين. وهنا
نشعر بقدرة
الإرهاب وضغطه
على
اللبنانيين،
وهو نفسه الذي
ضغط عليهم
أيام عرفات
حتى انفجروا،
وسوف ينفجرون
لا بد، لأن
الضغط يولد
الانفجار،
ولكننا كنا اعتقدنا
بأن من يمثل
الشعب اليوم
صار أكثر إدراكاً
كي يتجنب أن
يكلفنا ذلك
الضغط من جديد
الوعد بالانفجاريات.
الجنرال
تراجع عن حق
الجنوبيين
ليطالب بلجنة
تحقيق
برلمانية وهو
لا يريد
"تعكير
علاقاته
بالمقاومة"...
أوليس
هذا هو
الإرهاب
ونتائجه؟
"المكتوب
يقرأ من
عنوانه"، ومن
أول جلسة، ومن
أول طلب حق رد
بالفجور وبالصمت
"المحايد"
لكي يذهب نصر
الله إلى إيران
متوجا كزعيم
لبنان
الأوحد،
فيقدم الطاعة للرؤساء،
ويربت على
كتفه،
ويكافأ، فهو،
بالرغم من
الصعاب وتألب
الدول عليه،
قد استطاع، بسلاحه
الذي يعرف كيف
يستعمله، جعل
الكل يقبل
صاغراً.
نعتب
على
المنظورين من
أهلنا الذين
يحاولون
المناورة
واللعب على
الكلام
ويسمون ذلك
شطارة أو
سياسة وهم
يعلمون بأن
أحداً لا
يصدقهم
ويستمرون في
المراوغة.
نقول لهؤلاء
كفانا خيبات
ونقاش بدون
جدوى، وإن كنا
لا نؤمن بما
نقول فحرام
على صرف
الطاقات لأن
أحداً لن
يصدقنا، وإن
كنا لا نعرف
ما نريد
فالسكوت أبلغ.
عتبنا
على الجنرال
أنه عندما
حاول أن يفصل
جزين
وأبنائها عن
الجنوبيين
الآخرين بدا
لحد وجيشه
وكأنه مذنب
وخارج على
القانون،
بينما يعلم
الكل من أحرق
العلم
اللبناني في
أول مظاهرة
أتت من
الضاحية
الجنوبية إلى
صيدا بعد خروج
الإسرائيليين
وزيارة
الرئيس
الجميل للمدينة.
إن حزب
الشيطان هذا
قاد يومها سبع
مئة سيارة في
أول مظاهراته
الغوغائية
ليحرق العلم
اللبناني،
الذي لم يرفعه
إلا للرد على
مظاهرات
السيادة
والاستقلال
في آذار الماضي،
ولكي يصادر
العلم كما
حاول مصادرة
شعار البشير
10452كلم مضيفاً
إليه ما يريد
من الأسماء
والقرى ليبرر
تعنته ويضحك
على بعض السذج
من صغار العقول
أو النفوس،
وعلى بعض
طالبي الرضى
أو الكراسي،
وبعض من
يفلسفون
الجبن
والانبطاح
ويلعبون لعبة
الأذكياء
فيميلون مع
الريح كي لا ينكسروا.
ولكن ما
أوصلنا إلى
ثلاثين سنة من
القتال كان
عدم الوضوح،
وكان
التكاذب،
وكان قصر
النظر، ولن
يخرجنا منها
نفس الأسلوب
ولا نفس
السلاح.
هذا
الحزب الذي
يخوّن
الجنوبيين
لأن الدولة تركتهم
وهربت في 1975
ليصبحوا تحت
رحمة عصابات
عرفات فرفضوا
الذل وصنعوا
لهم من
أبنائهم جيشاً،
ولم يعملوا
تحت الطاولة،
بل بكل شجاعة
فاوضوا جارهم
وتعاونوا
معه، فصمدوا
وعلموا الغير
العنفوان
والبقاء. ويوم
تألب الحكم في
لبنان، الذي
كان ألعوبة في
يد سوريا،
عليهم، وترك
للإيرانيين
أن يبنوا
قواعدهم على
المتوسط
بواسطة صغار
النفوس الذين
لا يعرفون حتى
اليوم معنى
الوطن والموت
في سبيله، وهم
إنما يموتون
في سبيل الحقد
ومن أجل الغرباء،
هذا الحكم ترك
الحزب يفاوض
الإسرائيليين،
والإسرائيليون
تركوا بيلين
وجماعته يتنازلون
للإرهاب، ولم
يأخذ أحد
بالحسبان
أبناء
المنطقة، ولم
يسمع لارسن
نداءاتهم وهم
حاولوا أن
يفاوضوا،
وعرضوا
الحلول
وانتظروا الأجوبة،
ولكن الجواب
كان هجوماً
قام به حزب
الشيطان معتقداً
بأنه قادر على
قهرهم بعد
خروج
إسرائيل،
فإذا بهم
يذيقونه طعم
نارهم في
معركة جسر
الحمرا التي
لم يجرؤ أن
يتكلم عنها،
وهو كما
السوريين في
معركة 1982 أبقى
قتلاه في
البرادات
وسلمها واحداً
واحداً كي لا
يفقد عناصره
معنوياتهم (من
كتاب الجنرال:
لحد في قلب
العاصفة).
ولكن
الجنوبيون
عندما عرفوا
أن المعارك ستصبح
بينهم وبين
الأهل وأن
الجيش
اللبناني سيشارك
بالقتال ضدهم
رفضوا القتال
وفضلوا أن يخرجوا
رافعي الرأس
ويتركوا
الأرض التي
رووها
بالدماء، على
أن يخونوا
الوطن وهم
يعرفون أنه
يرزح تحت
الاحتلال. أما
اليوم وقد خرج
المحتل فكان
من الحري أن
يكافأ
الجنوبيون
وينصفوا.
لكن
حزب الشيطان
لا يريد
التنازل عن
المكتسبات.
فهل يعرف
الحريري
والسنيورة
بأن نصر الله يدخلهم
في تحالف
استراتيجي مع
إيران؟ وماذا سيكون
رد حليفهم
السعودي؟
وإذا كان نصر
الله قادر أن
يضحك على
العامة، فهل
بمقدوره الضحك
على تيار
المستقبل
ونوابه،
وحلفائه وزجهم
في حلف مع
إيران؟ وضد
من؟ عرب
الخليج؟ أم أمريكا؟
أم أوروبا؟
وإلى أين نحن
ذاهبون؟...
الإرهاب
يبدأ بالفجور
وبمنع الناس
عن التعبير
عما يجول في
النفوس
وعندما يعجز
عن ذلك يلجأ
إلى السلاح.
ولن نتخلص من
الإرهاب، ولن
ينطق
اللبنانيون
بالحق طالما
هناك حزب
مسلح. وإذا لم
ينزع سلاحه
ويتساوى مع
اللبنانيين ستتسلح
أحزاب أخرى،
وستقع
الواقعة من
جديد لتفرح
سوريا بأن
نبوءة رئيسها
قد تحققت
وعادت الفوضى
إلى الربوع.
4/8/2005