الجنرال
عون
والتطورات
الأخيرة
الكولونيل/
شربل
بركات
يقول
البعض بأن
الجنرال عون،
صاحب الحلم
اللبناني وإبن
المؤسسة
العسكرية،
والذي حارب
السوريين في حرب
التحرير،
وكان تياره
أساسيا في
ثورة الأرز،
لا يمكن أن
يتنازل أبدا
عن السيادة
والاستقلال،
ولا عن الحرية
والتعددية،
ولن يقبل بأي ثمن
أن يصبح تابعا
لأحد، لا في
الشرق ولا في
الغرب، فكيف
يمكن أن يشكك
بما يقوم به
اليوم من
محاولة تعديل
الحكومة
وجعلها أكثر تمثيلا،
لا بل تعاونا،
لتصبح بالفعل
حكومة وحدة
وطنية لا تمثل
فئة فازت
بالانتخابات
فحسب، وهو ما يعترف
الجنرال به،
بل تمثل كل
القوى اللبنانية
الفاعلة على
الأرض،
فتتجاوز بذلك
العوائق
والأزمات والمطبات
التي يراد لها
أن تعيق تقدم
الوطن نحو
التخلص
نهائيا مما
يحاك له من
مؤامرات،
ويدخل عصراً جديداً
من البناء
والتطور لم
يستطع، حتى
الرئيس
الحريري،
وبكل ما أوتي
من إمكانيات،
أن يقوده إليه
بسبب وجود قوات
الاحتلال
يومها.
الجنرال
عون، بحسب
المقربين
منه، يحاول أن
يستوعب حزب
الله، وليس
العكس، وهو،
بالرغم من البعد
بينهما في
الأهداف
والوسائل
وحتى الولاءات،
لا يخاف من
الانخراط في
"الفوضى"
التي ينادي بها حزب
الله للضغط
على الحكومة،
لا بل يزايد
عليه في بعض المواقف،
لكي يثبت،
ربما، بأن حزب
الله أكثر لبنانية
من كثير من
القوى
اللبنانية
الأخرى، وأنه،
وهو الأخطر
على بقاء
لبنان
ووحدته، يشكل
عنصرا أساسيا
في منع تقسيمه
وتفتيته، فالفئة
الأكثر خطرا
على وحدة
لبنان
والأكثر انعزالا
بين الفئات
اللبنانية،
لا بل التي
خلقت لنفسها
وضعا مميزا من
نواح عديدة؛
ليس أقلها امتلاك
السلاح
وتنظيم دولة
داخل الدولة،
ما كان رفضه
الجنرال
للقوات
اللبنانية
يوم تسلم رئاسة
الوزراء، يعي
الجنرال،
بشكل أكيد،
مخاطر
انعزالها، لا
بل تقوقعها
داخل
المذهبية
الضيقة
وعودتها إلى
الأصولية في
الشكل
والمظهر، وفي
التعاطي مع
الآخرين
والمطالبة
بولاية الفقيه
التي لا بد أن
يختلف عليها
اللبنانيون.
الجنرال
عون لم يعد
يخاف سوريا،
على ما يبدو، وهو
يحاول
استيعاب
الحكم العلوي
المستضعف فيها
وطمأنته بأن
لبنان سيكون
عونا لسوريا
كي تتحول إلى
نظام مستقر
وليس عدوا
تخاف أن ينتقم
منها لكثرة ما
ساهمت
بتحميله
للشعب اللبناني
من ويلات
ومصائب. ولذا
فالجنرال
يحاول استيعاب
من تبقى من
حلفاء سوريا وادواتها
أيضا.
الجنرال
عون المسيحي
الماروني
الذي يطمح لرئاسة
الجمهورية
يعرف بأن
المركز
الماروني الأول
ليس للموارنة
وحدهم وهم
ليسوا من يختار
الذي يشغله،
ومن هنا
تقرّبه من حزب
الله الذي
يُعتبر
الجنرال أبعد
الناس عن طروحاته،
وهو العلماني
المنفتح على
الكل
واللبناني الأصيل
في مواقفه
التي لا غبار
عليها، ولا يمكنه
القبول
بمشاركة
الولاء له
لأية جهة كانت،
فكيف إن هي
حاولت
استخدام بنيه
وقوداً لسياساتها
الخارجية
ولعبةً في
ساحة
صراعاتها مع
الآخرين في
الحلبة
الدولية أو
الإقليمية.
الجنرال
عون قد لا
يفهمه
المواطن
العادي، ولذا
فهو يصر على
أن يثق به
مناصروه. فما
يقوم به
الجنرال يصعب
على الشارع
المسيحي،
المتأمل به،
متابعته،
ولذا يجب أن
يندرج في سلّم
التصديق بدون
المناقشة،
وهنا يقرب
شيئا من الإيمان
والتسليم
اللذين
يجاريان بعض
مفاهيم حزب
الله. والحالة
التي يحاول
الجنرال أن
يصلها، ربما،
قد تكون الثقة
بأنه حليف
صادق يمكن
الاتكال عليه
في الطروحات
السياسية
والمشاريع
المستقبلية،
وبأنه قائد فذ
يمكن الاتكال
على حسن
تقديره وبعد
نظره. من هنا
قد نفهم عدم
تعرضه لحليفه
الجديد السيد
فرنجية يوم
تجرأ هذا على
غبطة
البطريرك رأس
الكنيسة
المارونية
الذي يمثل 12
مليون ماروني
في العالم،
ولا هو ناقش
تجرؤ نائب حزب
الله طرّاد
حمادة يوم
تطاول على رئاسة
الجمهورية
وهدد
بالمطالبة بها بدون
أن يأخذ
بالاعتبار
مشاعر حليفه
الجديد.
ولكن
الجنرال عون
في مقاربته
هذه يغامر بكل
رصيده الذي
بناه خلال 15
سنة بثباته
على المبادئ والطروحات
ما جعل
اللبنانيون
والغرباء
يحترمونه
ويقدرون
نضاله. فهل
يحاول تقليد
حليفه الجديد
السيد نصر
الله الذي
سبقه إلى
المغامرة في
حربه الأخيرة
مع إسرائيل،
والتي كلفته
والطائفة ولبنان
الكثير،
ولكنها
بالمقابل
ذهبت بالعطف
ووهج الكارثة
التي كان
سببها مقتل الرئيس
الحريري،
ليعود هو إلى
واجهة
الأحداث، ويتخلص
من مسايرة
تيار الحريري
في الأمور السياسية،
وينزل إلى
ساحة المعركة
الحقيقية؛ وهي
معركة تقاسم
السلطة، وفرض
استمرار المكتسبات،
التي كان
الشهيد
المرحوم قد
قبل بها
مرغما تحت ضغط
السوريين؟ هل
يكون
الجنرال،
الذي حاربته
الأكثرية
النيابية
خوفا من جرأته
وتعلقه
بالمبادئ،
يحاول أن يفهم
الجميع أنه
يستطيع
المناورة
أيضا، ويبدع بها ساعة
يشاء؟ أم أنه
يعتمد أفضل
طرق الدفاع،
وهي الهجوم،
ليفرض على
الآخرين مبدأ
التفاوض والتنازل
تحت الضغط؟
الجنرال
عون، وهو
المتخرج من
أهم المدارس
العسكرية
وصاحب
النظريات الاستراتيجية
في قواعد
قيامة
الأوطان،
والذي حدد
المال السياسي
كأحد ألد
الأعداء،
يخاف هذا
العدو، على ما
يبدو، أكثر من
السلاح، وهو
عدو أساسي للبنان.
ولكنه لم
يظهر خوفه من
"المال
الحلال"، أو هل
هو أراده
منافسا لذاك؟ وهل أن
الجنرال يخاف
من العروبة
أكثر من
الفارسية
ويعتبر هذه
أبعد من تلك؟
أم أنه يعتقد
بأن وجود
إيران في
النهاية هو
عامل توازن في
الشرق الأوسط
سيؤدي دون شك
لقيامة لبنان
كبلد مستقل
أكثر بكثير
مما سيؤدي
لزعزعة
استقراره؟
الجنرال
عون وتياره
يخسرون
الشارع
المسيحي شيئا
فشيئا، وبالتأكيد،
لأن هذا
الشارع شديد
الحساسية بالأمور
المصيرية،
وهو لا يقبل
بالتسليم الأعمى،
وهذه خاصة
جيدة لصالح
الديمقراطية
في الدول
المتقدمة،
ولكنها قد لا
تكون كذلك في
عالم
المناورات
السياسية
المستحدثة في
العالم
الثالث. وحتى
يتكشف
المستقبل عما
يخفيه من
الأحداث،
سيبقى الجدل
على مستوى
القاعدة
المسيحية في لبنان
حول جدوى
تفاهم
الجنرال عون
وحزب الله،
وحول التحرك
الأخير الذي
يكاد يطيح
بأركان لبنان،
وليس فقط
بالديمقراطية
المهددة من الشارع
الموجه من قبل
أحزاب وقوى لم
تكن مرة متحالفة
مع تيار
الجنرال عون. فهل يمسك
الجنرال
بخيوط اللعبة
كما يجب ليأخذ
أكثر فأكثر
ثقة
اللبنانيين؟
أم هل هو
يصارع في غير
ساحته،
ويقاتل لغير
ربعه؟
يبقى
أن يكون
الجنرال ومن
يماشيه في
سياسته هذه الأيام
يدركون حدود
اللعبة
ويمسكون
خيوطها جيدا
فلا تفلت منهم
وتهدم الهيكل
على الجميع
وعندها فلن
يكون هناك وطن
ليحكم أو إرث
للتقاسم.
تورونتو 24 – 12-
2006