الجنرال
وحزب الله
بقلم/الكولونيل
شربل بركات
تفاهم
الجنرال عون،
الذي حصل على
تأييد
المسيحيين
إجمالا في الانتخابات
الماضية، مع
حزب الله، حول
بعض الأمور
السياسية،
ومنها طرح
الحزب حول
موضوع سلاحه
ومفهومه
لستراتيجية
لبنان "الدفاعية"،
والتي تقوم،
بحسب الحزب،
على "توازن
الرعب" بين
لبنان وإسرائيل؛
أي على أن
يمتلك لبنان،
بشكل غير
منظم، وسائل تجعله
يقلق إسرائيل
ويمنعها من
محاولة استهدافه،
وألا تكون هذه
الوسائل
محصورة
بالدولة فتتحمل
نتائجها، قد
تكون سياسة
واقعية إذا ما
أردنا أن نبقي
لبنان جزءً من
دورة العنف
الشرق أوسطية
فلا يخرج منها
تحت أية ذرائع
مثل ثقل
الفاتورة
التي دفعها
حتى اليوم من
دماء أبنائه
وأرزاقهم
وعدم
الاستقرار في
سبيل "الأمة
العربية"
والدفاع عن
أهدافها.
وحزب
الله الذي
يسيطر على
واحدة من كبرى
الطوائف
اللبنانية
والتي تشكل،
كما قال السيد
شمعون بيريس
أحد رؤساء
الوزارة في
إسرائيل ورئيس
حزب العمل
السابق: الجار
الشمالي
للدولة
العبرية،
يعرف أكثر من
غيره مصلحة
أبناء طائفته
والمنطقة،
وهو بلا شك
يعلم علم
اليقين بأن
أول الردود على
الفوضى
سيتحملها
أبناء هذه
المنطقة
وبالتالي
الطائفة،
فإذا ما ارتضى
هو وأهله بهذا
المصير
فلماذا يكون
الجنرال عون
أكثر خوفاً
عليهم من
أنفسهم.
الجنرال
عون وهو من
الضباط
القلائل
الذين ساهموا
في رد الهجمات
الفلسطينية
عن المنطقة
الشرقية، والذي
شكل اللواء
الثامن وقاده
في المواجهة
مع السوريين
في سوق الغرب
دفاعاً عن هذه
المنطقة وعن
رمز الدولة في
وزارة الدفاع
وقصر بعبدا، ثم
قاد الجيش كله،
ورئس الوزارة
الانتقالية،
وحاول توحيد
البلد وإغلاق
الموانئ
الغير شرعية،
ثم أعلن حرب
التحرير ضد
سوريا،
وبعدها قاتل
المليشيات
المسيحية
التي كانت برأيه
تشكل منافساً
لسلطة
الدولة، يعرف
جيداً معنى
التضحية
والنضال
وأهمية الدولة
والقانون،
وهو بدون شك
يهمه مصلحة
البلد ككل، وهو
أكثر من يمكنه
عقد الصلح مع
الفريق الآخر ومناقشة
الشروط
والدفاع عن
الحقوق.
ولكنه،
وربما لأنه
ليس بموقع
السلطة اليوم
ليفرض
القانون
الواحد على
الكل، يرى في
موضوع حزب
الله (وقد
يكون بسبب
تجربته مع
القوات) بأن
مواجهة
المليشيات
المسلحة ليست الحل،
بل محاولة
استيعابها
ومحاورتها
وجعلها تتحسس
المسؤولية وتتحمل
نتائج
قراراتها فهي
في نهاية
الأمر يجب أن تحاسب
من قبل الجماعة
التي تمثل.
من
هذا المنطلق
يبدو الجنرال
عون وكأنه
يسير مع حزب
الله في طريق
بناء دولة
الطوائف، فهو
من يمثل
المسيحيين
ويتفاهم عنهم مع
من يمثل
الشيعة، وهو
في نفس الوقت،
وبالرغم من
عداوته لفريق
الحكم، يحاور
جنبلاط وربما
الحريري.
وفي
سياق هذه
الحوارات
يبدو الشارع
اللبناني غير
متفهم لما
يدور، ولذا
فهو قلق على
المستقبل
ويخاف من
التطورات
التي لا تبدو
سليمة.
فقد
قامت
التحركات
الشعبية من
أجل أن يخرج
"المحتل"
ويرتاح لبنان
من ذيول
سياسته وربط
"المصير
والمسار"، فينصرف
إلى إعادة
البناء، وفرض
سلطة الدولة،
وتنفيذ
قرارات الأمم
المتحدة، التي
تريحه من
المواجهات،
ومن السلاح
ومشكلاته،
وتجعل
القانون الدولي
هو الفصل؛ فلا
يتحمل
المواطنون
عبئ الدفاع عن
الدولة، ولا يدخل
البلد في
متاهات
الصراعات
الدولية
والإقليمية، فقد
دفعنا ما
علينا ويجب أن
نترك وشأننا
كي نستعيد
الأنفاس
ونلحق بالركب
العالمي الذي
سبقنا مسافات
شاسعة.
ولا
يفهم الشارع
اليوم كيف
تنقلب
الشعارات وتتغير
الطروحات؟
وكيف
يميز بين سلاح
مقدس وسلاح
مجرم؟
ولماذا
تعزز فئات وتحرم
أخرى؟
المواطن
العادي لم يعد
يفهم منطق
القادة، فهو
هلل
لاجتماعات
الحوار لتكون
مخرجاً
لمشاكل البلد
فإذا بها
مدخلا لها.
وهو
تأمل
بالمشاريع
المطروحة
والجو الراقي الذي
يسود طاولة "ساحة
النجمة"،
ولكنه بدأ يحس
بأنها تضييع
للوقت
والتفاف على
مكاسب تحرك
الشعب الذي
فرض متغيرات
على الأرض
يريد
المتضررون
إزالتها.
الجنرال
عون، أحد رموز
مرحلة النضال
ضد الاحتلال
السوري،
يتهمه
منافسوه
اليوم بأنه
الأقرب لسوريا،
بالرغم من أن
سوريا لم تغيّر
شيء بعد من
تصوراتها
بالموضوع
اللبناني.
فهي
لم تعترف
بالاستقلال،
ولم ترسم
الحدود، ولم
تتبادل
التمثيل
الديبلوماسي،
ولم تطلق
الأسرى. ولا
هي ساهمت في
توقيف
المجرمين
الذين قاموا بالاغتيالات،
ولا اعتذرت
عما أساءت به
لشعب لبنان،
ولا تزال
مستعدة
للعودة
لاحتلاله إذا
ما سمحت لها
الظروف.
وسوريا
التي لا يريد
اللبنانيون
معاداتها،
تعادي الحكم
في لبنان،
وتصدّر
السلاح إليه،
وتساند القوى
الخارجة عن
سلطة الدولة.
وكل
ذلك يضر
بمصلحة لبنان،
ويعرّض
استقلاله
وسيادته
للخطر، ويهدد
الاستقرار
فيه.
فهل
يقبل الجنرال
عون أي من هذه
المخاطر وهو الذي
رفض المساومة
على شيء ورفض
حتى الكلام مع
جماعة سوريا قبل
خروج الجيوش
المحتلة؟
التفاهم
مع حزب الله
حول موضوع
السلاح كان بالتأكيد
الموضوع
الأبرز في
مواقف
الجنرال عون،
وأظهر بدون
ريب تحولاً في
شعارات هذا
الحزب الناشئ،
فكيف يتفاهم
الحزب
العلماني
الشعارات مع
حزب، ليس فقط
ديني، إنما
مذهبي يدعو
إلى ولاية
الفقيه؟
وكيف
يقبل الحزب
الناشئ أن يميّز
بين فئات
الوطن في
موضوع كموضوع
السلاح؟
أو
هل يخطط لدعوة
محازبيه إلى
التسلح قريبًا
والانضمام
إلى صفوف
المقاومة
لينزع عنها فئويتها؟
نحن
لا نشك أبدا
بنيّة
الجنرال عون
بشأن لبنان
ولا بولائه أو
بمقدرته على
تصور الأمور
ومجرياتها
وإلى أين
ستقود.
ولكننا
لم نشعر بعد
بتحول في
مواقف حزب
الله نحو
التخلي عن تميّزه
عن سائر
اللبنانيين
في موضوع
السلاح، ولا
عن التزامه
بمبادئ فئوية
تزيد من
القسمة.
وبينما
تقوم شعارات
الجنرال على
الوطن الواحد،
والشعب
المتساوي
أمام القانون
العادل،
والمجتمع
المنفتح
والمتحرر،
نرى في تعاليم
حزب الله
مزيداً من
الانغلاق والتسلط.
فهل
يتفاهم
الجنرال عون
مع حزب الله
على لبنان
جديد يعيش فيه
اللبنانيون
ضمن مجتمعات
متوازية وغير
متداخلة؟
وهل
ينضم السنة
والدروز إلى هذا
الحل؟
أم
أن التفاهم لم
يتعد التكتيك
ليدخل في
الأسس ولا يزال
كل على طرحه
والزمن وحده
الكفيل
بالحل؟...
2
حزيران 2006