اللبنانيون
ودعم المجتمع
الدولي
بقلم
الكولونيل/شربل
بركات
يوم
تحرّك
اللبنانيون
في الولايات
المتحدة مطالبين
بدعم العالم
لهم للتخلص من
الاحتلال
السوري، لم
يكن من السهل
إقناع
الإدارة الأمريكية،
ولا
الكونغرس،
ولا، بالطبع،
الرأي العام
الأميركي،
لولا وجود
لوبي لبناني
عرف كيف يشرح
للمجتمع
الأميركي
تلاقي الأهداف
والمصالح،
خاصة في وقت
كانت الولايات
المتحدة بأشد
الحاجة، هي
أيضا، لتفهّم
مواقفها
ومساعدتها في
حربها ضد
الإرهاب. وإذا
بالقرارات
التي تطالب
سوريا بحلحلة
قبضتها على
لبنان تتالى
الواحد تلو
الآخر، فكانت
قرارات الكونغرس
"محاسبة
سوريا" ثم
"محاسبة
سوريا وإعادة
سيادة
لبنان"، وما
لبث الرئيس
بوش أن أقرّ
هذه القرارات
ليصبح لها قوة
القوانين وتزيد
الضغط على
النظام الذي
كان يرعب
اللبنانيين.
وما لبث
مجلس الأمن أن
اتخذ القرار
الشهير 1559 الذي
وضع الأصبع
على جرح
لبنان، وأعطى
الدواء
الناجع
لدائه،
فطالب، ليس
فقط بخروج سوريا
وإعادة سيادة
لبنان، بل
وأيضا
بالتخلص من كل
رواسب الحروب
وأسبابها،
ومن تنظيمات الإرهاب
ومفاعيلها،
وأخذ على عاتق
المنظمة الدولية
أن تراقب
التنفيذ
وتريح البلد
من كل الشرور
التي تحملّها
شعب لبنان،
وكأن العالم قد
وعي فجأة بأن
هذا البلد دفع
أكثر من أي
بلد آخر ثمن
الحرية
والاستقلال،
ثمن السيادة
والمشاركة في
الركب
العالمي.
وكان ما
كان من ردات
فعل نظام
الإرهاب
وزبانيته.
وكان ما كان
من الضغوط
التي تعرّض
لها اللبنانيون،
والتهديدات
التي نفذت
الواحدة تلو
الأخرى، حتى
وصلت إلى
الرئيس
الحريري،
فقامت قيامة
الشعب ردا على
اغتياله،
وكانت
المسيرات
والتظاهرات
التي أدت فيما
أدت إلى خروج
السوريين
تنفيذا للقرارات
الدولية. وإذا
بالعالم
يرافق هذه
الثورة
الناشئة
"ثورة الأرز"
ويدعمها،
ويطالب بالانتخابات
الحرة ليمثل
لبنان أبناءه
البررة المنتخبين،
لا من بقايا
الاحتلال ولا
من أزلامه وتنظيماته،
بل من الشعب
كل الشعب بدون
ضغوط وبدون
إرهاب.
ولكن ما
حدث لم يكن
يتوقعه
العالم من
هؤلاء اللبنانيين
المطالبين
بخروج جيوش
الاحتلال، والذين
أفهموا هذا
العالم أنهم
شركاءه في وقف
الإرهاب
والمساعدة
على تحجيمه؛ فهم
أكثر من تضرر
منه ومن
أفعاله،
وأكثر من عرف
معانيه
والآلام التي
تنتج عنه.
ولكنهم سرعان ما
خافوا أو
تراجعوا في
خضم النشوة
التي عاشوها،
ولم ينتظروها
بهذه السرعة،
وإذا بزعيم الثورة
يركض إلى حضن
سيد
الإرهابيين
ليقدّم له،
على طبق من
فضة (بواسطة
قانون
الألفين)،
وسيلة
الأحرار؛ ألا
وهي الفوز
بعدد من المقاعد
النيابية لم
يكن يحلم بها،
ليصبح، وعلى
عيون المجتمع
الدولي، قوة
"ديمقراطية"
انتخبها
الشعب. ولم
يكتف قصر
النظر
اللبناني عند
هذا الحد (أو
قل "حسن
النية")، بل
جلس زعيم
الثورة بجانب
رأس
الإرهابيين
يستمع له يهدد
العالم بأنه
سيقطع اليد
التي ستمتد
إلى سلاحه.
نحن لا
نحب الكلام
للذة الكلام
ولا الانتقاد للتجريح،
ومع أننا نكن
احتراما
لثورة الأرز،
ولكننا نريد
أن يفهم
اللبنانيون
معنى التصرفات
التي يقومون
بها، كردة فعل
أحيانا وعلى مستوى
ضيق
(باعتقادهم)،
ولكنهم
يزجّون بالبلد
بنتيجتها في
مواقف غير
مشكورة، فإلى
متى نتصرف بقصر
نظر وبدون
توجه صحيح
وإستراتيجية
بعيدة الأمد،
وكأن الأيام
لم تعلّمنا
بعد ولا دماء
الشهداء.
ويستطرد
زعماء الثورة
في التنازل
للإرهابيين
بدون ثمن،
وللتقاتل في
سبيل كسب
ودهم، وهم لا
يدرون أن
العالم إنما
يراقب، وهو
يصرّ على
تنفيذ
قراراته التي
تعنيه، وليس فقط
ما يهم بعض
الراكضين خلف
مناصب أو
كراسي في بلد
عديد كل سكانه
أقل من مدينة
من مدن العالم
الكبرى.
ولا
يكتفي هؤلاء
بتقديم
الإرهابيين
على أنهم
منتخبون من
الشعب، بل
يشاركونهم في
الحكم الجديد،
ويعطونهم وجه
لبنان ورأس
الدبلوماسية
فيه، فماذا
يريد
اللبنانيون من
العالم أن
يتصرف بعدها؟
وهل إن
المجتمع الدولي
أصبح مستخدما
عند
اللبنانيين
"المتذاكين"
ليقوم بتنفيذ
ما يريدون
إختياره من
القرارات
ويترك الباقي
معلقا إلى ما
لا نهاية؟
اللبنانيون
"الأذكياء"
لا يريدون حتى
الإشارة إلى حزب
الله، وهو
الذي يدير
مدارس
الإرهاب
وتحضير
المتفجرات،
وهو الذي يملك
جهاز
استخبارات خاص،
وهو الذي يهدد
بقطع الأيادي
والرقاب في الخطب
والتصاريح
أمام
الكاميرات
والصحافيين،
ولا يجرؤ أحد
على السؤال،
حتى عن معلومة
يمكن أن يساهم
بها جهاز هذا
الحزب أو تهمة
توجه إلى أحد
عناصره، وقد
يكون الحكم
منع لجنة التحقيق
الدولية من
التوجه إلى
هذا المسلك
تحت حجة
"الوحدة
الوطنية"،
فكيف تريدون
أن تكشف الحقائق؟
وكيف تريدون
العالم أن
يستمر بمساعدتكم
وأنتم لا
تساعدوا
أنفسكم؟
أيها
اللبنانيون. يا من
دفعتم الغالي
والرخيص من
أجل الوطن، من
أجل السيادة،
من أجل
الاستقلال،
هل ترون موقف
حزب الله الذي
صادر قرار
الشيعة، وسجن
أمل (ورئيسها
أيضا) في
خانته، موقفا
لبنانيا مشرفا؟
وهو يقاطع
الحكومة كلما
طالبت بسيادة
البلد، ويهدد
المواطنين
كلما تجرأ أحد
على الإشارة
إلى سلاحه أو
علاقته بأي
أمر، وهو يخوّن
من يشاء،
ويعادي من
يشاء،
ويتفرّد
بإعلان الحرب
والسلم متى
يشاء، وقد عزل
البلد من جديد،
وسوف يسقط
الدعم الدولي
له، ويعيده
إلى دوامة
العنف الذي
يهوى، ودوامة
الاستزلام
الذي تعوّد
عليه، ودوامة
التبعية التي
أصبحت جزءا من
كيانه.
إن جبران
التويني،
رحمة الله
عليه، قد يكون
استفذّ
سوريا، صحيح،
ولكن ليس بقدر
ما استفذّ
لسانه الحر
عقل الرجعية
المعقدة والمنكفئة
على الذات،
وقد تحدّى
قلمه الطليق وأسلوبه
الواضح كثير
من الحجج
الواهية التي يستعملون،
وهو عرف بأنهم
يهددونه
وبأنه قد يلقى
مصير الشهداء
القادة أمثال
بشير ومعوض وجنبلاط
الأب والمفتي
خالد
والحريري
وغيرهم كثر،
ولكنه أراد
قول الحق
والالتزام
بالمبدأ. وهل
شكّل جورج
حاوي وسمير
قصير اللذين
انتميا إلى
الحزب
الشيوعي
عناصر لا يمكن
تخوينها ولا
تحمّل آرائها
التحررية لكي
يقتلا؟ ومن
يقتل لمن؟ ومن
صاحب القرار
في التصفية؟
هل هو حزب البعث؟
أم القومي
السوري؟ أم
النظام
السوري؟
وبالطبع لا
يمكن السؤال
إذا كان لحزب
الله يدا في
هذه لعدم
المساس
ب"الوحدة
الوطنية"، وما
هي هذه
"الوحدة
الوطنية"
التي تريد منا
أن نقبل
بالعودة إلى
وصاية
السوريين أو
غيرهم، وإلى
عهد الرعب من
غارات
إسرائيل،
وعهد القتل في
الطرقات
بتفجيرات
تمرّن على
استخدامها جماعات
لبنانية، وضد
الدبابات،
وليس فقط السيارات
المدنية
المصفحة، وهم
يملكون
الوسائل
وربما
الأسباب؟
نحن لا
نريد أن نتّهم
وأن نعلق في
دائرة الردود
والدفاع عن
وجهات النظر.
ولا نريد، لا
سمح الله، أن
نهدد الوحدة
الوطنية التي
نجل ونقدّس.
ولكننا نقول
بأن هناك
مسارات على
التحقيقات أن
تأخذها
بالاعتبار في
كل قضية، وإذا
كان الكلام
على أجهزة
الحكم مسموح به
وحتى على رئيس
البلاد، وهو
شيء طبيعي في
الدول
الديمقراطية،
فلماذا لا
تجوز الإشارة
إلى الأجهزة
الخاصة
بأحزاب
ومنظمات لا
زالت تحكم
أجزاء مستقلة
من البلد ولها
وصول إلى كل المناطق
والأشخاص؟
ولماذا نفتش
عن تشيكيا أو غيرها
من الدول التي
يمكن أن تكون
المواد المتفجرة
التي استعملت
في قتل الرئيس
الحريري قد
أحضرت منها،
ولم نفتش عن
أكبر
مستودعات للمتفجرات
وخبراء
التفجير التي
عندنا في قلب
البلد؟
هذه
الأسئلة
وغيرها
الكثير يطرحه
اللبنانيون
في السرّ
والخفاء، وهم
لا يعلنونه
ويخافون
الكلام عنه،
ولكن العالم
الذي يعرف كل
تفاصيل
التسلح ويعرف
حتى بعض
تفاصيل
التنفيذ، لا يمكنه
أن يساير
حكومة مخروقة
من ممثلين
لجماعة
يعتبرها هذا
العالم
إرهابية، وهي
لا تزال تفرض
رعبها على
اللبنانيين
كلما تجرأ
أحدهم على
الكلام،
وآخرها ما
سمعناه أمس في
"كلام الناس"
حيث اتصل نائب
في البرلمان
وهدد كل من تجرأ
على السؤال عن
حزب الله
وتصرفاته
بدون أدنى وجل
وبدون أي حساب
لردة فعل.
نعم إن
العالم لن
يحارب عن
اللبنانيين
حربهم للاستقلال،
ولا حربهم
للديمقراطية،
ولن يحرر من
في نفسه توق
للعبودية.
وحزب الله ليس
بأقوى من سوريا
ولا بأقدر من
إسرائيل،
وعلى
اللبنانيين
أن يفهموه
بأنه إما أن
يلتزم
المساواة
واحترام القوانين
ليعود عناصره
جزءا من أبناء
البلد، وإما
أن يخرج من
المجتمع الذي
يفرض عليه ضرائبه
(250 مليون دولار
من عائدات
المخابرات
الخارجية
مثلا) وسوء
إدارته
للأموال
العامة ( الكهرباء
ووزارات أخرى)
وابتزازه لكل
موقف ورأي وجهة.
إن
العالم الذي
لا يزال ينتظر
اللبنانيين
لملاقاته لن
ينتظر طويلا.
فيا أيها
اللبنانيون إحزموا
أمركم
وقولوها
بوضوح إن زمن
الامتيازات
قد ولى، وزمن
عدم المساواة
بين أبناء
البلد قد
انتهى، وأن كل
من تواجد على
أرض لبنان يجب
أن يحترم
القانون الذي
لا أحد فوقه،
وأن السلاح
والسلطة هي
بيد الدولة
فقط ولن تكون
بأي يد غيرها.
وإن كنتم غير
قادرين على مواجهة
هؤلاء
والعالم كله
معكم اليوم،
فمتى
ستقدرون؟ وإن
كنتم تعتقدون
بأن الوقت سيعلّم
هؤلاء بأنكم
لا تريدون لهم
السؤ وأنهم يجب
أن يتخلوا عن
ممارسة
التعالي
عليكم، فأنتم على
خطأ تام لأنهم
يعتقدون أن
قوتهم فقط هي
ما يبقي لهم
موقفهم وليس
انتماءهم إلى
الوطن الواحد،
وإلا لكانوا
تركوا السلاح
وتركوا التعالي
على الآخرين
واكتفوا
بمواقعهم
التي لهم الحق
فيها بمجرد
أنهم
لبنانيون.
أيها
اللبنانيون
الذين تعيشون
كل يوم مأساة جديدة.
وأنتم تودعون
اليوم ركنا من
أركان الصحافة
الحرة
والكلمة
الواضحة لا بل
من أركان لبنان
المستقبل
والذي سيبقى
معلما،
وسيبقى مشعلا
يضيء نور
كلماته
المحفورة في
الصدور، كما
كتب الأنبياء
والقديسين،
دروب
الأجيال،
ومنهلا لقول الحق
والعمل من أجل
وطن الأحرار.
نقول لكم أنه لن
يكون سلام ولا
هدوء ولا
مستقبل
للبنان ما دام
هناك مسلح
واحد لا يمتثل
للقانون
الواحد مهما
كانت أسبابه
وشعاراته،
وإذا بقي واحد
يسعى لمصلحة
غير مصلحة
لبنان ويجاهر
بها بدون خوف
من ملاحقة
القانون له.
فهل ينهض
لبنان من جديد
بعد شهيد آخر
بحجم جبران
فيركض العالم
لملاقاته
ومساندته
وينتصر له كل
محب ويسهم في
التخفيف من
مآسي الناس في
هذا الشرق؟ أم
أن دعاة
الكراسي
والمناصب الخائفين
من مصير جبران
والحريري
"سيمودرون"
كل تحرّك،
ويجهضون كل
أمل، ويمنعون
العالم من
مساعدتنا؟
تورونتو –
كندا
في 17- كانون
الأول- 2005