هل
يكون الإسلام
هو الرد على
الانحلال
الخلقي في
حضارة اليوم؟
يقلم/الكولونيل
شربل
بركات
في عالم
اليوم حيث
تبدو الحضارة
آخذة درب
السهولة
والغرائز
وحيث الإعلام
والتكنولوجيا
أصبحا ملح
الأرض وغذاء
الروح والجسد.
في عالم
اليوم حيث
المدارس تعلم
الأطفال أن
يحترسوا من
آبائهم
وأمهاتهم،
والجار أن
يخاف من جاره
فيتقوقع في
جحره وينعزل
إلا عن وسائل
غسل الدماغ
الجماعية.
في عالم
اليوم حيث
يدخل "المثل
الأعلى"، المزين
بمظاهر
جذابة، عمق
اللاوعي فيسلب
الطفل
براءته،
والشاب
طموحه،
والفتاة طهارتها،
والكهل
رصانته،
والمرأة
اتزانها.
في عالم
اليوم حيث
خلعت الراهبة
سترها
والكاهن وقاره
وشاع العهر في
كل شيء وتغلبت
المادة على
الإنسان
فبدلت قيمه
وتجربته
ومعاني الترفع
والعزة عنده.
في عالم
اليوم حيث
أصبح الجنس
البشري كله مهدد
بالانقراض
والأرض
بالتصحر
والزوال.
في عالم
اليوم حيث
تتحول
الغرائز نحو
الشذوذ ويبطل
إنجاب بذار
المستقبل
وتحدد
العلاقة
الطبيعية
لمنع الاستمرار.
في عالم
اليوم حيث
يريدون لنا
التناسل في
المختبرات
ويغيرون
الجينات التي
تحمل في طياتها
معارف
الأجيال.
في هذا
العالم
الضارب عرض
الحائط
بالقيم والأخلاق
بالعرف
والتقاليد.
هذا العالم
السائر طوعا
نحو حتفه
والممعن في
الانتحار بكل
كبرياء وبدون
معرفة. يظهر
الإسلام
وكأنه الرد من
عند الله
للإبقاء على
ما رسم
سبحانه،
واستمرار
الحياة
البشرية على
وجه هذه الأرض
كما كانت منذ
آلاف السنين.
فالإسلام قال
بالتسليم "لا
تقل آمنا بل
أسلمنا" وهو
تسليم لمشيئة
الله عز وجل
ولرسومه
وأحكامه.
والعودة إلى
الأصول في
الإسلام هي
عودة إلى الطبيعة
والإيمان
وممارسة
للأخلاق التي
تربت عليها
البشرية.
والإسلام لا
يرضى أن تصبح
النساء
والأمهات مادة
للمتاجرة
والتسلي، ولا
أن تبنى
العلاقة بين
الجنسين، ولو
مؤقتة، إلا
على ما رسم
الله ورسله،
وهو كغيره من
الأديان يتبع
الشريعة "المنزلة"
والتي تشابهت
عند الكل
لقرون طويلة فكانت
الحافز على
استمرار
البشرية.
والإسلام،
كالأديان
الملتزمة، لا
يقبل بالإجهاض
وقتل النفس،
والعلاقة
الجنسية عنده
تتم بعقد يكمل
فيه المسلم
دينه بإنشاء
العائلة
وإنجاب
البنين.
والإسلام لا يشرّع
الشذوذ، ولو
اعترف
بوجوده، وهو
لا يطلق
لملذات الإنسان
العنان تحت
ستار الحرية.
فالصلاة
واجب مقدس
تحاسب عليه في
الدنيا كما في
الآخرة،
والزكاة واجب
أيضا عليك أن
تنفذه،
والصيام
فريضة على
المسلم أن
يطبقها، كما
الحج إلى بيت
الله الحرام
والطواف
بالكعبة ورجم
الشيطان. ولكن
الأهم في
الإسلام هو
الجهاد في
سبيل الله وهذا
الجهاد هو بيت
القصيد اليوم
وهو موضوع
الساعة في
أحاديث
العامة
والخاصة وفي
تصرفات المسلمين
وردات الفعل
التي يواجهون.
أحد
المزامير وهو
يبدأ بالجملة
التالية: "لماذا
ارتجت الأمم
وهبّت الشعوب
بالباطل، قام ملوك
الأرض
والعظماء
أتمروا معا
على الرب وعلى
مسيحه..." يحاول
أن يروي بشكل
أو بآخر
محاولة
"انقلابية"
على الله وعلى
مسيحه وهو بعد
سردها وإطلاق العنان
لزعمائها
يعود ويقول ما
يلي: "حينئذ يكلمهم
بسخطه وبغضبه
يروعهم..." فهل
إن غضب الله
سينزل كما نزل
على صادوم
وعامورة
نارا وكبريت؟ أم أنه
سينزل كما نزل
على فرعون
موجة كبيرة
نتجت عن عصا
موسى أو بركان
كريت؟ وهل
تكون "تسونامي"
إحدى إشارات
الغضب تلك؟
عندما تنظّمت
روما وارتاحت
من الحروب
فأطلق شعبها
العنان للغرائز
والشذوذ، هل
كان الغوط
وسيوفهم رد من
الله لهدم
حضارة الفسق؟
أم أنه مسار
التاريخ
وحتمية
الطبيعة التي
تقاتل لكي
تستمر فيقوم
العنصر
الأقرب إليها
بقلب النظم
المعاكسة
لمسيرتها
ليعيد لها
نشوة الحياة
والتجدد، كما
الفلاح في
عملية قلب
التراب لكي
يعيد تغذيتها
وتهويتها
فيزول الظاهر
الذي يبس
ليخرج وجها
جديدا متجددا
ملؤه النشاط في
دورة متكاملة
لا توقفها
عوامل
المعاندة
والادعاء.
إن الإسلام
الهاجم بسيفه
المسنون على
حضارة الغرب،
التي سيطرت
عليها فلسفة
الخنوع والتبرير،
وقادتها عصائب
السوء من
المتاجرين
بكل شيء،
الذين لم يعد
عندهم طموح
وهمم، وصارت
مجتمعاتهم
مخنثة ضعيفة
منعزلة لا
تعرف الواجب ولا
ترغب في
التغيير، سوف
ينجح دون شك
في نفض الغبار
وحرق اليباس
وقلب التراب
الذي غلف وجه
الحضارة
المسنة تلك
لتنبت براعم
عصر جديد ينهض
بالإنسان
ويطلق طاقاته
الخلاقة في
إطار من مخافة
الله واحترام
خلائقه ونظمه
ورسومه.
فهل يعي
الغرب فيقف
كما وقفت
بيزنطية فيما
مضى ويبادر
إلى التجدد والتحصن
بالقيم
والأخلاق؟ أم
أنه سيبقى سائرا إلى حتفه
دون أن يشعر
إلا بعد فوات
الأوان بأنه
كما قال
الشاعر: إنما
الأمم
الأخلاق ما
بقيت فإن
هم ذهبت
أخلاقهم
ذهبوا
16 تشرين
الأول 2006