المسيح
قام فهل يقوم
مسيحيو لبنان
بعد كل المعاناة
والصلب؟
بقلم/الكولونيل
شربل بركات
يحتفل
العالم اليوم
بآلام وقيامة
السيد المسيح،
وهو أهم طقس
في الكنيسة
لأنه يجسّد
معاني
التضحية التي
تتغلب على
الظلم بتقبّل
العنف
بالمحبة،
ومواجهة
الارهاب
بالصمود،
والتجبّر بالاعتراف
بقدرة الله
على حماية
محبيه وإيصالهم
إلى شاطئ
الأمان.
منذ
ألفي سنة وشعب
الله الذي
اعترف بالسيد
المسيح مخلّصا
وحاول السير
على طريقه،
يعاني من
الظلم حينا
والاضطهاد
أحيانا،
ولكنه يتجاوز
هذه وتلك
بقدرة الله
ومساندته،
فيبقى شاهدا
على رحمة
السماء في هذا
الوادي وادي
الدموع.
لا
يمكن تلخيص
شعب الله
وأبنائه بفئة
من الناس أو
مذهب أو طائفة
أو دين، لأن
الله أوسع من
أن يحتجز في
فكر محدد،
وأكبر من أن
يحجّم في كتاب
أو دستور مهما
بلغ ذلك من
الدقة
والشمول. ومن
هنا كانت
البشرية
المفتشة عن
الحقيقة ولا تزال،
تسعى بدون
جدوى لتستوعب
الله عز وجل
فتسكنه في
مكان من صنعها،
وهو خالق الكل
وصانع ما لم
نقدر بعد على
تصوره.
لقد
دارت الأديان
الشرق أوسطية
والتي نسميها
سماوية، حول
فكرة أساسية
حاولت أن تدرك
ما يطلبه الله
من البشر على
هذه الأرض.
وقد ارتكزت
الواحدة على
سابقتها
معتبرة أن
الله كلّم
البشر في
العهد
القديم؛ بدءا
مع ابراهيم
ومن ثم موسى،
كما أوحى
للأنبياء بما
يعلّمون به
البشر. وتجسّد
مع السيد
المسيح فأظهر
لنا بأن رحمته
أكبر من
بطشنا،
وحكمته أعمق من
أن تدركها
عقولنا
الصغيرة
وطموحاتنا
التي تحدها
حاجات الجسد
فتقّزم أبعاد
الله الامتناهية.
وبعد أن
انتشرت كلمة
الله في أرجاء
المعمورة
واعترف
الطغاة
بقدرته بدأت
مرحلة النقاشات
الفلسفية حول
الإيمان
فانقسم الناس
مجددا طوائف
وفرق وعاد
التقاتل
والتفرقة. وجاء
قرآن محمد ابن
عبدالله
ليشدد على
كلام الله
وشرعه ويمنع
الجدل في
المسلمات،
وبالرغم من نجاحه
في توحيد
جزيرة العرب
إلا أنه، وبعد
غياب النبي
وتغلب
الأرضيات
والمصالح،
زادت التفرقة
وتنوّع
التعصب وسيطر
السيف حكما
فشوّه جوهر
كلام الله.
من
هنا استمر
لبنان، الذي
حمت جباله
وصعوبة مسالكها
المقهورين
على أنواعهم
خلال التاريخ،
بحماية فئات
من كل طوائف
الشرق
ومذاهبه،
تعايشت جنبا
إلى جنب
فطوّرت فلسفة
التعاون
بالرغم من
الاختلاف،
لتتجاوز صعوبات
الأرض
ومشقاتها
وظلم
الجبابرة
وبطش المتسلطين،
تاركة لكل فئة
حرية اتصالها
بالله على
طريقتها
وإيمانها ما
جعل هذا الجبل
يشكّل
بالفعل، وليس
فقط بالاسم،
"قلب الله"
(لب-آن) الكبير
والجامع لكل
من يدعوه.
المسيحيون
بفئاتهم
المختلفة
وطوائفهم كما المسلمون
بمذاهبهم
المتعددة،
حملوا تجاربهم
المرة إلى هذا
الجبل موئل
الأحرار
لينحتوا في
صخوره
تاريخهم
المختلف
والمتعدد،
والذي يتشابه
بالألم
والقهر
منفردا،
ويزدهر بالعز
والطمأنينة
مجتمعا. وقد
تناوب كثر على
حمل الراية
وتحمّل
مسؤولية
التعاون،
فنجحوا حينا
وفشلوا
أحيانا، ولكن
نجاحهم أزهر
تلونا
وانفتاحا،
بينما فشلهم زاد
التجارب
المرّة ألما
وحث أكثر على
التقوقع
والانعزال.
اليوم
وبعد أربعة
عقود من عدم
الاستقرار
الذي فرضه
تدخل نظام
الجار القريب
في كل شاردة
وواردة،
والتعبئة ضد
الجار الآخر كسلاح
للسيطرة
والهيمنة،
يفتقد
اللبنانيون سلامهم
الداخلي
وحريّتهم،
التي تركوا
الكثير من
أجلها،
ويعيشون في
قلق على
المستقبل، لا
خوفا من
التدخل
الخارجي الذي
أصبح خبزا يوميا
فقط، ولكن
بالأكثر
تخوّفا على
وحدة الرؤى وتوازن
الولاءات،
التي تهدد
حريتهم
وتنوعهم وتحاول
زجّهم في آتون
الصراعات،
لتعيد
تصفيفهم وتقيمهم
وتهدد لقمة
عيشهم
ومستقبل
أبنائهم.
المسيحيون،
وبعد كل
المعاناة في
زمن التجارب
الكبرى
والتجاذبات،
استطاعوا أن
يبقوا على
أهمية
التنوّع حتى
داخل
مجتمعاتهم
كوسيلة،
ربما، لإحياء
لبنان
المتعدد
الوجوه
والمتنوع القيم
والمتمسك
بديمقراطية
انطلقت من
شواطئه لتصبح
أهم أشكال
الحكم طلبا في
أرجاء
المعمورة.
ولكنهم
يكادوا
يسقطون في
الثنائية
التي تفرضها
بعض المفاهيم
السياسية
فتمنع تمازج
الألوان
لتبقي على لون
واحد وضده،
وهذا ما يفقد التجربة
اللبنانية
قيمتها
ويبعدها عن
روح الله عز
وجل الذي جعل
نوره تمازجا
لتعدد
الألوان ورحمته
بابا لتعاون
المختلفين.
المسيحيون
اليوم الذين
لم ينسوا بعد
زمن السيف
الموجه إلى
قلب لبنان،
يعيشون زمن
تهديد المجتمعات
من حولهم.
فالشعارات
تسقط الواحدة تلو
الأخرى، والجبابرة
ينزلون عن
العروش، ولكن
المخاض عسير والقلق
كبير. فهل خلف
الغمام أمل
أكبر بقيام أنظمة
حديثة تعيد
للمواطن حقه
وكرامته،
وللأوطان
استقرارها،
وللشعوب
المزيد من
الانتاجية
والبحبوحة
والرفاه؟ وهل
يزهر الربيع
بعد كل عواصف
الشتاء
القاتمة؟
المسيحيون
في لبنان تجاوزوا
عقد الأنظمة
والخوف من
التهجير والعبوات
الناسفة،
ولكنهم قلقون
على أنواع
جديدة من
الاغتيالات
تطال زعماءهم
وأصحاب الرأي الحر.
فهل نشهد
مزيدا من
التوتر في
المرحلة المقبلة
أم أنها غيمة
صيف عابرة؟
المسيح
قام حقا قام.
ولبنان الحر
سيقوم؛ بمسيحييه
ومسلميه، وسيبقى
معلما ومنارة
للشرق
والغرب،
وهيكلا لله عز
وجل، طالما
هناك مؤمنون
يضرعون بمحبة ويتوسلون
رحمته تعالى
ليجارونه
رحمة بعباده،
وسعة قلوب
تستوعب الخير
وتوزعه من
حولها بدون
منة مترجية
ديمومته.
كل
عام وأنتم
بخير.
كندا/تورونتو
في 08 نيسان/2012