نص الكلمة التي القاها الشيخ نديم الجميل في الأشرفية بعد القداس الإلهي الذي أقيم اليوم في الذكرى 26 لأستشهاد

والده الرئيس الشيخ بشير الجميل

 

 الاحد 14 أيلول 2008                         

 

 بشير: مِنّا التَحيةْ ومِنكَ العِنايةْ.

 

اسْتشهَدْتَ يومَ ارتفاعِ الصليبْ؛ فأنتَ صَليبُنا الوطني. صليبٌ لأجْلِنا لا صليبٌ علينا.

 

تحيّةً من العائلةْ والحِزبْ والرفاقْ والأصدقاءْ والحُلفاءْ. كلُنا، معاً، نَرفعُ الصلواتْ من أجلِك، مِنْ أجْلِ الرفاقْ الذينَ استشهدوا معكَ، ومن أجلِ بيار وأنطوان.

 

تَحياتِنَا أيضاً إلى شُهداءِ الكتائبْ، كتَائِبِنا؛ والقواتْ، قواتِنا؛ وثورةِ الأرز، ثورتِنا؛ والمقاومةْ اللبنانية، مقاوَمَتِنا.

 

 لم تَكنْ يا بشير شَخْصاً عادياً بلْ رَمْزٌ، رَمزٌ يَعْبُرُ العُصورْ والتاريخ ، ولا يَسْتَقِرْ إلاّ حيثُ النقاوةْ والشفافِيةْ والنَزاهَةْ والتَجَرُّدْ والصُمودْ في وجهِ كُلِ مُعْتدٍ،

 

وستبقى يا بشير، رَمْزاً للشعبِ المُقاوِمْ، رَمزاً للوجودِ المَسيحي الحُرّ، رمزاً للبنانْ المُستَقْبَل.

 

وفي ذِكرى إستشهادِكَ السادسةْ والعشرين، اللبنانيون الذين أردْتَهُم مُوَحَّدينْ، مُنْقَسِمون. والمسيحيون الذينَ أردتَهُمْ مُتَضَامِنين، مُشَتَتُون. ولبنانْ الذي أردتَهُ كِياناً راسِخاً في الشَرقْ، مُبعثرٌ بينَ دُوَيْلاتْ وجُمهورِياتْ وطوائفْ ومَذاهِبْ وتَيَاراتْ.

 

 لقد خَسِرنا أعَزَّ الناسْ عِندَنا، ولم يبقَ امامَنا الاّ خَياراْن :

 

أن نبقَى غارقينْ في الحِقدِ والضَغينة، أو نَقْلُبْ بِجُرْأة وكِبَرْ الصفحةْ السوداءْ، ونَخْطو بقلبٍ مفتوحْ وعَزْمٍ وثِقةْ نَحْوَ التَسامُحْ والرَجاءْ.

 

فالمسيحيون قلقونْ على وجودِهم وهَوّيتِهم ومُسْتقبَلِهم في لبنانْ والشرقْ، وعلينا بكلِ جُرأةْ إزالةْ هذا القَلَقْ، وتَوْفيرْ كلْ أنواع الضماناتْ من أجلِ تََثْبيتِ وُجودِهِمْ الحُرّ ودورِهِمْ الوطني.

 

باسمِ شبابْ وشاباتِ لبنانْ، باسمِ التَضْحِياتْ والشَهاداتْ، أُناشدُ القادةْ اللبنانيينْ والمسيحيين خاصةً :

 

حانَ وقتُ بلسمة الجروح الوطنيّةْ والمسيحيةْ،

 

حانَ وقتُ إنهاءْ إلانقِسامات والشَرْذَمة،

 

حانَ وقتُ وقفِ الهِجرةْ يأساً منَ الوطن،

 

لقدْ حانَ وقتُ الشِفاءْ .

 

لقد آن الاوان أن نَتَعلّمَ من مآسي الماضي حتى لا يَتَكَرَرَ التاريخْ، لأنَ التاريخْ لا يُعيدُ نَفسَهُ الاّ عندَ الشُعوبْ التي لا َتَتعلّمْ من مَآسي الماضي.

 

فكلُ مَنْ يُريدْ أن يَبْني مَجْداً على حسابِ اللبنانيينْ وخاصةً وحدةِ المسيحيينْ فأنَ مجدَهُ مؤقَتْ  وباطِلْ.

 

وكلُ من يُريدْ أن يَسْتَقْوي بغيرِ شعبِهِ فأنَ استقواءَهُ ضُعِفْ،

 

فبِقَدْرِ ما يكونُ المسيحيونْ أقوياءْ يكونُ المسلمونْ مُوَحَّدين. وبِقَدْرِ ما يكونُ لبنانْ قويّاً، نَكُونُ كُلُنا أحراراً.

 

ولبنانْ هو أرضُ المسيحيينَ الاحرارْ وارضُ المسلمينَ الاحرارْ، هو ارضُ الانسانْ الحرّ في هذا الشرقْ.

 

جيلُنا ُولِدَ في زَمَنِ المُقاومةْ والإِضْطِهادْ، في زمنِ الاقتتالْ والإِنْتِقام ، تَرَبَّى في زمنِ الإِنقِسَامْ والإِحتِلال. ونريدُ اليومْ  أن نُوقِفَ القهرَ  والانقسامْ والإقتِتالْ ، لأننا أبناءُ الحريّةِ والحياةْ.

 

ايُها الرفاقْ والاصدقاءْ،

 

علينا ألاّ نَنْسى لماذا استشهدَ بشيرْ و الآلافْ من رفاقِنا في الكتائبْ والمقاومة اللبنانية. فَهُمْ وَقَفوا في وَجْهِ السيطرةِ الخارجيةْ على لبنانْ.

 

 ومع تأييدنا الكامِلْ لِمبدِأ المصالحةْ على مَساحاتْ الوطَنْ، لا بُدّ من التأكيدْ على الحقائِقِ التاليةْ:

 

منذُ سنوات، ونحن نُحَذِّرُ من السلاحْ غيرِ الشرعي، فِلِسْطينياً كانَ أمْ لُبنانياًً.

 

فالسلاحْ الفِلِسطيني داخلْ وخارجْ المُخيَّماتْ مَصدرُ خطرٍ دائمْ على أمنِ الوَطنْ والمُواطن.

 

ومن غيرِ الجائزْ أن يبقى أيُ سلاحْ على الاراضي اللبنانية خارجْ عنْ  سلطةِ الشرعيةْ مَهْما كانت تسميتُه وشعاراتُه.

 

 فسلاحُ حزبَ الله استباحَ العاصمةْ بيروت ، فهدَّدَ السِلْمَ الأهليِ وضَرَبَ  هيبةَ الجيشْ اللبناني. و استشهاد النقيبْ الطيّار سامِرْ حنّا على يدِ سلاحْ هذا الحزبْ ، هو تأكيدٌ جديدْ على مَدَى خطورةِ خروجْ هذا السِلاح على الشرْعِيةْ.

 

وما تصريحاتْ المسؤولينَ الايرانيينْ الاّ دليلٌ جديدْ على أن هذا السِلاح مُرْتَبط ، وينتظِرْ أوامِر ولاية الفقيه.

 

نقولُ ذلكَ من منطلقٍ وَطَني وليسَ من مُنْطَلَقٍ سِياسيِ ضَيِّّقْ أو طائفي أو عِدائي، خاصةً ونحنُ عشيةَ انطلاقةِ الحوارْ الوطني برعايةْ فخامةْ رئيس الجمهورية.

 

فخوفُنا ليسَ من سلاحِ حزبِ الله كسلاحْ، فما من مرّةٍ أخافَنَا السِلاح. خَوْفُنا هو على الوطنْ والنِظامْ والكِيانْ والهويّة.

 

لنْ يجوزْ بعدَ اليومْ أن تبقى على مساحةِ الوطنْ مِنطقةً محظورةٌ عليك ومنطقةٌ ممنوعَةْ عليِّ أنا.

 

فلا مُربَّعات أَمنيّةْ، ولا مناطِقْ مَحْظورة، ولا غَزَوَاتْ مَسْمُوحَةْ، ولا  دُوَيْلات تَنْشَأُ هنا أَو إمارات تَنْشأ هناك.

 

ويَسألونَنا مَن أنتم، وأين قاوَمْتُم وماذا حَرَرْتُم ؟

 

مَنْ نحنُ ؟

 

نحنُ آباء المقاومةْ اللبنانية، نحنُ المقاومة اللبنانية.

 

أينَ قاومْنا ؟

 

في كلِ لبنانْ، في الجَنوبِ والجبلْ، في الشَمالِ والبقاعْ ، في العَاصمةِ بيروتْ وفي جِبالِ صَنينْ، حيثُ زَرَعْنا شهداءَنَا ورَوَيْنَا تُرابَ الوطنْ بالعرقِ والدمْ لِمَنْعِ التوطينْ ، لمنعِ إقامةِ دولةْ فلسطينيةْ بدِيلَةْ ولمقاومةِ الاحتلالْ السوري.

 

ماذا حرّرنا ؟

 

معركةُ تحريرِ لبنانْ بدأَتْ مِنْ هُنا. الاشرفيةْ كانت البِدايَةْ، بدايةِ التحريرْ عام 1978. ومِنَ الاشرفيةْ إنطلقْنا بِعَزْمٍ وإيمانْ نحوَ كلِ لبنانْ لتحريرِ الارضْ والعقلْ والانسان.

 

 أيها الاصدقاء والرفاق،

 

نحنُ معَ الحِوار دونَ عُقَدٍ أو شروطْ مُسبَقَةْ،

 

نحن مستعّدونَ للمُصَافحة بِيدٍ صادِقَةْ ونَظِيفة.

 

إذْ ما يَهُمُنا هوَ شعبُ لبنانْ ومستقبلُ شبابِ وصبايا لبنانْ.

 

ما يهمُنا هوَ لبنانْ أولاً وأخيراً.

 

سَنَبْنِيهِ مَعَكُم، سَنَبْني هذا اللُبنان، علىَ قَدَرِ طموحِنا وطُموحِكُمْ.

 

َنبْنِيهِ

 

لبنانْ واحِدْ لا ُلبنانانْ

 

دولةٌ واحِدَةْ لا دَوْلتان

 

جيشٌ واحِد لا جيشان.

 

ايها الأَصْدِقَاءْ والرِفاق،

 

اليَأسْ مَمْنوعْ، فَهُوَ لم َيكُنْ يوماً في قاموسِ بشير،

 

ولنْ ُندْخِلَهُ نَحْنُ في قامُوسِنا.

 

لقد مَرَرْنا بظروفٍ صَعْبَةْ في الماضي وخَرَجْنا مِنها مُنْتَصِرِينْ،

 

وبالأمسِ القريبْ، وَّحَدَتْنا ثورةُ الأرزْ، فَخَرَجَ الجيش السوري منْ لبنان

 

بعدَ ثلاثينَ سنةْ مِنَ الهَيْمَنَةْ والوِصَايَةِ والإحتلالْ.

 

اليوم هناك محاولاتٌ جديدةٌ من أطرافٍ عدّةٍ للعودة بالوطنِ إلى الوراء.

 

الى هؤلاء نقول : لقد إنتهى الى غيرِ رجعةٍ زمنُ الوصايةِ والاحتلال.

 

 فالمُسْتَقْبَلْ مَنُوطٌ بِكُمْ :

 

فإمّا أَن نُحافِظَ على لبنانْ الحُرّيةْ، لبنانْ الحَضَارَةْ و لبنان الحياةْ،

 

وأمّا يَعُودُونَ بِهِ الى زَمَنِ الوِصايَةِ و َطمْسِ الهَوِّيةْ ولبنانْ الموتْ.

 

المسؤوليةْ جَسِيمَةْ على أَكْتافِنا جَميعاً،

 

فحَذارِ التَفْرِيطْ بِالمُكْتَسَبَاتْ،

 

وحَذارِ الإسْتِهْوانْ،

 

وحَذارِ التراجُعْ.

 

لا تَخافوا. فلبنانْ باقٍ،

 

لا تَيْأَسوا، فالدولةُ القوّيةْ سَنَبْنِيها معاً.

 

لِنَتَوَحّد ، فالوطنْ بحاجَةٍ الينا جميعاً.

 

يحيا لبنان

 

نديم بشير الجميّل

 

الاحد 14 أيلول 2008