الرئيس
والجديد
بقلم/نصير
الأسعد
في
خضمّ
التطوّرات في
لبنان
وحولَه، يسأل
اللبنانيّون
منذ مدّة: أين
هو رئيس
الجمهوريّة
الآن؟.
لقد
تمّ طيلة
الأشهر
الستّة
المنصرمة
إخضاع الرئيس
من جانب محور
النظام
السوريّ –
إيران – "حزب
الله" إلى
"مشروع" الإنقلاب
الذي نفّذه
هذا المحور
بالقّوة على
الحياة الدستوريّة
في لبنان،
وأُجبر على أن
يربط مصيره بمصير
مكونّات هذا
المحور في ظلّ
التحوّلات التي
تشهدُها
المنطقة
العربيّة مما
بات يصطلح على
تسميته
بالربيع
العربيّ.
أُخضع
الرئيس فشارك
في إسقاط
"حكومة
الوحدة الوطنيّة"
التي كان
يرأسها
الرئيس سعد
الحريري، عبر
أحد وزرائه في
تلك الحكومة.
ثمّ أخضع
ثانيةً فأجّل إستشارات
التكليف حتىّ
يتسنّى للإنقلابيين
الوقت الكافي
لتغيير
المعادلة
النيابيّة بالإكراه.
ثمّ أخضع
بالمحصّلة إذ
وقّع مرسوم تشكيل
حكومة الإنقلاب
متخلياً عن
موقع له فيها
يتيح له على
الأقل لعب دور
ضابط إيقاع في
إطارها. وفي
أدائه حيالَ
الأزمة
المشتعلة في
سوريّا وإنعكاساتها
على لبنان،
بدا واضحاً
أنّ الرئيس
يُخضع مصلحة
لبنان لمصلحة
النظام
السوريّ، بل
هو غض الطرف –
أو وافق؟ - في
وقت من
الأوقات عن
مخالفات
لحقوق
الإنسان أفضت
إلى تسليم
فاريّن
سوريين من
العنف إلى سلطات
سوريّا فلقوا
حتفهم.. بل
وافق عملياً
عبرَ توقيع
مرسوم تشكيل
الحكومة على
ربط لبنان
بالنظام
السوريّ
وأزمته وعلى
ربط مصير
البلد تالياً
بالنظام
السوريّ.
في
الجواب
الأوّلي إذاً
عن سؤال: أين
هو رئيس الجمهوريّة
الآن؟ أنّ
الرئيس أُخرج
أو أخرَج نفسه
من السلطة،
وهو فعلياً
الآن خارج
السلطة بعدَ
أن سلّم للإنقلاب
أو إستسلم
له أو تراجع
أمامه.
وقبلَ
متابعة
الجواب عن
السؤال نفسه،
لا مفر من
إعادة الإعتبار
لحقيقة أنّ إنقلاباً
يقوم في البلد
منذ أشهر وأن
المسألة ليست
مسألة حكومة
تشكّلت وصاغت
بيانها
الوزاريّ ومثلت
أمام المجلس
النيابيّ.
إنّ
ما شاهده
اللبنانيّون
طيلة أيّام
الثلاثاء
والأربعاء
والخميس
الماضية،
يمثّل وصمة عار
في جبين
النظام الديموقراطي
البرلمانيّ
اللبنانيّ
العريق: إنقلاب
يمثل أمام
المجلس، وقد
جرى إلباسُه
لباس حكومة،
للحصول على
ثقة المؤسّسة
الأم في ذلك
النظام الديموقراطي
البرلماني!
من هنا
القول إنّ
"المعركة"
التي تخوضها 14
آذار، ليست في
جوهرها – أي في
عمقها
الفعليّ – معركة
ضدّ حكومة. فما
هي هذه
المعركة
فعلاً؟ وما هي
هذه الحكومة
فعلاً،
بالإضافة إلى
كونها نتاج إنقلاب؟.
إنّ
هذه الحكومة
مجرّد واجهة. واجهة لمن
ولماذا؟
في
حقيقة الأمر، إنّ
لبنان، خاصةً
في السنوات
الأخيرة.. وفي الشهور
الماضية بشكل
أكثر تحديداً
أمام محاولة
تشكيل وتسييد
نظام أمنيّ
"جديد".
فإذا
كانَ النظام
الأمنيّ
"السابق"
الذي بلَغ
ذروته في 2004 و 2005
قبلَ أن تسقطه
ثورة الإستقلال
في أعقاب
جريمة إغتيال
الرئيس رفيق
الحريري،
نظاماً
أمنياً سورياً
– لبنانياً
مشتركاً، فإن
النظام
الأمنيّ
"الجديد"
الذي تجري
محاولة فرضه
الآن على
لبنان
واللبنانيين
هو نظام سوريّ
– إيرانيّ –
لبنانيّ
مشترك.. بين
المخابرات
السوريّة
والمخابرات
الإيرانيّة
و"حزب الله"
وعدد لا يُستهان
به من
الأجهزة
الرسميّة
اللبنانيّة
التي حطت رحالها
في دار "حزب
الله".
إنّ
المواجهة في
العمق هي
مع هذا النظام
وحكومة نجيب
ميقاتي ليست
سوى واجهة. والمرحلةُ
تشبهُ إلى حدّ
كبير مرحلة 2004 – 2005
عندما كان
النظام
الأمنيّ
السابق
سائداً
وحكومة عمر
كرامي واجهة..
على إعتبار
أن حكومة
كرامي آنذاك
أتت في ذروة
صعود النظام
الأمنيّ (قبل
أن ينهار إثر
جريمة 14 شباط)،
وقبلها كان
الصراع لا
يزال قائماً
بينَ الرئيس
رفيق الحريري والنظام
الأمنيّ أيّاه.
غير أنّ
الفارق بين 2004 و
2005 واليوم في 2011،
هو أنّ النظام
الأمنيّ
السابق نما
ثمّ إنهار
في وقت كانَ
النظام
السوريّ، بما
هو "القطب" المؤسّس
والمؤثر لا
يزال
"سليماً"،
فيما تجري
محاولة فرض
النظام
الأمني
"الجديد"
حالياً بينما
النظام
السوريّ
مأزوم
ويتهاوى،
والنظام
الإيرانيّ
متأزم، و"حزب
الله" مضروبٌ
على رأسه. أي إنّ
"الجديد"
مكلّفٌ بجعل
لبنان مجالاً
لتلقّي موجات
تداعي النظام
السوريّ
ومكاناً لإستيعاب
الأزمات
السوريّة
ومعالجتها
وموقعاً للمساومة
لمصلحة أطراف
هذا "الجديد"
المأزومين في
الصميم.
والمقدّمات
الآنفة
إذ تسلّط
الضوء على
جوهر المعركة
التي تخوضها 14
آذار بما هي
معركةٌ ضدّ
نظام.. أمنيّ
متجدّد بواجهة
حكومة إنقلابيّة،
إنّما تهدف –
أي المقدّمات
– إلى تسليط
الضوء أيضاً
على حقيقة أنّ
معركة 14 آذار هي
معركةٌ على
هويّة لبنان
وعلى موقعه
ومن أجل إستقلاله
وحريته وديموقراطيّته
من جديد، وهي
معركة "الشعب
يريد إسقاط
النظام"،
وتندرج
تالياً في
ثورات "الشعب
يريد" على
مجمل الخارطة
العربيّة.
لكن
وبالعودة إلى
السؤال: أين
هو رئيس
الجمهوريّة؟
لا بدّ من القول
إنّ الرئيس
بالإضافة إلى
كونه خارج
السلطة "الرسمية"،
هو خارج
السلطة
الفعلية. أي
أنّه غير
معترف به
من جانب
المحور
الإقليميّ –
المحلّي
المتصدّر
لـ"الصورة"
حتّى كرأس
للنظام بما
أنّ أياً من
مكونّاته لا
يتبع له
فعلياً ولا يأتمر
به، بل
إنّ الرئيس
غير قادر على
أن يكون ما كانه
سلفُه إميل
لحّود.
بإختصار
إنّ رئيس
الجمهوريّة
خارج السلطة.
وُضع خارج السلطة
ووضع نفسه
خارج السلطة.
ألم يكن
الرئيس يعلم
حقيقة أنّه
"أكل يوم أكل
الثور
الأبيض"؟.
ألم
يكن يستطيع إنتهاج
مسار مختلف
يقطع الطريق على
ما وصلت إليه
البلاد؟.
ألم
يكن الرئيس
يملك مقوّمات
الصمود للحؤول
دون هذه
النتيجة؟.
ألم
يكن الأجدر أن
يخوض من
الأساس معركة
الشرعيّة
الدستوريّة
"المتكاملة"
بدلاً من الإنشغال
بمعركة
فرعيّة مع
"التفصيل العونيّ"؟.
إنّ
ما آل إليه
وضع رئيس
الجمهورية
مؤسفٌ فعلاً.
غير
أنّ الأهم من
كلّ ما سبق،
هوَ أنّ 14 آذار
أمام معارضة –
مواجهة،
معركة
عنوانُها
الفعلّي إسقاط
النظام
الأمني
الجديد،
إسقاط سلطة هذا
النظام،
وبدون أدنى
شكّ هي معركةٌ
شرسة لإستعادة
الإستقلال
والسيادة
والحرية والديموقراطيّة
والكرامة .. والهويّة
العربيّة، وللمساهمة
في التحوّلات الديموقراطيّة
العربيّة وفي
صنع مستقبل
لبنان
والمنطقة معاً.
لبنان
الآن/09 تموز؟2011