ثعلبة
وطوباويات،
كيف نجح
مسيحيي سلطة
الوصاية
السورية؟
بقلم/سلمان
سماحه
منذ فترة
ووسائل الإعلام
التابعة
مباشرة أو غير
مباشرة لحزب
"التيار
الوطني الحر"
تستضيف أو تستصرح
سياسيين
مسيحيين
كانوا يُعرفون
من قبلنا
كتيار سيادي ﺑ"مسيحيي
السلطة"،
وذلك لأخذ
آرائهم
بمراحل
واستحقاقات
سياسية
ووطنية سابقة،
كانت مواقعهم
ومواقفهم
فيها ثابتة
ومعروفة،
وعلى نقيض تام
من مواقعنا
ومواقفنا
كتيار سيادي.
إن منطق
توازن القوى
قد يفرض عليك
القيام بتحالفات
لتضمن من
خلالها تحقيق
غاياتك واهدافك
السياسية
وغير
السياسية. أما
أن تضطر بحجة
عدم إلغاء
الذات أن
تتحالف أو
تتفاهم مع
الخصم
وتتنازل له وأمامه،
فتنسى علة
وجودك، وتنقلب
على مواقفك،
فقط كي لا تتفاهم
مع حليف أو رفيق،او
منافِسٍ من
خطِك، ففي هذا
العمل كيدية
ما بعدها
كيدية...وخسارة
مُحتمة وإن
مؤجلة...
قد تجد نفسك
على المدى
القريب أو حتى
المتوسط متذاكياً،
منتصراً،
قهاراً..
"بتعرف تلعبا"...
لكنك من حيث لا
تدري أو تدري،
تكون قد ألغيت
نفسك، فلا
تعود أنت هو أنت...
يسمعك
رفيق الدرب...يقرؤك
حليف
البارحة... يراك
صديق الأمس...
فلا يعرفك ...
يظن أن
لك شبيهاً...أنّ
أحدهم ينتحل
صفتك ... او أن
لشخص آخر اسمًا
على اسمك...
إن كلام
التبرئة كما أتى
على لسان
فخامة الرئيس إميل
لحود عشية 7 آب أو
كلام التحريض
كما أتى على
لسان معالي
الوزير ميشال
سماحه
يدفعانني للكتابة
لما يحرك هذا
الكلام من جرح
فيّ.. جرح حتى
المصابين به
أصبحوا
يستلذون في نكئه في مازوشية
متكررة لا
ترحم نفسها
ولا الآخرين..
إن تكرار سرد
واقعة ممانعة
الفرنسيين
والأمريكيين
لعودة دولة
الرئيس ميشال
عون من المنفى
في فرنسا قد
تكون صحيحة
مئة في المئة
لأسباب
ودوافع
نجهلها أو
نعلمها. لكن
الحديث عن هذا
الموضوع سوف
يدفع الفريق
المسيحي
الآخر أي
"التركيبة الأمريكية"
بحسب وصف
معالي الوزير
سماحه، إلى
سرد مقابل
لحماسة
"مسيحيي
السلطة"
وسلطة الاحتلال
السوري
لعودته
وتسهيلها له
وممانعتهم لخروح
الدكتور جعجع
من السجن .
هم ، أي
"مسيحيو
السلطة"،
كانوا حينذاك
على ما ذكرنا،
ومن دون أي
افتراء عليهم،
في مواقع
مناقضة لموقع
دولة الرئيس
العماد ميشال
عون في تبنيه
ودعمه للقرار
1559 ولانسحاب
جيش الاحتلال
السوري من
لبنان.
من
المستفيد من
سياسة
التحريض
المسيحي- المسيحي
هذه وإلى ماذا
أدت من نتائج؟
و كيف
يصبح منطق
معالي الوزيرميشال
سماحه أقرب الى
"حزب التيار
الوطني الحر"
من منطق سلمان
سماحه؟
إن
استعادة هذه
الواقعة من
قبل "مسيحيي
السلطة" هو
استمرار في
سياسة
التحريض وبث أجواء
الشرذمة داخل
ما كان يعرف ﺑ"التيار
السيادي". و قد
فعلت هذه
السياسة فعلها
عشية
انتخابات 2005 وأدت
واجبها كاملاً
على
المستويات كافة.
بحيث عوّم
"مسيحيو
السلطة" أنفسهم
واستولدوا
لنفسهم دوراً
و موقعاً
كانوا
سيفقدونه
كلياً أو
جزئياً لو بقي
"التيار
السيادي"
متماسكًا. وإنني
في ما أقول،
لا أبرئ
قياديي
"التيار
السيادي" من
مسؤوليتهم في
الانجرار في
هذه اللعبة،
في مسار
التدمير
الذاتي
المتكرر، فهم
ظنوا أنه
بخروج السوري
عسكرياً من
لبنان، أن الحرب
انتهت وحان
وقت "القطف"
والشاطر "يللي
بيقطف أكثر
وقبل غيره
وعلى حساب
غيره"،
فخسروا
جميعاً
لينتهي بهم
المطاف
فريقين:
فريق يتماهى
لدرجة
الذوبان في
خطاب ومشروع
وعقيدة ناضل ونفي
واعتقل في
مواجهته،
فينال مكافأة
على ذلك مواقع
في السلطة،
محكومًا من
خلالها بالدفاع
عن هذا الخطاب
والمشروع
والعقيدة،
وهي أقل ما
يقال فيها إنها
تحمل إلغاءًا
حتميًا
مؤجلاً للذات.
وفريق
بحاجة كل مرة
للصراخ
والتهديد
المبطن لينال
حصة من حلفائه
الذين على ما
يقال "تماهوا"
هم معه في
خطابه
ومشروعه
وعقيدته.
فريق يقاتل من أجل
استعادة موقع
في لبنان... فيساهم
في بناء لبنان
لا يشبهه بشيء....
وفريق يقاتل من أجل
المحافظة على لبنان
يشبهه... من دون
أن يكون له
موقع أو دور
فيه....
إن هذه
"الخطة" التي
نسجها و نظٌر
لها "مسيحييو
السلطة"
تتنافى في
نتائجها
العملية مع ما
أعلنه معالي
الوزير ميشال
سماحه لصديقه
السفير الأمريكي
جيفري فيلتمان
عن أن "...ما
يريده هو
وفاقاً
مسيحياً
مسيحياً،
ومسيحياً
مسلماً،
وسنيّاً
شيعياً..."
والدليل
الواضح هو
النتائج الكارثية
التي أوصلتنا إليها
سياسة
التحريض على
الانقسام
المسيحي على
المستويات الوفاقية
الثلاثة:
فعلى
المستوى
المسيحي انقسام
وشرذمة
وحقد وكراهية
لم نعرفها حتى
في الأيام
السوداء.
أحقاد
كنا ظننا أننا
دفناها للأبد،
حين كانت جزمة
الاحتلال
تعصر رقابنا
سوية، فيسيل
عرقنا ودماؤمنا
ليمتزجا
سوياً،
فيمحوا إلى
غير رجعة
مشاهد ومشاعر
ساعة الشيطان،
ويرسما لوحة
مستقبل
المصير
الواحد والأهداف
المشتركة.
نتيجة
هذا
الانقسام، دوس على كل
التضحيات
وانقلاب على
كل الإنجازات
وقضاء على أية
إمكانية
لعودة دور
مسيحي فاعل
خارج أي إطار
من أطر الذمية
الواضحة أو
المقنعة.
أما
على الصعيد
المسيحي الإسلامي
فحدث ولا حرج. إن التحريض
على الانقسام
المسيحي فرض
على
المسيحيين،
ولضمان
تمثيلهم في
السلطة، الالتصاق
بفريق إسلامي
ومعاداة
الفريق الآخر
شر معاداة. وأصبح
شعار الوحدة
الوطنية شعارًا
ذا اتجاه واحد
وكأن كل فريق
مسيحي يريد أن
يختصر
المسلمين في
لبنان بحلفائه
لا غير.
فالتفاهمات
لا تصح إلا
باتجاه واحد.
والتنازلات
لا تجوز إلا
لفريق واحد. ولا
تغاضٍ إلا عن
معاصي وارتكابات
الحلفاء.
وما النتيجة؟
قسم من
المسيحيين
يعادي السنة و
الدروز،
و قسم آخر
يعادي الشيعة.
وعلى
الصعيد السني-
الشيعي الكارثة
الكبرى. دفع
منظرو "مسيحيي
السلطة"
بنظرية تقضي
بأن لا إمكانية
لاستعادة
الدور المسيحي
إلا بتغذية
الصراع السني
الشيعي. قد
يكون هذا نظرياً
صحيحاً لو أن
السنة
والشيعة هم
الحزب
الديمقراطي
والحزب
الجمهوري في أمريكا و
يتنافسون أو
يتحالفون في
السياسة بشكل
ديمقراطي
حضاري. لكن
الواقع ليس
هكذا ابداً.
إنها قنبلة
موقوتة
معروفة
نتائجها منهم تحديداً، هم
المتباكون
على
المسيحيين في
العراق نتيجة
التمزق
والصراع
السني الشيعي
هناك.
وقد
رأينا على أرضنا
ولا زلنا نرى
النتائج الكارثية
للعب على
الوتر السني
الشيعي على
الاستقرار والنمو
وتحصين
السيادة وبسط
سلطة الدولة
واستعادة
لبنان الدولة
لا الساحة.
والنتيجة
ماذا،هجرة
مسيحية على
خلفية إبقاء
لبنان ساحة
للصراعات
الإقليمية و
الدولية، فلا دولة
ولا
استقرارًا
ولا نموًا بل
ساحة مفتوحة
لاضطرابات
متنقلة
وركودًا
وانسداد افق
.
قد
تكون نوايا
"مسيحيي
السلطة"
حسنة، قد تكون
هواجسهم
مبررة، لكن
نتائج "خطتهم"
أتت بعكس ما يعلنونه أقله
علناً: انقسام
مسيحي مسيحي...انقسام
مسيحي
مسلم...انقسام
سني شيعي...
نتائج
تستحضر في
ذهننا ظروفًا
شبيهة بتلك
التي
عايشناها
طيلة ثلاثين
عاماً:
عام
75 انقسم
اللبنانيون
مسيحيين
ومسلمين ودروز....دخل
السوريون.
عام
83 انقسم
اللبنانيون
مسيحيين ودروز....عاد
السوريون الى
الجبل.
عام
87 انقسم
اللبنانيون
سنة وشيعة ودروز
في بيروت...عاد
السوريون الى
بيروت
الغربية.
عام
90 انقسم
اللبنانيون
مسيحيين فيما
بينهم....أطبق
السوريون على
ما تبقى من
لبنان الحر.
أما
المغزى
والهدف من هذا
الكلام فهو
محاولة "طوباوية"
ربما، "ولادية"
أكيد،
للعودة إلى البدء،
للعودة عن
الخطأ
المتكرر،
لختم الجرح
مجدداً...
الهدف إعادة
الزمن إلى
الوراء...إلى
عشية 14 آذار 2005....
تخيلوا
معي المشهد
التالي:
المكان: باريس-
مقر إقامة
العماد عون
(الأكثر حرية
وقدرة على
التحرك حينذاك):
فبعد
مشاهدته
قوافل ثورة الارز
وحشودها
يطمئن بأن لا
عودة الى
الوراء وأن
السوريين
راحلون لا
محالة...
يتصل ببكركي
هاتفياً
ويكلم غبطة
البطريرك
ليقول له التالي:
"سيدنا،
حلمنا
بالاستقلال
سيتحقق، نحن أمام
مرحلة جديدة،
علينا تحصين
الاستقلال واستعادة
التوازن وإعادة
الحريات، أتمنى
عليك أن تطلب
من لقاء قرنة
شهوان
موافاتي الى
باريس لندرس
كيفية مواجهة
الاستحقاقات
المقبلة
سوياً".
يقفل
الهاتف، و
يتصل بالقصر
الجمهوري
مكلماً فخامة
الرئيس لحود:
"فخامة
الرئيس،
السوريون
سينسحبون، في
ظروف أخرى، ربما
علينا
محاسبتكم،
لكن الوضع
المسيحي الهش
لا يحتمل، عليكم
الانضمام
إلينا، إلى
خياراتنا
ومشروعنا
بتحصين
الاستقلال
واستعادة
التوازن وإعادة
الحريات...أطلب
منك الآن
مباشرة الضغط
على حلفائك
لإطلاق سراح
الدكتور جعجع
ودعوة كل فريق
"مسيحي السلطة"
ليكون جاهزاً
معنا لمواكبة
هذه المرحلة."
أحلام
"طوباوية" "ولادية"
كسرتها
وحطمتها تنظيرات
ومخططات
ثعالب
السياسة
المغذية
للنزوات الشخصية
المجنونة...و
لهاجس "النمرو
واحد" ولو على
أنقاض القضية
والناس
والقيم...
تنظيرات لونت
البرتقالي
والأحمر
والزيتي والأبيض
بألوانها...
بدل أن يطغى
عليها لون
واحد...لون جُبِلَ
دماءً وعرقاً
وسجناً ونفياً....
سلمان
سماحه
(مقال نشر
في جريدة
النهار
بتاريخ 31/08/2008
بصيغته الاصلية)