موسى
الصدر ومحمد
مهدي شمس
الدين امامان
للحوار
والمصالحة
وللعدل
والكرامة
د. سعود
المولى
كيف
تأتى لهذين
النجفيين - الايرانيين
، مولدا ونشأة
وعلما ودراسة
وذائقة فكرية
وتربية، ان
يكتشفا معنى
لبنان وسر اجتماعه
، وان يعملا
على لبننة
اسلامه وتعريب
لبنانيته؟
سؤال
كبير لطالما
سألته الامام
الراحل الشيخ
شمس الدين ولم
أجد له جوابا
الا بالعودة
الى الامام
الصدر. . نعود
اليه فى كل
مناسبة ومحطة
وأزمة
وعاصفة، لا بل
في كل لحظة من
لحظات حياتنا
السياسية ووجودنا
الوطنى . . فنكتشفه
ونكتشف فيه
ومعه صنوه
ورفيق دربه ،
محمد مهدي شمس
الدين،
ونكتشفهما
معأ، إمامين
للحوار والمصالحة،
وللعدل
والكرامة.
مع
انسياح شمس
بعلبك
الحارقة فوق
اعمدة
القلعة،
صعودا الى
جرودنا
الشمالية الى
منافي البؤس
والحرمان ما
بين اللبوة
والهرمل
وعكاروالضنية،
فإلى مخيمات
العار في
أقاصي
الضاحية
الجنوبية
وباب التبانة
وصبرا
وشاتيلا
والبداوي . . تشمخ
القامات التي
لم تنحن الا
للخالق ، ترفع
الكف في وجه السيف
، وتحمل
العيون
الدامعة في
وجه المخرز، عاما
بعد عام ، الى
ان تنقضي
الأيام .. الجرح
هو الجرح ،
والألم هو
الألم ، على
الرغم من
تكاثر الزيف
والنفاق وعلى
الرغم من
صلافة خطب
الوقاحة
والاستحمار
وهي تحاول ان
تسرق منا
الذاكرة، بعد
ان سرقت الحلم
والشهداء
والوطن وتعب
الأيام..
إمامان
للحق
والرحمة،
إمامان قاما
وقعدا، وما
زلنا في
انتظارهما..
ننتظرهما
مع المحرومين
من أرضهم
والمحرومين
فى ارضهم . . أولئك
الفقراء
الشرفاء
الذين لم
يساوموا على
اربعين من
الفضة أو
المناصب ، ولم
يبيعوا الضمير،
ولم يخونوا
العهد والقسم
، زرعوا
أجسادهم فوق
الأرض وفي كل
موقع وزاوية، بانتظار
وعد القطاف
القادم "عدالة
وكرامة وحرية
ومساواة
للجميع وبين
الجميع" وما
زالوا
ينتظرون "وما
بدلوا تبديلا"..
على
وقع حفيف
قدميه
العاريتين
وهو يسير من
دورس الى مرجة
رأس العين
يوقظ كرامة
وعنفوان "السلاح
زينة الرجال
شرط الا يرفع
إلا في وجه
العدو" تعلمنا
كيف نكون كموج
البحر متى
توقفنا انتهينا".
. وعلى هدير
صوت غضبه
الصاعد
المتكسر
كامواج بحر
صور وكرمى
لعيون لم تذرف
الدمع الا فى
محراب الصلاة
ودعاء كميل
وأدعية السجاد،
ولصوت قرآني
يأخذ من النبي
ضياء فرحه ومن
علي ونهج
البلاغة وعهد
الاشتر كل
الحكمة
والمحبة والوداعة
والصلابة،
ومن الزهراء
وزينب وقفة الكرامة،
ومن الحسن
والحسين
شجاعة الحق ،
ومن سيرة
الأئمة
والصحابة ان "افضل
العبادات عند
الله كلمة حق
عند سلطان
جائر"، وان "عدل
ساعة يعادل
ألف ساعة
عبادة،.. تعلمنا
كيف نكون ،مؤمنين
حسينيين قولأ
وفعلا" وكيف
نكون "مقاومة
مدنية شاملة،
تحضن كل الوطن
وكل الناس ،
ترفض لغة
التخوين
والتكفير
وممارسات الغلبة
والاستقواء
وترفع عنوان
الحوار الدائم
والسلم
الاهلي
الراسخ،
والمصالحة
الوطنية
الشاملة، ومن
منابر
المساجد
والحسينيات ،
حملنا راية
الوحدة نؤكد
للعالم ان دم
المسيح يجري
في عروقنا، وان
صوت محمد يدوي
فى مسامعنا.
ومن
مقولة لبنان
وطن نهائي
لجميع بنيه،
ولبنان "ثروة
حضارية
وضرورة
انسانية،. . جاء
صوت الامام
الصدر يقول
لنا ان
الحريات هي الدعامة
الاساسية
لكيان لبنان،
وأن "لبنان
ضرورة
انسانية حضارية
باحترامه
للقيم
الانسانية
وللمذاهب والعقائد
والثقافات"،
فكانت دعوة
حوار الحضارات
والاديان
والثقافات هي
رسالة لبنان وكان
الامام الصدر
أول من أطلقها
ومارسها مع الامام
شمس الدين..
وعلى
هذا الدرب
الانساني طرح
الامامان
مقولة
العروبة
الحضارية فى
مقابل العروبة
السياسية
والحزبية
والفئوية
والعصبية التي
مزقت العرب
وأهدرت كرامة
الانسان
والأوطان..
لم
ننس القدس
وفلسطين وقد
حمل
اللبنانيون
لواء قضيتها
منذ النكبة
الأولى عام 1948
لا بل منذ
ثورة البراق 1929
والثورة
الكبرى عام 1936
يوم تفاعلت
مدن وقرى جبل
عامل مع
الثوار كما
تفاعلت لاحقأ
مع جيش
الانقاذ. ثم
يوم أفتى
الامام السيد
محسن الحكيم
بدفع الخمس
والزكاة
لمجاهدي
الثورة
الفلسطينية
عام 968 ا. ثم يوم
قال الامام
السيد موسى
الصدر في حفل
الافطار
الرمضاني
الشهير(17
كانون الأول 968
ا) في بيروت : "نرجو
ان يكون كل ما
نملك وكل ما
نفكر فى خدمة
القضية
المقدسة.. اننا
مع المجاهدين
الفلسطينيين
قلبا وفكرا ولسانأ
ويدا"
وها
هم اليوم
ابناء فلسطين
يكرسون مبدأ
المقاومة
المدنية
الشعبية
الشاملة التي
أرادها الامام
شمس الدين
إطارا ورمزا
عربيا واسلاميا
للاندماج
الوطني
والمشاركة
المتساوية المبنية
على ثوابت
السلم الأهلي
والمصالحة
الوطنية
والتضامن ،
وعلى دعائم
الحرية
والكرامة،
وعلى أسس
العدالة
والديموقراطية..
وها هي فلسطين
المباركة
تكمل درس
لبنان العظيم
في ان لا حرية
ولا تحرير ولا
سيادة ولا استقلال
ولا عروبة ولا
وحدة، الا عبر
مشاركة الناس،
واخراج
الشعوب من
سجون القمع
وزنازين
الارهاب وعقليات
التخوين
والتكفير وان
الديموقراطية
والعدالة والكرامة
شرط للمقاومة
والتحرير..
لم
ننس حركة
الامام الصدر
باتجاه
الوحدة الاسلامية
والتقريب بين
المذاهب ، وكم
عانى لأجلها
هو ورفيقه شمس
الدين،
واجتهدا
لتطوير مشروع
اسلامي عربي
موحد، عبرا
عنه بالتضامن
العربي تارة
وبالمتحد
الاسلامي- العربي
طورا، و الى
بذل الجهد
لانجاحه . . فكانت
تحركات الامام
الصدر في
القاهرة
والسعودية
وسوريا والخليج
، ونجاحه في
عقد قمتي
القاهرة
والرياض خريف 76
بوابة الحل
العربي لمحنة
لبنان ، كما
كانت محاولته
الشجاعة ربيع 78
لعقد قمة
عربية لانقاذ
الجنوب
والثورة الفلسطينية،
هي بوابة
تغييبه
والاجهاز على
مشروعه
لمصلحة
الحروب الأهلية
العربية،
والفتن
الداخلية
المتنقلة..
وعلى
الدرب نفسه
كانت مقولات
الامام شمس
الدين حول "ضرورات
الأنظمة
وخيارات
الأمة" هي
الاطار
النظري
والعملي
التاريخي
لحفظ الذات
وصون
المقاومة في
مرحلة
التسوية بعد
مدريد ثم
مرحلة
الهرولة نحو
التطبيع بعد
اوسلو. . وكانت
دعواته
المتكررة
ومساهماته
البارزة في
اندماج
الشيعة في
،أوطانهم ،
وفي المشاركة
الوطنية
والتضامن مع
اخوانهم من
بقية المذاهب
والطوائف حيث
يعيشون فى
البلاد
العربية،
خصوصأ نجاحاته
الكبرى في
البحرين
والسعودية
والكويت
ومقولته
التاريخية
حول تشكل
الأمة العربية
من اكثريتين : اكثرية
عربية فيها
مسلمون
وغيرمسلمين ،
وأكثرية
مسلمة فيها
عرب وغير عرب "
هي الأساس
الموضوعي
لسعيه الدائب
لادراج الشيعة
في المشروع
الوطني لكل
بلد عربي ،
وفي الحياة
المشتركة
لأوطانهم،
ولابراز
حقيقة التنوع
الحضاري
والثقافي
والانساني
داخل المجتمعات
العربية بين
طوائف ومذاهب
وبين جماعات
وأقوام ، ودعوته
الى احترام
الخصوصيات
والتمايزات والى
تطويرها
ورعايتها
كشرط للوحدة
وللاستقرار
والازدهار.
وفي
هذا السياق
نظر الامامان
الكبيران الى
التجربة
اللبنانية
بعين التقدير
والاكبار، وعملا
بقوة وحماس
على رعايتها
وحمايتها وتطويرها،
ومنهما تعلم
أبناء الصدر
وشمس الدين
الحب والوفاء
للبنان "الوطن
النهائي
لجميع بنيه " ،
لبنان ا لحوار
الاسلامي - المسيحي
والتنوع والتعايش
، لبنان
الثروة
الحضارية
والنوافذ
الانسانية
المفتوحة على
تحولات العصر
وتطورات
الزمان
والمكان"،
لبنان الذي "لا
معنى له دون
مسيحييه ، ولا
معنى له دون مسلميه
"، لبنان "المعنى
والرسالة
والدور" (عناوين
من كلمات
للصدر وشمس
الدين).
ومن
مواقف السيد
الصدر في
الندوة
اللبنانية وكنيسة
الكبوشيين
الى وقفات
الشيخ شمس
الدين في
بكركي
والفاتيكان ،
وعلى امتداد
جراح الحرب
النازفة ما
بين الحازمية
والقاع ودير
الأحمر ومسجد
الصفا في
العاملية " اكتشف
اللبنانيون
ذاتهم
ووجودهم
وتعلموا انه
ليس لهم الا
لبنان، مهما
حاروا
وداروا،
ومهما وجدوا
من صيغ وصداقات
وتحالفات
وانها كلها
ستخيب وتخسر ولا
يبقى
لهم الا
لبنان .. " واكتشف
اللبنانيون "ان
لبنان يخلق
دائمأ ويوميا
بإرادة
أبنائه .. فهو
ليس وطنأ معطى
أو وطنا جاهزا".
. (شمس الدين ). ومن
القول ان "لبنان
ضرورة حضارية"
وان "التنوع
الطائفي ثروة
يجب التمسك
بها"، وان ("الطوائف
نوافذ حضارية
على العالم
وعلى التواصل
الانساني
وليست كهوفأ
يحتبس فيها
ابناؤها (الصدر)،
الى التأكيد
على "خصوصية
لبنان " وعلى
الارادة
الايجابية
لجميع ابنائه
للعيش معا
وللمشاركة
معا في انشاء
صيغة مجتمعية
واحدة وليس
فقط صيغة
سياسية"، الى
استمرار
التأكيد على "قبول
الاخر
واحترام
خصوصياته "، "وذلك
في مقابل
دعوات
التمايز
والانفصال ،
والغلبة
والاستحواذ (شمس
الدين )، برز
المشروع الوطني
الاسلامي
والانساني
للامامين
الصدر وشمس
الدين ، "لا
بالمداهنة
والشعارات
الجوفاء، ولا
بلقلقة
اللسان ، بل
بالعيش
الواحد الذي
يقوم على
ثوابت الكيان
اللبناني
وثوابت
الدولة
والمجتمع في
لبنان ، العيش
الواحد الذي
يعترف
للأخرين
بكرامتهم
وحريتهم
وبكياناتهم
الداخلية، لا
يهيمن عليهم
بشعارات
تستلب حقهم في
خصوصياتهم ،
بل ينطلق معهم
من مواقع الخصوصية
الى المساحات
المشتركة من
أجل صون كرامة
الانسان في
جميع
الأديان (شمس
الدين )،
وعادت الى
الأذهان صرخة
الامام الصدر
القوية: "ان
أساس بقاء
الأوطان
العدالة
وكرامة الانسان
.. لا تهمنا
الوظائف
العامة
باعتبارها
مناصب بل
باعتبارها
مفاتيح
لتحقيق
مشاريع التنمية
. . نحن مع
المظلومين
والمحرومين
من كل الطوائف
والمناطق .. وأنا
مستعد للموت
من أجل مسيحيي
لبنان المحرومين.
ومن
نداء الصدر
الى
اللبنانيين (في
23 / 1 /1976 ) "(لقد انهار
المجتمع
اللبناني
وانهارت
الأخلاق ،
وتدهورت القيم
والكرامات . . وان
ما حصل في
لبنان فاق كل
محنة وتجاوز
كل حرب أهلية.. فتعالوا
نعود الى
ضمائرنا
وعقولنا
ونرجع الى
الحق
والعدالة" الى
نداءات شمس
الدين للمصالحة
الوطنية
الشاملة" وهو
القائل بان "لا
كرامة
لوطن
يشعر بعض
أبنائه
بانتقاص
كرامتهم ، ولا
امن لوطن يشعر
بعض أبنائه
باختلال
أمنهم ، ولا
استقرار لوطن
يعاني بعض
أبنائه
انتقاص
حقوقهم ، وان
لا لبنان من
دون مسيحيين
كما لا لبنان
من دون مسلمين
. . لأن لبنان
ليس طبيعة
جميلة جبالا
وسهولا وشواطيء
وغابات . . بل هو معنى،
وهو معنى لا
يكتمل
بالمسلمين
وحدهم ولا
بالمسيحيين
وحدهم ، بل
يكتمل بهم
جميعا.. واننا
اذ نقول لجميع
اللبنانيين
انه لا يجوز لهم
أو لبعضهم
النظر
واعتبار ان
الصيغة الجديدة
تمثل
انتصارًا
لفريق على
فريق، ولا
يجوز لأحد ولا
لفئة ان تتصرف
على هذا
الأساس فإننا نقول
للجميع انه لم
ينتصر أحد على
أحد بل انتصر
كل لبنان ومجموع
الشعب
اللبناني . . " (من
خطاب القسم
يوم توليه
رئاسة المجلس 18
/3/ 1994 ) .
ومن
غضبة الامام
الصدر أمام
النازحين من
النبعة في
بعلبك ( 21 /8 /76): "الأحزاب
المتباكية
على النبعة
كانت سبب نكبتها".
. الى صرخته
لحماية أهل
القاع ودير
الأحمر "أحميكم
بعمامتي
وجبتي ،
أفديكم بنفسي
وبعائلتي" (5 /7 / 1975) الى
نداء الامام
شمس الدين
للسلم الأهلي
والمهادنة
الداخلية : "علينا
ان نتعلم
ضرورة
المهادنة
داخل الأمة، المهادنة
بين الأنظمة
نفسها
والمهادنة
بين كل نظام
والمجتمع
الأهلي ،
والمهادنة
بين قوى
المجتمعات
الأهلية السياسية
والثقافية في
داخل المجتمع .
. ومن دون ذلك
لا نتصور
امكانية
امتلاك
مصيرنا... كلنا
من غزية التى
كانت غوية،
وقلما كانت
رشيدة،
اسلاميين
وقوميين ،
يساريين
ويمينيين ، حارب
بعضنا بعضًا،
وقتل بعضنا
بعضًا، وحاصر
بعضنا بعضًا.
أنهكنا
مجتمعاتنا
ودمرنا جميع
قوى الخير في أوطاننا
وكلنا ادعى
وصلا بليلى
وآلا أمرنا الى
ما وصلنا
اليه،
احزابًا
وحركات
وتيارات .. وليس
هناك أحد
بريئًا. . ربما
كان فينا
مخلصون
كثيرون ولكن
كان فينا مخطئون
كثيرون،
والاخلاص لا
يلغي الخطأ
تأكد اللبنانيون
"ان الشرط
الأول لبناء
السلم
والاستقرار
في المجتمع ولبناء
الدولة، هو
الشرط
الداخلي ، هو
نحن ، وان
الله لا يغير
ما بقوم حتى
يغيروا ما
بأنفسهم " (شمس
الدين في 4 1 / 4 / 1994 )، وعلى
هذا الدرب
تعلم أبناء
الصدر وشمس
الدين قول
كلام القلب
والوجدان
والضمير كلام
الحق والعدل ،
كلام الحوار
الصادق
والموعظة
الحسنة والدفع
بالتي هي
أحسن، لأن لا
مصالحة ولا
سلما اهليا
على زغل أو
دجل او نفاق
أو غلبة أو
استقواء، ولا
حوار حق مع ظن
ولؤم وكيد
واستحمار..
واليوم
.. يريدون ان
يسرقوا منا
حتى الذاكرة،
وأجمل ما فيها
امامان قاما
أو قعدا.
سلامًا
اليكما يا
هدير موج بحر
صور ويا شمس
قلعة بعلبك،
سلامًا
اليكما ايها
المحبان
الطاهران
الهادئان
الحالمان
الثائران
العاقلان
الحكيمان
الشجاعان
حضوركما
الساطع نور
عقولنا ودفء قلوبنا..
فسلامًا
ألف سلام...
16
أيار 2008
عن موقع
لبنان الآن