في
المصالحة؟.. والحوار
محمد
سلام
الاربعاء
3 أيلول 2008
ملفتة
المعادلة
التي وضعها
فخامة الرئيس
العماد ميشال
سليمان
لإطلاق عجلة
الحياة في الجمهورية
اللبنانية.
"لا
حوار من دون
مصالحة، ولا
مصالحة من دون
حوار".
ربط
الرئيس
سليمان
الحوار
الوطني
بأسبقية المصالحة،
وضمن أن يتبع
المصالحة
حوار وطني، معلنا
أن الوحدة
الوطنية هي
الأساس.
استنتاجا،
يبدو أن
المعادلة
تساوي، سلبا،
بين من يرفض
المصالحة ومن
يرفض الحوار،
مع أنها تترك
الباب مفتوحا
لأطراف
الحوار
السابق للاتفاق
على ما إذا
كان المطلوب
توسيع قاعدة
المشاركين في
الحوار، ما
يفتح نافذة
للخلاف على
ماهية الحوار
المؤتمل في
قصر بعبدا: هل
هو حوار جديد،
أم مستتبع؟
الحوار
الجديد يتم
الاتفاق على
المشاركين فيه
وعلى
المواضيع
المدرجة على
جدول أعماله. الحوار
المستتبع، أي
الذي توقف في
تموز العام 2006
ويستكمل في
قصر بعبدا
برئاسة
الرئيس
سليمان وفق
اتفاق
الدوحة، لا
يفترض لائحة
مشاركين جدد،
ولا مواضيع
بحث جديدة. يبدأ
من حيث انتهى،
ويستكمل بحث
ما لم يبحث أو
ما لم ينته البحث
فيه.
أما
أسبقية
المصالحة على
أي أمر آخر،
فهي تحدد نقطة
الإنطلاق،
وهي النقطة
التي اعتمدها
أيضا أصحاب
الغبطة المطارنة
الموارنة في
ندائهم
التاسع، ولكنهم
ربطوها
بإعلان أنّ
الولاء
للخارج هو
خيانة عظمى.
ولكن
أحدًا لم
يحدد، حتى
الآن، شروط
المصالحة على
الرغم من
تحديد أهمية
هذه الشروط
والظروف في
ضوء الاتفاق
على أن
المصالحة هي
أساس ... أي حل.
ما
هي المصالحة؟
في
المنطق
اللغوي-القانوني:
المصالحة هي
عملية تصفية
نزاع. لا
مصالحة إلا من
رحم نزاع. بمعنى
أبسط وأكثر
وضوحا: لا
وجود لمصالحة
إن لم يكن
هناك نزاع.
وبالتالي،
كي تتم
المصالحة، أي
مصالحة، يجب أن
يكون هناك
تعريف
بالنزاع، تحديد
لمدى النزاع،
تعريف
بالمعتدي،
تعريف بالضحية،
تحديد خسارة
الضحية،
تحديد
التعويضات
المستحقة
للضحية ... ومن
ثم، وبعد
الاتفاق على
جميع هذه
البنود الأساسية،
يتم إجراء
المصالحة.
وغالبا
ما تستدعي
المصالحة
وجود وسيط
نزيه يرعى
مسارها وصولا
إلى الاتفاق
عليها، ومن ثم
تظهيرها.
في
الأدبيات
السياسية
المتداولة
تتردد دعوات
إلى
المصالحة،
ولكنها دعوات
تفتقر إلى الإقرار
بالنزاع، أو
تتفادى الخوض
في ماهية هذا
النزاع، تؤشر
إليه من باب
التجهيل أو
التعميم، ولا
تتحدث عنه،
وهذه من طباع
العقل العربي
الذي يكره
الحقائق بما
هي حقيقة،
ويتمناها وفق ما
يشتهي، مع أن
الأمنيات قد
لا تكون
حقائق، وقد
تكون مناقضة
للحقائق.
النزاع
ربطه
المطارنة
الموارنة
بإشارة إلى ما
جرى في بيروت
وطرابلس. استنتاجا،
يفهم من
الإشارة إلى
أن النزاع الذي
يتطلب مصالحة
هو ما بدأ
بالأحداث
المسلحة التي
جرت في بيروت في
أيار الماضي
وامتدت إلى
بقية
المناطق، لا سيما
البقاع
والشمال..
هذه
الأحداث
يصفها أهل
بيروت
بالاعتداء من
قبل "حزب
السلاح" عليهم،
ويقول هذا
الحزب إنه كان
يرد على "اعتداء"
حكومة الرئيس
فؤاد
السنيورة
عليه عبر
القرارين
الشهيرين
المتعلقين
بشبكة "اتصالاته"
ورئيس جهاز
أمن المطار،
ويطلب
الاعتذار عن هذين
القرارين
اللذين
سحبتهما حكومة
السنيورة "غير
الشرعية" وفق
توصيف الحزب
لها.
"حزب
السلاح"، وفق
منطقه، يعتبر
نفسه "ضحية" اعتدي
عليها من قبل "معتد"
هو حكومة
السنيورة غير
الشرعية. هذه
أصول النزاع
كما يعرضها
الحزب.
يعاني
منطق الحزب
المذكور من
اختلال جذري
يطيح بمبدأ
المصالحة، ما
يطيح بالحوار
المرتبط بها.
فإذا
كان المعتدي،
وفق نظرية
الحزب، هو
الحكومة "غير
الشرعية" برئاسة
السنيورة،
فقد تصالح
معها الحزب في
محطتين
اساسيتين: محطة
سحبها
للقرارين
اللذين تسببا
برده، ومحطة
المشاركة مع
السنيورة في
حكومة جديدة
تتراوح
تسمياتها بين
حكومة
الاتحاد
الوطني، أو
حكومة الإرادة
الوطنية
الجامعة، بغض
النظر عن مدى
صحة اي من
التسميتين.
السؤال
المطروح هو: إذا
كانت تلك
الحكومة "غير
الشرعية" هي
المعتدية،
فلماذا رد "حزب
السلاح" على "اعتدائها"
بمهاجمة أهل
بيروت، فأنزل
أضرارا بأكثر
من 2000 شقة سكنية
و 800 سيارة خاصة؟
لا
بد من إجابة
واضحة عن هذا
السؤال كي
تستوي أولا
الأسس التي
يجب أن تتم
مقاربة
المصالحة على
أساسها.
وإذا
كان "حزب
السلاح" هو
فعلا "ضحية" تطالب
بالاعتذار،
لوجب على
أهالي بيروت
وتحديدًا
أصحاب الشقق
التي تضررت في
اجتياح أيار
أن يفعلوا
التالي:
أولا:
تقديم
الاعتذار من
قبل أهالي
بيروت للحزب
عما قامت به
حكومة
السنيورة "غير
الشرعية"،
وفق تصنيفه
لها، وليس ما
قاموا به هم.
ثانيا:
تحديد تكلفة
الذخائر
والعناصر
التي تكبدها "حزب
السلاح" للإضرار
بأكثر من 2,000 شقة
سكنية و 800
سيارة كي يقوم
أهل بيروت
بجمعها
وتسديدها
للحزب،
للتعويض عن
الخسائر التي
تكبدها في الاعتداء
عليهم ردًا
على اعتداء
حكومة السنيورة
"غير الشرعية"
عليه.
غريب
هذا المنطق
الأعوج. وأغرب
ما فيه أن "حزب
السلاح" هو
الذي يضغط
باتجاه
المصالحة، ما
يعني حقيقة أن
نظريته
القائلة بأنه
كان ضحية
اعتداء من قبل
حكومة
السنيورة هي ... منافية
للحقيقة، وهو
أقل ما يقال
فيها.
وبما
أن المصالحة
وضعت شرطًا
للحوار، فذلك
يعني سقوط
نظرية الحزب
بأنه ضحية
تستحق الاعتذار
منها.
المصالحة
التي وضعت
شرطًا
للانطلاق لا
تستقيم إلا مع
الضحية.
والضحية،
بل الضحايا هم
أهل بيروت
والبقاع
وطرابلس.
الاختلاف
يبدو واضحًا
على
المنطلقات
إلى المصالحة.
على
المنطلقات في
تحديد
المعتدي
والضحية. عندما
يتم تجاوز هذه
المسألة يبدأ
البحث في نتائجها،
وصولا إلى
الاتفاق على
التعويضات المستحقة
في ضوء
الأضرار، ومن
ثم يبدأ البحث
في رد
الاعتبار
الأدبي، أو ما
يسمى الاعتذار
.... وصولا إلى
المصالحة مع
تحديد صريح
وواضح يميز
بين المصالحة
والمكافأة.
العفو
يعني تأكيد
وقوع
الاعتداء
والترفع عن إنزال
العقاب
بالمعتدي
نتيجة
اعتدائه، ولا يعني،
بأي حال من
الأحوال،
مكافأة
المعتدي ومساواته
بالضحية.
هكذا
تكون
المصالحات،
إلا إذا كان
هناك طرف يرغب
في مساواة
الضحية
بالجلاد.
هكذا
تبنى
المصالحات،
لا على شاكلة
قانون العفو
السابق الذي
كافأ رعاعًا
ورفعهم إلى
مستويات عليا ...
فوصلنا إلى ما
نحن فيه ونسعى
للخروج منه
عبر توبة
عملاء الخارج
عن الخيانة
العظمى.
عن موقع
لبنان الآن