مصارحة
بقلم/محمد
سلام
الاثنين
29 أيلول 2008
يريدون
المصارحة. جيد
سنتصارح.
سنتصارح،
بمعنى أننا
سنقول كل شيء،
فوق الطاولة،
بلا ترميز،
سنسمي
الأشياء
بأسمائها، سنذكر
الوقائع
وتواريخها ... كي
نستخلص العبر.
هكذا
نطوي الصفحة،
بعدما نفهم
جيدا، ونحفظ جيدا،
ما ورد فيها ... كي
لا نسقط في
الامتحان.
شروط
المصارحة أن
نتكلم خارج
الغرف
المغلقة ... تماما
كما نتكلم
داخل الغرف
المغلقة ... أن
نقول للناس ما
نضمره فعلا.
المصارحة
تعود بنا إلى
ثمانينات
القرن الماضي،
إلى حقبة
الإعداد
لإعادة جيش
النظام
السوري إلى
جبل لبنان
وبيروت بعد
خروجه منهما
أمام قوات الاجتاح
الإسرائيلي
بقيادة آرييل
شارون في العام
1982.
"العودة"
غير الميمونة
كانت تقتضي
إخراج
الطائفة اللبنانية
السنية من
معادلة
الصراع بعدما
هزم حليفها
الميداني
ياسر عرفات على
وقع الاجتياح
الإسرائيلي
لبيروت في
العام 1982، وعلى
وقع هجوم جيش
الأسد على
طرابلس في
العام 1983،
وبعدما كان
حليفها
السياسي،
مصر، قد خرج كليا
من معادلة
العالم
العربي إثر
التوقيع على
اتفاقية كامب
ديفيد، فخرجت
جامعة الدول العربية
إلى تونس،
وأخضعت
القاهرة إلى
مقاطعة
عربية، وفيما
كانت المملكة
العربية
السعودية
منهمكة بحرب
الخليج
الأولى، أي المواجهة
بين عراق صدام
حسين العربي
وإيران الفارسية
على جبهة برية
طولها 1,281
كيلومترا
كيلومترا
وتمتد إلى
مياه الخليج.. وصولا
إلى مضيق هرمز.
في
تلك الحقبة
صدر قرار
تصفية حركة
الناصريين
المستقلين (المرابطون)
التي كانت
امتداداتها
الميدانية
عرفاتية، وجذورها
السياسية
قاهرية، إذا
صح التعبير، كي
يتمكن نظام
الأسد من
وراثة ما كان
يعرف في ذلك
الوقت ب "سنة
لبنان".
كان
الرئيس
الراحل صائب
سلام قد
استشعر المرحلة
قبل بدء
تنفيذها
ميدانيا،
فغادر لبنان
إلى جنيف،
وكان ثاني رجل
دولة يغادر
لبنان لتفادي
الاصطدام
بنظام الأسد
بعد عميد
الكتلة
الوطنية
الراحل ريمون
إدة الذي فارق
ولم يعد ...
نفذ
قرار تصفية
المرابطون،
وسجل التاريخ
لأمين عام
الحزب
الشيوعي
الراحل جورج
حاوي، رفضه
المشاركة
فيه، وعاد جيش
الأسد إلى
بيروت على جثث
القوات
اللبنانية في الجبل،
وبدأ اضطهاد
سنة لبنان
بتهمة راجت في
حينها أنهم "عملاء
عرفاتيون".
أوكل
تنفيذ
الاضطهاد، في
شقه
اللبناني،
إلى حركة أمل،
فيما استعاد
الحزب
التقدمي
الاشتراكي
دوره "الإنقاذي"
لسنة لبنان
عبر إيوائه
لبقايا
المرابطون في
مناطق نفوذه
بعدما كان قد
تولى تصفية تنظيمهم
في بيروت.
المهمة
التي كلفت بها
أمل استشعر
خطورتها القيادى
في الحركة إذ
ذاك حسن هاشم،
فاستقال من صفوفها
عندما كلفه
رئيس الحركة
نبيه بري بتصفية
"جيوب
العملاء
العرفاتيين
من بقايا
المرابطون" في
منطقة كراكاس
برأس بيروت.
والسيد
حسن هاشم حي
يرزق، أطال
الله بعمره، وهو
شاهد على صحة
هذه الواقعة
ويملك سجلا
حافلا بالمناقشات
الحادة التي
جرت في حينه
مع قيادة أمل حيال
رفضه المهمة
على قاعدة أن
لا مصلحة في
زج الحركة في
مواجهة مع
طائفة
لبنانية،
خدمة لأهداف
غير لبنانية.
وكرت
سبحة إخضاع
السنة، فكان
الهجوم الأول
لحركة أمل على
الطريق الجديدة،
والانتقاد
اللاذع الذي
تناول مفتي الجمهورية
اللبنانية
الشيخ حسن
خالد والسعي
إلى تقزيمه
عبر إطلاق صفة
"مفتي الطريق
الجديدة" عليه
قبل تعرضه
للتصفية
النهائية في
ذلك التفجير
المدوي الذي
تلا اغتيال
رجل الدين
السني "القوي"
الشيخ
الدكتور صبحي
الصالح،
رحمهما الله.
ذكرني
الرئيس بري
مؤخرا ب "مفتي
الطريق
الجديدة" عندما
دعا إلى "مصالحة"
بين الطريق
الجديدة
ومحيطها.
وتم
تجويف "سنة
لبنان" وسلبهم
من قياداتهم،
وطفت على سطح
المسرح السياسي
شخصيات خاضعة
لسلطة
الوصاية،
وهزلت هذه
الطبقة إلى
درجة أن
التنافس بين
أفرادها كان
سقفه تعالي من
يتبع دمشق
مباشرة على من
يتبع عنجر.
وبقي
"سنة لبنان" خارج
الفعل
السياسي إلى
أن تم التوصل
إلى اتفاق
الطائف
برعاية
سعودية
مباشرة
لإنهاء الحرب
الأهلية
وإعادة توزيع
السلطة بين
قوى لبنانية
متساوية.
عندها
بدأ التصدي
لهذه
المعادلة من
قبل العماد
ميشال عون،
الذي كلف
بمهمة محددة ... ما
زال يمارسها
حتى اليوم وهي
إبقاء سنة
لبنان خارج "المعادلة
السيادية" عبر
منع عودتهم
المباشرة إلى
السلطة، ومنع
تحالفهم مع
مسيحيين
لبنانيين
سياديين، وهو
ما يفسر حقده
على التحالف
القائم بين
قوى 14 آذار،
وتحديدا بين
تيار
المستقبل
والقوات
اللبنانية.
وتم
اغتيال
الرئيس رينة
معوض لمنع
تطبيق الطائف،
وأطلقت سلطة
الوصاية
الأسدية
نظرية طائفها
القائمة على
معايشة
الإعمار
والسلطة. ما
عنى القبول
بممارسة
الرئيس رفيق
الحريري مهمة
الإعمار
والازدهار على أن
يبقى القرار
السياسي-الأمني-العسكري
في يد عنجر
ودمشق.
وتولت
سلطة الوصاية
وأتباعها
سرقة عائدات الإعمار
والازدهار
والاستقرار
ما أدى إلى تراكم
الدين العام،
وتم في تلك
الحقبة شطب
المسيحيين
المؤيدين
للطائف
والرافضين
للمشاركة غير
المنصفة مع
سلطة
الوصاية، أي
القوات اللبنانية
وقائدها
الدكتور سمير
جعجج عبر
تلفيق جريمة كنيسة
سيدة النجاة
واتهامه بها
في العام 1994.
واستمرت
مساكنة الأمر
الواقع بين
الإعمار والسلطة
حتى العام 2004
عندما قرر
الرئيس
الحريري
الانتفاض
عليها فقتلوه
في 14 شباط
العام 2005 وسقط
شهيدا، ومن
معه، ومن
سبقه، ومن سار
على دربه، دفاعا
عن لبنان
السيد الحر
المستقل.
اغتيل
الرئيس
الشهيد لأنهم
اعتقدوا أنه
كان يسعى إلى
إعادة
اللبنانيين
السنة إلى
الفعل السياسي
السيادي، ما
يخرجهم حتما
عن الخضوع لوصاية
النظام
السوري.
أغتيال
الرئيس
الحريري أطلق
ثورة الأرز،
ثورة 14 آذار،
الاستقلالية
فأخرج قوات
الأسد من
لبنان بقوة
تحالف القوى
المتساوية في
الشراكة، قوى
لبنان أولا.
واستكمل
وريثه الشيخ
سعد الحريري
المسيرة، وتم "العفو"
عن الدكتور
جعجع، وتم
إقرار
المحكمة
الدولية إلى
أن قرر حزب
السلاح وراثة
الوصاية
الأسدية،
فحرك سلاحه ضد
العزل في
بيروت،
وغيرها، في ايار
الماضي.
احتل
حيث لم يواجه
بمقاومة،
وفشل حيث تصدى
له لبنانيون
أولا ... ثم أراد
شراء مصالحة
بعدما سقطت
محاولته الالتفاف
على مسمار
سلفي في
طرابلس.
وجاء
إلى قريطم
مصارحا، على
ما قاله رئيس
كتلته
البرلمانية
محمد رعد،
الذي صارح
بأنه يرغب في
إعادة إحياء
معادلة تعايش
الإعمار مع "المقاومة"،
وفق تعبيره.
ما
يعني،
بصراحة، أنه
يسعي إلى
إعادة إحياء معادلة
تقوم على مبدأ
لا سياسة
للبنانيين
السنة وكل
اللبنانيين
أولا. السياسة،
في ثقافة هذا
الحزب، هي "ترف"
يتمتع به فقط
صاحب السلاح،
الذي يحق له
التكلم
واتخاذ
القرارات
واستخدام
سلاحه عندما
يواجه بموقف
سياسي-سيادي
يقول لا.
المعادلة
الآن، معادلة
حزب السلاح،
تقول لا سياسة
لكل من يخالفه
الرأي، وهو ما
تنبه له الدكتور
سمير جعجع
عندما أطلق في
مهرجان ذكرى شهداء
المقاومة
اللبنانية
معادلة "المقاومة
السياسية".
الشيخ
سعد الحريري
عبر أيضا عن
المضمون السياسي
نفسه، اي
الدعوة إلى الرد
في
الانتخابات
النيابية
المقبلة.
هذه،
في مفهومنا،
هي المقاومة
السياسية، هي الموقف
الذي لم
نتنازل عنه
لأحد ... ولن
نتنازل عنه
لأحد مهما بلغ
عدد صواريخه
وبنادقه ... وسراياه.
المصارحة
تقتضي تعريف
دقيق للواقع ... والواقع
هو أن
المواجهة
السياسية
قائمة ومستمرة
... وستحسم في
صناديق
الاقتراع في
ربيع العام 2009 ... في
الذكرى
الأولى
لاجتياح أيار.
هذه
هي المصارحة ... التي
تقود إلى
الانتخابات
بالاستناد
إلى معطيات
واضحة.
تريدون
مصارحة ... نحن
نتصارح.
***عن موقع
لبنان الآن