حزب السلاح... بين القول والفعل

بقلم/محمد سلام

هديتان وجههما أمين عام "حزب السلاح" السيد حسن نصر الله إلى الرئيس ميشال سليمان بمجرد توليه سلطاته في قصر بعبدا.

الهدية الأولى سياسية، أقامت توازن الرعب الجديد بين سلاح "حزب السلاح" وسلاح الدولة، وخلاصتها أن سلاح "حزب السلاح" أقوى من سلاح الدولة، التي لا يسمح لها حتى باستخدام سلاحها ضد المسلحين الملحقين بـ"حزب السلاح".

والهدية الثانية ميدانية، وهدفت إلى تقديم عرض واقعي لمفاعيل الهدية السياسية في بيروت، فأمر سيد "حزب السلاح" عناصره بالاعتداء على المواطنين من مؤيدي تيار المستقبل، عبر ممارسة الابتهاج بإطلالته، فأسقطوا قرابة 28 جريحًا من الآمنين الأبرياء، المستضعفين من قبل "حزب السلاح" و"ميليشيا" نبيه بري.

وفي العرض الميداني، تعمد أنصار "حزب السلاح" و"ميليشيا" بري، تقديم ترجمة واقعية لترحّم سيدهم على الرئيس الشهيد رفيق الحريري ودعوته للاستفادة من تجربة الراحل الكبير.

عندما تحدث السيد حسن عن الرئيس الشهيد "بإيجابية" معلنة كان يظهر سلبيته المبطنة بوجه الشيخ سعد الحريري، زعيم تيار المستقبل والطائفة السنية اللبنانية.

فسيد "حزب السلاح" لم يذكر تيار المستقبل بالإسم، ولم يأت على ذكر الشيخ سعد، بل تحدث عن تيار الرئيس الشهيد، لأنه يعادي تيار المستقبل، وعلى مؤسسه وقائده الشيخ سعد.

موقف السيد حسن ترجمه أتباعه ميدانيا بالاعتداء على شاب لا ذنب له سوى أن هناك من ناداه باسمه، سعد.

كان سعد الضحية يقف ضمن جمهرة المعتدين قرب القوى الأمنية التي لا تحمي أحدا، يبحث عن شقيقته التي أضاعها في الفوضى، فصاح أحد الأصدقاء وقد عثر عليها "أختك هنا يا سعد." نال سعد ما ناله من "مقاومي" حزب السلاح وميليشيا بري. أما ... أخت سعد فكتبت لها سلامة ... هذه المرة.

تجربة سعد تكشف، حتى للأعمى، الدجل، بلا وجل، الذي لا يفهمه السذج من الشعب اللبناني. فكثر ممن سمعوا السيد يتحدث عن الرئيس الشهيد، ويترحم عليه، اعتقدوا أن الصفحة طويت، والجرح التأم، وتحقق السلام.

هؤلاء الذين صدقوا، كما سعد الذي كان يصطحب شقيقته لحضور مهرجان ساحة السوليدير، هم الضحايا الدائمون. هم الذين سيصطادهم "حزب السلاح" وأتباعه ليكافئهم ... لأنهم صدقوه. هؤلاء هم الضحايا الذين وضعهم السيد حسن في مرتبة أدنى من "شهدائه" الذين يفتخر بهم وبإنجازاتهم ومعاركهم ومهامهم التي تضمنت قهر بيروت وابنائها وقتل نسائها ونهب جثثهم، واغتيال من يتجرأ ... حتى على دفن موتاه واقتحام المنازل وسرقة الممتلكات وتدمير السيارات ... ومنع الضحايا من إطلاق صرخة ألم.

حنون "حزب السلاح" ... فعلا حنون، لا يحب الصراخ والأنين، يفضل الجثث فإنها هادئة ويريد مشاركة عبيده من الجثث الحية ... في دولة "المقاومة" التي تقتل المسلمين، وتتجرأ على الله، فتمنع كلامه عبر تعطيل إذاعة القرآن الكريم التي تشرف عليها دار الفتوى.

السؤال موجه تحديدا إلى كل السذج والطيبين ... الذين كانوا قد صدقوا وعود سيد "حزب السلاح".

ليس المطلوب من الطيبين الآمنين أن يكونوا خبثاء. ولكن، حتما، مطلوب منهم ألا يخدعوا بكلام الخبثاء.

وبعد المجزرة الابتهاجية التي نفذها "حزب السلاح" وأتباعه في بيروت وبعض البقاع، وقبل واقعة دوحة عرمون، اجتمع مجلس الأمن المركزي وأقرّ "خطة أمنية" لبيروت منع بموجبها الدراجات النارية، والمواكب الجوالة والأعلام والشعارات الاستفزازية. وقوى الأمن قالت إنها تمكنت من "التعرف" على 11 عنصرا من الذين أطلقوا النار على المواطنين في كورنيش المزرعة بمناسبة الابتهاج بظهور سيد "حزب السلاح".

ألله أكبر. بل الله أكبر كبيرا. ستتحرر بيروت من الغزاة، وستتمكن القوى الأمنية، كل القوى الأمنية، من فرض الأمن، وتوقيف المجرمين حتى من داخل الكانتونات الأمنية التي لا تجرؤ القوى الأمنية على مقاربتها!!!!

أليست هي القوى الأمنية نفسها التي فشلت في كانون الثاني العام 2007؟ أليست هي القوى الأمنية نفسها التي "عوقبت لأنها حاولت التصدي لـ"حزب السلاح" في مار مخايل؟ أليست هي القوى الأمنية نفسها التي اغتيل مدير عملياتها؟ أليست هي القوى الأمنية نفسها التي اغتيل خبيرها الرئيسي في تعقب اتصالات الإرهابيين؟ أليست هي القوى الأمنية نفسها التي فشلت في التصدي لعمليات الغزو المنظمة التي شنها "حزب السلاح" وأتباعه لبيروت والجبل منذ الثامن من أيار الجاري على وقع خطاب سيد "حزب السلاح"؟ أليست هي القوى الأمنية نفسها التي فشلت في حماية الآمنين في كورنيش المزرعة ... أمس؟

وإذا كان سجلها حافلا بكل هذا الفشل، فلماذا ستنجح الآن؟

بل، إذا نجحت الآن لسبب عجائبي، فذلك سيدين سجل فشلها السابق كله، ويثير تساؤلات حيال سبب عدم قدرتها أمس، واقتدارها اليوم.

قد يقول البعض إن القوى الأمنية ستنجح لأنها "محصنة" باتفاق الدوحة، واتفاق الدوحة يفتح صفحة جديدة ... من العيش المشترك والأمل.

اتفاق الدوحة هو مجرد خارطة طريق إلى الصفحة الجديدة، وليس، بذاته صفحة جديدة.

وخارطة الطريق تحدد المسار إلى الهدف، وهو السلام والأمن والاستقرار والعيش المشترك ... والديمقراطية والتعددية والسياحة والاصطياف وكل ما هو وردي وجميل.

خارطة الطريق تدل إلى الطريق ... ويصل إلى الشاطئ الآمن من يسلك الطريق. فهل يرغب "حزب السلاح" وملحقاته في الوصول بالبلد إلى الأمان؟

سيد "حزب السلاح" وعدنا بصيف هانئ ... وكان قد وعدنا بمثله في الثامن من تموز العام 2006. وبعد أربعة أيام فقط، ترجم وعده ميدانيا وأطاح، وما زال، بأحلام اللبنانيين... وضيوفهم.

هدية إثنين الابتهاج توضح أن سلوك "حزب السلاح" لن يتغير ...

هدية إثنين الابتهاج، التي ألقيت خلالها قنبلة يدوية من محل لبيع الفلافل، تصرخ لتقول صدقوني يا أغبياء ... كي أقتلكم مجددا.

رحبوا باتفاق الدوحة وحافظوا على الأمل بوطن حر سيد مستقل ومستقر ... ولكن احذروا أقراص الفلافل القاتلة.

شاركوا في مهرجانات ساحات السوليدير، انشروا البسمة على الوجوه، ولكن احذروا أشاوس "حزب السلاح" الذين سرقوا إمدادات الصوت والضوء كي لا يهنأ أهل الفرح ... بهيفا وهبي فيما كان رفاق سلاحهم يبتهجون في كورنيش المزرعة.

ابتهجوا، ولكن لا تأتمنوا من لم يعتذر منكم عن أفعاله الشنيعة بكم ... ولا تأملوا باعتذار فمن يعتقد أنه آلهي لا يعتذر...

رد:

إلى كل من كان اتهمني بالتحريض أقول: أجابك "حزب السلاح" وملحقاته بأقراص الفلافل المتفجرة في مهرجان المحبة على مسرح كورنيش المزرعة ابتهاجا بكلام سيده.

محمد.

الاربعاء 28 أيار 2008

عن موقع لبنان الآن