ماذا
يعني أن تكون
مع 14 آذار
اليوم؟
غسان
جواد
السبت
7 حزيران 2008
ماذا
يعني أن تكون
مع 14 آذار
اليوم؟ سؤال
يطرح نفسه
بقوة على جميع
من آمنوا
بمبادئ ثورة
الأرز من غير
أن يكونوا
منحازين إلى
طوائفهم وأحزابهم
وتياراتهم
المنضوية في 14
آذار.
سؤال
مشتقٌ من
الأحداث
والتجربة
والتراكمات،
من النجاحات
والإخفاقات،
من الخيبات
والأنباء
السارة، من الواقع
الجديد الذي
فرض نفسه على
الجميع وطرح الأسئلة
المحرجة
والإشكالية
والنقدية.
سؤال
الحساب مع
الإدارة
والأداء
والتجربة والأهداف
والصعوبات
والتضحيات.
سؤال المستقبل
والاحلام الصعبة
والمستحيلة
أحيانًا،
سؤال الجدوى
من الانحياز
إلى مشروع
بناء الدولة
كمنطلق لكل خطوة
سياسية،
والتأكيد على
الاستقلال
والحرية
والسيادة
كمعطيات
موضوعية
وأكيدة في مسيرة
بناء هذه
الدولة.
ماذا
يعني أن تكون
مع 14 آذار
اليوم؟
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم، يعني
أنك
تشعربالذهول
والخيبة
وربما
الانكسار إزاء
ما جرى مؤخرًا
ضد أفكارك
ورؤيتك للبلد
وموقعه
ودوره، وأن
تحزن لغزوة
بدأت من بيروت
وتفرح لتحطّم
هذه الغزوة
على صخور
الجبل. وأنك
خائف أو كنت
خائفًا
ومصدومًا وفي
حيرة من أمر
خياراتك
وطموحاتك
وتعلّقك
بالبلد
المتنوع المتعدد
والمستحيل.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم، يعني
أنك غير راض
تمامًا عن
أداء الجيش
والقوى
الامنية في
هذه الأزمة،
هذا الجيش هو
نفسه الذي
هتفت له في
ساحة الشهداء
معلنًا: "ما
بدنا جيش
بلبنان غير
الجيش
اللبناني".
ومع ذلك لا
زلت تردّد هذا
الشعار في
صدرك وعقلك
رغم العتب
الكبير،
مرحبًا
بقائده
السابق ميشال
سليمان
رئيسًا
توافقيًا
للجميع وأنت
منهم.
وأنك
فكرت للحظة أو
أكثر لماذا لا
تمتلك السلاح
لكي تقاتل،
وعدلت عن هذا
الجنون لأنه
ضدّ مشروعك في
الأساس وعلى
نقيض منه ومن
فهمك لطريقة
بناء الأوطان.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم، يعني
أنك غير راض
عن اتفاق
الدوحة
كليًا، لكنك تعتبره
بديلا جيدًا
مقابل خيار
الحرب والحرق
والقتل
والتدمير
الأهلي.
ومخرجًا
لائقًا للجميع،
مع رجحان
"مضمر"
لمصلحة الطرف
الآخر الذي
خرج على
الدولة
بسلاحه وأمّن
شروطه السياسية
بالاستناد
عليه. وانك لم
تطمئنّ على أمنك
في بيروت بعد،
ولم تقتنع
جيدًا أنّ ما
جرى لن يتكرر
وقد تكون في
صدد
الاستعداد
للأسوأ.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم، يعني
أنك عاتب على
أداء بعض القيادات
في ثورة
الأرز، وغير
مقتنع بمعظم
أدبيات
الإدارة
السياسية منذ
ثلاث سنوات
حتى اليوم.
لكنك لن
تستطيع إشهار
اعتراضك
ورفضك ونقدك
اليوم مرجئًا
الحساب
والاعتراض
والصراخ إلى أن
تستعيد
توازنك وثقتك
ووعيك.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم، يعني
أنك ناقم
ومترقب وحذر ومشوش
ومقهور
ومنتظر
ومتحفّز
ومتململ. وأنك
تحنّ إلى ذلك
اليوم
العظيم، حين
صرخت بحنجرة مدماة
في وجه القمع
والاستتباع
والوصاية والاحتلال،
ووقفت في ساحة
الحرية
تتفيّأ بالعلم
اللبناني
وترسم بقبضتك
المرتفعة حلم
الوطن الحر
الآمن والشعب
الواحد
المستقر. حين
أدهشت العالم
بتلك الرغبة
العارمة في
الانعتاق والتحرّر.
وأثرت
غيرة وحسد
الشعوب،
وكذلك حفيظة
الأنظمة
والحكام. تحنّ
إلى الشهداء
الذين سقطوا
إلى جانبك على
طريق الأمل
الذي افتتحه
رفيق الحريري
بدمائه،
وأكمله باسل
وسمير وجورج
وجبران وبيار
ووليد
وانطوان
وفرنسوا ووسام
من بعده. تحنّ
إلى الصدق
والصفاء
والنبل والحقيقة
في لهاث رفاقك
في الانتفاضة.
إلى اللحظة
التي شعرت
فيها أنك فرد
ينتمي إلى شعب
منتفض، ووطن
ينبعث إلى
الضوء، وبلاد
تشهر هويتها وصمتها
وخياراتها في
وجه من أخضعها
وركنها على
قارعة الموت
السريري
البطيء.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم، يعني
أنك تنتظر
العدالة
والاقتصاص من
القتلة
والجناة، وأنك
لم تفقد الأمل
بالمحكمة
الدولية
بالرغم من كل
شيء. وأنك
تخشى المزيد
من
الاغتيالات
وأعمال العنف
والاستباحة
والتنكيل.
تنتظر رؤية القتلة
وراء
القضبان،
عندها سيكون
في وسعك أن
تتنفس الصعداء
وتنظر نحو
السماء
ملوحًا بيديك
للشهداء: لقد
اذنت ساعة
الحقيقة ايها
الرفاق.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم يعني
أنك لا زلت
تحب الحياة،
وتتشبّث
بالامل
والمستقبل،
وأنك ترى في
مشروع بناء
الدولة كما
حلمت بها
طريقًا نحو الخلاص
على الأرض،
وأنك تنبذ
العنف سبيلا
لتحقيق
المكتسبات،
وتنظر إلى
عيون أهلك
وأولادك
وأصدقائك
لتجد فيها
"ربيع بيروت"
الآتي. مستذكرًا
ربيع"براغ"
الذي سحقته
الدبابات وعاد
لينبت حرية
مخملية
الملمس بعد
عقود من الكفاح.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم، يعني
أنك كما أجدادك
وأسلافك ومن
سبقوك، تقارع
حملات التنكيل
والإخضاع
والترهيب
والتأديب، ثم
تتقدم بخطوات
ثابتة نحو
الحياة.
أن
تكون مع 14 آذار
اليوم يعني
أنك لبناني
منذ أكثر من
ألف عام، وأنك
تمسك هويتك
بيد وحلمك بيد
أخرى، فينبت
من بين أصابعك
البلد الصغير
الذي إسمه
لبنان.
*عن
موقع لبنان
الآن