لا أحد
يراسل
الجنرال
بقلم
النائب مصطفى
علوش
"أزمتي
الكبرى هي
أنني دمّرت
الخط الفاصل
بين ما أعتقد
انه حقيقة وما
أعتقد انه
خيال"
غابرييل
غارسيا
ماركيز
غابرييل
غارسيا
ماركيز كاتب
كولومبي،
انتقل من
الصحافة إلى
الادب، حائز
جائزة نوبل
للآداب سنة 1982.
من
أهم كتاباته "مئة
عام من العزلة"،
"الحب في زمن
الكوليرا" وغيرها
من القصص التي
تعتمد أسلوب
أدب "الواقعية
السحرية"،
حيث تتداخل
الأحداث "السحرية"
في سياق
الواقع من دون
تكلّف،
وكأنها حدث
طبيعي في سياق
الأحداث.
أما
في كتابه "لا
أحد يراسل
الكولونيل"،
فقد جمع فيه
تسع قصص
قصيرة، ابتعد
فيها عن الأحداث
السحرية،
واكتفى بسرد
مسار حياة نماذج
من الناس بشكل
رتيب. والقصة
صاحبة عنوان
الكتاب، تروي
المسار اليومي
البطيء
لكولونيل متقاعد
من الجيش، في
ظل حكم
العسكر، أصبح
بعد تقاعده
خارج اللعبة
السياسية
ومواقع
السلطة، ينتظر
برتابة، وعلى
مدى خمس عشرة
سنة، رسالة
رسمية تعلن
بدء صرف معاشه
التقاعدي. لقد
ظهر
الكولونيل
وكأنه يعيش
خارج إطار الزمن،
فصرف كل رصيده
وإرثه، وحتى
أثاث منزله بانتظار
الرسالة
محتفظاً فقط
بديك مصارعة،
صلته الوحيدة
بالوجود من
ذكرى ابنه
الذي قتل
لأسباب
سياسية.
وتنتهي
القصة
والكولونيل
لا يزال
متمسكاً بديكه،
والرسالة لم
تصل، والحياة
تمضي..
قد
تكون الصدفة
القاتلة هي ما
جمعت النزق
الخبيث
للنظام
السوري
والتحجّر
العقائدي لـ"حزب
الله" مع
الأزمة
النرجسية
للجنرال
ميشال عون.
ولكن
التاريخ مثقل
بأعباء
الآلاف،
وربما الملايين
من الصدف
القاتلة حيث
تجتمع شرور
متعددة لتخلق "شراً
مستطيراً" مثلما
تتناغم
مجموعة من
العواصف
لتخلق "العاصفة
الكاملة" التي
تخلّف بعدها
الكوارث.
لا
يمكن
الافتراض في
أي حال بأن
الأهداف
النهائية لـ"حزب
الله" والعماد
عون متطابقة،
فهدف الحزب
هو، وحسب كل
أدبياته، وضع
لبنان
بأكمله، ومن
دون استثناء،
تحت سلطة
ولاية الفقيه.
أما العماد
عون، فيبدو
انه اعتنق
منطق تحالف الأقليات،
وهو المسار
الذي كان أحد
أهم أسباب
الكارثة
اللبنانية، أو
ربما اقتنع
بمبدأ
المثالثة
كمقدمة لفيدرالية
سوف يعلم،
وبسرعة، أنها
لن تستقيم مع
أهداف حليفه
الأول، السيد
حسن نصرالله،
الذي يعتبر
امارة جبل
لبنان جزءاً
من "أراضي
المسلمين
التي تم
الاستيلاء
عليها منذ
قرون".
لقد
تفنن الجنرال
في سرقة
انجازات
الناس ونضالاتهم
محاولاً طمس
تضحيات أربعة
ملايين من
اللبنانيين
على مدى أربعة
عقود. فصار هو
المقاوم
الأول
لاسرائيل
لمجرد أنه جمعته
الصورة مع حسن
نصرالله وهو
يوقع وثيقة تسليم
لبنان لسلطة
الولي
الفقيه، وكان
يكفي دمج هذه
الصورة بالتي
جمعت الجنرال
بالضباط
الاسرائيليين
عند احتلال
بيروت وهو يقف
مزهواً أمام
المتحف، حتى
يكتمل مثلث
الدمار
اللبناني.
وصار
هو السيادي
اللبناني
الوحيد لمجرد
أنه كان دون
كيشوت حرب
التحرير بعد
أن أنسى أتباعه
كيف تركهم في
أرض المعركة
خوفاً على
حياته وخرج في
حماية مصفحة
فرنسية.
وعاد
الى لبنان
محاولاً أن
يكون القائد
الأوحد
والاستقلالي
الأوحد
والنظيف الأوحد
والدستوري
الأوحد وكان
يتمنى لو كان الشهيد
الأوحد لولا
حبه النرجسي
لشخصه، ولكنه
استعاض عن ذلك
محاولاً طمس
معالم ضرائح
الشهداء.
لم
يكن مفاجئاً
أن يقوم
الجنرال
بتسوية أوضاعه
مسبقاً مع
النظام
السوري
وأتباعه في
لبنان، قبل
العودة
لمواجهة
أطياف
المعارضة التي
تجمعت بعد
التمديد
لاميل لحود،
فليست السيادة
للجنرال
عقيدة لا يمكن
التراجع عنها
في سبيل تحقيق
أحلامه، مع
العلم أنه لم
يتردد في وضع أوراق
اعتماده، في
نهاية حكم
الرئيس أمين
الجميل سنة 1988،
بين يدي حافظ
الأسد أملاً في
توليه
الرئاسة.
لقد
خرجت القوات
السورية من
لبنان في 26
نيسان 2005 على
خلفية اغتيال
الرئيس
الشهيد رفيق
الحريري،
ولكن عودة
الجنرال كانت
مقررة سلفاً،
ومن ثم أصبحت
ضرورة للنظام
السوري
خصوصاً بعد ثورة
الأرز وذلك
لضرب وحدة هذه
الثورة وكبح
اندفاعاتها
ومن ثم تغيير
المعادلة
السياسية في
لبنان لتصبح
كما هي اليوم.
كان
الجنرال قد
مهد لكل هذه
التكويعة في
سلسلة من
المقابلات
التلفزيونية
معلناً فيها
تحضيره
للتسوية مع
النظام
السوري، كنا
نظن أنها
بمثابة عودة
التعقل الى
فكره، ولكن
وقائع الأمور
أثبتت، وحسب
ما كتبه أقرب
المقربين
منه، بأن
المسألة لم
تكن إلا جزءاً
من صفقة مع هذا
النظام
لمواجهة
الحركة
الاستقلالية
المستجدة بعد
كارثة
التمديد
لإميل لحود.
واليوم،
وبعد أن خسر
كل رهاناته
بعد إجباره على
قبول اتفاق
الدوحة، يعود
ليخوض
صراعاته الدونكيشوتية
ويحصد
انتصاراته
الوهمية "مرجعاً
الحق لصحابو!"،
مضخماً "حصصه"
الوزارية
وضارباً على
وتر الفساد
المعهود بمطالبته
بوزارة
المالية "ليصلح
حالها!". ولكن
الحقيقة التي أصبحت
اليوم معلومة
هي أن عين
الجنرال،
وحلفائه في "حزب
الله"، هي على
وزارة الدفاع.
فمن
جهة "حزب الله"
يبقي عينه على
هذه الوزارة
الحسّاسة
لاستقلاليته
العسكرية،
أما من جهة
الجنرال فهو
يحاول أن يبقي
خيوطه معلقة
مع "ضباطه" في
المؤسسة
العسكرية بعد
أن أحبطوا
بعدم بلوغه
رئاسة
الجمهورية.
يحق
للجنرال أن
يخطط ويحلم،
ولكن الرسالة
لن تصل، فهذه
الوزارة يجب
أن تبقى في يد
أمينة!.
(*) نائب
لبناني عضو كتلة
"المستقبل"
**المستقبل
- السبت 14
حزيران 2008 - العدد
2987 - شؤون
لبنانية - صفحة
3
راجعٌ..
رَجٍعَ.. لم
يرجّعْ
خالد
العلي
تتكشف
يوماً بعد يوم
أبعاد
العرقلة التي
تفتعلها
المعارضة
أمام تشكيل
حكومة الوحدة
الوطنية التي
جرى التوافق
عليها خلال
محادثات الدوحة،
حيث يتضح أن
الأمر يستهدف
موقع رئاسة الجمهورية
عن طريق إثارة
الشكوك حول
الدور والخيارات
والقوة وحجم
التمثيل، وهو
توجه بدأ في الدوحة
حيث لم تقبل
المعارضة،
ولا سيما الطرف
المسيحي فيها
المتمثل بـ"التيار
الوطني الحر"،
أن تكون حصة
الرئيس
المسيحي هي
المرجحة والضامنة
على الرغم من
كل الشعارات
التي كان يرفعها
التيار
لتقوية موقع
الرئاسة
الأولى.
مصدر
سياسي واكب
مؤتمر الدوحة
اعتبر أن كل
الأدبيات
التي كان
يروّج لها "التيار
العوني" بشأن
موقع وأهمية
ودور رئاسة
الجمهورية
تعني هذا
الموقع في
حالة وصول
العماد ميشال
عون إليه، أما
إذا تعذر ذلك
فيجب أن يكون
ضعيفاً غير
قادر على
تمثيل
المسيحيين أو
العمل على استعادة
حق ضائع لهم
مثلاً.
وهذا
ما جرى
التعبير عنه
من خلال إصرار
الفريق
المعارض على
حصر حصة
الرئيس
الجديد في
الحكومة
ممثلاً بثلاث
حقائب لا
يستطيع من
خلالها
مباشرة الحكم
بقوة على
الرغم من تنبه
الأكثرية
عندها لضرورة
تحصين حصة
الرئيس عن
طريق إعطائه
حقيبتين
تتسمان
بالأهمية
السياسية
والأمنية،
وهذا ما جرى التوافق
عليه في
الدوحة وسط
امتعاض
الفريق المسيحي
في المعارضة
وصمت الفريق
الآخر على قاعدة
استخدام مثل
هذا الاتفاق
غير المنصوص
عنه في لعبة
التفسيرات
لاحقاً إذا
اقتضى تشكيل الحكومة
قبل هذه
اللعبة.
وهكذا
كان فعندما
حشرت
المعارضة في
موضوع توزيع
الحصص التي
اتفق عليها
خطياً في
الدوحة،
أوكلت الى
النائب العماد
ميشال عون
المباشرة في
خطة إضعاف
رئيس الجمهورية،
عن طريق الزعم
أنه لم يكن
ثمة اتفاق في
الدوحة يعطي
الرئيس
حقيبتين
سياديتين، الأمر
الذي يكرّس
دائماً حقيقة
موقف العماد
عون من
الرئاسة
الأولى التي
يجب أن تكون
قوية ومحصنة
في ما لو آلت
إليه، ولأنها
لم تؤل، فإن العمل
على استعادة
الرئاسة
للمسيحيين
وتقويتها
وتحصينها هو
أمر مؤجل أو
موضع ابتزاز
لهذا الموقع. حتى
ان المعارضة
وعندما توقعت
إمكانية طرح حلول
لمسألة الحقيبتين
اللتين خصصتا
للرئيس،
انبرى الفريق
المسيحي فيها
الى شن حملة
على أحد
الوزراء
المحتملين
المحسوبين على
الرئيس، وهو
وزير الدفاع
الحالي الياس
المر، لتصفية
حسابات
انتخابية اثر
انسحاب النائب
ميشال المر من
تكتل "التغيير
والإصلاح"،
ما يعني
انهياراً
ملحوظاً أو
أكثر من
الشعبية
المفترضة لـ"التيار
الوطني الحر". فالعماد
عون الذي أتخم
البلد
بأدبيات
تحصين موقع
الرئاسة
المسيحي راح
يصفي حسابات
انتخابية على
حساب هؤلاء،
وهو أمر ليس
بحاجة الى
إثبات أو تحقق.
ويشير
المصدر الى أن
خطط المعارضة
عبر الإدارة
العونية،
مستمرة على
نحو عزل
الرئاسة عن
القطاعات
المسيحية
وتصوير العماد
عون على أنه
المرجعية
الأساسية
للمسيحيين،
وأن كل قضايا
هؤلاء تبحث في
الرابية وليس
في بعبدا أو
بكركي أو
بكفيا أو
معراب، وربما
الزيارة التي
قام بها ممثلو
الطوائف
المسيحية
المشرقية
لعون تندرج في
هذا الإطار
حيث نشط
قياديون في
التيار وكتلة "التغيير
والإصلاح" وآخرون
في المعارضة
لإتمام هذه
الزيارة، على
الرغم من الإشكالات
التي أحاطت
بها، حيث
أثيرت أسئلة
عديدة حول
الأولويات في
مثل هذه
الزيارات حيث
قالت قيادات
في تلك
الطوائف
بوجوب زيارة
القصر الجمهوري
والرئيس
الجديد أولاً.
ويكشف
المصدر أن
إثارة مثل هذه
الشكوك حول موقع
الرئاسة الأولى
غير مطروح في
بعبدا، حيث
التوجه هناك
يقضي بأن
الرئيس هو
رئيس لكل
لبنان
بطوائفه ومذاهبه،
واهتماماته
بهذا الفريق
أو ذاك مرتبطة
بنظرته
الشمولية الى
سائر
اللبنانيين. وأن
أحداً لن
يستطيع أن
يحوّله رئيساً
لفريق، وهذا
ما سيحبط أي
توجه حالي أو
مستقبلي
لتطويق وحصر
وتقزيم دور
الرئاسة. وإنه
مع الوقت
سيتضح هذا
الأمر.
ويستغرب
المصدر تعاطي
المعارضة مع
تشكيل الحكومة
من زاوية
النظرة الى
التمثيل
ودائماً على
حساب موقع
رئاسة
الجمهورية. وآخر
بدع التحليل
قول أقطاب في
المعارضة إن "حزب
الله" وحركة "أمل"
يمثلان
أكثرية
الشيعة تقريباً،
والعماد عون
أكثرية
المسيحيين. الأمر
الذي يبرّر مطالبة
هذا الفريق
بحقيبتين
سياديتين،
واحدة للشيعة
وأخرى
للمسيحيين،
على حساب حصة
الرئيس الذي
يريدونه
شخصاً خاضعاً
لأحجام هذه الكتلة
السياسية أو
تلك ودائماً
على قاعدة تحجيم
موقعه، فكيف
والحالة هذه
يكون عون قد
رجّع الحقوق
المكتسبة
للمسيحيين
بعدما كان
راجعاً ثم
رَجِع؟!!
**المستقبل
- السبت 14
حزيران 2008 - العدد
2987 - شؤون
لبنانية - صفحة
3