"حزب
ولاية
الفقيه" بين
منطق الدولة ومشروع
الدويلة
علي
حماده
ما
أن كُشف أمر
كاميرات
المراقبة في
المطار وشبكة
الاتصالات
المتمددة حتى
اعتبر "حزب ولاية
الفقيه" ان
اعتراض
اللبنانيين
عليها يأتي في
سياق مؤامرة
صهيو- اميركية
على ما يسمى مقاومة.
والحال ان لا
كاميرات
"جهاد
البناء"، ولا
شبكات الاتصالات
هي في ذاتها
جوهر المشكلة
مع هذا الحزب. بل
ان الجوهر هو
في طبيعة
الحزب نفسه.
اما السلاح،
والمال،
والتمدد
الافقي
والعمودي في كل
المناطق
والبيئات
فيبقى
الترجمة
الأمينة لطبيعة
عدوانية ترى
في الآخر
المختلف، او
المعترض عدوا
وجب قتاله.
وإلا فما معنى
ان يناصر "حزب
ولاية
الفقيه" المتهمين
باغتيال
الرئيس رفيق
الحريري ورفاقه
وسائر
الشهداء؟ وما
معنى ان يناصر
ضالعين في
جرائم
ويعتبرهم
معتقلين
سياسيين؟ وما
معنى ان يخبىء
في مناطق
نفوذه
مطلوبين الى
العدالة مثل
قتلة
"الزيادين"
او قتلة
الشهيدين
ماروني وعاصي
في زحلة؟ وما
معنى ان يضرب
عرض الحائط بكل
عذابات اللبنانيين
الاقتصادية
والمعيشية
ولا يرف له جفن؟
ليست
الأزمة
سياسية بمعنى
السلطة في
اطار نظام
ديموقراطي.
ولا هي أزمة
شراكة وطنية.
ولا هي حتى
أزمة حصة
شيعية في
الحكم. إنها
أزمة حزب يعمل
على بناء
مجتمع فولاذي
"اسبارطي" ذي
نزعة تصادمية
مع كل البيئات
المحيطة. وحتى
لو بدا للبعض
نصيرا
لاستعادة مجد
ضائع، أو
للاستحواذ
على موقع أو
مغنم، فإن ذلك
لا يلغي تلك
النزعة
الإلغائية
التي لم تكتف
بالسيطرة على
بيئتها بل
تعمل في شكل
منهجي على
مستوى الثقافة
لتدمير
لبنانية تلك
البيئة
الأصيلة. من
هنا العمل
الدؤوب على
الانسان
لقولبته
وتغيير هويته
الوطنية،
فيأخذون
الطفل من
المهد، ويقولبون
حياته حتى
اللحد: من
البيت، الى
المدرسة،
فالجامعة ثم
الحياة
الزوجية، فالدورة
الاقتصادية
الكاملة،
ومعها السجن
الاجتماعي
الذي يجعل
الانسان جزءا
من ماكينة
ضخمة تسحق
الفرادة
الانسانية. كل
ذلك تحت غطاء
الدين.
فلنعد
قليلا الى
الوراء: لقد
حفل تاريخ
لبنان مدى
العقود
الماضية
بصراعات
سياسية
وبعضها كان
مسلحا ( 1958 و1975 )،
وفي غالب
الاحيان كانت
طبيعة الصراعات
إما سلطوية
وإما طائفية
بمعنى إعادة
التموضع
الطائفي ضمن
الصيغة
المصاحب لمتغيرات
اجتماعية
اقتصادية.
وقامت مشاريع
تقسيمية،
واخرى
تسلطية،
وثالثة
مصلحية بحتة،
ولكن لم يحصل
في تاريخ
لبنان ان قام
مشروع
حمل في طياته
بذور التناقض
الحاسم مع
الكيان
والصيغة
والنظام
والقيم
الثقافية المشتركة
ونمط الحياة.
وهنا مكمن
خطورة المشروع
الذي لن يتوقف
عند بعض
الكاميرات من
هنا، وشبكة اتصالات
من هناك. كما
لن يتوقف عند
محطة التواطؤ
مع قتلة
الاستقلاليين،
بل ان المشروع
مقدم على ما
هو أشد وأدهى:
نسف الكيان
برمته من خلال
استكمال
اختراق
البيئات
اللبنانية
الأخرى تارة
بالمال،
وطوراً
بالسلاح
الميلشيوي، معتمدا
على سذاجة بعض
السياسيين
وبلاهتهم.
اننا
لا نعجب لما
يثار حول
الاعتداءات
المتكررة على
رجال الامن
الداخلي في
مناطق نفوذ
"حزب ولاية
الفقيه"، كما
لا نعجب
لاختطاف
المسؤول في
الحزب
الاشتراكي
الفرنسي كريم
باكزاد، ولا
نعجب لتكديس
الحزب السلاح
في جميع احياء
بيروت حتى
وسطها
المحتل، فضلا
عن اقامة ثكن
عسكرية امنية
تحت غطاء
المجمعات
السكنية في عرمون
واقليم
الخروب
والبقاع
الغربي. وفي
حين يرى بعضهم
ان الحل في
لبنان يكون
بالتوصل الى صيغة
تسوية مع
الحزب يندمج
فيها في مشروع
الدولة،
نعتبر ان
الحزب
المذكور هو في
طبيعته غير قابل
للاندماج في
اي مشروع وطني
واسع. بل انه
اما ان يبتلع
الآخرين وإما
يظل يعمل بلا
هوادة على
تدمير كل ما
هو لبناني
ومشترك حتى لا
يبقى لبنان في
لبنان!
خلاصة
الامر، اننا
ويا للاسف
أمام
استحالتين:
استحالة قيام
مشروع الدولة
ما دام "حزب
ولاية
الفقيه"
عاملا على
الهيمنة
التامة على حياة
اللبنانيين،
واستحالة
خضوع
اللبنانيين
وقبولهم بتدمير
هويتيهم
الوطنية
والاجتماعية.