الاستفتاء
الطوائفي
بقلم/سامي
فارس
تُستنفَرُ
المواقف في
الانتخابات
الرئاسية
المقبلة بين
فئة تستوي على
أكثريّتها
وبين فئة
تستند الى
تناميها
العددي
المتزايد.
والأقليّة
الحاضرة، إذ
تقترب من
تكوين نفسها
أكثرية، تهزّ
العصا كلّ ما
بدا لها أنّ
انتخاب رئيس
سيقطع عنها
الإمداد
الحربي،
وستُطالّب
بتسليم السلاح
لدولة قائمة.
والأغلبية،
إذ لا تتمكن
من وقف
النصاب، قد تكتفي
في الأيام
العشرة
الأخيرة
بالأكثرية زائد
واحداً، وهو
تطلّع يضع
الأقلية على
فوهة بركان،
فتغتاظ،
وتتوعّد
بعظائم
الأمور وكبائر
السدود.
وفي
المدة
الأخيرة،
اقترحت
الأقلية
إجراء
استفتاء شعبي
لمركز رئاسة
الجمهورية،
معلّلة النفس
بتناميها العددي
في إحدى
طوائفها،
لعلّها بذلك
تنتقي مسؤولاً
يحافظ على
سلاحها،
ويغضّ النظر
عن أفعالها
المنفردة على
الحدود.
وإذ
لم يلحظ
الدستور مبدأ
الاستفتاءات
الشعبية،
يردّ البعض:
لِيُعَدَّل
الدستور في
هذا الإتجاه،
ونوفّر على أنفسنا
تشنجات تدوم،
وإرباكات
تزيد.
ولو
كنا في بلدٍ
تنتشر فيه
طائفة واحدة
لا غير، لما
كان هناك من
إشكال، ولا
أدّى
الاستفتاء الى
معضلة في
النَّفس
الدستورية،
وفي الواقع
الإحساسي
للبلاد.
إلاّ
أن لبنان
متشكّل من
طوائف دينية
عديدة، لكلّ
طائفة
تحسّسها
التاريخي والنفسي
الخاص. فلا
يمكن حصر إحدى
الطوائف خارج
تصوّرها
التاريخي
للعلاقات
والتفاعل ولا خارج
توقيتها
النفسي
لتحرّكٍ ما،
وموقفٍ ما،
أساسيين.
وفي
حالنا هذه،
تريد إحدى
الطوائف
القتال مع دولة
خارجية حتى
استنفاد
مطالب لها تعتبرها
أولية. وترفض
هذه الطائفة،
أو على الأقل
القوى
السياسية
التي
تمثّلها،
أيّة مفاوضات
تجريها
الدولة في هذه
الغاية.
فإن
طرحنا
الاستفتاء
الكلّي في
موضوع الرئاسة،
يمكن لهذه
الطائفة
ولبعض
حلفائها من
الطوائف
الأخرى أن
تشكّل أغلبية
على أرض
الواقع؛ إلاّ
أننا نكون
بهذه الطريقة
قد أخرجنا
عدداً من
الطوائف من
سياقها
النفسي
التاريخي،
ومن إرادتها الأساسية
في التفاوض
السلمي لبلوغ
الأهداف.
ولا
يمكن إجبار
الطوائف
الممانعة
لأعمال الحرب
الفردية على
سلوك هذا
الطريق لأننا
نكون بذلك
نتعدّى على
سيادتها
النفسية،
وعلى إرادتها
الأولية في
التحرك
والتصوّر
والاختيار.
فدخول
الحرب
والاستغناء
عن الهدنة
القانونية
يُدْخِل
البلاد الى
متاهات
عديدة، وخسائر
جمّة، ودمار
كبير. ولا
يحقّ إجبار
طائفة أو عدد
من الطوائف،
أن تضحّي
بنفسها، إن
كانت لا تريد،
وفضّلت
المفاوضات
السلميّة
لبلوغ المأرب.
واذا
كان لا بد من
استفتاءات
شعبية،
فَلْتُسْتَفتى
الطوائف. وإن
وافقت جميعها
على اعتماد وجهة
الحرب،
فليكن،
ولتتحمّل
الأكثريات
الموصوفة
لهذه الطوائف
ما يمكن أن
يصيب الجميع من
دمار وتشريد
وخسائر.
فالموافقة
على الحرب،
ولكونها مدخل
الى الدمار
والخراب،
عليها أن تُبنَى
بثلاثة أرباع
كلّ طائفة(1) أو
مذهب، على الأقل.
ولا يمكن أن
نخرج الى
الحرب
بأكثرية مطلقة
من كل طائفة،
وليس أكثر.
فإذا جُمِعَت
الأكثريات
الموصوفة من
كل الطوائف،
ترضخ إذ ذاك أقليات
الربع على
مضض،
وتتحمّل،
متحفّظة،
الويل والدمار.
أما أقل من
ذلك، فلن
تُساق
الأكثريات
الرافضة
للحرب،
والمستاءة
منها، الى
مغامرات جرّت
علينا
النكبات
الدائمة بسبب
تفرّد البعض
الى الجُنوح
الى انزلاقات
غير مضمونة
النتائج،
تؤدّي
بالبلاد الى
خراب مستطير،
ودمار مستفحل.
إننا
في قلب
الديموقراطية
ولسنا على
شَفاها،
ومطالبتنا
برأي الطوائف
حقّ ناتج عن
تشكّلها
القومي
والنفسي، وما
تمثّل من جمع
تاريخي، ومن
إرادة فعلية
تطالب بحقها
في التقرير في
الأمور
الأولية
والأساسية.
وعقد
الطوائف(2) ظهر
أساساً لا
مناص من
تلبيته.
والنظرية التقليدية
تتهافت يوماً
بعد يوم. وفي
الغرب أصبح
التساؤل
كبيراً، وفي
الشرق فرح لأن
الأفكار
المتأثرة بـ
العمومية
الاجتماعية
تتشقلب كلّ
يوم.
إن
الأساس في
الإحساس
القومي يأتي
من المندَرَج
الديني في
سياقه
التاريخي
الاجتماعي. لذا،
عند إرادة
معرفة القرار
الفعلي للجماعات
الوطنية، يجب
العودة الى
إرادة المجموعات
الطوائفية. قد
لا يعجب هذا
الأمر الدارسون
على نهج
نظريات العقد
الاجتماعي
البحت، إلاّ
أن الواقع
السياسي
المتحرك قد
خذلهم، وهو
يخذلهم كل يوم
أكثر من يوم،
إذ ظهر أنّ
التحتية
النفسية
تستند الى
مَوْشور
الطوائف.
وللعودة
الى موضوع
الانتخابات،
نقول: إن
تصميم الأغلبية
على الانتخاب
في نهاية
الأمر بالأكثرية
زائد واحداً
يعود الى
رفضها، بما
تمثّل من
طوائف،
رئيساً
توافقياً
يتابع مداهنة
الأقلية؛ فلا
تُعيد
سلاحها،
ويمكث الشعب
يَدَه على
قلبه من نتائج
تفرّد
الجماعات
المسلحة في مواجهة
الدولة
العبرانية.
لا
شيء في
الديمقراطية
يقول بإجبار
متّحدات نفسية
على الدخول في
حروب رغماً
عنها بسبب انزلاقات
غيرها من
الطوائف.
فـ
الطوائف
المعتدلة في
لبنان لا تريد
الحرب، ولا
يمكن إجبارها
على ذلك من
فئات تعتبر
نفسها
مجاهدة،
وترفض
الانصياع الى
اتفاق
الهدنة؛
وتتّكِل على
تناميها
العددي لأخذ القرار
العام في
البلد.
إنّ
لكل طائفة
حصانتها
ورأيها
وحقّها الخاص الذي
لا يمكن أن
يُغمَط. فإن
أرادت إحدى
الطوائف سلوك
طريق الحرب،
فما عليها
إلاّ إقناع ثلاثة
أرباع كلّ
الطوائف
بذلك، وإلاّ
أصبحنا خارج
مفهوم
الديموقراطية
بمعنى الوقوف
على رأي
التجمّعات
النفسية التاريخية.
ولدخلنا
عندئذٍ في
عدالة ظاهرية تأخذ
بعين
الاعتبار
العدد
الوطني؛ إنما
نَفقد عدالة
المجموعات
بين بعضها
البعض؛ ونسمح لمجموعة
أو أكثر،
بالتعرّض
لحقٍّ عام
يُبنى على
معارف جديدة
في الحق
السياسي،
تتوافق وأحاسيس
جماعيّة،
مُنِعَت من
التعبير عن
نفسها بسبب أخطاء
تحليلية
تُواكبنا منذ
أكثر من مئتي
عام.
سامي
فارس
في
11/10/2007
------------------------
(1)
نعني
بالطائفة
المجموعة
المذهبيّة.
(2) كل
طائفة تسير
بوعي، أو بنصف
وعي، أو بلا
وعي في منهج
تاريخي ونفسي
متفاعل مع
الظروف،
ومتكدّس مع
الأيام.