شبح
الحريري
يطارد الأسد
أحمد
الجار
الله/السياسة
16/8/2006
قدر
العالم
العربي, كما
يشهد عليه
تاريخه, أن يبتلى
بهذا النوع من
قيادات
الصدفة, التي
تظهر على سطح
الأحداث, وليس
في جيبها إلا
مفرقعات
الصبيان,
ومكائدهم,
ونفوسهم
المملوءة
بالغل والحقد
والحسد على
الآخر مهما
كان, جاراً, أو
شقيقاً, أو
حتى دولة
برمتها
وبكامل
تفاصيلها.
العالم
العربي هذا
شهد بلاء في
أول قيام دولة
الإسلام تجسد
بظهور مسيلمة
الكذاب, الذي
ادعى النبوة,
وحاول تهديد
أركان
الإسلام
وزعزعة قلوب
المؤمنين,
وزين للناس
أوهاماً ظن
أنها ستنطلي
عليهم...
مسيلمة هذا
تزوج بامرأة
مدعية للنبوة
هي الأخرى
اسمها سجاح
بنت الحارث بن
سويد بن عقفان,
وكانت جميلة,
وصباح ليلة
الدخول بها
قرر مسيلمة
إلغاء صلاة
الفجر لأنه
قضى معها ليلاً
مرهقاً لم
يستطع بعده أن
يستيقظ مبكراً,
ولا سيما
أن سجاح
الجميلة كانت
أيضاً نابغة,
تحب العطور,
وتحسن
الملاطفة
وشديدة
الجاذبية...
ومن أجل هذه
المرأة ألغى
مسيلمة صلاة
الفجر, بعد أن
حاول تدمير
ثوابت الدين
وأخذ أهله إلى
الضلال. وقد
انتهى مسيلمة
بأن تركته سجاح
مبكراً
للنجاة
بنفسها,
وبتعرضه للإبادة
هو وأنصاره
على يد خالد
بن الوليد
الذي قاد حملة
من المسلمين
المؤمنين لم
يرضوا بحضور
الضالين في
صفوفهم,
والكاذبين في
مجتمعهم, وأصحاب
الفتن في
بلادهم.
خطاب
رئيس النظام
السوري أمس,
وإن كان لا
يستحق التعليق,
لركاكة موغلة
فيه,
ولصبيانية
صعب عليها
بلوغ سن الإدراك...
هذا الخطاب
ذكرنا بخطب
مسيلمة الكذاب
والتي قامت
كلها على مبدأ
إشاعة الفتن
بين الناس,
ودفعهم إلى
الاقتتال
والتحارب,
خطاب الأسد لم
يكن فيه شيء
من السياسة,
وفيه كل شيء
من نوايا
تصدير الفتنة
إلى داخل
لبنان, ومن
نوازع
الانتقام من
الشعب
اللبناني
الذي طرده
وطرد جيوشه من
بلاده, وفيه
شتى تلاوين
الكذب بادعاء
المقاومة
وتبنيها في كل
مكان شرط ألا
تكون لديه
مقاومة وطنية
سورية تتولى التصدي
للاحتلال
الإسرائيلي
في الجولان
والعمل على
تحريره على
غرار مقاومة
»حزب الله« في لبنان,
والذي خاب هو
الآخر بمجرد
قبوله الاحتماء
بمظلة النظام
السوري,
والالتحاق
بخدمة أحقاد
هذا النظام
الخائف والمرتق.
لقد
اعتمد الأسد
في خطابه على
تركيب
الأوهام والاستنتاج
على أساسها,
فتوصل إلى
نتائج وهمية
أدعى إلى
الشفقة منها
إلى الاعتبار,
كما رمى من
وراء خطابه
إلى إشباع
نيران
الانتقام الملتهبة
في داخله من
قوى 14 آذار في
لبنان والتي
قال إن إسرائيل
قد قامت
بعدوانها من
أجل إنقاذ هذه
القوى, وهو
كلام يدخل في
الهلوسة
طبعاً ولا
يرقى إلى مستوى
الإفادة
بالمعلومات,
وخصوصاً من
رجل يحكم
دولة, كما ضمن
الخطاب
هجوماً
صبياناً غير لائق
على خادم
الحرمين
الملك عبدالله
بن عبدالعزيز,
وعلى رئيس مصر
حسني مبارك,
معتبراً
أنهما عقلاء
مزيفون
وحكماء شكليون.
ولقد تمادى
الأسد في هذا
الجانب في
التطرق إلى
المغامرة في
معرض نفيها,
وتسفيهها
كقول ونظرية,
وقال هل
بالإمكان
اعتبار يوسف
العظمة وسلطان
الأطرش وعبدالرحمن
الكواكبي
وسعد زغلول
وسليمان
الحلبي من
المغامرين? إن
مجرد سرده
لهذه الأسماء
التاريخية
يكفي للرد
عليه, إذ إن
أعمال هؤلاء
المجاهدين
الوطنيين لا
تنتسب أبداً
إلى المغامرة
وتاريخهم
يشهد لهم
بذلك, وبأنهم
كانوا يقفون
وراء حكام
شرعيين,
تدفعهم شعوبهم
إلى مقاومة
الاستعماري
المحتل, وهذه
الشعوب في
الأساس كانت
ثائرة
ومجاهدة
وتتطلع إلى
الحرية
والاستقلال,
ولا تسمح لأحد
أن يخرج من
بين صفوفها
ويستغلها,
ويبدد
أرواحها
ويدمر مساكنها
لحساب مصالح
أجنبية
خارجية لا
علاقة لهذه
الشعوب بها,
ثم إن ذكر
الأسد لجول
جمال,
واعتباره أول
مجاهد
انتحاري في
تاريخ العرب,
وهل هذا الرجل
يعتبر من
المغامرين أم
من الأبطال,
فإن جول جمال
كان ضابطاً
بحرياً بإمرة القيادة
العسكرية
المصرية إبان
العدوان الثلاثي
البريطاني
الفرنسي
الإسرائيلي
عام ,1956 ونفذ
عملية
الانتحار
بأوامر منها.
خطاب
الأسد الذي
قلنا إنه لا
يستحق الرد
إلا أنه خارج
من بواعث
الخوف
والاضطراب
ونوازع
الانتقام, لا
بد من التعرض
له من باب
الرغبة في كبح
نوازع
صبيانية تريد
إشعال الفتنة
في لبنان, ولا
تريد الخير لا
للعرب, ولا
لسورية.
لقد
تكلم الأسد
بأفكار أخرى
لا معقولة,
سمحت له بسرقة
إنجازات »حزب
الله« إذا
كانت له إنجازات,
وبادعاء وجود
خيارات أخرى
غير خيار
السلام, وبجواز
قيام مقاومة
حين تغيب
المفاوضات,
وينسى أن هذا
الكلام ينطبق
عليه بالدرجة
الأولى, فلديه
الجولان
المحتل
المرشح لأن
يكون اسكندورن
ثانية, أي
لواء مسلوخاً,
فلماذا لا
يتفضل بالمقاومة
من أجل
استرجاعه
وتحريره? ثم
قوله إن الحرب
على لبنان قد
عرت العالم
العربي وأظهرته
بلا مساحيق,
أليس هو أول
العراة
المفضوحين,
كونه جزءاً من
هذا العالم
العربي, أم
أنه في هذا
الجانب لا
يعتبر نفسه
عربياً?
إذا
كان الأسد يرى
أن إسرائيل
فقدت هيبتها
في هذه الحرب
الأخيرة, فإن
في ذلك الأمر,
إذا كان حقيقياً,
فرصة ذهبية له
لكي ينقض
عليها, ويفتح أبواب
الجولان
ليكمل ما بدأه
مغامرو
»حزب الله«, وينتهى
بما انتهوا
إليه أي
الانتصار على
إسرائيل هذه
وإلحاق
الهزيمة بها.
وحين
تجاسر الأسد
على القول,
وبكلام مغامر
غير محسوب,
بأن القرار
الوطني
السوري أعلى
من أي قرار دولي
ولو أدى ذلك
إلى القتال,
فإنه يفتح
أبواب جهنم
على بلده وعلى
شعبه, تماما
كما فتحها »حزب
الله« على
لبنان, وفتحا
من قبلهما
صدام حسين على
العراق. إننا
نعرف أن
التيوس لا
تستطيع مناطحة
الصخر
بقرونها
لأنها ستتكسر,
ونعتقد جازمين
أن قرون الأسد
ستتكسر هي
الأخرى على
صخرة العالم
العربي
الصامدة ضد
مكائده وفتنه,
والتي لن
يلتفت إليها
أحد بدليل,
ردود الفعل
الشاجبة
لخطابه,
والآتية من
أربع جهات العرب
من دون
استثناء.
رحم
الله الحريري
إذ بدا شبحه
مسيطراً على
يقظة الأسد
ومنامه,
ودافعاً له
إلى كتابة
خطاب يخلو من
السياسة
ويمتلئ
بشقاوة
الصبيان
ونزوعهم إلى
إثبات أنفسهم وحضورهم
عن طريق الأذى
وإشعال الفتن