مسيحيّو الحكومة مسؤولون عن التوازن والشراكة"

عون لـ"النهار": موضوع الرئاسة لم ينتهِ... والحالة سوداء

تفكير المتطرفين الجدد غبي والحكومة تتحمّل مسؤولية 15 عاماً

كتبت هيام القصيفي: النهار 21 نيسان 2006

الكباش السياسي بين النائب العماد ميشال عون وتيار "المستقبل" في اليومين الماضيين، اثار المخاوف من عدم معاودة الحوار في 28 نيسان الحالي، في ظل التشنج، خصوصا ان الهدنة التي كانت قائمة بين عون ورئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري انهارت فجأة، بعدما كان الجنرال يهادن الى حد ما الحريري، ولم يكن بينهما ما كان بين عون ورئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط. لكن المياه التي تعكرت اخيرا لا يبدو انها في طريقها الى ان تصبح نقية بينهما. فملف الرئاسة هو الذي فجّر الوضع بحسب "المستقبل"، وملف الفساد وفتح الملف الاقتصادي بحسب عون هما اللذان فجّرا الازمة. لكن الحوار هو المرشح لأن يدفع الثمن. فحين نسأل عون ماذا تحمل الى الحوار لا يجيب. لكن يبدو انه يحمل في جعبته امرا ما او عملا ما، لا يكشفه.

ما هو مؤكد، بحسب عون، ان رئيس الجمهورية باق حاليا حتى سنة ونصف سنة. لكن الوضع السياسي بحسب ما يقول" لا يحسب بالسنة بل بالاشهر" وقد تكون الاشهر المقبلة حافلة بملفات يفتحها عون على مصراعيها. ماذا يقول عون عن الحوار المقبل؟

• بعد التوتر السياسي الاخير ثمة من يعتقد ان طاولة الحوار انتهت، فهل ستذهب اليها ام ستقاطع؟

- سأذهب الى طاولة الحوار. نحن طرحنا ورقة التفاهم بيننا وبين "حزب الله"، اخذوا منها على طاولة الحوار نقاطا اساسية، وعالجناها كلها. نحن لم نطرح موضوع الرئاسة، بل الاكثرية طرحته، وحين تأكد لهذه الاكثرية انها لن تتمكن من ان تأتي برئيس خاتم في اصبعها قالت فليبق الرئيس اميل لحود وهو افضل من اي انسان آخر ومن ان يأتي الجنرال عون. قلنا لهذه الاكثرية مبروك، ولكن عليكم الاعتذار من لحود بعدما وجهتم اليه الاهانات. نحن لا مشكلة لدينا في بقاء لحود. هذا ما حدث. ولكن لم تبق هذه الاكثرية "عاقلة" لانها تريد ان ترمي اخفاقها السياسي والاقتصادي المتراكم على احد ما. يريدون ان يحملونا مسؤولية اخفاق الحوار، يقولون لنا "اقيلوا الرئيس" فنقيله، جيئوا بفلان رئيسا فنأتي لهم بمن يريدون. لا مشاركة ولا توازن في الدولة، بل اداء سيئ في التعيينات والوظائف. لا يسألون عن رأي عام شعبي ولا عن احد. لا يسألون احدا عن التعيينات في الادارة اللبنانية ولا عن الكفاءة في التعيينات الامنية. انا لا استطيع ان أأتمنهم على اي امر في الدولة، خصوصا ان تاريخهم حافل في الحقل الاقتصادي. هم أورثونا الديون والانكسار وكل ما عاناه الشعب اللبناني من جروح اقتصادية اولا وهجرة ثانيا. اضافة الى الصدمة التي خلقوها عندما وعدوا الشعب اللبناني بالكثير فيما هم يعملون ضده. اشعر انهم بعدما تسببوا بتهجير مليون وخمسمئة الف لبناني، اصبحوا الان مستعدين لتهجير مليون آخرين. ربما لانهم يسعون الى التوطين. ارى انهم لا يحسّنون وضع البلد لا بل يفرغونه من سكانه.

• لماذا "انكسرت الجرة" بينك وبين الحريري بعدما كنت تهادنه؟

- لا يريدون الحوار بل المناورات. والمناورة انهم يريدون ان نعطيهم كل شيء وان نسلم لهم بكل شيء. يريدون ازالة الرئيس ووضع آخر مكانه وان يؤلفوا الحكومة منفردين. سمعت احد النواب يقول "نحن نتمنى على الرئيس فؤاد السنيورة ان يتقيد بقرارات مجلس الوزراء"، وكأن السنيورة يذهب الى واشنطن في شكل منفرد. هم يتصرفون افراديا ولا فكرة لديهم عن الديموقراطية في العمل. ومن ثم "يأخذون" على خاطرهم اذا قلنا انهم يتبعون النهج الذي كان سائدا ايام المخابرات السورية.

• ما هي إذاً فائدة الحوار، ما دام رئيس الجمهورية باقيا والحكومة باقية؟

- تحاورنا وحصلنا على نقاط ممتازة، حول الفلسطينيين والعلاقة مع سوريا والتحقيق الدولي، وكلها مواضيع اتت وفق الورقة بيننا وبين "حزب الله". ما يتبقى مواضيع حيوية تتعلق باللبنانيين، ولم تبحث بعد.

* ستطرحون في 28 نيسان الجاري موضوع الرئاسة ام انتهى الامر باعلان فريق 14 آذار ان الرئيس باق حاليا؟

- لم ينته الموضوع. ستطرح اسماء. الا يجب على الاقل اقفال المحضر؟ يجب اقفاله والانتقال الى سلاح المقاومة.

• اذا اعلنوا انهم يريدون اقفال الملف وتطبيع الوضع مع رئيس الجمهورية، فماذا ستطرح؟

- لا تسير الامور بطريقة انهم حين يريدون يفتحون الملف وحين يريدون يقفلونه. نحن لدينا اسلوبنا لاقفال ملف الرئاسة.

• ماذا ستحمل الى طاولة الحوار في شأن الرئاسة؟

- احمل كلمة سأقولها في المناسبة حول الرئاسة وحول الحوار. اشعر ان لا احتراف في تصرف الحكومة وأدائها. لا نستطيع ان نستمر في العمل مع مبتدئين في السلطة، ساعة يشتمون سوريا وساعة يترجونها كي تستقبلهم. أعرف ان من يخفق في الحكم يستقيل ويسلم غيره. وهذه الحكومة فاشلة ولا تستطيع القيادة في قضايا حساسة جدا.

• تطبيع الوضع مع رئيس الجمهورية وبقاء الحكومة، هل يؤثران في وضعك؟

- لا شيء اسمه تطبيع للوضع. عليهم ان يذهبوا كالتلامذة الشطار ويحضروا جلسات مجلس الوزراء، كما يجب ان يكون الوضع. القضية ليست "تربيح جميلة". هم وزراء وهو رئيس الجمهورية. هناك دستور وأعراف عليهم احترامها.

• ولكن كتلتك غير مشاركة في الحكومة ولا تغيير رئاسياً قريبا، والفريق الاخر سيتعايش مع لحود، فكيف سيكون وضعك في الفترة المقبلة؟

- لدينا نهج معين. تصرفنا سيكون خطوة خطوة ووفقا لتوقيتنا. ولكن لا يعتقدن أحد انه سينام على فراش حرير حتى سنة ونصف السنة. اشواك هذه المرحلة ستكون أصعب.

• كنت تطالب باستقالة الحكومة، هل لا تزال على موقفك؟

- الحكومة يجب ان تتحمل مسؤوليتها حتى تغرق تحت تاسع أرض. هذه الحكومة تحمل عبء افلاس الدولة منذ 15 عاما. النهج السياسي هو نفسه الذي يتحكم في الدولة منذ ذلك الوقت، هو الذي لعب بالادارة وأفسد وخرّب. ولا يعتقدوا اذا شاركوا في حدث واحد، انهم هم من حرروا الارض. كلا، انهم هم الذين أفلسوا الارض والوطن والشعب.

• ولكن تيار "المستقبل" لفت ايضا الى القيادات المارونية المحترمة التي ترشحت للرئاسة. وسمعنا بعض التصريحات التي تضع اللوم عليك في موضوع الرئاسة.

- لكل واحد الحق في ابداء رأيه. شخص واحد يمتلك 90 في المئة من أسهم الشركة، وتسعون آخرون لا يملكون سوى 10 في المئة، هل نوازن بينهم؟ تماما كما النكتة القديمة "انا وفرعون مليونير".

المسيحيون الآخرون والارتباطات

• انطلاقة الحوار حاليا لا تشبه الانطلاقة الاولى.

- في البدء ذهبنا بانفتاح أكثر وجاءت النتيجة بأمور ايجابية، لكن بند الرئاسة عكّر الجو. قد نذهب في جو متشائم هذه المرة، وتكون النتيجة ايجابية. لعل العقل يتحكم فيهم في الايام المقبلة ويفهمون انهم لا يستطيعون ان يحكموا البلد وحدهم بالطريقة التي يتبعونها حتى لو سرقوا مقاعد انتخابية او ربحوها بالمال السياسي. هذا الاسلوب مات. لا دعم أجنبيا أقوى من دعم الشعب اللبناني. فليعملوا معروفا ولا يفتشوا عن أولياء جدد، وليتفضلوا الى الطاولة لنتخذ القرارات معا. هم ليسوا وحدهم.

• تذهبون الى الحوار كمسيحيين أفرقاء وتوجهات عدة، في حين ان لكل من سعد الحريري وجنبلاط والفريق الشيعي كلمته الخاصة. اما من توجه الى جمع صفوف المسيحيين قبل معاودة الحوار؟

- كلا.

• لماذا؟

- الآخرون يرفضون. هم ملحقون بالاكثرية النيابية، وليسوا مستقلين. لا نستطيع ان نفاوض من لديه ارتباطات مع الآخرين.

• بدأت الخطوط تفتح بينكم والرئيس امين الجميل وحزب الكتائب.

- ولكن لم نصل بعد الى نتيجة حاسمة.

• ألا ضرورة للدعوة الى لقاء مسيحي؟

- انا لست مستعجلا، فليضربوا رؤوسهم بالجدار ويسقطوا. وليصل كل واحد بتجربته الى النهاية، وليتحمل كل واحد مسؤوليته. لا ننسى 13 تشرين، و14 آذار و14 شباط، ماذا فعلوا بها؟ حين انضموا الينا حققنا العجائب، وحين تخلّوا عنا بدأوا بالسقوط.

• لكن الجو المسيحي ارتاح، حين رأى صوركم مع سمير جعجع وبطرس حرب وأمين الجميل. اليس المطلوب اراحة الجو المسيحي؟

- طبعا ولكن ليس ان نضحك عليه. هناك اخطار حقيقية لا يراها الاخرون.

"ورثت كل الاخطاء"

• الا يرى المسيحيون على طاولة الحوار هذه الاخطار؟

- ابدا. يعتقدون ان لديهم حلولا لها، كما اعتقدوا في 1975، و1990. لم يروا هذه الاخطار ولا مرة. انا تحملت كل اخطائهم في 13 تشرين، وهم تنصلوا منها وصوروا انفسهم ابطالا. انا ورثت عنهم كل اخطاء المسيحيين الذين وقفوا بجانب تيار "المستقبل". وحين جئنا لننهي القضية في شكل مشرف انهوها. رموها وهجموا علينا.

• ولكن حين يرون انك ترسل موفدين الى الرئيس عمر كرامي في شأن الجبهة التي يقال انها قريبة من سوريا، الا تعتقد انهم محقون في ملاحظاتهم؟

- ثمة تفكير خاطئ وغبي وفاشل. لا نستطيع ان نعتبر اللبناني الذي لديه مقاربة مختلفة الى السوري، انه سوري. هذا اللبناني اخذ بعين الواقع كل المشاكل التي عاشها، وخبرته السياسية، ولديه طريقة مقاربة تختلف عن "المتطرفين الجدد" الذين يريدون مهاجمة سوريا واستعداءها. الذين سيشكلون الجبهة هم اول من قالوا اذا عادت سوريا فسنقف ضدها. "حزب الله" وقع معنا ورقة تقول لا لعهد الوصاية. ماذا نريد منهم؟ ان يقسموا مرة جديدة؟ ومن اولئك الذين يصنفون الناس سوريين او غير سوريين، ومن هم الذين يكونون على رأس الدولة وتكون لديهم روح ثأرية من سوريا، ومن ثم يريدون تحسين العلاقة معها؟ فليجلسوا في بيوتهم ويتركوا الاخرين يحسنون العلاقة بسوريا. قلنا لهم انتظروا التحقيق لكنهم رفضوا ووجهوا الاتهامات يمينا ويسارا. اليوم يقولون بفصل التحقيق عن العلاقة بسوريا. وغدا يذهبون الى سوريا بعدما هاجموها. هل هذه هي السياسة؟ فليقفوا على ارجلهم بكل احترام كما يقف غيرهم ممن ينادي باحترام بالعلاقة بسوريا.

• اقمت علاقة بالطرف الشيعي، وماذا حقق لك هذا التفاهم؟ الم يربح هذا الفريق اكثر مما ربح فريقك؟

- لم نقم بالتفاهم على اساس من يربح اكثر. بل وقعناه على اساس ان هناك امتدادا سكانيا استتب فيه السلام على كل المساحة الموجود عليها المسيحي والشيعي، واعتقد انها مساحة تقدر بـ 80 في المئة من مساحة لبنان، وهذا نموذج مثالي للفئات التي لم تنضم الى التفاهم. كنا نأمل في ان يأخذوا ورقة التفاهم ويطبقوها لبنانيا بدل ان يقولوا انها ايرانية وسورية.

• ولكن على طاولة الحوار لم يوافق معك الفريق الشيعي على الانتخابات المبكرة ولا على طرح قانون الانتخاب. الا تعتقد انه لو اعلنك مرشحا رسميا لكانت تغيرت الصورة؟

- يجب الا ننظر الى ما حصل على طاولة الحوار بل الى ما سيحصل بعدها. في السياسة ثمة حق لكل طرف في ان يتخذ موقفه بتوقيته. لا تستطيعين ان تطلبي الي الان اعلان موقف يجب ان اقوله بعد 24 ساعة، ولا اطلب الى الآخرين موقفا قبل وقته. المهم التوقيت، والمهم ان يظهر الموقف الحقيقي عند كشف الاوراق في النهاية.

• من الآن حتى سنة ونصف سيبقى رئيس الجمهورية في موقعه؟

- هذا هو الامر الاكيد بحسب تأكيدات المحللين.

• وهل ستبقى الحكومة؟

- هذا يعود للاكثرية اذا كان بعضها قادرا على تحمل بعضها الآخر.

• كيف سيعود في رأيك الوزير المقاطع الى مجلس الوزراء؟

- من اراد اسقاط النظام السوري، ومن يريد ان يصالحها، هل تخشين الا يجد طريقة ليعيد الوزير الى الوزارة؟

• كيف ترى صورة البلد حتى سنة ونصف السنة؟

- رئيس الجمهورية ليس حاكما بل الحكومة هي التي تحكم. والسؤال يجب ان يكون، اذا بقي تيار "المستقبل" حاكما فماذا سيحصل؟ الحالة سوداء جدا، ورئيس الجمهورية لا علاقة له بها.

• ولكن ماذا سيكون دوركم خلال سنة ونصف السنة؟

- دورنا معارض، واذا استطعنا قلب الامور فسنفعل وليتحملوا المسؤولية. هم يلهون الناس عن المآسي الاقتصادية بحرب داخلية. انهم يمذهبون الادارة ولا يسألون عن احد. شلوا الادارات والمؤسسات. هل هؤلاء نواب ام انهم يمثلون حكما كيفيا؟

• تتحدث عن مذهبة الادارة، وبعضهم يتحدث عن تعيينات في مجلس بلدية بيروت ومجلس الانماء والاعمار فيما المسيحيون يتلهون برئاسة الجمهورية؟

- لا يلهونني انا. ثمة فريق مسيحي هو شريكهم في الحكم، وهو مسؤول عن حفظ التوازن. اسألي "القوات" والكتائب وقرنة شهوان عما يحصل في الادارة. نحن خارج الحكومة.