الفاتيكان أبلغ المعارضة المسيحية موقفاً داعماً لصفير

 الحرم الكنسي يفتح الباب أمام الطعن في نيابة من يشملهم

الكاتب: نوفل ضو المصدر: "الجريدة" الكويتية »

 

لا تزال تداعيات تلويح الكنيسة المارونية بإلقاء «الحرم الكنسي» على المتطاولين على البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير والاساقفة، وعلى الذين يتسببون في انشقاقات تنعكس سلبا على وحدة الكنيسة ودورها، مدار بحث ونقاشات في الأوساط السياسية والحزبية المعنية لناحية السبل الواجب اعتمادها في التعاطي مع الموقف المستجد.

 

وتلفت الأوساط المذكورة الى أنها المرة الأولى في تاريخ لبنان الحديث التي تصل فيها الكنيسة المارونية الى حدود التلويح بالحرم الكنسي على بعض السياسيين، علما بأن ظروف «حرب الإلغاء» التي دارت عام 1989 على الساحة المسيحية بين قوات الجيش الموالية للعماد ميشال عون الذي كان يتولى رئاسة حكومة انتقالية يومها، وبين «القوات اللبنانية» بقيادة د. سمير جعجع، لم تصل بالقيادة الروحية على الرغم من خطورة ما حصل الى حدود التلويح بالحرم الكنسي مع أن الكثيرين من القادة السياسيين والرأي العام طالبوا بكركي يومها باللجوء الى مثل هذا التدبير في محاولة لوقف المجازر والتدمير الذي لحق بالمسيحيين نتيجة لهذه الحرب.

وفي اعتقاد الأوساط ذاتها فإن ما حتم على الكنيسة المبادرة الى التلويح بـ«الحرم الكنسي» هو تخطي الخلاف الأطر السياسية والحزبية ليصل الى حدود محاولة «المعارضة المسيحية» تأليب بعض رجال الدين الموارنة على القيادة الروحية وبكركي ومحاولة دفعهم الى اتخاذ مواقف تناقض المواقف الصادرة عن البطريرك صفير ومجلس المطارنة الموارنة في مواضيع مستقبل لبنان وأسس قيام الدولة اللبنانية والمفاهيم التاريخية التي قام عليها الكيان اللبناني، وصولا الى محاولة شكوى البطريرك صفير الى بعض الدوائر الفاتيكانية في محاولة لعزله أو للحد من صلاحياته ومسؤولياته.

 

ويبدو بحسب الرائج في الصالونات السياسية اللبنانية أن موقف بكركي لم يكن موقفا معزولا، وإنما جاء مدعّما بموقف فاتيكاني تولى السفير البابوي في لبنان نقله بحزم الأسبوع الماضي الى رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في زيارة رفض بعدها السفير الإدلاء بأي تصريح.

 

ويبدو أن «جدية» ما لوحت به الكنيسة لقي ترجمته في التحذيرات التي نقلها بعض رجال القانون الى العماد عون والنائب السابق سليمان فرنجية وغيرهما من أن «الحرم الكنسي» في حال حصوله لن تقتصر ذيوله فقط على النواحي الروحية والدينية، وبالتالي على الوضع المعنوي للمعارضة في الانتخابات، وإنما من شأنه أن ينعكس سلبا على الوضع القانوني لبعض المرشحين من منطلق أن «الحرم» في حال حصوله يسمح لخصومهم الانتخابيين بالتشكيك في تمثيلهم لطوائفهم، وبالتالي يفتح الباب أمام الطعن قانونيا ودستوريا في ترشيحاتهم أو في نيابتهم في مرحلة لاحقة في حال انتخابهم. وتلفت الأوساط الى أن «التراجع» الكبير في حدة التهجم على البطريرك صفير ومواقفه خلال الأيام القليلة الماضية مؤشر على نجاح «الهجوم المعاكس» الذي شنته الكنيسة دفاعا عن نفسها وعن مواقفها.

 

وتنقل هذه الأوساط عن دوائر الصرح البطريركي الماروني في بكركي تأكيد أن الكنيسة لن تكون في وارد خوض معركة انتخابية مع فريق ضد آخر في الانتخابات التشريعية المقبلة، ولكنها لن تكون كذلك في وارد الصمت وعدم خوض معركة وطنية هدفها الدفاع عن خياراتها الوطنية وعن نظرتها الى حاضر لبنان ومستقبله بالاستناد الى الخيارات التاريخية للمسيحيين، حتى ولو اعتبر البعض هذا الموقف بمنزلة دعم لفريق سياسي وحزبي ضد آخر