عربي وانكليزي
كلمة العماد ميشال عون في الذكرى 18 لأحتلال السوري المناطق المحررة في 13 تشرين الأول سنة 1990
11 تشرين الأول/2008
كيف سيكون الإصلاح ومتى؟ فبالتأكيد يمر بالانتخابات النيابية. العماد عون: المجتمع
اللبناني عامة والمسيحي خاصّة معرّض لأكبر محاولة إغراء في تاريخه؛ فالبترودولار
متوافر بكثرة.
نلتقي اليوم في الذكرى الثامنة عشرة للثالث عشر من تشرين، وقد زالت النتائج
العسكرية والقانونية التي ترتَّبَت على أحداث ذلك النهار المشؤوم من تاريخنا. لكنّ
المؤسف والمؤلم معاً أننا لم نبرأ بعد من المفاعيل النفسية التي أصابتنا في الصميم.
كما وتفاقمت المفاعيل الاقتصادية، فأقعدتنا معنوياً ومادياً، بحيث احترفنا التسول،
نتعاطاه كأنّه من عاداتنا وتقاليدنا، ونتناقل ببغائياً شائعات تسمم أفكارنا، مهملين
الإصغاء إلى الحقيقة التي تعزز الثقة في ما بيننا، وتقوي منعتنا في مواجهة التضليل
الذي أصبح عِلماً وسلاحاً يهدم حصون أقوى المؤسسات.
منذ ثمانية عشر عاماً ولبنان يعيش مساراً انحدارياً في مختلف قطاعات الحياة العامة.
ومن الصعب أن نسجّل نقاطاً ايجابية للحكومات المتعاقبة. وما يبدو لنا أحياناً أنّه
إنجازات، لا يتعدّى كونه بضعة مشاريع باهظة الكلفة، شكّلت مصدر إثراء غير مشروع
لأصحابها؛ فما زلنا نعيش مفتقرين إلى الماء والكهرباء والدواء، والى النقاوة في
الهواء الذي تلوثه مكبّات النفايات. وكذلك إلى الأمن والطمأنينة على مختلف الأراضي
اللبنانية. ومع هذه القلّة المتزايدة في تأمين حاجاتنا الحياتية، تكثر ديوننا
ويزداد جوعنا ويتبخّر أمننا مع حملات الوافدين إلينا من كل حدبٍ وصوب، وكأننا دخلنا
في عصر غزوات جديد.
في أواخر نيسان من العام 2005 ظن اللبنانيون بأن السيادة قد عادت إلى لبنان في ظل
الانتفاضة الشعبية التي تلت اغتيال الرئيس الحريري، وأن عهد الوصاية قد انتهى
بانسحاب القوات السورية من لبنان. غير أن الواقع بدا مختلفاً، فاتفاق الطائف كان قد
وضع لبنان في ظل كوندومنيوم سوري ـ سعودي تحت رعاية أمريكية. وما حدث في العام 2005
لم يكن سوى انسحاب البعد الأمني من المعادلة وبقاء التبعية السياسية للمملكة
العربية السعودية والإدارة الأمريكية؛ فكان الخلل الكبير الذي قوض استقرار لبنان
مجدداً.
وكان التفاهم الرباعي الذي تفجّر مطلع العام 2006 بسبب نقض الوعود التي أعطيت لحزب
الله خلال الانتخابات، والتي تقضي بالمحافظة على سلاحه ودعمه في عدم تنفيذ القرار
1559.
وبالرغم من تأكيد الحكومة في بيانها الوزاري على " الحق الوطني للشعب اللبناني في
تحرير أرضه والدفاع عن كرامته في مواجهة الاعتداءات والتهديدات والأطماع
الإسرائيلية والعمل على استكمال تحرير الأرض اللبنانية..." ، حاولت قوى 14 شباط
استمالتنا لتشكيل جبهة ضد حزب الله لعزله ومن ثم مواجهته. لكنّنا، وتقديراً منا
لخطورة هذا الموقف، وما يمكن أن يترتب عليه من حالة صدامية مشابهة لما حدث مع حزب
الكتائب في العام 1975، رفضنا الانضمام لهذه الجبهة واقترحنا تصور حلٍ يحفظ حقوق
لبنان والمقاومة، ويشكل مخرجاً مشرّفاً لجميع الأفرقاء. وفي ضوء قبول هذا الحل أو
رفضه من قبل حزب الله يُتّخذ الموقف المناسب.
وقد تكشّف لنا بعد هذا العرض بأن ما كان مرسوماً لدى قوى الغالبية يختلف تماماً
عمّا قدّمناه، لا بل يتناقض معه، فافترقنا.
ولما كانت جميع الأطراف المعنية، المحلية والدولية، تفتقر إلى إطار لتطبيق القرار
1559، ما سيؤدي إلى وضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي- وقد عبّرنا عن ذلك
مراراً وتكراراً منذ صدور هذا القرار؛ وإدراكاًً منا لخطورة الموقف، وبالرغم من
الإنذارات المتكررة التي وُجِّهت إلينا من أهم المراجع الخارجية، والتي تحذّرنا من
التلاقي مع حزب الله، قرّرنا السير بمشروع التفاهم... التفاهم الذي أعلنّاه في 6
شباط من العام 2006 ، والذي رفضه فريق البريستول مع القوى الخارجية التي دعمت، في
ما بعد، حرب تموز.
وبالرغم من المواقف المعادية لهذا التفاهم من بعض الداخل ومن الواقع الدولي، فإنّه
أعاد الثقة بين شرائح كبرى من اللبنانيين، فزادت طمأنينتهم، وسقطت الحواجز النفسية
الموروثة والمتراكمة منذ عقود مليئة بالأحداث الدامية، وترسخ التسامح بين مكونات
المجتمع اللبناني.
وأعاد التفاهم أيضاً التوازن السياسي والشعبي الذي كان العامل الأول في احتواء
التفجيرات الأمنية ومنع تحويلها إلى حروب أهلية، وقد شكّلت فقراته العشر منطلقاً
للحوار اللبناني - اللبناني، الذي أدى إلى إنجاز قانون الانتخاب، وإقرار تصورٍ
للتعامل مع السلاح الفلسطيني، وللعلاقات مع سوريا بما فيها معالجة قضية المفقودين
والموقوفين، وصولاً إلى اعتماد مبدأ الإستراتيجية الدفاعية عن لبنان.
وفي ما يتعلق بحرب تموز، فقد كان لهذا التفاهم الدور الأبرز في إعداد وتحضير الرأي
العام اللبناني بصورة عامة، والمسيحي بصورة خاصة، لقبول ودعم المواقف الوطنية،
متخطياً السياسات التقليدية القائمة على التناقضات الموروثة منذ قرون، ونقل الصراع
في لبنان من صراع طائفي إلى صراع سياسي، وتأسيس فكرة الدولة القائمة على الخِيارات
الوطنية والسياسية، لا على الانتماء المذهبي. وقد خطونا الخطوة الأولى باتجاه
الدولة المدنية التي تقوم على مفهوم المواطنة.
كم كان يؤخذ علينا نضالنا ضد الوجود السوري في لبنان، وكم كنّا نُتَّهم بالعدائية
لسوريا بالرغم من تأكيدنا مراراً وتكراراً، وفي أحلك الظروف، أننا نريد أن نبني
معها أفضل العلاقات، ولكن بعد خروجها من لبنان، وضمن إطار احترام سيادة البلدين.
وها نحن اليوم في وضعٍٍ بات يؤخذُ علينا شرفُ المحافظة على الالتزام بالكلمةِ-
الموقف، واحترام الصدقية في التعاطي مع القضايا المصيرية التي تحتم علينا علاقات
طيبة مع الدول الشقيقة والصديقة. حتى أننا أصبحنا نُتَّهم بالتبعية لسوريا، وكأن
احترام علاقات حسن الجوار والشرائع الدولية أصبح مذلّةً في لبنان، وأصبحت قواعد
التعاطي مع الآخرين تلزمنا الخروج عن المعايير الأخلاقية والقانونية بدل الإلتزام
بها.
وما لبثت الأحداث أن انتقلت من السجال حول العلاقات مع سوريا الى حرب ضارية شنتها
إسرائيل على لبنان في تموز من العام 2006، وقد تركت هذه الحرب أثارها وتسببت
بانقسامات سياسية حادّة في مجلس الوزراء. هذا بالإضافة إلى الخسائر التي تعرّض لها
لبنان بسبب العدوان الإسرائيلي على بنيته التحتية والمصانع والمنازل، وما ألحقه بنا
أيضاً من خسائر جسيمة في الأرواح وتدميرٍ هائلٍ في الممتلكات العامة والخاصة؛
وإدراكاً منا بضرورة ضبط الخطاب السياسي على مستوى مسؤول، ووضع التعويض عن الخسائر
في سلم أولويات عادل، دعونا إلى قيام حكومة وحدة وطنية تعالج هذه المواضيع بمسؤولية،
تجمع بين مختلف الأفرقاء اللبنانيين. لكن، وللأسف، جوبهنا برفض قاطع، وبخطاب بعيد
كل البعد عن روح المسؤولية، وسط جهل تام لمفاعيل الأزمة التي تكوّنت أثناء الحرب.
وصار الكلام اللامسؤول الذي أدلى به نواب القوى الحاكمة يدل على مدى هذا الجهل في
إدراك تطور الوضع نحو الأسوأ. وبنتيجة عدم التقدير، تصاعدت الأزمة واستقال الوزراء
الشيعة من الحكومة، فضلاً عن وزير البيئة، ففقدت ميثاقيتها وأصبحت مخالفة للدستور...
فكانت المظاهرات الضخمة والاعتصام التاريخي اللذان لم يعرف لهما لبنان مثيلاً.
وتذكرون كيف رفض رئيس الحكومة الاستقالة، مفضلاً حماية الشريط الشائك والبقاء في
السراي على تعديل حكومته أو استقالتها. وطالت الأزمة وتجاوزت السنة ونصف السنة
وتعطلت انتخابات الرئاسة. وكلّ هذا في سبيل الاستئثار بالسلطة، وعدم إشراك الآخرين
فيها. وهكذا، أطاحت القوى الحاكمة بجميع المواثيق الدستورية والتقاليد السياسية
للديمقراطية التوافقية المعتمدة في لبنان.
واستمرت استفزازات السلطة للمعارضة بتحرشات في أماكن مختلفة من الأراضي اللبنانية
بغية استدراجها إلى صدامات مسلحة، ولكن المعارضة برهنت عن طول أناة وحكمة، مفضلة
استيعاب الأحداث والخسائر محافظة على الديمقراطية بدل الدخول في معادلة قوة تحسم
الموقف من خلالها لمصلحتها.
وخلال هذه المدة عززت القوى الحاكمة قوتها السياسية بميليشيات مسلّحة ظناً بأنها
قادرة على خلق معادلة قوة لمصلحتها، مشيعة بين أزلامها ومحبّذيها أنّ الدعم سيأتيها
من الخارج، وما عليها إلا أن تصمد لمدة قصيرة في أي نزاع مسلح قد يطرأ. وما أن ظنّت
أنّ ساعدها قد اشتدّ، حتى اتّخذت قرارات استفزازية بحق المقاومة، فكان السابع من
أيار وما تلاه.
ثمّ كان مؤتمر الدوحة الذي عدنا فيه إلى مطلبنا الأول بعد نهاية حرب تموز، أي إلى
ضرورة تشكيل حكومة الوَحدة الوطنية، وإقرار قانون جديد للانتخابات، وإجراء انتخابات
رئاسية. ولو كانت القوى الحاكمة قد اقتنعت منذ البداية بمكوّنات الحل، لكنّا وفّرنا
على أنفسنا وعلى الوطن سنتين من المتاعب والخسائر المادية والمعنوية والأرواح
البريئة. وأهم من ذلك أنّنا كنا وفّرنا على مجتمعنا هذا الفرز المذهبي الذي لم يعرف
له لبنان من قبلُ مثيلاً، حتى في أحلك أيام تاريخنا. وكلّ ذلك بفضل حفنة من
الطارئين على السياسة الوطنية والجاهلين للتاريخ، الذين دأبوا على تحويل الوطن إلى
شركة والمواطنين إلى زبائن.
وبعد مؤتمر الدوحة، دخل لبنان مرحلةً جديدة، وتألفت حكومة ائتلافية شارك فيها
التيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح. وإذا كان حجم مشاركة المعارضة في
الحكومة لا يمكّنها من إصلاح ما يجب إصلاحه، فإنّه يوفّر لها إمكانية منع حصول شطط
في بعض المواضيع الأساسية التي تحتاج لإقرارها إلى ثلثي مجلس الوزراء كما ينصّ
الدستور. أمّا ما يقدّمه التيار اليوم من خلال مشاركته في الحكم، فهو أسلوب شفاف
وفعّال، يأخذ على عاتقه المشاكل العامة ويضع لها الحلول المناسبة محترماً المعايير
الأخلاقية والقانونية؛ فعمله في هذه المرحلة يبقى محصوراً في نطاق الوزارات التي
يشغلها، حيث يبذل ممثلوه في الحكومة جهداً متواصلاً يعطي عملهم فارقاً نوعياً بدأت
تظهر تباشيره للرأي العام.
إن تجربتنا في الحكومة أعطتنا فكرة واضحة عن المستنقع الذي تعيش فيه الإدارة، فهي
مشلولة الإرادة والمبادرة وتعيش حالات انتظار وركود وكأنها مصابة بكسل مزمن لأن
السلطة التنفيذية المسؤولة عن تحريكها ودفعها تسير بها على نمط مصالحها الخاصة وليس
على نمط حاجات المجتمع.
وتجربتنا مع مجلس النواب أعطتنا اليقين بأنه لا إصلاح ممكناً من دون أكثرية واعية
لمسؤولياتها، تحترم الدستور وتنقّي القوانين من الثغرات التي تفسح المجال للفساد
والإفساد، كما تحاسب الحكومة على تجاوزاتها للقوانين المرعية الإجراء؛ فما نلمسه كل
يوم هو ذلك التواطؤ القائم بين الحكومة والأكثرية التي تغطي مخالفاتها.
وهنا علينا أن نميّز بين ما هو خاضع لنا في ممارسة الحكم وبين ما هو خاضع لإرادة
الحكومة ككل، وما نتوخاه اليوم من مشاركتنا هو نموذج سليم في الأداء أكثر مما هو
إصلاح في بنية الدولة التي نخرها الفساد على المستويات كافة، ليطال رأس الحكومة
الذي يجيد الهروب من الإجابة على الأسئلة المحددة بأسلوبه الشعري، يغطيه تواطؤ مزمن
مع أكثرية المجلس. ومن هذه الحقيقة التي نعيشها كل يوم، تكوّنت لدينا قناعات بأن لا
مجال للإصلاح إلا من خلال مجلس نواب قادرٍ على تكوين سلطة تحترم المواثيق والدستور
والقوانين، وعلى محاسبتها على تجاوزاتها وأخطائها.
من المفروض في الأنظمة البرلمانية الديمقراطية أن تنبثق السلطة التنفيذية من مجلس
نواب منتخب وفقاً لقانون يسمح بالتمثيل الصحيح للشعب. لكن، في لبنان، وخلال العقدين
الماضيين كان مجلس النواب ينبثق من السلطة التنفيذية من خلال قانون انتخابات يسمح
بتزوير الإرادة الشعبية عبر تحديد دوائر انتخابية تسمح بالتلاعب بأرجحيات أصوات
الطوائف.
من هذا المنطلق، كان صراعنا مع القوى الحاكمة لاستصدار قانون جديد للانتخابات يسمح،
ولو جزئياً، بتحسين الوضع التمثيلي للشعب اللبناني، ويعطيه أملاً بالتغيير. وهذا ما
يتيح لنا في الانتخابات القادمة فرصة انتخاب أكثرية مؤيدة للإصلاح، لأنّنا من غير
ذلك، عبثاً نحاول محاربة الفساد المتجذّر في بنية الدولة، والذي أصبح مستساغاً لدى
شريحة كبرى من اللبنانيين. وقد بدأ هؤلاء اليوم بإفساد العملية الانتخابية من خلال
"جودهم" المقنّع بمساعدة المحتاجين.
لقد سرقوا حقوقنا فجعلونا فقراء معوزين، و"تحننوا" علينا بنزر يسير من مالنا
فحولونا متسوّلين بعد أن كنا أصحاب حقوق، وهكذا صار السارق محسناً وصاحب الحق
متسولاً، وصح قول الشاعر: " جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني حتَّى يُقالَ
عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ"
فلنتذكّر، منذ ستة عشر عاماً من بدأ بتحميل الخزينة ديوناً أصبحت اليوم خمسين
ملياراً وما زالت تتصاعد؟
من زاد البطالة وأفقر الناس فباعوا أرزاقهم وهاجروا؟
من قصّر في ضبط الأمن فزادت الجريمة؟
من تدخّل في استقلالية القضاء ولطّخ سمعته؟
من دمّر القطاع الزراعي وهجّر المزارعين؟
من أهمل الصناعة الوطنية لإلحاقها بالزراعة؟
إن اللائحة تطول لتشمل جميع قطاعات الإنتاج ولا من يسأل ولا من يجيب ولا من يحاسب.
إن مفهوم الدولة قد انهار بضوابطه الأخلاقية والقانونية والإنسانية، ولا يمكن أن
يتم إصلاحٌ جزئيٌّ في بنيتها المهترئة، ولذلك يجب أن تكون نظرتنا إلى الإصلاح شاملة
تغطي القطاعات كافة. أما كيف سيكون الإصلاح ومتى؟ فلنا معكم إليه عودة مفصلة، ولكنه
بالتأكيد يمر بالانتخابات النيابية.
وأخيراً، نجد من أول واجباتنا أن نذكّر المجتمع اللبناني عامة والمسيحي خاصّة أنه
معرّض لأكبر محاولة إغراء في تاريخه؛ فالبترودولار متوافر بكثرة، والحاجة أكثر،
والتحدي كبير وكذلك المسؤولية.
ومن أهم ما جاء في الإنجيل ألا نسقط في الإغراء ونعبد ربين ألله والمال
فشراء الضمير سلّم المسيح للصلب مرّة، ولكنه غلب الموت وقام؛ فلا تدعوا ضمائركم
تصلب لبنان، ففي هذه المرة لن تكون قيامة.
General Aoun to the Lebanese people: don’t let your
consciousnesses crucify Lebanon because this time, there will be no
resurrection.
On the 18th anniversary of October 13, 1990, MP Michel Aoun delivered the
following address to a crowd of supporters at the Marina, Dbayeh.
As we meet today on the 18 anniversary of October 13, we are still living under
the military and legal consequences of that dark day in our history. And it is a
pity that we have not yet recovered from its psychological effects that have hit
us deeply, in addition the economic repercussions that have crippled us both
morally and financially. As a result we have gotten used to begging as if it
were a tradition and we have also gotten used to repeating like parrots ideas
that poison our minds, while failing to listen to the truth that consolidates
our mutual trust and strengthens our immunity to face the practice of
misinformation that has become a weapon and science jeopardizing the strongest
of institutions.
Lebanon has been living for the last 18 years a downward trend in all aspects of
life. And it has been difficult for us to retain one positive achievement of the
consecutive governments. Measures that look like achievements are in fact
nothing but expensive projects that have been a source of illegal enrichment for
their owners. Meanwhile, we still live deprived of water, electricity and health
care, deprived of the clean air that was polluted by waste dumpsters, and
deprived of security on various parts of Lebanon’s territories. In this context,
our national debt has soared and so have our needs. Moreover, our security has
evaporated with the flux of incoming visitors from all parts of the world as if
we were witnessing a new era of conquests.
Towards the end of April 2005, the Lebanese people thought that their country’s
sovereignty has been restored in the framework of the popular uprising following
the assassination of Prime Minister Rafik Hariri. They also thought that the era
of tutelage has also ended with the withdrawal of the Syrian troops from
Lebanon. But reality has proven otherwise. The Taef Accord had put Lebanon under
a joint Saudi-Syrian tutelage under the patronage of the USA. And what happened
in 2005 was nothing but a withdrawal of the occupying military forces but
political submissiveness to Saudi Arabia and the US Administration remained.
That was the main cause for the instability that has shaken the country once
again.
Then in early 2006, the quadripartite agreement imploded because the promise
made to Hizbullah prior to the legislative elections vowing to protect their
weapons and not to implement US resolution 1559 was not met.
Despite the fact that the government, in its ministerial declaration, stressed
“the right of the Lebanese people to liberate their land and defend their
dignity facing the Israeli violations and threats and the right to pursue the
endeavor to free the land”, March 14 forces have tried to appeal to us in a bid
to form a front against Hizbullah to isolate it and confront it at a later
stage. But, out of concern for the seriousness of the situation and its possible
confrontational repercussions similar to those that happened with the Kataeb in
1975, we refused to join this front and suggested a plan for a solution that
safeguards the rights of Lebanon and the resistance and offers an honorable exit
to all the parties. And depending on Hizbullah’s reaction, measures would be
adopted.
Then we knew that the plan drawn by the majority and offered to us was in total
contradiction with the plan we suggested, so we separated.
Since all local and international concerned parties lacked a framework for the
implementation of the 1559, which was due to put Lebanon in confrontation with
the international community and out of concern for the seriousness of the
situation and despite various alerts that have been issued against us by major
international players that warned us against reaching out to Hizbullah, we
decided to move on with our MOU, the understanding that we declared on February
6, 2006 and that was rejected by the Bristol party and the foreign powers that
endorsed later on the July war.
Despite hostile reactions from the inside and some foreign stances, the MOU has
restored trust among various factions of the Lebanese people, increased their
sense of security, and removed the psychological barriers that were inherited
and accumulated for bloody decades. Thus we consolidated tolerance among the
various components of our social fabric.
The MOU has also restored political and popular balance, which played the major
role in containing explosive situations and preventing them from causing a civil
war, and its 10 clauses have constituted the basis for the national dialogue
that led to the achievement of a new electoral law, the realization of a clear
vision on ways to deal with the Palestinian weapons, and on the relations with
Syria, in addition to solving the issue of the missing and disappeared, and
finally the adoption of a national defense strategy for Lebanon.
As to July war, the MOU played the most important role in preparing the Lebanese
public opinion in general and Lebanon’s Christians in particular for supporting
national stances, thus overcoming the traditionally practiced policies based on
contradictions inherited for decades. It has also prepared the public opinion to
move the conflict in the country from a sectarian conflict to a political one
and to found the principles of the State based on national choices and policies,
not on confessional belonging. As such we have moved one step forward in the
project of the secular state based on the principle of citizenry.
In the past, we were harshly criticized for fighting the Syrian occupation of
Lebanon and we have been accused of hatred against Syria despite our incessant
reiteration that we want to build the best relations with Syria, only after the
Syrian troops leave Lebanon. Today, we are being criticized for having the
dignity to respect our word and respecting truthfulness in dealing with crucial
issues that impose on us good relations with our neighboring countries. We are
even accused of being subordinates to Syria, as if the respect for good
relations with neighboring countries has become a humiliation for Lebanon and
the code of conduct with the others forces us to shift away from moral and legal
criteria instead of abiding by these principles.
Events evolved from a controversy on the relations with Syria to a monstrous war
that Israel waged on Lebanon known in July 2006. This war left behind huge moral
and material consequences, in addition to political divisions within the
government. We also suffered catastrophic material and human losses incurred due
to the Israeli aggressions against Lebanon’s infrastructure and industries and
homes. Out of the need we felt to restrain political rhetoric at the level of
the leaderships and to give priority for compensation, we called for the
formation of a national unity government formed of the various groups and that
would deal with the various issues at hand. But unfortunately, we were faced
with a categorical refusal and with a speech deprived from any sense of
responsibility in the midst of total ignorance of the crisis that has formed
during the war. And the irresponsible political rhetoric adopted by the MPs of
the ruling majority has proven the extent of ignorance in realizing that the
situation was dramatically deteriorating. As a result of this lack of foresight,
the situation deteriorated and the Shiite ministers resigned from the government
– in addition to the minister of the environment- and thus the government lost
its legitimacy and has become opposed to the Constitution. As a consequence,
Lebanon knew the biggest demonstrations in its history.
We all remember how the prime minister refused to resign, preferring to protect
the barbed wire and to stay in the Serail than to change his cabinet or dissolve
it. The crisis lingered on and lasted for more than a year and a half and
crippled the presidential elections. All of this was perpetrated for the sake of
monopolizing the power and refusing power sharing. As such, the ruling majority
undermined all constitutional principles and political traditions of the
practice of consensual democracy in Lebanon.
The ruling party continued to provoke the opposition in various areas in an
attempt to drag the opposition into an armed conflict. But the opposition has
proven to be patient and wise, preferring to contain events and losses and
safeguard democracy rather than entering a military equation that would solve
the issue to its advantage.
Throughout this period of time, the ruling party consolidated its political
power with armed militias thinking that it would be able to create a balance of
power to its advantage and spreading the belief among its supporters that
support would come from foreign powers and its own militias would only have to
last a few hours in case any armed conflict breaks out. And when it thought that
it was strong enough, the ruling majority took provoking measures against the
resistance and that’s how the events of May 7th happened.
Then came the Doha Accord in which we went back to our initial demand following
the July war, which stresses the necessity to form a national unity government,
enact the new electoral law, and carry out the presidential elections. Had the
ruling majority been convinced of the components of the solution, we would have
avoided two years of trouble and, moral and material, as well as human losses.
Most importantly, we would have avoided imposing on our society this
unprecedented sectarian division. All this happened because of a few newcomers
to national politics who are totally ignorant of history and who made all
efforts to turn the country into a company and the citizens into customers.
After the Doha Accord, Lebanon entered a new phase a new coalition government
was formed and the Free Patriotic Movement and the Change and Reform Bloc
participated in it. Even if the representation of the opposition in the
government is not enough to allow it to reform what needs to be reformed, it
nevertheless allows it to prevent any skid in the major issues that require the
approval of two thirds of the government as stipulated by the Constitution.
And today, the FPM brings to the government an efficient and transparent conduct
that takes upon its responsibility issues of public concern and finds the
necessary solutions in accordance with moral and legal principles. At the
present stage, the work of FPM is restricted to the ministerial portfolios that
we hold and its representatives in the government are making strenuous efforts
that differentiate their work from the others.
Our limited experience within the government has given us a clear idea of the
swamp this crippled public administration is locked in. This administration has
neither will nor initiative and lives in a state of chronic paralysis because
the executive power in charge of boosting and enhancing it is in fact leading it
towards personal interests not public ones.
Our experience with the parliament has strengthened our belief that no reform is
possible without a majority that is aware of its responsibilities and that
respects the Constitution and clears the laws from flaws that allow corruption
to grow, and that holds the government accountable for its violations of laws.
What we are witnessing today is a conspiracy between the government and the
parliament that covers it.
In this context, we have to distinguish between what falls under our power and
what doesn’t. What we seek from our participation in the government is to reach
a rightful model of conduct more than to reform the foundations of the State
plagued by corruption that has reached the head of the government. The latter
evades answering questions using poetry and is covered by the majority of the
parliament. Thus, we have the belief that the only way to achieve reform is
through a parliament capable of forming a power that respects the Constitution
and abides by the laws and of holding the government accountable for its
mistakes and abuses.
In democratic parliamentary systems, the executive power is supposed to emanate
from an elected parliament according to a law that ensures the correct
representation of the Lebanese people. But in Lebanon and for 2 decades, the
parliament has been emanating from the executive through an electoral law that
forged the will of the Lebanese people through administrative divisions that
gerrymandered the vote through sectarian preferences.
That is why we struggled with the ruling power to issue a new electoral law that
allows, even partially, to improve the representativity of the Lebanese people
and to give them some hope for change. And this will give us the chance to elect
a majority that favors reform. Otherwise, it would be useless to try and fight a
corruption deeply rooted in the foundations of the State and that a major part
of the Lebanese people accepts and enjoys practicing. Those people have started
to corrupt the electoral process through a fake “generosity” to help the ones in
need.
They have stolen our right and made us poor. They gave us charity from our own
money and made us beggars after we were right-owners. As such, the thief turned
into a good doer and the holder of a right into a beggar.
Who failed in preserving security and led to the increase in crime?
Who interfered in the independence of the judiciary and tarnished its image?
Who destroyed the agriculture and displaced farmers?
Who neglected the national industry and made it follow the lead of agriculture?
The list is long and encompasses all production sectors and there is no one to
ask, to answer, or to hold accountable.
The principle of the State has collapsed along with its moral, legal and humane
boundaries and no partial reform could happen in a rotten foundation and that’s
why our vision for reform should be global and should cover all sectors. As to
how and when the reform will happen, I will get back to this issue later in
details but it will start with the upcoming legislative elections.
Finally, it is our duty to remind the Lebanese people in general and Lebanon’s
Christians in particular that they will be tempted by the biggest temptation in
history as the “petro-dollars” are available in huge quantities and the need for
them is even greater. So the challenge is enormous and the responsibility
overwhelming.
One of the most important Bible requests is not to adore both God and Money. The
buying of consciousness delivered the Christ to the cross, but he defeated death
and resurrected. So don’t let your consciousnesses crucify Lebanon because this
time, there will be no resurrection.