عذراً
، لأنه قد
شُبِّه لنا...
بقلم/عبدالله
قيصر خوري
من
مؤسسي التيار
الوطني الحر
وعضو هيئته
السياسية ومسؤول
المتن سابقاً
تسبرُ
الشعوبُ
أغوارَ
التاريخ
بحثاً عن أمجادِ
مَن تعاقب من
قادتها
المُجَلّين
الذين سطّروا
صفحاته بناصع
سِيَرهم
وغرزوا في
طيّاته دامغِ
بصماتهم.
فلا ضَير
أن تتشبّه
المجموعات
الحضارية بأسلافها
دافعةً بسلّم
قِيَمها من
حاضرٍ مرير ومأزوم
باتجاه ماضٍ
تواردت
أزمنته بصوابية
السلوك وبالغ
النجاح.
تلك كانت
حالنا بين
الأعوام 1988 و 2003
حيث اعتمدنا مرجعية
العماد ميشال
عون وانتهجنا
سواسيةً
شراكة القائد
والشعب وما يهدفونه
من مقوّماتٍ
سياسية
ووطنية، إرتقاءاً
الى
"ثلاثيّ
القِيَم"
السيادة
والحرية
والاستقلال.
أحدثنا
يومها ثقوباً
بارزة في جدار
الاحتلال
السوري
لوطننا، وكنا
نجوب البلاد
بعرضها وطولها
نرسّخ
الأفكار الإستقلالية
ونستعرض الحقبات
المجيدة
لسلالة الذين
صانوا الكيان
اللبناني من
الأمير فخر الدين
الثاني
الكبير
مروراً
بالرؤساء
إميل إده
وكميل شمعون
وبشير
الجميّل
وختاماً
بالعماد ميشال
عون. أذكر
كذلك كم
استعرضنا
تاريخ
الجنرال شارل
ديغول
بمحطاته
المشرِّفة
لجهة
المقاومة الفرنسية
للاحتلال
الألماني ومن
ثم تحرير
فرنسا، وكم
شابهنا بينه
وبين جنرالنا
العتيد الى
أن قلّصنا
الفوارق
وقاربنا تمامية
التوأمين.
أما وقد
استدارت عجلة
التاريخ،
وحكّت معدن الرجال
وتكشّفت عن
الداكن
عِوَضَ
الإبريز، وعن
الملتوي بدل
القاطع،
وقيام "صاحب
الشبه" بتخطي
المحظور والإنقلاب
المدويّ على
حقيقة
نضالنا، أصبح
لزاماً علينا
الإضاءة على المفارقات
التالية:
أولاً :
الإسراف من
طرف العماد ميشال عون
بتشبيه نفسه
بالجنرال
ديغول يجب ان
يتجاوز تعادل
الرِتب
العسكرية الى
ما هو أسمى
وأبلغ.
ثانياً :
الجنرال
ديغول زار
ألمانيا
واجتمع بالرئيس
كونراد أديناور
بعد ان
انتصر على
ألمانيا
النازية ولم
يقم بزيارتها
في زمن
الرايْخ
الثالث إبان
عهد أدولف هيتلر.
الجنرال
ديغول حصل على
اعتذار
ألمانيا، وعلى
تعويضات منها
لصالح فرنسا
الحرة، بيد أن
" صاحب الشبه" هدّد
سابقاً
بمقاضاة
النظام البعثي
في سوريا امام
المحكمة
الدولية في
لاهاي على ما
اقترف من إجرامٍ
وتدميرٍ على الارض
اللبنانية،
وهو نفسه
اليوم عزَف عن
ذلك مُمعِناً
بإصدار
براءات الذمة
لهذا النظام،
البراءة تلو
الأخرى، حتى
وصلت به
غَلواؤه الى
التمييز
الايجابي بين
حافظ الاسد
وبشار الاسد،
محاوَلةً
يائسةً منه
إعفاء الابن
من تبِعات
الأب ونظامه،
آخذاً من ذلك
الضوء الاخضر
لزيارة دمشق،
مستخفاً
ببصائر شعبنا
ومتجاوزاً
معاناته
المديدة تحت
وطأة ذلك
النظام، ناشداً
التعويض
لنفسه
وقاصداً
مصالحه ليس إلا.
ثالثاً :
الجنرال ديغول
وبعد معركة النورماندي
دخل الى
باريس
منتصراً على
ألمانيا
وعملائها في
الداخل
الفرنسي،
بالتالي لم
يلجأ الى
التحالف مع
الجنرال
بيتان في
الانتخابات
النيابية.
رابعاً :
الجنرال
ديغول لم
يُقحِم
بقبيلته من أبناءٍ
وأقارب في
السياسة
الفرنسية
مختصراً نضال
المقاومين
الفرنسيين
نهاية المطاف بأصهرته
وأبناء
أشقائه
وشقيقاته.
أما لجهة
التفويض
الذاتي كممثل
للمسيحيين المشرقيين،
إبتكارٌ
مُستهجَنٌ
للعماد ميشال
عون ترافق مع
زيارته
لإيران، وهو
يتجدد الآن غُبَّ
الطلب مع
زيارة وشيكة
لسوريا، يهمّنا
أن نشحذ
ذاكرته
وذاكرة
الموالين له
بالمُعطى
التالي:
بالرغم من
قيام الحبر
الأعظم
البابا يوحنا
بولس الثاني
بزيارة سوريا
سابقاً ، أحجم
البطريرك
الماروني مار نصرالله
بطرس صفير عن
زيارتها
لأسبابٍ
معروفةٍ يحسّدها
سلوك نظامها
تجاه لبنان.
ولأن
شعبنا مرهفٌ،
ولأنه على قاب
قوسين وأدنى
من تغليب آلية
المحاسبة على
العوارض
المزاجية والمصالحية
للمفاهيم الكيانية،
ولأن للتاريخ
مسلكين وقد
ولج الجنرال
ديغول
وأمثاله
إحداهما حيث
تتلألأ جباه
العُظماء.
ولأن
شعبنا يأبى
المواربة
والتعتيم على
ماضيه
المقاوم،
وحاضره
المحفوف
بالمخاطر،
ومستقبله
المكتنف
بالغموض، وقد
التبست عليه
مواقف " صاحب
الشبه" فهو له
بذمته جوابٌ
صريحٌ على
سؤالٍ بديهي:
أيّهما نعتمد
الجنرال
الوارد من
زمنٍ نظيف أم
الجنرال
العابر الى
مجاهل الشام
والغارب عن
صنيعها
المعادي تجاه
لبنان وشعبه؟
28
تشرين الثاني
2008