تنبَهوا
واستفيقوا ايها
الموارنة!
بقلم/عبدالله
قيصر الخوري
في
رسالته الى
الموارنة
العام 1974 اشار
الدكتور شارل
مالك الى انهم
يشكلون الجسم
المسيحي الحر الاول في
لبنان،
وبأنهم
يحرصون اشد
الحرص على
المسيحية
الحرة، فإذا
سقطت في لبنان
– ولبنان آخر معقل
لها في المشرق
- انتهى امرها في
الشرق الاوسط
كله.
أُعطي
الموارنة
تاريخاً
موحداً ،
منفصلاً ، قائماً
في حدّ ذاته،
محدَّد
المعالم
بالدّقة
والتفصيل
والتواصلية
التاريخية
العريقة غير
المنقطعة،
أما هذا
التاريخ
فيُبقيك في لبنان،
على الأقل بعد
نزوح مار
مارون واتباعه
اليه،
وما عُرف عن
الموارنة قبل
لبنان كمٌُ
مهمَلٌ نسبياً
إزاء ما نعرفه
عنهم في
لبنان، كون
الموارنة لهم
بطريرك واحد،
وكون مقرّه في
لبنان، إن هذا
أمرٌ حاسم.
إنعطف
تاريخ
الموارنة
الحديث في
العام 1990 نحو
هزيمةٍ كاسحة
يوم استداروا
بمدافعهم على
بعضهم البعض،
آخذين بجريرتهم
معظم الشرائح
المكوِّنة
للحضور المسيحي
في لبنان،
فتدنّت
المناعة الكيانية
لمقاومتهم
آذنةً لجحافل
الجيش السوري
بالتسلل من
تلك التشققات
البليغة،
ومسديةً الضربة
القاضية
للجسم
المترنح
المُثقَل
بأحقاد أعضائه،
وعطشهم
السقيم الى
السلطة
والإمرة.
توالت
عليهم بعد ذلك
السنوات
العِجاف
فقلّصت من
حركتهم عن
طريق النفي
والسجن
والقمع لحرية
الفكر والموقف،
وترافقت
أنماط
التقهقر تلك
مع الإتيان
بمن يمثّلهم وينوب
عنهم في الشأن
العام بعيدين
كل البعد عن القوعد
العقائدية،
والمبادئ الكيانية
التي يصطفيها
الموارنة
بشكل خاص
والمسيحيون
بشكل عام،
فأمسوا
قابعين
مرغمين في ظل مسؤولين إعتمروا
العباءات
المفصلة من
نسيج
الاحتلال واختلاقاته.
انفرجت
مجدداً
أسارير زمن
الموارنة
والمسيحيين
في العام 2005 بعد
عهودٍ من
التداعيات
المكفهرّة
والأليمة،
فولج قادةٌ
منهم واحة
الحرية، وجرى
اكتساحٌ
للمقاعد
النيابية
مبنيٌّ على
التزام
واستحسان الخطاب
السياسي
المرتفع
الوتيرة
سيادياً وكيانياً
، لكن الذود
عن هذا الخطاب
تلاشى بعد
عبور الانتخابات
وخوضها،
آخذاً بالتموضع
والرسو
في الموانئ
المجافية
لإبحار سفن
المسيحيين،
ومعاكساً
لهبوب رياحهم
الفكرية
ومنجزاتهم
التاريخية.
تمحورت
فلسفة الوجود
والحضور لدى
الموارنة بين نهجين
تباينت فيهما
مقاربة
الشؤون
السياسية
والإجرائية الى مدارك
شديدة
الخطورة على
مستوى القرار
الوطني
العام، ومدى
ارتباطه
بانخراط
لبنان بالاسرة
الدولية
وتلقّف
قراراتها:
اولهما انتهاج
" الموقف
الكريم " وناصيته
صاحب الغبطة
البطريرك مار نصرالله
بطرس صفير،
تؤازره
بديهياً
وتاريخياً
القوى
السيادية
المسيحية
بالرغم مما
عانته من تضييقٍ
واغتيالٍ
وترهيب.
ثانيهما
أصحاب "
الموقف الذكي
والمتذاكي" الممهور بالبراغماتية
السياسية
تروّج له
الحالة العونية،
تناصرها
بشكلٍ متقطع
بعض الاحزاب
العقائدية
ذات الحضور
الباهت في
الجسم السياسي
المسيحي،
ويشاركها
قلةٌ من
الزعامات المناطقية
المغلقة
والمحدودة
الانتشار.
استولدت
شريحة "
الموقف
المتذاكي "
بالتزاوج مع
حزب الله ما
سمّي بوثيقة
التفاهم التي
احتلّت بفعل
كثافة
تسويقها،
مرتبةً تفوق تلك
التي يندرج
فيها المعتقد الايماني
المسيحي.
تماهت
تلك الشريحة
التي اعتنقت
وثيقة
التفاهم سبيلاً
لتمنين
المسيحيين،
بتقديمها
كدرع حمايةٍ
لهم، وضمانةٍ
فريدة وناجعة
لاستمرارهم وديمومتهم
في وطنٍ هم
مؤتمنون
تاريخياً على
حريته
واستقلاله،
فكان ان
استثنت
مفاعيل الوثيقة
على سبيل
المثال لا
الحصر منطقة
عين الرمانة والشياح،
التي تعرّضت
مرات متتالية
لاعتداءاتٍ
دمويةٍ لم
تفلح بدرئها
جماعة الاصلاح
والتغيير
التي تصدّع
تبشيرها
المستفيض امام
رياح الواقع
العاتية.
أسرف
المنتسبون الى "
الموقف الذكي
" في انتقاد
البطريرك
الماروني لأشاراته
المتكررة الى
مفهوم
السيادة
الوطنية، وحصريّة
السلاح في حوذة
الشرعية
اللبنانية،
كما وأسدوا اليه
النصح
بالابتعاد عن
السياسة والانعتاق
الى
الشؤون
الرعوية
حصراً ، حتى
بلغت بهم
الغلواء
ذروتها
فشدّوا
الرحال الى
ناحية "براد" في
سوريا
يتقدمهم
بطريرك شممٌ ،
فأقاموا القداديس
واستطلعوا
القبور
ونبشوا هنالك
التاريخ الأصم
الذي لا نطق
له ولا حياة
فيه، في الوقت
عينه كانت
شواهد ذلك
التاريخ
النابض
وتجلياته الحيوية
تصدح في كنيسة
مار جرجس
المارونية في
وسط بيروت،
حيث نظّم
الموارنة
وأحبارهم قداساً
احتفالياً
بمناسبة ستة
عشر قرناً على
ظهور القديس
مارون،
شاركهم في ذلك
جميع اللبنانيين.
أوكلت
جماعة "
الموقف
المتذاكي "
لنفسها حصرية
التمثيل
المسيحي
المشرقي
برمته، وحجزت
لها فيه
المرجعية
الفريدة
مستبيحةً
بذلك أنماط التواضع
جميعها،
ومختصرةً
أدوار المرجعيات
الروحية
كافةً ،
غامزةً
بذلك من قناة
بكركي
التي استطاعت
سابقاً وما
زالت أن تكون
العامل
الحاسم في
مصير لبنان
وبمنتهى
الحكمة والحزم
والإقدام
والتضحية
والتواضع.
اعتمدت
الجماعة
عينها مفردات
وألفاظ لم يألفها
معجم
المسيحيين من
قبل، ولم
يتعايش مع مضمونها
مزاجهم
السياسي
وسعيهم
الحضاري الذي
يأبى الذميًة
على انواعها،
في الوقت الذي
دأبت الجماعة
إياها الى
الترغيب بنجاعة
وثيقة
التفاهم
والالتحاق
بركبها
والتهويل بعظائم
الامور
إن تمّ
الإعراض عن
ذلك.
تتسلسل
الاحداث
وكأنهم
بالمسيحيين
والموارنة
أصحاب رقابٍ طريئة
يسهل جزّها،
وأرجلٍ هزيلة
يحلو كسرها،
وذاكرةٍ بلهاء
يمكن طمسها،
تلك الذاكرة
التي تدرّجت
بين الاعوام
2005 و2007 و 2009 وتبلورت
لأنها جرّبت
فخبِرت،
وخبِرت فبشّرت
في صناديق
الاقتراع
مقلّصةً من
حضور الجماعة
المتذاكية في
المواقع
الانتخابية النقابية
و الجامعية
والنيابية
والبلدية
والاختيارية
كما حصل في
العام 2010 ، هذا
الحضور الذي
رمّمه شريكهم
حزب الله عن
طريق
الاقتراع
الكلي
والمتراص في اقضية بعبدا
وجبيل وكسروان
وزكاه حليفهم
حزب الطاشناك
بكثافةٍ اقتراعية
جارفة وغير
مسبوقة في
قضاء
المتن.لأن زمن
الوصاية يعود
ويذرّ بقرنه
بعوامل رديفة،
قوّضت
الديمقراطية
وتجلياتها في
انتخابات
العام 2009 وانتجت
بدَعاً
مدعومةً
بازدواجية
اخذ القرارات
المصيرية بين
مفهوم الدولة
وتشريع الاسلحة
الرديفة
التي خاضت
نماذج
تجريبية في
بيروت والجبل.
ولأن
الديمقراطية اصبحت
تنوء تحت وطأة
التقليد
المزيّف لمفاعيلها
مثل
الديمقراطية
التوافقية
وحكومات الوحدة
الوطنية التي
تتصف بذاتية
التعطيل والعرقلة،
عبر التحايل
لأخذ ما لم
يتم اخذه
بتهويل
السلاح.
ولأن
التهديد
بمقاربة
المواضيع او
عدمها اصبح
سهلاً وانسابياً
، يترافق مع
لائحةٍ من
الممنوعات
أمضى وأفعل من
مثيلاتها لسنوتٍ
خلت.
يترتب
على
المسيحيين
ومن خلالهم
الموارنة التدقيق
في إعطاء
الفرص ومنح
الثقة، فلا
تحمل اليهم
الصُدَف عبدة
الذات،
ومقتبسي الاصنام،
ومَهووسي
الكراسي الاولى،
مما يجعلهم مسؤولين
عن استشراء
الخلايا
الشاردة في
جسدهم السياسي
والاجتماعي
فتقوى عليه
التجارب ويغفل
عنه التاريخ.
23
حزيران/10