المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار يوم 30 أيلول/11

البشارة كما دوّنها متى الفصل 5/27-32/الزنى و الطلاق

وسمعتم أنـه قيل: لا تزن. أما أنا فأقول لكم: من نظر إلى امرأة ليشتهيها، زنى بها في قلبه. فإذا جعلتك عينك اليمنى تخطأ، فاقلعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن تفقد عضوا من أعضائك ولا يلقى جسدك كله في جهنم. وإذا جعلتك يدك اليمنى تخطأ، فاقطعها وألقها عنك، لأنه خير لك أن تفقد عضوا من أعضائك ولا يذهب جسدك كله إلى جهنم. وقيل أيضا: من طلق امرأته، فليعطها كتاب طلاق. أما أنا فأقول لكم: من طلق امرأته إلا في حالة الزنى يجعلها تزني، ومن تزوج مطلقة زنى.

 

عناوين النشرة

*على هامش ديبلوماسية التسلل/علي حماده/النهار

*البطريرك صفير.. حاجة لبنانية/خيرالله خيرالله

*النائب محمد الحجار: زيارة مفتي دمشق إلى بكركي أتت في توقيت يثير الريبة

*فتفت وجّه سؤالاً للحكومة حول إصدار جوازات سفر صحيحة بأسماء غير صحيحة

*كرامي أكد للأسد "الثقة" بالشعب والقيادة السورية لتجاوز الظروف الراهنة

*الحزب الحاكم" ومناطقه المحرّمة/عبد الوهاب بدرخان/النهار   

*وظائف/عــماد موسى/لبنان الآن

*ترقيع الخيش/محمد سلام/لبنان الآن

*إقامة الراعي 19 يوماً في أميركا دون لقاء أوباما طعنة لبكركي والمسيحيين 

*أحمد الأسعد: إعتلاء لبنان منبر الأمم المتحدة يعكس تمسكه الثابت بالحريات والديموقراطية 

*حزين انا اليوم لنداء المطارنة وزيارة السفير السوري الى بكركي/موقع 14 آذار

*"الكتلة الوطنية: "ليس لائقاً بحق البطريرك ان يحاط بصور مسلحين وشعارات حربية"

*السياسة": صورة حديثة لبدر الدين بحوزة المحكمة الدولية

*فريد حبيب لـ"الأنباء": تحالف الأقليات مشروع قائم بحد ذاته لدى العلويين والشيعة على أمل إستدراج المسيحيين اليه

*رجال دولة/ علي نون/المستقبل

*ماروني لـ"المستقبل": لا خوف على المسلم والمسيحي في ظل النظام الديموقراطي

*فتفت: ميقاتي تعامل في نيويورك مع السياسة الدولية لا اللبنانية وعتبنا على البطريرك أنه لم يلبّ دعوتنا إلى "الضنية" و"مجدليون"

*نائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت: فشلوا بالباس النائب جنبلاط لباساً وسطياً . لاعطاء ميقاتي فرصة لاقران كلامه الملتزم بالمحكمة الى أفعال

*الانقلاب: البطرك بعد الأمير والسلطان/علي الأمين/صدى البلد

*لبنان: دولة دينية بامتياز/بقلم إيلي نصرالله/النهار

*لا جدوى من العودة إلى طاولة الحوار ما لم يوافق "حزب الله" على البحث في سلاحه/اميل خوري/النهار 

*تقديرات ترجح تساهل "حزب الله"/الحكومة بلغت اللارجوع في تمويل المحكمة/روزانا بومنصف/النهار  

*القمّة الروحية مداورة مرّة في كل دار/هل تتناغم العناوين الوطنيّة كليّاً مع الواقع/سمير منصور/النهار      

*الحزب الحاكم" ومناطقه المحرّمة/عبد الوهاب بدرخان/النهار   

*نظام الأسد: مراسم الدفن/حسين شبكشي/الشرق الأوسط

*تعالوا نقارن بين أردوغان ونجاد/طارق الحميد/الشرق الأوسط

*معارضون سوريون يطالبون بفرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين/أوروبا تقدم مشروع قرار جديداً للأمم المتحدة ضد نظام الأسد

*نظام الشام يعلن الحرب على العالم/داود البصري/السياسة

*إسرائيل ضد التدخل الدولي في سورية/ غسان المفلح/السياسة

 

 

عناوين النشرة

 

البطريرك صفير.. حاجة لبنانية 

خيرالله خيرالله

ثمة حاجة لبنانية الى العودة الى المنطق. يدعو المنطق البسيط والمبسط الى عدم التنكر لبطريرك في حجم البطريرك نصرالله صفير. البطريرك صفير حاجة لبنانية نظرا الى انه بطريرك يزن كلّ كلمة يقولها بعيدا عن الابتذال والاضطرار الى التحدث يوميا في شؤون يفترض ان تكون من اختصاص صغار السياسيين وما شابه ذلك.

البطريرك صفير بطريرك حقيقي يكبر به لبنان وقد اتخذ مواقف تاريخية في ظروف اقلّ ما يمكن ان توصف به انها صعبة ومعقدة حتى لا نقول مصيرية. عرف متى يتكلم وعرف متى يصمت. لم يضطر يوما الى تصحيح كلامه او اعطاء ايضاحات في اي شأن كان. رفض ان يتاجر به احد وحافظ على المقام البطريركي. حال دون ان تكون الكنيسة المارونية، عماد الكيان اللبناني، مطية لاحد. كان فوق السياسة والسياسيين. وضع اللبنة الاولى لـ"ثورة الاستقلال الثاني" في العام 2005 ووقف باكرا ضد الظلم والظالمين والمتاجرين بالعرب والعروبة رافضا الخضوع لهم على الرغم من كلّ نوع من انواع الاغراءات.

كان البطريرك صفير على حقّ. لا يزال على حقّ. لا يزال يقول الكلمة الحقّ ولاشيء غير الكلمة الحقّ.لا يزال يمثل اللبناني الحر الذي يمتلك حدّا ادنى من الكرامة والفهم لما يدور في المنطقة ولدور المسيحيين في هذا الشرق. لم يدّع انه بطريرك كل اللبنانيين من مسيحيين ومسلمين. لم يحتج يوما الى ذلك. اللبنانيون الشرفاء حقّا من مسلمين ومسيحيين، اللبنانيون الذين يرفضون التبعية والسلاح الميليشيوي والمذهبي الذي يحتمي بشعارات من نوع "المقاومة" اعتبروه بطريركهم. اللبنانيون من كل الطوائف الذين رفضوا نظام الوصاية السوري باكرا اعتبروه بطريركهم. اللبنانيون الذين رفضوا دائما المتاجرة بالجنوب اللبناني واهله، وذلك منذ توقيع اتفاق القاهرة المشؤوم في العام 1969، اعتبروه بطريركهم.

لم يكن في حاجة الى تكرار مواقفه. كان يكتفي لدى مراجعته في شأن تصريح ما ادلى به بالرد المعهود:"قلنا ما قلناه". كان يستطيع ذلك، لانّه كان يعرف معنى كلّ كلمة يقولها ووزن هذه الكلمة وابعاد كلّ موقف يتّخذه.

يمثّل البطريرك صفير الشجاعة والجرأة والاقدام. قاوم نظام الوصاية السوري والنظام الامني السوري- اللبناني واخيرا المحور الايراني- السوري الذي لا يزال يسعى الى جعل لبنان امتدادا له وتحويل بيروت الى ميناء ايراني على المتوسط . من يتابع مواقفه، بما في ذلك سكوته احيانا، يعرف انه يدرك تماما ان شراء املاك المسيحيين في الجبل والجنوب ليس تصرّفا بريئأ وان الهدف النهائي لمشروع ربط "المربعات الامنية" ببعضها البعض تهميش المسيحيين اكثر وجعلهم اهل ذمة. المطلوب ان يكونوا مجرّد ذميين على استعداد لطلب الحماية من ديكتاتور في سوريا او حزب مذهبي مسلح تابع لايران في لبنان كي لا يكون مصيرهم كمصير مسيحيي العراق في اسوأ الاحوال او كمسيحيي سوريا في احسنها. هؤلاء قبلوا في معظمهم الرضوخ لنظام امني في مقابل المحافظة على حياتهم وارزاقهم!

البطريرك صفير بطريرك المقاومة اللبنانية. المقاومة التي وقفت في وجه نظام الوصاية. انها المقاومة التي تعرف معنى التوازنات الداخلية والاقليمية وتؤمن بثقافة الحياة. ولذلك وقف البطريرك صفير مع اتفاق الطائف وسعى في العام 1989 الى وضع حدّ لرعونة شخص مثل النائب المسيحي ميشال عون الذي تمترس في قصر بعبدا وقتذاك. سهّل ميشال عون برفضه الخروج من القصر الرئاسي عملية اغتيال الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوّض من جهة ودخول السوريين الى مقر رئاسة الجمهورية ووزارة الدفاع من جهة اخرى. اكثر من ذلك، سهّل تحويل الطائف من اتفاق يحظى بمظلة عربية ودولية الى اتفاق يرعاه النظام السوري على طريقته وبموجب شروطه. من قال ان ميشال عون يحسن اداء دور آخر غير دور الاداة او الاداة لدى الادوات؟

مار نصرالله صفير بطريرك المقاومة اللبنانية الصادقة التي عرفت في العام 2000 ان الانسحاب السوري من جنوب لبنان تنفيذا للقرار الرقم 425 الصادر عن مجلس الامن يعني ان ساعة خروج الجيش السوري من الاراضي اللبنانية دقّت فعلا. احتاج النظام السوري خمس سنوات كاملة واحتاج الى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه كي يعي ان عليه الخروج عسكريا من لبنان... وانّ لا خيار آخر امامه، خصوصا بعدما نزل كل اللبنانيين الوطنيين، على راسهم اهل السنّة الى الشارع لمطالبته بالخروج!

انها المقاومة اللبنانية التي صنعت لقاء قرنة شهوان الذي جمع المسيحيين واكد انه قوة فاعلة في لبنان وان الوطن الصغير لا يزال القدوة في المنطقة وان "ثورة الارز" هي التي مهدّت للثورات العربية في السنتين 2010 و2011. لبنان لا يحتاج الى دروس من احد. المسيحيون في لبنان لا يحتاجون الى درس في الوطنية والعروبة من النظامين السوري والايراني او من اتباعهما. المسيحي اللبناني يعطي دروسا في الوطنية والعروبة الحضارية والحرية والديموقراطية والتعددية والعيش المشترك وليس العكس. المسيحي اللبناني يرفض ان يكون اداة او اداة لدى الادوات، كما حال ميشال عون ومن لفّ لفه من الحاقدين على كلّ ناجح في البلد. المسيحي اللبناني ليس مع حلف الاقليات ولا مع اي هلال من اي نوع كان باسم الطائفية والمذهبية. المسيحي اللبناني شريك في صنع تاريخ المنطقة ومستقبلها. ولذلك صنع البطريرك صفير المصالحة الدرزية- المسيحية في الجبل التي اسست لاستعادة قلب لبنان النابض بعضا من حيويته...

في المقابل، يصغر لبنان عندما يتحول رأس الكنيسة المارونية الى مجرد حكواتي. آخر ما يحتاجه لبنان هو الى بطريرك حكواتي لا يعرف لماذا عليه الكلام على مدار الساعة ولماذا عليه تبرير السلاح المذهبي الايراني في لبنان او الدفاع عن الجرائم التي يرتكبها النظام السوري بحق شعبه المظلوم او الظهور في مظهر المحتاج الى مظلة "حزب الله". اي الى مظلة توفرها له ميليشيا تعتبر جزءا لا يتجزّأ من "الحرس الثوري" الايراني.

كان في استطاعة البطريرك- الحكواتي اعداد نفسه بطريقة افضل لمرحلة ما بعد استقالة البطريرك صفير. يفترض به ان يبدأ ذلك بقراءة متأنّية لنصّ القرار الرقم 1701 الصادر عن مجلس الامن. مثل هذه القراءة ضرورية في حال كان مطلوبا التأكد من انه لم يعد هناك دور لسلاح "حزب الله" غير ارهاب اللبنانيين ونشر ثقافة الموت... وان كل ما يستطيع النظام السوري عمله من اجل اثبات حسن نياته تجاه لبنان واللبنانيين، والمسيحيين خصوصا، هو وقف تهريب السلاح الى الوطن الصغير وترسيم الحدود بين البلدين. انها مجرد بداية كي يعود هناك معنى لاي كلمة تصدر عن البطريرك وكي يكون ثمة وزن ما لكلامه!

*ميدل إيست أونلاين

 

النائب محمد الحجار: زيارة مفتي دمشق إلى بكركي أتت في توقيت يثير الريبة

أشار عضو تكتل "لبنان أولاً" النائب محمد الحجار إلى أن "زيارة مفتي دمشق الشيخ عدنان افيوني إلى بكركي من حيث الشكل برفقة السفير السوري علي عبد الكريم علي وكان واضحاً بالصورة كيفية جلوس الوفد، تأتي في توقيت يثير الريبة، وهي تحمل من حيث المضمون توقيتاً مريباً خاصة في ظل ما يجري في سوريا من قمع للانتفاضة وقتل ومجازر".الحجار وفي حديث لمحطة "mtv"، أضاف: "هناك إمكانية تفهّم هواجس بعض المسيحيين ممّا يجري من ثورات في المنطقة خوفاً من تفلّت بعض المتطرفين، لكن هل هؤلاء المتطرفون يعكسون موقف المسلمين أو حقيقة هذه الثورات؟ فالمتطرفون يكفّرون كل الناس والخطر على الجميع ليس فقط على المسيحيين، وبالتالي يجب ان يكون التعاطي مع حراك الشارع العربي و"الربيع العربي" في اطار المحافظة على قيم الحرية والعدالة التي تنبع من الرسالتين الإسلامية والمسيحية".وتابع الحجار: "هناك ملاحظات على بيان القمة الروحية (الأخيرة في دار الفتوى)، فقد جاء مختلفاً عن بيان القمة السابق التي عقدت في بكركي، وكذلك فإنّ القمة الروحية ذهبت في السياسة إلى أمور لا يجب أن تذهب اليها". وردًا على سؤال بمجال آخر، أجاب الحجار: "إذا التزم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بمقتضيات القرار1757 الذي هو فيه التزام بمصلحة اللبنانيين سنكون معه وسنشد على يديه".(رصد NOW Lebanon)

 

فتفت وجّه سؤالاً للحكومة حول إصدار جوازات سفر صحيحة بأسماء غير صحيحة

وجّه عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت سؤالاً إلى الحكومة يتناول قضية جوازات السفر الصادرة عن الأمن العام اللبناني بأسماء غير صحيحة، طالباً الإجابة عليه خطياً في خلال مهلة خمسة عشر يوما على الأكثر. واستند فتفت في توجيه السؤال إلى "تعرّض عدد من اللبنانيين، لدى إنتقالهم الى الخارج لتحقيقات للتثبّت من صحّة جوازات السفر التي يحملونها، لا سيما بعد أن تّم القبض على أشخاص يحملون جوازات سفر لبنانية صحيحة، صادرة عن السلطات اللبنانية المختصة، إنما بأسماء غير صحيحة". وذكّر فتفت بأن "السلطات المصرية إعتقلت مواطناً لبنانياً يتولى تهريب أسلحة إلى (حركة المقاومة الإسلامية) "حماس" عبر الأراضي السودانيّة ثم المصرية، تبّين أن إسم هذا المواطن الحقيقي محمّد منصور، الاّ أنّه كان دخل الأراضي المصرّية وأقام فيها تحت إسم مواطن من آل شهاب"، لافتاً إلى أن "توقيف محمد منصور في القاهرة كشف أنّه جرى دخول أشخاص آخرين لأراضٍ عربيّة عديدة، لا سيّما الخليجيّة منها، بجوازات سفر لبنانيّة صحيحة صادرة عن السلطات اللبنانية المختصة ولكنها بأسماء غير صحيحة، وذلك للقيام في هذه الدول بمهام تجسسّية وأمنيّة".

وأضاف فتفت إن "السلطات الأمنيّة في مملكة البحرين أوقفت لبنانيين دخلوا أراضيها بجوازات سفر لبنانيّة رسميّة الاّ أنّها صادرة بأسماء غير صحيحة ويبدو أنّ ذلك كان للمساهمة في الإضطرابات التي شهدتها تلك الدولة"، مشيراً إلى أنّه "ترتّب على ذلك مبادرة السلطات في البحرين الى منع اللبنانيين من دخول أراضيها وقطع الإتّصالات الهاتفية ووقف الرحلات الجوية المباشرة مع لبنان". وختم فتفت سؤاله بالتأكيد أن "إكتشاف جوازات سفر رسمية لبنانية صادرة بأسماء غير صحيحة، يشكّل جريمة ترتكب بحق مصالح لبنان واللبنانيين"، منبّهاً إلى أن "هذا الامر أدّى وما زال يؤدي الى التضييق على اللبنانين المقيمين في عدد من الدول العربيّة وبالتالي خضوع معاملاتهم للتشكيك من قبل السلطات الأمنية في الدول التي يقيمون فيها وإخضاعهم لتحقيق كثيف للتثبت من صحّة المستندات التي يحملونها، كما نتج عن هذه الجريمة عدول المؤسسات الرسميّة والخاصة في تلك الدول عن إستقبال او التعاون معها او استخدام اللبنانيين".(المكتب الإعلامي)

 

كرامي أكد للأسد "الثقة" بالشعب والقيادة السورية لتجاوز الظروف الراهنة

(سانا)استقبل الرئيس السوري بشار الأسد ظهر اليوم رئيس الحكومة الأسبق عمر كرامي يرافقه نجله وزير الشباب والرياضة فيصل كرامي، وقد دار الحديث خلال اللقاء حول الأحداث في سوريا و"محاولات استهداف أمنها واستقرارها"، كما تطرق الحديث إلى الأوضاع في لبنان. وقد أعرب كرامي عن "الثقة بقدرة الشعب والقيادة السورية على تجاوز هذه الظروف"، داعياً إلى التنبّه من "محاولات تفتيت المنطقة وزرع الفتنة فيها والآثار الخطيرة لتلك المحاولات على منطقة الشرق الأوسط".

 

الحزب الحاكم" ومناطقه المحرّمة

عبد الوهاب بدرخان/النهار   

لا مشكلة أبدا في زيارة البطريرك للجنوب بعد بعلبك. ولا مشكلة البتة في زيارة المفتي لبعض أنحاء الجنوب. على العكس، هذه مبادرات طيبة، طبيعية بل عادية. لكن ما جعلها مستهجنة وأدار طواحين الثرثرة حولها هو العقلية المتعفنة التي رسّخت فكرة أن هذه المناطق باتت محرّمة على فئة سياسية دون فئة. والواهم أنها مقفلة عمليا في وجه الدولة، خصوصا اذا لم يكن رئيس الحكومة مرضيا عنه من "الحزب الحاكم" الذي يحمل المفاتيح فيغلق البوابات او يفتحها بحسب هوية الزائر وأهواء اللحظة السياسية. فالمفتي، مثلا، صار مرحبا به لأنه أعاد تموضعه وفقا لحساباته ومصالحه، بل أنه لم يستحق الزيارة اليها بعدما أجرى بعض اللقاءات في مكتبه برهانا على حسن سلوكه. أما البطريرك فاستحق الحفاوة بعد تصريحاته الباريسية التي شكلت في نظر المحتفين إبلاغا علنيا عن اعادة تموضع.

طبعا، لا أحد يمنع أحدا من التموضع كيفما يشاء. ما يفترض أن يعني اللبنانيين هنا أن حال السلاح غير الشرعي، كما في أحلك فترات الحرب الأهلية، أعادت انتاج المناطق غير المرحب فيها بالآخر، لا سيما اذا كان يمثل الدولة. كل زيارات المسؤولين (المقبولين) تتم بعناية "الحزب الحاكم" – "حزب الله". لكن هذه المظاهر لا تعني ان الجنوب مفتوح على الدولة كسواه من المناطق اللبنانية. فوجودها هناك خاضع لـ"الفلترة" السياسية والامنية التي لا تمنع ظهور المزيد من العملاء مع العدو من غير المصنفين في الجانب السياسي المناوئ. وإذ يسوّغ "الحزب الحاكم" لعناصره اختراق كل المناطق، بذريعة أنه يستعد لحرب ستعم كل لبنان هذه المرة، إلا أنه يسهر على إبقاء الجنوب مطهرا من أي وجود حقيقي وطبيعي للدولة، أي لجميع اللبنانيين. رحم الله أيام كان الراحل ريمون اده يعتبر نفسه نائبا عن كل لبنان وجميع اللبنانيين، فيستقل سيارته الى أي منطقة، وبالأخص الى الجنوب، يتفقد العسكريين في مواقعهم، ويجول بين القرى والبلدات، يجالس مواطنيه صاغيا ومستفسرا ويعود الى بيروت ليطلق صرخاتهم. لو كان لا يزال بيننا اليوم لاحتاج الى "تأشيرة" قبول سياسية، وقد لا يحصل عليها لأنه يتكلم بحرية ضميره وليس إرضاء لـ"الحزب الحاكم" أو خوفا من سلاحه.

بعد حرب 2006 كان متعذرا على أي وزير في الحكومة أن يقترب من الضاحية الجنوبية لمعاينة آثار القصف. وكما في الضاحية كذلك في الجنوب كان على الدولة أن "تحتال" للوصول الى المناطق المتضررة وتشخيص الوضع والاحتياجات. لم تكن مهمة الموظفين المختارين "بحساسية" سهلة. عوملت الدولة كما لو أنها هي العدو. وفي صيف 2010 كتبت احدى الصحف انه ما كان (أي ما كان ليسمح) لرئيس الحكومة بزيارة الجنوب لو لم تكن المناسبة احتفالا بأمير قطر حين كان لا يزال سمنا على عسل مع الرئيس السوري. وكانت لفتة وفاء لمساهمة قطر في إعمار الجنوب، ولم يقل المحتفلون لماذا اختاروا الجحود والنكران حيال مساهمات عربية اخرى، منها سعودية مثلا، لم تكن أقل بل لعلها كانت أكبر. هذا ناجم ايضا عن عقلية إقفال المناطق وتحريمها.

 

على هامش "ديبلوماسية التسلل"

علي حماده/النهار

من خلال "ديبلوماسية التسلل" التي مارسها كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي في نيويورك لمناسبة ترؤس لبنان مجلس الامن للشهر الجاري، يمكن الخروج بعدد من الملاحظات:

1 – كانت اطلالة رئيس الجمهورية الاممية ان على منبر الجمعية العمومية، او من خلال الندوة الاكاديمية "الديبلوماسية الوقائية" باهتة ولم تلب آمال سليمان الذي اراد تعويض شبه العزلة التي يعانيها دولياً منذ ان أمّن تغطية الرئاسة للانقلاب الذي اطاح الحكومة السابقة، ومن بعدها تغطيته قيام "حكومة المطلوبين".

2 – جاءت حركة الرئيس ميقاتي اكثر حيوية من خلال اغراقه اروقة الامم المتحدة بالوعود، وبالمواقف التي ترضي المجتمع الدولي لجهة تمويل المحكمة الخاصة بلبنان والتعاون معها، وتأكيد ان لبنان لن يخرج على المجتمع الدولي. لكن كثرة الوعود لم تلغ وجود فكرة مسبقة في المحافل الدولية مفادها ان سجل رئيس الحكومة في الالتزام بكلامه ووعوده غير مشجع، ولهذا يبقى ميقاتي قيد الاختبار لمعرفة التزامه الفعلي لا اللفظي تمويل المحكمة، وتجديد البروتوكول في آذار المقبل، هذا اذا لم تتغير المعادلة في لبنان قبل هذا الموعد.

3 – كانت زحمة المسؤولين اللبنانيين في الامم المتحدة مفتعلة، وتنم عن ضعف الموقف الرسمي، وخصوصاً ان ترؤس لبنان مجلس الامن ليس بالحدث الاستثنائي اذا ما علمنا ان جزر فيجي، وكوستاريكا، وبوركينا فاسو، وغيرها سبق لها ان ترأست مجلس الامن قبل لبنان وما كان الامر بالحدث العظيم على مستوى العلاقات الدولية. اما لبنان فكون حكومته تابعة لـ"حزب الله" المصنّف منظمة ارهابية في معظم ارجاء الكرة الارضية، ولنظام بشار الاسد الذي يرتكب مجازر بحق شعبه منذ ستة اشهر بلا توقف.

4 – بالتركيز على سيل الوعود والمواقف التي اغرق بها ميقاتي اروقة الامم المتحدة، يمكن القول ان استحقاق التمويل لا يحتمل الانتظار او التأجيل او التسويف. فمع عودته الى لبنان يكون رئيس هذه الحكومة مدعواً لاثبات التزاماته، واذا لزم الامر لخوض معركة جدية في هذا الموضوع، واضعاً استقالته في الميزان. هنا المنطلق.

5 – ان التعويل على اطالة الازمة في سوريا، والتحوّل الذي ينفّذه البطريرك الراعي في الوسط المسيحي باصطفافه بجانب النظام في سوريا، وبتحالفه مع "حزب الله"، لا يكفيان لمنح الحكومة الحالية صدقية عربية او دولية. ومثال على ذلك ان القطاع المصرفي اللبناني الذي مثّل على الدوام رئة أساسية للاقتصاد اللبناني وعامل حماية له، صار تحت المجهر مع انباء متواترة عن عمليات تبييض اموال النظام في سوريا، والتراخي في تنظيف القطاع من التعاملات المعلنة وغير المعلنة او بالواسطة لصالح "حزب الله". ومع ان حاكم مصرف لبنان حافظ على صدقيته في المحافل المالية الدولية، فإن القطاع يخضع اليوم لرقابة عن كثب تقوم بها الدول الكبرى التي لا تكتفي بالوعود فحسب.

 

وظائف

عــماد موسى/لبنان الآن

كل يوم تبرز وظيفة جديدة لسلاح "حزب الله". سلاح كثير متنوع. بحبوحة سلاح. والمهام الملقاة على عاتق السلاح جمة. منها بحسب جردة الـ2011:

حماية الخط الممانع والمقاوم في الشرق والغرب.

حماية الأمة والشرف والعرض والطول.

حماية العلامات الجودزية المواقع الإستراتيجية.

حماية حقول النفط والغاز والكاز والتربنتين والنفتلين في مياه لبنان الإقليمية والدفاع عنها بالغالي والنفيس.

حماية مسيرة حقوق الإنسان التي بدأها النظام السوري قبل 40 عاماً ونيّف.

حماية الخط الداعم لتحرير إدلب وحلب والبوكمال وحمص والرستن ودرعا.

حماية المجمعات السكنية.

حماية الخزانات البشرية وخزانات الفيول.

حماية القديسين المتهمين باغتيالات هزّت لبنان.

حماية بعض فروع الجامعة اللبنانية من صوت فيروز.

حماية الشاي من الكابوتشينو.

حماية السياحة والإصطياف والإقتصاد والسدود والإتصالات والمال والبيئة والإنماء المستدام.

حماية الحدود. حماية السماء والهواء والماء.

حماية الجيش والشعب.

حماية نص الدرك.

حماية كل الأمن العام.

حماية الجمارك.

حماية الأبنية. الخنادق. حقول الزيتون. المغاور.

حماية مفهوم الإستراتيجية الدفاعية المتفق عليه بين قادة الشرق الجديد: محمد رعد وطلال إرسلان وأسعد حردان وعاصم قانصو.

حماية أوراق التفاهم والعليق والتوت.

إستكمال تحرير مزارع شبعا وأحد شطري الغجر "على فضاوة".

دعم حماس في وجه عباس.

تقويض كيان إسرائيل في الثالثة بعد ظهر الثلاثاء المقبل. مع إبقاء أحد الأصابع على الزناد.

حماية البرلمان من خفافيش 14 آذار.

تدعيم ركائز الدويلة بأسمنت الممانعة والدفاع عن المكتسبات والإنتصارات.

حماية الرغبة في الموت من نوازع الحياة المرفهة.

تخويف وليد جنبلاط بين الحين والفينة.

حماية ميقاتي من نفسه.

حماية المقاومة والتخويف بها.

حماية التظاهرات والشاشات والكلمات والكراسي والمجسمات.

إقفال محال بيع الخمور والزهور والعطور المنتشرة في مناطق الحكم الذاتي.

قصف المحكمة ذات الطابع الدولي.

قطع طريق المطار متى دعت الحاجة.

القضاء على ضفادع 14 آذار.

تأديب بعض وحدات اليونيفيل.

حماية النسبية وضربone man one vote  بصاروخ ساغر.

حماية الصور وأعمدة الكهرباء وكابلات الإتصالات.

حماية ظهر المقاومة وبطنها وأطرافها وألسنتها السامة.

حماية اللجان النيابية المشتركة.

حماية خيارات الرئيس نبيه بري الدستورية.

حماية قوى الممانعة المسيحية الوطنية التقدمية المنتشرة بين كفرحباب والرابية والبترون وفقرا.

توفير الحماية للعيادات النسائية في الضاحية الجنوبية والجنوب والبقاع ضد هجمات محتملة لكتائب دانيال بيلمارـ الخط الثوري.

حماية السلم الأهلي من "رائحة الأسن ونتانة الفتن" والمؤامرات الخارجية.

حماية المجانين الجدد خصوم المحافظين الجدد.

ومؤخراً، جديد جديد جديد. سلاح المقاومة يحمي العيش المشترك (ممن؟).

ويحمي المؤسسات في لبنان. من مصالح المياه والدوائر العقارية إلى  المجلس الدستوري ومجلس الإنماء والإعمار إلى مؤسسات الإئتمان إلى مجلس الإدارات الرسمية إلى القصور الرئاسية. حماية. حراسة. تدشيم.

وغداً، قد يجد السلاح وظيفة جديدة فيتطوع لحماية الشركات والشركة ويحمي المحبة.

 

ترقيع الخيش

محمد سلام/لبنان الآن

إذا كانت "القمة الروحية" الإسلامية-المسيحية، التي نحترم ونجلّ كل من شارك فيها، لم تستطع أن تضع أصابعها على جراح اللبنانيين، ولم تقدر على مخاطبة هواجسهم، فمعنى ذلك أن البلد صار كقماشة الخيش، لا يمكن ترقيعها.  القمة أصدرت بيانا من 880 كلمة، تضمّن سبعة بنود إضافة إلى مقدمة وخاتمة، طبعا بعد عرض أسماء المشاركين من القادة الروحيين ومعاونيهم، مؤكدا على ما هو في الواقع غير مؤكد.

 في أولاً: تم التأكيد على "متانة العيش الوطني والتفاعل التاريخي والحاضر في المنطقة العربية بين المسلمين والمسيحيين" وصولا إلى التأكيد على أن وجودهم "تاريخي وأصيل وأن دورهم أساسي وضروري في أوطانهم".  وإذا كان من الضروري التأكيد على تاريخية الوجود المسيحي وأساسية الدور، فمعنى ذلك أن هناك من يشكك في الأصل كما في الدور. وكان حرياً ببيان القمة، بدلا من تأكيد المؤكد لمن هو متأكد، أن يعلن من هو الذي يشكك في تاريخية الدور المسيحي ومن هو الذي يهمّش الدور المسيحي.  في ثانيا: قارب بيان القمة مسألة استقرار لبنان من منطلق ضرورة "الوقوف سدّا منيعا بوجه كل المحاولات الخارجية التي تستهدف زعزعتها وزرع الفتنة فيما (في ما) بيننا". وأيضا وقع ثانياً في ما وقع فيه أولاً: لم يقل لنا من هي الجهة أو الجهات الخارجية التي تستهدف زعزعة استقرارنا والتي يجب أن نقف سداً منيعا في وجهها.

 ثالثاً، رابعاً، خامساً، وسادساً كلها تقع في ما وقع فيه أولاً: تؤكد المؤكد وتحذر من المجهول، وكأنها بيانٌ صادرٌ عن القيادة الأسدية في دمشق يتحدث عن مؤامرة خارجية مزعومة لا تعريف لها ولا شكل.

 سابعاً، أقصد البند الأخير قبل الخاتمة، يقارب الفضيحة بامتياز.

"إن لبنان القوي بوحدته الوطنية وبتضامن أشقائه العرب وباحترام المجتمع الدولي، يلتزم برفض توطين اللاجئين الفلسطينيين شكلا وأساسا، ويتمسك بحقهم في العودة إلى أرضهم ووطنهم عملا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 194. ويعتبر العمل على تحرير بقية الأراضي اللبنانية والعربية المحتلة وتحرير المقدسات الإسلامية والمسيحية مما تتعرض له من انتهاك واعتداء، واجباً وطنياً وعربياً جامعاً وبحكم قرارات الشرعية الدولية. وهو يهيب بالأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".

إضافة إلى أن الوحدة الوطنية غير متوفرة، والتضامن العربي مفقود، واحترام المجتمع الدولي يتبخّر، فإن الالتزام برفض توطين اللاجئين الفلسطينيين –المتفق عليه- بدا ملتبساً لأنه تضمن عبارة "شكلا وأساسا".

كيف يكون رفض التوطين ممكناً شكلاً، ومرفوضا أساساً؟ أو كيف يكون رفض التوطين مقبولا أساسا ومرفوضا شكلاً؟ هذه، تبدو لي أشبه بتلك "المبدئياً" في البيان الوزاري لحكومة الميقاتي حيال الموقف من المحكمة الخاصة بلبنان ذات الطابع الدولي.

 أما الفضيحة فهي في "حقهم في العودة إلى أرضهم ووطنهم عملا بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 194".

ولووو. ألا يوجد بين جيش المستشارين الإعلاميين والسياسيين المتواجدين على هامش القادة الروحيين من يعرف أن القرار الرقم 194 ليس صادرا عن مجلس الأمن الدولي.

للتذكير:  أصدرت الجمعية العامة (للأمم المتحدة) في تاريخ 11/12/1948 قرارها الرقم 194 والذي يقضي بأن الجمعية العامة تقرر " وجوب السماح بــ العودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى بيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر...."

الجمعية العامة للأمم المتحدة هي التي أصدرت القرار 194 وليس مجلس الأمن الدولي. والفارق بين الهيئتين كبير، بل هائل. ومن المعيب أن يقع بيان القمة الروحية للحضارتين الإسلامية والمسيحية في مثل هذا الخطأ السياسي-الدبلوماسي-التاريخي، مع الأخذ في الاعتبار أن "الشغل في السياسة" هو من مهمة المستشارين، لا القادة الروحيين، مع أن قمتهم الروحية كانت كلها ... سياسية، وبامتياز.

 ولماذا لم يقل البيان الختامي لأتباع الحضارتين ما الذي تم بحثه فعلا في خلال القمة؟

ولماذا لم يصارح القادة الروحيون من انتظر قمتهم بالحقائق المؤلمة التي تم تداولها؟

لعلهم توصّلوا إلى قناعة بأن البلد صار من خيش. والخيش لا يرقّع، فرأوا أن عدم البوح هو أقل إيلاما من الحقيقة، فاكتفوا بتأكيد المؤكد لعله يكون لزوم ما يلزم، وليس كما القاعدة تقول: لزوم ما لا يلزم.  يبقى أن ندرك أن القرار الرقم 194 هو من إنتاج الجميعة العامة للأمم المتحدة، أي صنع في ما يمكن تسميته بـ"نادي الصغار".

أما قرارات الكبار فتصدر فقط عن مجلس الأمن الدولي الذي لم يُقرّ، أقله حتى الآن، بعودة الشعب الفلسطيني إلى أرضه والتعويض على من لا يرغب في العودة، كما جاء في نص قرار الجمعية العامة.  السؤال الحقيقي، من دون مواربة ولا تعمية، هو: هل يقبل المتمسكون بالقرار 194 بنصه كاملاً، بشقيه، أي بحق العودة، لمن يرغب، وبحق التعويض لمن لا يرغب؟؟؟

هنا، لا بد من الانتباه إلى أن القرار إياه (194) لم يتحدث عن حق "المضيف" في إلزام اللاجئ الفلسطيني بالعودة، إذا كان غير راغب فيها. 

هنا تكمن معضلة "التعويض" التي يجب أن يتنبه لها اللبنانيون، وبدلا من تضييع وقتهم في تبني قرار لا يعرفون نَسَبَهُ، يجب تركيز الجهد على إيجاد صيغة واقعية تجمع بين حدين: حفظ حق الفلسطيني غير الراغب في العودة في قبول التعويض، ورفض لبنان إعطاءه الجنسية اللبنانية.

لماذا التكاذب. المسألة بالنسبة لغالبية المعنيين لا علاقة لها بمبدأ العودة، أو بالتحرير، أو حتى بالدولة الفلسطينية سواء في حدود العام 1967 أو من النهر إلى البحر ... بعد إلقاء اليهود في البحر أو زوال دولة إسرائيل. أي غبي، أو ساذج، يعتقد أن "فلسطينيي لبنان" وجميعهم من منطقة الجليل التي لا تقع ضمن حدود العام 1967 سيسمح لهم بالعودة إلى إسرائيل ... كي يكسبوا جنيستها؟ المسألة لا علاقة لها بالعودة، أو بالتحرير. المسألة، وبواقعية، لها علاقة برفض تجنيس الفلسطينيين المسلمين السنّة لأن تجنيسهم يخل بالميزان الديموغرافي للكيانات اللبنانية. المسألة خاضعة للبحث. والرفض، أي رفض التوطين، يعكس منطقاً لا يمكن نفيه، شرط أن تُقال الحقيقة كما هي. شرط التخلي عن عادة التكاذب النضالي اللبنانية.

قد يحمل الفلسطينيون جنسية دولتهم، إذا أُعلنَت يوما ما في مكان ما على الورق أو على الأرض. وسيستحق التعويض المادي لغير الراغبين في التوجه إلى الدولة، وليس لغير العائدين هذه المرة، لأن الأرض التي يفترض أن يعودوا إليها –أي الجليل- هي إسرائيل، التي ستبقى إسرائيل.  فما العمل؟ عن هذا السؤال يجب أن يجيب اللبنانيون بدلا من التباري الكاذب في التمسك بحق عودة لم يعد موجودا، ولم يكن صادرا أصلا عن مرجعية تُحتسب. على اللبنانيين، إذا أرادوا البقاء فعلا، أن يحيكوا قماشة جديدة لأن قماشتهم صارت خيشاً، والخيشُ لا يُرَقّع.

 

أحمد الأسعد: إعتلاء لبنان منبر الأمم المتحدة يعكس تمسكه الثابت بالحريات والديموقراطية 

رأى المستشار العام لحزب "الانتماء اللبناني" أحمد الأسعد، في مؤتمر صحافي أن "اعتلاء رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان منبر الأمم المتحدة فرصة لكي يعكس لبنان الرسمي تمسكه المبدئي والثابت بالحريات وبالديموقراطية، له ولغيره، وتعاطفه مع الشعوب الساعية إليها، ووقوفه في صف المناضلين من أجلها، لا مع الأنظمة المستبدة التي تقمع شعوبها وتقتل أبناءها". وأشار الأسعد أن "لبنان كان دائماً ملجأ المضطهدين في الشرق، ونصيرهم، ومن غير المسموح والمقبول أن يصبح اليوم حامي المضطهدين وداعمهم الأول، إن هذا الأمر مناقض تماماً لطبيعة لبنان وشعبه، ولمبرر وجوده، ولرسالته الحضارية في هذا العالم، أن لبنان، بذلك، يقف ضد الحرية، وضد الانسانية والأهم ضد نفسه". وإعتبر أن "الشعب الفلسطيني يقف اليوم أمام مفترق طرق تاريخي، وأمام الأمل في أن يتحقق حلم الدولة، وهو يتطلع الى دعم المجتمع الدولي له لكي يفوز بالرقم 194 في المنظمة الدولية، فهذا الشعب لم يرتح منذ عقود طويلة، وأقل ما يمكن ان يحصل عليه هو مقعد". ولفت الى أنه "من السهل جدا أن يدعو البعض والغرب تحديداً الفلسطينيين للعودة الى طاولة المفاوضات، لكن هذه الدعوة ليست واقعية، لأن توازن القوى بينهم وبين الاسرائيليين مفقود في ظل المعطيات الراهنة، وبالتالي فإن الاسرائيليين غير مضطرين الى القيام بالتنازلات المطلوبة".

 

إقامة الراعي 19 يوماً في أميركا دون لقاء أوباما طعنة لبكركي والمسيحيين 

اللوبي اللبناني - الأميركي يدعو المغتربين لمقاطعة زيارة الراعي

حميد غريافي/السياسة/أكدت أوساط قيادية في اللوبي اللبناني - الأميركي, المعارض لطروحات البطريرك الماروني الجديد بشارة الراعي الداعمة لمواقف الرئيس ميشال سليمان, وتبعا له قائد الجيش العماد جان قهوجي, الداعية الى الأخذ بيد نظام بشار الاسد في سورية لانقاذه من مصيره الدراماتيكي المحتوم بذريعة ان سقوطه سينعكس سلبا ويؤدي إلى سيطرة "سلفية -سنية" على سورية ولبنان معا, والى العودة الى طاولة الحوار اللبناني الداخلي التي يطالب بها الان "حزب الله" ورئيس مجلس النواب نبيه بري, والعصابات السورية اللبنانية لإعادة تثبيت سلاح الارهاب ودعمه حتى حل القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين من لبنان الى رام الله وغزة بعد استعادة مزارع شبعا ومرتفعات كفر شوبا, "أن ادارة الرئيس باراك اوباما التي استشارتها واعضاء مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الذين استقبلوا وفودا من "المجلس العالمي لثورة الارز" الذي يقود ذلك اللوبي, اخذوا برأي الاخير في امتناع الرئيس الاميركي او اي مسؤول آخر في ادارته عن الاجتماع بالبطريرك الراعي بسبب تصريحاته الأخيرة.

وقال أحد قادة المجلس العالمي لŻ"السياسة" في اتصال به في واشنطن امس, ان إعلان البطريرك الراعي عدم زيارته العاصمة الاميركية خلال جولته على معظم الولايات المتحدة وطوال 19 يوما, وتحويله هذه الرحلة الى زيارة راعوية" بعد فشل لقائه اوباما وجماعته على غرار "زيارته الراعوية" لسورية التي اعلن فيها فور انتخابه بطريرك وكأنه "يكافئ" القوى المسيحية والسنية التي تكبدت عشرات القتلى من قادتها, وحتى الكرسي البطريركي الذي فقد على ايدي السوريين نخبة من كهنته ورجاله الروحيين, على وقوفها ضد نظام الاسد و"حزب الله", واعلان الراعي ذلك يشكل طعنة في صميم بكركي والموارنة في كل مكان".

وقال قيادي اللوبي اللبناني في واشنطن ان اعضاء بارزين في الكونغرس ووزارة الخارجية ومستشارية الامن القومي تمنوا على وفود المجلس العالمي لثورة الارز "عدم اللقاء بالبطريرك عبر انتقالهم الى الولايات الاخرى التي سيزورها, واصدار بيان يشرح سبب هذا الامتناع, دعما للموقف الاميركي الرسمي المتضمن دائما وابدا طروحات وافكار المجلس العالمي الاغترابي دون اي تحفظ, وثباتا على موقف قوى "14 اذار" وثورة الارز الوطنية".

كذلك حض قادة من قوى " 14 آذار" المقابل في بيروت, موارنة ولبنانيين الاقتراب من الطوائف الاخرى "على مقاطعة زيارة البطريرك الراعي لاميركا ما لم يعلن صراحة من بكركي قبل قيامه بها في الرابع من الشهر المقبل وحتى 23 منه, موقفا جديدا لصالح المسيحيين والسنة في لبنان الذين ادانتهم تصريحاته الفرنسية والشمالية والجنوبية اللبنانية, ونسفت كل ما بناه سلفه نصرالله صفير طوال ثلاثة عقود من الزمن, هو عمر الاحتلالين السوري والايراني للبنان, وبدت وكأنها تصريحات مستنسخة عن بيانات ومواقف نائب رئيس المجلس الشيعي الاعلى عبدالامير قبلان وحسن نصرالله ونبيه بري وميشال عون.

وقال احد المسؤولين الحزبيين في " 14 اذار" ان "الراعي لا يتصرف منذ انتخابه بطريركا كرجل دين يقود شعبا طويلا عريضا له الفضل الاكبر في اقامة لبنان واستمراره, وانما كسياسي من قوى "8 آزار" عامل تحت عباءة الولي الفقيه وظل بشار الاسد, وان ما يؤكد ذلك رفضه تلبية دعوة رئيس "تيار المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة الى غداء على شرفه في صيدا خلال زيارته الجنوب, ردا على حملة بعض نواب هذا التيار المدعومة من الاحزاب المسيحية الوطنية قاطبة على تصريحاته الاخيرة التي تقول مصادر القصر الجمهوري اللبناني في بعبدا انه كان اطلع صديقه الرئيس سليمان عليها قبل زيارته باريس ولقائه الرئيس نيكولا ساركوزي, وبالتالي كان متفقا عليها بين البطريرك والرئيس لاسباب مصلحية شخصية لا غير.

 

حزين انا اليوم لنداء المطارنة وزيارة السفير السوري الى بكركي  

موقع 14 آذار

28 ايلول 2011 في بكركي فعلاً انه يوم خريفي بامتياز. ولاكن صريحاً للغاية فانا اليوم حزين جداً. ويعود حزني الى سبيين رئيسيين يبرزان بكل وضوح اننا نعيش زمناً بائساً كيف وان كان هذا الشعور يتولد في الذكرى الحادية عشرة لنداء المطارنة الموارنة ومن قلب الصرح البطريركي في بكركي.

اتذكر ايام كانت بكركي تستقطب كل الناس الذين يتوقون في تلك الايام الى من يروي غليلهم بالحرية والسيادة والاستقلال والى من يعبر عن هواجسهم والى من يبحثون عن غطاء يحتمون به من غدر الزمان والى من عملوا لدك هذا الصرح خدمة لاولياء الوصاية والنظام الامني...

اتذكر كل هؤلاء اضافة الى الاعلاميين والمفكرين والمتابعين حيث كان الكثيرون ينتظرون الاشارات الصادرة عن سيد الصرح والاهم رسالاته السيادية والوطنية الجامعة التي ارضت البعض واغضبت البعض الآخر...لا يهم فالمسيح لم يرض كل بني البشر وقد صلبه مبغضوه.

حزنت اليوم لانني صعقت بالنداء الصادر عن المطارنة الموارنة ولان السفير السوري زار بكركي في هذه الذكرى المجيدة على قلوب اللبنانيين فتغندر وتبسم واراد ان يوحي انه فرح بينما لم يفرح احد بزياراته المشبوهة الى هذا الصرح.

في 20 ايلول 2000 صدر البيان التاريخي والاستثنائي الذي اسس لثورة الارز وانتفاضة الاستقلال الثاني... يومها صوب المسار واتخذ القرار واضيئت الشعلة وانيرت الدروب واطلقت المبادرات واشعلت النفوس وافعمت املاً بغد مشرق بعيد من عتمة الاحتلال وفساد الظالمين وكذب الدجالين وتبعية تجار الوطنية وزحفاتونية ذلك العهد المشؤوم وتلك الحقبة السوداء.

ومنذ ذلك الحين استعاد اللبنانيون زخمهم وعادت الى الحياة السياسية حويتها فسقط المحظور وطرحت المسائل الشائكة التي لم يكن مسموحاً الكلام عنها البتة ومن كان يشير اليها يتعرض لاقصى العقوبات والتنكيل واوجه التخوين. وفي 10 سنوات تألقت بكركي واثبتت مرة اضافية انها المرجع الذي لا يتخلى عن واجبه او عن دوره فهو يلبي النداء ما ان يدق النفير ويقف في المرصاد ما ان تهب الاخطار وتحدق بوطن الارز فعلى مدخل هذا الصرح كتب مجد لبنان اعطي لها.

في عقد من الزمن اعتاد اللبنانيون على نداءات سنوية والاهم انهم لمسوا ان ما رفعت لواءه بكركي بات مطلب كل لبناني سيادي واستقلالي وقد تحقق جزء من هذا المسار الوطني التاريخي. وتبقى التحديات الكبرى محدقة بالوطن في طليعتها تهديد الكيان دولة وشعباً ونظاما ديمقراطيا ونموذجاً رائداً في المنطقة وعلى مستوى العالم.

يتربص بلبنان مخطط خطير جداً يتجلى قسم منه بالسلاح غير الشرعي ومشروع حزب الله والصاق لبنان عنوة بالتحالف السوري الايراني ومصادرة القرار الوطني الحر والسطو على الدولة والمؤسسات ومحاولة طمس الحقيقة وضرب الحق والعدالة وتبرير الجرائم وتبرئة القاتل وتجريم الضحية والابرياء واباحة كل الوسائل والمحظورات...فقط خدمة لحسابات ايرانية اسدية الهية. واذ بالنداء الصادر عن المطارنة الموارنة في الذكرى الاولى لتولية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والذكرى الحادية عشرة للنداء التاريخي عام 2000.

اذ بهذا النداء يدمي القلوب ويدفع بمن يتابع الشؤون اللبنانية وشجون اللبنانيين ويتلمس عميق مآسيهم واحقية قضيتهم وعدالتها الى الترحم على ايام خلت فيصاب بالحزن الشديد كيف اذا كان يستعيد صور الامس ويقف على حضيض الحاضر ودركه وانحطاطه؟ كيف يمكن لنداء تاريخي للمطارنة الموارنة الا يقف عند الثوابت المتعلقة بالدولة والشرعية والسلاح الخارج على القانون والا يتمسك بالعدالة والحقيقة والمحكمة الخاصة بلبنان؟ اربأ بنفسي ان الجأ الى مقارنة بسيطة وسريعة بين نداء 2000 ونداء اليوم رحمة بالحقيقة والصرح البطريركي وبطريركه التاريخي وبصورته المضيئة. والمؤسف حقاً ان تكون بكركي اقتربت من عصر افول وابتعاد عن الاضواء وصنع القرار وانارة الدرب واضاءة القلوب وارشاد اللبنانيين وكل الناس في لبنان وخارجه.

مؤسف ان يسر المتابعون بان بكركي ستذهب الى عالم التهميش وستخرج من معادلة الاضواء والمحطات التاريخية. اما سبب حزني الثاني اليوم ومثلما سبقت اليه الاشارة بزيارة السفير السوري مرة اضافية الى بكركي في هذه المناسبة العزيزة على قلوب اللبنانيين فهو لن يمحى لا بل فان مضمون بيان النداء وما سيتركه من اساءة الى صورة الصرح البطريركي سيزيدانني حزناً والماً وهو ما سيشاطرني به السواد الاعظم من اللبنانيين المسلمين قبل المسيحيين. امام هذا الواقع المحزن يطرح المتابعون اكثر من تساؤل وفي الطليعة ما اذا كان مضمون النداء الصادر اليوم يعكس قناعة القسم الاكبر من المطارنة او ان سطحيته تعكس بوضوح ان الخلاف القائم بين البطريرك الراعي وعدد من المطارنة هو الذي ادى الى هذه السطحية على قاعدة ان ما يصرح به الراعي يوضح رايه الشخصي اما مجلس المطارنة فهو اشبه بسلطة الكنيسة التنفيذية اي مجلس الوزراء في الانظمة السياسية الديمقراطية وبما ان البطريرك اسقف متقدم بين متساويين. ومن هذه التساؤلات ما اذا كانت الكنيسة ستستجيب للاعتراضات المدنية والسياسية والاسقفية نفسها او لا حيث كان كلام الكاردينال صفير معبراً جداً عن الايام البائسة وحيث انطلق الحديث بقوة في الكواليس عن تصحيح المسار من داخل المؤسسة الكنسية من خلال مطارنة واساقفة وقد يلعب صفير دوراً رائداً في هذا الاطار.

اما الموقف الفاتيكاني فيكثر الحديث التحليلي عنه حيث يحكى عن وجود تيارين احدهما يجسده الراعي بتوجهات واضحة المعالم والثاني يعترض بقوة على مواقف الراعي في باريس وما تلاها من زيارات ومواقف واشارات صدرت عنه. وفي مطلق الاحوال يتوقف المتابعون عند الاجازة المطولة وغير المبررة التي طلبها السفير البابوي في لبنان بعد مواقف الراعي في باريس وهناك من رأى في ذلك اعتراضاً فاتيكانياً وهناك من نظر الى الامر من منظار مختلف. وقد تكون ترقية الدبلوماسي الثاني في السفارة البابوية في بيروت بسرعة مؤشراً اضافياً في هذا الاطار وقد تختلف تفاسيره.

 

"الكتلة الوطنية: "ليس لائقاً بحق البطريرك ان يحاط بصور مسلحين وشعارات حربية"

رد ميقاتي عن إعفاء الإيرانيين من التأشيرة يثير الدهشة

رأى حزب "الكتلة الوطنية اللبنانية" أن الزيارات الراعوية التي يقوم بها البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي للأبرشيات، "بدأت تأخذ منحى إصطفافيا سياسيا وغير سياسي، ففي الزيارة الاخيرة للجنوب لم يكن لائقا في حق ما يمثله البطريرك الراعي من قيم مسيحية وانسانية ان يحاط بصور لمسلحين وبشعارات حربية".

وتمنى في بيان إثر الاجتماع الأسبوعي للجنة التنفيذية للحزب في بيروت أمس، "لو لم تظهر هذه الزيارة حدة الانقسامات وتزد الإلتباسات، وهذا ظهر بوضوح من خلال الصور والخطابات والمآدب والدعوات، فالشراكة هي نقيض للتمييز والمحبة تكون للجميع".

ولفت الى ان "الكلام الذي نقل عن رئيس الحكومة عن إعفاء الإيرانيين من تأشيرة دخول الى الأراضي اللبنانية والذي نسبه الى الحكومة السابقة يثير الدهشة، إذ من غير المقبول ألا يعلم أنه هو من وقع القرار اوائل شهر ايلول الحالي وبناء على اقتراح وزير تكتل "التغيير والإصلاح" فادي عبود. ان هذا الالتباس ليس من صفات رجل دولة وهو يجعلنا نشك في وعوده وتعهداته". وأسف لـ"هذا التمييز المتمادي بين المواطنيين وليس آخره تمييز سائقي السيارات العمومية، فتدبير دفع رديات على صفائح البنزين تحول الى معاش ثان لفئة معينة على حساب الفئات المتبقية لان عجز الخزينة هو عبء يحمله جميع اللبنانيين. ونلفت الى عدم الجمع بين اشكاليتين واعتبارهما مرتبطتين، لذلك نذكر بأن النقل العمومي هو مهنة خاصة كباقي المهن، اما النقل العام فهو حق للمواطن وواجب على الدولة تسييره وتنظيمه". وإذ ابدى ملاحظات على "الاجتماع الوزاري المتعلق بموضوع النقل"، لفت ان "الحل ليس بزيادة الباصات ولا دعم للسيارات العمومية بل هو يجب ان يكون على مستويات عدة"، داعياً وزارة الاشغال العامة والنقل الى "وضع نموذج للنقل داخل المدن وفي الاقضية على ان تتولى الاشراف عليه البلديات وربما اتحاد البلديات، تحقيقا لـ"اللامركزية الادارية" وفتحه للقطاع الخاص ومشاركة المواطنيين بتملك اسهم والاكتتاب".

 

وكيليكس/المستقبل/فيلتمان يطالب بمساءلة عون حول أموال طائلة من "حزب الله"

كشفت برقية صادرة عن السفارة الاميركية في بيروت بتاريخ 11-09- 2006 رقم 2928، أعدها السفير الاميركي جيفري فيلتمان، ان التقارير الإعلامية تشير الى أن التيار الوطني الحر الذي يتزعمه ميشال عون و"حزب الله" وجدا مجالاً جديداً للتعاون وهو، تمويل إعادة بناء الجنوب.

ولفتت الى صحف ووسائل إعلام نقلت تقارير وصوراً تظهر عناصر من التيار الوطني الحر و"حزب الله" وهم يوزعون الأموال النقدية، وإذا ثبتت هذه الشائعات، فإن التيار الوطني الحر يقوم بتوزيع أموال وفرها "حزب الله"، وبالتالي فإن التيار الوطني الحر يصبح مذنباً بالتورط في عملية تمويل إرهابية.

"وللحديث عن تقرير واحد فقط، ذكرت صحيفة "النهار" في 3 ايلول ما يلي: "بعد أسبوع على حملة تقييم الأضرار التي نفذتها فرق تابعة لحزب الله والتيار الوطني الحر في بعض قرى الجنوب مثل عين أبل ودبل ورميش، قررت مؤسسة جهاد البناء (جهاز تنفيذ البنى التحتية في "حزب الله") بالاشتراك مع التيار الوطني الحر دفع تعويضات لكي تتمكن العائلات من إصلاح أملاكهم المتضررة والتي يبلغ عددها 269 عائلة. وقدرت الأموال المدفوعة بحوالي 257250 دولاراً. وفي تعليق على هذه الخطوة قال المنسق العام للتيار الوطني الحر بيار رفول إنه "تماشياً مع مذكرة التفاهم الموقعة بين التيار وحزب الله في 6 شباط، ولدعم الشعب الفقير في الجنوب، وفي ظل غياب تام للدولة، عملنا على تطبيق المرحلة الأولى في هذه القرى. سوف تستكمل المراحل المقبلة قريباً بعد تقييم الأضرار في القطاعين الزراعي والتجاري".

تضيف الوثيقة: "تتملك عون ثلاثة هواجس هي: الإطاحة بحكومة (فؤاد) السنيورة وتدمير الغالبية المتمثلة بقوى 14 آذار وتحقيق حلمه الشخصي بالوصول إلى الرئاسة. ويبدو أنه قادر على تبرير كل تعاون مع حزب الله يساعده على تحقيق هذه الأهداف. ونعتقد أن الشائعات التي تتحدث عن تخطيطه للجوء إلى الشارع لمحاربة حكومة السنيورة صحيحة. وفي حين أننا لا نملك أدلة حسية تثبت أن التيار الوطني الحر يقوم بتوزيع أموال يوفرها حزب الله، لكننا نعتقد أن هذه التقارير كافية لتبرير تصرف من قبلنا. نحث حكومة الولايات المتحدة على توجيه أسئلة حازمة إلى عون عبر ممثليه في الولايات المتحدة وتحذيرهم بانهم يخاطرون بانتهاك قوانين الحكومة الأميركية المتعلقة بتمويل الإرهاب:

"نطلب تعلميات من واشنطن لإيصال هذه الرسالة إلى ميشال عون، ونرغب في الوقت نفسه أن يصار إلى إبلاغ ممثلي التيار الوطني الحر في واشنطن (مثل طوني حداد) الرسالة نفسها. كما نرغب في أن نبلغ اثنين من نواب التيار الوطني الحر الذين نعتقد أنهما لا يوافقان على كل علاقات عون مع حزب الله، ولا يريدان إبلاغ عون مباشرة رسالتنا التي تعبر عن عدم رضانا على علاقته مع حزب الله".

وتابعت الوثيقة: "لقد أثارت انتباهنا التغطية الإعلامية الأخيرة حول توزيع عناصر من التيار الوطني الحر الأموال النقدية بالاشتراك مع عناصر من مؤسسة جهاد البناء التابعة لحزب الله في جنوب لبنان. إن حزب الله منظمة إرهابية. إن استخدام أموال وفرها "حزب الله" أو إقامة تعاون مالي مع "حزب الله" أو مؤسساته، بما في ذلك "المنار"، يضع التيار الوطني الحر أمام خطر انتهاك القوانين الأميركية حول التمويل الإرهابي. إن العقوبات قد تتضمن تجميد جميع الأصول المالية التي تمر عبر الولايات المتحدة وقد تؤثر على قدرة إصدار تأشيرات دخول أميركية إلى عناصر التيار الوطني الحر المتعاملين مع تمويل "حزب الله"، إن التعاون الوثيق إلى هذه الدرجة مع "حزب الله"، قد يؤثر على وضعية التنظيمات والمؤسسات المتصلة بالتيار الوطني الحر في الولايات المتحدة، خاصة أننا منذ توقيع مذكرة التفاهم بين التيار الوطني الحر و"حزب الله" في 6 شباط ونحن نكرر قلقنا الشديد في ما يتعلق بعلاقات التيار الوطني الحر وحزب الله، ندرك أن التيار الوطني الحر ليس المؤسسة الوحيدة التي حاول "حزب الله" استغلالها لتقديم أهدافه السياسية، لكن على ضوء خطف حزب الله لجنديين إسرائيليين من داخل الأراضي الإسرائيلية، يجب أن يكون واضحاً تماماً مدى عدم إمكانية الثقة بحزب الله كشريك".

وختمت الوثيقة: "إن مسألة تمويل الإرهاب خطيرة جداً بالنسبة إلينا، وعلى التيار الوطني الحر أن يدرك اهمية ابتعاده عن حزب الله فوراً. سوف نرحب بأي معلومات يمكنكم توفيرها لدحض التقارير الإعلامية حول تورط التيار الوطني الحر بتوزيع أموال وفرها "حزب الله" وتعاونه المالي مع الحزب".

جاءنا من النائب ابراهيم كنعان ما يلي:

"طالعنا في الصفحة الاولى من العدد 4128 من صحيفة المستقبل، تاريخ الاربعاء 28 أيلول 2011، خبراً تحت عنوان "كنعان في 2006: خطاب نصرالله انتقامي والعونيون يتنصلون منه". وفي هذا الاطار يتوقف المكتب الاعلامي عند عملية التحوير والاقتطاع والاجتزاء والاثارة الواضحة التي اعتمدتها الصحيفة بين عنوان الخبر ومضمونه، ولجوئها المقصود إلى تغيير المعاني في سياق لم نعد نعرف معه، هل نحن أمام وصف أو موقف أو ترجمة غير موفقة لتحويل حديث عادي يوصّف حالة معينة، الى موقف مشوه بخلفية سياسية.

المكتب الاعلامي (للنائب كنعان) وإذ يؤكد نيّته نشر الوثيقة بحرفيتها، باللغتين الانكليزية والعربية في وقت قريب، يشير الى احتفاظ النائب كنعان بحقه في ملاحقة كل من يظهره التحقيق مشاركاً ومحرضاً على هذا العمل امام القضاء المختص".

 

السياسة": صورة حديثة لبدر الدين بحوزة المحكمة الدولية

كشفت مصادر مقربة من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، المختصة بالنظر في جريمة إغتيال رئيس الوزراء الأسبق الشهيد رفيق الحريري لصحيفة "السياسة" الكويتية أن فريق التحقيق التابع للمحكمة حقق أخيراً قفزة نوعية هامة جداً، إثر نجاحه في الحصول على صورة جديدة للمتهم الأول في جريمة الإغتيال، المدعو مصطفى بدرالدين، أحد كبار الكوادر القيادية في "حزب الله". وقالت المصادر إن الصورة التي التقطت للمتهم قبل أشهر سوف تساهم بشكل كبير في المساعي التي تبذلها اللجنة لتوقيف بدر الدين للتحقيق معه حول تورطه في جريمة الاغتيال، مشيرة الى ان لجنة التحقيق تدرس الانعكاسات التي قد يخلفها نقل هذه الصورة والمعلومات الى الجهات القضائية المختصة في لبنان. واضافت ان الصورة والمعلومات الجديدة، وصلت الى فريق التحقيق من جهات لبنانية طلبت عدم الاشارة الى هويتها في أية مرحلة من مراحل التحقيق او المحكمة، وذلك كشرط اساسي لموافقتها على نقل الصورة والمعلومات واستخدامها فيما بعد للتثبت من هوية الضالعين في اغتيال الرئيس الحريري وفي مقدمهم مصطفى بدر الدين والتحقيق معهم. ولفتت المصادر إلى أن لجنة التحقيق استطاعت التأكد من أن الصورة التي تسلمتها من الجهات اللبنانية هي حقاً صورة بدر الدين, عن طريق فحصها في المختبرات التابعة لـ"الانتربول" بطرق ووسائل الكترونية متطورة, عبر مقارنتها بالصور القديمة التي تمتلكها لبدر الدين، والتي بينت بشكل قاطع ان الصورة الحالية التي حصلت عليها اللجنة هي لنفس الشخص الذي ظهرت ملامحه في الصور القديمة. وختمت المصادر بان لجنة التحقيق لم تقرر بعد نشر هذه الصور على الملأ, لكنها قد تفعل ذلك في الوقت المناسب.

 

تمنى على عون وقف المزايدة فيما خص حماية الأقليات

فريد حبيب لـ"الأنباء": تحالف الأقليات مشروع قائم بحد ذاته لدى العلويين والشيعة على أمل إستدراج المسيحيين اليه

ردّ عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب فريد حبيب على كلام النائب ميشال عون الذي أتهم فيه رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع بإختراع مقولة "تحالف الأقليلات" في المنطقة، وأظهر فيه نفسه مع "حزب الله" وسوريا وإيران بريئا كل البراءة من هذا التوجه، وأكد فيه أن أيا منهم لم يأت يوما على ذكره لا في مناسبة ولا في أخرى، رد معتبراً أن رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون وبغض النظر عن أنه أصبح أسير هاجس مسيحي إنتخابي إسمه سمير جعجع و"القوات اللبنانية"، فهو يحاول إستغباء اللبنانيين وتحديدا قواعده الشعبية ومحو ذاكرتهم وفقا لما يتناسب وموقعه من العنوان السياسي المطروح في حينه، ووفقا لما تقتضيه مصلحة تحالفاته السياسية سواء مع حارة حريك أم مع دمشق وطهران.

وذكّر النائب حبيب في تصريح لـ"الأنباء" أن العماد عون لم يُقدم على إبرام وثيقة التفاهم مع "حزب الله" في العام 2006 بعد عودته من منفاه الفرنسي في العام 2005، سوى نتيجة استهوائه فكرة تحالف الأقليات الممتدة من طهران مرورا بالعراق وسوريا وصولا الى لبنان، على أن يكون هو الغطاء المسيحي لهذا التحالف الذي يدغدغ شغفه بالسلطة ويعطيه صفة الزعامة المسيحية في المنطقة الشرق أوسطية كما وصف عون نفسه عشية ذهابه للإحتفال باليوبيل 1600 للقديس مارون في براد ـ سوريا، معتبرا أن العماد عون ووفقا لإعتياد أذنيه على سماع الإملاءات من قادته في المحور السوري ـ الإيراني، لم يعد للتحليل والإستنتاج من مكان في قراءاته لمواقف المسؤولين الإيرانيين والسوريين العلويين على حد سواء، وهي المواقف التي أكدت ولو بشكل غير مباشر وجود توجّه سوري ـ إيراني الى إقامة ما يسمّى بتحالف الأقليات حفاظا على دورهما وموقعهما ضمن المنطقة العربية.

وعليه توجّه النائب حبيب بالأسئلة التالية الى العماد عون:

ألم يحرص مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي خلال إفتتاح مؤتمر "الصحوة الإسلامية" في طهران على إدراج الثورات العربية في خانة الصحوة الإسلامية بإستثناء الثورة السورية التي سارعت القيادات الإيرانية الى إدانتها وإدراجها في خانة التدخل والتآمر الدولي على نظام الأسد؟ وبالتالي ألم يكن توصيف الثورة السورية بالشكل المذكور نابع من كون سوريا حليفة الدولة الإيرانية وكون الحكم فيها ممسوك من قبل الأقلية العلوية؟

أليس توصيف بعض العباقرة في لبنان وسوريا وإيران الثورات العربية القائمة بثورات السلفيين والأصوليين والمتطرفين الإسلاميين بهدف دس الهلع في نفوس الأقليات وإيهامهم بأنها ثورات تريد الإنقضاض عليهم فيما لو نجحت بالوصول الى سدة الحكم ؟ وبالتالي ألا يرى جنرال الرابية بأن هذا التوصيف يشكل دعوة غير مباشرة لإصطفاف الأقليات ضد السنّة خوفا من إستيلائهم على الحكم؟

أليس إستبدال وزير الدفاع السنّي بآخر مسيحي في سوريا هو لإستعطاف مسيحيي سوريا ولبنان وبالتالي لإستقطاب دعمهم لنظام الأسد العلوي في محاولة لحصر الثورة السورية بالطائفة السنية ؟ أفلا يستنتج العماد عون أن هذا الإستقطاب للمسيحيين هو لخلق إصطفاف علوي ـ مسيحي في سوريا مقابل الأكثرية السنية، أي خلق تحالفات طائفية ما بين الأقليات مقابل الأكثرية السنّية في سوريا؟

ألم تعلُ أصوات المستزلمين في لبنان لنظام الأسد للتحذير من فتنة مذهبية في المنطقة قد تندلع نتيجة سقوط النظام في سوريا ؟ (والأرشيف الإعلامي مليء بالكثير من الأمثلة عن مواقف حاولت وتحاول تشويه صورة الثورة السورية وتحويلها من ثورة شعبية الى ثورة بحت مذهبية)، أفلا يعني هذا التحذير محاولة لإيهام الأقليات بأن مصيرا بائسا يتربص بهم فيما لو نجحت الثورة في سوريا، ولحثهم بالتالي على التكتل أقله عاطفيا ضد الأكثرية السنّية؟

ألم يقل العماد عون إثر الإجتماع الأخير لتكتل "التغيير والإصلاح" بأن الأقليات في سوريا بخطر؟ اليس هذا الكلام دعوة مبطنة من العماد عون نفسه لحث الأقليات على التجمع والتقوقع ضمن مسار ومصير واحد؟

ألم يقل جهابذة "التيّار الوطني الحر" في مجالسهم الخاصة بأن التفاهم مع "حزب الله" هو لحماية المسيحيين في لبنان ؟ أفلا ينطوي ذلك على عملية تخويف للمسيحيين اللبنانيين من إنقضاض فئة سياسية عليهم واقتلاعهم من تاريخهم وجذورهم؟

هل يعلم العماد عون بوجود تحالف رسمي في العراق تحت إسم "تحالف الأقليات" قائم بين المسيحيين والشبك والأيزيديين والصابئة والذي أصدر آخر بيان له بتاريخ 11ـ7ـ2011 ندد فيه باستهداف الكنائس في بغداد؟

وبناء على تلك الأسئلة تساءل النائب حبيب بدوره ما إذا كان العماد عون بحاجة بعد الى من يلقنه الإستنتاجات بأن تحالف الأقليات هو مشروع قائم بحد ذاته لدى كل من العلويين والشيعة وغيرهم من الأقليات على مستوى المنطقة على أمل إستدراج المسيحيين إليه كعنصر أقلي فاعل ذي أهمية تاريخية في المنطقة الشرق أوسطية، وهو التحالف الذي يُعمل على إنشائه ضمن كل دولة على حدة من دول المنطقة ليتوسع لاحقا بحيث يصبح تحالفا على مستوى المنطقة العربية والإسلامية ككل، ففي لبنان تحالف عون ـ "حزب الله" مقابل السنّية الحريرية، وفي سوريا محاولة لتحالف مسيحي ـ علوي ـ درزي مقابل السنّة، إضافة الى الحلف الإقليمي القائم أصلا ما بين النظام العلوي في سوريا والدولة الإيرانية.

وعليه يتمنى النائب حبيب على النائب ميشال عون وقف حملاته الإستعراضية ضد رئيس حزب "القوات اللبنانية" د. سمير جعجع وكافة قيادات قوى "14 آذار" والمزايدة عليهم فيما خص حماية الأقليات، والعودة الى قراءة الواقع بشكل يعبّر عن تاريخ المسيحيين في لبنان وليس بشكل يعبّر عن تطلعات "حزب الله" لمستقبل لبنان والمنطقة، وذلك لإعتباره أن من يعير اليوم العماد عون أهمية لإستعماله كغطاء مسيحي لمشاريعه المذهبية ولتنفيذ أجندته الإقليمية لن يعطيه غدا فيما لو تمكن من تحقيق تلك الأجندة أي دور على مسرحه السياسي.

 

رجال دولة

 علي نون/المستقبل

تفتخر الدول برجالات متميّزين من أبنائها ومشغّلي آلاتها، فيما هؤلاء الأفذاذ يُكرَّمون من خلال دمغ أسمائهم بصفة "رجال دولة". ويكون ذلك اختصاراً جليلاً لمكرمات كثيرة فيهم، منها نظافة الكف والضمير المهني وإيثار المصلحة الوطنية العامّة على المصلحة الشخصية الخاصّة.. عدا الشفافية في موضعها، وهذه بمعنى ما، رديف حداثي لمفردة الصدق الخالدة.

وتفتخر الجمهورية، التي تشلّعت وتخرّبت وتدمّرت واهترت على مرّ السنوات الماضية، تفتخر إلى اليوم بأسماء كبيرة رافقت عزّها ورفعتها وعلو كعبها وأحاديتها السلطوية المطلقة في كل شأن يخصّ رعيّتها، من الأمن إلى القضاء وما بينهما من شؤون وشجون لا تقوم دول من دونها.

ومن بين تلك الأسماء التي عَبَرَ أصحابها فوق آثام ونقائص كبيرة وخطيرة، فؤاد شهاب وريمون إده ورفيق الحريري ورشيد كرامي وغيرهم الكثير من رعيل ماسيّ حاول المستحيل لتحطيم المزرعة وبناء الدولة، فنجح قليلاً وأُحبط كثيراً.

غير أنّه، والحق الحق يُقال، لم يسبق أن ترافق وتزامل انهيار بناء الدولة بفعل ما أصابها وأصاب الجمهورية من حروب وضروب ضروس وكبيرة الشأن والتأثير، مع انهيار مماثل في أداء بعض وجوهها ورموزها وأساطينها. ومع إحالة "تراث" الكذب السياسي المألوف من خانة فيها شيء من الفكاهة إلى هذا القدر من الثِقَل والسماكة والزناخة!

ولم يسبق أن جرى تصدير ذلك الأداء المخجل إلى الخارج، واعتباره جزءاً من المنتوج الوطني، ومن قِبَل بعض مَن يُفترض بهم أن يكونوا رجال دولة قبل أي شيء آخر.. أي قبل أن يكونوا "طرابيش" معتدّة بدورها التزويقي والتزييني، أو "برافانات" تغطي وتستر عن سابق "وعي وتصميم" أكيدين مشاريع أكبر منهم ومن لبنان، بل مدمّرة لهذا البلد وكل مقوّماته.

.. أي أيّام هذه؟ وأي دولة تُحطَّم مصداقيتها بهذا الشكل؟ وأي مشروع هو ذاك الذي لا "يعوّف" شيئاً من أجل أهدافه، وفي مقدمها إحالة كل مكرمة وطنية كبيرة أم صغيرة، إلى حطام، وكل مؤسسة أياً كان نوعها إلى التباس أكيد لا يُعرَف أوّله من آخره.. وكل مذمّة أخلاقية إلى فضيلة يعلّقها البعض فوق صدره ولا يخجل

 

ماروني لـ"المستقبل": لا خوف على المسلم والمسيحي في ظل النظام الديموقراطي

المستقبل/حاورته:نانسي فاخوري

شدّد عضو كتلة "الكتائب" النائب ايلي ماروني على أن "حزب الكتائب يميل إلى وحدة الرأي المسيحي حول مشروع قانون انتخابي يلائم اللبنانيين"، مشيراً إلى أن "من بين المشاريع المطروحة المشروع الارثوذكسي". وأكد أن "لا أحد يمس بالشراكة الإسلامية ـ المسيحية لكن من حق المسيحي أن يختار نوابه، بدلاً من أن يختار له الصوت الشيعي أو السنّي في بعض المناطق". ولفت إلى أن "البطريرك الماروني مقتنع بأن الأنظمة هي مَن تحمي الأقليات"، متسائلاً: "ماذا لو توفي رئيس نظام وفاة طبيعية هل يجب أن يبقى المسيحي خائفاً من الموت؟ وهل يجب على المسيحي أن لا يشعر بأنه في وطنه ويبقى محاطاً في جو من الرعب والخوف؟". وشدّد على ان "الأنظمة الديموقراطية والقوانين وحدها هي مَن يحمي المسلم والمسيحي على السواء".

[ حزب "الكتائب" يؤيّد طرح اللقاء الارثوذكسي، لماذا؟ خصوصاً ان البعض يعتبر هذا الطرح يوصل المسيحيين إلى مزيد من التقوقع ويؤثر على الشراكة، وهي السمة الأساسية للبنان؟

ـ اليوم، حفاظاً على الشراكة وعلى لبنان المتنوّع بجناحيه المسلم والمسيحي، يجب على المسيحي أن يشعر بأنه يختار ممثليه، وحسن اختيار الممثلين في البرلمان لا يتعلق بالشراكة الوطنية وهذا أمر محسوم، والسؤال المطروح هل المسيحيون اليوم هم الذين يختارون ممثليهم في البرلمان؟ لا أحد يمس بالشراكة الإسلامية ـ المسيحية، لكن للمسيحي الحق أن يختار نوابه، فكما نعرف انه في مناطق معينة الصوت الشيعي هو الذي يختار النائب المسيحي ومناطق أخرى الصوت الدرزي هو الذي يختار، وهناك مناطق الصوت السنّي فيها يرجح ، فلا أحد يمس بالمناصفة أو بالعيش المشترك، ونحن ميالون إلى وحدة الرأي المسيحي حول مشروع قانون انتخابي يلائم كل اللبنانيين، ومن بين المشاريع المطروحة المشروع الارثوذكسي الذي قد يؤمن أفضل تمثيل مسيحي، أي يستطيع الصوت المسيحي أن يوصل ممثليه إلى الندوة البرلمانية.

ولا يمكن للمسيحيين أن يحيوا في لبنان ويعيشوا في أمان وهم في حالة تقوقع، المسيحيون هم رسالة انفتاح وبالتالي ينتشرون على كل الاراضي اللبنانية، وهم أساس في تركيبة الوطن. ونحن في "الكتائب" ميثاقيون بامتياز ومنذ 1943 حتى اليوم كل مواقفنا وشعاراتنا وتصرفاتنا تؤكد تمسكنا بالميثاق الوطني الاسلامي ـ المسيحي.

[ هل يحقق اقتراح النائب سامي الجميل التصويت الالكتروني، الشفافية المطلوبة، وما الهدف من ورائه؟

ـ طبعاً يحقق الشفافية المطلوبة لأن طريقة المصادقة على بعض القوانين والأنظمة طريقة غير سليمة وبالتالي لا نعرف مَن مع مَن ومَن ضد مَن. فهناك حالات عدة يرفع فيها النائب يده في الداخل وفي الخارج يتنكر. بينما التصويت الالكتروني هو الذي يشير الى موقف كل نائب ولا يستطيع أحد أن يسحب موقفه، ويجب أن يعتمد لبنان مثل هذا الاقتراح خصوصاً ان المجلس النيابي بعد ترميمه بمبالغ هائلة جُهِّز لهكذا نوع من التصويت لكنه لم يعمل به.

[ هل تعتبر كلام البطريرك الماروني عن الهواجس الكنسية في محله؟

ـ لا أدري ما هي المعطيات التي حملت البطريرك الماروني على هذه المواقف، فالمسيحيون كما العرب السنّة هم عرب، ونحن اليوم في أفضل حالات التحالف ما بين السنّة والمسيحيين، جمعتنا الشهادة وجمعنا الولاء للوطن وتجمعنا القضية، وبالتالي لا يستطيع الإنسان أن يحيا في وطن وهو يخاف من شريكه، ونحن شركاء أصيلون متجذرون في هذا الوطن لا نخاف من أحد ولا أحد يسعى الى اخافتنا، ونحن نؤكد على الميثاق الوطني الذي انبثق عنه لبنان والذي في أساسه وجد السنّي والمسيحي.

[ ما هي خلفية تأكيد البطريرك الماروني خلال القمة الروحية مواقفه الباريسية؟

ـ قد يكون البطريرك مقتنع أن الأنظمة تحمي الأقليات، وأتساءل: ماذا لو توفي رئيس نظام ما بمرض؟ هل يجب أن يبقى المسيحي في هذا البلد خائفاً حتى من الموت الطبيعي؟ وهل يجب على المسيحي أن لا يشعر بأنه في وطنه، ويبقى محاطاً بجو من الرعب والخوف ؟ نحن ضد هذا الشعار ، شعار الضعف ، ونحن أصيلون في انتمائنا الى هذا اللبنان، ولا لبنان من دون المسيحي القوي، ولا لبنان من دون المسلم القوي، والأنظمة تتغير في كل بلدان العالم لكن الشعوب هي التي تبقى.

[ البطريرك الماروني خائف على المسيحيين ومن حقه، فرأينا ماذا حل بهم في العراق ومصر؟ ألا ترون هواجسه في محلها؟

ـ ورأينا أيضاً ماذا حلّ بالشيعة والسنّة وفي كل الطوائف، فالشعب هو الذي يدفع الثمن في كل الدول العربية، بغض النظر عن الانتماء الطائفي، أيضاً الشيعة يُقتلون والسنّة أيضاً يُقتلون في العراق والقاهرة. نحن نبحث عن أنظمة ديموقراطية تحميها القوانين والأنظمة، عندئذ لا خوف لا على المسيحي ولا على المسلم.

[ كيف تنظرون إلى خطاب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، وهل تؤيدون طرحه؟

ـ إنه خطاب واقعي وينطبق على الواقع المسيحي ويعطي المسيحيين المعنويات الضرورية للصمود بدلا من زرع الخوف في قلوبهم

 

إبتعاد القادة الروحيين عن الكلام السياسي بحد ذاته رسالة إيجابية"

فتفت: ميقاتي تعامل في نيويورك مع السياسة الدولية لا اللبنانية وعتبنا على البطريرك أنه لم يلبّ دعوتنا إلى "الضنية" و"مجدليون"

رأى عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت أنّ القمة الروحية التي عقدت في دار الفتوى كانت "ذات أبعاد دينية في الدرجة الأولى وأتى انعقادها على مستوى التوجيهات المتعلقة بالإصرار على إظهار العيش المشترك والتقارب بين الديانات"، مشددًا على كونه "أمرًا إيجابيًا من جانب القادة الروحيين بحيث كانوا بعيدين عن الكلام السياسي وهذا ما يعكس بحد ذاته رسالة إيجابية".

فتفت، وفي حديث لموقع "NOW Lebanon" رأى في توقيت انعقاد القمة الروحية في دار الفتوى أنّ "البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أحبّ أن يوجّه رسالة معينة للطائفة السنية بعدما ظهر في الفترة الأخيرة وكأنّ هناك تباعداً بينه وبينها"، وأضاف ردًا على سؤال: "بصراحة هناك عتب على البطريرك الراعي، فقد وجهنا له دعوة لزيارة المناطق السنية في الضنيه لكنه لم يقم بذلك، وقد دُعي أيضاً إلى الغداء في دارة آل الحريري في مجدليون خلال زيارته صيدا إلا أنّ غبطته لم يلبّ هذه الدعوة"، إلا أنّ فتفت أعرب عن اعتقاده في المقابل بأنّ "البطريرك الراعي سيتجه إلى إصلاح هذه الأمور في غضون الأسابيع القليلة المقبلة".

وردًا على سؤال، أجاب فتفت: "البطريرك الراعي يبدو مصرًا على مواقفه بوصفها تعكس قناعاته، وأنا لا أستطيع أن أعتب عليه بفعل هذه القناعات، لكنني أيضًا مقتنع بأنّ الوجود المسيحي في الشرق إذا لم يكن وجودًا ديمقراطياً ووجود حريات فلن تعود له قيمة"، مشددًا في هذا السياق على أنّ "الوجود المسيحي في لبنان كان دائماً رسالة تقدم وانفتاح وحرية وديمقراطية".

على صعيد آخر، لاحظ فتفت من خلال المواقف التي أطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من نيويورك بأنّ ميقاتي "يتعامل مع السياسة الدولية لا مع السياسة اللبنانية"، وأعرب في هذا المجال عن خشيته من أن تكون المواقف التي أطلقها الرئيس ميقاتي أمام المجتمع الدولي "مقدمة ليقول بعدها إنه مع المحكمة الخاصة بلبنان إلا انه عجز عن القيام بأي شيء في سبيل تمويلها".

وعن دعوة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون الرئيس ميقاتي إلى تمويل المحكمة الخاصة بلبنان من أمواله الخاصة، لفت فتفت إلى أنّها "ليست المرة الأولى التي يطلق فيها عون تصريحات تخذل الرئيس ميقاتي"، وشدد فتفت في المقابل على أنه "لو فرضنا جدلاً أنّ الرئيس ميقاتي أقدم على تمويل المحكمة من أمواله الخاصة فإن خطوته هذه ستأخذ شكل التبرع ولن تغطي شيئاً من حصة الدولة اللبنانية في تمويل المحكمة وستبقى المسؤولية ملقاة في هذا الإطار على عاتق الخزينة اللبنانية، لأنّ هذا التمويل يشكل إلتزامًا على الدولة اللبنانية وبالتالي لن يصار إلى اعتباره مسددًا إلا إذا جرى تسديد هذا الإلتزام من أموال الخزينة العامة".

إلى ذلك، وتعليقًا على إعلان الرئيس ميقاتي في الولايات المتحدة الأميركية أنّ قرار إعفاء الإيرانيين من تأشيرات الدخول إلى لبنان إتخذ من قبل حكومة الرئيس سعد الحريري، قال فتفت: "أستغرب جداً أن يصدر مثل هذا التصريح من جانب الرئيس ميقاتي، بينما الجميع يعرفون أنّ حكومته هي التي أتاحت للإيرانيين دخول لبنان من دون تأشيرات مسبقة".

وفي معرض تقييمه ما صدر عن الرئيس ميقاتي في نيويورك من تصريحات وبيانات، رأى فتفت في ذلك "ما يوحي بأنّ هناك في مكان ما لغتين يتم التداول بهما"، مشددًا في الوقت عينه على أنه "أمر غير مستغرب لأنّ ذلك من عادات الرئيس ميقاتي".

 

نائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت: فشلوا بالباس النائب جنبلاط لباساً وسطياً . لاعطاء ميقاتي فرصة لاقران كلامه الملتزم بالمحكمة الى أفعال

القمة الروحية كانت فرصة لتوضيح البطريرك لرؤيته   

باتريسيا متّى

اعتبر نائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت أن "كلام الرئيس ميقاتي في مجلس الأمن ليس الا تأكيد على ما سبق وصرّح به لجهة التزامه بالقرارات الدولية بما فيها المحكمة الدولية والتعامل معها", لافتاً الى أنه "ينبغي اعطاء الرئيس ميقاتي فرصة لتحويل كلامه الى أفعال واقناع شركائه في الحكومة الرافضين لهذا المبدأ بوجهة نظره ".

الحوت رأى في حديث خاص أدلى به لموقع "14 آذار" الالكتروني أن "موضوع تمويل المحكمة سيمرّر من خارج الحكومة وفق صيغة المرسوم الوزاري من دون أن يكون سبباً يهدد صمود الحكومة لأن الأخيرة لم تنجز بعد كامل أهدافها المتعلقة بالواقع الاقليمي", مشيراً الى "أنها لن تسقط الا بقرار اقليمي مجاور كالذي أمر بتشكيلها"".

أما حول القمة الروحية التي عقدت في دار الفتوى، فقال الحوت: "من الواضح أن البطريرك قد شعر بعد تصريحه في باريس والمواقف التي تلت هذا التصريح بأنه انحاز أكثر من اللزوم الى فريق دون الآخر وكانت هذه القمة فرصة لتوضيح الرؤية", معتبراً "أن أي لقاء بين اللبنانيين وبين القيادات الروحية تحديداً مطلوب في هذه الفترة".

هذا ولفت الحوت الى أن "المطلوب اليوم هو أن يعيد غبطته لبكركي دورها الوطني الريادي الحاضن للجميع وليس الخائف على مصير المسيحيين خوفاً مغلوطاً انطلاقاً من معطيات مغلوطة توضع بين يديه عمداً للاصطياد بالماء العكر", لافتاً الى أن "الطائفة المسيحية كانت مهمشة تماماً في ظلّ النظام السوري الحالي ونظام حسني مبارك المصري".

واذ أكدّ أن موقع المسيحيين الحقيقي هو مع شعوبهم، رأى أن "بعض المصطادين بالماء العكر يحاولون جعل المسيحيين وقوداً لمعركة الأنظمة فوضعوا بين يدي غبطة البطريرك معلومات خاطئة بنى على أساسها موقفه", موضحاً أن "الحركات الاسلامية في المنطقة هي ضمانة من الضمانات لأنها جزء من الشعوب".

وتابع: "وحدها المواطنة تسمح لكلّ فئات المجتمع المسيحية و الاسلامية بلعب دورها الطبيعي بتساو وشراكة كاملة".

الى ذلك، تمنى الحوت على قيادة حزب الله توضيح الموقف الذي اعتبر فيه مصدر من الحزب أن السلاح يحمي العيش المشترك، اذ لا يمكن لأي سلاح مهما كان دوره وموقعه أن يكون ضمانة للعيش المشترك انما يجب أن يقتصر دوره على حماية الوطن من أي اعتداء خارجي", معتبراً أن "التفاهم على رؤية البلد والشعور بالمواطنية وتنمية المؤسسات لخدمة المواطنين هي التي تؤمن العيش المشترك".

أما حول موقف النائب وليد جنبلاط الذي ردّ على تساؤلاً تغيير مواقفه بشكل دائم بتوجيه السلاح الى رأسه، فلفت الحوت الى أن "الجميع فشل بإلباس النائب جنبلاط لباساً وسطياً منذ انعطافه وتموضعه بشكل جديد لأن انقلابه ليس الا نتيجة 7 أيار والقمصان السود وتهديد الطائفة الدرزية على أنها طائفة أقلية يمكن محوها من الوجود بسهولة".

وأضاف: "بات واضحاً اليوم أن كلّ التهديدات لم تعد تجدي نفعاً لأن الشعوب قادرة على حماية نفسها بنفسها", لافتاً الى "أن النائب جنبلاط معذور لجهة ما قام به من وجهة نظر حماية طائفته في لحظة تهديد شعر أنه غير قادر على مواجهتها وها هو اليوم يستعيد قوته من خلال موقف الشعوب البطولي الرافض للقمع والظلم والاستبداد ".

وختم الحوت: "لطالما سعت الأنظمة الظالمة للإستمرار على حساب الأقليات الدرزية والمسيحية وغيرها من خلال اجبارها على مواقف داعمة لها الا أن هذه الاستراتيجية الظالمة أثبتت فشلها الآن وتحرّرت كل الشعوب والقوى السياسة والطوائف من الضغط وباتت قادرة على اتخاذ مواقفها بحرية واستقلالية تامة".

*موقع 14 آذار

 

الانقلاب: البطرك بعد الأمير والسلطان؟ 

الترحيب المبالغ به غالبا ما ينقلب الى نبذ مبالغ به عند اي منعطف سياسي. - لم يصل الاعتداد والخيبة بعد الى المطالبة باعادة قيمة المساهمة القطرية الى اصحابها 

علي الأمين/صدى البلد

أثار لدي الخطأ التقني الذي جرى في القمة الروحية بدار الفتوى، ونقل كلام البطريرك بشارة الراعي على إذاعة "القرآن الكريم" وفيه إفصاح عن رغبته بنزع سلاح "حزب الله"، أثار لديّ السؤال التالي: هل يمكن أن ينال بطريرك الموارنة في لبنان وسائر المشرق ما نال أمير دولة قطر ومحطة الجزيرة الفضائية والرئيس التركي رجب طيب أردوغان؟

الجواب سيظهر قريبا. لكن بالطبع أظهر الخطأ الإذاعي ان البطريرك بشارة الراعي مقتنع بضرورة معالجة سلاح حزب الله وانه طالب الفرنسيين بنزع الذرائع لوجوده دوليا، والمهم ان الراعي بدا امام اقرانه من رجال الدين المسيحيين والمسلمين، وهو يخاطبهم وكأنهم جميعا يخالفون ما ذهب اليه من قول في بلاد "الام الحنون".

ليس المقصود من السؤال او التساؤل الآنف الانتقاص من مواقف الراعي او من صدقيتها. التساؤل مرده الى البهجة او الترحيب المبالغ به الذي غالبا ما ينقلب الى نبذ مبالغ به عند اي منعطف سياسي.

فقطر التي لم تنفِ يوما أن على اراضيها تجثم "سيسيليا"، اكبر قواعد القوات الأميركية العسكرية في الخليج، ولم يظهر اي مسؤول فيها تنصلا من العلاقات مع العدو الاسرائيلي، لم يمنع كل ذلك من ان تتلى القصائد وترفع اقواس النصر على امتداد الجنوب ترحيبا باميرها وان يتنافس نواب الجنوب ورموزه في السلطة على كيل المديح بين يدي الامير.

طبعا كان ذلك عربون شكر على مساهمة قطر في اعمار الجنوب، ولكن ما لبث ان انقلب الحال ليتحول الامير ودولته الى عدوّ شرّير... كلّ ذلك بسبب الموقف القطري من الثورة السورية. وهو ما ساهم بسرعة البرق الى تحول محطة الجزيرة المقاومة الى "خنزيرة" بعدما كانت "قناة المقاومة. وبدأ التسابق على نزع اللوحات التي كان جرى الاحتفاء بوضع كل منها تكريما للمساهمة القطرية في بناء المراكز الدينية في الجنوب. بالتأكيد من دون ان تصل النخوة والاعتداد بالكرامة الى حد المطالبة باعادة قيمة المساهمة القطرية الى اصحابها كتعبير صادق عن الصدمة والخيبة!

الى المشهد القطري في جبل عامل، ثمة مشهد مماثل ل"الطيب" الطيب اردوغان، فرئيس وزراء تركيا ليس افضل حالا في بلاد المقاومة والتحرير... وما ناله من وصف وتبجيل بعد موقعة "اسطول الحرية" لفك الحصار عن غزة قبل عامين، عاد وتحول بسرعة البرق الى "نموذج عثماني مقيت"، حتى قيل إنّ رجاله يكرهون العرب ويستبيحون اعراض اللاجئين السوريين في تركيا، على ما يردد البعض ممن اعلى من شأن الدور التركي ومنظومة الهلال الشيعي، تلك التي أدخلت فيها تركيا عنوة وتحت تأثير المشاعر المنفلتة.

نتمنى بصدق الا ينال الراعي ما نال قطر وتركيا، التمني هدفه ضبط المشاعر في البيئة السياسية الشيعية وعدم رسم السياسات على ايقاع رد الفعل. لأن من دلالات هذه السياسات هوالمزيد من تحول الشيعية السياسية الى مشروع اكثر تخلفا من المارونية السياسية. فجاذبية هذا المشروع او مؤشراته مفتقدة، ويكتسب حضوره بقوة النبذ والخوف والانتهازية وليست الطوعية معيار الترحيب المحدود بها اسوة بالعديد من الانظمة العربية القائمة بقوة السلطة المالية والامنية. وصار جليا، من خلال ما اظهرته وثائق ويكيليكس، استحالة ان تجد طرفا سياسيا لبنانيا يبدي تقبلا او رضى عن المنظومة التي تتربع على رأس هذا المشروع وتقوده، ان لم نقل اكثر من ذلك... والحقيقة هناك.

في المشهد الاخير، الفاضح لأزمة هذا المشروع السياسي، إنكشاف للعلاقة العضوية والمشبوهة مع البنية الامنية والسياسية والثقافية للنظام السوري. بحيث باتت اسيرة الدفاع عن الاستبداد والانزواء في كهف المخاوف الاقلوية. وكما ان تاريخ المقاومة لدى البعض يبدأ حين ولد حزب الله سياسيا، ثمة انزياح لهذه العقلية الى القول ان العلاقة اللبنانية السورية بدأت مع نظام آل الاسد فقط. وهذا ما يفسر وجود عشرات الانصاب والمراكز والشوارع في بلادنا المسماة باسم "الاسد".

كأن لا يوجد في سورية سوى الاسد مما يعتز به ويستحق الثناء. لا مفكر ولا شاعر ولا عالم ولا سياسي حكيم ولا شعب ولا نموذج يحتذى غير الاسد! وثمة من يعتقد ان هذه العقلية وهذا النموذج ليسا قابلين للاستمرار بغير تأبيد الخواء السياسي والفكري والاجتماعي. خواء يعبر عن نفسه في ازدراء المنتفضين من كرام السوريين على سلطة الاستبداد، وفي التزاحم الفارغ على استقبال البطريرك الراعي بحثا عن صورة مع "إمام البطاركة"، صورة لن تلبث ان تقلب على عاقبتها كما اصاب صورتي الامير والسلطان.

 

لبنان: دولة دينية بامتياز

بقلم إيلي نصرالله/النهار

التاريخ هو القاضي العادل والأبدي. التاريخ – ليس أي معيار آخر- هو الذي يغربل ويفرّد حصيدة الأيام والتجارب ومتاهات الانسانية.

حكم التاريخ نهائي وساطع لكل ذي بصيرة وآذان: لم تعرف البشرية حتى الآن أي نجاح أو بقاء لأي دولة، أو كيان إجتماعي، أو أمة دينية (Theocracy) في كل العهود والعصور.

ولبنان – والحقيقة يجب ان تقال وان كانت جارحة جداً – لا يمكن وصفه إلا بأنه كيان/دولة دينية بامتياز لا مثيل له في العالم.

عودة الى التاريخ لانه ينبوع الاثباتات والأدلة. ففي سنة 1870 كتب العلامة وليم م. ثومسن كتابه التاريخي "الارض والكتاب" حيث شرح فيه بعد دراسة عميقة وعملية لأرض لبنان التي كان يومها يقطنها فقط حوالي 450.000 شخص، قال: "ان الديانات والطوائف المختلفة تعيش مع بعضها البعض عن كثب وتمارس طقوسها وشرائعها ولكنها لا تنصهر فعلاً في مجموعة موحدة أو متكاملة أبداً، ولا هم يودون الأنس والمحبة لبعضهم البعض. فالسنة يرفضون الشيعة وكلتا المجموعتين تكرهان الدروز. الموارنة لا يحبون اي طائفة أخرى وهم في المقابل مكروهون من الجميع. والارثوذكس اليونانيون لا يحتملون الكاثوليك والانجليين، وكلهم يحتقرون اليهود".

هذا كله يؤدي الى استحالة وجود أرضية للاتحاد الوطني وبناء دولة قوية بل الى الضعف والتقاتل والمتاجرة والتعامل مع الغرباء للاستقواء على الجيران والغزو الخارجي والاحتلالات المستمرة والقهر والعبودية. هكذا كان لبنان، وهكذا هو اليوم!

يختلفون على السموات - ولو خيالية - ويخسرون الارض وهي واقعية! لماذا هذا العذاب المستمر؟ لأن أمور الدين وأمور الدنيا لا تمتزج، وإذا امتزجت تولد كياناً كلبنان، إسم بدون مسمى ! أو كما وصفها الكاتب راجح الخوري "دولة المشاع اللبنانية" - النهار 27/07/2011.

الزعيم الدرزي وليد جنبلاط يرددها باستمرار حيث يقول علناً: "ان لبنان ليس دولة بل مجموعة قبائل وطوائف لا أكثر ولا أقل". ورؤساء الطوائف يشرحون هذا الجسد السياسي اللبناني ليلاً نهاراً. فاعتبر مثالاً الآتي:

ĥ  البطريرك الماروني بشارة الراعي يخوض منازلات سياسية من فرنسا وأوروبا وكل مدن الارض. يعطي فتوى من هنا وفتوى من هناك عن تغيير الانظمة في العالم العربي، واستراتيجية الدفاع ومن يحق له التسلح وكيف والى متى، وأي نظام أفضل للمسيحيين أو المسلمين وعن سياسات الدول وكل شاردة وواردة. والسؤال المطروح هو: من أين لك هذا؟ وما هي حدود المجد السياسي والمجد الديني ؟ وأين هو رئيس الجمهورية ميشال سليمان وكيف يمكن أن يشعر حين يرى أن رجال الدين يتحدثون بالسياسة وكأنهم رؤساء الرؤساء!!

ĥ والرؤساء الروحيون للسنة والشيعة يمارسون هذا النمط من التدخل السياسي في كل وقت يحين لهم فيه الدخول الى الحلبة السياسية. لقد تعود الناس - والعادة طبيعة ثانية - ان يروا ويسموا الراعي وقبلان وقباني وغيرهم على شاشات التلفزيون والاذاعات وكأنهم حكام البلد الحقيقيون. (لم يحصل مرة واحدة منذ وجودي في كندا منذ 30 سنة ان رأيت رجل دين يتحدث بالسياسة على أجهزة الاعلام!) ماذا العمل وكيف الخلاص من هذا الكابوس والمأزق التاريخي؟! الحل بسيط ومستحيل في آن واحد في شرقنا الممزق والمريض وهو: "فصل أمور الدين عن أمور الدولة". يقولها أدونيس باستمرار عكس غالبية المثقفين في العالم العربي الأوسع والذين يعانون من البطالة الفكرية في أجواء لا يمكن وصفها الا بالاستثنائية التاريخية حيث امكانية النهضة توجب على الانتيلجنسيا (النخبة المثقفة) ان تكون على مستوى التحدي الحاضر والخطير!...

ĥ المؤسسات المدنية لا حول لها ولا قوة في الوضع الراهن لكنها هي خريطة الخلاص في أي مستقبل بعيد عن العسكر والدين!

ĥ من أهم ما نشر عن موضوع فصل الدين عن الدولة ودحر فكرة الدولة الدينية هو ما كتبه كريستوفر هتشن يوماً: "ان الدولة المدنية هي الضمان الوحيد للتعددية الدينية. هذا التعارض الواضح هو اشرف وأسهل حقيقة سياسية يمكن اكتشافها".

ĥ الصراحة مرغوبة ومطلوبة دائماً وأبداً. كلما ذهبت الى لبنان اكتشف سنة بعد أخرى ان معظم اللبنانيين لا يفكرون بأنفسهم. لقد وكلوا هذه المسألة الى الزعامات السياسية ورجال الدين - ليس هناك نساء الدين - لا أدري لماذا؟! بحثت بجدية عن الاسباب الداعية لتأجير التفكير الفردي المستقل فوجدت الجواب عند اليكسي دو توكفيل وهو من عمالقة المفكرين العالميين. كتب هذا الرجل العظيم قائلا: "الانظمة الاستبدادية المطلقة في السيطرة على المجتمع تؤمن للفرد الأمن ووسيلة الحصول على المعيشة، تنظم للمواطن الحاجات الضرورية بحماية الممتلكات والوراثة والاقتصاد ونسبة محدودة من السعادة والهناء الذاتي. ومقابل كل هذا تسلب منه مهنة التفكير والعيش الحر الأصيل".

"التوق الى الحرية... من العسكر والدين". هذا كان عنواناً لمقال تاريخي للاستاذ العملاق غسان تويني في "النهار" منذ سنوات. الدولة العسكرية - الديكتاتورية سقطت وتسقط في العالم العربي والعالم والدولة الدينية لها طبعاً المصير نفسه. والمطلوب من المثقفين العرب الآن هو بناء البديل.

البديل هو المؤسسات المدنية والمجتمع المدني المستقل بعيداً عن العسكر والدين. من الواجب البداية للبناء اليوم وليس غداً!...

(مستشار قانوني وكاتب - كندا)      

 

لا جدوى من العودة إلى طاولة الحوار ما لم يوافق "حزب الله" على البحث في سلاحه

اميل خوري/النهار 

الجنوب الذي كان بداية تفكك الدولة اللبنانية بفعل سيطرة الدويلات عليه هل يكون بداية عودة الدولة بعد جولة البطريرك الراعي واستقباله استقبالا منقطع النظير وهو يرفع شعار "شركة ومحبة" تعزيزا للعيش معا وترسيخا للوحدة الوطنية، وبعد البيان الذي اصدره امس مجلس المطارنة الموارنة؟

الجواب عن هذا السؤال هو عند حزب الله، اولا لانه الحزب الذي يملك السلاح الذي لم يكن سبب خلاف بين اللبنانيين عندما كان لمقاومة اسرائيل، لكنه اصبح كذلك عندما ارتد الى الداخل وانخرط في اللعبة السياسية ليرجح كفة فئة على فئة، تماما كما حصل خلاف بين اللبنانيين حول السلاح الفلسطيني في لبنان عندما تحول الى الداخل ولم يتم التوصل الى ضبطه حتى بعد توقيع "اتفاق القاهرة" ظنا بأن هذا الاتفاق قد يحافظ على البقية الباقية من سلطة الدولة اذا حصر نشاطه في المنطقة الحدودية مع اسرائيل.

الواقع ان المشكلة مع الدولة وبين اللبنانيين كانت دائما مع حملة السلاح خارج سلطتها، ولم يكن في الامكان اقامة الدولة القوية القادرة مع وجود هذا السلاح. فعندما انتخب الياس الهراوي رئيسا للجمهورية وتصدى له العماد ميشال عون، الذي كان رئيسا لحكومة انتقالية، صار تخييره بين القبول بالسلطة الجديدة المنتخبة او مواجهة ضربة عسكرية سورية لان البلاد لا تتحمل وجود سلطتين، فكانت تلك الضربة التي اخرجته من قصر بعبدا وجعلته يلجأ الى السفارة الفرنسية ومنها منفيا الى باريس. وعندما اقر "اتفاق الطائف" لوقف الاقتتال بين اللبنانيين كان حل الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية وتسليم اسلحتها بداية اقامة الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها بواسطة قواتها الذاتية. لكن هذه الدولة لم تستطيع ذلك لان التنظيمات الفلسطينية ظلت محتفظة بأسلحتها بحجة التصدي لاسرائيل وحماية نفسها من اي اعتداء... فكان هذا سببا لبقاء الجيش السوري في لبنان لحماية الدولة اللبنانية الضعيفة واعتبر بقاؤه "شرعيا وضروريا وموقتا"... وظلت الدولة ضعيفة حتى بعد انسحاب هذا الجيش من لبنان لانها واجهت مشكلة سلاح "حزب الله" لمقاومة اسرائيل، خصوصا بعدما نجح في تحرير جزء كبير من اراضي الجنوب التي احتلتها اسرائيل، فبات هذا السلاح مقدسا في عيون غالبية اللبنانيين. لكن عندما صدر القرار 1701 وباتت قوات "اليونيفيل" والجيش اللبناني مسؤولة عن حفظ الامن في المنطقة الحدودية مع اسرائيل وتوقفت العمليات العسكرية، لم يعد لهذا السلاح وظيفة على الحدود ومع اسرائيل في نظر فئة كبيرة من اللبنانيين، وبات مطلوبا من الحزب تحديد وظيفة اخرى له على طاولة الحوار، فكان البحث عبثيا حال دون التوصل الى اتفاق على الاستراتيجية الدفاعية التي تعطي لسلاح المقاومة دورا. وقد اختلفت آراء المتحاورين، فمنهم من اصر على ان يبقى سلاح "حزب الله" قوة دعم ومساندة للجيش اللبناني عند مواجهة عدوان اسرائيلي، ومنهم من اصر على ان تكون الامرة على هذه السلاح للسلطة اللبنانية التي تملك وحدها بموجب الدستور حق اتخاذ قرار الحرب والسلم، وان يوضع في تصرف الجيش اللبناني وهو جيش وطني يثق به الجميع، وهو الذي يعرف من يكون في حاجة الى استخدام هذا السلاح فيطلب ذلك. وتوقف الحوار عند هذه النقطة التي لا يزال التفاهم حولها صعبا إن لم يكن مستحيلا.

وبما ان الحوار هو السبيل الى هذا التفاهم، فإن الرئيس ميشال سليمان سعى ويسعى الى معاودته، والرئيس نبيه بري والبطريرك الراعي دعوا للعودة اليه ايضا. لكن الخلاف ليس على الحوار من حيث المبدأ انما على موضوعه كي لا يظل يدور في حلقة مفرغة.

لقد رحب جميع اللبنانيين بشعار البطريرك الراعي "شركة ومحبة"، ولكن السؤال: كيف يترجم هذا الشعار؟ وهل يثير خلافا جديدا بين اللبنانيين حول مفهومه؟

إن الشركة الحقيقية هي التي تساوي بين جميع مكوناتها، وهي التي تكون عادلة في احكامها وقراراتها بين الجميع، وهذا لا يتحقق إلا بالمحبة وليس بالعداء والكراهية. فأين هي هذه المحبة لكي تحقق الشركة الحقيقية، فتصبح قرارا ولا تظل شعارا؟ وهي شركة لا تتحقق بالخطب الرنانة ولا بالعواطف الجياشة التي تذهب مع ذهاب المناسبة.

يقول وزير سابق إن قرار قيام الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل اراضيها وعلى تحقيق "الشركة والمحبة" بين اللبنانيين هو في يد "حزب الله" اولا، لأن من يملك السلاح يملك القرار، ومن كان يملك في الماضي هذا القرار هي الميليشيات قبل حلها وتسليم اسلحتها الى الدولة، لكن الوصاية السورية لم تنفذ ذلك كاملا لغاية في نفسها. فهل الحزب مستعد لأن يتخذ القرار الجريء في ما يتعلق بسلاحه ليس كرمى لأحد بل كرمى للدولة ولمستقبل لبنان، ام انه ينتظر تبريرا للاحتفاظ به وجوب تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء من قرية الغجر، مع ان في سوريا دولة وجولانها غير محرر؟

اذاً الجواب هو عند "حزب الله"، وهو الذي يقرر العودة الى طاولة الحوار للبحث في سلاحه او يرفض هذه العودة لانه يصر على ان يبقى هذا السلاح خارج البحث والتداول.

 

 تقديرات ترجح تساهل "حزب الله"

الحكومة بلغت اللارجوع في تمويل المحكمة

روزانا بومنصف/النهار  

بات من الصعب بالنسبة الى لبنان الرسمي وفق مصادر ديبلوماسية اجنبية معتمدة في بيروت ان تنأى الحكومة بنفسها عن تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان انطلاقاً من ان نقطة الارتكاز الوحيدة التي بدت بارزة في زيارة كل من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى نيويورك هي التزام القرارات الدولية وجوهرها موضوع المحكمة. فهذه التأكيدات التي أتت على خلفية تزخيم الحضور الدولي للبنان في مناسبة رئاسته الدورية لمجلس الأمن باتت تحشر رئيس الحكومة بشكل خاص باعتبار ان البديل من عدم تمويل الحكومة هو ان يضطر الرئيس ميقاتي الى الاستقالة في حال اتفق افرقاء قوى 8 آذار على موقف رافض لتمويل المحكمة وفق ما أعلن تكراراً رئيس "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون، في حين يستمر حليفه "حزب الله" ملتزماً الصمت الكلي حول هذا الموضوع تاركاً المجال أمام تكهنات سياسية عدة. ذلك ان الرئيس ميقاتي ذهب بعيداً في تأكيد التزامه على هذا الصعيد واعلن موقفه الملتزم تمويل المحكمة في باريس وكرره أمام مجلس الامن بحيث يصعب ان يكون موقفه ازاء رفض القوى المشاركة في الحكومة اقل من الاستقالة . كما ان اللقاء الذي جمع الرئيس ميقاتي مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة قبل ايام قليلة أسفر عن اعتبارها موضوع تمويل المحكمة من الحكومة اللبنانية أمراً مفروغاً منه ومسلماً به وفق ما نقلت مصادر ديبلوماسية اتيح لها معرفة ما حصل في اللقاء الذي كان "ودياً وصريحاً" وحمل موقفاً قاسياً من سوريا الى جانب تأكيد عمل الولايات المتحدة على تجنيب لبنان اثار العقوبات المفروضة على سوريا خصوصاً في ما يتصل بقطاعه المصرفي على ان يلتزم لبنان ان يكون أقل انحيازاً الى سوريا.

 وتتضافر مجموعة معطيات لدى مصادر ديبلوماسية عدة تفيد بان "حزب الله" ليس في وارد ان يعارض تمويل المحكمة او يمنع ذلك من دون ان يعني ذلك عدم اعتراضه او المجاهرة بموافقته. وبحسب هذه المصادر فان اداءه على هذا الصعيد سيكون على غير ما يقوم بذلك زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون الذي طالب الرئيس ميقاتي بأن يقوم بتمويل المحكمة من أمواله الخاصة علماً ان مراقبين كثراً يرون ان هذه المواقف تصب في خانة دعم الرئيس ميقاتي وليس انتقاده بمعنى تعزيز موقعه في مقابل زعامة الرئيس سعد الحريري لطائفته خصوصا ان رئيس الحكومة سيذهب الى تمويل المحكمة على رغم هذه المعارضة من عون واتفاقه مع الحزب في هذا الاطار هو الاساس . وبحسب بعض هذه المصادر ممن يلتقي بعضها مع مسؤولين في الحزب فان هذا الاخير سيسهل تمويل المحكمة ولن يضع عراقيل في وجهها تاركا الباب مفتوحا لاحتمال معارضة التمديد للمحكمة في اذار المقبل على رغم انه قرار يعود للامين العام للامم المتحدة بان كي مون مع استشارة الحكومة اللبنانية . وتقول مصادر ديبلوماسية اخرى  ان " حزب الله" لن يعارض هذه المسألة على رغم موقفه المعروف من المحكمة ، وقد تنبهت  هذه المصادر لموضوع الشعار الذي رفعه الرئيس ميقاتي في نيويورك ومفاده ان عدم تمويل المحكمة يخدم اسرائيل في ما قد يساعد على التمهيد لمخرج الموافقة الضمنية او عدم معارضة الحزب التمويل او رفض تأمينه . اي ان هذا المخرج وسواه من الكلام المماثل قد يتم تسويقه في المرحلة المسقبلية القريبة من اجل عدم احراج الحزب امام جمهوره. وترى هذه المصادر ان موضوع المحكمة وتمويلها بات من الأمور الثانوية بالنسبة الى الحزب لعدم رغبته في ان تتعرض الحكومة لأي تشويش بما يهدّد مصيرها او قدرتها على الاستمرار. إذ ان سيطرته على الدولة وقرارها ومفاصلها الرئيسية وفق ما تقول هذه المصادر يعتبر أمراً أهم بكثير بالنسبة اليه من المحكمة أيّاً تكن الاتهامات التي تلحق بعناصر منه خصوصاً انه قال كلمته لجهة عدم امكان الوصول الى هذه العناصرمن أي جهة محلية او دولية. وهو سيسعى بكل قوته للمحافظة على مكتسباته في السلطة وعدم تضييعها اذا أمكنه ذلك ومن ضمن هذا الاطار عدم ممانعته تمويل المحكمة خصوصاً اذا امكنه المحافظة على هذه المكتسبات وتعزيزها من دون ان تهتز حتى تركيزها وفق ما يسعى في الانتخابات النيابية المقبلة في سنة 2013. وبحسب هذه المصادر فان موضوع التمويل سيحاول الحزب توظيفه سياسياً في مرحلة لاحقة بما يصب في مصلحته او خانة اشاعة انه يتصرف بمنطق الدولة من خلال سيطرته على قرار الدولة اللبنانية وليس بمنطق الميليشيا او التنظيم الحزبي الطائفي في اطار تذليل الاعتراضات الدولية على وضع يده على سلطة القرار.  فالحزب ووفق هذه المصادر لا يسقط من اعتباراته احتمال انتهاء النظام السوري الحالي والتداعيات المحتملة عليه في شكل خاص بمعنى انه قد يكون يعد العدّة لتحوله الحزب السياسي الأقوى وتحضير نفسه لذلك مع ما يعنيه ذلك من احتمالات تطاول سلاحه.

 

القمّة الروحية مداورة مرّة في كل دار

هل تتناغم العناوين الوطنيّة كليّاً مع الواقع؟

سمير منصور/النهار      

ربما يكون على حق من يقول إن القمة الروحية التي عقدت امس في دار الفتوى لم تحمل جديدا. ولكنها على مر السنين ومنذ عام 1975، كانت ولا تزال تشكل مظلة معنوية ودافعا في اتجاه تعزيز الحوار وتمتين الوحدة الوطنيّة الداخليّة وما تسميه بيانات القمم الروحية، العيش الوطني المشترك، والبلاد تعيش مرحلة تبدو فيها الحاجة ملحة الى عمل حقيقي في هذا الاتجاه. وفي رأي مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني ان هذه القمة "جاءت في التوقيت المناسب"، وان "جوا من التفاهم التام سادها ولم تكن هناك أي نقاط خلاف"، وهو على حق، فاللبنانيون لا يختلفون مع العناوين الوطنية الكبرى والعامة، واما الخلاف فيكمن في التفاصيل، والحديث عن دولة قادرة وعادلة، وعن العيش الوطني المشترك وما شابه من عناوين وطنية مهمة يحتاج الى الكثير من الحوار والتفاهم والتوضيح، بمعنى السعي الى التوصل الى مفهوم واحد للدولة التي يطمح الى قيامها الجميع، وبكل ما تعنيه من قانون ودستور وعدالة واطمئنان وامان للجميع دون استثناء.

وخلافا للجو الوطني الذي ساد القمة الروحية امس، فإن جوا طائفيا مسموما يسود البلاد ويتزايد يوما بعد يوم، ولم يعد كثيرون من اهل السياسة وامرائها يتحدثون عن وطن، بل عن طوائف ومذاهب في وطن غالبا ما يطمحون الى تفصيله على قياسهم وبما يتلاءم مع طموحاتهم الشخصية والفئوية.

ولم يكن مستغربا ان يشير البيان الاسبوعي لـ"منبر الوحدة الوطنية" والذي يكتبه الرئيس سليم الحص، الى هذا الواقع غير المستجد، ولكن "النافر" اكثر من اي وقت، وقد لفت الى ان "الساحة السياسية تحفل بالكلام الطائفي وآخر المتحدثين بهذه اللغة كان احد الاقطاب السياسيين الذي شدد تكرارا على عبارة نحن المسيحيين"!

واذا كانت وثيقة التفاهم التي وقعت قبل خمس سنوات ونيف بين الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون قد شكلت عنوانا اساسيا وجديا في سياق المصالحات، اقله في العقد الاخير، فإن هذا التفاهم على اهميته وجديته، لم يحل دون استمرار الكلام الطائفي في بعض الاوساط المعنية به مباشرة، وكانه بدا لبعضهم ان التفاهمات تبرم لحماية الكانتونات ومناطق النفوذ. وخير دليل السجال المستمر، مرة على التملك وشراء الاراضي، ومرات على مطالبة بعض الساسة بانتخاب النواب من طوائفهم حصرا. وقد شكل السجال الاخير على عمليات بيع وشراء بعض الاراضي في بعض المناطق، وآخرها منطقة الوروار في بلدة الحدت، مثلا صارخا عما آلت اليه السجالات السياسية وحال القلق في لبنان. ومع كل الحرص على ضرورة احترام الخصوصيات والتنوع، وتفهم قلق الناس، فليس من السهل على العقل استيعاب المنطق الطائفي والمذهبي السائد عند بعض المسيحيين والمسلمين انطلاقا من مفهوم "لا يستحون" فيه، وخلاصته ان اسوأ زبون مسيحي لشراء ارض في منطقة مسيحية هو افضل من اي زبون مسلم. واسوأ زبون مسلم لشراء ارض في منطقة اسلامية هو افضل من اي زبون مسيحي! هكذا يبدو الواقع وفق منطق هؤلاء، والعمل به يستلزم "فرزا" رسميا بحيث يعرف "الزبائن" على اختلافهم في اي ارض يبيعون ويشترون، وان يكن عليهم في الوقت نفسه عدم الدخول في صفقات مثيرة للشبهات...

ومن المؤكد ان القلق يبقى مشروعا لدى حصول صفقات مريبة أو في حال ممارسة سياسة الترغيب او الترهيب، او يكون الهدف منها احداث تغيير ديموغرافي على المدى البعيد في بعض المناطق. ولعل مجرد وجود مثل هذا الشعور، هو بالتأكيد ليس دليل عافية في بلد يتشدق سياسيوه يوميا بالتمسك بوحدته ارضا وشعبا ومؤسسات ويتلون يوميا قصائد الغزل بتفاهمات وبحبهم اللامحدود لبعضهم البعض، وهؤلاء هم آخر من يحق لهم التحدث في المنطق الطائفي والذي تبثه لهم وسائل الاعلام على اختلافها مع كل انواع "غسيله" وعلى الفضائيات! وامام هذا الواقع، وهو ليس حصرا في منطقة معينة، بل من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب مرورا بالجبل والعاصمة، يعود مرجع سياسي بالذاكرة الى ايام الحروب وخطوط التماس قائلا: “ما اشبه اليوم بالبارحة! عندما كان الانقسام طائفيا وفئويا كان المنطق السائد ان اسوأ فرد من هذه الطائفة، هو اقرب الى اهلها من افضل ما عند الطوائف الاخرى"، ويسأل: "اهكذا تبنى الاوطان وبهذا المنطق؟". وفي رأي الرئيس سليم الحص ان لا مبالغة في "افتقاد" الكلام عن انسان وعن مواطن لبناني، فالحديث عن مسلم ومسيحي يتصاعد يوميا. ومن هنا اهمية التوصل الى فهم مشترك للشعارات التي يلتقي حولها السياسيون وينادون بها والا يفهمها كل على هواه ووفق طموحاته الفئوية والشخصية.

ولئن يكن تسليط الضوء على هذا الواقع قد فرضته السجالات الطائفية الاخيرة، فإنه من المفيد ان يكون موضع عناية من الذين يطمحون فعلا الى بناء دولة تحترم انسانها وتحميه، ولا بأس ان تشكل القمم الروحية، والتي اتفق في قمة  امس ان تعقد مداورة مرة في كل مقر روحي، مظلة معنوية لهذا الطموح!

 

 

نظام الأسد: مراسم الدفن

حسين شبكشي/الشرق الأوسط

يبدو أن النظام السوري بدأ يدرك أن أبواب الخيارات قد أغلقت أمامه، وأن بقاءه على رأس السلطة مسألة مستحيلة، فبدأ خطط مرحلة الخروج النهائي. ولعل أبرز ملامح هذه الخطة هي تأجيج غضب الناس، وخصوصا الذراع الاقتصادي للشعب، على الثورة والثوار، وهو ما حصل حين قامت السلطة السورية بمنع الاستيراد ورفع أسعار المواد النفطية بشكل خيالي، مما بات يسبب الضرر على المصالح، وأدى إلى أن يرفع تجار حلب وثيقة احتجاجية واعتراضية للدولة (وهي سابقة خطيرة ولافتة، لأن تجار حلب كانوا دوما محسوبين ومؤيدين للنظام بشكل كبير)، كما يواصل النظام استخدام اللعب على الطائفية بامتياز، فهو يوظف Ğالمسيحيينğ لصالحه بشكل خبيث؛ لأن تحركات الجيش الوحشية بحق الشعب والثوار توجه من قبل وزير الدفاع Ğالمسيحيğ، وكذلك يوظف الطائفة العلوية بشكل مهم، كما حصل في Ğاختطافğ المنشق الأول حسين هرموش، الذي خطف بعد تخديره من قبل عناصر استخباراتية تركية تنتمي إلى الطائفة العلوية، وهو الأمر الذي تسبب في إحراج شديد للسلطة التركية. كذلك حرك النظام السوري الورقة الكردية المحسوبة على حزب العمال الكردي المعارض، الذي يتزعمه عبد الله أوجلان، وهو كردي ولكنه ينتمي للطائفة العلوية، وتم توظيفهم لأعمال إرهابية داخل الأراضي التركية. ويبدو لافتا، ولكن مهما، اختيار النظام السوري مناطق حمص وحماه والبوكمال وجسر الشغور والرستن والصنمين لدكها بقوة، كما هو حاصل الآن، وبالنظر بتمعن ودقة إلى الخارطة السورية نرى أن الدك والقصف من قبل النظام السوري بكل قوة وضراوة، أدى إلى تهجير أعداد مهولة من سكان المناطق هذه إلى أماكن أخرى داخل وخارج سوريا، وسوف يؤدي إلى خط متكامل يربط لواء إسكندرونة في تركيا (ذا الغالبية العلوية) مرورا ووصولا إلى الساحل وجباله، المتمركزة فيه الطائفة العلوية في سوريا نفسها، وقد يصل إلى طرابلس لبنان وفي جبل محسر، فيها الحي ذو الوجود العلوي المعروف.

النظام يعتقد أنه في حالة خسارته الكيان السوري، كما هو معروف جغرافياً، فسيحيي الدولة العلوية القديمة التي وعد بها الاحتلال الفرنسي في يوم من الأيام، وهي خطة Ğشيطانيةğ ولكنها تتوافق مع الخط الذي تسير عليه الأمور اليوم، وهو قد يفسر المكالمة الهاتفية التي تسربت بين ماهر الأسد وعمه رفعت من باريس، والتي يتضح فيها عدم قناعة ماهر بقدرة أخيه بشار الأسد على الاستمرار، وبدأ هو وعمه Ğقامع حماه في الثمانيناتğ إعداد الخطة البديلة التي تقدم حزب رفعت الذي أسسه، وتقدم رفعت من خلاله مرشحا ديمقراطيا في الانتخابات التي قد يعلن عنها، وهو يراهن على قدرته على الحصول على 30 في المائة من أصوات الشعب! حينما سئل رفعت عن مذابح حماه قال: سأقول إن Ğحافظ هو اللي أمرني وأحضر فريق محامين قويا!ğ. ويوصيه بأن يقتل أكبر عدد من المتظاهرين في هذه الفترة، ويقوم بالتنسيق بين ماهر ورفعت أبناء رفعت.

هذا الوهم الكبير يعيشه النظام بين واقع على الأرض يحاكي الانشقاقات التي زادت بحيث تحولت إلى جيش آخر باسم الثوار، وبين آلام الناس التي في ازدياد، وغضب الناس الذي لا حدود له وهم يستقبلون الشهر الثامن من ثورتهم المباركة. عقوبات جديدة سيتم الإعلان عنها في الأيام المقبلة، تشمل أسماء العشرات من رجال الأعمال المستخدمين كواجهات جديدة للنظام، وكذلك هناك مقاطعات وحظر للبضائع السورية في دول كثيرة حول العالم، باعتبارها داعمة ومحولة لآلة القمع السورية. الصين وروسيا تستعدان لعقد صفقة مهمة مع الثوار، وأهم ملامحها أن الثوار سيبقون على قاعدة روسيا العسكرية بمزايا أفضل، في حال تأييدهم للثورة ورفضهم لنظام الأسد، وهذا ما تم الاتفاق عليه مبدئيا وسيتم الإعلان عنه قريبا، والصين طلبت منها دول نافذة عدم الاعتراض على قرار أممي قريب يجري إطلاقه. الخطة الأخيرة للنظام السوري هي محاولة أخيرة عاجزة لتجميل ما لا يمكن تجميله. حفرت الحفرة وأعد الكفن، وتم إعداد كل مراسم الدفن، والعالم يستعد لإعلان وفاة نظام الأسد قريبا.

 

تعالوا نقارن بين أردوغان ونجاد

طارق الحميد/الشرق الأوسط

لست من المنبهرين برئيس الوزراء التركي، وإنما دعونا نقارن بين زيارات السيد أردوغان السياسية الأخيرة في المنطقة، بعد الزلزال العربي، وتحركات الرئيس الإيراني، ليس لنقارن بين أردوغان ونجاد، بل لنعرف أين هو موقع إيران اليوم مقارنة بتركيا، ودلالات ذلك.

فبمقارنة بسيطة نجد أن رجب طيب أردوغان قد سافر إلى مصر، واستقبل استقبال الأبطال، وهو مشهد غير مألوف في مصر ذات النزعة الميالة للقيادة وتعظيم الهوية الوطنية، واصطحب معه أردوغان جيشا من رجال الأعمال الأتراك. وقال في مصر ما لا يستطيع حتى المشير طنطاوي نفسه قوله للمصريين، حيث نصح أردوغان الإخواني المصريين بأن الخيار الأمثل لهم أن تكون مصر ما بعد مبارك علمانية، وليست دولة دينية. ولم يكتف أردوغان بذلك، بل غادر مصر متوجها إلى تونس، مطلقة الربيع العربي - كما يسميه البعض - أو الزلزال العربي - كما أسميه للدقة - وردد نفس كلامه عن ضرورة علمانية الدولة في تونس، وكان معه نفس الجيش الجرار من رجال الأعمال الأتراك. وقبل أردوغان كان وزير خارجيته من أوائل مسؤولي دول المنطقة الذين زاروا بنغازي بعد سقوط نظام الطاغية معمر القذافي، فماذا عن الرئيس الإيراني؟

الملاحظ أنه بعد الزلزال العربي لم يزر أحمدي نجاد أي دولة عربية ممن ضربها الزلزال العربي، حتى أن المتابع يكاد ينسى اسم وزير خارجية طهران نظرا لقلة تحركاته، إقليميا وخارجيا، وتصريحاته. وعندما غادر نجاد طهران للمشاركة في الجمعية العمومية في الأمم المتحدة بنيويورك، لم يزر أي دولة عربية مؤثرة، بل قام بزيارة السودان المقسم، ومن سخرية القدر أن الرئيس السوداني المطلوب للعدالة الدولية هو من يدافع عن نجاد وإيران، وليس العكس. كما قام نجاد بزيارة موريتانيا، التي لا تشكل أي أثر سياسي في المنطقة، والشرق الأوسط! فما معنى كل ذلك؟

الإجابة البسيطة والسريعة، أن إيران في حالة عزلة دولية وإقليمية، بينما تركيا أردوغان في حالة انتشار وتعزيز موقف، وتحديدا في مناطق الزلزال العربي، علما أن مصادر موثوقة تشير إلى أن المال الإيراني بات يعربد في مصر اليوم، وتلك قصة أخرى، إن لم تكن أم القصص، لكن الواقع اليوم يقول إن تركيا باتت هي من يملأ الفراغ في المنطقة اليوم، بينما تبدو طهران أكثر عزلة، ليس في المنطقة وحسب، بل وفي مناطق أخرى من العالم، فحتى فنزويلا اعتذرت عن استقبال نجاد في كراكاس، حيث أعلن وزير الخارجية الفنزويلي تأجيلها قائلا: Ğسننتظر إلى أن يتعافى الرئيس شافيز بشكل نهائيğ.

لكن من المهم أن نتنبه إلى أن زيارة نجاد لكل من السودان وموريتانيا لها مدلولات غير إيجابية، خصوصا إذا تذكرنا موقع الخرطوم ونواكشوط جغرافيا، وقربهما لكل من مصر وليبيا وتونس. فالواضح أن إيران تريد الخروج من عزلتها من خلال التحرك في المناطق الجغرافية القريبة من دول عربية تتلمس طريقها لإعادة بناء أنظمتها السياسية، بينما تركيا تتمدد تلقائيا في المنطقة لتملأ فراغا عربيا واضحا بانتظار من يملؤه!

 

معارضون سوريون يطالبون بفرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين  

أوروبا تقدم مشروع قرار جديداً للأمم المتحدة ضد نظام الأسد

السياسة/قدمت الدول الأوروبية الى مجلس الأمن الدولي, مشروع قرار جديدا, ينص على تهديد بفرض عقوبات على الحكومة السورية بدل فرض عقوبات فورية, فيما أيدت "الهيئة العامة للثورة السورية" التي تمثل عشرات من مجموعات المعارضين لنظام بشار الأسد, فرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين. ويهدف مشروع القرار الذي قدمته بريطانيا وفرنسا والمانيا والبرتغال, مساء أول من أمس, إلى تخطي تهديد روسيا والصين باستعمال حق النقض (الفيتو). وحسب نسخة عن القرار, يطلب مجلس الامن الدولي من الحكومة السورية ان "تنهي فورا اعمال العنف" ضد المتظاهرين, وكذلك يعرب المجلس عن "عزمه في حال لم تتقيد سورية بهذا القرار, تبني اجراءات هادفة بما فيها عقوبات".

وهددت روسيا والصين باستعمال حق النقض على اية عقوبات يقترحها مجلس الأمن ضد النظام السوري, واكتفى مجلس الامن حتى الآن بإصدار اعلان حول قمع المتظاهرين في سورية الذي اوقع, حسب الامم المتحدة, اكثر من 2700 قتيل منذ مارس الماضي. وقال ديبلوماسي اوروبي "هناك حاجة للرد بقوة من قبل مجلس الامن على القمع", فيما قال ديبلوماسي آخر في بلد عضو في مجلس الأمن "نأمل ان يحصل هذا القرار على الأغلبية في المجلس". من ناحيته, قال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة جيرار ارو ان القرار سيكون في حال تبنيه بمثابة "تحذير موجه لسورية". وأضاف ارو أن بلاده كانت تفضل فرض عقوبات, مشيرا الى ان العديد من المسؤولين غير الديبلوماسيين قد يعتبرون القرار "ضعيفا" و"بلا مغزى" بعد القمع المتواصل منذ اكثر من ستة اشهر. لكنه اكد خلال لقاء عام في نيويورك انه "سيكون خطوة اولى هامة, ستكون هذه اول مرة يصدر قرار ضد سورية ويتحدث عن عقوبات".

ولفت السفير الفرنسي الى ان وضع سورية مختلف تماما عن وضع ليبيا التي وافق مجلس الامن بشأنها على تحرك عسكري بهدف حماية المدنيين, ولو ان روسيا والصين اعتبرتا فيما بعد ان الضربات الجوية التي شنتها قوات "الحلف الاطلسي" تخطت تفويض القرارات الدولية. كما ان دعم الجامعة العربية وافريقيا لعب دورا اساسيا في تبني القرارات بشأن ليبيا, فيما اشار ارو الى ان الدول العربية "لزمت الصمت" بشأن سورية حتى وقت قريب. وقال "لا احد يعلم ما سيحصل في المنطقة في حال انهيار (النظام السوري), لا احد يعلم ذلك, وبالتالي بقيت الدول العربية حذرة", مضيفاً ان ذكر العقوبات "يثير استياء روسيا" التي تعتبر حليفا كبيرا لسورية.

وأضاف معلقا على المحادثات الجارية منذ اشهر في مجلس الامن "لم نذكر اطلاقا اي استخدام للقوة, كل ما طلبناه هو العقوبات".

في غضون ذلك, ايدت الهيئة العامة للثورة السورية التي تمثل عشرات من مجموعات المعارضين لنظام بشار الاسد, فرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين في سورية.

كذلك, ايدت الهيئة التي عقدت مؤتمرا صحافيا في واشنطن فرض حظر على الاسلحة التي تنقل الى سورية, وتجميد ارصدة المسؤولين السوريين, وذلك في بيان ستسلمه للامين العام للامم المتحدة بان كي مون ولمجلس الامن الدولي وللرئيس الاميركي باراك اوباما.

وأورد البيان ان الهيئة "تطلب من مجلس الأمن الدولي, بهدف تأمين حماية فاعلة (للمدنيين), ان يدعو الى وقف فوري لإطلاق النار في سورية, على ان يشمل ذلك الهجمات الحالية على المدنيين التي تشكل جريمة ضد الانسانية, وأن يفرض منطقة حظر جوي وان يتخذ عقوبات اضافية بحق نظام بشار الاسد".

في المقابل, اوضحت الهيئة التي رأت النور في اغسطس الماضي, انها "لا تدعو الى تدخل عسكري اجنبي" داخل الاراضي السورية.

واكدت انها تؤيد "تدخلا اجنبيا يتخذ شكل بعثة لحفظ السلام" في مواجهة النظام الذي يستخدم القوات المسلحة "لتطبيق نظام قمع وابادة جماعية".

وقال المحامي البريطاني توبي كادمن الذي يقدم استشارات الى الهيئة والى منظمة اميركية غير حكومية تدعم المعارضين السوريين, ان مطلب الحظر على الاسلحة يتطلب خصوصا ان تقوم الدول المجاورة لسورية بتفتيش السفن الاتية الى هذا البلد والتي تبحر منه.

 

نظام الشام يعلن الحرب على العالم

داود البصري/السياسة

في منعطف حاسم من مسيرة الثورة الشعبية السورية الكبرى, والتي بلغت اليوم مرحلة الحصاد الحتمي لرؤوس القمع والإرهاب والجريمة, لا يمتلك نظام القتلة في الشام من وسيلة لمعالجة حالة الانهيار الشامل المحدقة به سوى اللجوء لأسلوبه وسلاحه المعروف والمستمر منذ عام 1963, وهو أسلوب القتل الشامل والإبادة الجماعية المقترنة بسيناريوهات استخبارية ذات أبعاد سينمائية صرف يتقن النظام إدارة ملفاتها و تسويق أكاذيبها, رغم أن الشعب السوري بطلائعه الحرة وبمجاهديه وقوافل شهدائه وحرائره ليس من السذاجة التي يفترضها النظام الإرهابي الموغل في القتل والسحق والإبادة , فعلى منبر الأمم المتحدة لم يخجل وزير الخارجية الرفيق وليد المعلم من استعراض أكاذيب نظامه, وتسويق ترهاته, أمام الضمير الدولي معتقدا, ولسذاجته أو لإفراطه في الثقة القاتلة, بأن العالم لا يعرف حقيقة النظام السوري ولا يدري ماذا يدور خلف ستار دولته الحديدية التي أكلها الصدأ وعاثت بأركانها العثة, وهي تتهيأ اليوم لمرحلة الانهيار الشامل , لقد أعلن رأس الديبلوماسية "الشبيحية" عن حالة حرب معلنة أمام العالم ليس ضد الشعب السوري فقط بل ضد الضمير العالمي المترقب للموقف بأسره , فهو لا يكل أو يمل من تكرار الأكاذيب المتهاوية ونظامه يقترف جرائم استباحة المدن ويمارس القتل الشامل في اللحظات نفسها التي كان يلقي بها كلماته المتهاوية الحافلة بالأكاذيب المثيرة للسخرية, والمؤشرة على بؤس النظام , وبكل تأكيد فإن النظام لا يمكن أبدا أن يستجيب للمطالب الشعبية لأن ذلك مخالف لسيرته وهويته وحقيقته الوجودية المعتمدة أصلا على الشمولية والاستئثار بالسلطة وعدم الاعتراف بالرأي الآخر أو للقطاع الأكبر من الشعب الذي يحتقره النظام, ولا يتحرج بالتالي من التفنن في قتله وتقطيع أوصاله, وإلقاء المسؤولية على عاتق العصابات الوهمية المسلحة, والتي لا نعلم كيف انتشرت كل هذا الانتشار الفيروسي رغم أن النظام الاستخباري بفروعه المختلفة يحصي على الناس أنفاسهم , فهل تتذكرون حكاية الشابة الصغيرة "طل الملوحي" التي اعتقلها نظام القتلة قبل عامين لمجرد سخريتها من النظام في مدونتها, ولم يتورع أبدا عن اتهامها بالعمالة للمخابرات الأميركية والدولية, رغم أن عمرها لم يكن يتجاوز وقتها الثمانية عشر ربيعا, وهو عمر لا يسمح أبدا بكل تلك التهم المضحكة?! وبدلا من أن يستجيب النظام لضغوط الرأي العام الدولي أو للضمير الإنساني نراه يهمل ذلك الملف, ويمعن في القتل للحرائر, وكانت آخرهم الشهيدة الشابة زينب الحصني, والتي كالعادة ألقى مسؤولية تقطيع أوصالها على عاتق تلك العصابات الوهمية التي أضحت تبريرا جاهزا ومريضا يدين السلطة بدلا من أن يبرأها , واليوم وبعد أن أضحى مصير النظام مسألة وقت ليس إلا بفعل تصعيد النضال والتحشيد الجماهيري فإن لعبة التخويف من اندلاع حروب أهلية و طائفية في مرحلة ما بعد نظام البعث, والمبالغة في التخويف من احتمالات تحول سورية قاعدة لجماعة القاعدة قد باتت هي السلاح الدفاعي للنظام, والذي يشهره بوجه الغرب رغم أن العالم جميعا يعرف تماما مدى سلمية جماهير الثورة السورية, والتي تضم أطيافا مختلفة من شرائح الشعب السوري من المسلمين والمسيحيين, وجميع فسيفساء الشعب, ثم ان الطبيعة الحضارية للشعب السوري وعبر التاريخ لا تسمح أبدا بأي صيغ متطرفة يرفضها الشعب بأسره ولا تحظى بأي قبول جماهيري.  لقد انتصر أحرار الشام وانتفضت طلائع الحرية هناك ليس من أجل تأسيس دولة أصولية لا محل لها من الإعراب في فكر الجماهير الثائرة, بل انتصارا للحرية والكرامة الوطنية وإنهاء لحكم الفساد والقتل الشامل, والهزيمة القومية, وللأخذ بيد سورية نحو عقد سياسي وحضاري جديد بعيد كل البعد عن مخلفات الحرب الباردة وإفرازات الأنظمة العائلية الوراثية بصيغتها العشائرية والطائفية المتخلفة , وشعب بالمواصفات الحضارية للشعب السوري وطلائعه لا يمكن أبدا أن يكون مشروعا رجعيا منغلقا في عصر الإنفتاح والحريات العامة , كل دعايات النظام وأساليبه التهويلية وفذلكات حلفائه وأنصاره متهاوية بالكامل , لقد أسس الشعب السوري البنيان الراسخ لثورته الشعبية الشاملة , وهي ثورة لم تنطلق إلا لتنتصر, تلك هي الحقيقة الخالدة لتضحيات شعب لم يخضع أو ينحني إلا لرب العزة والجلال, والعالم بأسره يتطلع اليوم الى النصر الشعبي السوري المقبل الكبير , ولا يمتلك النظام من خيار سوى إعلان الحرب على العالم وهو ما يفعله بكل غباء.

* كاتب عراقي

 

إسرائيل ضد التدخل الدولي في سورية

 غسان المفلح/السياسة

منذ بدء ثورتنا السورية ونحن في هذه الأشهر التي مرت, نعاني مما نراه يوميا من فظائع يرتكبها نظام الأسد ضد شعبنا, وشعبنا كان حتى قبل شهر تقريبا رغم كل ماعاناه من قتل و"تشبيح" وتعهير لكل شيء, لم يطالب لا بحماية دولية للمدنيين ولا بتدخل دولي عسكري. ولم تكن هناك مشكلة على هذا الصعيد داخل المعارضة, ومع ذلك لم تتوحد! والاطرف من كل هذا أن هناك اتجاها لايحول ولايزول داخل المعارضة منذ ما قبل الثورة, وخلالها يخون اطراف المعارضة الأخرى بحجة أنها مع التدخل الدولي, ففي سياق البدء بمؤتمرات المعارضة, أول تهمة وجهت الى مؤتمر انطاليا, بعد شهرين من الثورة أنه مشبوه لأنه مع التدخل الأجنبي! الآن الوضع اختلف وهذا التيار لم يتزحزح أيضا عن موقفه المبدئي, ضد التدخل الخارجي, رغم أن الشعب منذ شهرين تقريبا, وهو يطالب بتظاهراته اليومية بحماية المدنيين, وهذا يعني ببساطة أن الشعب قال كلمته في هذا الموضوع, وهي تعني فيما تعنيه, أن الشعب لم يعد يريد حشره في زاوية مميتة ضد التدخل الخارجي, والبديل من هذا التيار هو الابقاء على آل الأسد, رغم أن الموقف هو العكس تماما اذ من المفترض أن يكون, عدم تحميل المسؤولية عما يجري في سورية, لأي شخص أو مسؤول أو ضابط, خارج آل الأسد, أقصد أننا يجب لو كنا فعلا نتفهم طبيعة عمل السلطة وآليات اتخاذ القرار فيها, وكيف يتم تنفيذه, وما هي غايتنا من الثورة, وبخاصة لجهة الحفاظ على وطننا السوري الحبيب, التركيز فقط في شعاراتنا, ونشاطاتنا على العائلة الحاكمة.

صحيح أننا في سياق تحليلنا لشروط الانتفاضة وقيامها ومعوقاتها نتحدث عن تواطؤات هنا وهناك, وعن دور التطييف السياسي, كمعيق لقيام الاحتجاجات في مناطق عدة من سورية, لكن ليس الغاية من ذلك محاكمة أهل حلب, وأكراد عفرين وراجو لكون الŻŻ ""pkk قوي هناك, وأهل جبل حوران, او محاكمة فعاليات الأقليات المسيحية, أو الفعاليات في الطائفة العلوية, هذا تحليل ونزعم أننا بذلك نحاول ان نجد أفضل السبل لكيفية مشاركة شعبنا في هذه المناطق بالثورة, والانضمام اليها, وليس من أجل محاكمة معيارية وتوعدات مستقبلية.

 ما يجب أن ندركه جميعا, ولدينا أمثلة, القذافي وعائلته وزين العابدين ومجموعته, أن الموضوع تمحور عندهم على رمي آل القذافي خارج السلطة, واتضح أيضا ان إحالة العائلات الحاكمة للتقاعد يعني أن نقلة نوعية تحدث في تلك الدول, وهي نقلة أساس, ولا غنى عنها. لهذا مهمتنا حماية شعبنا كله, وليس فقط المدن التي خرجت في التظاهرات. وهذا تعبير عن عمق انتماء هذه الثورة لعموم الشعب السوري, حتى لو كان القسم من هذا الشعب, لايزال إما مع النظام أو على الحياد. هذا ينطبق أيضا على التيارات من المعارضة التي تدعو الى الحوار مع القاتل, أو تحاول أن تجد مخرجا لآل الأسد بذريعة عدم التدخل الخارجي.

نختلف صحيح, لكن هذه الجهويات الأفقية والعمودية يجب ألا تحجب عنا أن هدف الثورة يتجلى بإسقاط السلطة, ولكون السلطة مشخصنة وعائلية بطريقة "مافياوية", فهذا يعني أن إسقاط آل الأسد هو المهمة المركزية وبعدها, ندخل مباشرة الى بناء سوريتنا الجديدة بتضافر كل الجهود سواء من شارك في الثورة أم لم يشارك. وعلى الثورة أن تستمر في رسالتها هذه ولا تستمع الى الأصوات النشاز من كل الأطراف, لأنها ثورة لسورية كلها, وحرية لشعبها كله, وليس لقسم منه. بعد هذا الذي يبدو خروجا عن العنوان, أعود لأقول" منذ بداية الثورة كنت قد كتبت مقالة تحدثت فيها عن أهم عامل يعيق أي تدخل خارجي في سورية, هو رفض إسرائيل لأي تدخل عسكري أو خلافه من شأنه أن يساهم في إسقاط آل الأسد, بشكل خاص" وهي ترفض وجود قوات دولية مؤللة من أي نوع كان على حدودها حتى لو كانت أميركية.وحاولت تبيان لماذا? والآن لكون شعبنا رفع شعار طلب حماية المدنيين, فأعتقد ان من الواجب الحديث عن أن من يقف دوليا وفعليا ضد هذا الأمر لكي يتم بقرار من مجلس الأمن وفق البند السابع هي إسرائيل, أما الروس وغيرهم الغرب فقادرون على التعامل معهم كما أشرت إلى ذلك أكثر من مرة في السابق. وإسرائيل تدرك أيضا ان هذا النظام الإقليمي الذي ساهمت في بنائه منذ عام 1973 وحتى اللحظة, مرتبط ارتباطا وثيقا ببقاء آل الأسد بالسلطة, وهنا أشير الى أنني لا اتهمهم بالعمالة لإسرائيل, والموضوع ليس مؤامرة تحت الطاولة, هو اوضح من ذلك بكثير, هو تبادل مصلحي واضح بين طرفين, آل الأسد بالسلطة في سورية مع ماعناه ذلك وما يعنيه في حال استمرارهم, وإسرائيل كطرف ثان, وعلى المعارضة وخاصة قسم من المعارضة الإسلامية والقومية واليسارية أن تتخلص من هذه النغمة, في الحديث عن أولوية الصراع العربي - الإسرائيلي, إن أكثر ما يحرج إسرائيل هو خطاب السلام وليس خطاب الحرب والتوعد والوعيد, الجولان يجب أن يعود هذا كلام لا غبار عليه, لكنني لست فلسطينيا أكثر من الفلسطينيين, أقله مرحليا. لأن أهم جامع بين آل الأسد وإسرائيل هو عدائهما شبه المطلق للسلام العادل والشامل. الثورة لا تريد إرسال جيشنا للجولان, بل تريد عودة الجولان عن طريق السلام, وبشكل مطلق لايقبل القسمة على طرفين. وإذا كانت الثورة استخدمت شعارات توحي بذلك فهي لكي تقول أن هذا الجيش هو جيش العائلة, ويجب أن يكون جيشا لكل الوطن, خاصة إذا كانت أرضه محتلة.

لهذه الأسباب وغيرها إسرائيل تقف ضد سقوط آل الأسد, ونحن لا نتهمهم رغم ذلك بالخيانة( رغم أن ابواقهم وقسما من معارضتنا يتهم بعض المعارضة الأخرى بالتعامل مع إسرائيل), بل هناك تبادل مصلحي فاقع لمن يريد أن يرى من دعاة الممانعة والمقاومة, وأيضا هم يدركون أن إسرائيل هي القوة الحقيقية التي تقف ضد رفع الشرعية الدولية عن النظام, وتحاول جاهدة استمراره, حتى لو أفنى النظام نصف الشعب السوري, إسرائيل لاتريد أنظمة طبيعية ودولا طبيعية تحاصرها بالسلام, بل تريد عسكرة كاذبة بحجتها وفقرا وتخلفا وأنظمة مستبدة لكي تقول للعالم ان إسرائيل هي الدولة الوحيدة الديمقراطية في المنطقة. مع ما تعنيه هذه المقولة من امتيازات لإسرائيل.

لهذا على الشعب الإسرائيلي أن يقف مع شعوب المنطقة في سعيها الى نيل حريتها من هذه الأنظمة.

لو قلبنا المشهد السوري من كل الجوانب لوجدنا أن العقبة الوحيدة أمام شعبنا لكي يخرج بدولة طبيعية ديمقراطية دولة قانون وحقوق إنسان ومؤسسات, هم آل الأسد بما يعنوه سلطة مشخصنة.

لهذا أنا مع خطاب السلام والاستمرار في مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل من أجل حماية المدنيين, وشعبنا سيتكفل بإسقاط النظام.

* كاتب سوري