المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار يوم 04 أيلول/11

مراثي إرميا الفصل 5/01-22/طلب الرحمة

أذكر يا رب ما أصابنا تطلع وانظر عارنا تحولت أرضنا إلى الغرباء وبيوتنا إلى الأجانب. صرنا يتامى لا أب لنا، وأمهاتنا أرامل. بالمال نشرب ماءنا وندفع ثمن حطبنا. بالنير على أعناقنا نساق. نتعب ولا نعطى راحة. إلى مصر مددنا اليد، وإلى أشور لنشبع خبزا. آباؤنا خطئوا وزالوا ونحن نحمل آثامهم. عبيد تسلطوا علينا، ولا أحد ينقذنا منهم. بأرواحنا نكتسب خبزنا، لأن السيف في البرية. جلدنا محترق كالتنور من شدة حرارة الريح. يغتصبون النساء في صهيون، والعذارى في مدن يهوذا. بأيديهم يشنقون الرؤساء ولا يحترمون وجوه الشيوخ.

أرهقوا الشبان بالطحن، والصبيان رزحوا تحت الخشب. إنصرف الشيوخ عن باب المدينة، والشبان عن أغانيهم. إنقطع السرور من قلوبنا وانقلب رقصنا مناحة. سقط التاج عن رأسنا ويل لنا لأننا خطئنا. لذلك اغتمت قلوبنا وأظلمت منا العيون. وها جبل صهيون مقفر والثعالب تتجول فيه. أنت يا رب باق وعرشك ثابت مدى الأجيال. لماذا تنسانا على الدوام وتخذلنا طول الأيام. أعدنا إليك فنعود، وجدد أيامنا كالقديم. وإلا تكون نبذتنا نبذا وغضبت علينا كل الغضب.

 

عناوين النشرة

*الياس بجاني/تعليقاً على طرد تركيا للسفير الإسرائيلي/التركي كذاب ومنافق    

*يديعوت": حزب الله يقيم قاعدة عسكرية متطورة في كوبا

*مسؤول أميركي: لا حصانة من العقوبات لأي رجل أعمال داخل سورية أو خارجها ولا تدخل عسكرياً في سورية وحيادنا حيال ميقاتي ليس رصيداً لمن يدعمه

*الراعي الى فرنسا: "مش حرزانة" ان نرد على اي احد يقول كلمة ضد الجيش

*إده: أيام النظام السوري باتت معدودة وسيحاسب كل من شارك في أعمال العنف

*الكتلة الوطنيّة": الخطوط الحمر في بلاد سيدة ومتحضرة لا يضعها من يحمل السلاح بل القوانين

*خروج "أزمة نائمة" بين "حزب الله" وفرع المعلومات إلى دائرة السجال الإعلامي

*مشهدان في لبنان وسوريا/علي حماده/النهار    

*رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلا في لاسا قريباً تأكيداً على العيش المشترك/سعَيد لـ"الجمهورية": ليطبّق شربل القانون أوّلاً

*إقفال متجر بسبب إهانة الرموز المسيحيّة/مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم لـ"الجمهورية": يثيرون النعرات الطائفيّة

*تحرّك لشباب في فرن الشباك ضد BIG SALE/الاحتدام الطائفي أقوى من الاعتذار وتلف البضاعة

*من لاسا إلى القاع مشكلة واحدة استهانة بالقانون وشهوة للاستيلاء على الأرض/بيار عطا الله/  النهار

*المتضرّرون من اعتماد النسبية في انتخابات 2013 يعوّلون على عراقيل تواجه اقتراع غير المقيمين/اميل خوري/النهار

*قوّمت ايجاباً مواقف ميقاتي من المحكمة وتحييد لبنان/كونيللي لـ"النهار": لا اجراءات ضد المصارف/روزانا بومنصف/النهار    

*النائب دوري شمعون: توقّع انسحابات "بالجملة" من حكومة "المعاطف السود/ميقاتي سيصطدم "بالحزب وعلى بري ان يختار بين الدولة والدويلة...  

*انطوان صفير: المحكمة لن تتوقف حتى لو توقف التمويل... وفي حال عدم تعاون الحكومة، سيرفع الأمر لمجلس الأمن لوجود قوة تنافس السلطة اللبنانية على سيادتها  

*النائب عماد الحوت: المواقف من سوريا أقل من حجم الجرائم المرتكبة.: استمرار الحكومة ليس بيد ميشال عون... وفريق فيها يتهرب من استحقاقات المحكمة  

*النائب نضال طعمة: من يضع الخطوط الحمر للجيش اللبناني ليس قوى 14 اذار،ومن قتل الطيار سامر حنا لم يكن "تيار المستقبل وقوى 8 اذار تشن حرباً استباقية لشرذمة "التيار" في انتخابات عام 2013 

*النائب محمد الحجار:علامات استفهام حول صدقية كلام ميقاتي/هناك ما يعدّ له حزب الله لتطيير الحكومة من أجل التنصل من المحكمة لأن مصلحته هي في تصريف الأعمال...  

*لن يفلت قتلة أطفال الشعب السوري الحر/داود البصري/السياسة

*أفول شمس الأسد/رامي خوري/الشرق الأوسط

*برّي يطوي صفحته/نصير الأسعد/لبنان الآن

*إستطلاع غربي لموقف "حزب الله" من التدهور السوري/اسئلة عن موقع الجيش وموقف لبنان من العقوبات/هيام القصيفي/النهار    

*ميقاتي يلتزم تمويل المحكمة ولا يختزل رأي مجلس الوزراء/عدم التصويت مع القرارات الدولية لا يعني عدم تنفيذها/سابين عويس/النهار

*انتقد بشدة عدم ضغط إدارته على روسيا لوقف المجازر ضد السوريين/الكونغرس يتهم أوباما بمفاوضة الأسد "تحت الطاولة" ويدعوه إلى حسم موقفه/ حميد غريافي/السياسة

*أنطوان غوش فُقِد في إسبانيا ومصيره مجهول عائلته تطالب بكشف مصيره وملفّه ضائع

*في تقرير إستراتيجي لفورين أفيرز: ايران: سوريا خط الدفاع الامامي في وجه أميركا

*لماذا علي عبد الكريم علي/أسعد بشارة/الجمهورية

*عون اتّهم "المستقبل" بالكيديّة والجهل: الحكومة ستقرّر الأسبوع المقبل أيّ طريق تختار

*أنقرة تطرد سفير إسرائيل ضمن عقوبات متدرّجة وتل ابيب ترفض الاعتذار عن الهجوم على الأسطول/أنقرة تنفذ «الخطة ب» وتطرد سفير إسرائيل وتجمّد الاتفاقات العسكرية

*المسألة السنّيّة/حازم صاغيّة/الحياة

*ميشال سليمان يقدم إليكم سعادة الصهر/غسان سعود/الاخبار

 

تفاصيل النشرة

الياس بجاني/تعليقاً على طرد تركيا للسفير الإسرائيلي/التركي كذاب ومنافق    

تعلم التركي فن التجارة بالقضية الفلسطينية وها هو يزايد على كل الدول العربية التي وبسبب متاجرتها بهذه القضية منذ العام 1946 ها هي تتفكك كياناتها ويتهاوى حكامها وتدب فيها الفوضى بعد أن امعنت في ترسيخ ثقافة الموت والعداء ورفض الأخر. التركي كذاب ومنافق ولا يستبعد أن تكون كل مواقفه منسقة مع تل ابيب للعب على ثقافة العداء لإسرائيل عند الشعوب العربية التي تربت على هذه الثقافة البالية. الهجمة التركية هي نتاج الغباء العربي ونتاج ثقافة التقية والذمية وازدزاجية مواقف الحكام العرب. يستفاد من التقارير الغربية أن هذا الغرب قرر تسليم العرب لتركيا وإيران وإسرائيل ولم يعد لأي دولة عربية أي دور اقليمي والأسوأ آتي حيث ستعم الفوضى الممسوكة كل الدول العربية. جربوهم 70 سنة وما طلع منون غير الحقد والكذب والجهل وها هم يدفعون الإثمان. شي تعتير وألف تعتير. الأغبياء ومنهم زعماء لبنانيون مثل شاتيلا بدأوا يطبلون للتركي وكأن الحكم التركي الوحشي لبلادنا الذي دام 420 سنة لم يعلمهم أي شيء. إنه الجهل والتعصب والغباء والفكر السطحي والخشبي.

 

يديعوت": حزب الله يقيم قاعدة عسكرية متطورة في كوبا

موقع القوات/أثارت ومازالت تثير محاولة إيران وحزب الله توسيع نفوذهما في أميركا الجنوبية قلق الولايات المتحدة الأميركية واسرائيل، حيث أعربتا عن قلقهما تجاه ما وصفتاه بتزايد أنشطة إيران وحزب الله في أميركا الجنوبية.في هذا السياق، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" نبأ جاء فيه أن حزب الله اقام قاعدة عسكرية في كوبا، وذلك بهدف توسيع نشاطه ضد أهداف إسرائيلية في أميركا الجنوبية انتقاما لمقتل قائده العسكري عماد مغنية. وقالت الصحيفة ان صحيفة "كورييري ديللا سيرا" نشرت تقريرا حصريا لمراسلها لشؤون الاستخبارات جاء فيه أن خلية مكونة من ثلاثة عناصر من القسم الدولي في حزب الله، قد وصلوا إلى كوبا بهدف إقامة خلايا 'إرهابية' جديدة تتألف من 23 عنصرا من حزب الله وذلك بأمر مباشر من طلال حمية، وهو أحد القادة العسكريين الكبار في الحزب، والمسؤول عن العمليات السرية في حزب الله. وتابعت الصحيفة الإيطالية، نقلا عن مصادر استخبارات غربية، قائلة إن حمية، حصل على مصادقة من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لإقامة القاعدة العسكرية في كوبا، وذلك بحسب الخطة التي وضعها الحزب تحت اسم الملف الكاريبي، والتي خصص لها حزب الله ميزانية ضخمة تصل إلى مليون ونصف مليون دولار.  وأشار المراسل الإيطالي إلى أن حزب الله يعمل منذ عدة سنوات في البرازيل وپاراغواي وفنزويلا، وجاء أيضا أن القاعدة العسكرية لحزب الله في كوبا ستعمل في البداية كقاعدة لوجيستية ولجمع المعلومات وإقامة علاقات مع جهات مختلفة. ونقل عن قائد القيادة الجنوبية الأميركية جيمس ستافريديس قوله في جلسة استماع عقدتها لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأميركي: ان حزب الله ينشط بشكل خاص في المنطقة الحدودية المشتركة بين البرازيل وپاراغواي والأرجنتين، بالإضافة إلى كولومبيا. وأضاف ستافريديس: شاهدنا زيادة على مستوى موسع من النشاط من قبل الحكومة الإيرانية في المنطقة، على حد تعبيره، علاوة على ذلك ربط المسؤول الأميركي بين حزب الله وكولومبيا، قائلا: نشهد في كولومبيا علاقة مباشرة بين أنشطة حزب الله ونشاط تهريب المخدرات.

 

مسؤول أميركي: لا حصانة من العقوبات لأي رجل أعمال داخل سورية أو خارجها ولا تدخل عسكرياً في سورية وحيادنا حيال ميقاتي ليس رصيداً لمن يدعمه

قال مسؤول أميركي رفيع لـ«الحياة» في باريس، إن «أي رجل أعمال من داخل سورية أو خارجها ينبغي ألا يعتقد أنه محصن من العقوبات إذا تواطأ لمساعدة النظام السوري على الهروب من المحاسبة أو العقوبات... وعلى قطاع الأعمال في سورية وخارجها وفي لبنان أن يفكر بعمق في ذلك».

وأوضح المسؤول الأميركي أن «النظام المصرفي اللبناني تجاوب سريعاً مع مشكلة البنك اللبناني – الكندي (وضعته وزارة الخزانة الأميركية على لائحة تبييض الأموال) ما يشير الى أن النظام المصرفي اللبناني يدرك مدى تأثير استخدام المؤسسات المالية اللبنانية للسماح لسورية بأن تهرب من العقوبات الدولية».

وأشار المسؤول الذي كان أجرى محادثات في العاصمة الفرنسية تناولت الوضع في الشرق الأوسط، الى العقوبات الأخيرة التي فرضتها واشنطن على وزير الخارجية السوري وليد المعلم والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان والسفير السوري في بيروت علي عبدالكريم العلي، معتبراً أن الأخير شملته هذه العقوبات «لأن شخصيات من المعارضة السورية اختفت في لبنان وهناك مسؤولية على السفير». أما بالنسبة الى المعلم وشعبان، فبرر المسؤول العقوبات تجاههما «بتواطؤ هؤلاء المسؤولين مع وحشية الرئيس السوري بشار الأسد... والمعلم يعمل بشدة لتجنيب النظام المحاسبة ويأخذ قرارات لتقييد النشاط الديبلوماسي».

وإذ اعتبر المسؤول الأميركي أن الرئيس السوري «قد يفكر مرتين قبل إشعال النار في لبنان، لأن ذلك سيكون واضحاً للعالم بأسره»، رأى أن «استمرار حزب الله في دعمه السياسي والتكتيكي للأسد يعمّق التوتر السنّي – الشيعي في المنطقة، داخل لبنان وخارجه... ويضع نفسه موضوع انتقاد متزايد داخل لبنان».

وعن الموقف الأميركي من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، قال المسؤول الأميركي إن «وقوف الإدارة الأميركية على الحياد إزاءه يعود الى أننا نراقب حركته، وهو رصيد لعملنا السابق معه وليس رصيداً للائتلاف الذي يدعمه»، مشيراً الى أن ميقاتي جاء الى السلطة بعد قلب «حزب الله» وحلفائه الحكومة السابقة «وباتوا الكتلة الأكبر الداعمة لهذه الحكومة ولا يمكننا التغاضي عن ذلك بسهولة». وفيما شدد المسؤول الأميركي على أن «من الأفضل أن يخرج الرئيس الأسد من الحكم الآن»، وسأل: «كيف يتحدث عن الانتخابات ويعتقل الذين يطالبون بالانتخابات ويرميهم في السجن؟»، أعرب عن أسف الأسرة الدولية لعدم توقيف لبنان المتهمين من قبل المحكمة الدولية (باغتيال الرئيس رفيق الحريري). وقال إنه يتوقع «أن يستمر لبنان في تمويل المحكمة». وفي نيويورك، قال مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة السفير نواف سلام رئيس مجلس الأمن لهذا الشهر إن للبنان «علاقات خاصة» بسورية «وهو حريص على هذه العلاقات» التي هي أوطد بكثير من أي علاقات أخرى»، إنما «لا أعتقد أنه أسير بل هو حريص على مصلحته الوطنية» كما على «المصلحة العربية المشتركة».

وتجنب سلام، إثناء مؤتمر صحافي عقده في الأمم المتحدة أمس حول برنامج عمل مجلس الأمن لشهر أيلول (سبتمبر)، إيضاح كون لبنان يوافق على مبدأ صدور قرار في الشأن السوري في مجلس الأمن خلال رئاسته. وقال إن هناك نصان لمشروعين، «الفجوة بينهما كبيرة»، وأنه لم يطلب أي من المتبنين للمشروعين، روسيا أو الدول الغربية، منه بصفته رئيساً لمجلس الأمن، أن يقوم «بمساع حميدة حتى الآن».

 

الراعي الى فرنسا: "مش حرزانة" ان نرد على اي احد يقول كلمة ضد الجيش

نهارنت/راى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي أن الجيش اللبناني هو ضمان لبنان وعاموده الفقري. وقال في تصريح له من المطار قبيل مغادرته الى باريس: "ليس لنا ان نرد على كل فرد يتهجم على الجيش لاننا عندها سنعطيه اهمية كبيرة، ولكن الجيش موجود والجيش صامد ونحن معه وندعمه وليس لنا حياة وليس لنا عزة او كرامة الا من خلال ان يكون لدينا جيش لديه كرامته وقوته يتحمل مسؤوليته الكاملة على ارض لبنان، ونحن نوجه للجيش تحية كبيرة جدا". وأضاف: "أما في كل مرة يخطر على بال احد لسبب او لآخر التهجم على الجيش فهذا لا يعني انه يتحدث باسم اللبنانيين، و"مش حرزانة" ان نرد في كل مرة على اي احد يفتح فمه او يقول كلمة ضد الجيش لانه لا يمكن لاحد ان ينتهك حرمة الجيش ولا حرمة رئاسة الجمهورية ولا حرمة الحكومة ولا حرمة مجلس النواب ولا حرمة مؤسسات الدولة، فنحن يجب ان نعرف ان كل ما يختص بالدولة وبمؤسساتها وبأشخاصها موقفنا تجاهها هو موقف احترام وتقدير". وغادر الراعي بيروت عند الثامنة والنصف من صباح اليوم متوجها الى باريس بدعوة رسمية من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، حيث سيجري لقاءات هناك تتناول الاوضاع الراهنة في لبنان والمنطقة. وكان في وداعه في المطار وزير العدل شكيب قرطباوي ممثلا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وعدد من المطارنة ورجال الدين وشخصيات.

 

إده: أيام النظام السوري باتت معدودة وسيحاسب كل من شارك في أعمال العنف

النهار/توقف عميد حزب الكتلة الوطنية كارلوس إده عند ترؤس لبنان مجلس الأمن لمدة شهر، وقت أن الملف الأبرز المطروح متعلق بالتطورات الحاصلة في سوريا. وقال في حديث الى"وكالة أخبار اليوم": "ان موقف لبنان يجب ان يكون داعماً للشعب وليس للنظام، وهذا لا ينطبق على الوضع في سوريا فحسب، بل على أي بلد آخر حيث النظام يقمع شعبه بالعنف". ولفت الى "ضرورة ان يمثّل لبنان الشعب لا القمع، وخصوصاً ان لبنان يتمتّع بقيم الحرية والديموقراطية"، مذكرا بأن من كان يهرب من الديكتاتوريات في الدول المجاورة كان يقصد لبنان، ولكن مع الحكومة الحالية، التي هي حكومة حزب الله، فليس لدينا أي أمل في أن يتم التصرّف بطريقة شريفة في موضوع الشعب السوري".

وتوقّع إدّه ان يسير لبنان في تحديد موقفه في مجلس الأمن "وفقاً للرغبة السورية"، وخصوصاً أن المعلومات الآتية من سوريا "تفيد بوجود مشاركة بعض العناصر اللبنانية في أعمال القمع الحاصلة فيها" ، واصفاً هذا الوضع بـ"الخطر جداً" على مستقبل العلاقات بين الشعبين، "وهو خطر أكثر بالنسبة الى الأطراف المشاركين في مثل هذه الحوادث".

ورأى أن أيام النظام السوري "باتت معدودة، وبعدها ستبدأ محاسبة كل من شارك في أعمال العنف في سوريا". ورداً على سؤال عن انطلاق ورشة درس قانون الإنتخابات النيابية، قال: "إن وضع دراسة حول القانون الذي قد يطبّق أمر سليم، لكن الأسلوب خاطئ وكأنه لا يمكن البحث إلا في مشروع ينطلق من النسبية". وأيّد إدّه تحرّك البطريركية المارونية لدراسة قانون الإنتخابات إذا كان سيؤدي الى درس كل الصيغ المطروحة، مستغرباً كيف "ان الكتلة الوطنية هي الجهة الوحيدة التي قدّمت مشروعاً متكاملاً لقانون الإنتخابات ولم تدعَ الى الإجتماع في بكركي".  أما في ما يتعلق بموضوع لاسا، فرأى "ان ما يحصل مؤشر الى كيفية القضاء على حق المواطنين إذا فرض حزب الله سيطرته على الدولة". واستغرب كيف ان نواب المنطقة و"هم مبدئياً يمثلون كل الطوائف، يسكتون عن مثل هذه التصرّفات".

 

الكتلة الوطنيّة": الخطوط الحمر في بلاد سيدة ومتحضرة لا يضعها من يحمل السلاح بل القوانين

إعتبر حزب "الكتلة الوطنية اللبنانية" أن "سقوط نظام العقيد (الليبي معمّر) القذافي يؤكد أن الأنظمة الديكتاتورية في عالمنا العربي اليوم هي على طريق الزوال"، مؤكدًا أنه "لا يفهم بعض اللبنانيين الذين يؤيدون الثورات في بعض البلدان العربية ويقفون ضدها في بلدان اخرى، لكون موقفهم هذا إهانة لتضحيات وعذابات الشعب السوري الذي يقوم بأكبر وأعظم ثورة في شرقنا اليوم، أما ما نرتاب به، هو الأنباء المتزايدة عن دور لمجموعات لبنانية في مساعدة النظام السوري على قمع الانتفاضة الشعبية". وأضاف: "وأخيراً برحيل القذافي أصبح لدينا الإمكانية لمعرفة الحقيقة في اختفاء الإمام موسى الصدر وإذا كان لهذا الإختفاء من علاقة مع الأحداث اللبنانية في تلك الفترة".

الكتلة الوطنية، وبعد إجتماع لجنتها التنفيذية، أصدرت بيانًا أكدت فيه أنه "لم يعد جائزاً السكوت عن حملة التملق الذي يقودها "حزب الله" و"حركة أمل" في موضوع الجيش اللبناني، فخطابات نواب "حزب الله" ومسؤوليه والخطاب الأخير لرئيس (مجلس النواب نبيه) بري عن خط أحمر على الجيش يثير الصدمة والذهول"، مشيرة إلى أن "دماء الضابط الطيار سامر حنا (الذي سقط في منطقة سجد) لم تجفّ بعد وصراخ أهله المطالب بالعدالة ومعرفة الحقيقة يصم الأذان، كما أن الخطوط الحمر التي وضعها (الأمين العام لـ"حزب الله") السيد حسن نصرالله في نهر البارد لا تزال صداه تتردد في جميع انحاء لبنان"، مذكرة جميع من يعنيه الأمر بأن "الخطوط الحمر في البلاد السيدة والحرة والمتحضرة لا يضعها حاملي السلاح والمتسلطين على الدولة اللبنانية بل تضعها القوانين والدساتير".

وحول مشروع الكهرباء، إستغربت "الكتلة الوطنية" إصرار وزير "التغيير والاصلاح" (وزير الطاقة والمياه جبران باسيل) على "ادارة مشروع بهذه الكلفة عبر عشرات المستشارين، وكأن المؤسسات يجب أن تبقى مستباحة وعاجزة"، مضيفة: "هذا هو اصلاحهم وهذه هي طريقتهم في التغيير وتحديث الدولة والمؤسسات، ومواقف وزير الطاقة والداعمين له هي مؤشر لكيفية مشروع ادارة النفط مستقبلاً، فموضوع الساعة اليوم يبقى نقطة في فيض مشروع ادارة واستخراج وتوريد البترول الموعود، ولهذه الأسباب تجري مباراة تسجيل النقاط بين أقطاب هذه الحكومة، أما معيشة الناس وهمّ المديونية فهي فقط في خطاباتهم وليست في افعالهم". هذا، وأسفت "الكتلة" لكون "وزارة السياحة وإن لم يكن لها مسؤولية كبيرة بإنخفاض عدد الوافدين، فإن عجزها واضح في تنظيم السياحة الداخلية وتعميمها وتسهيلها"، لافتة الى أن "فاتورة استباحة الشواطىء ندفعها اليوم مضاعفةً فلقد منع المتسلطون والتراخي الرسمي الشعب اللبناني بالإستمتاع بشواطئه وهو يضطر اليوم للسفر الى قبرص وتركيا لتمتع بشواطىء البحر المتوسط، فيا للعار". (المكتب الإعلامي)

 

خروج "أزمة نائمة" بين "حزب الله" وفرع المعلومات إلى دائرة السجال الإعلامي

نهارنت/ردت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي على قناة "المنار" من دون أن تُشير إليها بالاسم، والتي كانت بثت أمس الأوّل تقريراً شككت فيه بـ"داتا" الاتصالات الذي أدى إلى كشف مجموعة من شبكات التجسس لإسرائيل، وبالغرض الحقيقي الذي دفع "المعلومات" إلى توقيف افراد هذه الشبكات لمصلحة تيّار "المستقبل"، رغم أن الحزب اعتبر الكشف عن هذه الشبكات في حينه انجازاً للقوى الأمنية. ورأت صحيفة "اللواء" أن رد المديرية مثل خروج "للأزمة النائمة" بين "حزب الله" وفرع المعلومات، إلى دائرة السجال الإعلامي. وأسفت المديرية في ردها، لمحاولة استثمار قضية وطنية وتقزيمها عبر محاولة ربطها بما جاء في القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، واعتبرته "امراً غير منطقي". وأكدت ان تحليل الاتصالات الهاتفية بالتوازي مع العمل الميداني أدى إلى توقيف عشرات شبكات التعامل، وانه لم يتم توقيف أي شخص لم يثبت تورطه، ما خلا حالات لا مجال للخوض في تفاصيلها حرصاً على المقاومة. وقالت إن "شعبة المعلومات أوقفت 4 شبكات تعامل خلال العام 2011 كان آخرها في الثامن من حزيران، خلافاً لما ورد لجهة عدم توقيف أي شبكة تعامل منذ سنة

 

مشهدان في لبنان وسوريا

علي حماده/النهار    

بداية مع لبنان: فقد شهد المؤتمر الدولي الخاص بليبيا الذي عقد في باريس أول إطلالة خارجية لنجيب ميقاتي. ولكن هذه الاطلالة ما كانت موفقة، وخصوصا ان طلب رئيس "حكومة المطلوبين" مقابلة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بموعد رسمي لم يلب، أما اجتماعه مع وزير الخارجية ألان جوبيه فقد أتى سريعا و"على الواقف" تقريبا، على هامش مؤتمر حضرته أكثر من ستين دولة، وسمع فيه ميقاتي كلاما صريحا جدا! كنت آثرت لو ان نجيب ميقاتي لم يحضر المؤتمر بهذا الشكل وفي ظنه انه ربما سيقتنص لقاء مع ساركوزي بطرق ملتوية لا تليق برئيس حكومة. وقد ذكرني سلوكه بباريس بسلوكه في السعودية التي زارها مرتين، الاولى يوم تشكيل الحكومة بداعي أداء العمرة، وحاول الاتصال بعدد من المسؤولين ولقاءهم، فأجيب بأن "أحداً ليس على السمع". والمرة الثانية قبل أيام بمناسبة عيد الفطر السعيد حيث زارها بداعي أداء العمرة أيضاً، ولم يلبّ طلبه زيارة العاهل السعودي الموجود في مكة المكرمة لتهنئته بالعيد. والمعلوم ان الملك السعودي يستقبل كل المواطنين لمناسبة عيد الفطر من أعلاهم رتبة الى أدناهم، كما يقابل جميع المسؤولين في مجلس مفتوح لا يميز فيه أحداً عن آخر. في المرتين كان إحجام الملك والمسؤولين الكبار عن مقابلة نجيب ميقاتي الموجود على أرض المملكة رسالة واضحة تعكس موقفاً حاسماً منه. وما قاله ميقاتي لبعض الصحافة من إنه لم يسمع من المسؤولين السعوديين اعتراضات على أدائه في الحكومة لا يعني أن الرياض فتحت أبوابها لرئيس "حكومة المطلوبين". حكومة لها أبوان شرعيان: "حزب الله" في لبنان بما يمثله من ذراع إيرانية، وبشار الأسد في سوريا.

كلمة استنتاجية: لقد مضى على تكليف ميقاتي ما يقارب الثمانية أشهر، ومضى على تشكيله الحكومة ما يقارب الثلاثة أشهر. وللمرة الأولى تقفل في وجه رئيس حكومة لبنان أبواب العالم العربي من المحيط الى الخليج، اللهم في ما عدا دمشق! وعلى مستوى آخر، لم يدع ميقاتي كرئيس حكومة الى أي دولة أوروبية كبرى، ولا الى الولايات المتحدة. هذا لم يحصل في تاريخ الحكومات اللبنانية. وعليه، يتعيّن على رئيس الحكومة أن يستخلص العبر، وفي الانتظار ليته يوقف محاولاته التحايلية لاقتناص مقابلات من قادة الدول التي تحجم حتى الآن عن دعوته رسمياً، فهذا لا يليق برئيس حكومة.

من لبنان الى سوريا التي تجتاحها التظاهرات الشعبية المطالبة برحيل النظام، والتي يواجهها الأخير بالحديد والنار، ثمة حقيقة باتت راسخة اليوم، فحواها أن الثورة لا تتراجع بل يشتدّ ساعدها بالتضحيات الجسام، فمواصلة الرئيس بشار الأسد نهج القتل الجماعي في شعبه يستوجب تدخلاً عربياً ودولياً لوضع حد لهذه المجزرة، ولإطاحة النظام الذي فقد كلّ شرعية. فالعقوبات الاقتصادية السياسية أكثر من مطلوبة، ولكن لا بد من البحث في وسائل رادعة. من هنا شرعية المطالبة بالتدخل الخارجي حماية لأهلنا في سوريا.

 

رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلا في لاسا قريباً تأكيداً على العيش المشترك/سعَيد لـ"الجمهورية": ليطبّق شربل القانون أوّلاً

الجمهورية/ إستجوب قاضي التحقيق في جبل لبنان محمد بدران، أمس، موقوفين من آل المقداد في قضية ضرب واعتداء وتهديد وإثارة النعرات الطائفية في بلدة لاسا، في خطوة أولى إجرائية على المستوى القضائي في قضية الاعتداء على الشمّاس أنطوان حكيّم، بعد توقيف شخصين. وكان القاضي بدران أصدر مذكّرتين بتوقيفهما، على أن يتابع التحقيق مع مدّعى عليهما آخرين فارّين من وجه العدالة. إلّا أنّ منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعَيد، كشف لـ"الجمهورية"، أنّ المعتدي الأساسي ما زال حرّا طليقا، معلنا أنّ في حال عدم توقيفه، سيعلن عن اسمه الثلاثي الأسبوع المقبل. من جهة ثانية، لفت سعَيد إلى ضرورة مشاركة أهالي المنطقة بكثافة، في القدّاس الذي يرأسه اليوم النائب البطريركي العام عن منطقة جونية المطران أنطوان نبيل العنداري لمناسبة اختتام مخيم الوردية – جبّة المنيطرة السنويّ.

وعن دعوة وزير الداخلية والبلديات مروان شربل إلى سحب ملفّ لاسا من التداول الإعلامي، قال سعَيد: "لا علاقة لشربل بإعطاء أوامر للناس ومنعها من الحديث في أيّ موضوع، فليطبّق القانون أوّلا". في المقابل، أيّد عضو تكتّل "التغيير والإصلاح" النائب نعمة الله أبي نصر، عبر "الجمهورية"، دعوة وزير الداخلية إلى سحب موضوع لاسا من التداول الإعلامي ومن دون تحفّظ، معتبرا أنّ القانون سيطبّق، والمساحة ستستكمل عملها، والمخالفة ستزال والمعتدي سيتمّ توقيفه.

ودعا إلى عدم جعل قضيّة لاسا نقطة انطلاق نحو الفتنة الطائفيّة، "فأصحاب النيّات الحسنة يرفضون الفتنة". وقال: "أدعو الإدارة والقضاء ودائرة المساحة ووزارة الداخليّة إلى القيام بواجباتهم، كما أدعوهم إلى رفع أيديهم عن لاسا وتطبيق القانون". وسأل أبي نصر: "لماذا لم يُقَم قدّاس في لاسا العام الفائت أو منذ ثلاثة أعوام أو أكثر؟"، مُعتبرا أنّ القضية تُستغَلّ سياسيّا. من جهة أخرى، أشارت بعض المعلومات إلى أنّ رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان سيزور لاسا قريبا، على أن يحدّد برنامج الزيارة في صيغته النهائية الأسبوع المقبل"، موضحة أنّ "الزيارة ستؤكّد أهمّية العيش المشترك وأنّ الخلاف في المنطقة طبيعته عقاريّة أكثر ممّا هي طائفيّة

 

إقفال متجر بسبب إهانة الرموز المسيحيّة

مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم لـ"الجمهورية": يثيرون النعرات الطائفيّة

مرّة جديدة يكون الوتر الطائفي أداة لإثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار، فبعد الاعتداءات المتكرّرة على الكنائس والمزارات، والتعرّض لمحتوياتها، قفزت أمس الى الواجهة حادثة بيع محلّات "بيغ سايل"، لصاحبها علي الفقيه في فرن الشباك، أحذية تحمل رموزا دينية مسيحيّة. لم يمرّ الأمر بشكل عابر، وإنّما أثار غضب أهالي المنطقة فنفّذوا اعتصاما أمام الفرع، مضيئين الشموع ورافعين الصلبان، فيما عمد بعضهم الى رسم شعار الصليب على باب المتجر، مطالبين بإقفاله، وسط حضور أمنيّ كثيف. وعلى أثر ذلك، تحرّكت المديرية العامّة للأمن العام وأقفلت الفرع، وأتلفت البضاعة المشكو منها، وأجرت تحقيقا مع الفقيه الذي أفاد أنّ الأمر لم يكن مقصودا، وأنّه يحترم كافّة الأديان. وأوقفت النيابة العامّة شخصَين من القيّمين على المؤسّسة المذكورة، وباشرت التحقيق معهما على أن تتمّ متابعة التحقيق اليوم لمعرفة أسباب بيع تلك البضاعة، ومصدرها.

من جهتها، كانت المرجعيّات الكنسية كلّفت مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم، متابعة الموضوع. وفي حديث الى "الجمهورية" قال أبو كسم: "إتّصلت بالجهات الأمنيّة فسارعت المديريّة العامة للأمن العام الى التجاوب، ودهمت مختلف فروع المحلّات وضبطت البضاعة".

وعلّق على الأمر قائلا:" إنّ الغاية من هذه الرسوم، إنما هي إثارة النعرات الطائفية، وإنّ من أقدم عليه هي الجهة نفسها التي أثارت الفتنة قبل أعوام على خلفية الرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد في إحدى الصحف الدانماركية، والتي رغم نشر الرسوم في بلد غربي وليس في جونية أو برج حمود، إلّا أنّ العابثين باستقرار لبنان أثاروا الفتنة حينها، وأجّجوا المواقف لإثارة النعرات". وعمّا تمّ تداوله من معلومات حول اقتصار وجود البضاعة على فرع فرن الشبّاك من دون سواه ما يثير الشكوك لكون معظم سكان المنطقة هم من المسيحيين، قال أبو كسم : "يبدو أنّ الضجّة الإعلامية التي أثارها الموضوع أدّت الى سحب البضاعة من الفروع الباقية قبل دهم الأمن لها".

وعمّا إذا كانت الكنيسة في صدد القيام بخطوات قضائيّة أو تقديم شكوى، قال : "بعد الاعتذارالذي قدّمه صاحب المحلّات، وعدم بروز نيّة جرميّة لديه، لسنا في وارد تقديم أيّ شكوى، فالاعتذار كان كافيا". ونوّه بالتحرّك السريع للمديريّة العامّة للأمن العام وتجاوبها. وناشد التجّار "التنبّه لمثل هذه الأمور، لا سيّما وأنّه يتمّ الترويج لرسوم وكتابات كثيرة مسيئة للأخلاق ومثيرة للنعرات الطائفية يتم الترويج لها، وهدفها هدم المجتمعات، وقال:" للبنان جار عدوّ وسيلته اللعب على الوتر الطائفيّ، فضلا عن وجود حركات ضدّ الكنيسة وبدع شيطانيّة".

ولاحقا أصدرت مؤسّسة "بيغ سايل" بيانا قدّمت فيه الاعتذار وأبلغته الى المراجع الكنسيّة، وما جاء فيه: "نعتذر من كلّ اللبنانيّين، وخصوصا المسيحيّين، الأمر سقط سهوا، وسحبنا البضائع منعا للاستغلال، وبالتالي فإنّنا نكنّ كلّ احترام وتقدير للرموز الدينية في كلّ الأديان والطوائف، كما نشكر المركز الكاثوليكي للإعلام الذي أحاط هذا الأمر بموضوعية وروح عالية من المسؤولية والحسّ الوطني".

 

تحرّك لشباب في فرن الشباك ضد BIG SALE

الاحتدام الطائفي أقوى من الاعتذار وتلف البضاعة

النهار/هل تكمن المشكلة في بيع حذاء عليه شارة الصليب او اي شعار ديني آخر، أم في الاحتقان السائد بين المجموعات اللبنانية، خصوصا في ضوء تطوّرات ملفات لاسا وترشيش وغيرها من التي تثير جدلاً يتحوّل نزاعات في الشارع؟

موضوع محلات BIG SALE في فرن الشباك امس لم تشفع فيه اعتذارات وقفل موقت للمحل في المنطقة ذات الاكثرية المسيحية، اذ تطورت الامور الى تحرك ميداني في الشارع ودعوة تجار جبل لبنان النيابة العامة الى اتخاذ الاجراء اللازم ومقاطعة المؤسسة وسحب رخصة السجل التجاري منها.

فقد تجمع عدد من الشبان قبل الظهر امام فرع BIG SALE في فرن الشباك احتجاجا على بيع المحل احذية عليها اشارة الصليب.

وفورا، قرر صاحب المحل علي فقيه اقفال المحل حتى الاثنين المقبل، وقدم اعتذاره عن الخطأ الذي حصل ببيع احذية عليها اشارة الصليب، مؤكدا ان الامر لم يكن مقصودا. وشدد على انه ليس في وارد القيام بأي شيء يضر بأي دين او اي طائفة، واعدا بتلف كل الكمية الموجودة وبأي فرع.

وتداعى الاهالي الى الاعتصام ومسيرة شموع في المنطقة في السادسة مساء امس امام المحل "استنكارا للتعدي على المقدسات المسيحية وحرمتها وكرامتها".

ونقلت "وكالة الانباء المركزية" عن مصدر امني ان المديرية العامة للامن العام ستستجوب اصحاب المؤسسة لمعرفة مصدر البضائع التي تباع فقط في فرع فرن الشباك على رغم ان للمحل فروعا عدة في بعض المناطق، الامر الذي اثار الشكوك.

وتوجه النائب نبيل نقولا الى المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم بالتقدير لتجاوبه مع دعوة رئيس المركز الكاثوليكي للاعلام الاب عبده ابو كسم ومصادرته للاحذية التي عليها شارات الصليب، معتبرا ان الاساءة لطائفة هي اساءة لجميع الطوائف، مطالبا بمحاكمة من اقدم على هذا العمل المشين لانه اهان كرامتنا وتطاول على مقدساتنا. وحمل اصحاب الشركة المسؤولية عن الموضوع بسبب تقصيرهم وتهديدهم السلم الاهلي واثارة النعرات الطائفية بين اللبنانيين.

ولاحقا اصدر "اتحاد تجار جبل لبنان" بيانا اعتبروا فيه "ان ما حصل يشكل تحريضا على الفتنة الطائفية، خصوصا ان المسيحيين كانوا وما زالوا يشكلون الحجر الاساس في تأسيس هذا الوطن والمحافظة عليه، ببذلهم اغلى التضحيات حتى الشهادة في سبيل ديمومته".

وبعد اجتماع طارئ، دعا اتحاد التجار الى الاجراءات الآتية:

1 – يطلب الى النيابة العامة اعتبار ما تقدم بمثابة اخبار، والتحرك الفوري لمعالجة الموضوع.

2 – دعوة الهيئات الاقتصادية كلها الى اصدار بيانات تضامنية استنكارا لاسلوب تجاري كهذا.

3 – دعوة المراجع الرسمية الى سحب رخصة السجل التجاري من هذه المؤسسة ومنعها من مزاولة هذه المهنة الشريفة التي دُنست.

4 – وفي انتظار تنفيذ ما ورد، دعوة المواطنين الى اي فئة انتموا، لمقاطعة هذه المؤسسة نهائيا".

وتحركت النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، فأمر النائب العام كلود كرم بتوقيف صاحب المحل ومديره للتحقيق معهما ومعرفة مصدر البضاعة التي اثارت بلبلة، وخصوصا أن المحل يستورد بضائع "ستوك"من الخارج.

 

من لاسا إلى القاع مشكلة واحدة استهانة بالقانون وشهوة للاستيلاء على الأرض

بيار عطا الله/  النهار

من لاسا الى القاع وكل أنحاء لبنان، عنوان واحد لموضوع واحد يختصر بـ"الشهوة الى السيطرة على الاراضي" وتالياً ضرب كل مقومات العيش المشترك وتدمير لبنان النموذج الذي فاخر به وحرص عليه الإمام المغيب موسى الصدر والبابا الراحل يوحنا بولس الثاني والمفتي الشهيد حسن خالد وكل من أراد خيراً للبنان.

وعندما يصل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى القاع في زيارته لمناطق العاصي والهرمل ورأس بعلبك سيجد عنواناً واحداً لمطالب الأهالي بالتمسك بالأرض والدفاع عنها والعمل على انمائها وتطبيق القانون، خصوصاً أن البلدة التي كانت مسرحاً لمقتلة كبيرة انتقاماً لحادثة لا ناقة لها فيها ولا جمل، لم يتركها أهلها نظير القرى والبلدات الأخرى، بل صمدوا فيها ولم يتركوها رغم كل الضيق الذي عانوه. لكن ما تواجهه اليوم ليس بالأمر السهل وقد تفوق نتائجه ما نجم عن مجزرة 1978 لأن للأمر صلة بفقدان دولة القانون وغيابها شبه التام عن تلك الانحاء مما يؤدي الى تغيير الوقائع الديموغرافية والسكانية والاقتصادية، وتالياً اقتلاع حضور المسيحيين هناك على رغم ان أهالي القاع وتلك الانحاء لا يعرفون الطائفية ولا المذهبية بكل ألوانها.

تبلغ مساحة اراضي القاع حوالى 176 كيلومتراً مربعاً وتصبح مع بلدة راس بعلبك حوالى 400 كيلومتر، وهي آخر بلدة لبنانية قبل الوصول الى الحدود السورية في تلك الناحية، وعلى رغم شح المياه وقطع إمداد نبع اللبوة عن البلدة خلال سنين طويلة، تدبر الأهالي أمرهم وتمكنوا من مواصلة حياتهم، خصوصاً في قطاع الاعمال الزراعية الذي يشكل مصدراً للرزق لعائلات كثيرة، وأكب القاعيون على الاستثمار في الاراضي المملوكة بالشيوع وغير المفرزة عقارياً (أي المملوكة بحصص ومحددة ومحررة)، وتدعى تلك الناحية من خراج القاع، "منطقة المشاريع"، وقد حفروا الآبار الارتوازية فيها وزرعوها. لكن طول مدة الحرب والتهجير، اضافة الى دخول بعض النافذين على المشهد القاعي واغداقهم الاموال لشراء الاراضي أدى الى إقدام بعض القاعيين وخصوصاً المقيمين منهم في بيروت على بيع حصصهم (التي تحتسب بالقيراط) لتقع تلك العقارات بين ايدي متنفذين كبار قاموا باستثمارها.

قرية للبدو المجنسين

يروي الأهالي ان الأمور استمرت على هذا المنوال طوال اعوام الحرب، لكن القاعيين أملوا خيراً بعد نهاية الأعمال العسكرية العام 1990 وبدء تطبيق "اتفاق الطائف"، واعتقدوا ان زمن عودة لدولة وسلطة القانون قد حان، لكن شيئاً من توقعاتهم لم يتحقق، وكيف للدولة أصلاً أن تعود الى تلك الناحية الحدودية البعيدة، في حين تعجز عن بسط سلطتها على زواريب بيروت؟ هكذا استمرت الاعتداءات على عقارات القاع بعد العام 1990، بل توسعت لتشمل أراضي جمهورية تابعة لبلدية القاع. وأبرز الاعتداءات تمثّل بوضع اليد على العقار رقم 6 في منطقة وادي الخنازير التي تحولت قرية للعرب الرحل المجنسين الذين اشادوا عليها ابنية ومجمعات سكنية ودور عبادة ومؤسسات أخرى. وفي الموازاة استمرت عمليات بيع الاراضي لدى كتاب العدل بموجب عقد بيع أو تنازل عن وضع اليد في الاراضي غير المفرزة والتي تشكل – للمصادفة – 80 في المئة من اراضي القاع.

يخبر القاعيون ان عمليات البناء العشوائي بدون رخص ولا حسيب او رقيب لم تلتزم أي معيار على رغم صدور المرسوم 4042 عن مجلس الوزراء خلال العام 2010، والذي أوقف كل اعمال البناء والاستصلاح، اضافة الى عملية تصنيف الاراضي ووضعها في اطار مخطط توجيهي عام كانت اقترحته بلدية القاع على التنظيم المدني، وطلبت فيه تصنيف خراجها مناطق زراعية وسكنية وخلافه. لكن القرار ذهب ادراج الرياح واستمر البناء على الاراضي المصنفة زراعية، واصبحت كل مطالبة بتطبيق القانون وقرارات التنظيم المدني سبباً لتوجيه "اتهامات طائفية" الى القاعيين.

ولا يمر اسبوع من دون ان تشهد اراضي القاع بناء مشروع سكني مخالف لا للمخطط التوجيهي، فحسب بل للقانون. وأكثر ما اثار الاستغراب ان اصحاب البناء العشوائي، استحصلوا على رخصة من وزير التربية السابق حسن منيمنة لبناء مدرسة وسط تجمعاتهم السكنية المستحدثة مما يهدد مدرسة القاع الرسمية بالاقفال وكذلك مدرسة الراهبات النموذجية في البلدة، علماً أن ثمة مدرسة رسمية وسط الأبنية المخالفة تسمى "مدرسة المشاريع الرسمية".

يؤكد الأهالي أنهم توجهوا برسائل عدة في شأن ما يجري في القاع الى رؤساء الجمهورية والحكومات المتعاقبين ولم يحصلوا على نتيجة، لا بل ان كتاب العدل استمروا في صوغ الاتفاقات او عقود البيع غير القانونية، فيما الدولة عبر جهازها القضائي ساكنة لا تتحرك لتنفيذ المخطط التوجيهي. كما لم تتحرك الدولة لمواجهة الحفر العشوائية للآبار الارتوازية او لحماية الاهالي الذين لم يحصل قسم لا يستهان به منهم على تعويضات من وزارة المهجرين عن التهجير والتدمير الناجمين عن الحرب. 

 

المتضرّرون من اعتماد النسبية في انتخابات 2013 يعوّلون على عراقيل تواجه اقتراع غير المقيمين

اميل خوري/النهار

يبدو أن ثمة متضررين من قانون للانتخابات النيابية يعتمد قاعدة النسبية بدلا من قاعدة الاكثرية. ومن هؤلاء المتضررين بعض رؤساء اللوائح الذين تشكل الانتخابات بالنسبة إليهم موسما للكسب المادي وللاحتفاظ بالزعامة على عدد من النواب بحيث تكون لهؤلاء الرؤساء كلمتهم في انتخابات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة وتسمية وزراء، اذ لا بد من وقوف المرشحين لهذه المناصب الثلاثة على خاطر هذه الزعامة او تلك كونها تمون على عدد من اصوات النواب.

ومن المتضررين ايضا المرشحون الضعفاء للنيابة الذين لا يفوزون بها الا اذا اخذهم الزعيم على لائحته او اذا دفعوا له المبلغ المرقوم كي يحجز لهم مقعدا فيها.

اما كيف في استطاعة هؤلاء المتضررين من قانون يعتمد النسبية تعطيل اقراره، ان لم يكن في مجلس الوزراء ففي مجلس النواب والابقاء على القانون الحالي اي قانون عام 1960، فذلك بالاعتماد على الآتي:

اولا: ملف اقتراع اللبنانيين غير المقيمين في انتخابات 2013 ومهلة تسجيلهم تنتهي اواخر سنة 2012 ويشمل البلدان والقارات التي يقيم فيها هؤلاء اللبنانيون. وقد تلقت وزارة الخارجية والمغتربين جداول عن عدد المقيمين اللبنانيين في كل بلد والنسبة المئوية لعدد المقترعين فيها. وتبين ان بعضهم يغادرون من دون اعلام السفارة او يتوفون ولا يعطي احد من اقاربهم علما بذلك، وبعض آخر لا يعطون علما للسفارة اللبنانية او للقنصلية في امور تتعلق بأحوالهم الشخصية، مما يتعذر على البعثة اللبنانية في الخارج ضبط عددهم بدقة.

ومن جهة اخرى، فإن عدد الناخبين في الخارج بعد تسجيلهم لا يكون هو العدد الذي يقترع اذ بينهم من لا يرغب في الاقتراع كي يصير في الامكان تحديد مراكز اقلام الاقتراع وتجهيز القاعات لهذه الغاية وتقدير الكلفة لكل سفارة وقنصلية لتأمين اجراء الانتخابات فيها بما فيها كلفة وسائل الاتصالات مع الناخبين وربطها بوزارة الخارجية الكترونياً تسهيلاً لإتمام العملية الانتخابية على وجه صحيح.

يضاف الى ذلك ان بعض دول الاغتراب او المضيفة ترفض اجراء انتخابات على ارضها لأن قانونها يمنع ذلك وإلا فقد من يقترع جنسيته. وقد عممت وزارة الخارجية والمغتربين على البعثات اللبنانية والسفارات في الخارج القوائم الانتخابية الاولية الصادرة عن وزارة الداخلية والبلديات مع تعليمات بضرورة قيد اصحاب معاملات الاحوال الشخصية في السجل الاساسي للبعثات والطلب منها ايداع وزارة الخارجية والمغتربين لوائح بأسماء اللبنانيين المقيمين في منطقة صلاحية كل بعثة، وحضت الوزارة البعثات التي تأخرت في انجاز المطلوب منها على انجاز ذلك بحيث يتحقق تمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من الاقتراع في انتخابات 2013.

وتبين من جهة اخرى ان عددا من اللبنانيين المقيمين في البلدان العربية يفضلون المجيء الى لبنان اذا كانوا يريدون الاقتراع، في حين ان لبنانيين في دول اميركية واوروبية لا يبدون حماسة لتسجيل اسمائهم لدى السفارات او غير مهتمين بالامر، حتى اذا صار تسجيل اسم الراغب في الاقتراع حيث يقيم في الخارج يشطب اسمه من اللوائح الموجودة في لبنان في حال كان اسمه واردا فيها لدورة 2013، وهذا يشكل سببا من اسباب عدم انجاز القوائم الانتخابية بصورة نهائية في انتظار قرار الناخب نفسه اذا كان يريد الاقتراع حيث هو في الخارج ام يريد ان يقترع في لبنان. ولوحظ ان نسبة الراغبين في الاقتراع حيث هم في الخارج لا تزال حتى الآن ضئيلة. فاذا لم تتحسن هذه النسبة فإن فكرة تمثيل المغتربين بعدد من النواب في المجلس قد تستبعد.

وتنتظر وزارة الخارجية والمغتربين اكتمال المعلومات والاحصاءات كي ترفع تقريرا بذلك الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب.

ثانيا: خفض سن الاقتراع لتمكين من اكملوا الـ18 سنة من الانتخاب. والموافقة على خفض السن مرتبطة بالنسبة الى عدد من النواب بالموافقة على كل الاجراءات المتعلقة بتمكين اللبنانيين المقيمين في الخارج من الاقتراع حيث هم. فاذا لم تتم الموافقة على ذلك او تأخرت وزارة الخارجية والمغتربين لسبب من الاسباب في انجاز هذه الاجراءات، فانهم قد لا يوافقون على خفض سن الاقتراع ولا على اعتماد القاعدة النسبية وهي القاعدة التي تصبح مقبولة لانها قد تغير النتائج وذلك اعتمادا على اصوات اللبنانيين الموجودين في الخارج.

وثمة من ينتظر الاطلاع على عدد اللبنانيين الذين سجلوا اسماءهم للاقتراع حيث هم لمعرفة حجم هذا العدد والى اي حزب ينتمي معظمهم والى اي مذهب كي يحددوا موقفهم من منحهم حق الاقتراع ومن القاعدة النسبية ايضا. وثمة نواب اشترطوا للموافقة على القاعدة النسبية ضمان تحالفهم مع زعماء احزاب وتكتلات وتيارات من اجل ضمان فوزهم على اساس هذه القاعدة خصوصا اذا ما اعيد النظر في تقسيم الدوائر الانتخابية بحيث يصبح لكل ناخب صوت واحد.

لذلك لا بد من انتظار انجاز ملف اقتراع اللبنانيين غير المقيمين في لبنان وعرضه على مجلس الوزراء كي يبنى على الشيء مقتضاه.

 

قوّمت ايجاباً مواقف ميقاتي من المحكمة وتحييد لبنان

كونيللي لـ"النهار": لا اجراءات ضد المصارف

روزانا بومنصف/النهار    

لقي الموقف الذي اعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من باريس، على هامش مشاركته في المؤتمر الدولي حول ليبيا، لصحيفة "الحياة" صدى ايجابيا وترحيبا من الديبلوماسية الاميركية في بيروت. اذ ان السفيرة الاميركية مورا كونيللي قوّمت لـ" النهار" ايجابا ما قاله ميقاتي حول ثلاث نقاط: اولها اعلان رئيس الحكومة عزم حكومته "على تسديد مساهمتها في تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان"، وثانيها "رغبته في تحييد لبنان نفسه في هذا الظرف الدقيق" الذي تمر فيه سوريا وبعض الدول في المنطقة، الى جانب اعلانه ثالثا "التزام الشرعية الدولية خصوصا القرار 1701".

وهذا الموقف الاميركي الايجابي مبني على رغبة مسبقة في عدم رؤية لبنان يعاني من انعكاسات الوضع في سوريا نتيجة المواقف الدولية المتصاعدة على النظام وتزايد العقوبات الدولية عليه. ومع ان الديبلوماسية الاميركية في بيروت تنأى بنفسها عن اطلاق اي موقف يتصل بالوضع السوري باعتبار ان ما يتعلق بالوضع السوري يعلن من واشنطن او سواها من المحافل الدولية، فان تمايز الوضع اللبناني وعدم تماهيه مع الوضع السوري و"تحييد" نفسه، وفق ما اشار اليه الرئيس ميقاتي، شكل امرا جوهريا وضروريا لمصلحة لبنان ركزت عليه واشنطن قبل اشهر قليلة ولا تزال، اضافة الى ضرورة معالجة لبنان ما اعتبرته العاصمة الاميركية مواضيع حساسة فرضها الوضع المستجد في سوريا لجهة حماية المنشقين اللاجئين الى لبنان او تأمين لجوء مواطنين سوريين وتوفير المستلزمات الحياتية لهم. وهو امر حصل تقدم فيه وفق مصادر ديبلوماسية غربية، مشيرة في هذا الصدد الى ما تم تداوله عن خطف مواطنين سوريين اخيرا لاسباب مادية وامكان تحول ذلك الى مسألة بالغة السلبية على لبنان في حال صح ان خطف الاستونيين كان لاسباب مادية ايضا، مما يحتم على السلطة اللبنانية اخذ حذرها من تحول لبنان ساحة لمثل هذه الامور مجددا ومن الانعكاسات على صعد السياحة والاستثمار وسوى ذلك من الصعد الاخرى.

والمفارقة في الموقف الاميركي الذي كان اتخذ موقفا حذرا من تكوين الحكومة برئاسة ميقاتي، التي طغى عليها اللون السياسي الواحد في ظل ترقب لمواقفها من المحكمة والتزام القرارات المتعلقة بها فضلا عن ترقب مدى سيطرة "حزب الله" على قرارها، انه يجد ان الحكومة على ما يبدو لم تخطىء التصرف حتى الآن على الاقل في التعاطي مع القرار الاتهامي الذي صدر عن المحكمة الدولية ولم يتم رفضه، كما ان الحكومة تجاوبت مع طلب البحث عن المتهمين حتى الان وهو طلب يستمر قائما ايضا لشهر اضافي. كما لم تخطىء الحكومة التصرف وفق المصادر الديبلوماسية الغربية نفسها ازاء الموقف الدولي من سوريا الذي اعتمد في مجلس الامن وهو الموقف الذي انطوى على عدم وقف او تعطيل البيان الرئاسي الذي دان قمع الاحتجاجات الشعبية في سوريا وإن كان لبنان تحفظ لاحقا او ناى بنفسه على رغم ان لبنان قد يكون وفق هذه المصادر امام اختبار جديد آخر يتمثل في مشروع القرار المطروح امام مجلس الامن حول اتخاذ مواقف اكثر شدة من النظام السوري، كما ان الاختبار يبقى قائما في موضوع تمويل المحكمة لاحقا.

 وهو موقف قد يبدو غريبا بالنسبة الى افرقاء في الحكومة يتهمون العاصمة الاميركية بانها تقف وراء المعارضة وتحضها على اسقاطها وبالنسبة الى افرقاء خارجها ايضا. لكن يبدو واضحا في ضوء هذا التشجيع الخطوط المتاحة امام الحكومة لان تكون مقبولة خارجيا ام لا.

 وتؤكد كونيللي من جهتها "ان واشنطن لا تضغط على لبنان في اتجاه اعتماد موقف ضد النظام السوري او معه ولا في شأن اتخاذ اي خطوات تجاه سوريا مع فرض المزيد من العقوبات الاميركية والاوروبية على النظام هناك، كما انها لم تطلب من لبنان ذلك". وهي تنفي ما يتردد باستمرار عن خطوات واجراءات تعتزم واشنطن ان تتخذها ضد القطاع المصرفي اللبناني او بعض المصارف، "فهناك اجراءات اتخذت ضد البنك التجاري السوري اللبناني وهو امر ليس جديدا ويعود للعام 2005. اما اذا كانت الاجراءات التي اتخذتها واشنطن تؤثر على المصارف السورية فمن المحتمل ان تتأثر المصارف اللبنانية العاملة في سوريا ايضا ويفترض تقويم وضعها على هذا الاساس لكن لا استهداف من اي نوع للقطاع المصرفي او المصارف اللبنانية". وعلى رغم المخاوف التي يبديها كثر من انعكاسات للوضع السوري على لبنان خصوصا ما يثار عن احتمالات تدهور الوضع جنوبا في ظل اعتقاد ان الضغط على النظام يمكن ان يؤدي الى الهروب الى امر من هذا القبيل، فإن كونيللي لا تستبعد اي احتمال باعتبار ان المنطقة تظل مفتوحة على التطورات المفاجئة "لكنها لا ترى مؤشرات عملية تدعم مثل هذه المخاوف راهنا، والافرقاء المعنيون بهذه الاحتمالات يظهرون ضبطا للاجواء التصعيدية على نحو ملموس". وهو الامر الذي لا ينسحب كليا على احتمال حصول تطورات داخلية امنية لبنانية تبعا للتطورات السورية او امتدادا لها وفق ما يسود الانطباع في لبنان على نطاق واسع في ضوء تجارب سابقة. اذ يبقى ان "هناك قلق حقيقي لا يمكن تجاهله ازاء مثل هذه الاحتمالات من حيث تأثير عدم الاستقرار السوري على لبنان".

 

النائب دوري شمعون: توقّع انسحابات "بالجملة" من حكومة "المعاطف السود" ... : ميقاتي سيصطدم "بالحزب"... وعلى بري ان يختار بين الدولة والدويلة...  

سلمان العنداري/ موقع 14 آذار

اعتبر النائب دوري شمعون ان "تسلم لبنان لرئاسة مجلس الامن للمرة الثانية يعتبر استحقاقاً مهماً يتطلب مسؤولية كبيرة من الدولة اللبنانية، اذ ينبغي ان يكون على قدر عال من المسؤولية وان يلتزم خيارات وقرارات مجلس الامن وان لا يسير بعكس مسار الامور".

شمعون وفي حديث خاص ادلى به لموقع "14 آذار" الالكتروني قال: "يتعين على لبنان الرسمي التأكيد على التزامه واحترامه وتعاونه مع المحكمة الخاصة بإغتيال الرئيس الحريري، والالتزام بالقرارات الدولية الصادرة عن مجلس الامن، وان لا يعتمد سياسة ازدواجية من شأنها ان تفقده مصداقيته ودوره ورمزيته".

وعن الموضوع السوري في مجلس الامن قال شمعون: "على لبنان ان يحترم الارادة الدولية في نظرتها الى الاحداث في سوريا، وبالتالي فيجب ان يحترم القوانين الدولية وحقوق الانسان، اذ لا يمكن للبنان ان يساند الانتهاكات اليومية التي تتكرر في الشوارع السورية على طاولة مجلس الامن بأي شكل من الاشكال".

وعن مشاركة الرئيس نجيب ميقايي في مؤتمر اصدقاء ليبيا وعما اذا كان قد كسر العزلة الدولية عن حكومته بمشاركته هذه، قال شمعون: "الامر يتعلق بالرئيس ميقاتي نفسه وبطريقة سلوكه في المرحلة المقبلة، خاصة من ناحية التزاماته الدولية بالقرارات الدولية وبالشرعية الدولية وبالمحكمة الخاصة بلبنان". ورأى شمعون ان "مشاركته في مؤتمر اصدقاء ليبيا يحوي الكثير من الاهمية والرمزية".

وعن تصريح ميقاتي لصحيفة "الحياة" والذي قال فيه انه عازم على تسديد مساهمتها في تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، رأى شمعون ان "الرئيس ميقاتي برغم قربه من سوريا و"حزب الله" الا انه رجل اعمال له علاقات متينة مع الخارج، ومع الغرب بالتحديد، وبالتالي فلا اعتقد انه سيلتزم كلياً بما يقوله "حزب الله"، متوقعاً وقوع "صدام سياسي حام مع "الحزب" في الاسابيع القليلة المقبلة".

وتوقع شمعون ان "ينسحب العماد ميشال عون من الحكومة تحت شعار الكهرباء، وان ينسحب "حزب الله" بدوره من حكومة الرئيس ميقاتي بذريعة المحكمة الخاصة بلبنان، وبذلك تتحول "حكومة المعاطف السود" الى حكومة تصريف اعمال هرباً من الاستحقاقات الداهمة على المستوى الدولي، خاصة في ما يتعلق بموضوع المحكمة الخاصة بلبنان وبالقرارات الدولية".

وعن الخطاب الاخير لرئيس مجلس النواب نبيه بري في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر، رأى شمعون ان "خطاب الرئيس بري الاخير لم يأت بجديد، الا اننا نقول لدولته انه لا يمكن بناء دولة حقيقية في ظل جيشين ودولتين، وبالتالي فيتحتم علينا الاختيار بين الجيش اللبناني والدولة والمؤسسات وبين الميليشيات والسلاح غير الشرعي واللاقانون".

واضاف: "المقاومة سقطت كلياً، فعن اي مقاومة يتحدث بري؟، فالمقاومة التي تحارب اسرائيل تحولت الى فصيل عسكري خارج عن الدولة والقانون يحاول فرض سلطته على الارض من خلال التسلط ووضع اليد على الدولة والحكم بكل الوسائل الممكنة".

وعن ملف الكهرباء المطروح من قبل رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون اعتبر شمعون انه "من غير المقبول ان يتسلم الوزير جبران باسيل مبالغ طائلة من المال بدون اي رقابة مسبقة، ومن غير المقبول ان يتعاطى العماد عون مع هذه الملفات الحساسة بهذه الطريقة العصبية والفوضوية والعشوائية".

واضاف: "على العماد عون الموافقة على تمويل المشاريع الكهربائية من الصناديق العربية والدول المانحة بفوائد اقل وبمزيد من الرقابة بدل دفع الدولة الى الاستدانة الامر الذي يرتب عليها تكاليف هائلة من شأنها ان ترهق الخزينة والمالية العامة".

وعن الاحداث الدائرة في سوريا، اكد شمعون دعمه المطلق "للشعب السوري في نضاله ضد انظمة الاستبداد والقتل"، متمنياً ان "تتحول سوريا الى دولة تحترم القرارات الدولية وتحترم الدولة اللبنانية ووجودها بعد عقود من اعتبارها جزءاً من الامبراطورية البعثية لا اكثر ولا اقل"، مشيراً الى ان "اسقاط النظام في سوريا سيبدل الامور لمصلحة البلدين".

 

انطوان صفير: المحكمة لن تتوقف حتى لو توقف التمويل... وفي حال عدم تعاون الحكومة، سيرفع الأمر لمجلس الأمن لوجود قوة تنافس السلطة اللبنانية على سيادتها  

  موقع 14 آذار/غسان عبدالقادر

وسط حماوة الوضع الأقليمي المحيط بلبنان والترقب الحاصل على المستوى الدولي، يرتبط لبنان بسلسلة من القرارات الدولية التي يقع على عاتقه تنفيذها جزئياً أو كلياً.

وإزاء ما يراه عدد من الخبراء في القانون الدولي من تلكؤ من جانب حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في خوض بعضها أو العمل على إفراغ بعضها الآخر من محتواه، فإن الأسئلة تكثر حول مقدرة الدولة اللبنانية على الإستجابة لمسؤولياتها في هذا الإطار.

من جهته، أعتبر الدكتور انطوان صفير، أستاذ القانون الدولي ورئيس مؤسسة مواطنون جدد، أنّ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان لن تتوقف عن العمل حتى لو أوقفت حكومة ميقاتي التمويل عنها. صفير وفي حديث خاص أدلى به لموقع "14 آذار" الألكتروني، رأى أنّه "في حال تأكد للمحكمة أن لبنان يرفض التعاون معها فإن الأمر سيحوّل إلى مجلس الأمن الدولي لإتخاذ الإجرءآت المناسبة".  وفيما خص اليونيفل، شدد الدكتور صفير على "أنّ وجودها ضروري في لبنان من أجل إضفاء رعاية دولية على حدوده". كما تطرق في حديثه إلى الشأن السوري معتبراً "أنّ السيناريو المرجح للتدخل في حال حصل سيكون من خلال قوات متعددة الجنسيات وبالتحديد تركية".

هناك أصوات تتعالى متناولة امكانية ايقاف تمويل المحكمة الدولية من قبل الحكومة التي يرأسها نجيب ميقاتي. فهل الحكومة اللبنانية قادرة من خلال ذلك على ايقاف عمل المحكمة؟

المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي على غرار كل هيئات الأمم المتحدة، بحاجة لتمويل أجهزتها القضائية والإدارية وغيرها بناءاً على موازنة سنوية. وقد نصّ نظام المحكمة بالإضافة الى قواعد الإجراءآت والإثبات على هذا الموضوع. ووفقاً لما تقدم، يتحمل لبنان ما عليه من التمويل وهو 49%، في حين أن هناك 51% من التمويل يقع على عاتق المجتمع الدولي. ونذكّر أن موضوع التمويل يطرح سنوياً طالما استمرّ عمل المحكمة الدولية من تحقيقات ومحاكمات وما شابه. فالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان أنشئت بموجب القرار الدولي 1757 ولذا فعلى لبنان القيام بموجباته العقدية بموجب مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة اللبنانية والمحكمة وبالتالي فعليه أن يدفع ما عليه من حصة. وإن امتنع لبنان عن دفع هذه الحصة، كما في حال لم تقم دول اخرى بهذا الواجب، فإنّه على الأمين العام البحث عن مصادر تمويل أخرى لضمان عمل المحكمة. وهذا الإمتناع من قبل لبنان يشكل عدم التزام أمام المجموعة الدولية ولكن لا يوقف أو يعيق عمل المحكمة في أي شكل من الأشكال.

وماذا يحدث في حالة امتناع لبنان عن تنفيذ تعهداته الأخرى بالتعاون مع المحكمة ؟

شهدنا مؤخراً حالة طلبت فيها المحكمة من لبنان تنفيذ مذكرات توقيف بعدد من المطلوبين المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ورأينا أنه مع انتهاء مهلة 30 يوماً التي حصل عليها لبنان لإلقاء القبض على هؤلاء المتهمين، بعث لبنان بكتاب رسمي إلى المحكمة أعلن فيه عدم تمكنه من تنفيذ عملية القبض على المطلوبين. ونحن هنا أمام فرضيتين: الأولى أن تأخذ المحكمة بعين الإعتبار أنّ لبنان غير قادر على ذلك ربما لوجود سلطة أخرى تنافس السلطة اللبنانية على سيادتها الوطنية في مناطق معيّنة.

الفرضية الثانية هي عدم إرادة لبنان أو عدم رغبته بالتعاون مع المحكمة الدولية وأنّ تعاونه هو شكلي مما يضعه في مواجهة مع المجتمع الدولي.

ووفق ما تنص عليه المادة 20 من قواعد الإجرءآت والإثبات وهي أنه في هذه الحالة سوف يعتبر لبنان غير متعاون، يقوم قاضي الإجرءآت التمهيدية برفع محضر قضائي إلى رئيس المحكمة الذي يقوم بدوره بحث السلطات اللبنانية على القيام بما يلزم للتعاون.

وإذا أصبح لدى رئيس المحكمة قناعة بأنّ لبنان لا يريد التعاون فإنه سيحيل المسألة الى مجلس الأمن لاتخاذ القرار في ذلك.

في المرحلة المرتقبة، هناك مساران متوازيان: المسار الأول هو المسار القانوني-القضائي المتمثل بالمحاكمة الغيابية أو الوجاهية في حال تم توقيف اي من المتهمين وفق مذكرات التوقيف الدولية التي يتولى الإنتربول الدولي أمر تنفيذها. المسار القانوني-غير القضائي هو في الإجرءآت التي يمكن لمجلس الأمن الدولي القيام بها في حال رفعت المسألة إليه على اعتبار أن لبنان غير متعاون مع المحكمة الدولية. ألا تشكل مواقف حزب الله كونه عضواً في الحكومة اللبنانية رفضاً مباشراً للمحكمة؟

لا علاقة مباشرة بين المحكمة وبين أي رأي سياسي في هذا الإطار. العلاقة هي مع السلطات اللبنانية بموجب المذكرة الموقعة والتي تنص أن تشكيل المحكمة جاء بناءاً على طلب الحكومة اللبنانية. وهنا علينا أن نفك الإرتباط بين السياسي والقانوني وأن لا نخلط بينهما. لأن أي كلام خارج المحكمة وعملها هو سياسي وبالتالي لا يعني المحكمة ولا يعنينا كخبراء ومراقبين ومتابعين لهذا الشأن. وأنا أشدد على أن الردّ على هذه الإتهامات لا يكون إلا داخل المحكمة.

أين قصّرت اليونيفيل في واجباتها فيما خص تنفيذ القرار 1701؟ هل ما زال هناك من حاجة اليها؟

أُنشأت اليونيفيل بموجب القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في العام 1978 بعد قيام إسرائيل بإجتياح جزئي للجنوب اللبناني. في ذلك الوقت كانت هذه القوة تعمل وفق قرار صادر تحت الفصل السادس الذي لا يلجأ للقوة الزجرية لتنفيذ القرارات. وبالتالي لم يكن دور اليونيفيل فاعلاً لأن صلاحياتها والمهام الموكلة اليها كانت محدودة ومحصورة في اطار معيّن. ومع القرار 1701 الصادر في العام 2006، تبدلت مهمة قوات اليونيفيل لتكون اكثر فعالية وشمولية. كما زاد عديدها وعدتها مع 15 الف جندي من بلدان غربية وإسلامية وشرقية، وبالتالي فقد أصبح التعرض لقوات اليونيفيل هو تعرض لدولها.

أما فيما خص مهماتها فلا يمكن ان تكون كاملة لأن الـ1701 نفسه لم يكن كاملاً؛ إذ أنه يمكن أن يكون هناك سلاح غير سلاح الجيش اللبناني. من هنا تطرح مسألة قدرة اليونيفيل على تنفيذ مهامها من الجهة اللبنانية. أما على الجانب الإسرائيلي، فقد سجلت كذلك خروقات تقوم بها الطائرات الإسرائيلية إلى جانب بعض الخروقات البرية والبحرية. وأتساءل هنا عن قدرتها على فك الارتباط في حال حصول نزاع. وهذه القوات لا تستطيع أن تقوم بأي عمل جدّي إلا في حال توافر الظروف السياسية الدولية لذلك. وأنّبه هنا إلى أن اليونيفيل لا يجوز أن تكون في مجال المبارزة السياسية أو صندوق بريد لإرسال الرسائل. ومع هذا نقول ان هناك حاجة لوجود اليونيفيل لأنها تضفي رعاية دولية على الحدود اللبنانية ومن دونها يصبح الأمر متفلتاً أكثر ومن دون حسيب أو رقيب أو ضوابط في حال إشتعال نزاع عسكري في ظل تخوف حقيقي من هذا الإشتعال.

بالنسبة لما يحدث في سوريا منذ 6 أشهر، هناك طرح لفكرة تدخل عسكري تحت عنوان انساني. فهل هناك امكانية لهكذا تدخل في ظلّ الظروف الأقليمية والدولية الراهنة؟

لا يمكن الكلام عن تدخل انساني دولي لأن هكذا تدخل لا يمكن القيام به إلا بأمر من مجلس الأمن الدولي القيّم على رعاية السلم والأمن الدوليين. من هنا فإن المشكلة تقع في قدرة مجلس الأمن على استخدام صلاحياته في ضوء احتمال اللجوء الى حق النقض الفيتو من قبل كل من الصين وروسيا، الداعمتين حتى الآن للنظام الحاكم في سوريا. ولذا فإن الفرضية الأولى غير محققة. تبقى فرضية أخرى هي تلك التي لا تدخل ضمن مجلس الأمن بل من خلال سيناريو شبيه للقوات المتعددة الجنسيات التي قدمت الى لبنان في العام 1982، ولتلك التي شاركت في الحرب على العراق في العام 2003 وكذلك لما قام به حلف الناتو في ليبيا مؤخراً أي في العام 2011. وتعتبر هذه هي الفرضية الأكثر احتمالاً مع وجود تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والتي تمتد حدودها لمئات الكيلومترات مع سوريا. كما لفتني اليوم طرد السفير الاسرائيلي من انقرة مع تجميد كل الاتفاقيات العسكرية مع اسرائيل. وهذا مؤشر إضافي على الدور العالمي الذي تلعبه تركيا على الصعيدين الإسلامي والأوروبي، من خلال وجودها بين الشرق والغرب. ولا أرى أي تراجع في هذا السياق عن المواقف السابقة التي تبنتها تركيا تجاه النظام في سوريا ومع ما رافقها من مهل. وأعتقد أنّ التوقيت ليس جاهزاً حالياً لأي تدخل تركي في هذا لإطار حتى الآن لأن الموضوع يتطلب توافقاً بين الدول الفاعلة حسب التوقيت والأجندة لهذه الدول.

 

النائب عماد الحوت: المواقف من سوريا أقل من حجم الجرائم المرتكبة.: استمرار الحكومة ليس بيد ميشال عون... وفريق فيها يتهرب من استحقاقات المحكمة  

موقع 14 آذار/باتريسيا متّى

رأى النائب عماد الحوت أن مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في "مؤتمر المساندة ليبيا الجديدة" طبيعية على اعتبار أن "الأخير يمثل لبنان في لجنة المتابعة العربية للشأن الليبي وكونه رئيساً للحكومة اللبنانية", لافتاً الى أن "المجتمع الدوليّ لم يفرض حتى الساعة عزلة على لبنان نظراً لتكرار شخص الرئيس ميقاتي التصاريح المؤكدة التزامه القرارات الدولية ومتطلباتها". النائب الحوت الذي يشغل منصب عضو المكتب السياسي للجماعة الإسلامية، تطرق خلال حديث خصّ به موقع "14 آذار" الالكتروني الى تناقض موقفي الرئيس ميقاتي المؤكد التزام قرارات المحكمة وتشديد حزب الله على أنه لا قيمة لهذه المحكمة الاسرائيلي، فإعتبر أن "لهذه الازدواجية دلالتين فإما أن الحكومة نفسها هي غير منسجمة وتضمّ فرقاء متناقضين في عدد من لا بأس به من المواقف منها ما يتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان أو أنها استراتيجية معتمدة من الفريق للتهرب من استحقاقات المحكمة".

الحوت الذي أكدّ أن رئاسة مجلس الأمن سترتب على الرئيس ميقاتي عبئاً اضافياً في ظلّ القرارات الدولية، رأى أن الملف الرئيسي المحرج للبنان في هذه المسألة هو الوضع السوري وموقف مجلس الأمن منه" معتبراً أن "المجتمع الدوليّ لا زال في حالة تخبط مما تشهده سوريا", مشيراً الى "أن المواقف المتخذة أخيراً لا تزال أقل بكثير من حجم الجرائم ضد الانسانية التي ترتكب بحق الشعب الشقيق". كما توقع في الاطار ذاته "تصاعداً تدريجياً للمواقف بحق سوريا خلال شهر أيلول والضغط سيكون مركزا أكثر على هذا النظام".

هذا وشددّ الحوت على أن "الحوار الذي تكلم عنه رئيس مجلس النواب نبيه بري في خطابه الأخير لا يزال مطلوب في كلّ لحظة لتجنيب لبنان أيّة خضة أمنية أو أزمة داخلية ولكنّ اذا كان هناك نيّة جدية للوصول الى استراتيجية دفاعية حقيقية فأذكر بأن الطرف الوحيد الذي لم يقدم أي تصور لاستراتيجية دفاعية هو حزب الله الذي يملك سلاح المقاومة مطالباً الحزب بوضع تصور لانخراط المقاومة في اطار مشروع كامل للدولة".

كما رأى الحوت في السياق نفسه أن "دعوة بري للحوار تحمل في طياتها تهربا من الموضوع الحقيقي وهو انعدام الثقة بين اللبنانيين فيما يتعلق بواقع المقاومة الذي أصبحت فيه بعد دخول جزء من سلاحها الى الداخل اللبناني". وردّاً على سؤال حول ملّف الكهرباء الذي يصرّ الوزير باسيل على التصرف به وفق مصالحه الخاصة، توقع الحوت "الوصول الى تسوية تؤمن مجموعة الضوابط التي طالبنا بها كنواب في المجلس النيابي المتمثلة بوضع الموازنة في تصرف الحكومة وليس الوزارة وأن يتم العمل على انشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء اضافة الى تقديم مشروع واضح يمكن مناقشته للاطمئنان على مصير الأموال وكيفيّة صرفها".

وختم الحوت حديثه مشيراً الى أن "قرار استمرار الحكومة ليس بيد العماد ميشال عون بل في المكان الذي سرّع تشكيل الحكومة خلال 48 ساعة وبالتالي اذا كانت الأجواء الاقليمية تستدعي بقاء الحكومة فالعماد عون لن يقدم على أية عملية تعطيل واذا كانت تتطلب تحويل الحكومة الى تصريف أعمال فسيبادر وزراء عون الى الاعتكاف".

 

النائب نضال طعمة: من يضع الخطوط الحمر للجيش اللبناني ليس قوى 14 اذار،

ومن قتل الطيار سامر حنا لم يكن "تيار المستقبل وقوى 8 اذار تشن حرباً استباقية لشرذمة "التيار" في انتخابات عام 2013 

موقع 14 آذار /سلمان العنداري

علق عضو كتلة "المستقبل" النائب نضال طعمة على الحملة الاعلامية على تشنها قوى الثامن من آذار بوجه "تيار المستقبل" على خلفية كلام النائب خالد الضاهر عن المؤسسة العسكرية الاسبوع الماضي، فقال: "لا يزايدن علينا احد على محبتنا ودعمنا المطلق امس واليوم والى الابد للجيش اللبناني، على اعتباره المؤسسة الاخيرة التي نعلق عليها كل الآمال، وبالتالي فإن الاتهامات التي تساق من هنا وهناك باطلة وباهتة وشاحبة وبعيدة كل البعد عن المنطق والحقيقة".

طعمة وفي حديث خاص ادلى به لموقع "14 آذار" الالكتروني اتهم "قوى الثامن من آذار بإستغلال ما قاله النائب خالد الضاهر الاسبوع الماضي عن الجيش اللبناني وتصويره وكأن قوى الرابع عشر من آذار و"تيار المستقبل" في مواجهة مع هذه المؤسسة العسكرية، في محاولة لخلق شرخ بيننا وبين الجيش".

واضاف: "من يضع الخطوط الحمر للجيش اللبناني ليس قوى الرابع من آذار ، ومن قتل الطيار سامر حنا لم يكن "تيار المستقبل"، وبالتالي فلتتوقف آلة قوى الثامن من آذار الإعلامية عن الإفتراء والضياع في الاحداث، لاننا نريد جيشاً واحداً قوياً وقادراً يحمي البلاد من الشمال الى الجنوب، ويكون السلاح وقراري السلم والحرب محصوراً به فقط".

وعن العلاقة بين "تيار المستقبل" بسماحة المفتي محمد رشيد قباني، اكد طعمة "ان العلاقة مع سماحة المفتي جيدة بالرغم من بعض التيابين في وجهات النظر، الا اننا نكن الكثير من مشاعر الاحترام والمودة و التقدير لسماحته"، لافتاً الى ان "كل محاولات الايقاع بالعلاقة بين التيار والمفتي لن تنجح وهي احلام واهية لن تتحقق".

ووضع طعمة "ما يحصل اليوم من حملات اعلامية وسياسية مغرضة ضد "تيار المستقبل" في اطار الحرب الاستباقية التي تقوم بها قوى الثامن من اذار قبل اقل من سنتين على الانتخابات النيابية المقرر عقدها عام 2013، لاسقاط التيار سياسياً وشعبياً، ولخلق انشقاقات داخلية داخل الصف الواحد، الا ان محاولاتهم الفاشلة مكشوفة ومفضوحة ولن تصل الى اهدافها مهما استعرت شاشاتهم واقلامهم". واعرب طعمة عن تخوفه من انهيار الوضع الامني في البلاد على خلفية الاوضاع الدائرة في سوريا، لافتاً الى ان "بعض الاطراف السياسية لا تكف عن التهديد والوعيد من ان الوضع الداخلي سيتدحرج وسينفجر كلياً اذا استمر المشهد السوري بالاحتراق، واذا ما سقط نظام بشار الاسد، مما يطرح الكثير من علامات الاستفهام على حقيقة ما تريده تلك القوى". هذا واكد طعمة ان ""تيار المستقبل" وقوى الرابع عشر من آذار يدعمان الشعب السوري ومعاناته ويشدان على يده في نضاله ضد انظمة القتل والبؤس والتعاسة والفساد، خاصة وان المظاهر العنفية التي نشاهدها يومياً على الشاشات تدفعنا الى رفع الصوت عالياً ضد النظام البعثي".

كما اعتبر طعمة ان "الاتهامات التي تساق ضد "تيار المستقبل" بانه يساعد المعارضة السورية ويمدها بالسلاح والمال, ساقطة ومرفوضة وغير منطقية ولن تجدي نفعاً على الاطلاق".

وتحدث طعمة عن مشاركة الرئيس نجيب ميقاتي في مؤتمر اصدقاء ليبيا والحديث عن كسر العزلة الدولية عن حكومته، قال: "على الحكومة ان تكف عن المكابرة وعن سياساتها الازدواجية، وان تتعاون مع المحكمة الخاصة بلبنان، وان تلتزم القرارات الدولية، ومن شأن هذه الخطوات وحدها ان تقيها من العزلة، لا اكثر ولا اقل".

واضاف: "ان الرئيس ميقاتي لا يملك القرار في حكومته، وبالتالي فان حديثه عن عزم حكومته على تسديد مساهمتها في تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان مرتبط بموقف "حزب الله" ونظرته الى المحكمة الدولية، مع الاشارة الى ان الحزب كان قد اكد اكثر من مرة ان المحكمة غير موجودة وغير معترف بها وبانها صهيونية واميركية ومسيسة ومفبركة، وبالتالي فسيكون بغاية الصعوبة ان ينفذ ميقاتي ما قاله في الحديث الصحفي الاخير الذي ادلى به". وتطرق طعمة لكلام الرئيس نبيه بري في ذكرى تغييب الامام موسى الصدر وحديثه عن الحوار والاستراتيجية الدفاعية، فقال: "لا نريد طاولة حوار مشروطة ببقاء السلاح وسيطرته على الدولة بأكملها، في ظل اعتبار ثلاثية الجيش الشعب المقاومة بأنها مقدسة لا تمس".

واضاف: "ما نريده هو بناء دولة حقيقية بسلاح واحد وبجيش واحد. لا دولة في ظل سلاح غير شرعي توجه الى صدور اللبنانيين، فكيف نعود الى طاولة حوار مفخخة ومرتبكة وغير صادقة؟". وعن تسلم لبنان رئاسة مجلس الأمن لشهر أيلول في عملية اجرائية للمرة الثانية خلال ولايته لمدة سنتين، تمنى طعمة " على الدولة اللبنانية ان تتحمل مسؤولياتها وان تؤكد التزامها القرارات الدولية والمحكمة الخاصة بلبنان، وان تحرص على تطبيق القانون الدولي وعلى احترام حقوق الانسان في كل مكان، وان لا تقف بوجه التيار بمواجهة الاسرة الدولية، خاصة في ما يتعلق بالوضع السوري".

 

النائب محمد الحجار:علامات استفهام حول صدقية كلام ميقاتي.

هناك ما يعدّ له حزب الله لتطيير الحكومة من أجل التنصل من المحكمة لأن مصلحته هي في تصريف الأعمال...  

باتريسيا متّى/موقع 14 آذار

اعتبر عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار أن "الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته هم من يقرر مصير علاقات لبنان الدولية وما اذا كانوا يريدون وضع لبنان في عزلة دولية أم في موقع التعاون مع المجتمع الدوليّ" لافتاً الى أن ذلك "انما يتعلق بالموقف من القرارات الدولية لا سيّما 1701 و1757 المتعلق بالمحكمة الدولية".

الحجار أكدّ في حديث خاص أدلى به لموقع "14 آذار" الالكتروني أنه "اذا كانت الحكومة مصرة على التعامل مع قرارات المحكمة بالخفة التي تتعاطى بها في هذه الفترة، فستكون هي السبب في عزل لبنان دولياً لأن قرار المحكمة صادر عن مجلس الأمن الدولي وجاء تلبية لمطلب الغالبية الساحقة من اللبنانيين".

هذا ولفت الحجار الى أن "حزب الله هو من أتى بهذه الحكومة وبالتالي فإن أمينه العام السيد حسن نصرالله هو رئيسها الفعلي وقرارات الحزب هي التي ستنفذ في هذه الحكومة", مشيراً الى "التناقض المسيطر بين مواقف ميقاتي اللفظية والخطوات الفعلية لهذه الحكومة التي تترجم مواقف نصرالله والتي تعتبر المحكمة اسرائيلية والضاربة عرض الحائط برأي اللبنانيين والمصلحة الوطنية والمتجاهلة لإنعكاسات مثل هذا الموقف الغير مسؤول على لبنان وشعبه".

وتابع: "الجميع يعلم أنه تمّ اسقاط حكومة الرئيس الحريري بسبب المحكمة الدوليّة وتمويلها", مذكراً بأن "بند تمويل المحكمة هو السبب الأساسي الذي لم يسمح لموازنة العام 2010 بأن تسلك طريقها الى المجلس النيابي".

كما اعتبر الحجار أن "تقديس حزب الله للمتهمين ورفعهم الى درجة الجهاد والقداسة ورفضه المطلق تسليمهم الى العدالة وما ورد في مقابلة مجلة التايم يؤكد أن حزب الله يحمي المتهمين ويخفيهم", مشيراً الى أن "كلّ ذلك يشكل مجموعة مشاهدات تطرح علامات استفهام حول صدقية كلام الرئيس ميقاتي وان كنا نتمنى أن يتم تسديد مساهمة لبنان في المحكمة للعام 2012 لتجنب انعكاسات سلبية لموقف غير واع قد تتخذه الحكومة من مسألة المحكمة ".

أما حول موضوع الكهرباء ومشروع الوزير باسيل، فلم يستبعد الحجار أن "يكون هناك اخراج يعدّ له لتطيير الحكومة تحت حجج مختلفة كتمويل المحكمة أو مشروع الكهرباء ليستطيع بذلك حزب الله التنصل من التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية ومستلزمات قراراتها", معتبراً أن "مصلحة حزب الله تكمن في تحويل الحكومة الى تصريف أعمال".

الحجار أكدّ في السياق ذاته على "ثبات موقف تيار المستقبل وقوى 14 آذار من ملّف الكهرباء بانتظار بتّه في المجلس النيابي", مؤكدا على "أننا لن نقبل بأي تمويل وسيكون لنا موقف حاسم من الوزير باسيل وعمّه (أي ميشال عون) ما لم يكن هناك خطة واضحة تحدّد كيفية التعاطي مع هذا الموضوع بالذات اضافة الى كيفية التعامل مع القانون رقم 462 الذي يطرح حلولاً جذرية لهذه المسألة". وختم الحجار كلامه قائلاً: "نطالب بالا يكون تمويل المشروع سبباً لأعباء جديدة على كاهل المواطن اللبناني وبالتالي فيجب العمل على تأمين تمويل المشروع من الصناديق العربية والدولية كما تم الاتفاق عليها في حكومة الرئيس الحريري وفي حال لم يتأمن ذلك فيكون البديل أبغض الحلال أي اللجوء الى سندات الخزينة وليس كما يقترح باسيل وعون برفض التمويل من الصناديق والاعتماد حصريا على سندات الخزينة التي تحمل المواطن أعباء اضافية بحدود ال75 مليون دولار سنويا طيلة فترة القرض”, لافتاً الى أن 'اصرار التيار الوطني الحرّ على سلوك هذا الطريق هو لتجاوز الرقابة والمحاسبة التي تؤمنها الصناديق ولكي تعبئ الأموال في جيوب المستفيدين".

 

لن يفلت قتلة أطفال الشعب السوري الحر

داود البصري/السياسة

الاستمرار في التجاهل السلبي لمجازر الأطفال السوريين من الضمير العربي والدولي هو أمر فضائحي وغير مقبول ويعبر عن انحدار أخلاقي حقيقي في مواجهة نظام عدواني بشع ومتغطرس باتت الحاجة إلى محاكمته محليا ودوليا أكثر من ضرورية, بل مسألة حتمية, وتصاعدات نيران الثورة الشعبية السورية والمستمرة فصولا دموية متوالية في ظل الإصرار الشعبي العارم على تحقيق الهدف المقدس, وهو ترحيل النظام إلى مزبلة التاريخ قد أدى بالضرورة, وبحكم المنهج الدموي للنظام السوري إلى زيادة الخسائر البشرية وبشكل مفجع وغير مسبوق في العالم العربي, فالنظام السوري قد أهدر كل فرص الإصلاح المزعومة لسبب بسيط, وهو انه غير قابل للإصلاح أبدا, ولا يمتلك أي رؤية سياسية أو موضوعية سوى الرؤية الأمنية الاستئصالية الدموية المفرطة التي شب عليها النظام وشاب, فالتنازل للإرادة الشعبية السورية خط أحمر لا يمكن لعناصر النظام القيادية أن تتجاوزه لأنها تعلم علم اليقين حجم الكراهية الشعبية لذلك النظام, ولأنهم يعرفون أيضا بأن القوة وحدها إضافة إلى التحالفات الطائفية, والإقليمية, والدولية ولسطوة أجهزة الاستخبارات السورية, هي العوامل الوحيدة التي تؤمن سلامة النظام واستمراريته في ظل فرض حالة التخويف والهلع في نفوس السوريين, واعتماد أسلوب البطش المباشر, والاستهداف الشخصي, والترويع المطلق, لكل من يفكر في انتقاد النظام, وليس مجرد معارضته, وفي ظل أوهام القوة والاستبداد ظل النظام السوري يعيش كذبة استمراريته ويفرض شرعيته المزيفة, والتي تهاوت أسسها وأعمدتها مع تمرد السوريين على عنصر التردد وكسرهم لحواجز الخوف, وكفرهم بالأصنام البائسة المتسلطة عليهم, والتي اعتبرت جموع الشعب مجرد خراف تنتقل ملكيتها من حاكم مستبد طاغ لأولاده وعشيرته, وهي حالة متخلفة لا يوجد ما يناظرها في الأنظمة السياسية الجمهورية المعروفة, لقد سقطت بثورة السوريين كل أوهام الماضي, وتبددت خرافاته وانكشفت, وبشكل فضائحي, كل ألاعيب النظام ودجله وحالة التخدير والشلل التي فرضها على الرأي الحر وعلى المجتمع المدني السوري المتحرر الرافض للعبودية والطغيان, ويبدو أن حالة الثورة الشعبية العارمة وسعي النظام إلى الحفاظ على نوعه ومستقبله قد أفصح عن كميات الحقد المجنون المسيطرة على ذهنية وعقلية قادة ذلك النظام, والتي عبروا عنها من خلال استهداف أرواح السوريين بالجملة والمفرق والتفنن في استعمال وسائل وأدوات التعذيب, والإفراط في قتل الأطفال الذين تجاوزت أعدادهم المئات, وبما جعل حتى حلفاء النظام المقربين يحاولون النأى بأنفسهم عنه, وبالتالي سحب بساط الدعم الواهي الذي ستبدده بكل تأكيد تضحيات السوريين التاريخية والشجاعة, ومع كل قطرة دم بريئة يسفكها نظام القتلة تتقلص مساحات الإفلات من العقوبات الصارمة التي سيفرضها الشعب السوري, والعالم الحر على مجرمي النظام وقادة شبيحته وفرقه الأمنية والمخابراتية والعسكرية.

ثورة السوريين الكبرى لم تنطلق لتخمد جذوتها, بل لتنتصر وترفع رايات الحرية الحمراء فوق روابي وصحاري وهضاب سورية العظيمة التي أذلت الجبابرة والطغاة, والتي لم تعتد الخضوع والركوع سوى لرب العزة والجلال الذي سينجز وعده وينصر عبده وينتقم من الطغاة والقتلة انتقام عزيز مقتدر, فدماء الأطفال والحرائر والرجال لا يمكن أن تذهب سدى, وستطيح رياح الثورة السورية الكبرى المتقدة بكل أولئك الأصنام الذين يتصورون أنفسهم بمنأى عن أي عقاب أو مساءلة, وعلى أحرار الشام تجهيز ملفات الاتهام والإدانة لكل مجرمي نظام البعث الشبيحي السوري الذي يعيش أيامه الأخيرة قبل الهروب الكبير المقبل, وقطعا لن يفلت القتلة وسينالون جزائهم العادل وستفضح أوراق وملفات كثيرة وسيصيب زلزال معلوماتي وأمني المنطقة العربية وستتهاوى حصون إرهابية ظنت واهمة أنها عصية على الاختراق والتلاشي.

إنه التاريخ, وهو يتشكل من جديد وبصورة غير مسبوقة في العالم العربي والشرق القديم, إنه موسم إبادة الطغاة, وقد تبلور على خارطة المجد السوري المشتعل بدماء الشهداء والشجعان.

لن يفلت أبدا قتلة الأطفال, وستدور على الباغي الدوائر.

*كاتب عراقي 

 

أفول شمس الأسد

رامي خوري/الشرق الأوسط

بيروت – الأمور لا تبشر بالخير بالنسبة للرئيس السوري بشار الأسد والشبكة المتلاحمة من الأقارب وهيئات الأمن وأعضاء حزب البعث ومعارفه من رجال الأعمال الذين يسيطرون على البلاد. وتزداد عزلة النظام السوري يوما بعد يوم داخل البلاد وخارجها، لكنه لا يزال متماسكا ومستعدا للقتال حتى النهاية. لكن لم تتضح بعدُ طبيعة هذه النهاية بالضبط، على الرغم من أنها تبدو وشيكة الآن، خاصة بالنظر إلى أحداث الأسبوع الماضي وأبرزها:

تصريح وزير الخارجية الإيراني بأنه ينبغي على نظام الأسد الاستجابة للمطالب السياسية المشروعة للمواطنين، وهو ما يعني أن القمع العسكري الذي يحدث في الوقت الحالي غير كافٍ لتهدئة الأمور والحفاظ على النظام القائم. كما تحدث حسن نصر الله، زعيم حزب الله في لبنان، علانية عن حاجة جميع الأطراف إلى العمل معا لوضع حد للتوترات السورية بصورة سلمية. وعندما يتحدث أكثر الحلفاء قربا لسوريا، وهما إيران وحزب الله، علانية، ويعترفان بأن المشاكل التي يواجهها النظام السوري عميقة ولا يمكن حلها من خلال الإجراءات الأمنية العنيفة التي يستخدمها النظام، فإن هذا مؤشر يدل على مواجهة سوريا لمأزق كبير.

أما على صعيد المنطقة، فقد استمرت تركيا في ممارسة الضغط على حكومة الأسد وذهبت إلى أبعد من ذلك، حين قالت إنها إذا اضطرت إلى الاختيار بين تقديم الدعم للزعماء أو الشعب فإنها ستختار الشعب. حتى جامعة الدول العربية، التي تعد إطارا قديما للشرعية العربية والعمل الجماعي، أعلنت عن مخاطر الاستراتيجية الحالية التي تتبعها الحكومة السورية، كما أرسلت الأمين العام لها إلى دمشق لتقديم خطة لحل هذا الصراع.

في الوقت نفسه، تحرك الأوروبيون نحو فرض حظر كامل على تجارة النفط السوري ومنتجات الطاقة، وذلك في إطار سعي الولايات المتحدة ومجلس الأمن، التابع للأمم المتحدة، لإيجاد طرق جديدة للضغط على سوريا.

لكن ما يبعث الذعر في نفس الأسد، بصورة خاصة، هو قيام مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، بدراسة تبحث فيما إذا كان رد فعل الدولة على ثورة المواطنين قد تضمن أعمالا يمكن تصنيفها على أنها جرائم ضد الإنسانية، وهو ما يعني أن نظام الأسد يتقدم ببطء نحو إدانته من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

الشيء الأكثر أهمية هو أن هناك 3 خطوات من جانب السوريين أنفسهم، أولاها: مجموعات المعارضة المتنوعة التي اجتمعت في تركيا، والتي أعلنت عن تشكيل المجلس الانتقالي الوطني. الثانية: تصريح بعض الجماعات المسلحة في سوريا بأنها ستسعى إلى الحصول على سلاح من أجل مقاومة الدولة عسكريا. الثالثة: مطالبة مجموعات أخرى في سوريا المجتمع الدولي بحمايتها مما تتعرض له من قمع عسكري من نظام الأسد.

كانت هذه جميعا خطوات صغيرة وفردية لم ترقَ إلى أن تكون خطوات حاسمة، لكن عند اقترانها بتحركات إقليمية ودولية، سيتضح مدى تضييق الضغوط الداخلية والإقليمية والدولية الخناق على النظام السوري والمؤسسة الحاكمة.

وقد أشار كثيرون، وأنا أحدهم، على مدار أشهر، إلى أن النظام السوري قوي الأركان والقواعد، كما أنه يحظى بشرعية لدى الكثير من السوريين.

لكن المشكلة التي يواجهها الأسد ونظامه الآن هي أنه أهدر الكثير من هذا الدعم وهذه الشرعية، وهو الآن «قوي» على نحو مختلف للغاية يجعله ضعيفا.

النظام السوري الآن أشبه بمجموعة من الجنود الأقوياء عند اجتماعهم معا في معسكر حصين تحيط به قوات معادية من جميع الجهات. ولا تزال هناك قيادات وأجهزة أمنية لها دور حاسم تدين بالولاء للنظام، فضلا عن قاعدة سياسية وديموغرافية من الدعم داخل البلاد، بالإضافة إلى عدد كبير من الدبابات والذخيرة ومليارات الدولارات وعشرات الآلاف من جنود المشاة.

لكن هذه الأصول كلها تم تجميعها في مساحة صغيرة تتقلص باستمرار مع ضعف العلاقات الإقليمية والدولية، علاوة على أنها تواجه حشودا شعبية هائلة تتزايد قوتها وحجمها وشجاعتها وقوتها السياسية بوتيرة ثابتة.. إن استخدام دبابات حربية لقتل مواطنيك ليس دليلا على قوتك بل على يأسك.

وقد فشلت محاولة النظام السوري لحل الأزمة من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات الأمنية القمعية والحديث المنمق عن الإصلاح السياسي، وأدت فقط إلى إثارة المحركات الثلاثة الأكثر أهمية التي ستحدد مستقبله، وهي: تراجع شرعيته ومصداقيته أمام قطاع واسع من الشعب، وازدياد حدة تحدي السوريين له داخل البلاد وخارجها، علاوة على الضغط الدبلوماسي التي تمارسه القوى الإقليمية والدولية عليه.

ومن المحتمل أن تظل سوريا في هذا الوضع لمدة أشهر وهي قادرة على ذلك. وإذا استطاع النظام الهروب من القوى التي تطوقه، فمن الممكن أن تكون لديه فرصة لتنظيم تغير تدريجي نحو نظام حكم أكثر انفتاحا وتحررا، لكن احتمالية حدوث ذلك في الوقت الراهن معدومة.

* محرر استشاري بصحيفة «ديلي ستار» ومدير معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية بالجامعة الأميركية في بيروت

* خدمة «نيويورك تايمز»

 

برّي يطوي صفحته

نصير الأسعد/لبنان الآن

إلى ما قبل فترة وجيزة، كان الرئيس نبيه برّي يوصف على نطاق سياسيّ واسع بأنّه survivor، أي القادر على "النجاة" السياسيّة بنفسه في كلّ الظروف وبإزاء المتغيّرات كافّة. وهذا الوصفُ لبرّي إستند إلى نجاته من تبدّلات العهود السوريّة السياسيّة والأمنيّة زمن الوصاية، كما إستند إلى نجاته في العام 2005 بعدَ الزلزال الكبير بإستشهاد الرئيس رفيق الحريري الذي أنتج في جملة ما أنتج سقوط الوصاية السورية على لبنان ونظامها الأمنيّ فيه. بل أكثر من ذلك، فإلى ما قبل فترة قصيرة كان ثمّة رهان في مكان ما حتى داخل 14 آذار على دور ما راهن ومستقبلّي لبرّي في ضوء المشهد اللبنانيّ المتوقّع بالصلة مع التحوّلات العربيّة الجارية.

.. إلى أن كانَ خطابُه الأخير الأربعاء الماضي في الذكرى السنويّة الـ33 لغياب الإمام موسى الصدر.

في الشكل بدايةً، وإذ يُسجّل لبرّي أدبه السياسيّ في مخاطبة الخصوم السياسيين بـ"الفريق الآخر" تارةً وبـ"الشريك في الوطن" تارة أخرى، كان واضحاً أنّ الخطيب متلعثم وأنّه بصعوبة يركّب "جملة مفيدة"، كما كان واضحاً تماماً أيضاً أنّه على قدر عالٍ من الإرتباك.

أمّا في المضمون فحدّث ولا حرج. فلم يجد برّي ما يدافع به عن إستمرار "سلاح حزب الله" وقد أصرّ على تسميته "سلاح المقاومة"(!) سوى العودة بالسامعين إلى عقود خلت ليفسّر وجود السلاح بقصور "عهود ما قبل الطائف" في بناء الجيش. لكنّه وبالرغم من قفزه بدون مبرّر فوق حال الجيش في مرحلة الوصاية بعد الطائف حيثُ جرى "لمّ" الجيش لا بناؤه وتطويره، فإنّ برّي لم يكلّف نفسه عناء شرح المبرّرات المستقبليّة لسلاح خارج الدولة. والمفارقة الكبرى أنّ برّي الذي كانَ يتحدّث في حضرة السيّد المغيّب، نسي أنّ صاحب الذكرى هو من رفع عنوان حصرية السلاح في يد دولة ما قبل الطائف وجيشها وإبتداءً من الجنوب!.

وفي المضمون أيضاً، دافع برّي بـ"شراسة" عن النظام السوريّ مسوّغاً دفاعه هذا بأنّ نظام الأسد "نظام ممانعة". والحال أنّ من درجوا على الدفاع عن ممانعة نظام الأسد، يوافقون ضمناً وعلناً على ما يعتبره النظام في سوريّا "الورقة اللبنانيّة" أو "الملّف اللبناني" في أحسن الأحوال، أي أنه يوافقون على الترادف بين "الممانعة" من ناحية وإستلحاق لبنان بنظامها من ناحية أخرى.

و"الأطرف" من كلّ هذا أنّ رئيس "حركة أمل" الذي تجاهل الحقيقة والعدالة اللتين يطالب بهما "الفريق الآخر" ومعه أكثر من نصف الشعب اللبناني، قال بـ"الحوار"، وهو حوارٌ لا منطق له ولا معنى بناء على ما قاله هو نفسه.

في هذا الخطاب إذاً، في الشكل وفي المضمون، كان الرئيس برّي مقيماً في دائرة الخوف من "حزب الله" فدافع بركاكة عن نظرية الحزب في السلاح من جهة ودافع عن النظام في سوريّا من جهة ثانية. والحقّ يُقال في هذا السياق إنّ برّي كفّ تماماً ونهائياً عن إعطاء نفسه هامشاً ولو ضئيلاً من التفكير والتعبير منذ ما بعد حرب تموز 2006. والحديثُ هنا يتعلّق بالأساسيّات وليس بالمناورات والتكتيكات المأذونة التي يعمد إليها من حين إلى آخر.

كذلك في هذا الخطاب، يحشر برّي، بوصفه الطرف الآخر في ثنائيّة التمثيل السياسي الشعبي، الطائفة الشيعيّة في الزاوية. فهو يضعها في مواجهة ما يراه اللبنانيّون من الطوائف الأخرى، ويضعها في مواجهة مع الشعب السوريّ بكلّ طوائفه ومشاربه، ولا يقدّم مقاربةً للوضع الشيعي تنتشله ممّا تمّ إيقاعه به من أجل المستقبل.

كانَ نبيه برّي في 31 آب رجلاً من الماضي السحيق. وفي 31 آب بدا أنّ الـsurvivor إنتهى على أعتاب الحاضر والمستقبل. وهكذا إكتمل المشهد الشيعي منظوراً إليه من زاوية الثنائيّة.

برّي و"أمل" خائفان ومرتبكان ومغلقان. و"حزب الله" مرتبك ومأزوم. وأزمةُ هذا الأخير ناجمةٌ عن عدّة عوامل متكاملة ومترابطة. فهو إذ يخسر حليفاً إقليمياً إستراتيجياً آيلاً إلى السقوط، لا يخفي أيضاً أنه مستغرق بـ"عوارض مرض" متعدّدة سواء تعلّق الأمر بالإختراقات أو تعلّق بالفساد أو تعلّق بـ"المركز الإيراني" غير المرتاح بإزاء داخله كما بإزاء الربيع العربي. هي أزمةٌ يمكن أن يُقال إنّها "أزمة التضخّم" غير القابل للإستمرار. والتضخّم غير القابل للإستمرار هو كذلك لإعتبارات إقليميّة. ذلك أنّ "حزب الله" هو مشروع إقليمي في لبنان، والتضخّم حصل بإعتبارات إقليميّة. وغني عن القول إنّ التحوّلات الإقليميّة ستلعبُ دوراً كبيراً في تحديد ما سيكونُه الحزب في المرحلة المقبلة. وهذا كله ليس مراهنةً على المتغيرات - علماً أنّ ليس في ذلك عيب – لكنّه قراءة موضوعيّة.

وفي هذا السياق لا بدّ من فتح الهلالين قليلاً.

ثمّة في الأيّام القليلة الماضية كلامٌ كثير عمّا سمّي "المواقف الإيرانيّة المستجدّة" حيالَ الوضع في سوريّا وحول بعض التحرّكات الإيرانيّة، إنطلاقاً من دعوة إيران لنظام الأسد إلى تسريع "الإصلاحات". وفي هذا الكلام الكثير ما هو حقيقي لكن فيه ما هو مبالغ به. فمّما هو حقيقي أنّ إيران تستشعر بلوغ نظام الأسد الحائط المسدود. وممّا هو حقيقي أيضاً أنّ إيران تحاول إرشاد بشار الأسد إلى مخارج معيّنة. لكن ما هو حقيقي في الموقف الإيراني مستحيل فعلياً. في المقابل، ثمّة مبالغة في الإعتقاد أنّ هناك إمكانيّة لفصل إيران عن النظام السوريّ، فهي مبالغة تكرّر نظريّة الإمكانيّة الموعودة طويلاً لفصل النظام السوريّ عن إيران. أمّا الإشارات - في الكلام الكثير عن المواقف الإيرانيّة المستجدّة – إلى إمكانيّة إنخراط إيران في تسوية إقليميّة – دوليّة "على" بشار فتبيعه طهران وهو على حافة السقوط لتقبض أثمانه في العراق وفي لبنان، فهي إشارات ليست فقط سابقة لأوانها لكنّها أساساً غير "دقيقة" بمعنى أنّ إيران لن تفعل هذا ولن تستطيع قبض أثمان سقوط بشّار الأسد، وهو في الأصل لا يُقدر بثمن بالنسبة إليها. وكلّ ذلك علماً أن لا مانع لدى إيران من "الإيحاء" بأشياء كثيرة لإستدراج عروض.

إنّ فتح الهلالين كان بهدف القول إنّ "حزب الله" أو مقربيّن منه أو محلليّن قد يحاولون "مداواة" أزمة الحزب بالحديث عن قدرته على تجاوزها، وكانَ – فتحُ الهلالين – بهدف القول أيضاً إنّ بين برّي و"حزب الله" فارقاً. ففي حين يُمكن أن يقال إنّ لـ"حزب الله" فتحة أو نافذة إيرانيّة، فإنّ برّي غارقٌ أو هو أغرق نفسه، بلا فتحات ولا نوافذ.. ويا لـ"غلطة الشاطر"!.

الآن، بالعودة إلى المشهد الشيعي، فإنّ الخلاصة التي يمكن تظهيرها هي أنّ الطائفة الشيعية ستعبر إلى المرحلة الجديدة بقوى تمثيل سياسيّ مُستهلكة. وهذا ما يعني أنّ ثمّة مخاضاً شيعياً تجديدياً مطلوباً للمستقبل.

ونقطةُ البداية في هذا المخاض، بعدَ أكثر من عقدين من "سورنة" الطائفة و"أرينتها"، هي إعادة تقديم الأطروحة الشيعيّة اللبنانيّة – العربيّة، إنطلاقاً من مرجعيتها الفقهيّة كما إنطلاقاً من إتفاق الطائف. إعادة تقديم الأطروحة الشيعيّة في ذاتها ثمّ في الإطار اللبنانيّ – الوطني العام. ثمّ تنوع الأطر الشيعيّة والشيعيّة– اللبنانيّة.

الخطأ في المرحلة السابقة كان في تشكّل "مجموعات شيعيّة" على مشاريع شخصيّة حيناً وإنتخابية حيناً آخر. والخطأ من جانب 14 آذار أو بعضها أنّها "إستهونت" إنتقاء بعض شيعتها بمقياس "الإستقراب". والخطأ أن جرى إعتبار المسألة الشيعيّة "ملفاً" أو بنداً على جدول أعمال لا نهاية لبنوده، في حين أنّ المسألة الشيعيّة مسألة شيعيّة ولبنانيّة تماماً كما كلّ المسائل المماثلة.

الـ survivor يطوي صفحته بيدَيه. عزاؤه أنّه عمّر سياسياً فترة طويلة.. صارت الآن من الماضي.

 

إستطلاع غربي لموقف "حزب الله" من التدهور السوري

اسئلة عن موقع الجيش وموقف لبنان من العقوبات

هيام القصيفي/النهار    

يستطلع عدد من الديبلوماسيين والباحثين الغربيين الوضع اللبناني مع عدد من الاختصاصيين الجديين والسياسيين المطلعين، من زاوية تأثيرات الوضع السوري الراهن عليه.

ويطرح هؤلاء اسئلة محددة عن الاحتمالات التي يترقبها لبنان اذا ما اتجهت الامور في سوريا نحو مزيد من التدهور، من زاويتين. الاولى مدى تأثيرات الحركة التركية والسعودية الى جانب القوى السنية الفاعلة على الارض في سوريا، وامكان تأثير الاتصالات التي تقودها القوتان السنيتان في الشرق الاوسط، في ظل موقفهما من النظام السوري على وضع حلفائهما في لبنان، مع لحظ الموقف العراقي في ظل تركيبته الحالية، من احتمال انهيار النظام السوري. اما الثانية فتكمن في معرفة ما اذا كان "حزب الله" ومن خلفه ايران، قد يتحركان لبنانيا من اجل القبض اكثر فاكثر على زمام الامور، والاحتمالات التي قد تطرح امام اسرائيل للتعامل مع اي انهيار سوري واي تطور ميداني على خط "حزب الله". وتدور الحوارات في لبنان حول السيناريوات المحتملة ارتباطا بتغير الاوضاع السورية، وجنوحها اما نحو الفوضى المنظمة والطويلة الامد لتصل تدريجا الى حرب اهلية واسعة النطاق، واما الانهيار السريع للنظام السوري. ووفقا للمتغيرات السورية وما قد تسفر عنه، تتغير المعادلات اللبنانية واسلوب ادارة ايران و"حزب الله" لوضعهما في لبنان. ولا يملك احد من السائلين او المحاورين اجوبة كاملة ومفصلة، في ظل تعدد الاحتمالات المطروحة، وتغير قواعد اللعبة الشرق الاوسطية، على نحو جعل النظام السوري في موقع حرج، بعدما خسر ورقته التي كانت تجعل منه النظام الذي لا يستغنى عنه.

الا ان ثمة قاسما مشتركا يتفق عليه الفريقان هو ان الوضع اللبناني يثبت يوما بعد آخر هشاشته الداخلية سياسيا وأمنيا، مما يجعل من اي فتيل اقليمي او داخلي، قادرا على اشعاله مجددا. في حين ان الهدنة السياسية اللبنانية الحالية، كانت ضرورية من اجل استطلاع آفاق الضغوط الدولية على سوريا، وجلاء ما اسفرت عنه الاتصالات السعودية - الايرانية غير المباشرة. وقد شكلت هذه الهدنة فرصة لايران و" حزب الله" لدرس اكبر مروحة من الخيارات التي يمكن اللجوء عليها تبعا لتطور الوضع السوري، لان اي تدهور سوري سريع يفقد الطرفين الظهر الخلفي والسند العربي لدورهما وموقعهما في المنطقة. من هنا يذهب الحزب الى تطبيع الوضع اللبناني الحكومي، فلا يغرق في المتاهات الجانبية ويترك لحلفائه مهمة ادارة اللعبة الداخلية، من دون ان يغفل عن استثمار نتائجها حين تدعو الحاجة.

ويطرح هؤلاء ايضا اسئلة محددة عن دور الجيش في المرحلة المقبلة، في ظل تعدد السيناريوات التي قد يلجأ اليها الحزب وايران طبعا كقوة فاعلة وقادرة على ضبط الوضع، ولا سيما ان ما سجل من احداث امنية اخيرة عاينها هؤلاء شمالا وبقاعا، اثارت لديهم هواجس مشروعة حيال قدرة المؤسسة العسكرية على مواكبة جدية لتطور الاحداث اللبنانية، وارتباطها بمجريات الحدث السوري. ويريد هؤلاء سماع اجوبة مختلفة عما يسمعونه من رواية رسمية يقدمها اليهم القادة الامنيون على مختلف المستويات.

ومن بين الاسئلة ايضا كيفية تعامل القيادات اللبنانية مع المسؤولين السوريين، الذين تصدر في حقهم يوما بعد آخر سلسلة من قرارات العزل الدولية، وخصوصا بعدما اعلن عن اتصالات رسمية لبنانية بالرئيس السوري ولقاءات مع سفيره في لبنان، في اللحظة التي كان يصدر البيت الابيض قرارات صارمة في حقهما وحق شخصيات سورية نافذة.

وتتمحور اسئلة الديبلوماسيين والباحثين وحواراتهم في لبنان على استطلاع آفاق الوضع الميداني السوري، من اجل معرفة اكثر عمقا لما يمكن ان تقبل عليه ايران، انطلاقا من معرفة اوساط لبنانية محددة بالتركيبة السورية السياسية والعسكرية والطائفية والعشائرية. ورغم ان صلة وثيقة تربط حلفاء سوريا بلبنان منذ عقود، الا ان ثمة خفايا وتركيبات لا تزال مبهمة ولا يدركها الا قلة من المطلعين بدقة على تفاصيل الحياة السورية اجتماعيا وسياسيا وحتى جغرافيا، وتركيبة القرى والبلدات والمحافظات السورية، ومدى ارتباطها بالدول المجاورة.

ويرصد هؤلاء بدقة وضع الجيش السوري ونواته وقوته العلوية التي يمكن ان تشكل وحدها معيارا لما قد تذهب اليه التطورات الميدانية بعد ستة اشهر، وما اذا كان يمكن الركون حقا الى خيارات علوية من داخل المؤسسة العسكرية بديلا من الطبقة الحالية التي تمسك بمفاصل القرار العسكري. ويتابعون كذلك ما ينقله سوريون من ذوي الثقة آتون من سوريا الى لبنان عن وضع المجتمع العلوي وطريقة متابعته وتفاعله مع الاحداث السورية، ومدى تكتل افراده من سياسيين وعسكريين وشرائح اجتماعية واقتصادية ورجال اعمال فاعلين، الى جانب نظام الرئيس السوري. وأهمية الرصد الغربي والحوارات مع افرقاء لبنانيين، انها تعكس الانتقال الغربي الى الملف السوري بعد مصر وتونس واليمن وليبيا، وتؤشر لخطورة الحالة السورية وانعكاسها المباشر على لبنان الواقع اساسا تحت ثقل تداعيات المحكمة الدولية. وكلا الوضع السوري والمحكمة الدولية يشكلان عنصرين ملائمين لأي طرف يريد اعادة عقارب الساعة في لبنان الى الوراء.

 

ميقاتي يلتزم تمويل المحكمة ولا يختزل رأي مجلس الوزراء

عدم التصويت مع القرارات الدولية لا يعني عدم تنفيذها

سابين عويس/النهار

لا توفر ندرة في المعلومات الواردة من باريس أي مؤشرات يمكن البناء عليها لتقويم مدى نجاح الاطلالة الدولية الاولى لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وان تكن بسبب مشاركته في مناسبة لا تعني لبنان مباشرة وانما تتعلق بالملف الليبي، الا ان سلسلة اللقاءات الجانبية التي عقدها على هامش مؤتمر "المساندة لليبيا الجديدة" الذي اطل منه ميقاتي للمرة الاولى على المجتمع الدولي فضلا عن الاتصالات التي أجراها بعدد من المشاركين تشير الى ان رئيس الحكومة تمكن من الرد على اسئلة الاسرة الدولية حول المواضيع التي يشوبها غموض او التباس في شأن موقف الحكومة اللبنانية منها، ولا سيما تلك المتعلقة بمدى التزام لبنان القرارات الدولية وموقفه من المحكمة. والواقع انه على رغم الاهمية المعطاة لليبيا راهنا لجهة تعزيز سلطة المجلس الانتقالي وتحسين قدراته، بدا من اوساط المشاركين ان الملف السوري كان حاضرا في المناقشات الجانبية، وكان لميقاتي حصته من الاستيضاحات حول المسائل التي تعني لبنان مباشرة من جراء ما يحصل في سوريا وموقعه ودوره في ذلك.

وفي حين كشفت اوساط قريبة من رئيس الحكومة عن لقاءات بارزة لميقاتي مع كل من الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون وامير قطر حمد بن خليفة آل ثاني ووزراء خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلينتون وفرنسا الان جوبيه وتركيا أحمد داود أوغلو والكويت محمد الصباح، فضلا عن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فلتمان، لفتت الى ان النقاشات والاسئلة التي طرحت على ميقاتي تركزت على ثلاثة محاور:

- الاول يتعلق بما سيكون عليه موقف لبنان الذي يترأس مجلس الامن حاليا من الوضع في سوريا ومن اي توجه نحو فرض عقوبات جديدة على النظام السوري. واوضحت المصادر ان رئيس الحكومة طرح معادلة تسهم في تحقيق تمايز في الموقف اللبناني يراعي خصوصية البلاد وموقعه. فبالنسبة الى ميقاتي، ثمة موقف لبناني مبدئي واضح بالنسبة اليه يقضي بعدم استباق اي قرار، بل بناء الموقف انطلاقا مما يحفظ مصلحة لبنان، وايا يكن ذلك الموقف، مع او ضد، فهو لا يعني اطلاقا ان لبنان لن يلتزم تنفيذ أي قرار دولي من دون ان يكون شريكا فيه. "فعندما يصدر القرار، ايا يكن مضمونه، يلتزم لبنان تنفيذه ولا يخرج بالتالي عن الشرعية الدولية"، على ما نقل عن ميقاتي قوله للامين العام للامم المتحدة خلال لقائه به، مضيفا: "انا ملتزم، ولن اسمح بتعريض لبنان لأي مخاطر تخرجه عن الشرعية الدولية".

- السؤال الآخر يتعلق بوضع الحكومة ومدى قدرتها على احتواء اي قرارات دولية من شأنها ان تطول سوريا وربما لبنان، وفهم ان ميقاتي اكد امام محدثيه نقاطاً ثلاثاً: الحفاظ على الاستقرار السياسي والامني للبنان، التزام تطبيق القرار 1701 ودعوة الدول المشاركة والداعمة الى الاستمرار في تقديم الدعم وطلب المساعدات للجيش اللبناني الذي يفتقر الى العتاد والاسلحة لينجح في القيام بدوره في حفظ الامن.

- اما السؤال الثالث فيرمي الى معرفة موقف الحكومة اللبنانية من تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وفي هذا المجال تكشف الاوساط عينها عن التزام رئيس الحكومة حيال الاسرة الدولية هذا البند. ولكن عند سؤالها عن المواقف الداخلية الصادرة عن اعضاء في الحكومة ومفادها ان رأي رئيس الحكومة، لا يعكس رأي الحكومة، اجابت المصادر بالقول ان رئيس الحكومة يعبّر عن موقف حكومته، ولكنه في الوقت عينه لا يختزل رأي مجلس الوزراء، وعندما تصل الامور الى حد الافتراض أنه سيكون هناك أكثر من موقف على طاولة مجلس الوزراء فلكل حادث حديث، وسيكون عندئذ لرئيس الحكومة موقف من هذا التباين اذا حصل. ومن غير المفيد استباق الامور قبل ان تطرح على طاولة مجلس الوزراء، حيث لكل ان يعطي رأيه ويدافع عنه. ويشار الى ان ميقاتي كان اتصل برئيس الجمهورية ميشال سليمان وعرض له نتائج الاتصالات واللقاءات التي اجراها في فرنسا خلال مشاركته في مؤتمر "المساندة لليبيا الجديدة".

 

انتقد بشدة عدم ضغط إدارته على روسيا لوقف المجازر ضد السوريين  

الكونغرس يتهم أوباما بمفاوضة الأسد "تحت الطاولة" ويدعوه إلى حسم موقفه

 حميد غريافي/السياسة

اتهمت جهات اميركية في الكونغرس ومسؤولون اوروبيون في روما وباريس ولندن والرياض وعواصم دول مجلس التعاون الخليجي والقاهرة إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما ب¯ "البطء السلحفاتي" في تعاطيها مع الثورات العربية التي تستقي مبادئ العالم الحر من ديمقراطية وحرية واستقلال, حتى أن ديبلوماسيا فرنسيا في الامم المتحدة بنيويورك شبه هذا "البطء" الذي يلهث وراء الثورات المتنقلة ليلحق بها متأخراً جداً بسلحفاتية نظام البعث في سورية الذي تجاوزته الثورة بأشواط ومازال قابعاً في كهف الاصلاحات والمفاوضات الكاذبة, وكلما أطلقت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون احد تصريحاتها الجديدة التي تدعو الاسد للتنحي, تكون بذلك تحاول لاهثة اللحاق بالثائرين في شوارع المدن والقرى من المدنيين السوريين الذين تجاوزوا حتى عملية التنحي هذه الى المطالبة بإعدام الأسد في لافتاتهم بعد اعتقاله ومحاكمته بتهم الابادة الجماعية وانتهاك حقوق الانسان.

وقالت الجهات البرلمانية الاميركية ان شمول العقوبات الأميركية وزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة الرئاسية بثينة شعبان والسفير السوري لدى لبنان علي عبد الكريم علي, بعد أكثر من خمسة أشهر من القتل والتنكيل وهدم المنازل وتهجير السكان إلى ما وراء الحدود وتدمير الشوارع والاحياء على رؤوس المتظاهرين المسالمين, تحت مقولة وصول اوباما هؤلاء الثلاثة متأخراً أفضل من عدم وصولهم إطلاقاً, "فهذه مقولة الضعفاء والعاجزين, والولايات المتحدة لاهي ضعيفة ولا عاجزة".

واشارت المصادر إلى أن وثائق كشفت الأسبوع الجاري, أن أوباما استمر في مفاوضة العقيد معمر القذافي حتى الشهرين الأخيرين, "عندما أدرك انه غير قادر على احياء الموتى".

ونقل احد قادة اللوبي اللبناني في واشنطن عن احد كبار اعضاء لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكونغرس قوله ان اوباما يختبئ وراء رفض الروس صدور اي قرار في مجلس الامن الدولي يدين نظام الاسد ويدعو الى معاملته بطريقة شبيهة بمعاملة القذافي, وهو (اوباما) على ما يبدو لايفعل الكثير لثني الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف عن رفضه هذا كما فعل من قبل بالنسبة للقرار 1737 الداعي الى حماية المدنيين في ليبيا بتدخل حلف شمال الاطلسي جواً", معرباً عن أمله "ان يستيقظ من تقاعسه حيال الشعب السوري ويتخذ القرار الصائب والانساني لإنقاذه من همجية نظامه البعثي الذي لا يرحم".

ولم يستبعد النائب الجمهوري ان يكون أوباما "مازال يفاوض نظام الأسد من خلف الستار كما فعل مع القذافي, لأننا بتنا نعتقد أن هذا العناد وذاك الصلف اللذين يمارسهما الرئيس السوري في وجه العالم مجتمعاً, لابد وأن يكون مبنيا على شيء, ونحن لا نعتقد انه الموقف الروسي المتذبذب فحسب, بل أبعد من ذلك, بحيث لم نعد نستبعد ان تكون إدارة أوباما فتحت قنوات اتصال مع النظام في دمشق لعدد من الاسباب من بينها الضغوط الاسرائيلية عليها لمحاولة انقاذ نظام الأسد الذي أمن لاسرائيل طوال السنوات الاربعين الماضية مخدة مريحة نامت عليها من دون خوف او مفاجآت, وربما لضرورة الحفاظ على نظام مشاكس ومارق في المنطقة يبرر باستمرار مخاوف دولها المعتدلة بعد تساقط كل الانظمة القمعية التي كانت تقوم بتلك المهمة لصالح الاميركيين وبعض الدول الاخرى".

وقال البرلماني الاميركي ان اوباما يقف حجر عثرة في وجه الاندفاع الاوروبي نحو بلوغ مرحلة حاسمة ضد نظام الاسد, و"هذا ما فهمناه من مسؤولين فرنسيين وبريطانيين وايطاليين واسبان وألمان زاروا الولايات المتحدة خلال الاسابيع القليلة الماضية, طالبين من جناحي الكونغرس (مجلسا النواب والشيوخ)ضغطاً أكبر على الرئيس الاميركي ومعاونيه ونائبه جو بايدن للاسراع في اتخاذ قرار تنحية بشار الاسد فعلاً لا قولاً عبر مجلس الامن, وحمل موسكو على الموافقة النهائية لإنقاذ المواطنين السوريين من مجزرة البعث المستمرة, ووضع حد نهائي لهذه المهزلة الانسانية التي تساهم فيها ادارة اوباما عن قصد او غير قصد".

 

أنطوان غوش فُقِد في إسبانيا ومصيره مجهول عائلته تطالب بكشف مصيره وملفّه ضائع

النهار/إثنا عشر عاما مرت على فقدان البحار انطوان غوش في اسبانيا ولا احد يعلم شيئا عن مصيره بعد، "على رغم ان الامر متيسر اذا ما قرر القضاء اللبناني القيام بواجباته في اجراء التحقيق المطلوب مع اصحاب الباخرة وقبطانها والمسافرين الذين كانوا على متنها. لكن اتضح ان ثمة ضغوطاً كبيرة تمارس لاخفاء ملف القضية في النيابة العامة، وهذا ما يزرع الشكوك في وجود قطبة مخفية وأمر مريب يصل الى حدود الجريمة" على ما يؤكده شقيقه شربل في لقاء مع "النهار" التي قصدها لعرض قضيته.

الاهمال الذي لقيته عائلة غوش على مدى احد عشر عاما في شأن اختفاء ابنها انطوان بلغ ذروته منذ شهرين، وهو ما جعل الشقيق الاصغر شربل يلجأ الى محاولة الانتحار للفت المسؤولين، وفي مقدمهم السلطة القضائية، وايلاء هذه القضية الانسانية الاهتمام الذي تستحقه وانهاء مأساة العائلة واقفال الملف سلبا ام ايجابا. لكن النتيجة كانت طرده من عمله ممرضا في احد المستشفيات من دون تعويض. وهو يلجأ في محاولاته اليائسة للاضاءة على مصير شقيقه الى وسائل الاعلام، وقد فتح صفحة عبر موقع "الفايسبوك"... ولا حياة لمن تنادي.

تحقيقات وتهديدات

ويروي شربل ان شقيقه "غادر لبنان في 10/9/1999 للعمل بحارا على متن الباخرة "ماري" التي يملكها ابرهيم اسكندر كفوري. وقد ابحرت من مرفأ شكا في اتجاه روسيا ثم اسبانيا، حيث وصلت الى مرفأ ويلبا في تاريخ 7/10/1999 وكان انطوان على متنها مع 22 شخصا من الجنسيات اللبنانية والسورية والرومانية، ورآه كل من قبطان السفينة نخلة الزيني والبحار نقولا ساسين ومسؤول البحارة موسى سوسان قبل ساعة من رسوها. وبعد ذلك فقد اثره لكن اغراضه من جواز سفر وثياب ومال بقيت كاملة في الباخرة".

وأجرت المباحث الجنائية تحقيقا في الموضوع استنادا الى كتاب من سفارة لبنان في مدريد، واستجوب كل من صاحب الباخرة وقبطانها لكن من دون نتيجة. ويقول شربل ان "ميلاد، وهو شقيق صاحب الباخرة، هددهم بأنه اذا تقدموا بأي شكوى تتعلق بفقدان شقيقهم انطوان، فإنه سيتقدم بشكوى مضادة يطالبهم فيها بمبلغ مئة ألف دولار". ويلفت الى "تضارب في اقوال المستجوبين، اذ بينما افاد القبطان ان الشرطة الاسبانية بحثت عن انطوان مدة سبعة ايام في البحر ولم تعثر عليه، وعممت اوصافه داخل الاراضي الاسبانية ولم يعثر عليه ايضا، نفى نقولا ساسين علمه بحضور الشرطة الاسبانية الى السفينة او حصول اي تحقيق فيها كما جاء في محضر الاستجواب. وهنا نسأل لماذا لم يجر اي تحقيق داخل السفينة التي تدل الوقائع على ان المفقود لم يغادرها؟ وكنا قد طلبنا لائحة باسماء الاشخاص الذين كانوا على متن السفينة للمطالبة بالتحقيق معهم، لكننا لم نتمكن من الحصول عليها الا العام الفائت بفضل مساعدة وزير الداخلية في حينه زياد بارود. وما يجعلنا نظن سوءا بما يجري هو حصول "خطأ" غير بريء مرتين في تحديد اسم المفقود، حيث اوردت سفارة لبنان في مدريد ان اسم المفقود هو فادي قزحيا غوش بموجب كتابها الرقم 169/12 تاريخ 9/5/2000، عوضا عن انطوان، كذلك ذكر في احدى المراسلات التحقيقية اسم انطوانيت غوش بدلا من انطوان". ويؤكد شربل ايضا ان اصحاب الباخرة قالوا له ما حرفيته: "كم هو ثمن شقيقك لندفع؟" وعرضوا علينا شيكات على بياض رفضناها. وهذا ما يؤكد لنا ان القصة غير نظيفة".

وفي تاريخ 30/11/2000 احال المحامي العام التمييزي الرئيس انطوان عيسى الخوري محضر التحقيق على رئيس قسم المباحث الجنائية المركزية لابلاغ انتربول مدريد بمضمونه والطلب اليه تزويد النيابة العامة التمييزية ما لديهم من معلومات في شأن هذه القضية، والافادة. ولا نتيجة ايضا.

شكوى نائمة

قبل انقضاء المهلة الزمنية تقدم شربل مجددا بشكوى الى النيابة العامة التمييزية في بيروت بشأن اختفاء شقيقه انطوان، واتخذ صفة الادعاء الشخصي، فأحيلت على النيابة العامة التمييزية في الشمال في تاريخ 22/9/2010، لكن تم أبلاغه ان "ثمة ملف تحقيقات سابقا في الموضوع غير موجود، لذلك لا يمكن السير بالشكوى الجديدة وتحريك القضية الا بعد العثور على الملف القديم"، على ما يقوله شربل. وهنا بدأت الجلجلة الجديدة للعائلة.

ويضيف: "قصدت وزير العدل السابق ابرهيم نجار فقال لي انه يجب رفع شكوى الى التفتيش القضائي للبحث عن الملف. وهذا ما فعلته. ومنذ سنة وأنا أراجع في الامر ولا يزال الملف ضائعا. وأسمعنا شربل تسجيلين صوتيين، الاول للمسؤولة عن التفتيش القضائي في الشمال تجيبه بأن "لا موظفين في المركز للبحث عن الملفات"، والثاني لمستشار وزير العدل يطالبه مجددا بالتوجه الى التفتيش القضائي. يبدو ان قدر اللبنانيين مع مآسي الاختفاء مرير وطويل، فهل يكون الحل على يد القضاء؟

*مي عبود أبي عقل    

 

في تقرير إستراتيجي لفورين أفيرز: ايران: سوريا خط الدفاع الامامي في وجه أميركا

الجمهورية

قالت نشرة "فورين أفيرز" للدراسات الاستراتيجية في تقرير لها حول ايران وعلاقتها بكل من سوريا والولايات المتحدة الاميركية "أن النظام الايراني هو واحد من الحلفاء القلائل المتبقين للرئيس السوري المحاصر بشار الأسد. وحاولت الولايات المتحدة الأميركية على مدى سنوات قطع العلاقات بين دمشق وطهران، ولكن الأزمة الحالية ساهمت في توطيد وتقريب العلاقات بينهما". ويضيف التقرير "أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي أوضح أن إيران تعتبر الثورة في سوريا خدعة أميركية موضحا في 30 حزيران :"إن التدخل الأميركي والإسرائيلي جلي في سوريا". وأكد في الوقت نفسه الدعم الإيراني للأسد مضيفا "حيثما يكون التحرك إسلامي وشعبي ومناهض لأميركا فإننا ندعمه".

وعلى رغم من الخلافات في مسائل أخرى، يبدو أن سائر النظام الإيراني يتفق مع طرح خامنئي بالنسبة الى سوريا. وقد صنف الحرس الثوري الإيراني (الباسدران) الثورة في سوريا على أنها مؤامرة أجنبية. وفي 8 آب، عقب زيارته القاهرة، كرر رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بوروجردي موقف خامنئي قائلا "بعد أن فقدت الولايات المتحدة الاميركية مصر، استهدفت سوريا".

ويقول التقرير: "بالنسبة لإيران، تعتبر سوريا الأسد خط الدفاع الأمامي في وجه الولايات المتحدة وإسرائيل، اما خط الدفاع الثاني المكون من "حزب الله" وحركة "حماس" فهو صامد بسبب ولائه المضمون. وحسب التقديرات الأميركية، فإن حزب الله يتلقى سنويا امدادات وأسلحة بقيمة 100 مليون دولار من طهران عبر الأراضي السورية. وسيجد الحزب صعوبة متزايدة في الاستفادة من الوكيل الإيراني ضد إسرائيل في حال أُغلقت الحدود السورية. وبالإضافة الى تبادل الأسلحة ووسائل المراقبة، أشارت مصادر موثوقة من اللاجئين السوريين الى أن طهران أرسلت قواتها الخاصة الى داخل سوريا من اجل سحق التظاهرات".

وحسب التقرير نفسه "فإن النظام الإيراني متعاطف بنحو خاص لأنه يرى أن الاحتجاجات في سوريا شبيهة بتلك التي اجتاحت إيران في العامين 2009 و2010. واعتبرت إيران في حينها أن هذه الاحتجاجات كانت محاولة تدعمها أميركا لتغيير النظام. وهي تعتبر الآن أن الاحتجاجات في سوريا هي مناورة أميركية تهدف الى تدمير حجر أساس النفوذ الإيراني في المنطقة المتمثل في محور إيران – سوريا – حزب الله. وقد أوضح هذه النظرية السفير الإيراني السابق في سوريا أحمد موسوي عندما قال:"أن الأحداث الحالية الجارية في سوريا صممها الأعداء الأجانب وهي تشكل الصيغة الثانية لأعمال التحريض والفتنة التي حصلت في العام 2009 في إيران". مضيفا "أن العدو يستهدف أمن سوريا وسلامتها... والمتظاهرون هم مرتزقة أجانب يتلقون اوامرهم من العدو ومن الصهاينة".

ويضيف التقرير: "في ضوء ذلك بات من غير المستغرب إذا اتخذت إيران إجراءات كبيرة من أجل إبقاء الأسد في السلطة. وحسب مسؤولين اميركيين، فإن أيران وابتداء من شهر نيسان بدأت تقدّم الأسلحة ووسائل المراقبة والتدريب الى الأجهزة الأمنية السورية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، اعترضت أنقرة شحنة أسلحة متوجهة من إيران الى دمشق".

ويفيد التقرير "أن النظام الإيراني زوّد الأسد أيضا التكنولوجيا الضرورية لرصد ومراقبة الرسائل الالكترونية والهواتف الخلوية ومواقع التواصل الاجتماعي. وكانت إيران قد طورت هذه القدرات عقب الاحتجاجات التي إجتاحتها عام 2009، وقد صرفت ملايين الدولارات من أجل إنشاء "جيش الانترنت" من أجل تعقب المعارضين الذين يستخدمون شبكة الانترنت. وتعتبر تكنولوجيا المراقبة الإيرانية من الأكثر تطورا وتعقيدا في العالم، وربما تحتل المرتبة الثانية بعد الصين. وبعد أن حصل النظام السوري على هذه التكنولوجيا بفترة وجيزة، رفع الأسد الحظر عن مواقع التواصل الاجتماعي بهدف إغواء المعارضين للخروج الى العلن".

ويشير التقرير الى أنه "حتى الآن، فإن الصوت الإيراني الوحيد الذي تجرأ على المسائلة عن الدعم الإيراني لنظام الأسد هو عضو مجلس الخبراء آية الله محمد علي دستغيب، أحد مراجع الشيعة الكبار. والذي شدد خلال جلسة لشرح القرآن في مدينة شيراز في 23 حزيران الماضي على أن الموارد الإيرانية يجب الاحتفاظ بها من أجل الإيرانيين، سائلا :"أين يجب أن ينفق المال العام الذي يمكن أن يجعل هذه الدولة من بين الأفضل في العالم؟ هل يجب إنفاقه في سوريا كي يستطيعوا قمع الشعب هناك؟".

ويختم التقرير: "من جهة أخرى، كان حليفا إيران الاقليميين الأبرز تركيا وحركة "حماس" مترددان في أن يحذوا حذوها. وإذ تقدر إيران تقدّر التحسينات المستجدة في علاقتها مع تركيا والتي جاءت مع صعود رجب طيب أردوغان الى السلطة، فإنها تريد من أنقرة أن تلعب دور الداعم لاستراتيجيتها الإقليمية. ولكن عندما إزداد انتقاد أردوغان للأسد، وتّرت إيران العلاقة مع تركيا، وحتى أن المسؤولين الإيرانيين اتهموا أردوغان علنا بافتعال التظاهرات في سوريا. وفي موازاة ذلك رفض المسؤلون في حركة "حماس" خلال الشهرين المنصرمين تنظيم مسيرات في قطاع غزة دعما للأسد. وحسب مصادر بارزة، فإن طهران قطعت التمويل عن حماس منذ ذلك الحين".

 

لماذا علي عبد الكريم علي؟

أسعد بشارة/الجمهورية

مع أنّ ورود اسم السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي في اللائحة الأميركية السوداء قد يبدو عن بُعد أنه مثير للاستغراب، فإنّ المطلعين على حركة السفير وعمله الديبلوماسي في بيروت لم يستغربوا الخطوة، ولم يفاجئهم قفز الادارة الاميركية من استكمال اللوائح السوداء داخل سوريا، الى اختيار سفير للنظام السوري في لبنان من دون سائر الشخصيات السورية داخل الادارة وخارجها في العالم العربي وأوروبا، وحتى في الولايات المتحدة الاميركية التي لا يزال السفير السوري يمارس عمله المعتاد فيها، على رغم العقوبات التي فرضت على مسؤولي بلاده.

لماذا علي عبد الكريم علي؟ وما هي اسباب وضعه على هذه اللائحة التي باتت تشمل معظم المسؤولين السوريين الذين تعتبرهم واشنطن مشاركين في قمع الثورة السورية؟

الواضح ان استقاء المعلومات حول حركة السفير السوري أتى من المصدر، أي من لبنان، وهذا الاستقاء انطلق من الحوادث الامنية اللافتة التي تعرّض لها مواطنون سوريون في لبنان، ودَلّت التحقيقات التي لم تنشر على دور السفارة في هذه الحوادث، بما يشير الى عدم امكان حصولها لو لم تكن قد نفّذت بقرار على اعلى المستويات، خصوصا حينما يتعلق الامر بخطف اربعة مواطنين أشقّاء أصرّوا على الاعتصام قرب السفارة السورية، وخطفوا بعد استجوابهم من قبل القضاء اللبناني في سراي بعبدا، وأكدت التحقيقات هوية الخاطفين ووجهة نقل المخطوفين، واكتمل الملف بالاكتفاء بمعاقبة مسلكية لأحد الضباط اللبنانيين المكلفين حماية السفارة السورية، في حين ان هذه العقوبة كان يفترض ان تكون مدخلا الى مسائلة قضائية، لأنها جاءت عقابا على تنفيذ عملية خطف، وليس على مجرد مخالفة مسلكية.

وما يجعل هذا الملف مثقلا بشواهد المخالفات والارتكابات، ما حصل مع نائب الرئيس السوري سابقا شبلي العيسمي، الذي تمّ اختطافه في وضح النهار من عاليه الى جهة مجهولة، مع أنّ ابنة المخطوف أكّدت لاحقا انها معلومة، وحددت مكان الاختطاف، ذلك كله من دون ان يصدر أي توضيح عن الجهة المتهمة بالخطف.

ويبقى السؤال: هل كان هناك دور للسفارة السورية في بيروت في رعاية هذه الحوادث؟ وما هي انعكاسات قيام هذه السفارة، في حال صَحّ وجود دور لها في هذه العملية، على الحكومة اللبنانية الصديقة للنظام السوري والتي لم تقم بأي إشارة ولو شكلية للسؤال عن حقيقة هذا الملف، خصوصا بعد ورود اسم السفير علي في القائمة الاميركية، الامر الذي يرتّب على الحكومة اللبنانية، عبر وزارة خارجيتها، استدعاء السفير تبعا للأعراف المتبعة، وإنقاذا لماء الوجه، وقائيّا على الاقل، في حال ثبت وجود دور في أحداث الخطف المذكورة، خصوصا أن الادارة الاميركية التي غالبا ما تقوم، قبل اختيار أي اسم لضمّه الى القائمة السوداء، بتكوين ملف مُثبت حول دور مباشر له في قمع المتظاهرين المعارضين، ولهذا السبب ايضا أوعزت الادارة الاميركية الى سفيرها في دمشق (كما نشرت الجمهورية) بزيارة منزل المخطوفين الاربعة في مدينة جاسم، في إشارة واضحة الى أن هذه الادارة باتت تملك معلومات وافية حول كيفية حصول الخطف، وحول المسؤولين عن هذا الخطف، ومَن أعطاهم التوجيهات.

وسواء بقيت حكومة ميقاتي على وضعية دفن الرأس في الرمال أم لم تبقَ، فإن هذا الملف مرشّح لأن تتصاعد مفاعيله في ظل تنامي العقوبات الدولية على النظام السوري ورموزه، إذ إنّ المسألة لم تعد منحصرة بذوبان وزارتي خارجية لبنان والنظام السوري في المحافل العربية والدولية كأنهما وزارة واحدة لنظام واحد، بل باتت تضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي من نوع آخر، لن يستطيع لبنان تحمّل أعبائها والاستمرار بسياسة دَفن الرؤوس في الرمال.

 

عون اتّهم "المستقبل" بالكيديّة والجهل: الحكومة ستقرّر الأسبوع المقبل أيّ طريق تختار

الجمهورية/ لوّح رئيس تكتل "التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون "بمواقف سلبيّة"، مؤكّدا "أنّنا أمام مفترق طرق والحكومة ستقرّر الأسبوع المقبل أيّ طريق تختار".

ولفت في كلمة ألقاها في عشاء هيئة المتن الشمالي في "التيار الوطني الحرّ" إلى "أنّنا نعيش مرحلة صعبة لأنّ انعكاساتها سلبية على الشعب اللبناني، فبعض اللبنانيين تغذّيهم آمال غير صحيحة وينتظرون انتهاء الحرب ليعملوا"، موضحا أنّ "عملنا الإصلاحي يصطدم بأشخاص جهَلة أو متجاهلين أو كيديّين أو مضلّلين".

وقال في هذا الإطار: "جهَلة، لأنّهم عندما يناقشون بالقانون ينظمون الشعر ويجهلون الدستور. مضلّلون لأنهم ينشرون الأكاذيب والإشاعات، متجاهلون لأنّهم يعرفون أشياء ويتجاهلونها، أمّا الكيدية فيجسّدها تيار المستقبل الذي وافق سابقا على خطة تطوير الكهرباء في لبنان وتراجع عنها اليوم "نكاية" وليس لمصلحة البلد". وشدّد عون على أنّ "خطة الكهرباء تهمّ كلّ منزل وتتعلق بالحاجات البدائيّة للمواطن"، سائلا: "لماذا المشكلة، لا نعرف". وذكّر بأنّ من "اؤتمن عشرين عاما على مصلحة البلاد زاد الديون وإذا استمرّينا في هذا النهج سنصل إلى الظلمة التامّة". وأكّد "أننا لن نتراجع أمام خطّتنا الإصلاحية، ليس في ملف الكهرباء فقط إنّما في النظام الضريبي والأملاك البحريّة ومشاريع المياه وبناء السدود والخطط التحضيرية للنقل والاتصالات وكلّ قطاعات الحياة"، مشدّدا على أنّ "همّنا تحصيل الحقوق المهدورة وليس جمع المال لأنفسنا، فنحن نعمل لازدهار الوطن واستقراره ولا نعمل لسفارة أو دولة أجنبية أو دولة صديقة"، ملاحظا أنّ "الصداقة تقوم على التعاون لمصلحة الجميع لا على التبعية".

ولاحظ عون أنّ المسؤولين اللبنانيين، كلّ في بلد، "أحدهم في لندن وآخر في باريس وثالث في مصر ورابع في واشنطن، يتلقّون الأوامر والتوجيهات لتخريب البلد"، مؤكّدا أنّ "لبنان سيبقى مستقرّا وسوريا كذلك، ومن يملك قنابل نوويّة لن يستطيع ضربها"، مشدّدا على أنّ "مهما كان البلد صغيرا فإذا كان الشعب متّحدا لا يمكن لأيّ قوة في العالم أن تنتصر عليه، والشعب اللبناني مثال على ذلك". وتوقّف عون عند "الإيحاءات الإعلامية التي تقول إنّنا سنأخذ المال المطلوب لخطة الكهرباء، ووصل جهل أحد النواب إلى حدّ قوله إنّ الوزير جبران باسيل سيستفيد من فائدة المبلغ وكأنّ المال سيوضع في حساب الوزير باسيل، والبعض الآخر قال إنّه سيأخذ 30 في المئة من الصفقة، ونحن نتحدّى أيّا كان في أيّ ميدان ماليّ أو قطاع سياسي ليثبت هذا الأمر".

وقال: "ضميرنا غير مثقل بالدماء وجيوبنا غير مثقلة بالعمولة والعمالة".

وأعلن عون "أنّنا ننتظر 7 أيلول، فمجلس الوزراء أمام خطة لا تشوبها شائبة تقنية"، لافتا إلى "أنّهم يتكلّمون عن شوائب تقنية من دون أن يسمّوا أين، لأنّ وراء الأكمة ما وراءها"، معتبرا أنّ "هناك مصالح شخصية لمن أغرق الشعب بالظلمة والعطش وزحمة السير..."

وأشار إلى "فضائح كبيرة في وزارة المال وملفّات أمام النيابة العامّة"، مطالبا القضاء بالتحرّك "فلا يجوز أن تكون النيابة العامة متآمرة في بلد مثل لبنان".

ورأى "أنّنا أمام مفترق طرق مهم جدّا، والحكومة ستقرّر الأسبوع المقبل أيّ طريق تختار"، مؤكّدا "التمسّك بنهجنا الإصلاحي في المال والإدارة والأمن وكلّ قطاعات الحياة، ولن نقبل بأيّ بديل". وختم بالقول: "قد ندعو إلى مواقف سلبيّة، ولن نستسلم بعد المرحلة التي وصلنا إليها".

 

أنقرة تطرد سفير إسرائيل ضمن عقوبات متدرّجة وتل ابيب ترفض الاعتذار عن الهجوم على الأسطول

أنقرة تنفذ «الخطة ب» وتطرد سفير إسرائيل وتجمّد الاتفاقات العسكرية

أنقرة - يوسف الشريف؛ الناصرة، نيويورك - «الحياة»

ردّت أنقرة بقوة على رفض إسرائيل الاعتذار عن مقتل تسعة أتراك في هجوم للبحرية الاسرائيلية على «أسطول الحرية» الذي كان يحمل مساعدات الى قطاع غزة المحاصر العام 2010، فأعلنت امس طرد السفير الاسرائيلي وتجميد الاتفاقات العسكرية ضمن عقوبات متدرجة. وما لبث ان اعلنت اسرائيل مجدداً انها لن تعتذر، ما ينذر بتفاقم الأزمة بين الجانبين.

وجاء الموقف التركي بعد تسريب مقتطفات من تقرير الامم المتحدة عن الهجوم على الاسطول، وجاء فيه ان تصدّي اسرائيل للأسطول «كان مفرطاً ومبالغاً فيه»، وان الحصار البحري الاسرائيلي على غزة قانوني من وجهة نظر القانون الدولي. ودعا اسرائيل الى اصدار «اعلان مناسب تبدي فيه أسفها» حيال الهجوم ودفع تعويضات لعائلات القتلى والجرحى، كما دعا البلدين الى استئناف علاقاتهما الديبلوماسية كاملة «عبر اصلاح علاقاتهما لمصلحة الاستقرار في الشرق الاوسط». وعلّقت ناطقة باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون على التقرير، قائلة إن موقف الاخير «واضح في دعوته الى رفع الحصار عن غزة، ودعوته قوافل المساعدات الى اعتماد المعابر والإجراءات القائمة حالياً».

في هذه الاجواء، كشف وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو خمسة قرارات عقابية ضد اسرائيل بسبب رفضها تقديم اعتذار عن الهجوم على الاسطول، على رأسها خفض التمثيل الديبلوماسي الى مستوى سكرتير ثاني، ممهلاً السفير الاسرائيلي في أنقرة حتى الاربعاء المقبل للمغادرة. كما أعلن تعليق الاتفاقات العسكرية الثنائية، وتدابير لم يحددها في شأن حرية الملاحة في المياه التركية في البحر الابيض المتوسط، في اشارة الى احتمال عرقلة مرور السفن الاسرائيلية. وأضاف أن تركيا تعلن رسميا عدم اعترافها بالحصار القائم على غزة، وأنها ستتوجه إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي من أجل أن تقرر في مشروعيته، وستقدم الدعم المالي والحقوقي لجميع المتضررين من تلك الحادثة من أجل التقدم بدعاوى قضائية مماثلة.

وتعكس هذه القرارات غضب أنقرة من تسريب نتيجة التحقيق الذي تولاه رئيس وزراء نيوزيلندا السابق جيفري بالمر في الامم المتحدة، قبل اعلانه رسمياً وتسليمه الى الامين العام، وهو الامر الذي اعتبره داود أوغلو مناورة اعلامية اسرائيلية، فقال ان التقرير خرج عن وظيفته عندما اعتبر أن حصار غزة قانوني، وهو ما يتنافي مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الامن وعدد من تقارير جمعيات حقوق الانسان وصفت الحصار بالجائر وطالبت برفعه فورا. وأضاف أن «تركيا لن تقبل بهذا التقرير المسيّس، وهو بحكم غير الموجود بالنسبة الينا». واعتبر أن اسرائيل ارتكبت جريمة، وأن أكبر ثمن ستدفعه هو خسارة صداقة تركيا.

وكشف داود أوغلو، في مؤتمر صحافي، أربعة لقاءات سرية تمت بين وفدين من تركيا واسرائيل خلال الفترة الماضية من أجل التوصل الى صيغة توفيقية، مضيفاً أن الطرفين توصلا فعلا الى صوغ بيان يشمل تقديم اعتذار رسمي، وأن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وافق على البيان، لكن حكومته عرقلته بسبب مساومات سياسية. وفي تحذير مبطن، قال داود أوغلو إن الحكومة الاسرائيلية عاجزة عن قراءة تطورات المشهد في الشرق الاوسط، في اشارة الى الثورات العربية واحتمال تأثير ذلك على أمنها وازدياد حاجتها الى الاصدقاء.

في هذا الاطار أيضا، قال الرئيس عبدالله غل إن هذه العقوبات مجموعة أولى قد تليها مجموعة أخرى يمكن الإعلان عنها وفق رد الفعل الاسرائيلي. وأشار الى أن بلاده كانت ستتخذ تلك القرارات سابقاً، لكنها أجلتها لاعطاء الفرصة لوساطة دول صديقة، في إشارة الى الولايات المتحدة.

وذكرت مصادر ديبلوماسية لـ «الحياة» أن الغضب التركي جاء بسبب الطريقة التي تم بها تسريب التقرير اعلامياً وتسويقه، وبسبب الشعور بأن هناك عملية خداع حصلت من خلال طلب اسرائيل أكثر من مرة تأجيل كشف التقرير بحجة احتمال اقناع الحكومة بتلبية مطالب أنقرة، بينما استغلت الوقت للضغط على الامم المتحدة لتغيير سير التحقيق.

وفي تعقيب على قرار انقرة طرد السفير الاسرائيلي، كرر مصدر كبير في مكتب رئيس الحكومة لوسائل الإعلام رفض إسرائيل تقديم الاعتذار لأنقرة، مضيفا أنها «تأمل في ايجاد السبيل للتغلب على الخلاف مع تركيا، وستواصل العمل من أجل تحقيق هذا الهدف». في الوقت نفسه، حذر وزير كبير في الحكومة من التداعيات البعيدة المدى في حال قطع العلاقات مع تركيا، مضيفاً أن فتور العلاقات مع الأردن ومصر وتركيا وموريتانيا «يشكل ضربة قاضية للعلاقات بين إسرائيل والعالم العربي والإسلامي».

 

المسألة السنّيّة

حازم صاغيّة/الحياة

في لبنان وسوريّة ينتصب تناقض يصعب التغافل عنه أو تجاهله بذرائع تبسيطيّة كـ «الأخوّة» وتجنّب الكلام في الطائفيّة، ناهيك عن «وحدة» القوميّة والدين والعداء للاستعمار والصهيونيّة وسوى ذلك. مفاد ذاك التناقض أنّنا نعيش أزمة أقليّات مديدة فيما نعيش، بالقدر نفسه من الحدّة، أزمة الأكثريّة السنّيّة.

ووضع كهذا هو الهرم المقلوب للوضع العراقيّ في عهد صدّام حسين، حيث كانت الشيعيّة والكرديّة العَلمين الأبرز على اضطهاد تمارسه نخبة حكم سنّيّ. وهو أيضاً مغاير للحالة المصريّة حيث يتماهى الاضطهاد مع الأقباط والهويّة القبطيّة.

ولقائل أن يقول، ردّاً على هذا التصنيف العريض، إنّ الشعوب كلّها مقهورة، وهذا صحيح. مع ذلك لا بدّ من التمييز، في الأوضاع المذكورة كلّها، بين اضطهاد يتأتّى عن شروط سياسيّة واقتصاديّة محدّدة، واضطهاد يترتّب، فضلاً عن الشروط تلك، على الهويّة الدينيّة أو المذهبيّة أو الإثنيّة لأصحابها.

في هذا المعنى، فإنّ القبطيّ المصريّ والشيعيّ والكرديّ العراقيّين في عهد صدّام مُضطَهَدون مرّتين. وهذا ما يصحّ اليوم في السنيّ السوريّ واللبنانيّ.

أمثلة ذلك تمتدّ من تركيبة النظام في دمشق، والتي تعود في أصولها إلى 1963، إلى المصير الذي لقيه، عام 2005، رفيق الحريري في لبنان، كما لقيه أنصاره وتيّاره منذ 2006، وخصوصاً 2008.

لكنّ هذه المحطّات البارزة لا تغني عن تفصيل.

فانتخاب إميل لحّود لرئاسة جمهوريّة لبنان ثمّ التمديد له نصف ولاية رئاسيّة، والتحطيم والإذلال المتواليان لمدينة طرابلس، وشيوع نظريّة «حلف الأقليّات»، والتحالف السوريّ المديد مع إيران الذي نشأ في موازاة الصراع مع «الاخوان» السوريّين وتدمير مدينة حماة، وتنامي قوّة «حزب الله» بعد ضمور المقاومة الفلسطينيّة ثمّ تحوّله دولة أقوى من الدولة، هذه كلّها عناوين في تطوّر الإحساس السنّيّ إلى ما يتراوح بين التهميش والاضطهاد.

وهي تحوّلات كانت تكتنفها عوامل تُشعر السنّيّ المتوسّط بعدم الارتياح: فالعالم السنّيّ دفع الكلفة الأكبر لانهيار نظام صدّام، مثلما دفع الكلفة الأكبر لـ «الحرب على الارهاب». وإذا كان صعود الدور التركيّ قد أفرحه، فإنّ ضعف المراكز السنّيّة الذي تسبّب بالدور التركيّ لم يقع عليه وقعاً حميداً. أمّا الموضوع الفلسطينيّ، مثله مثل المقاومة، فصار، بسبب «حماس» وتحالفاتها، يتماهى مع الشيعيّة السياسيّة أكثر ممّا مع السنّيّة السياسيّة.

وربّما كان السبب الأهمّ وراء هذا التناقض الذي يجعل الأكثريّة مقهورة، من دون أن يخفّف قهر الأقليّات، أنّ الانقلاب العسكريّ في المشرق، وتحديداً في سوريّة، بات منذ الستينات مهنة أقليّة. وعلى رغم سطحيّة الحداثة التي حملها الانقلاب، غدت هذه الحداثة السطحيّة عاملاً إضافيّاً في توسيع المسافة التي تفصل الكتلة السنّيّة عن الحداثة. وإذ انعطف هذا على انعدام الاصلاح الدينيّ المزمن، بات الاضطهاد الذي يتعرّض له السنّة ناطقاً بلسان محافظ يسنده قلب محافظ.

على النحو هذا يغدو المشرق أمام اضطهادين، لا واحد، كلّ منهما يحمل وعياً منقوصاً: الاضطهاد الأقلّيّ يتحالف مع الاستبداد وينضح بتآمريّة تقارب الفجور أحياناً فيما يتباهى بحداثيّة لا تتجاوز القشور، والاضطهاد الأكثريّ خائف من التقدّم، منشدّ إلى الماضي التراتبيّ والملليّ الذي ارتبط قمعه بقمع السنّة.

وأكثر بؤساً ممّا عداه أنّ ما من أحد يستطيع أن يطمئن أحداً لأنّ الاضطهاد أضعف الأكثريّ بطريقة كما أضعف الأقليّ بطريقة أخرى. وهذا فيما يشتدّ الإلحاح على ضرورة حلّ مسألتين ضاغطتين، لا مسألة واحدة.

 

ميشال سليمان يقدم إليكم سعادة الصهر

غسان سعود/الاخبار

من إلياس الهراوي وفارس بويز، نزولاً إلى إميل لحود وإلياس المر، نصل ــ في أخير المحطات لا آخرها ــ إلى ميشال سليمان ووسام شوقي بارودي. لا بدّ للرئيس من صهر حتى يستقيم نفوذ العهد؛ فلا يجوز بعد الطائف خصوصاً، أن لا يكون للرئيس صهر، يذبح بظفره

الأول فارس بويز عمّه إلياس الهراوي. «كانت تلك العبارة بطاقة مرور بويز إلى المواقع والإدارات ودوائر النفوذ. خمسة عشر عاماً احتفظ خلالها بويز بالكرة بين قدميه في الملعب الكسرواني: لا منافس جدّياً له ولا قوى سياسية تحلم بامتلاك جزء مما يملكه، سواء كان نفوذاً سلطوياً ومالياً وسياسياً أو قدرات سجالية. لكن رغم ذلك، كان لا مفرّ من أن تنقطع الكهرباء مرتين في غرف فرز الأصوات، لضمان وصوله الآمن إلى المجلس النيابي. ولاحقاً توفي بويز سياسياً قبل وفاة عمه طبياً، وبات يطارد «صيصان عون» بين موسم انتخابي وآخر.

الثاني إلياس المر «عمه إميل لحود». اختار ابن ميشال المر السير في طريق يشقه له عمه إميل، على السير في طريق يشقه له أبوه. هنا أيضاً وجد صهر الرئيس نفوذاً سلطوياً (دفاعاً وداخلية) ومالياً، وباطنية سياسية استثنائيين. لكن هناك أطفال لا تعجل فيتامينات العالم كله في نموهم. فحتى لو بقيت الكهرباء بعد سنتين كما هي اليوم بفضل الوزير جبران باسيل، تنقطع ثلاث مرات في الدقيقة الواحدة، لن يستطيع إلياس المر أن يفوز بالنيابة إذا لم يسر في الطريق الذي يريده له والده. هنا أيضاً يمكن القول إن الصهر توفي سياسياً، فيما عمه حيّ يرزق.

الثالث وسام بارودي «عمه ميشال سليمان». متزوج بريتا، البنت البكر للرئيس. حين يكون سليمان عمّك وتنوي الترشح للانتخابات النيابية ضدّ التيار الوطني الحر تكون إطلالتك الإعلاميّة الجديّة الأولى على قناة الأو تي في. ولأن سليمان عمك، ستسر بالمشاركة في برنامج اسمه «بالهوا سوا»، وستمر ثلاث سنوات على العهد من دون أن يسمع غالبية اللبنانيين بك أو يحفظوا ملامح وجهك. ما دام سليمان هو العمّ، لن يتجاوز النفوذ السلطوي حجم عضلات المرافقين المخصصين لابنة الرئيس، ولن يكون هناك حنكة أو باطنية سياسيتان. رغم ذلك، سيراكم الصهر، نائماً ومستيقظاً، أحلام السلطة، مدركاً أن عمره السياسي لا يمكن أن يكون أقصر من عمر عمه بعد تحطيم الأخير أرقام الخيبات القياسية.

أنا الرئيس ميشال سليمان، أخبئ لكم مفاجأة هي ابني شربل. حتى يحين موعد إطلاقها أقدم إليكم صهري وسام بارودي.

في الانطباع الأول، إنه «زياد بارود ستايل». عمره 38 عاماً. يستقبلك بجينز، قميص أزرق وجاكيت رصينة. يُرجع شعره الخفيف بمساعدة بعض «الجِل» إلى الخلف. تربط الابتسامة أسنانه بخديه. يفتح الباب بنفسه للزائر، ولا يلبث أن يأتيه بالبوظة أو الـ«دايت سفن أب» بنفسه أيضاً. يقرأ من كتاب بارود: «من حقنا (الـ«نا» هنا = شباب لبنان) أن نعمل لإخراج مجتمعنا من الدائرة السياسية التي يبرم فيها (...). لست مع 8 آذار ولا مع 14، انطلاقاً من قيمي الوطنية سأقارب جميع الملفات». مع العلم بأن بارودي هو الذي وطد علاقة بارود بالرئيس سليمان. وكان يفترض بتجربة بارود الوزارية أن توفر لبارودي قاعدة شعبية ومعنوية يتكل عليها في انطلاقته السياسية. لكن استسلام بارود في النهاية أمام نفوذ القوى السياسية، أثر سلباً على بارودي؛ لأن الكثيرين يتساءلون اليوم عن المغزى من دعم الخيار الشبابي، إذا كان سيعلن استسلامه عند الوصول إلى السلطة. يذكر أن بارودي نقل في عهد بارود تذكرة نفوسه من المتن إلى كسروان، عسى أن لا يبقى غريباً.

لاحقاً، سينتقل بارودي من «زياد بارود ستايل» إلى رئيس بلدية جبيل «زياد حواط ستايل». الأخير نجح خلال العام الفاصل بين انتخابات 2009 النيابية وانتخابات 2010 البلدية في تحويل نتيجة الانتخابات في مدينة جبيل من ألفي صوت لعون مقابل ألف صوت لخصومه إلى ألفي صوت لحواط مقابل ألف صوت لعون، وذلك بالابتعاد عن التصعيد السياسي والانهماك بتلبية مطالب الجبيليين الخدماتية. ولزياد حواط شقيق متزوج بالبنت الثانية للرئيس سليمان. ويحاول بارودي أن يتشبه بحواط، ليس بالشكل وحده، بل بفتح منزله أيضاً في بلدة الكفور كل يوم سبت، ليستقبل المواطنين، محاولاً تلبية مطالبهم، فضلاً عن تلبيته مختلف الدعوات التي ترده من أشخاص أو جمعيات أو أحزاب. يستعين بارودي في حواره مع «الأخبار» بعبارات من «كتاب» حواط: «علينا أن نترك خلافاتنا السياسية على أبواب كسروان، وندخل منطقتنا حاملين الملفات الإنمائية فقط (...)». والأخطر: «يجب أن نخلق عصبية مناطقية أسوة بعصبيات المناطق الأخرى، ونتعظ من اتحاد الآخرين لتوطيد حضورهم في مؤسسات الدولة، بغض النظر عن هوية المستفيد السياسية».

شيئاً فشيئاً، يظهر بارودي بالـ«منصور البون ستايل». يقول صهر الرئيس الذي يُعدّ نفسه للترشح عن أحد المقاعد المارونية الخمسة في كسروان: «طبيعة المجتمع اللبناني وواقع الإدارات الرسمية يفرضان على من يرغب في التعاطي بالشأن العام أن يلجأ إلى ما يسمى اليوم «التقليد السياسي».

فالشرقيون يحبون التواصل، ولا بدّ من تعزيز العلاقات الشخصية بغض النظر عن الموقف الانتخابي للذي أهنئه أو أعزيه أو أوظف له ابنه. أما الواقع الإداري المخزي فلا يسمح لك بإغلاق الباب في وجه مواطن يقصدك حاملاً ملفاً محقاً. إنساني هذا البارودي، لكنه رغم ذلك يثير بعض الانتقادات. فيقول أحد النواب الكسروانيين إن بارودي، بدلاً من تقديم نموذج سياسي جديد، يستنسخ النماذج التقليدية. وتتواكب حركته الخدماتية مع شائعات كثيرة عن المرامل ومحطات الوقود واستغلال نفوذه في بعض الإدارات الرسمية. وفي ظل تحزب الكسروانيين لعائلات وأحزاب معروفة، لن يستطيع بارودي، بحسب النائب العوني، أن يستقطب غير الذين يسعون إلى سد حاجاتهم المختلفة من طريق الانتخابات، وهؤلاء بغالبيتهم الساحقة يناصرون البون. وبالتالي لن يأكل بارودي الأصوات إلا من صحن حليفه المفترض منصور البون.

بارودي لا يقارن نفسه بأحد، لكن قيمته المضافة، موازنة مع السياسيين التقليديين، هي في مبادئه السياسية، على حدّ قوله. هذه هي التي ستجذب الناخبين وتشدهم إلى وسام بارودي. هنا سيظهر الـ«ميشال سليمان ستايل». يردد صهر الرئاسة الأولى الجديد: «لدي اقتناعات لا أحيد عنها، سواء عززت شعبيتي أو قلصتها. في ما يتعلق المحكمة الدولية، على لبنان التزام قرارات المجتمع الدولي، وما على اللبنانيين إلا انتظار الأدلة التي ستقدمها المحكمة؛ إذ لا يجوز أن يبني فريق موقفه الرافض للمحكمة على أساس تسريبات من هنا وهناك». أما سلاح حزب الله، فيؤكد بارودي اقتناعه بأن لبنان يحتاج إليه، وأن المقاومة الحقيقية لا تستطيع إعلام مجلس الوزراء أو أي سلطة مدنية أخرى مسبقاً بخططها. وفي المقابل، يرى أن «استخدام السلاح في الداخل أضعف المقاومة، وبات مصدر خوف للبنانيين والمستثمرين، فضلاً عن زعزعته الوحدة الوطنية». أما القضايا المالية التي تمثّل عصب الخطاب العونيّ، فيرى بارودي أن الرئيس رفيق الحريري لم ينفرد وحده بالسلطة، و«في حال وجود إهدار في كلفة الإنماء، فإن الحريريين يتحملون فقط جزءاً من المسؤولية عنه». مع العلم بأن بارودي بات المصدر الأساسي لدى الكثير من الصحافيين والسياسيين للإخبار عن سياسة القصر الجمهوري في ظل تكتم الوزير ناظم الخوري وحصر مكتب الرئيس الإعلامي الأخبار الخاصة بصحافيَّين يكتبان لمدير هذا المكتب التقارير عن زملائهما.

الصهر الجديد تمهل قبل الآن في الظهور ريثما يتبلور أمامه المشهد السياسي ويبتعد عنه أولئك الذين هجموا للإحاطة به بعد انتخاب عمه رئيساً، ظناً منهم أنه يسعى إلى منصب سياسي. يحيط نفسه اليوم ببعض الشباب وبرهط من رجال الأعمال. يقول صراحة إن لمصاهرة الرئيس إيجابيات كثيرة وسلبيات كثيرة أيضاً؛ فهناك من «يبسطه أني الصهر، وهناك من لا يراني إلا صهراً للرئيس». المهم أن «لا تنتهي المسيرة مع انتهاء العهد». الأجمل في مقابلته هو قوله: «أنت لا تعرفني جيداً. المحيطون بي يعرفون أنه ليس لديّ شهوة سلطة، ولا أتشردق بالمواقع