المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية
أخبار
15 شباط/2011

دانيال الفصل 2/19-24/دانيال يفسر الحلم

ليكن إسم الله مباركا من الأزل وإلى الأبد. فله الحكمة والجبروت، وهو الذي يغير الأوقات والأزمنة ويعزل الملوك ويقيمهم ويهب الحكمة للحكماء والمعرفة للفهماء. هو الذي يكشف الأعماق والخفايا، ويعلم ما في الظلمة، وعنده يضيء النور. إياك أحمد يا إله آبائي. وإياك أسبح، لأنك وهبت لي الحكمة والقدرة.

 

أوباما: المحكمة الدولية ستكشف الحقيقة ولا نقبل التدخل في عملها

كلينتون: لن يكون هناك سلام واستقرار في لبنان من دون عدالة

وطنية - 14/2/2011 أكد الرئيس الاميركي باراك أوباما عشية الذكرى السادسة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، تأييد المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المكلفة محاكمة المسؤولين عن عملية الاغتيال. وقال في بيان نشرته "وكالة الصحافة الفرنسية": "لن نقبل بأي محاولة للتدخل في عمل المحكمة او لإثارة التوتر في لبنان. المحكمة ستكشف الحقيقة خلف هذا العمل الارهابي المشين". وختم: "في هذا الوقت العصيب، ندعو جميع اصدقاء لبنان إلى الوقوف بجانب الشعب اللبناني الذي ينبغي ان تكون له الحرية في تحديد مستقبله بنفسه. ان اللبنانيين الذين يرسمون مستقبلهم بروح من السلم والمصالحة سيجدون على الدوام في الولايات المتحدة شريكا قويا لهم".

كلينتون

من جهتها دعت وزيرة خارجية الولايات المتحدة الأميركية هيلاري كلينتون الحكومة اللبنانية المقبلة التي كلف نجيب ميقاتي تشكيلها الى التزام تعهدات لبنان في ما يتعلق بالمحكمة.

وقالت في بيان: "على الذين يحاولون وقف تعاون لبنان ان يوقفوا محاولاتهم ويظهروا قدرا من اللياقة الانسانية. لن يكون هناك سلام واستقرار في لبنان في نهاية المطاف  من دون عدالة".

 

بان كي مون اعلن في ذكرى 14 شباط وقوفه الى جانب الشعب اللبناني

والتزام الامم المتحدة بجهود المحكمة الخاصة من اجل لبنان بحثا عن الحقيقة

وطنية- 14/2/2011 اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في الذكرى السادسة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري انه يقف "الى جانب الشعب اللبناني"، مكررا دعم الامم المتحدة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان لكشف قتلة الرئيس الحريري. ونقل المتحدث مارتن نيسركي عن  بان كي مون قوله "في الوقت الذي يشهد فيه لبنان الذكرى السادسة للهجوم الارهابي الذي كلف رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري و22 شخصا آخرين حياتهم، يقف الامين العام الى جانب شعب لبنان". واضاف نيسركي "ان الامين العام يكرر التزام الامم المتحدة تجاه الجهود التي تقوم بها المحكمة الخاصة من اجل لبنان بحثا عن الحقيقة، بشكل يؤدي الى احالة المسؤولين (عن الاغتيال) امام القضاء"، مضيفا "لن يتم التسامح بعد اليوم مع الافلات من العقاب".

 

نتانياهو:الجيش الاسرائيلي مستعد لكل الاحتمالات

وطنية- 14/2/2011 اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو اثناء حفل تنصيب رئيس هيئة الاركان الجديد الجنرال بيني غانتز "ان الجيش الاسرائيلي مستعد لكل الاحتمالات، في وقت يتعرض كل العالم العربي لزلزال". واعلن نتانياهو "ان زلزالا يهز كل العالم العربي وقسما كبيرا من العالم الاسلامي، ولا نعرف بعد كيف ستنتهي الامور".

ورأى "اننا نعيش في عصر من عدم الاستقرار". وقال: "اننا مستعدون لكل الاحتمالات لاننا نعرف ان اساس وجودنا وقدرتنا على اقناع جيراننا على العيش بسلام معنا، قائم على الجيش الاسرائيلي". واكد نتانياهو ان الجيش الاسرائيلي يشكل "الضمانة الحقيقية لضمان مستقبلنا"، مضيفا "اننا اقوياء لان جيشنا قوي".

 

وليامز واسارتا عادا الى بيروت

وطنية - المطار - 14/2/2011 عاد الى بيروت اليوم كل من الممثل الخاص للامين العام للامم المتحدة مايكل وليامز، والقائد العام لقوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال البرتو اسارتا. وكانت النائبة بهية الحريري قد عادت من جدة اليوم للمشاركة في احتفال 14 شباط الذي اقيم في بيال.

 

آشتون في لبنان بعد غد الاربعاء وتلتقي كبار المسؤولين: لدعم قرارات مجلس الأمن الخاصة بلبنان وتلازم العدالة والاستقرار

وطنية - 13/2/2011 اعلنت بعثة الاتحاد الاوروبي لدى لبنان، في بيان صحافي وزعته اليوم، ان الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية ونائبة رئيس المفوضية الاوروبية كاثرين آشتون "ستزور لبنان بعد يوم غد، الاربعاء في 16 شباط الجاري، في إطار جولة في المنطقة. وستلتقي خلال زيارتها لبنان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ووزير الخارجية علي الشامي. وسوف تركز النقاشات على الوضع في لبنان والتطورات في المنطقة". وصرحت آشتون عشية الزيارة، وبحسب البيان: "أزور لبنان لأعرب عن دعم الاتحاد الاوروبي المستمر للبنان بان ينعم بالسلام والازدهار"، مشددة على الأهمية التي تعلقها على "العمل المستقل والديموقراطي للمؤسسات اللبنانية، بعيدا من أي تدخل"، داعية جميع الأطراف الى "التعاون في روحية من الحوار".

وأعادت آشتون التشديد على "أهمية دعم قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بلبنان التي هي أساسية بالنسبة الى سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ووحدته واستقراره وعلى تلازم العدالة والاستقرار". وفي ما يتعلق بالتطورات الاقليمية، قالت آشتون: "في خلال الأسابيع الماضية، كنت أراقب الأحداث الجارية. ودعوني أجدد تأكيد دعم الاتحاد الاوروبي للتطلعات المشروعة لشعوب المنطقة في ما يتعلق بحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأساسية". أضافت: "ان التطورات في منطقة المتوسط تجعل من الملح احترام اتفاقيات السلام السابقة وتحقيق تقدم سريع في عملية السلام في الشرق الأوسط". وقبل مغادرتها بيروت، في اليوم نفسه، تعقد كاثرين آشتون لقاء مع الصحافة في مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت الساعة الثانية عشرة والنصف ظهرا".

 

رئيس الجمهورية تشاور في التطورات مع عدد من الشخصيات

وطنية- 14/2/2011 تشاور رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مع عدد من الشخصيات في التطورات السياسية الراهنة السائدة على الساحة الداخلية.

 

صفير افتتح الدورة ال 44 لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك

كاتشيا: لبنان نموذج للحرية ويمكن ان يكون مصدر إلهام لدول اخرى جمة

وطنية -بكركي- 14/2/2011 ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير الدورة العادية الرابعة والاربعين لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان التي انعقدت صباح اليوم في الصرح البطريركي في بكركي، بمشاركة بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك السريان الكاثوليك اغناطيوس الثالث يوسف يونان، بطريرك الارمن الكاثوليك نرسيس بيدروس التاسع عشر، السفير البابوي المطران غابريال كاتشيا، رئيس اللجنة التنفيذية للمجلس المطران رولان ابو جودة، امين عام المجلس المونسينيور وهيب الخواجا ولفيف من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات من مختلف الطوائف الكاثوليكية.

صفير

بعد الصلاة المشتركة، ألقى البطريرك صفير كلمة الافتتاح فقال:"انا نرحب بكم في داركم، يا اصحاب الغبطة، ونرحب خصوصا في ما بيننا بالسفير البابوي المطران غابريال كاشيا، وبجميع اصحاب السيادة المشتركين معنا اليوم في افتتاح هذا المجلس.

كما اننا نرحب، في ما بيننا، بالمطران بولس منجد الهاشم، الذي عاد الى هذا المجلس، بعد ان خدم الكنيسة سفيرا بابويا، وقاصدا رسوليا في الخليج، وببعض الاعضاء الجدد من ممثلي الرهبانيات، وهم: قدس الاباتي طنوس نعمة رئيس عام الرهبانية اللبنانية المارونية، الاب ريمون عبده الرئيس الاقليمي للآباء الكرمليين، الام فيليستيه ضو الرئيسة العامة لجمعية الراهبات الانطونيات المارونيات، الام ليونتين ابو رجيلي الرئيسة العامة للراهبات الباسيليات الشويريات والاخت جوزفين حداد الرئيسة الاقليمية لراهبات القديس يوسف للظهور.

انا نسأل لهم السخاء في العطاء في إطار هذا المجلس، خدمة للكنيسة والنفوس في لبنان.

كما نستمطر الرحمة على من نقلهم الرب الى جواره من اعضاء المجلس، المثلث الرحمات البطريرك يوحنا بطرس الثامن عشر كسباريان كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للارمن الكاثوليك سابقا، والمثلثي الرحمة المطران اندره بدوغليان أسقف الكنيسة الارمنية سابقا، المطران انطوان حايك رئيس أساقفة بانياس ومرجعيون وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك سابقا، المطران يوسف محفوظ مطران البرازيل للموارنة سابقا، سائلا الله ان يجازيهم خير الجزاء على تفانيهم في خدمة الكنيسة والمؤمنين.

ان موضوع اجتماعنا في هذه الدورة:الكنائس الكاثوليكية وتوصيات السينودس من اجل الشرق الاوسط، وسيدور الكلام على كلمة الله والحياة المكرسة، والوجود المسيحي، وترسيخه في هذا الشرق، وسيتطرق الى الكلام عن ولاية البطاركة ومعيشة الكهنة، وعن الشركة الكنسية، وعن رسالة العلمانيين، وبعض أوجه رسالة الكنيسة، بما فيها العائلة والاعداد للزواج، والمدارس والمؤسسات، وتعليم الكنيسة الاجتماعي، وينتقل الكلام الى شؤون ادارية منها التعليم العالي والجامعي، ومرشدية العمل الرعوي، ورابطة الاخويات والاعمال الرسولية.

ثم تأتي الانتخابات لبعض وظائف لا بد منها لحسن سير الاعمال. وتأتي في آخر المطاف التوصيات والبيان الختامي.

واني اذ اتمنى لاجتماعنا النجاح، اسأل الله، بشفاعة العذراء مريم، ان يرسل الينا روحه القدوس فيتجدد وجه الارض. هذا وأتمنى لكم النجاح في ما تعالجون من قضايا كنسية لا بد منها لحسن سير الامور، ولخير الكنيسة جمعاء والمؤمنين.

كاتشيا

ثم كانت كلمة السفير البابوي المطران كاتشيا الذي قال:"انها المرة الثانية التي أشارك فيها في لقاء مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان. فالمرة الاولى كانت في 9 تشرين الثاني 2009، وكنت وقتذاك قد وصلت للتو الى لبنان. فعبرت يومها عن مدى سعادتي لوجودي في هذه الارض المقدسة، الغنية بالثقافة والتاريخ، والمعروفة بحسن الضيافة وبالاحترام والوفاء اللذين تكنهما لقداسة الحبر الاعظم" . اضاف: "اما اليوم فقد اصبحت هذه الانطباعات بمثابة قناعات ثابتة، ترسخت في بعد سنة ونصف السنة من العيش معكم وفي كنائسكم. ولهذا فانا أود بداية ان أشكر الله وان أشكركم انتم وكل المؤمنين رواد كنائسكم الذين تسنى لي ان ألتقيهم حتى اليوم" . وتابع: "ان الدورة السنوية الفعلية لمجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان قد انعقدت هذه السنة في روما، حيث اجتمعت كنائس الشرق بدعوة من قداسة البابا، وكان ذلك في شهر تشرين الاول الماضي ضمن الجمعية الخاصة لسينودس الاساقفة. فخلال هذا السينودس قد تسنى لنا ان نفهم جمال وحقيقة ما قيل في اعمال الرسل في المجتمع المسيحي الاول:" وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة". وأود ان أنتقي من البيان الختامي للسينودس العبارة التالية:" كان لنا سينودس الاساقفة الخاص بالشرق الاوسط بمثابة عنصرة جديدة". أجل، انني لواثق بان الشراكة التي اتسم بها هذا اللقاء والتي اصبحت واضحة خلال جمعية السينودس، قد ولدت فرحا جديدا، كما انها أتتنا بنفحة جديدة من الروح القدس الذي فتح أعيننا مرة جديدة على حقيقة ان ثمة مهمة في عهدتنا وعلى كل واحد منا ان يعمل لتحقيقها، لا ان نعمل في العزلة، كل منا على حدة، بل ان نعمل كعائلة، وككنيسة، في الشركة التي تتحول شهادة حية" . وقال: "من دواعي الفرح ان تكونوا قد قررتم تمديد اختبار الروح القدس في هذه الدورة السنوية العادية الرابعة والاربعين وموضوعها "الكنائس الكاثوليكية في لبنان وتوصيات سينودس الاساقفة من اجل الشرق الاوسط". وقد سررت لمعرفتي انكم ستتناولون في الايام المقبلة 20 توصية من توصيات السينودس، كما انني على يقين من ان ثمرة عملكم ستساهم اذا في صياغة الإرشاد الرسولي الذي ينجم عن لقاءات السينودس" .

وتوقف عند التوصيتين الثانية والثالثة، لا لانهما الاوليين من حيث التسلسل العددي ولكن لانهما مصدر كل التوصيات اللاحقة. فهما تذكراننا ان "كلمة الله هي روح الخدمة الرعوية وأساسها". بهذا المعنى، يفرحنا الصدور الحديث للارشاد الرسولي حول كلام الله في حياة الكنيسة ورسالتها. فنحن لا نستطيع ان نفهم دعوتنا ولا هويتنا ولا التزامنا الا بإصغائنا لله المتجلي بالكلمة المتجسد، الموجود على الدوام في حياتنا ليجعل منها قصة خلاص. ودعا الى قراءة هذا النص الغني بإيحاءاته وللتأمل به ونشره، اذ ان له ان يكون المحور الاساس للعمل الرعوي في كنائسكم، كما في الحياة المكرسة والحياة الرعائية، وفي الجمعيات. جميعنا بحاجة الى ان نستقي من ينبوع الماء الحي "الذي يتفجر حياة أبدية".

وقال كاتشيا: "أود، بعد النظر عن كثب الى الواقع اللبناني، ان افكر معكم في بعض الاحداث التي جرت بعد لقائنا الاخير. لقد سررنا بالمشاركة مع الكنيسة المارونية بالمئوية 16 لوفاة القديس مارون، الذي سيدشن له تمثال قريبا في بهو كاتدرائية مار بطرس في روما. وسينتصب التمثال بجانب تمثال القديس غريغوريوس المنور. كما اننا فرحنا لتطويب الاخ اسطفان نعمة الراهب اللبناني الماروني. وقد شكرنا الله مع كنيسة الروم الملكيين الكاثوليك على صدور المرسوم الذي اعلنت فيه الفضائل البطولية للراهب المخلصي الاب بشارة ابو مراد. وبكينا مع الكنيستين السريانية والكلدانية ضحايا العراق البريئة ومع الكنيسة القبطية ضحايا مصر ايضا. يمكننا القول مرة جديدة ان كنيسة الشرق لهي كنيسة قديسين وشهداء، ونحن نعترف بفضلها في كل ما تساهم فيه مع الكنيسة الجامعة" .

اضاف: "فالقداسة وان ينشأ المرء في مشيئة الله، وان يستسلم بين يديه بكل ثقة، كل هذا يساوي القوة على بذل الذات حتى النهاية، كما فعل يسوع المسيح. وينبغي ان نتشجع متمثلين بالقديسين والشهداء، فيجب ان يحض مثالهم كل المؤمنين سكان هذه الارض المقدسة على الشهادة لحب الله" .

وتابع: " في عظته في ختام اعمال السينودوس يقول الحبر الاعظم :" مساهمة اخرى يستيطع المسيحيون تقديمها للمجتمع هي تعزيز الحرية الدينية وحرية الضمير، وهما حقان من الحقوق الاساسية للانسان، على كل دولة ان تحترمها دائما". اما في رسالته في اليوم العالمي للسلام، يضيف قداسة البابا:"الحرية الدينية ليست إرثا حكرا على المؤمنين، انما هو ارث لاسرة شعوب الارض جميعها. انها حجر الزاوية في دولة القانون، فلا يمكن التنكر لها دون المساس، في الوقت عينه، بكل الحقوق والحريات الاساسية، اذ انها خلاصة هذه الحقوق والحريات وذروتها. وانها بمثابة "ورقة دوار الشمس" التي تسمح بالتأكد من احترام جميع الحقوق الانسانية الاخرى "(النبذة الخامسة). واكرر برضى كبير ما سبق ان قلته في لقاء السلك الدبلوماسي وهو ان لبنان لهو نموذج عن هذه الحرية، في نصوصه الدستورية كما في التقاليد التي يعيشها اللبنانيون، اذ يمكن للبنان ان يكون مصدر إلهام لدول اخرى جمة، وبخاصة خلال هذه الفترة التي تهب فيها رياح التحرير في هذه المنطقة من العالم" .

ان المساهمة الثانية التي يمكن لمسيحيي الشرق ان يقدومها للكنيسة الجامعة وللعالم بأسره فهي الشهادة للحوار مع المسلمين الذي لا يعتبر ممكنا فحسب بل ضروريا ايضا.

وابدي اعجابي بما حصل السنة الماضية عندما أقر اللبنانيون، كمن يسبح عكس التيار يوم الخامس والعشرين من اذار عيد البشارة يوم عيد رسميا، ليتسنى لجميع اللبنانيين مسيحيين ومسلمين، ان يعيدوا سويا عيد العذراء مريم، مكتشفين ان الايمان الحقيقي يدعو الناس الى ان يتحدوا ويتعارفوا ويحترموا بعضهم بعضا، في اطار قيم الشخص البشري السامية.

ما زال الرب يبارك فعلا هذا البلد ويغمر مسيحييه بالبركات الجمة. ونحن ممتنون للكثيرين من الاشخاص الذين يتجاوبون مع الدعوة للحياة المكرسة، كما اننا ممتنون ايضا للعلمانيين الذين يلتزمون الالتزام الامين بخدمة الكنيسة. علينا ان نشكر الله معا على جميع عطاياه، وان نجدد هكذا عزمنا على ان نكون شهودا لما ينتظره هو والعالم منا.

فكما ان مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان ولجانه يظهران ان البنية الكنسية متوفرة في لبنان، الا انه ينبغي ان يجدد الروح القدس فينا رغبة العمل جنبا الى جنب، والمساهمة مع بعضنا البعض ككنيسة الله الواحدة. هذه هي المهمة التي يطلبها الرب منا، وهذا هو ما اود تحقيقه معكم وبمساعدتكم التي اشكركم عليها جزيل الشكر" .

وختم :"ليكونوا واحدا"، هي الدعوة الى وحدة المسيحيين. هي دعوة الله وهي ايضا التحدي الاكبر لنا جميعا. فلنعمل سويا بكل غبطة ومثابرة لنقدر ان نشعر حقا ونقول مع ناظم المزمور:" هوذا ما احسن وما اجمل ان يسكن الاخوة معا". بعدها بدأت اعمال الدورة المغلقة التي تستمر لغاية يوم السبت المقبل في 19 شباط حيث سيصدر عند الثالثة من بعد الظهر البيان الختامي ويتناول المواضيع كافة التي تم بحثها.

 

العثور على عبوة وهمية قرب بيت الكتائب في الدكوانة

عمليات سلب مسلحة وتوقيف 13 شخصا بجرائم مختلفة

اعتراض دورية لقوى الامن اثناء ازالة مخالفة بناء في بئر حسن

وطنية - 14/2/2011 ذكر المندوب الامني ل"الوكالة الوطنية للاعلام" الياس شاهين، انه عند الثانية من فجر اليوم وفي محلة الدكوانة وعلى بعد أمتار قليلة من بيت الكتائب، عثر احد المواطنين على جسم مشبوه كناية عن كيس من النايلون في داخله أشرطة. وقد عزلت عناصر من فصيلة الدكوانة والقوى الامنية المنطقة واستقدم الخبير العسكري الذي كشف على الكيس الذي تبين انه عبوة وهمية وهو كناية عن بطاريات موصولة بأشرطة كهربائية ومفرقعات وبودرة بلون التراب، وقطعة من ساعة منبه. وقد نقل بعد تفكيك المحتويات الى مكتب المباحث الجنائية، بناء على إشارة القضاء المختص لإخضاعه لكشف مخبري جنائي وإعلام النيابة العامة بالنتيجة.

الى ذلك، سجلت جملة عمليات سلب مسلحة:

ففي ذوق مصبح أقدم شخصان مجهولان الخامسة فجرا على الدخول الى أفران "كويك سندويش" لصاحبه اميل عون وسلباه بقوة السلاح والتهديد بالقتل، غلة الفرن التي بلغت مليون ليرة عدا ونقدا، واطلق احدهما النار في سقف الفرن لتسهيل فراره مع رفيقه وفرا الى جهة مجهولة. وفي ذوق مكايل، أقدم مسلحان ملثمان على اعتراض سبيل المواطن زياد حرفوش واجبراه بعد تهديده بالقتل على التخلي عن محفظته التي ذكر انها تحوي على مبلغ 4000$ اميركي نقدا فضلا عن اوراقه الثبوتية وفرا الى جهة مجهولة. وفي نيو روضة، أقدم مسلحان مجهولان على اعتراض سبيل المواطن نقولا كرم وأجبراه على التخلي عن محفظته التي ذكر انها تحوي على مبلغ من المال واوراقه الثبوتية كما تم سلبه جهازا خليوي كانا في حوزته وفرا الى جهة مجهولة. واقدم مجهولان مسلحان في خلدة على اعتراض سبيل المواطن قاسم كرنيب بعدما قطعا عليه الطريق وأنزلاه بالقوة من على دراجته النارية، وسلباه إياها بعد إجباره على تسليم محفظته التي تحوي مبلغا من المال وأوراقه الخاصة وفرا في الزواريب الداخلية. وفي محلة بئر حسن، أقدم عدد من الشبان على اعتراض احدى دوريات الفصيلة في قوى الامن في اثناء محاولتها إزالة مخالفة بناء تقدم بها شخص متعديا على الاملاك العامة وقد أسمعت عناصر الدورية كلمات نابية وقد انسحبت الدورية قبل ان يتم تطويقها وقد أعلمت النيابة العامة بالامر وبالوقائع الحاصلة. الى ذلك، وفي إطار مكافحة وتوقيف المخلين بالامن او الذين سطرت في حقهم بلاغات بحث وتحري، فقد تمكنت دوريات الشرطة القضائية في قوى الامن من توقيف ثلاثة عشر شخصا بجرائم إعاقة عمل دورياتها ودعارة ومشتبه بهم بقتل اشخاص ومحرري شكات دون رصيد وقد أحيلوا الى القضاء لإجراء المقتضى القانوني في حقهم.

 

مجدلاني: ما زلنا اكثرية والسلاح تحكم بقرار جنبلاط

وطنية - 14/2/2011 رفض عضو كتلة "المستقبل" النائب عاطف مجدلاني القول أن "نقل ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري من الساحات الى القاعات دلالة على تحول فريق 14 آذار الى أقلية، بل لأن الاوضاع في تشنج كبير ولعدم السماح بتعكير الذكرى"، وقال: "ما زلنا أكثرية شعبية على الرغم من خروج 11 نائبا من صفوفنا تحت التهديد بالسلاح والحرب الأهلية". وأكد في حديث الى "إذاعة الفجر" "رفض منطق السلاح والبدلات السوداء والذي كان وراء انقلاب سياسي عسكري بغطاء دستوري مما سمح ل"حزب الله" باختيار رئيس حكومة لبنان". وانتقد "عدم تقديم الرئيس المكلف نجيب ميقاتي أجوبة على ورقة كتلة "المستقبل" بحجة عدم قدرته على إعطاء التزامات عن المحكمة, والتزامه في المقابل المقاومة للفريق الآخر"، ورأى ان "هناك صعوبة بعد بيان الثوابت الذي صدر عن دار الفتوى في تشكيل حكومة لا تراعي هذه الثوابت ولا تكون فيها مشاركة 14 آذار وازنة". وعن مقاطعة النائب وليد جنبلاط ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري وعدم مشاركته في الوفد الذي زار ضريحه، رأى ان "تخلي جنبلاط عن تسمية الرئيس سعد الحريري في الاستشارات اضطره لأخذ موقف عدائي تجاه تيار "المستقبل"، فالسلاح تحكم بقراره والله يساعده".

 

الاسد التقى فراتيني ودمشق ترفض التعليق على موقف القاهرة من اتفاقية كامب ديفيد

وطنية- 14/2/2011 صرح وزير الخارجية السوري وليد المعلم في دمشق اليوم ان اعلان المجلس العسكري الاعلى في مصر التزام القاهرة اتفاقية كامب ديفيد امر "يخص مصر"، مشددا في الوقت نفسه على استمرار رفض دمشق لهذه الاتفاقية. وقال المعلم ان "موقف سوريا من اتفاق كامب ديفيد معروف منذ توقيع هذه الاتفاقية وما زلنا نعتقد ان احلال سلام عادل وشامل هو الذي يحقق الامن والاستقرار في المنطقة". واضاف وزير الخارجية السوري الذي كان يتحدث بعد لقاء بين الرئيس بشار الاسد ووزير الخارجية الايطالي فرانكو فراتيني، ان "اعلان مصر التزامها بهذا (الاتفاقية) فهو يخص مصر. نحن منذ اندلاع الثورة في مصر قلنا ان ما يحدث في مصر شأن داخلي وما يهمنا هو استقرار الشقيقة مصر وان تلعب دورها الطبيعي في العالم العربي". من جهة اخرى وصف المعلم اللقاء بين الاسد وفراتيني بانه "بناء ومثمر".

 

حوري: لا إمكان لتشكيل حكومة تكون متعارضة مع ثوابتنا

قدمنا التضحيات ولكن الفريق الآخر لم يقابلها إلا بالإنتهازية

وطنية - 14/2/2011 قال النائب عمار حوري ردا على تساؤل البعض ماذا حصل في 14 شباط: "لا أريد أن أضيع الكثير من الوقت في الشرح له لأنه لا يريد أن يعرف ولا قدرة له أن يعرف، 14 شباط هو الحد الفاصل ما بين تاريخ معين للبنان والمنطقة وتاريخ جديد، 14 شباط بدماء الرئيس الشيد رفيق الحريري انتقل لبنان الى مرحلة السيادة والإستقلال بعد نضال طويل قام به كثيرون وسقطوا فيه الكثيرون ليعمدوا هذه المسيرة ولتبدأ مرحلة الوصول الى النتائج المرجوة التي حققتها ثورة الأرز وتعرفنا أكثر على رفيق الحريري وعلمنا ماذا كان يعني، هو رجل الوطن هو رجل العيش المشترك هو رجل نهائية لبنان ككيان رجل المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، هو الرجل المؤمن بالحريات وبالنظام وبكل قضايا الحق والحقيقة، تعرفنا إليه أكثر بعد استشهاد الرئيس الحريري فكان يوم 14 شباط الحد الفاصل بين مرحلتين".

وحول مهرجان البيال اليوم قال حوري لاذاعة الشرق: "لقد انتقل مكان المهرجان من ساحة الشهداء الى البيال تقديرا للظروف الدقيقة والحساسة على مستوى المنطقة المتعلقة بالساحات"، لافتا الى "أن ذلك ستعقبه نشاطات شعبية وصولا ربما الى 14 شباط بشكل آخر وبطريقة أخرى، أما في البيال اليوم فسينطلق الرئيس سعد الحريري من ثلاث نقاط أساسية في كلمته وهي أولا تقييم المرحلة الماضية كي نفعل المرحلة الحالية ونستخلص العبر، ثانيا التأكيد على الثوابت التي دفع ثمنها الشهداء والتي اطلقت من الطائف وكرستها ثورة الأرز، ثالثا ستكون إطلالة للمرحلة المقبلة واستشراقا لطريقة عمل المرحلة المقبلة". وأشار الى "أن أهم ما يقوله الرئيس سعد الحريري وقادة 14 آذار سيكون أكثر وضوحا وأسرع وصولا الى قلوب الناس وعقولهم مع التاكيد على الثوابت"، مشددا على "أن الرئيس الحريري سيقول ما يريح الناس".

ولفت حوري ردا على سؤال الى "أن ثوابت دار الفتوى ليست متعلقة بتصريح الحريري بل هي ثوابت إسلامية وطنية ستكون مترافقة للعمل السياسي في لبنان وما صدر عن اجتماع دار الفتوى ليس متعلقا بتشكيل حكومة أو موقف سياسي معين، الكرة ليست في ملعبنا والرئيس المكلف من خلال حضوره الإجتماع التزم هذه الثوابت، لذلك نقول لا إمكان لتشكيل حكومة تكون متعارضة مع هذه الثوابت ولا إمكان لإستئثار فريق في لبنان على آخر ومحاولة فرض واقع معين يتناقض مع ما صدر عن دار الفتوى ولن تكون عرضة للمناكفة السياسية ولم يكن الإجتماع مخصصا لتوزيع الحقائب الوزارية أو النسبفي التشكيل، ما صدر لا يمكن تجاوزه وتابع: "قريبا سيعلن برنامج المرحلة المقبلة وسنلمس تطورا واضحا"، مؤكدا أن "لا تنازل عن مبادىء ثورة الأرز، لقد قدمنا الكثير من التضحيات لكنها لم تكن في أي وقت على حساب قناعاتنا وعلى حساب دماء الشهداء إنما قدمناها في سبيل الوطن، ولكن الفريق الآخر لم يقابلها إلا بالإنتهازية وبمحاولة استثمار ذلك في قضايا سياسية ضيقة، ولذلك سنعيد وضع النقاط على الحروف، ولن نتراجع عن الذي آمنا به أبدا".

 

زهرا: مشاركة 14 آذار في الحكومة تتوقف على سياستها العامة قبل الحصص

وطنية - 14/2/2011 اكد عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب أنطوان زهرا ان مشاركة قوى الرابع عشر من آذار في الحكومة تتوقف على السياسة العامة للحكومة العتيدة قبل البحث في الحصص والتفاصيل. واوضح زهرا في حديث الى اذاعة "صوت لبنان" ان رئيس الهيئة التنفيذية للقوات سمير جعجع لن يُعدّل كثيراً في الخطاب المُعلن للقوات في الكلمة التي سيُلقيها بعد ظهر اليوم . وأشار الى ان الإحتفال سيتميز بشكله العام والشامل لمزيد من الوضوح في إعلان المبادىء والمسلمات التي قامت عليها إنتفاضة الإستقلال. وشدد على ان تجربة العلاقات اللبنانية - السورية لم تؤد الى النتيجة المتوخاة. وقال: "ان الرئيس المكلف وبالرغم من الملاحظات على طريقة وصوله وتكليفه وتصنيف الأمر في خانة نتائج إنقلاب حاصل لقوى الثامن من آذار، فإن التعاطي معه يبقى معلقا بشكل أساسي على الإجابة عن اسئلة طُرحت عليه في خلال الإستشارات وتتعلق بالمبادىء الأساسية التي نتمسك بها على طريق بناء الدولة، والتي إذا تمّ إعتمادها في سياسة الحكومة الجديدة يمكن عندها الإنتقال الى مناقشة المشاركة وشكلها وحجمها، أما إذا لم يتجاوب الرئيس المكلف مع هذه المبادىء، فذلك يؤكد إستسلامه لإرادة الإنقلابيين في أخذ لبنان بمنحى سياسي يتعارض مع رؤيتنا لبناء الدولة" .

 

إيران ووكلاؤها.. وتوظيف الحدث المصري

محمد جميح (الشرق الاوسط)

الأعمال الكبيرة دائما يكثر المتطفلون عليها والراكبون على أمواجها. وما حدث في مصر خلال الأسابيع الماضية عمل كبير بلا شك، اهتم به الإعلام العالمي بشكل يوازي أحيانا الإعلام العربي الذي شُغل به ليل نهار. ولأن ما حدث في مصر عمل كبير (سمي ثورة وسمي انتفاضة) فإنه يوجد من يريد أن يجيّره لصالحه ويدعي أن له نصيبا في تفجيره. هناك من ركب الموجة وامتطى صهوة الأحداث زاعما أن أحداث «ميدان التحرير» ما هي إلا صدى لأحداث حصلت في شوارع مدنه وساحاته العامة، ناسيا أن الذين يصنعون أحداث ميدان التحرير يسخرون منه ومن محاولاته الممجوجة تجيير مكتسبات انتفاضة الشباب المصري لصالحه.

تعجب وأنت ترى الكثير ممن يصرخون بتأييد انتفاضة الشباب المصري ممن أصلا لا يروقهم رؤية الشعوب حرة، تختار من تشاء ليحكمها. شيء طريف ومضحك أن يخرج علينا «الولي الفقيه» الإيراني بكلام عربي في خطبة الجمعة قبل الماضية ليعلن تأييده لمطالب جموع المتظاهرين في مصر، وهو الذي أصدر أوامره الصارمة باستخدام أبشع الأساليب القمعية لمواجهة الشباب الإيراني الذي ملأ شوارع طهران وعددا من المدن الإيرانية، ناشدا نسائم الحرية والانعتاق من ربقة نظام مستند على كم هائل من الميثولوجيا الدينية. شيء عجيب أن يدعم خامنئي «شباب مصر»، وكأن يده ليست ملطخة بدم «ندا سلطان» التي لفظت أنفاسها أمام عدسات كاميرات التلفزة العالمية أثناء مظاهرات الإيرانيين ضد النظام في العام 2009. وكأن النظام كذلك لم تتلطخ يده بدماء غزيرة لشباب وشيوخ قضوا على حبال المشانق أو في ميادين التظاهر في طهران عدا عن السجون المفتوحة لمعارضي النظام حتى وإن كانوا على النهج الخميني ذاته.

لن نصدق دعوة «الولي الفقيه» لتأييد مظاهرات شباب متطلع إلى المستقبل يريد أصلا الخروج من الكهوف التي مكث فيها طيلة عقود من الزمن. يستحيل أن تكون توجهات «آيات الله» العظام في إيران منسجمة مع طموحات الشباب العربي المصري في ميدان التحرير. والتجلي البسيط لهذه الاستحالة هو أن ثوار ميدان التحرير في معظمهم هم شباب «الفيسبوك» الذي ترفض سلطات «نائب الإمام» فتحه أمام متصفحي الشبكة العنكبوتية من الشباب الإيراني. والطريف أنه في الوقت الذي يبدي فيه «المرشد» تأييده للشباب المصري يقول المتظاهرون الشباب إنهم يرفضون خطاب «آية الله» العظمى، ويرفضون تدخله في الشأن المصري. ولعل الرسالة التي وصلت واضحة للملالي قد صرحت بأن لعبهم بات مكشوفا وممجوجا في الاستفادة شعبيا وجماهيريا من كل حدث على الساحة العربية.

الحقيقة أن النظام الإيراني الذي ركب الموجة قد ووجه بإحراجين شديدين في الأيام الماضية: الأول من قبل ممثلي الشباب الذين رفضوا دعوته ونأوا بأنفسهم بعيدا عن الطفيليين من أية جهة جاءوا، والإحراج الثاني تمثل في أن المعارضة الإيرانية أرادت تنظيم مظاهرات مؤيدة للمظاهرات المصرية في إشارة إلى امتداد الحالة المصرية إلى شوارع طهران وليس العكس. نحن إذن أمام صورة مزدوجة قادمة من طهران يلوح فيها المرشد مؤيدا للمظاهرات المصرية ضد النظام المصري في جانب منها ويظهر فيها المرشد ذاته مانعا لمظاهرات المعارضة الإيرانية تأييدا لمظاهرات المصريين. والرسالة التي تبعثها الصورة واضحة تماما وهي أن «السيد علي» يريد أن يظهر بطولة «النموذج الإيراني أو ولاية الفقيه» التي يسوقها النظام في طهران على أنها «الإسلام المحمدي الأصيل» في مقابل إسلام آخر غير أصيل يدين به غالبية المسلمين الذين لا يؤمنون بالولي الفقيه.

حرص المرشد إذن على الظهور بمظهر المؤيد للشباب المصري لا يعني محاولة فرض «ولاية الفقيه» على أنها هي «الإسلام المحمدي الصحيح» وحسب، بل إن هذا الحرص يعكس خشية «سماحة المرشد» من أن ترقص شوارع طهران على إيقاع مصري هذه المرة. ولعل بعض الإشارات توحي باحتمال هذه الخشية، حيث تردد في بعض أروقة المعارضة الإيرانية بعد رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي تساؤلات عن مصير «السيد علي».

طبعا المتابع لقناة «العالم» الإيرانية أو القنوات العربية الناطقة باسم إيران في بغداد وبيروت وحتى بعض المواقع الإلكترونية الإيرانية في اليمن وبعض دول الخليج، يلمح حرص الرسالة الإعلامية الإيرانية على الربط بين صورة الإيرانيين المحتشدين في الشوارع الإيرانية عام 1979 وصورة المصريين المحتشدين في ميدان التحرير عام 2011. مع أن الأصل هو العلاقة بين صورة شباب طهران في شوارع طهران عام 2009 وبين صورة شباب القاهرة في ميدان التحرير عام 2011، لأن المواطن العربي العادي لا يلمح أي أثر للثورة الخمينية في تشعبات الحدث المصري وتداعياته.

وبالنسبة لوكلاء إيران، وهم كثر في المنطقة، فقد أبدوا مهارة لا بأس بها في مجاراة «سيدهم» في الترويج للعلاقة المزعومة بين ثورة جلبت نظاما ثيوقراطيا في إيران و«ثورة» تريد أن تجلب نظاما «ديمقراطيا» في مصر. رغم سخرية أهل ميدان التحرير من هذا الربط المزعوم، ورغم تصريحات «إخوان مصر» برفض تدخلات المرشد الإيراني في الشأن المصري.

لن أتطرق للوكلاء الكبار لإيران في المنطقة، بل سأشير لوكيل صغير لا يزال تلميذا على ما يبدو في مدرسة «ولاية الفقيه»، ذلك الوكيل يمني هذه المرة للأسف هو سماحة مرشد «ثورة اليمن الإسلامية» حسب تسمية وكيل الإيرانيين الشيخ علي الكوراني، سماحة المرشد يحيى الحوثي دام «ظله الشريف» الذي أعلن عن تأييد جماعته للشباب المصري وحقهم في اختيار حكامهم وكأن جماعته تؤمن بالتغيير الديمقراطي السلمي الذي انتهجه شباب مصر، بل وكأن جماعته قد خرجت من كهوف النظريات القروسطية في حصر الإمامة في «البطنين» حسب فهمهم السقيم لنظرية الحكم في الإسلام. فهل نتصور أن يؤيد شخص يؤمن بحقه في الإمامة على أساس أنها حق إلهي مقدس له ولسلالته، مظاهرات شباب حر ديمقراطي خرج ليكون له الحق في اختيار حاكمه. وهل نصدق أن يحيى الحوثي الذي قال لي يوما وعلى الهواء «القرآن نزل في بيتنا» والذي أراد أن يحرجني يوما وعلى الهواء كذلك بتساؤله: لماذا يحكم من ليس من قريش ولا من البطنين؟ هذه العقلية الثيوقراطية يستحيل أن تؤمن بالديمقراطية وقيمها ومبادئها، وكلنا يتذكر والده عندما سئل هل تعترف بالديمقراطية: قال «ما ندري ما الديمقراطية هذه».، هل نتصور أن عقلية كهذه يمكن أن ترقى إلى مستوى أحلام شباب متحرر من مقولات القروسطيين الذين ما زالوا ينتهجون فكرا متخلفا يقتاتون عليه ويلقنونه لأبنائهم وأتباعهم في المدارس والحوزات؟ الجواب على التساؤل المذكور هو لا. نظرا للفارق الكبير بين أهداف وطموحات وأفكار وعقليات شباب «ميدان التحرير» وبين أفكار الراكبين على الموجة في طهران وبيروت وبغداد وحتى في السراديب الحوثية في اليمن.

 

واشنطن تؤكد دعمها للمحكمة الدولية حول لبنان في ذكرى اغتيال الحريري 

وكالات/أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما عشية الذكرى السادسة لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري تأييده للمحكمة الدولية حول لبنان المكلفة محاكمة المسؤولين عن عملية الاغتيال. وأعلن أوباما في بيان أننا "لن نقبل بأي محاولة للتدخل في عمل المحكمة او لاثارة التوتر في لبنان"، مضيفاً أن "المحكمة ستكشف الحقيقة خلف هذا العمل الإرهابي المشين".

وقال: "في هذا الوقت العصيب ندعو جميع أصدقاء لبنان للوقوف إلى جانب الشعب اللبناني الذي ينبغي أن تكون له الحرية في تحديد مستقبله بنفسه". وتابع أن "اللبنانيين الذين يرسمون مستقبلهم بروح من السلم والمصالحة سيجدون على الدوام في الولايات المتحدة شريكاً قوياً لهم". من جهتها دعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الحكومة اللبنانية المقبلة التي كلف نجيب ميقاتي تشكيلها الى الالتزام بتعهدات لبنان في ما يتعلق بالمحكمة. وأعلنت في بيان أنه "على الذين يحاولون وقف تعاون لبنان ان يوقفوا محاولاتهم ويظهروا قدراً من اللياقة الانسانية". وتابعت أنه "لن يكون هناك سلام واستقرار في لبنان في نهاية المطاف بدون عدالة".

 

الأحدب: يوم "14 شباط" أطلق قيماً أساسية ما تزال صامدة رغم تعثر المسار 

موقع 14 آذار/قام وفد من حركة "التجدد الديموقراطي" يضم نائبي رئيس الحركة النائبين السابقين كميل زيادة ومصباح الاحدب واعضاء اللجنة التنفيذية بزيارة ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، حيث وضعوا إكليلاً من الزهر بإسم رئيس الحركة نسيب لحود واعضائها، تكريماً لذكرى الرئيس الحريري وسائر شهداء "انتفاضة الاستقلال". وتحدث بإسم الوفد النائب السابق الأحدب الذي قال للصحافيين:"جئنا كوفد حركة التجدد الديموقراطي لنضع اكليلاً باسم الحركة ورئيسها نسيب لحود المتواجد في باريس، هذا اليوم هو يوم أليم ومبارك في نفس الوقت، يوم اليم لأننا نستذكر فيه خسارة رجال عظماء كالرئيس رفيق الحريري ورفاقه وسائر الشهداء كسمير قصير ووليد عيدو والجميع من دون ذكر أسماء كي لا أنسى أحداً". أضاف: "هذا اليوم هو يوم مبارك أيضاً لأنه أطلق قيما ومبادئ أساسية، سياسية وثقافية، لا يمكن بناء لبنان الحديث المعافى من دونها، هذه القيم ما زالت صامدة رغم تعثر المسار في السنوات الأخيرة، وسنبقى نراهن عليها أساساً لقيامة لبنان وبناء الدولة فيه". وقال: "وهذا اليوم هو كذلك يوم تاريخي لأنه أطلق ثورة سلمية مدنية تجمع كل طوائف لبنان من دون استثناء وسبقت بست سنوات التطورات الايجابية الهائلة التي تحصل اليوم في المنطقة العربية، تماما كما استشرفها الشهيد سمير قصير". وقال الأحدب: "نحن حملنا قيم 14 آذار ودافعنا عن مبادئها قبل تأسيس قوى 14 آذار، منذ أيام لقاءات الكارلتون والبريستول، وما زلنا أمناء لهذه القيم والمبادئ، ولكننا نحن اليوم خارج هيكلية 14 آذار وننتظر ما ستطرحه هذه القوى على ضوء اجراء مراجعة ضرورية للتجربة السابقة وتقييمها، وعندها سنتخذ القرار المناسب في إطار حركة التجدد".

  

فتفت: "حزب الله" فقد صفة المقاومة نهائياً وتحوّل إلى ميليشيا تسعى للسيطرة على الحكم

رأى عضو تكتل "لبنان أولاً" النائب أحمد فتفت أن البلاد اليوم "أمام نظرتين مختلفتين الى الدولة اللبنانية: نظرة الحزب الواحد الذي يحاول أن يفرض رؤيته السياسية والإقتصادية على كل اللبنانيين ونظرة تهدف إلى أن ينفتح البلد سياسياً ضمن المفهوم الديمقراطي ومفهوم الحريات". وقال: "سمعتُ كلاماً ل(رئيس تكتل "التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون يقول فيه إنه يجب على الصحافة أن تصمت وليس فقط السياسيين وهذا الكلام خطير لأنه سيؤدي إلى تغيير خطير في التفكير السياسي اللبناني". فتفت، وفي حديث لمحطة "أخبار المستقبل"، إعتبر أنه "منذ أن قام "حزب الله" بانزال "القمصان السود" إلى الشارع وفرض رئيس حكومة وقام بعدها (الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن) نصرالله بإلقاء خطاب بدا فيه وكأنه المرشد الاعلى للدولة اللبنانية فقد الحزب صفة المقاومة نهائياً وتحول إلى ميليشيا مسلحة تسعى الى السيطرة على الحكم في لبنان". وسأل "كيف يمكن أن يكون الحزب عبارة عن مقاومة إذا كنا منذ عام 2006 وحتى اليوم لم نطلق رصاصة واحدة على إسرائيل". وفي مسألة الفساد المالي والإداري في الدولة، ذكّر فتفت بأن "الرئيس فؤاد السنيورة تقدّم عام 2006 بقانون لا يزال في أدراج المجلس النيابي طلب فيه أن يتم التدقيق الدولي في كل وزارات ومجالس الدولة وكل مالية الدولة"، مطالباً "بأن يتم التحقيق في كل قضايا الفساد المالي ولكن اشدد على كلمة "كلها" وليس قضايا انتقائية فلا يمكن أن نطلب التدقيق في موضوع معين وننسى مجلس الجنوب مثلاً". وختم فتفت بدعوة المترددين للنزول للمشاركة في إحتفال 14 شباط في مجمع "بيال" غداً بالقول: "إذا لم يشارك هؤلاء المترددين في "بيال" غدا فإن ثمن هذا سيكون القضاء على آمالهم بدولة ديمقراطية له ولأولاده".

 

لن يتجاوز الأربعين

علي الرز

كيف تجرأنا قبل سنوات ست على الحزن والغضب والتمرد؟ كيف ارتكبنا خطيئة الثورة على واحد من أشنع الانظمة الامنية المشتركة في العالم؟ كيف بكينا؟ هتفنا؟ نزلنا بسلاح الكرامة الى الساحات؟ رفعنا شعارات الحرية والسيادة والاستقلال؟ "مجانين هؤلاء او متآمرون؟" قالها أبواق رجال النظام القديم. آخرون أضافوا اننا عاطفيون، بعضهم أطلق تنظيراته الشهيرة: "أعطوهم اسبوعاً فيفكّون الحداد، واذا استمرت الاعتصامات فلن يتجاوز حزنهم الاربعين يوما"، وبعضهم قال لأسياده: "رفيق الحريري ليس اغلى من رؤساء جمهورية راحلين ورؤساء وزراء سابقين ورجال دين... فورة وتنتهي في ايام". أما وانها لم تنته في ايام ولا سنوات، فكان لا بد ان تتغيّر طريقة التعامل كي يضيع دم الشهداء بين القبائل... رفاق الرفيق يلتحقون به في مسيرة الفداء لكن الخوف يتعاظم في قلوب القاتلين لا في قلوب غيرهم.

كيف تُغيّر جريمة اغتيال قواعد نظام امني حكم لثلاثين عاما؟ تساءلوا وهم يتابعون بضيق تدفُّق الدماء الشابة الى قلب بيروت لتضخّ فيه الحياة من جديد. مَن هو هذا الرجل الذي أثخناه بالجراح ووزّعنا الشتائم على رموز قيادية من كل الطوائف لتطلقها عليه قبل فترة طويلة من اغتياله، فاذا بالطوائف تتمرّد على قياداتها وتعتصم مطالِبة بالحقيقة؟ "لم تكن توقعات جماعتنا دقيقة، إما لانهم كانوا متفرّغين لنهب المدينة وإما لانهم اسرى التفكير الاسود...". في لبنان، يُصلح الحليف ما أفسده غباء الآخرين. هنا الطوائف تعود الى عرينها. هنا الانقسام يبدّد الانجاز. هنا السلاح يحكم ويتحكّم. هنا الحشود تقابلها حشود. وهنا قلب بيروت يمكن ان ينبض باتجاهيْن يكفلان اضعافه. لا حرية خارج السلاح، ولا سيادة خارج المحور، ولا استقلال خارج جمهورية الرعب ولا حقيقة الا ما نقوله... تريدونها بالانصياع؟ اهلاً وسهلاً، تستمرون في الرفض؟ نقنعكم بـ"الايام المجيدة" و"القمصان السود".

اصلح الحليف ما افسده غباء الآخرين. خاف مَن خاف، وغادر المسيرة عن "قناعة" بعد فترة تأمُّل في الوسطية. اصابت العدوى مَن اصابت، فصار "دم السنّة يغلي غلي" في مواجهة "دم الشيعة يغلي غلي"، وانتظر المنتظرون زخما جديدا لثورة الارز تستلهم مبادئ المارد الوطني، فسمعوا قصص "المارد السنّي"... ابتسم مَن ابتسم في الممانعة رافعا شارة النصر.

ومع ذلك، فأنت الكفيل تصحيح المسار حياً وشهيداً. ست سنوات ونحن على مشارف غد قريب لا يريدون لشمسه ان تشرق. اشرقت في قلوبنا وعقولنا وافكارنا ومشاعرنا وإراداتنا، والخوف كل الخوف ان تغرب على انقسام وفرقة وتشتُّت وضياع. قل لهم مجددا يا دولة الرئيس الشهيد ان الوطن اكبر من الطوائف وان احدا لا يمكنه ان يكون اكبر من البلد. قل لهم ان مارد الخوف في قلوبنا هو مارد الطائفية والالتحاق والتبعية. قل لهم ان يعودوا الى 14 آذار. قل لهم اننا كنا شرارة التغيير في العالم العربي كله يوم انتصر حزننا على السيف. قل لهم انك قدّمتَ روحك ثمنا لقيامة لبنان... وقل لهم ألا يقتلوك مرتيْن.  "لن يتجاوز حزنهم الاربعين يوما". راهن القتلة او صبيان القتلة... ليتهم ما قتلوك يا ابا بهاء وما راهنوا... ليتهم استودعوا الله بلدهم وشعبهم.

 

إغتيال عماد مغنية: عملية فاشلة... ومن هو الصيد الثمين الذي نجا يوم 12 شباط 2008؟ 

طارق نجم/"كان يتمتع بشخصية واثقة في النفس إلى حد مخيف، وبالايمان العميق فيما يفعل، وهو شيء يتشارك فيه مع زعيم القاعدة أسامة بن لادن. وبالنهاية من عاش بحدّ السيف من شأنه ان يموت به" هذه الكلمات التي وصف بها روبرت فيسك عماد الذي قابله في تشرين الأول من العام 1991 للعب دور الوسيط من اجل اطلاق تيري أندرسون. وفي مثل هذا اليوم من العام 2008، حمل آلاف المشيعيين الفخورين التابوت الذي يحتوي على ما يظن أنه جثمان عماد فايز مغنية، من مجمع سيد الشهداء في حي الأبيض حتى مدافن روضة الشهيدين في الشياح ليوارى "القائد الجهادي الكبير" (كما وصفه إعلام حزب الله) الثرى بالقرب من عشرات الشهداء اللذين سبقوه الى هناك.

وقبل هذين التاريخين، وفي الفترة التي أصبح فيها أحمد وحيدي مديراً لمخابرات الحرس الثوري الإيراني، تلقى هذا الأخير أوامر واضحة من آية الله الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، بنقل المعركة مع الاميركيين والإسرائيليين إلى خارج الأراضي الإيرانية. فكان أول أعماله تنظيم وحدات الحرس لتوسيع ايديولوجية الثورة الاسلامية وتصديرها الى الدول القريبة والبعيدة لدولة طهران الثورية.

اولى ثمار هذه الجهود كانت إنشاء حزب الله في لبنان وبناء علاقات مع جماعات توصف بالإرهابية لدى الغرب، من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة (بقيادة احمد جبريل) إلى حركة الجهاد الاسلامي، اللذين تلقوا التدريب والتسليح. ولكن يبقى النشاط الأبرز للحرس والذي عزز مواقعهم هو التعاون مع أمثال عماد مغنية، الذي كان له الفضل في المشاركة في كل هجوم أمرت به إيران على مستوى العالم.

دان درالينغ، المستشار بشؤون الإرهاب، أكدّ في مقالة له في مجلة Weekly Standard بتاريخ تموز 2006، أن عماد مغنية لا يتمتع بمكانة متقدمة في لبنان فقط ولكن أيضاً في مواقع مختلفة داخل ايران، حيث يحظى بحماية الحرس الثوري ووزارة الاستخبارات والأمن (إطلاعات). أما الدكتور ماغنوس رانستورب، وهو مدير مركز التهديدات الدولية في كلية الدفاع السويدية والمتخصص في شؤون الإرهاب، فقال أنّ حرب تموز 2006 اندلعت بسبب عملية خطف الجنديين التي خطط لها ونفذها عماد مغنية. ويصف مغنية بأنه يضع رجلاً في داخل ايران والرجل الثانية داخل حزب الله اللبناني. وهو الرجل الذي قدّر له تنفيذ جميع المهام الخاصة على مستوى العالم ومنها التنسيق مع الجماعات المناهضة لاسرائيل وايران وتنفيذ العمليات التفجيرية كما حصل في الأرجنتين عام 1992.

الروابط الإيرانية لعماد مغنية تجلت في إشادة المسؤولين الايرانيين "بالحاج" ومن على لسان المرشد الاعلى للثورة علي خامنئي والرئيس الايراني محمود احمدي نجاد اللذين اصدرا بيانات عزاء رسمية. وتحدث خامنئي عقب اغتيال مغنية، من محافظة أذربيجان الشرقية شمال غرب إيران، عن خصائص الحاج رضوان، فقال: "كان الحاج عماد يعتبر نفسه ابنًا للإمام الخميني ويفخر بذلك". ولم يمض 40 يوم على أغتيال مغنية حتى أعلن وزير الاتصالات الايراني محمد سليماني "أن الجمهورية الإسلامية اصدرت طابعاً بريدياً للقيادي في حزب الله عماد مغنية "الحاج رضوان"، تكريما ًله. الطابع مزين بتوقيع قائد الثورة الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي". مع الإشارة "أن الطابع (الذي صدر باللغة الفارسية) سيعرض في 30 متحفا عالميا".

محاولات اغتيال سابقة للحاج عماد...فهل كانت تفجير كفرسوسة عملية فاشلة ...ومن هو الصيد الذي نجا؟

صحيفة Sunday Times، نقلت عن ديفيد باركي، وهو مسؤول سابق في الوحدة 504 في الموساد، أنّ "إسرائيل حاولت عدة مرات تصفية مغنية في اواخر الثمانينيات وانها جمعت كميات هائلة من المعلومات عنه لكن كلما حصلت على معلومات اكثر عنه زادت صعوبة الوصول اليه بسبب عدم وجود نقاط ضعف لدى الحاج". ومن هذه المحاولات، السيارة المفخخة التي قتلت شقيقه الحاج رضوان، فؤاد مغنية، في العام 1994 في محله الكائن في احد شوارع الضاحية الجنوبية، حيث كان من المتوقع وصول عماد، ولكن التوقيت لم يكن دقيقاً بما فيه الكفاية. كما أنّ الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية سربت يوم 19 تموز 2006 نبأً مفاده أنّ عماد مغنية قتل أو على الأقل أصيب بجروح خطيرة بسبب القصف الإسرائيلي المركز لمناطق تواجد حزب الله، ولكن الأمر كان يصعب تأكيده.

ووفقا لتقارير أجنبية مختلفة، فقد تمّ اتخاذ قرار اغتيال مغنية قبل حرب تموز 2006 بوقت طويل، لكن هذه العملية اصبحت أولوية بعد دخل وقف اطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 14 آب. ويمكن تقفي هذه الإمكانية بدءا من اعتقال أحد المسؤولين في ما يعرف بـ"العمليات الخارجية" في حزب الله والمقرب من مغنية، ويدعى علي موسى دقدوق والذي أوكلت له مهمة تدريب جيش المهدي. وقد تم الاعتقال عن طريق الصدفة على أيدي رجال أمن عراقيين عندما كان في كربلاء في شهر كانون الثاني من العام 2005، بحسب سمدار بيري، مراسلة الشؤون العربية في الصحيفة العبرية "يديعوت أحرونوت". وكانت معلومات أخرى ذكرت أنه في العام 2006 تواجد مغنية نفسه في البصرة لدعم ميليشيات المهدي التابعة لمقتدى الصدر.

انطلاقة عملية اغتيال مغنية كانت على جانب من التعقيد وارتكزت على معلومة تلقاها الموساد حول رغبة الحاج رضوان بحضور الذكرى 29 لاحتفالات الثورة الإسلامية في السفارة الايرانية في دمشق. فكلف رئيس جهاز الموساد مئير داغان وحدة Kidon (وتعني بالعبرية الخنجر) لتنفيذ العملية، وهي تعتبر مجموعة من نخبة القتلة التابعين لفرع قيصرية، بحسب صحيفة الجيروزاليم بوست. ووفقاً لمصادر صحيفة The Independent، فقد توجه ثلاثة من أعضاء الكيدون الى دمشق من خلال جوازات سفر أوروبية في رحلات مستقلة من مدن أوروبية مختلفة: طار أحدهم من باريس مع شركة الطيران الفرنسية، وأقلع الثاني من ميلانو في ايطاليا، وأتى الثالث من عمان في رحلة شركة الطيران الاردنية. وقد تمكنوا من التحرك على الأراضي السورية عبر مساعدة محلية، ترجح أنها من خلال شبكة لبنانية تعمل للموساد من ابرز اعضائها علي جراح الذي زار سوريا مرات عدة وجمع معلومات مفصلة عن الحي الذي كان من المنتظر أن يصل إليه مغنية، وفق ما نشرته صحيفة السفير في تشرين الثاني 2008.

وفي العاصمة السورية، تمّ تأمين المتفجرات للعملاء الإسرائيليين، الذين قاموا بتفخيخ أحدى السيارات التي تمّ إستئجارها، وأوقفوها امام المركز الثقافي الإيراني في كفرسوسة بانتظار وصول الهدف الى موقع الإغتيال.

ويبدو أن هذا السيناريو أقرب إلى الواقع مقارنة برواية أخرى تحدثت عن وصول فريق كامل للموساد من خلال تسلل سياراتهم عبر الحدود العراقية-السورية. وعملية اغتيال مغنية التي نفذت في دمشق تشبه الى حد كبير التحركات التي رافقت اغتيال مشابه حصل في دبي للناشط الفلسطيني محمود المبحوح بعد سنتين.

وإذا كان الهدف النظري لأي عملية هي التخلص من الهدف، والعودة بسلام إلى القواعد دون فقدان أحد أعضاء فريقك أو ترك وراءك الأدلة، فإن فرقة الكيدون التي نفذت العملية قد أبلت بلاءا حسناً. وبحسب ما نقلته الغارديان عام 2008 عن ضابط سابق في احد اجهزة الاستخبارات الغربية "فإنّ اغتيال مغنية كان على درجة عالية من الاحتراف ومن الناحية العملية فإنها كانت مسألة معقدة للغاية. ومن أجل تنفيذ عملية مشابهة فأنت بحاجة للتأكيد انك تتعامل مع الشخص المناسب".

ومع هذا فإنّ مصادر مقربة من حزب الله كان لها رأي آخر بالعملية. وبحسب ما يصف أحد مسؤولي حزب الله "الحاج" (أي عماد مغنية) فإنه كان "صاحب طاقة لا تنضب"، ويشير هذا المسؤول أنّ "عملية الإغتيال كانت فاشلة بالمعايير الإستخباراتية". ولدى التساؤل عن سبب هذا الفشل يقول هذا المسؤول أنّ "القتلة كان يمكنهم أن يحققوا صيداً أكبر لو كانت لديهم المعلومات الإستخبارية الكافية... ولكنهم فاتهم صيد ثمين بكل معنى الكلمة... في حين سقط الحاج عماد شهيداً لوحده". وتشير التقديرات إلى وجود عدة أسماء كان يمكن ان تطالها يد الموساد في ذلك المكان والزمان منها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله أو قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني.

مجدي كامل: لهذه الأسباب يصعب تصديق مقتل الثعلب مغنية... وكيف يتمّ إغتيال من لم تعرف صورة وجهه؟

عملية اغتيال مغنية التي جرت في ظروف غامضة ووسط تكتم شديد من قبل السلطات السورية على تفاصيلها التي تضاربت حولها الأخبار. هذا الواقع دفع بالعديد من المحللين إلى افتراض أنّ عماد مغنية ربما لم يقتل حقاً بل

كان مجرد إعلان وهمي. وقد أفاد بذلك بعض التحليلات التي رأت أنّ لعماد مغنية علاقة معينة بقضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأن لجنة التحقيق الدولية التي تعمل على التحقيق بالجريمة تعمل على التحري عن حقيقة وفاة عماد مغنية. وهناك العديد من الآراء رأت أنّ اغتيال مغنية وتوقيته جاء كمحاولة لفبركة حدث معيّن لإغلاق ملف كبير اسمه عماد مغنية وتبعاته، بالإضافة إلى التشويش على ملف كبير آخر هو ملف اغتيال رئيس وزراء لبنان الراحل رفيق الحريري.

ومن ابرز مؤيدي هذا التوجه هو الكاتب المصري مجدي كامل، أول من ألف كتاباً عام 2007 عن الحاج رضوان اسماه "عماد مغنية...الثعلب الشيعي" أي قبل إعلان مقتله بسنة. وعقب انفجار كفر سوسة، أستبعد مجدي كامل أن يكون مغنية قتل فعلاً في هذا الانفجار، وذلك لثلاثة أسباب: الأول كما نقل كامل عام 1996 عن قرار الرئيس كلينتون بتوجيه 5 سفن حربية على متنها 4 آلاف جندي للنيل من مغنية، بعد ان ذكر أنه على متن سفينة ابن طفيل في الخليج العربي، وقد أشار قائد العملية "لو تمكنا من قتل هذا الرجل فلن نعرف أننا قتلنا الشخص المناسب لأننا لا نعرف صورته".

ويضيف الكاتب المصري دليلاً آخر هو ما نقلته الصحافية روبن رايت Robin Wright في كتابها "الغضب المقدس" Sacred rage: The wrath of militant Islamعام1991، وهي التي عملت طوال 25 عاما كمراسلة في الشرق الأوسط "عام 1983، والتي قالت فيه 'كنت أجلس في إحدى المقاهي في بيروت، وكان معي كبار ضباط المخابرات الأمريكية الذين يطاردون عماد، وسألتهم هل تستطيعون اصطياد هذا الرجل، قالوا لا لأننا نطارد شبحا، وقد يكون يجلس في المائدة المجاورة يستمع إلينا ويضحك ولا نعرفه.

وأما الأمر الثالث الذي يشير إليه مجدي كامل فهو اعتراف أول ضابط أمريكي كلف بملاحقة عماد مغنية بصعوبة الوصول إلى هذا الشخص، وذلك عندما كتب مقالة "عقلية مغنية" (ويعني هنا دان درالينغ) حيث يشرح فيها صعوبة الوصول إليه، وتحديد مكانه أصلا، وبالتالي فـ"إذا استعصى على كبار ضباط المخابرات في العالم، فلا يمكن أن يصدق العقل أن يقتل بهذه الطريقة".

ومع هذا، فإنّ الإسرائيليين اللذين فضلوا نفي تورطهم في اغتيال عماد مغنية، قالت مصادرهم ان من يقف وراء هذا الاغتيال هو اسطورة الموساد الإسرائيلي مائير داغان. وداغان، الذي اشتهر مؤخراً بانه مهندس اغتيال محمود المبحوح، تم ترشيحه في تشرين الأول من العام 2008 من قبل القناة الثانية الإسرائيلية ليكون "رجل العام" بسبب "مساهمته القيّمة بالتخلص من مغنية" قبل ذلك بثمانية أشهر.

كما أن صحيفة "هآرتز" التي نشرت مقالا بعنوان "قاتل العام"، ذكرت أنّ داغان قد نال تنويهات وجوائز وصلت الى حدود العشرة من أطراف فضلت عدم الكشف عن اسمها، لانجازاته الكبيرة في إغتيال مغنية وضربه المفاعل النووي السوري بالإضافة إلى العديد من العمليات الأخرى التي حملت التوقيع الشخصي لداغان المعروف بتاريخه في الإغتيالات منذ السبعينات في غزة إلى فترة الثمانينات في لبنان.

أياً كانت الطريقة التي قتل فيها عماد مغنية (أو لم يقتل فيها بل شبه لهم)، فإن الحاج رضوان كان من أكثر الرجال المطلوبين في العالم، وشكل عنوان مرحلة كانت من اساليبها العمليات السرية والنشاطات الأمنية وشبه العسكرية التي يفوق حجم الوطن الذي ولد فيه. وتبقى علامات الاستفهام تكبر إزاء صمت حزب الله على نشر تفاصيل عن عملية الإغتيال بعد التحقيقات التي تعهد أمينه العام بنشرها بالإضافة إلى الثأر والحرب المفتوحة التي توعد بها عن المنابر منذ يوم 14 شباط 2008 دون ان تتجاوز ذلك... حتى الآن.

المصدر : خاص موقع 14 آذار

 

4 اذار «تجدّد شبابها» اليوم بذكرى اغتيال الحريري وتعلن «أجندتها» كـ... معارضة

تشكيل الحكومة اللبنانية «يخفت» امام «الصوت العالي» لـ «حلفاء» ميقاتي

بيروت ـ «الراي/بدا في حكم المؤكد ان تحديد التوجهات النهائية التي ستسير بموجبها عملية تأليف الحكومة الجديدة في لبنان يبدأ غداً، بما يعني ان هذا الاسبوع إما ان يشهد ولادة الحكومة على صعوبة تحقيق هذا الاحتمال، وإما ان يُدفع بعملية التأليف قدماً بعد حسم الاطار الذي ستتكوّن منه.

واوضحت مصادر سياسية مواكبة لعملية التأليف لـ «الراي»، انه يُنتظر ان يتبلور بحلول مساء اليوم موقف واضح جازم لا لبس فيه لقوى 14 اذار من مختلف القضايا السياسية الاساسية والتطورات التي ادت الى المجيء بنجيب ميقاتي رئيساً للحكومة الجديدة، من خلال المهرجان الذي تحييه في مجمع «البيال» في وسط بيروت بعد ظهر اليوم إحياءً للذكرى السادسة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وقالت ان ثلاث كلمات رئيسية ستلقى في المهرجان لكل من الرئيسين سعد الحريري وأمين الجميل ورئيس الهيئة التنفيذية في حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ستكون كفيلة برسم الاطار النهائي للسياسة التي ستنتهجها قوى 14 اذار اعتباراً من اليوم ليس بازاء الرئيس المكلف تشكيل الحكومة فحسب بل ايضاً بازاء مجمل الوضع الناشئ عن اسقاط حكومة الحريري وقلب الأكثرية لمصلحة قوى 8 اذار والاستراتيجية التي ستتبعها قوى 14 اذار في المرحلة المقبلة من موقعها الجديد كمعارضة.

اما اذا كان ذلك يعني حسم مشاركة قوى 14 اذار في الحكومة سلباً، فإن المصادر تريثت في الاجابة القاطعة على هذا الاحتمال مع انها رجحت ان يكون الموقف النهائي بعدم المشاركة لكنها لفتت الى ان هناك توافقاً حصل بين ميقاتي والوزير بطرس حرب على مهلة ايام قليلة يقدم خلالها فريق 14 اذار جوابه النهائي فيما يكون ميقاتي رسم الحد الأقصى لسقف المشاركة في الحكومة حجماً والتزامات.

وتقول المصادر انه لم يعرف بعد ما قدمه ميقاتي الى قوى 14 اذار والذي قيل انه «عرض جدي»، ولذا من الصعب معرفة موقف هذه الاخيرة من المشاركة، ولكن يبدو بوضوح ان ثمة حراكاً مهماً حصل في هذا الاطار بدليل التصعيد الحاد الذي برز في مواقف بعض اطراف «الأكثرية الجديدة» ولا سيما منهم زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون وكذلك بعض الأطراف الدروز كالوزيرين السابقين طلال ارسلان ووئام وهاب.

ومع ان كلاً من هذه المواقف يعود الى أجندة خاصة بصاحبها فإن المصادر لاحظت ان هذا التصعيد يبدو بمثابة رفع سقوف امام ميقاتي نفسه. فالعماد عون قطع الطريق نهائياً على اعادة وزارة الداخلية الى حصة الرئيس ميشال سليمان واعطائها تكراراً للوزير زياد بارود «بعد فشل تجربته وهو ما لن يتكرر»، كما قال عون، وارسلان حمل على تكريس الحقائب السيادية بطوائف اربع مطالباً بإسناد الداخلية الى النائب وليد جنبلاط، ووهاب شنّ حملة شخصية على ميقاتي. واذا كان من دلالة لهذه المواقف فهي تشير الى صعوبة العقد التي تعترض مهمة ميقاتي مع داعميه في حال حسم الامر سلباً بإسقاط اي احتمال لمشاركة قوى 14 اذار، حتى ان المصادر تجزم بأن من مصلحة ميقاتي ان يعيد 14 اذار الى الحكومة كما من مصلحة رئيس الجمهورية ايضاً، لأنه في غياب هذا الفريق عن الحكومة ستبدأ حسابات مختلفة وصعبة داخل «اللون الواحد» وعلى نحو مبكر جداً.

وفيما اعلن الرئيس المكلف، الذي يلتزم «ديبلوماسية الصمت» في كل ما يتعلق بمشاوراته في شأن الحكومة، انه يواصل مشاوراته لتقريب وجهات النظر ولن يلتزم أي موعد محدد أو عدداً معيناً للوزراء في الحكومة، لان ما يهمه في النهاية هو الاطلالة على الناس بتشكيلة حكومية توحي الثقة، استوقف الدوائر المراقبة ما نقلته تقارير صحافية عن ان ميقاتي التقى الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله قبل نحو اسبوع وان الأخير أبلغه رفضه القاطع تضمين البيان الوزاري للحكومة العتيدة أي عبارة تتعلق بالمحكمة الدولية، فيما ان ميقاتي، لا يزال ينتظر جواب الحزب على صيغة بديلة اقترحها تكتفي بالاشارة الى الحرص على «تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة في اغتيال الحريري».

في موازاة ذلك، برزت مجموعة مواقف لرئيس البرلمان نبيه بري شنّ فيهما هجوماً عنيفاً على تيار «المستقبل» من دون تسميته بدا «صدى» لـ «المعركة» الدائرة منذ ايام بين الفرdقيْن عبر منابرهما الاعلامية، اذ قال: «نريد أن يكون مالنا ومالهم لكل لبنان، وهم ما زالوا يعتبرون أن الكل في سبيل البعض، وأعواماً طويلة ونحن نسكت علّهم يعودون الى الطائف وينتبهون أن سياستهم المالية حوّلت لبنان جنّة ديون علينا وعلى أولادنا ونحن نلحس المبرد، وأنهم ألقوا القبض على وزارة المال وأغلقوا أبوابها حتى لا نرى ولا نسمع ولا نراقب».

اضاف: «في لبنان اتفقنا على المحكمة الدولية على طاولة الحوار عندما لم يكن قد اتى برنامجها الى لبنان ولم تجر مخالفة الدستور بارسالها للأمم المتحدة، لكن الطريق الذي سلكته الحكومة غير الميثاقية في توقيع اتفاقية المحكمة مع الأمم المتحدة هو المشكلة (...) ونحن ما زلنا مع المحكمة التي تؤدي لكشف الحقيقة لا الى صنع اي حقيقة، ولن نقبل أن يبقى لبنان لعمر جديد وهو بيت للصمت وأن نسكت تحت طائلة التهديد بالمشاركة».

وتابع: «نظرا لما رأيناه من سعي لنباء العصبيات، والآن في هذه اللحظة الوطنية المناسبة وقيام حكومة تمثل تداولية السلطة وفي هذه اللحظة التي يشدد فيها جميع المسؤولين على تكاملية السلطات انطلاقا من أن كل واحد من الرؤساء هو مسؤول ليس المسؤول الأوحد وانطلاقا من السعي لتأمين الاستقرار الأمني والنقدي، أعبر عن تفاؤلي بوضع اتفاق الطائف بشقيه الدستوري والاصلاحي موضع التنفيذ وهذا يفتح الباب من أجل التمني أن تكون باكورة أعمال هذه الحكومة وضع حجر الاساس لمشروع الليطاني على منسوب 800 متر «. واذ دعا الحكومة «لصوغ واقرار قانون انتخاب عصري على أساس الدوائر الموسعة والنسبية وخفض سن الاقتراع»، اكد «تمسكنا بالمقاومة وبمثلث الجيش والشعب والمقاومة لضمان ردع أي عدوان». وختم واصفاً يوم رحيل الرئيس المصري حسني مبارك عن السلطة في مصر بانه «يوم مبارك».

وكان تردّد يوم امس في بيروت «دويّ» مواقف «النبرة العالية» التي اطلقها عون خلال كلمته له عشاء هيئة المهندسين السنوي في التيار»الوطني الحر»، اذ اعلن «ان من غير الممكن ان تتألف حكومة جديدة على المبادئ التي سببت سقوط هذه الحكومة»، مشددا على «عدم القبول بأن تدخل عناصر التفجير التي كانت سابقا الى الحكومة الحالية»، وواصفاً التجربة الأولى والثانية في وزارة الداخلية بنفس الأشخاص بانها «كانت فاشلة وفاشلة»، وجازماَ «باننا لن نسمح بان يتكرّر هذا الفشل». وسأل: «لماذا هذه الضجة اليوم ولماذا هذا الابتزاز لرئيس الحكومة المكلف؟ هذا الشيء ليس مقبولا»، وقال: «من وقت لآخر، يخرج بعض «المسعورين» ويتحدثون عن عقدة عون، فهل يريدوننا ان نكرس التجارب الفاشلة»؟

وأضاف: «لا نقبل أبدا أن يُقال أننا نتعرض للطائفة السنية، لاننا ولا في يوم من حياتنا تآمرنا أو انتقدنا ايمانهم أو تقاليدهم أو عاداتهم بل دائما دافعنا عنهم، ولن نسكت بعد اليوم على ما يطالنا من اتهامات في هذا الموضوع. واذ نؤيد المبادئ العامة التي وردت في بيان دار الافتاء، مع تمنينا لو تم ذكر موضوع «شهود الزور»، نتساءل: إذا كان أهل الضحية يشعرون بالأسى إذا لم تؤمن العدالة لهم، فهل تساءلوا ماذا يكون شعور البريء إذا كانت هناك مؤامرة واذا كان سيُحكم عليه زورا؟»، وتابع: «تمسُّكنا باسقاط المحكمة ليس اسقاطا للعدالة بل اسقاطا لتدبير سياسي يريد تطبيق ما عجزوا عنه في حرب الـ2006».

وفي حين شدد على «ان كل موقف يتعلق بالحكم لا يأخذ شرعيته من بيت الطائفة بل من البرلمان»، اكد ان «كل ما يخص الرؤساء الثلاثة لا يخص طوائفهم فقط بل جميع اللبنانيين».

 

المفتي قباني: لن يمرّ بلا حساب اغتيال الحريري

الراي/اكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني «ان جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لن تمر من دون حساب أيا كان الذين اغتالوه»، معلناً «سواء كُشف هؤلاء أو لم يكشفوا فان الله سبحانه وتعالى لا تضيع عنده الودائع ولا يضيع عنده الظلم، وهو الذي قال في القرآن الكريم: «ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار».وجاء كلام قباني خلال زيارة قام بها امس لضريح الحريري في باحة مسجد محمد الأمين في وسط بيروت يرافقه ممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ غاندي مكارم، وعدد من المفتين وقضاة شرع وعلماء دروز.

 

 

السيّد للحريري: وهْم روبن هود قد يدفعك لإشعال نار قد تكون أنت و«سوليدير» أول المحترقين بها

الراي/في الذكرى السادسة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري، وجّه المدير العام السابق للأمن العام اللبناني اللواء الركن جميل كلمة الى رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري اتّهمه فيها «برصد اكثر من مليون دولار للاحتفال بذكرى والدك في قاعة البيال (اليوم)، وأكثر من عشرة ملايين دولار لتأمين الحشود الشعبية وشراء المشاركين لمناسبة 14 مارس المقبل».

السيّد، توجّه الى الحريري محذراً اياه من جعل مناسبتيْ 14 فبراير و14 مارس «محطة للفتنة والتكاذب»، وقال: «اذا أوهمك مستشاروك يا دولة الرئيس بأنك روبن هود الشعب اللبناني، فأخشى من ان هذا الوهم قد يدفعك الى إشعال نار قد تكون أنت وسلطة الفساد والديون و«السوليدير» أول المحترقين بها والعاجزين عن اطفائها».

 

مراسل «فرانس برس» في البقاع روى ظروف احتجازه «التعسفي»

الراي/روى مراسل «فرانس برس» في البقاع حكمت شريف ظروف ما وصفه بانه «احتجاز تعسفي» تعرّض له من فرع الأمن والمعلومات في زحلة على خلفية تلقيه اتصالا من أحد السجناء يطلب منه تأمين دواء لمرض السكري. وشرح شريف في مؤتمر صحافي عقده في دارته في بعلبك ـ عين بورضاي، وقائع استدعائه الى مكتب فرع المعلومات في زحلة للتحقيق معه وتسعة أشخاص آخرين، بينهم مختاران من بعلبك وطاريا. واذ استغرب احتجازه لمدة 24 ساعة مع سبعة أشخاص آخرين رغم معرفة طبيعة مهنته الإعلامية وتوقيعه سند إقامة، اعتبر أن احتجازه كان «تعسفيا»، وأضاف: «كل ما في الأمر أنني تلقيت اتصالا من سجين في سجن زحلة يطلب مني تأمين دواء للسكري، وقد أمنته له بالفعل، والذي يجب أن يحاسَب هو الذي أدخل الهاتف إلى السجين». وروى «الظروف الصعبة» التي رافقت احتجازه، إذ أمضى الليل مع «سبعة أشخاص في غرفة لا تتجاوز مساحتها أربعة أمتار مربعة من دون أغطية ومراعاة أدنى الشروط الصحية». وطالب رئيسي الجمهورية والحكومة ووزير الداخلية والمدير العام لقوى الامن الداخلي «بالتحقيق بما حصل والكشف على غرف التحقيق والاعتقال».

 

صهر بري: لستُ أيمن جمعة الوارد اسمه في موضوع تبييض الأموال

الراي/اوضح المكتب الاعلامي للسيد أيمن زكريا جمعة، المتأهل من إبنة رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، ان لا علاقة له بالمدعو أيمن سعيد جمعة الذي ورد اسمه في ما يخص شبكة تهريب أموال وإتجار بالمخدرات في إطار اعلان وزارة الخزانة الأميركية قبل ايام حظر التعامل مع «البنك اللبناني ـ الكندي» لاتهامه بتبييض أموال «ليساعد على ما يبدو مجموعة ايمن جمعة الدولية، ذات الصلة بـ «حزب الله»، على غسل مئتي مليون دولار شهريا». واكد أيمن زكريا جمعة «ان لا صلة من أي نوع» تربطه بأيمن سعيد جمعة. علماً ان وكيل الأخير، المحامي علي جمعة، اعلن ان ما ورد بحق موكله في وسائل اعلام أجنبية ومحلية «هو عار تماما من الصحة، ويدخل في باب التجني والتعرض الظالم له»

 

رسالة مفتوحة الى رئيس الوزراء المكلّف نجيب ميقاتي

دولة الرئيس،

الواقع يحتّم علينا الاعتراف بأنك موجود في موقعك هذا سواء أردنا أو لم نرد. إلاّ أنّنا سوف نضع ولايتك تحت مجهرنا. لقد قلت بوضوح " سوف تدركون حقيقة نوايي من خلال أعمالي وتصرفاتي". وبالروحية نفسها، تقدّم نفسك على أنّك توافقي وتصالحي. فإذا كانت الوسطية مستحيلة في لبنان، بسبب الاختلافات السياسية الحادّة في البلد، تبقى المصالحة خير مبدأ مقبول من قبل جميع العقلاء. فأحسنت !

ولأنّ الشيطان يكمن في التفاصيل، سوف نقوم من بعد إذنك بتفصيل ما جاء في خطابك، آملين أن تكون تصريحاتك العلنية متطابقة تماماً مع ما تقوله في مجالسك الخاصة. فبفضل ويكيليكس Wikileaks والتسريبات المماثلة له، لم يعد المواطن يصدّق ما يُقال له، بل عليه أن يلمسه لمس اليد:

أن يصل سنيّاً الى الحكم مدعوماً فقط من الشيعة وحلفائهم يبدو أمراً مستجداً في لبنان. قد يكون ذلك إشارة لتفاهم وطني جيّد، شرط عدم وجود اعتراض على المرشّح من قبل طائفته. ولأنّ هذا بالضبط ما حصل معك، ماذا ستفعل لاستمالة قلب السنّة مجدداً، ونوّابهم العديدين، ولاسيّما كتلة المستقبل وقوى 14 آذار بشكلٍ عام؟

علاقاتك مع سوريا معروفة. وهذا أمر مفرح. ذلك أنّه سيكون من العصي على أي رئيس وزراء أن يحكم إذا كانت لديه مشاكل مع سوريا، سيّما وأنّ العلاقات اللبنانية- السورية سيّئة ومن الأفضل أن تتحسّن، بغية أن يصبح بإمكاننا الحصول على مطالبنا المختلفة. فهل ستضع حدّاً لما اعتاد عليه السياسيون اللبنانيون، من أصدقاء سوريا، الذين من أجل المحافظة على علاقاتهم الشخصية مع هذا البلد الجار والقوي يقدّمون مصالح سوريا على مصالح بلدهم؟

أما بالنسبة للمحكمة الدولية، فالمسألة تصبح أكثر تعقيداً. لقد وعدت بمعالجة تأثيرها على لبنان من خلال إجراء مشاورات محليّة على مستوى مجلس الوزراء. حتى أنّك تحدّثت عن بعض المفاوضات التي ستُطرح على طاولة الحوار الوطني، الطاولة الشهيرة وغير المجدية كما عرفناها. بمعنى آخر، فإنّك تقذف كرة النار بعيداً عن حكومتك. فهل هذا الوضع طبيعياً؟ هل ستكون هذه طريقتك تحديداً في تنفيذ برنامج "حزب الله" دون الاعتراف بذلك؟ ويبقى السؤال الأهم؛ ماذا ستفعل من أجل إحقاق العدالة في لبنان؟

إذا أقرّينا بأنّ المحكمة الخاصة بلبنان سوف تعمل وحدها، بمعزل عن لبنان كما لو أنّنا غير معنيين بها. ماذا ستفعل لإسكات الشعب عندما سيتم كشف نتائجها؟ وماذا ستقول للمجتمع الدولي الذي سيتهّمنا بإيواء مجرمين ويضعنا على لائحة الخارجين عن العدالة الدولية؟

المجتمع الدولي سيعترف بنتائج المحكمة الخاصة بلبنان. فإذا كانت هذه الأخيرة ستتهّم "حزب الله" كما يقول السيّد حسن، وجهات أخرى كذلك، فإنّ العالم أجمع سيتذكّر حينها أنّك أتيت الى السلطة عن طريق أشخاص متهمين بالقتل بشكل رسمي. وحينها ستُمس شرعيّتك بشكلٍ خطير، وكذلك شرعيّة البلد بطبيعة الحال. فماذا تنوي فعله حيال هذه القضية؟

هل تطمئن المواطن، أو حتى السياسي الساخط، بأنّ محاولات الاغتيال سوف تتوقّف وتنتهي دون رجعة؟ وبأنّ الحريّات سوف تكون مُصانة؟ وأنّ الخلافات السياسية لن تُحل بواسطة السيارات المفخّخة، أو الملفات المفبركة؟ وغير ذلك من طرق ملتوية. إنّ تحقيق تقدّم حقيقي في هذا المجال سوف يجعلك تحظى بعدد كبير من الداعمين. ولكن في غضون ذلك، تعلو أصوات السخط، والشعب ثائر، فدم من ماتوا لم يجف بعد.

موضوع شائك آخر يتعلّق بالسلاح حيث ذكرت أنّ السلاح، موضوع الخلاف، ليس مطروحاً للنقاش، وأنّك تكفل استخدامه حصراً في الجنوب، ضدّ إسرائيل. علماً أن التجربة الأخيرة تثبت العكس. بل أكثر من ذلك، إذ أضفت قائلاً إنّك في موقعك هذا مع حماية المقاومة. هل ستحميها بأي ثمنٍ كان؟ وممّن ستحميها؟ من اللبنانيين...؟

هل تضمن على الأقل أن ينحصر قرارا السلم والحرب بيد الحكومة؟ هل تضمن تجنيب البلد المغامرات الخطيرة التي سبق أنّ عاشها؟ إذا كنت بالفعل تضمن كل ذلك، فإنّنا سنرحّب بك أيّما ترحيب، لكنّنا لن نكف عن مطالبتك دون كلل او ملل من أجل الانتقال الى المرحلة التالية، مرحلة احتكار السلاح بيد الدولة وحدها. وفي السياق نفسه، ماذا عن ملف السلاح الفلسطيني؟

وماذا عن المسيحيين في خضم كل ذلك؟ هل ستقوم بإهمالهم امتناناً منك لمن رشّحوك؟ هل ستكون في موقع صدامي تجاه المسيحيين الذين لم يرشّحوك؟ هل تضع في الحسبان الإصغاء إليهم واستشارتهم في الخطوات التي ستخطيها؟ بمعنى آخر، هل ستكون رجل دولة، أم ستكون رجل يضمر الحقد ويفكّر بالانتقام؟

     أخيراً وليس آخراً، هل ستطبّق "الطائف" كاملاً وبحذافيره، خاصةً بالتنسيق الدائم مع رئيس الجمهورية الماروني؟ وبناءً على ذلك، فالوحدة الوطنية، ولاسيّما بين السنة والمسيحيين لم تكن يوماً في تاريخ لبنان، أقوى ممّا هي عليه الآن. فهل ستعمل على تمتين هذه الوحدة لتشمل كل اللبنانيين؟

وفي النهاية، لقد أصرّ السيد حسن نصرالله على أنّه لا يوجد مشروع إيراني يستهدف لبنان، مع أنّ كل ما يحصل يؤكّد العكس. هل تكفل لنا أن لا تكون هذه الأفكار سوى أفكار خيالية، وأنّ وجه لبنان لن يتغيّر؟ هل ستنصح السيّد بالتصرّف بطريقة تهدّىء النفوس؟ وهل ستتصدّى لهذه المشاريع إذا ما ثبُتت صحة وجودها؟

أما بالنسبة للاقتصاد، فإنّنا نعهد إليك به. فالموضوع هذا هو موضوع شائك كبقية المواضيع، نظراً للحالة الاقتصادية، آخذين في عين الاعتبار بأنّ المنتصرين الجدد سوف يطالبون بحصّتهم من الغنائم. فهل ستكون عادلاً أم مديناً للبعض؟ هل تستطيع أن تقنع حلفاءك بأنّ الاقتصاد اللبناني لم يتدهور إلاّ بسبب المغامرات العسكرية والأمنية الكبرى ليس إلاّ؟

وننهي متسائلين لماذا لا تعلن، رسمياً وقبل أي نقاش حول شكل الحكومة او اختيار الأشخاص، عن الخطوط العريضة لمشروعك السياسي ( على سبيل المثال، تأكيد مشاركة المغتربين اللبنانيين بالانتخابات عام 2013...)؟  في المحصّلة، هل تعتقد يا دولة الرئيس ميقاتي بأنّك ستكون خير رئيس وزراء وتنقذ لبنان، لكي يخلّد التاريخ اسمك؟ 

 

أيها المتضامنون: هذه الثورة قامت ضدكم

محمد علي مقلد

الشفاف/ما يجري في تونس ومصر كان ينبغي، حسب منطق التاريخ الحديث، أن يحصل قبل ذلك، في مرحلة الاستقلالات أو قبل ذلك (مع مجيء نابليون إلى مصر مثلا). فما طرحه التاريخ على الأمة العربية وعلى سواها من دول العالم هو أن الحضارة الرأسمالية الزاحفة للتمدد على كل الكرة الأرضية، وبعد ذلك نحو أعماق البحار وإلى أعالي السماوات، هذه الحضارة عرضت علينا، نحن العرب كما على سوانا، الدخول إلى رحابها، بالقوة والاحتلال المباشر كما في الهند أو في الصين، أو بالسلم والحذو حذوها كما في اليابان.

 

العالم العربي اختار أن يرد سلبا على هذا العرض، رافضا الدخول في التاريخ الحديث، وكانت له مبرراته وذرائعه، وعلى رأسها الاستعمار والصهيونية، الذريعتان اللتان باسمهما مارس الحكام العرب كل صنوف القهر والاستبداد في حق شعوبهم . ثم جاء ما يتناغم مع الذرائع حين قامت الثورة البلشفية الاشتراكية التي دعت إلى محاربة الرأسمالية وإلى بناء النظام الاشتراكي على أنقاضها، ثم حين قامت الخمينية لتعلن الحرب على الشيطان الأكبر.

ما يجري اليوم في مصر وتونس، وما سيحصل في سواهما بقوة التاريخ، هو نقد ذاتي قاس لمرحلة عدت ناصعة في تاريخنا، لكنه ليس نقدا انقلابيا على طريقة أصحاب القبعات العسكرية ولا على طريقة العمائم، إنه نقد يحفظ لعبد الناصر مجد نهوض عربي عارم، ولليسار مجد تضحيات من أجل القيم الكبرى، وللحركة القومية العربية بناصرييها وبعثييها وشيوعييها وإسلامييها مجد مواجهات كبرى مع " الاستعمار والصهيونية والرجعية".

النقد التونسي المصري لا ينقلب على هذه الأمجاد، بل على الاستبداد الذي مورس بحق الشعوب العربية باسم هذه الأمجاد. ذلك أن باب الدخول في الحضارة الحديثة، إن جاز اختصاره في كلمة، هو نهاية عصر التوريث السياسي، نهاية عصر الممالك والأمبراطوريات والسلاطين، وبداية عصر الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، ومن المؤسف أن تكون مرحلة الأمجاد الناصرية القومية اليسارية قد تأسست على حكم التوريث والقضاء على بذور الديمقراطية الفتية في حينها.

العالم العربي ظل وحده على الكرة الأرضية محكوما بالوراثة . حتى في الأنظمة التي كانت تعتمد الانتخابات كان يتم اختيار الحاكم فيها بالوراثة أو بالتمديد أو بالتجديد، أو بانقلاب الشقيق على الشقيق والضابط على الضابط والمعمم على المعمم، أسماء مختلفة لمسمى واحد هو التمسك بسلطة "إلى الأبد "، سلطة كتبت أبديتها بأحرف من نار وحبرها من دماء الشعوب وعرقها. انظروا إلى الأمة من المحيط إلى الخليج، فيها أكبر المعمرين من الحكام، فيها عميد الحكام في العالم، وحكامها يخيرون شعوبهم بين اثنين : إما حكمهم الأبدي إما الحروب الأهلية.

ذريعتنا، نحن شعوب الطوق، إسرائيل . لنقل جدلا، نعم . إسرائيل التي تتجسد فيها كل قبائح التاريخ السياسي، العنصرية والتوسعية والعدوانية والشوفينية والإجرام، الخ . لكن ما علاقة إسرائيل بإمعان حاكم السودان في تفتيت بلده أو في إمعان الصومال في التقهقر نحو القرون الوسطى، أو في اليمن حيث الرغبة جامحة في التمسك بالبداوة والقبيلة والعشيرة على حساب القانون، أو في الجزائر والصومال والسودان والعراق حيث الحروب الأهلية هي الخيارات الوحيدة المتاحة أمام الشعوب، إذا لم يبق الحاكم حاكما . حتى الحرب الأهلية في لبنان هي بنت هذا العقل ذاته، عقل الاستبداد الأبدي الذي يمارسه علينا سياسيون خارجون على كل قانون، عقل الاستبداد العربي الذي لم يرضه أن تقوم ديمقراطية في هذا الشرق وتهدد عروشهم الموروثة.

في مصر، كما في تونس، لم ترتفع راية من تلك التي كانت ترتفع في المظاهرات اليسارية أو القومية أومظاهرات الإسلام السياسي، لا الاشتراكية هي الحل ولا الإسلام هو الحل ولم نسمع تنديدا بأحد أو بدولة خارجية . مسألة واحدة جمعت الثوار : الحرية ودولة القانون والمؤسسات.

في مصر، كما في تونس، لم نلحظ تنافسا على مسرح الأحداث، بل قيادة مستترة تشبه تلك التي وجهت الثورة الفرنسية، قيادة قد تكون مغمورة وقد تكون مخضرمة وقد تكون متعددة المنابت، لكنها طالعة بالتأكيد من شعور عارم بالوحدة الوطنية، أي بالانتماء إلى وطن هو تونس، وهو مصر، وفي غمرة هذا الانتماء تذوب الفوارق والاختلافات كلها من أجل هم واحد أوحد : دولة عصرية تعلن نهاية عصر التوريث السياسي.

في مصر، كما في تونس، تجمع وعي سياسي جديد، بالفيسبوك والنضال الإلكتروني وليس بمكبرات الصوت والسبابات والخطابات الحماسية والشحن العاطفي الشوفيني ضد عدو خارجي . بل إن الثورتين عزمتا، لأول مرة في تاريخ الأمة العربية، أن تصوبا على عدو، بل على خصم داخلي، ولأول مرة في تاريخنا تعلن جماهير بمئات الآلاف سأمها من الخطاب الأجوف الذي يقوم عصبه على نظرية المؤامرة، وإصرارها على أن الأزمات ذات أسباب داخلية بالدرجة الأولى وأن حلولها ينبغي أن تبدأ من الداخل.

إنها إذن ثورة من أجل الديمقراطية، غابت عنها الشعارات الكبرى المتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع مع الاستعمار والإمبريالية . إنها ثورة بسيطة تختصر مطالبها بتأسيس دولة عصرية تقوم على تداول السلطة : دولة القانون والمؤسسات والعدالة والكفاءة وتكافؤ الفرص، الخ.

الذين يتضامنون مع الثورتين التونسية والمصرية، خارج تونس ومصر، يسقطون عليهما مفاهيم وأهدافا من خارج سياقهما، وأحيانا يقيسونهما بعكس ما يريده أهل الثورتين، وقد ظهر ذلك التضامن خجولا أحيانا وسافرا أحيانا، لكنه تضامن لم يعبأ به اهل الثورتين، بل لعل من غير المبالغة القول إن بعض هذا التضامن كان مسيئا للثورة وعده الثوار مساسا بالسيادة الوطنية وتدخلا في الشؤون الداخلية ( التضامن الإيراني والتصريحات الأميركية وبعض التضامن اللبناني مثلا).

هي ثورة جديدة حقا، بل هي الثورة الوحيدة الحديثة التي قامت في كل أنحاء الأمة العربية .كل ما عداها وما سبقها من "ثورات" لم يكن سوى انقلابات عسكرية أو عمائمية كما حصل في إيران الخيمينية، ذلك لأن الثورة تعني أول ما تعني، ليس فقط تغيير الطقم الحاكم، بل تغييرا في النظام الاقتصادي الاجتماعي، ومن باب أولى تغييرا في بنية النظام السياسي، وقد تكون هذه الانقلابات قد قامت بتغييرات كثيرة لكنها جددت أنظمة الاستبداد وضرب الديمقراطية .

إنها ثورة جديدة حقا لأنها تفتح الآفاق واسعة أمام انتقال بلدان الأمة كلها من أنظمة الوراثة إلى أنظمة ديمقراطية . ذلك يعني أن هذا المجد لا يستحقه إلا الديمقراطيون، أفرادا وأحزابا وأنظمة . أما الأحزاب الشمولية المعادية للديمقراطية، وأنظمة الحزب الواحد، وأنظمة قمع الحريات فلا يحق لها حتى التضامن مع الثورتين، لأنهما ثورتان ضد الاستبداد، ضد كل أنواع الاستبداد السياسي والديني والعسكري الخارجي والداخلي، أي ضد من يتضامن معها من هؤلاء المستبدين.

وحده جيل الشباب هو صاحب الثورة، ولن يسمح بأن ينضم إليه إلا من عمل على تنظيف سجله الاستبدادي بالنقد الذاتي الشجاع للمرحلة القومية الشوفينية البعثية والناصرية والشيوعية والإسلاموية.

moukaled47@yahoo.fr

* جامعي لبناني

http://www.metransparent.com/spip.php?page=article&id_article=12867&lang=ar

 

العدالة ....حتماً 

صلاح تقي الدين

في مثل هذا اليوم قبل ست سنوات، تمكنت قوى الظلامية والغدر من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ونجحت في التخلّص ممن شكّل في حياته رمزاً للاعتدال والوطنية والعروبة، وعمل بكل ما أوتي لحماية لبنان ومقاومته وشعبه. ظن من قتل رفيق الحريري في ذلك النهار المشؤوم أن الساحة ستخلو له ليصول ويجول من دون رقيب وحسيب لتنفيذ مخطط القضاء على النهج الذي كان قد أرساه الرئيس الشهيد لبناء الدولة ومؤسساتها والاعتماد على جيل جديد من الشباب سلاحه العلم والقيم والأخلاق، لينهض بلبنان ويعيد له إشراقه ومكانته المميزة في هذا الشرق. خاب ظن القاتل بعد شهر على الجريمة، إذ فوجئ بثورة الأرز التي جمعت مختلف العائلات الروحية التي يتشكّل منها لبنان، وأعلنت بالفم الملآن استمرارها على النهج واستعدادها لإكمال مشوار الشهادة لقيامة لبنان، وأقسمت يمين الولاء للبنان، مسلمين ومسيحيين. قرر المجرم الاستمرار بكيده وحقده لإسكات الصوت السيادي الذي لم يكن يتوقع أن يعلو، فاستهدف أصحاب الرأي السديد والشباب المؤمن بالقضية وأصحاب الأقلام الحرة التي سال حبرها، ودمها، للتعبير عن الالتزام بالمبادئ والنهج الذي أرساه رفيق الحريري.

مع ذلك، لم تهمد همة شعب ثورة الأرز أمام هول الخسائر المتلاحقة، وازداد إيمانه وتعلقه بهذا النهج لوجود الشاب سعد الحريري الذي ورث الرمز وآمن بالمسيرة وقاد معركة الكشف عن الحقيقة وإحقاق العدالة، فسار وراءه ولا يزال، مؤمناً بالوصول إلى المبتغى في المستقبل القريب. فاض الكيل ولم يعد المجرم قادراً على المواجهة، فانتقل إلى المرحلة التالية من خطته، فتحامل على سعد الحريري بشخصه وموقعه، فأوعز لإسقاط حكومته وعزله، فنجح وفشل معاً. نعم، ترجّل بعض ركاب قطار الحقيقة والعدالة. نعم أساؤوا الى مسار بدأ منذ اغتيال الرئيس الشهيد. لكن الحقيقة والعدالة ستأتي ولن لن يتراجع أهل المسيرة ولن تخبو همتهم. كسبوا جولة ولم يهزموا القضية ولن يشوهوا الحقيقة ولن يتمكنوا من شل سيف العدالة.

 

الاستحقاق البطريركي... والمعايير القانونية

الخوري الياس سليمان/النهار     

هناك حقيقة تثبت ذاتها مع تقديم البطريرك الماروني وبعض الأساقفة الموارنة استقالتهم، أنّ الكنيسة المارونية تقف أمام تحدّ كبير يقودها إمّا إلى عنصرة جديدة وإمّا إلى تغيير مؤسسي بحت شبيه بأي تغيير في مؤسسة تقوم على حقائق بشرية. والداعي إلى هذا الموقف ما رشح في وسائل الإعلام من تصاريح ومواقف ووجهات نظر وترشيحات تحاول أن تبدّل حقيقة الموقف من طبيعته الكنسية إلى لعبة عالمية يحسنها أبناء هذا الدهر.

أمام هذا الواقع لا بد من العودة إلى معايير تضبط إيقاع اللعبة وتعيد للأمور حقيقتها وتزيل الدنيوية عن مسؤولية خطيرة تقف الكنيسة المارونية في صددها. نجد هذه المعايير في مجموعة قوانين الكنائس الشرقية الصادرة سنة 1990 (م ق ك ش) والتي تحدّد طبيعة الخدمة البطريركية والخدمة الأسقفية وأسس اختيار المرشحين والمهمات التي عليهم القيام بها.

هنالك قوانين تعالج مباشرة موضوع انتخاب البطريرك (ق 63 – 77) وأخرى الأساقفة (ق 180 – 189). ترتكز خلفيّة هذه القوانين على مواصفات المرشَّح للأسقفيّة والجدير بها (ق 180). فعند انتخاب كل أسقف يجب الانتباه إلى أنّه مشروع بطريرك. فهل يجوز أن يصبح أسقفاً من لا يتمتّع بالمؤهّلات التي تسمح له باعتلاء السدّة البطريركيّة؟

أولاً – تنظيم الكنيسة البطريركيّة

تتجلّى الكنيسة البطريركيّة من خلال "م ق ك ش" مؤسّسة بالغة التعقيد في تنظيمها وعلاقاتها. محورها هو البطريرك المترئِّس سينودس أساقفة الكنيسة البطريركيّة، وهو صاحب السلطة العليا في هذه الكنيسة (ق 102 – 113)، والسينودس الدّائم (ق 115 – 121). هنالك أفعال يحتاج البطريرك للقيام بها إلى رضى سينودس الأساقفة (ق 57 البند 3؛ 85 البند 1 – 2؛ 98؛ إلخ) أو استشارته، وأخرى إلى رضى السينودس الدائم (ق 83 البند 2؛ 85 البند 3؛ إلخ) أو استشارته.

فالبطريرك لا يقود الكنيسة البطريركيّة بمفرده، بل هو رجل مؤسسي يمارس سلطته من خلال العمل المشترك مع الأساقفة، ويستعين بغيرهم لاسيّما بأعضاء الدائرة البطريركيّة التي تعاونه بشكل مباشر، ومقرّها في كرسيّه البطريركي. تتكوّن هذه الدائرة من "السينودس الدائم وأساقفة الدّائرة البطريركيّة، ومحكمة الكنيسة البطريركيّة المألوفة، والمدير المالي البطريركي، ورئيس قلم الدّائرة البطريركيّة، ولجنة الشؤون الطقسيّة، وسائر اللّجان الأخرى التي يلحقها الشرع بالدّائرة البطريركيّة" (ق 114 البند 1). ولكل من هؤلاء دوره المهم في مساعدة البطريرك على القيام بتنظيم الكنيسة البطريركيّة وقيادتها صوب الملكوت السّماوي. يركّز المشترع على الشفافية الماليّة في هذه الكنيسة. فالمدير المالي لا تربطه بالبطريرك قرابة بالدّم أو بالمصاهرة حتى الدرجة الرابعة ضمناً (ق 122 البند 1)، وعليه تقديم الحساب والميزانيّة بتواتر كتابةً إلى السينودس الدّائم (ق 122 البند 3)، ولسينودس الأساقفة إن طلب ذلك (ق 122 البند 4).

هنالك أيضاً المجمع البطريركي الذي يساعد البطريرك وسينودس الأساقفة في "إدارة الشؤون ذات الأهميّة الكبرى، لا سيما في تنسيق أنماط الرسالة وطرقها، بما يتلاءم مع الظروف المعاصرة وخير كنيسته العام (...)" (ق 140). وهو يشمل الأساقفة ويمثل كل فئات الكنيسة البطريركيّة من إكليروس ورهبان وعلمانيّين ومراقبين من غير الكاثوليك (ق 143). يعمل البطريرك على تنسيق العمل مع كل الفئات المتواجدة على رقعة كنيسته البطريركيّة ولاسيّما مع الكنائس الكاثوليكيّة الأخرى لخير الكنيسة (را ق 322). يترأس هذه الكنيسة البطريرك الذي هو أسقف. من هو الأسقف وكيف يتمّ انتخابه؟

ثانياً – انتخاب الأساقفة

على الشخص الجدير بالأسقفيّة أن يتميّز، بحسب القانون 180، بصفاتٍ أساسيّة منها: "إيمان راسخ وأخلاق حميدة وتقوى وغيرة على النفوس وحكمة" (الفقرة 1)، و"سمعة حسنة" (2) و"ألاّ يكون مرتبطاً بزوج" (3)، أي أن لا يشغله انهماك آخر عن الاهتمام بكنيسة المسيح؛ "وألاّ يقلّ عمره عن خمس وثلاثين سنة" (4)، متّصفاً بالاتزان والنّضوج والخبرة، ورجل مسؤوليّة وقرار؛ "وأن يكون في درجة الكهنوت منذ خمس سنوات لا أقل" (5)، أي متمرساً على خدمة الكنيسة في المجال الذي يشغله؛ "وأن يكون حاصلاً على الدكتوراه أو الليسانس أو بأقل تقدير خبيراً في أحد العلوم الدينيّة" (6)؛ يكتسب موضوع درجة المرشّح العلميّة، لمنصب خطير كهذا، أهميّة مميّزة، لما يتطلّب ذلك من نضوج وثقافة ومعرفة. فالمألوف بنظر المشترع أن يكون حاملاً دكتوراه، ويتمّ التنازل حتى الخبرة في أحد العلوم الدينيّة، ليبقى الباب مفتوحاً أمام اختيار أي كاهن كفؤ ليكون مرشّحاً للأسقفيّة.

ودائماً حول انتخاب الأسقف، هنالك آليّة لها التقدّم في القانون، وهي إقامة لائحة بأسماء المرشّحين للأسقفيّة (ق 182-185) ينتخبهم مسبقاً سينودس الأساقفة ويرفع الأسماء إلى الحبر الروماني الذي يدقّق بكلّ منهم ثمّ يعطي موافقته عليهم بعد شطب من لا يراه منهم كفؤاً لهذه المسؤوليّة. وحدهم أعضاء سينودس الأساقفة (ق 182) يقدّمون أسماء المرشّحين الجديرين بالأسقفيّة، ولهم أن يجمعوا المعلومات والوثائق اللازمة "لإثبات جدارة المرشّحين، وذلك، إذا رأوا الأمر مناسباً، بعد الاستماع سرّاً وعلى حدة، إلى بعض الكهنة أو غيرهم من المؤمنين أيضاً، متميّزين بحكمتهم وسيرتهم المسيحيّة" (البند 1). يجب إذاً معرفة الأشخاص على حقيقتهم وجدارتهم ممّن عايشوهم وشهدوا أداءهم واختبروا مدى جدارتهم. فمنصب الأسقف من الخطورة الى درجة أنّه لا يجوز الاستخفاف به بوضع أشخاص غير قادرين على حمل هذه المسؤوليّة. الله ديّان "لا يستهان به" (غلا 6: 7)، والاستخفاف في هذا المجال مسؤوليّة خطيرة أمام الرب والمؤمنين تقع على عاتق كلّ القيّمين على هذه الكنيسة ممّن عليهم مسؤوليّة الترشيح والانتخاب. يجب إثبات هذه الجدارة. يشترك غبطة البطريرك أيضاً في هذا البحث الاستقصائي (ق 182 البند 2)، وهنالك أخذ وردّ بين غبطته والأساقفة لتشكيل لائحة المرشّحين والتي يقدّمها القانون على الترشيح الفردي لدى كل شغور (راجع ق 185).

يظهر على المرشّح للأسقفيّة وجوب الكفاءة على كل الصعد من خلال السلطان المعطى للأسقف لحكم الأبرشيّة في أبعاده الثلاثة: "التشريعي والتنفيذي والقضائي" (ق 191 البند 1). يمارس السّلطانَ التَّشريعي بنفسه، ولا يمكنه إنابته؛ أما التّنفيذي فيمارسه إما بنفسه أو بواسطة نائبه العام أو نوّابه الخاصّين؛ ويمارس القضائي إما بنفسه أو بواسطة النائب القضائي والقضاة (ق 191 البند 2). فعلى المرشّح إذاً أن يكون رجل عمل مؤسسي يستعين بأصحاب الاختصاص في خدمة الكنيسة جاعلاً من المطرانيّة خليّة ناشطة في العمل الرّسولي والقانوني والإداري والروحي والعلمي وغيرها.

لدى الأسقف ثلاث مهمات: المهمّة الرعويّة، يهتمّ بموجبها بجميع المؤمنين في أبرشيّته أكاثوليكاً كانوا أم غير كاثوليك، وأيضاً بغير المعمّدين لتتجلّى أمامهم شهادة عيش المؤمنين مسيحيّتهم بأمانة. ويولي للكهنة اهتماماً خاصّاً في كل المجالات، أمتزوّجين كانوا أم لا (ق 192)؛ وفي المهمّة التعليميّة، ينشّئ المؤمنين بالوعظ والشرح والتعليم المسيحي للجميع، على حقائق الإيمان ليعيشوها وينقلوها بأمانة (ق 196)؛ وفي المهمّة التقديسيّة، يقدّم نفسه مثالاً للقداسة "في المحبّة والتواضع وبساطة الحياة" (ق 197)، ويعمل على تقديس المؤمنين من خلال الأسرار المقدّسة (ق 197 – 198) والحياة الطقسيّة كلّها، باذلاً قصارى جهده في تعزيزها وتنظيمها بحسب تقليد كنيسته (ق 199). فالأسقف معلِم ورجل قيادة وتنظيم وحكمة وعيش وغيرة.

إنّه رجل انفتاح للعمل على تحقيق وحدة المسيحيّين (ق 192 البند 2)، ورجل رؤيا مؤسسية. يقتضي تنظيم الأبرشيّة هذه الرؤيا بمجالسها وهيئاتها. تساعده الدّائرة الأبرشيّة في مقرّ كرسيه "في حكم الأبرشيّة المعهودة إليه" (ق 243 البند 1)، والتي تضمّ "النائب العام والنوّاب الخاصّين والنائب القضائي والمدير المالي الأبرشي ومجلس الشؤون الماليّة ورئيس قلم الدّائرة والقضاة الأبرشيّين والمحامي عن العدل والمحامي عن الوثاق والكتّاب الشرعيّين وغيرهم (...)" (ق 243 البند 2). وله أن يقيم في الدّائرة الأبرشيّة وظائف أخرى تخدم حاجات الأبرشيّة ومصلحتها (ق 243 البند 3). وهذه الحاجات هي حاجات الكنيسة وأهدافها أهداف الكنيسة (را ق 25 و1007) إذ أنّ الأبرشيّة "عيّنة من شعب الله (...) تقوم وتعمل فيها حقّاً كنيسة المسيح الواحدة الجامعة المقدّسة الرسوليّة" (ق 177). فهي مؤلّفة من كل المؤمنين يخدمها الإكليروس.

وهنالك أيضاً المجلس الكهنوتي الذي يساعد الأسقف بمشورته في مجال "العمل الرعوي وخير الأبرشيّة" (ق 264)، وهيئة المستشارين الأبرشيّين ذات الصلاحيات الأوسع (ق 271 وق 284 البند 2، 3ً؛ إلخ)؛ والمجلس الرعوي الذي يهتمّ بالأنشطة الرعويّة في الأبرشيّة (ق 272)؛ وعمداء الكهنة المسؤولين عن قطاعات الأبرشيّة وهم عين الأسقف الساهرة على "تشجيع وتنسيق العمل الرعوي المشترك" وعلى حسن سلوك الإكليروس وسير الرعايا وترتيبها وتلبية حاجاتها على اختلافها، كهنة ومؤمنين (ق 276؛ 278). ومسؤوليّة الأسقف حسن تنظيم الرعايا من خلال الكهنة لتقديس المؤمنين (ق 279 – 303).

وعلى الأسقف الأبرشي، في روح السّهر والمسؤوليّة هذه، أن يزور كامل أبرشيّته ولو مرّة كل خمس سنوات، بنفسه أو بواسطة من يوكل إليهم هذه المهمّة باسمه (ق 205). فإن كانت الأبرشيّة ضمن الرقعة البطريركيّة، يقدّم تقريراً في حالة الأبرشيّة كل خمس سنوات للبطريرك ويرسل نسخة عنه إلى الكرسي الرسولي في أقرب وقت (ق 206 البند 1)، وإن كانت خارج الرقعة البطريركيّة يرسل هذا التقرير إلى الكرسي الرسولي ونسخة عنه إلى البطريرك في أقرب وقت (ق 206 البند 2).

هو يمارس سلطانه باسم المسيح، ويحكم الأبرشيّة كنائب المسيح ومندوبه (ق 178). فمثاله إذاً المسيح المصلوب في عظم حبّه للخراف، وقد استشهد لأجلهم. والأسقف أيضاً يلبس الأحمر كعلامة لهذا التماثل في الشهادة والاستشهاد لأجل الخراف. مرجعيّته إذاً المسيح وهدفه خلاص الناس، كل الناس (را ق 192).

وهكذا يفعّل الأسقف الأبرشيّة بمحبّة ومحاسبة، وحزم وليونة، وروحانيّة وإدارة، ومسؤوليّة وخدمة، (...)، لأنّه رجل القيادة والرؤيا والقرار. لا تجتمع كل هذه المعطيات إلاّ في من يحبّ المسيح والمؤمنين، ليوصله إليهم ويأتي بهم إليه. هذا هو المرشّح للأسقفيّة ليكون مشروع البطريرك في الكنيسة البطريركيّة. من هو البطريرك؟

ثالثاً – انتخاب البطريرك

1 – تعريف

البطريرك أسقف يترأس كنيسة بطريركيّة لها تاريخها وتقاليدها الكنسيّة والثقافيّة العريقة في القدم (ق 55 و28). فهو قائد، "أب ورأس"، يرعى الكنيسة البطريركيّة سليلة المجامع المسكونيّة الأولى والتقليد الكنسي برمّته. تحتّم عليه خطورة موقعه الخبرة والمعرفة والعلم في المعتقد وتاريخ كنيسته والكنيسة الجامعة وتقليدها وتقليد الشرق بكامله لارتباطه الوثيق ببعضه البعض. إنّه رجل الحكمة التي يستمدّها من الله لقيادة شعبه بكلّ أمانة؛ وسيّد البيت الذي يؤدّي الحساب دائماً أمام ذاته للمسيح سيّد الكنيسة وراعيها. يجعله عظم هذه المسؤوليّة صاحب سلطان يخضع له جميع الأساقفة (ق 56) والمؤمنين. كـ"أب" لكل المؤمنين عليه احتضانهم والسّير بهم صوب المسيح، دون أن يهمل أيّاً من أولاده أينما كانوا ومهما كانت توجّهاتهم؛ فهو يحمل مسؤوليّة خلاصهم جميعاً. إن مارس دوراً غير ديني، يكون هدفه التركيز على قيمة الإنسان، والسير بمؤمني كنيسته وبالبشريّة كافّة بمثله الصالح وحكمته إلى المسيح. لا يُبَرّر أيٌّ من تصرّفاته إلاّ من خلال العمل الخلاصيّ الذي يشمل البشريّة ولاسيّما أبناء كنيسته، بدءاً بالأبعد، لأن المسيح ترك التسعة والتسعين ليعيد الخروف الضّال. إنّه "أب ورأس"، ينطلق من أبوّته نحو سلطته. لذلك هو أولاً أب ثم رأس. والرأس هو صاحب السلطة الذي يستمدّ رئاسته من أبوّته. للأب وحده أن يربّي أولاده بسلطة. متى فقد صفة الأبوّة فقد صفة الرئاسة. في الكنيسة السلطة خدمة على مثال المسيح. فالدّور الأول للبطريرك ديني ومن خلاله يمارس أدواراً تخدم الإنسان في حياته الأرضيّة صوب الملكوت.

 

 

2 – انتخاب البطريرك

 

عند شغور الكرسي البطريركي، يتمّ انتخاب البطريرك الجديد في سينودس الأساقفة (ق 63)، وعلى الشرع الخاص أن يضيف الصفات التي على المرشّح لمنصب البطريرك أن يتحلّى بها بالإضافة إلى ما ورد في القانون 180 عن الأسقف (ق 64). يتمّ انتخاب البطريرك حين يحصل المرشّح على أصوات ثلثي أعضاء سينودس الأساقفة القانوني الحاضرين (ق 72 البند 1). ليكون السينودس قانونيّاً يجب، بعد حذف عدد المتغيبين بعذر والمتخلّين عن المنصب (را ق 104 البند 1)، حضور ثلثي من تبقّى. والسينودس نفسه يحدّد شرعيّة التغيّب (ق 68 البند 2). إن لم يحصل أحد على ثلثي أصوات الحاضرين خلال خمسة عشر يومَ تصويتٍ، يُحال الأمر إلى الحبر الروماني (ق 72 البند 2).

إن لم يكن المُنتخَب أسقفاً، تُحفَظ السريّة المطلقة بما في ذلك عنه، حتى تتمّ إجراءات رسامته الأسقفيّة (ق 185 البند 2)، بعد تبليغه سرّاً وقبوله خلال يومين. إن لم يُجب في اليومين يفقد كل حق اكتسبه من الانتخاب (ق 74). أمّا إن كان أسقفاً فيعلنه سينودس الأساقفة وينصّبه بطريركاً بحسب مراسيم الكتب الطقسيّة (ق 75). بعد التنصيب يُعلِم السينودسُ في أقرب وقت الحبرَ الروماني بالانتخاب والتنصيب، ويرسل كتاباً "سينوداليّاً" إلى بطاركة الكنائس الشرقيّة الأخرى (ق 76 البند 1). وعلى البطريرك الجديد أن يلتمس من الحبر الروماني في أقرب وقت "الشركة الكنسيّة" بكتاب يوقّعه (ق 76 البند 2). قبل تنصيبه لا يستطيع أن يمارس مهمّة منصبه على وجه صحيح (ق 77 البند 1). وقبل أن يتلقّى "الشركة الكنسيّة" (أي الجواب من قبل الحبر الروماني بإعلان هذه الشركة مع المنتخَب الجديد)، لا يحق له أن يدعو سينودس الأساقفة إلى الانعقاد ولا أن يرسم أساقفة (ق 77 البند 2).

 

 

خاتمة

 

هنالك صفات عدة تتجلّى من خلال القوانين الكنسيّة على البطريرك أن يتحلّى بها، كالقيادة والحكمة والخبرة والنظرة الكنسيّة الشاملة والبعد الرؤيوي المستقبلي والفاعلية واتّخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب بمشاركة ومسؤوليّة. عليه أن يكون أوسع من التّفاصيل وأدقّ من العموميّات. رجل موقف مستنير بالحقيقة بعيد الأفق وهمّه إرضاء الله والعمل على خلاص الإنسان.

في عالم اليوم، عالم المعلوماتيّة والكومبيوتر والانترنت (...)، وأمام مؤسّسة بحجم الكنيسة، وشموليّة أبعاد رسالتها وتنوّعها، لا يقدر البطريرك إلاّ أن يكون رجلاً مؤسسياً وتنظيميّاً من الدرجة الأولى، واضح الرؤيا يحدّد الأولويّات بوضوح للعمل على تحقيقها بدءاً بالأهم. من هنا أهميّة التدوين والحفظ والكتابة والدوائر التي ترافقه في كل أعماله، فيستشير ويكلّف لجان العمل التي تحيط به بنشاط وفاعلية وتحضير الملفّات في كل المجالات. إنّه رجل المبادرة والعمل المنظّم والمدوّن... أليس حافظ الذّاكرة الكنسيّة الجماعيّة من التقليد حتّى التجديد؟ هو الأب المربّي، رجل الكرامة والعنفوان الذي يتّكل على مؤمنيه وكنيسته لينظِّم ويقيم المشاريع ويحثّ أبناءه على تحمّل المسؤوليّة والكرم في ما هو الله والكنيسة والإنسان، دون أن يتعرّض لذلّ مدّ اليد، لا إلى الخارج ولا إلى غير أبناء كنيسته. هو العين الساهرة والقلب المحبّ الذي يذهب مع الخراف الأمينة إلى نجدة الخراف الضالّة من قطيعه وإلى القدوم إلى المسيح بخراف أخرى ليست من القطيع. إنّه المسؤول المتواضع والشفّاف في تعامله؛ رجل الحوار والإصغاء والاستشارة والمبادرة والقرار. يسهر على العمل على وحدة المسيحيّين بمحبّة وغيرة وانفتاح ومسؤوليّة، ويضمّ إلى رعايته المسيحيّين وغير المسيحيّين. يتحلّى بروح النبوءة وبعد النظر والجرأة على اقتحام المخاطر حيث تحتاج الكنيسة إلى إنقاذ. هل يعي من هو وما دوره البطريركي في الكنيسة والعالم؟ أليس شاهد القيامة؟

لذلك فالبطريرك رجل الحبّ حتّى الإبداع والتنسيق والتنظيم حتى البناء، والغيرة حتى القوّة وابتكار المؤسّسات، والتجرّد حتى الجرأة الحكيمة، والصلاة حتى العمل الفعّال. لأنّه رجل الله هو رجل الإنسان. يستقطب عمله المؤسسي كل الطاقات والقوى والفاعليات. هو رجل القلب المفتوح، والعقل الراجح، واليد الممدودة، والحقيقة والإصغاء، والمحبّة والتّواضع، والمسؤوليّة والخدمة. ماذا ينقص الكنيسة البطريركيّة لتكون فاتيكاناً محلّيّاً في دوائرها التي تشمل كلّ الكنيسة حتّى آفاق الاغتراب؟ كيف يتمّ ضبط الكنيسة في الرقعة البطريركيّة وخارجها بروح رؤيويّة؟ ما هي صفات البطريرك الذي تحتاج إليه الكنيسة المارونيّة قبل أن تبحر في البحث عن الأسماء؟ هل تمّ تحديد صفات رجل المرحلة، أكان في لبنان أم في الشرق أم في العالم؟

 

المشهد الشيعي: "أمل" تعيش في بطن الحوت وتنتظر.. وفضل الله فرَّ إلى "المبرّات"!

علي حيدر/الشفاف 

تشهد المناطق الشيعية اللبنانية، منذ بداية الثمانينات، تبدلاُ مستمراُ في النظم والعادات الإجتماعية والقناعات السياسية يصب بمعظمه في مصلحة إتجاهٍ ديني مستجد. وقد استطاع هذا التبدّل أن يقلب مفاهيم المجتمع الشيعي، ويغيّر عاداته، ويُِحِل مكانها عادات أخرى تتماشى مع المفاهيم الوافدة، وكل ذلك تحت شعار "الصَحوة الدينية".

ولا ريب أن انتصار الثورة الإسلامية في إيران قد ساهم في هذه "الصحوة" التي اجتاحت المجتمع الشيعي وانعكست على صُعُد الحياة الإجتماعية والسياسية كافة. ولا يخفى على المهتمين أن هدف هذه "الصحوة" التي ترتدي لباس الدين والتي تبنّاها وروج لها البعض، هو سياسي بامتياز يخدم طموحات المنتِج السياسي، الذي خطط للحصول على موطئ قدم له في موازين القوى العالمية.

ووجدت هذه المفاهيم صدى كبيرا لها في المجتمع الشيعي، الذي لمس في هذا التبدل "إنقلاباً" أضفى على حضوره نوعا من القوة المغرية. فركب تياره طوعا وأملا في تحقيق أحلام وطموحات كانت سابقا ضربا من المستحيل. وتحوّل المجتمع الشيعي بذلك، رغم تأرجحه في أوقات سابقة بين تيارات يسارية ووطنية مختلفة، إلى مجتمع ديني خالص. وأصبح الوجود الحقيقي والسيطرة الفعلية فيه حاليا تقتصر على هذا الإتجاه الديني الذي يواجه حضورا سياسيا ودينيا من قبل فئات أخرى تخشى على تاريخها وحاضرها من الضياع مستقبلا في مدّه الجامح.

يتوزع أفراد المجتمع الشيعي في تأييدهم للإتجاهات الدينية-السياسية على ثلاث فئات رئيسية:

الفئة الأولى: (حزب الله) الذي احتكر الدين والسياسة معاً. وقد أدرك أن العاطفة الدينية، أو المذهبية، هي المفتاح السحري لدخول المجتمع من أوسع أبوابه، فاستنهض المشاعر الدينية لدى الأفراد بأسلوب ذكي ونجح في قولبتها لتخدم تطلعاته ومكاسبه. واستطاع، بواسطة سلطان المال المتوفر بغزارة لديه، أن يشتري عقول وقلوب أعداد كبيرة من فئات هذا المجتمع. كما أن "الإنجازات الوطنية العظيمة" التي حقّقها كانت كفيلة بأن تُفرغ له ساحة الميدان وتجمع حوله العدد الأكبر من المناصرين والمؤيدين.

الفئة الثانية:(حركة أمل) ورغم الخلفية الدينية التي انطلقت منها، وهي تعتد بأسبقيتها في هذا المجال، إلا أنها حرصت على عدم طرح شعارات دينية أو مذهبية استفزازية. لكن الفئة الأولى استطاعت لاحقا أن تخطف منها الوهج الديني الذي انطلقت منه وسعت إلى إلغائها عبر سلسلة من المعارك الحربية والضغوط السياسية إلى أن نجحت في تحجيمها أو تقزيمها وتحويلها إلى تابع لا حول له ولا قوة.

وبين تمكّن الأولى وتراجع الثانية، برزت فئة ثالثة (جماعة المرجع السيد محمد حسين فضل الله). وهي فئة دينية خالصة آثرت عدم الدخول في دهاليز السياسة الداخلية، لكن ذلك لم يَحمِها من حروب الإلغاء التي هبت عليها.لكنها تمكنت من فرض نفسها. وهي لم تًسمِّ نفسها حزبا او تيارا أو ما شابه، إنما اتبعت سياسة مؤسساتية دينية فأكثرت من "المبرّات" والجمعيات الخيرية والمكاتب الخدماتية والمدارس الدينية وانتشرت هذه المؤسسات في المناطق الشيعية كافة.

غالبا ما يستخدم حزب الله الفئتين الشيعيتين إياهما متاريس سياسية ودينية أحيانا يتلطى خلفها لتمرير مشروعاته المعروفة أو فرضها، دون أن ينسى قمعهما إذا دعت الحاجة، في ظل استياء جمهوريهما من احتكاره للزعامة الشيعية ومصادرة قرار الطائفة واستدعائهما لمؤازرته في الظروف الحرجة فقط.

ففي أحداث 7 أيار مثلا، حاول حزب الله أن يبرهن أن عناصره يتمتعون بقدر عالٍ من الإنضباط والرزانة حين انتشروا في أحياء بيروت من أجل "حماية المقاومة" أو إجهاض محاولات القضاء عليها كما يدعي دوما، بينما سمح، أو أوعز من تحت الطاولة، إلى عناصر غير منضبطة في "حركة أمل" أن تنتشر في الأحياء البيروتية وتمعن في أعمال السرقة والسلب والنهب والتجاوزات التي ذكرتنا بأيام الحرب الأهلية.

وهذا، في حين لا تكل مئذنة "مسجد الحسنين" التابع للسيد فضل الله، في الضاحية الجنوبية، عن تقديم المدائح وفروض الطاعة والولاء لـ"محور الممانعة والمقاومة"، كممر إجباري للبقاء على قيد الحياة الشيعية.

لماذا تحرّكت "أمل" في جنوب لبنان مؤخراً؟

في ظل هذا الواقع، ظهر مؤخرا في مناطق الجنوب بالتحديد، حراك لافت لـ"حركة أمل"، تمثل أولا في تغييرات لافتة أجرتها الحركة على صعيد توزيع المسؤوليات وترتيبها، والإستعانة بأشخاص "غير منظَّمين"، وتكليفهم بمسؤوليات متقدمة، في محاولة لضخ دم جديد في جسمها التنظيمي.

المجلس الشيعي لحزب الله؟

الحراك هذا أزعج حزب الله واستنفر قياداته، وجمهوره أيضاً، الذي يعتبر أن ساحة الجنوب له وحده، وأن "حركة أمل" هي واجهة سياسية لا عمل لها سوى زيادة رصيده فقط! و ممنوع عليها بالتالي الحفاظ على خصوصية معينة تزاحم برامجه ومخططاته الخاصة! كما أن تصدي بعض رجال الدين في "المجلس الشيعي"، المحسوبين على الرئيس بري، لمحاولات الهيمنة التي بدأها حزب الله لاقتناص آخر معاقل "حركة أمل" في المؤسسات الرسمية الشيعية دليل على تنامي رغبة حزب الله في مصادرته لحضور "حركة أمل" من الذاكرة الشيعية. وهذا، بينما يبقى رجال الدين المحسوبون على فضل الله مستبعدين من هذه المؤسسة أو لا مكان لهم فيها.

فضل الله: اغتاله الحزب سياسياً قبل سنوات من وفاته

ورغم شهر العسل الطويل الذي بدأته قيادات الأطراف الشيعية منذ تشكل المعارضة اللبنانية في 8 آذار 2005، يبدو أن أجواءه لم تظلل مؤيديها. فبقي "ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"!

يقول أحد مؤيدي "الحركة" إننا بلا شك "نعيش في بطن الحوت"!

بينما يرى مؤيدو المرجع فضل الله أن مرجعهم قد اغتيل سياسيا ودينيا من قبل حزب الله قبل وفاته بكثير.

هذه الأجواء برزت بشكل جلي في الإنتخابات النيابية الأخيرة. فمن يقرأ النِسَب التي حصل عليها نواب حزب الله في بعض المناطق الشيعية، يجد أنها أعلى بكثير من النسب التي حصل عليها نواب حركة أمل على اللائحة نفسها والتي كان من المفترض أن تكون متقاربة جدا إن لم نقل متساوية بفعل التحالف "المُعمَّد بالدم" بين الطرفين. وهذا ما يعكس وجود إنقسام حقيقي وحسابات خاصة بين جمهوري "الحزب" و"الحركة" لا تستطيع السياسة التغلب عليها.

على صعيد البلديات، رغم أن الفريقين شكلا رافعة لبعضهما للدخول إلى بلديات كانت فيما مضى مقتصرة على لون سياسي واحد، إلا أن عدم الإنسجام العلني بينهما جعل من أعضاء البلديات التابعين لكليهما في البلدات الخاضعة لسيطرة أحدهما "شهود زور" في العمل البلدي، أو زيادة عدد ليس إلا.

جمهور أمل يمتعض من تهمة "الفساد": الحزب حصد أموال إيران والمغتربين وشيعة الخليج!

ويمتعض جمهور حركة أمل من تهمة "الفساد المالي" التي تلاحق قياداته، والتي يلوح بها مؤيدو "الحزب" عند كل مفترق. في الوقت ذاته، تكشف الوقائع أن نسبة الأموال التي حصل عليها حزب الله منذ حرب تموز إلى اليوم، بدءا من الميزانية المخصصة له من إيران، مرورا بأموال المغتربين الشيعة، وصولا إلى التبرعات الآتية من شيعة الخليج، تفوق بكثير ما عملت على جمعه قيادات حركة أمل خلال العشرين سنة الأخيرة.

الخلاف السياسي هذا يرافقه خلاف على تصدر الزعامة الدينية.

لذلك تستعر "حرب المرجعيات" في المجتمع الشيعي من وقت لآخر، وتظهر أكثر ما تظهر في تحديد اليوم الأول من رمضان، وأول أيام عيد الفطر، ومؤخراً الخلاف على تحديد أول أيام عيد الأضحى خلال موسم الحج، وكذلك رأس السنة الهجرية ويوم العاشر من محرم.

حرب "مرجعيات" و"فتاوى"

حزب الله يتبع في هذه الحال روزنامة إيرانية، ويلتزم بفتاوى المرشد الأعلى السيد علي خامنئي. ويلتزم جمهور حركة أمل بفتاوى المرجع العراقي السيد علي السيستاني. أما جماعة السيد فضل الله فتلتزم بالفتاوى الصادرة عن مكتب "السيّد" الخاص. وقد أدت حرب الفتاوى مؤخرا إلى ظهور ثلاثة مواعيد لبدء شهر رمضان وثلاثة أخرى لعيدي الفطر والأضحى وغيرها من المناسبات الشيعية السنوية، وفق الأجندة السياسية لكل مرجع من هذه المراجع.

المظهر الديني الموحِّد لهذه الفئات الثلاثة لم يعد بإمكانه إخفاء الصراع الدائر في ما بينها، والذي يتلخص بالحصول على عدد أكبر من الحصص السياسية في التركيبة الطائفية من جهة أو التفرد بالمرجعية الدينية من جهة اخرى. فكل فئة منها تدعي الأعلمية والأحقية في قيادة الطائفة على أساس ما هو عربي وغير عربي، أو ما هو داخلي أو خارجي، أو ما هو قديم أو جديد.

وقد ضاعت في هذه المعمعة أعداد من المثقفين والمتعلمين في الطائفة الشيعية، ممن لا يؤيدون أي من هذه الفئات، فحوصروا داخل منازلهم أو خارج مجتمعهم، وصُنِّفوا في خانة العداء والتآمر.

مواضيع سابقة ذات صلة في "الشفّاف":

ماذا حدث أثناء تشييع "المرجع": مقلّدو فضل الله نقلوا جثمانه حتى لا يصّلي عليه "جنتي".. فانقطع إرسال "المنار"!

فساد في المجلس الشيعي؟: وثيقة إصلاحية تتهم نصرالله وبرّي بتغطية "مزرعة آل قبلان"!

 

 

هاجم 14 آذار و"يوم مبارك رحل فيه مبارك"

بري: طريق اتفاق المحكمة لم يكن دستورياً

لم يتعلموا المشاركة واحتكروا السلطة والمال العام

النهار/واصل رئيس مجلس النواب نبيه بري هجومه على قوى 14 آذار ولا سيما "تيار المستقبل" وخاطبها بالقول: "لم يتعلموا درس المشاركة وواصلوا احتكار السلطة والمال العام والاستدانة على المستقبل. (...) لعلهم يعودون الى الطائف ويتنبهون الى ان سياستهم المالية حولت لبنان جنة ديون علينا وعلى اولادنا واحفادنا".

وفي موضوع المحكمة الدولية قال ان "موقع لبنان فيها لم يكن دستوريا وان التحقيق كان موجها وسياسيا واعتمد على شهود الزور وتركيب السيناريوات. وفي الملف الحكومي اعتبر ان كل من الرؤساء هو مسؤول ولكنه ليس المسؤول الاوحد".

وفي الشأن المصري وصف الجمعة الفائت بانه "يوم مبارك رحل فيه مبارك" قائلا ان هذه الثورة ليست بالتأكيد من صنع نسيج 14 آذار ورحمه".

رعى بري امس حفل تخريج 1500 طالب وطالبة جامعيين في حركة "امل" حملت عنوان "دورة 6 شباط" في ملعب نادي الصداقة على طريق المطار في حضور رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد ممثلا الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، والوزير غازي العريضي ممثلا رئيس كتلة "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط.

والوزراء: محمد خليفة، علي عبد الله، عدنان السيد حسين وعلي الشامي، والنواب: ياسين جابر، غازي زعيتر، علي حسن خليل، علي بزي، قاسم هاشم وهاني قبيسي، والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان وعدد من رؤساء الجامعات والعمداء ورؤساء الهيئات النقابية والثقافية والتربوية وعدد من قيادات حركة امل وجمع من اهالي المتخرجين.

بعد النشيدين الوطني والحركي ألقت حوراء داود داود كلمة باسم المتخرجين ثم قدمت الى بري كوفية والدها الشهيد، وتلاها المسؤول التربوي المركزي في الحركة الدكتور حسن زين الدين الذي قال "إن شبابنا يريدون دولة المساواة و ليس دولة التمييز والتفرقة التي تجلببت بجلباب الدين والطائفية والمذهبية فشكلت حائلا بين المواطن وبين الحرية والديموقراطية والمساواة والعلم والتقدم (...)".

وجاء في كلمة بري: "ان انتفاضة السادس من شباط مثلت فصلاً وطنياً وانتفاضة صنعت في لبنان، تمكنت من بناء قواعد ارتكاز للمقاومة في العاصمة والضواحي والجبل والبقاع والشمال في مواجهة الاحتلال من جهة، وامنت اسباب النجاح للوصول الى اتفاق الطائـــف ومهدت الطريق لعودة الدولة وادوارهـــــا من جــــهة (...)".

اضاف: سبعة وعشرون عاما (على 6 شباط) ولم يتعلموا درس المشاركة وواصلوا احتكار السلطة واحتكار المال العام والاستدانة على المستقبل(...). سبعة وعشرون عاما انقضت على انتفاضة السادس من شباط التي ولدت من رحم القهر والغبن ووضع الشعب بين مطرقة العدوان وسندان الحرمان.

سبعة وعشرون عاما على الانتفاضة التي مكنت لبنان من اسقاط اتفاق 7 ايار. سبعة وعشرون مرت ومرت ولم يتنبهوا الى استحالة اعادة انتاج نظام الميثاق الوهمي ونظام الاحتكارات، ولم يتنبهوا الى ان هناك عقدا دستوريا وسياسيا واجتماعيا بعنوان: الطائف.

سبعة وعشرون عاما ونحن نريد ان يكون مالنا ومالهم لكل لبنان وهم ما زالوا يعتبرون ان الكل في سبيل البعض.

سبعة وعشرون عاما ونحن نرى ونسكت، لعلهم يعودون الى الطائف ويتنبهون الى ان سياستهم المالية حولت لبنان جنة ديون علينا وعلى اولادنا واحفادنا، واننا نلحس المبرد ونحن نسعى الى خدمة الدين العام، وانهم ألقوا القبض على وزارة المـــال واغلـــقوا ابوابهـــــا حتى لا نرى ولا نسمع ولا حتى نراقب.

سبعة وعشرون عاما وها نحن نلتقي عشية ذكرى الجريمة الزلزال التي تمثلت باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفــــاقه ونبدأ مـــــــن هـــــذا لنــــقول:

اننا في لبنان نعم، اتفقنا على المحكمة الدولية على طاولة الحوار، عندما لم تكن هذه المحكمة الدولية بعد قد اتى برنامجها الى لبنان عندما لم تجر مخالفات الدستور وادخالها الى الامم المتحدة، ولكن الطريق التي سلكتموها وسلكتها الحكومة غير الميثاقية وغير الدستورية الى توقيع اتفاق المحكمة ونظام المحكمة وموقع لبنان في المحكمة لم يكن طريقا دستوريا على رغم نصوص الدستور. لا علم لرئيس الجمهورية فهو لم يجر هذا الاتفاق ولم يوقعه وهو خال من اي شيء له ذكر لرئيس الجمهورية، ولا احالة له على مجلس النواب.

وكما بات معروفا، كان التحقيق موجها وسياسيا واعتمد على شهود الزور وتركيب السيناريوات، لذلك قلنا على طاولة الحوار اننا وما زلنا مع المحكمة التي تؤدي الى كشف الحقيقة وليس صنع اي حقيقة او تزوير هذه الحقيقة. اننا لن نقبل ان يبقى لبنان عمرا جديدا يمتد لاجيال او لايام، وهو بيت للصمت وللشك، وان نسكت تحت طائلة التهديد عن حقوق الناس وعن المشاركة الكاملة في حياة لبنان.

وكما تعرفون ويعرف كل اللبنانيين، جربنا ان نسلك الطريق الى لبنان المشاركة والى جوهر النظام البرلماني الديموقراطي، فما حصدنا سوى خيبات الامل، واكتشفنا ان شعارات الانتقال الى مرحلة الدولة هي كلام بكلام، فقد جرى تعطيل كل مسعى الى تنفيذ احكام الدستور بتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية، ويتكلمون على تعطيل مجلس النواب من دون ان يرف جفنهم عن الحكومة اللاميثاقية، لقد تم على التوالــي تفريغ الادارة بدل ملء الشواغر، وتعطيل اجهزة الرقابة بدل تفعيلها، ومصادرة القضاء بدل تعزيز استقلاليته(...).

وتابع: "في هذه اللحظة الوطنية المناسبة وقيام حكومة تمثل تداولية السلطة التي هي في اساس النظام الديموقراطي، وفي هذه اللحظة التي يشدد فيها جميع المسؤولين على التكاملية الدستورية للسلطات، انطلاقا من ان كلا من الرؤساء هو مسؤول ولكنه ليس المسؤول الاوحد، وانطلاقا من سعي الجميع الى تأكيد الاستقرار الامني وكذلك الاستقرار النقدي لطمأنة المستثمرين وتحريك الاقتصاد.

الآن وفي هذه اللحظة السياسية اعبر على رغم كل ما قلت عن تفاؤلي بوضع اتفاق الطائف بشقيه الدستوري والاصلاحي موضع التنفيذ، الامر الذي يفتح الباب من اجل:

- التمني ان تكون باكورة اعمال هذه الحكومة وضع حجر الاساس لمشروع الليطاني على منسوب 800 متر. وعدنا في ذكرى الامام الصدر ان يتم هذا الامر في تشرين الفائت غير ان الخلاف بين الشركات ادى الى التأخير (...).

- السير في العقد الاجتماعي الذي اسمه الطائف، ومن هنا اصرارنا على العمل لتشكيل الهيئة الوطنية التي تقترح السبل الآيلة لالغاء الطائفية.

ونكرر القول اليوم وبعد كل مشاهد التعبئة الطائفية والمذهبية التي عشناها، وبعد عرض كل العصبيات وفي كل المناسبات ان تشكيل هذه الهيئة كان ضروريا واصبح اليوم ملحا.

- من منطلق تمسكنا بمشروع الدولة وضرورة الدولة وادوار الدولة، ندعو الى صياغة واقرار، قانون انتخاب عصري على اساس الدوائر الموسعة والنسبية وخفض سن الاقتراع وتكريس كوتا نسائية واعتماد البطاقة الانتخابية.

- اننا كلبنانيين في كل المناطق وكمواطنين نقع في المنطقة التي شكلت طوال ستين عاما وما يزيد جغرافية الاعتداءات والحروب الاسرائيلية على بلدنا، نؤكد تمسكنا بالمقاومة وبمثلث الجيش والشعب والمقاومة كضمانة لردع اي عدوان.

- نقول لرئيس الحكومة وللحكومة المنتظرة ما قلناه لسابقاتها، ان حركة "امل" ستدعم تحرير الحكومة من اي معوقات تحول دون القيام بأدوارها الاجتماعية او تحول دون قيام وزارات وادارات الخدمات بأدوارها للانتهاء من حال تقنين الخدمات.

- ننتظر من الحكومة تضمين بيانها الوزاري ما يشير الى ان من اولوياتها اصدار مراسيم تطبيقية لقانون النفط من جهة، ومباشرة تشغيل مصفاتي طرابلس والزهراني وخط النفط من العراق الى بانياس السورية الى الزهراني.

وختم: "الجمعة اي اول امس، 2011/2/11، هناك علم في الهند هو علم الارقام يأخذون منه صورة الاحداث واهميتها ويطابقون الارقام المصادفة. يوم مبارك نهار الجمعة رحل فيه مبارك، وانتصرت ثورة شباب مصر، ارقى ما سمعت وما قرأت عن ثورات ومن دون قيادة معلومة. ثورة الجمهورية الاسلامية في ايران كانت ثورة راقية ولكن كان لها قيادة الامام الخميني قدس سره.

هنا ارقى ما قرأت وما سمعت عن ثورات من دون قيادة معلومة سوى الشباب، وكأن دما جديدا سال في عروق الامة العربية. والغريب العجيب ان البعض وحتى الامس القريب كان يكرر وهذا قرأناه في الاعلام ان حسني مبارك مولود من اصل لبناني، فاذا به يعتبر اليوم بعد الانتصار ان ثورة مصر ولدت من رحم 14 آذار. بالامس كانت امه لبنانية واليوم اصبحت الانتفاضة التي اطاحته ولدت ايضا من رحم 14 آذار.

فاعلموا يا سادة، هذه ثورة نسيج وحدها وليست بالتأكيد صنع نسيجكم.

هذه ثورة تحررت من خرافة الوصاية الدولية بكثير من الوعي السياسي، الاعلامي كما عبر سابقا الرئيس عمر كرامي. بينما انتم ما زلتم حيث كنتم.

هذه ثورة تهدف الى تغيير النظام الاقتصادي والاجتماعي، فليس من حيلة ابدا لتسقطوا انفسكم عليها.

هذه الثورة ضد الارث السياسي وانتم فيه تؤمنون بل تحيون. وهذه ثـــورة تقيم الصلاة والقداس معا لاجل تحرير انطلاق الانسان وتريد من اجل ذلك حتى تغيير الدستور. اما انتم في سبيل ذات الاهداف وكمحاولة لدرس سبل الغاء الطائفية تمانعون حتى في تطبيق الدستور.

وبكلمة ان ثورة مصر بعد تونس الخضراء هي البذار الطيب في الارض العربية العطشى للديموقراطية والتخلص من الوصايات وفي اتجاه فلسطين ان شاء الله".

 

عون: الشرعية تؤخذ من مجلس النواب

لن يتكرّر الفشل في تجربتيّ الداخلية

النهار

رفض رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون "ان يؤخذ كل موقف يتعلق بالحكم وبأشخاص الحكم شرعيته من بيت الطائفة ولا من أي بيت آخر، بل هو يؤخذ بالانتخاب الشعبي ومن مجلس النواب، فأهلاً وسهلا بمن يريد أن يعطي رأيه، ولكن الشرعية لا تؤخذ إلا من مجلس النواب".

وكان عون يتحدث مساء اول من امس في العشاء الذي اقامته هيئة المهندسين في "التيار الوطني الحر"، معلنا ترشيح المهندس إيلي بصيبص لمركز نقيب المهندسين ومتمنيا انتخابه.

وعن بيان دار الإفتاء قال: "إذا كان أهل الضحية يشعرون بالأسى إذا لم تؤمن العدالة لهم، فهل تسألونهم عن شعور البريء إذا كانت هناك مؤامرة تريد الحكم عليه زورا وقد بانت ملامسها؟ من يتكلم على العدالة فليتكلم على عدالة شاملة وللجميع، فإسقاط المحكمة ليس إسقاطاً للعدالة ولكنه إسقاط لقضاءٍ ليس بقضاء، إنما هو تدبير سياسي عرفناه في حرب العام 2006، فما عجزت عنه تلك الحرب يريدون إنجازه من خلال المحكمة الدولية".

وسأل ايضا "هل تركز عهد (سعد) الحريري منذ بدايته على هذا التوازن وهذا التمثيل وقد قام حكمه على 13 في المئة من اللبنانيين" نحن لم ننسَ، والمعترضون اليوم يجب أيضاً ألا ينسوا".

واكد انه لا "يمكن أن تؤلف حكومة جديدة على المبادئ التي تسببت بسقوط الحكومة السابقة". وسأل: "إذا كان هناك مجلس وزراء جمد نشاطه إلى أجل غير مسمى وعدل الدستور والعمل بالدستور فما الذي يريده؟ هل يريد أن يذهب كما ذهب زين العابدين بن علي والرئيس حسني مبارك؟ لدينا الإمكانات لفعل ذلك لكننا نريد للأمور أن تكون قانونية ودستورية".

وأكد: "اننا لا نقبل إطلاقاً أن يقال إننا نتعرض للطائفة السنية، سكتنا كثيراً عن افتراءات كهذه ولكن لا سكوت بعد اليوم. ما تآمرنا عليهم يوماً أو تعرّضنا لإيمانهم أو تقاليدهم أو عاداتهم بل دافعنا عنهم دائماً. لم نقبل يوما أن نتكلم باسم طائفتنا إلا بقدر ما تتعرض للتهميش".

وقال: "نسوا أنني كنت أمثل 70 في المئة من المسيحيين عام 2005 ولم أكن في الحكم، لم أبك ولم أصرخ ولم تسمعوا صرير أسناني، وقبلت أن أكون في المعارضة". واضاف: "قمنا باعتصام صامت، لم نكسر لوح زجاج في وسط المدينة، بقينا 18 شهراً في الشارع، أصبحت الحكومة يومها بطائفة واحدة، مع بعض أذناب مسيحية، معلوم لدى الجميع أنهم لا يمثلون المسيحيين انطلاقاً من الأصوات الشعبية. فلماذا هذه الضجة اليوم ولماذا هذا الابتزاز لرئيس الحكومة المكلّف؟".

واضاف: "من حين الى آخر يخرج مسعور في الإعلام أو من السياسيين ويتحدث عما يسمونه "عقدة عون"، أين هي "عقدة عون"؟ ألأننا نرفض التنازل عن حقنا. وزارة ممنوع علينا الدخول إليها! لماذا ولمن هي؟ هل يريدون أن نكرر دائما التجارب الفاشلة، ممنوع أن يقوم أحد بتجربة ناجحة في الحكم؟ يدور الحديث اليوم عن وزارة الداخلية، تجربة أولى وثانية فاشلة، وبالأشخاص أنفسهم. ولن يتكرر هذا الفشل".

واكد اخيراً "نحن لن نقبل بهذه الدولة ولن نسكت عن أحد، أياً يكن. لقد انتقدنا بشدة أكبر المسؤولين في طائفتنا، في الكنيسة وفي السياسة، ولن نُحرج في انتقاد أي شخص، دينياً كان أو غير ديني، ومن أي طائفة، لأننا لسنا طائفيين وليست لدينا هذه العقدة".

 

 

 

عن "ثلاثية" 14 شباط

النهار

نبيل بومنصف    

حسناً فعلت قوى 14 آذار في تركها مجمل ما ينتظره منها الرأي العام الداخلي والخارجي الى هذا اليوم لتجيب عليه بما يتلاءم وحجم المناسبة ومدى ما لحق بها وبالوضع اللبناني من متغيرات. اذ ان 14 شباط هذه السنة تختلف للمرة الاولى عن سابقاتها في السنوات الخمس الماضية بثلاثية فوارق تشكل في ذاتها اختصارا للصراع الهائل الدائر بين "الثوابت المبدئية" والسياسات المتحركة والمتغيرة، والذي يتحكم به اولا واخيرا ميزان القوى المتقلب.

أبرز الفوارق والمتغيرات واولها في الصدارة هو ان قوى 14 آذار تحيي الذكرى السادسة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري غداة تحولها "أقلية معارضة" بعدما احتلت خمس سنوات موقع "الأكثرية الموالية". وسواء بـ"طعنة" نجلاء من 11 نائبا انقلبوا عليها بفعل ترغيب او ترهيب او اقتناع، او باخطاء ذاتية في ادارة الصراع، او باختلال حتمي كان يبدو جليا في ميزان القوى الدولية والاقليمية والعربية والداخلية، فالامر بات مقضيّاً. ويلح هذا التغيير على قوى 14 آذار عموماً، والرئيس سعد الحريري شخصيا، في مغادرة "عصر الصمت" وطيّه لمواجهة قواعد هذه القوى، وعبرها مختلف الفئات اللبنانية بالجهر العلني الفصيح من دون اي تحفظ او تردد لرؤيتها التفصيلية لاسباب هذا الانقلاب الدراماتيكي ودوافعه وما بعده. واذا كان تاريخ لبنان الحديث والقديم شاهداً على عشرات التجارب من التقلبات والانقلابات المشابهة، فإن "فرادة" الافصاح في ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري تنبع من بُعد يتخطى العامل العاطفي الدراماتيكي الى حقيقة سياسية ثابتة، هي انه مهما صحّ في تحميل قوى 14 آذار نفسها من مسؤولية عن عدم استدراك "الطعنة"، فإن المضي في المنحى التقهقري إن حصل يعني بكل خطورة انهيار النظام الديموقراطي عن بكرة ابيه في لبنان، فيما يستيقظ مارد الثورات في العالم العربي.

الفارق الثاني الذي يكتسب دلالة في هذا اليوم هو اعطاء ذكرى 14 شباط دلالة رمزية و"وجدانية" اذا صح التعبير، في اعتبارها ذكرى سائر شهداء "ثورة الأرز". ولعله من أسف شديد ان أسوأ الأسوأ في الانقسامات اللبنانية ان تطارد هذه اللعنة مفهوما بديهيا واخلاقيا اساسيا هو التوحد امام الشهادة. في مثل هذا اليوم قبل ست سنوات اغتيل الرئيس رفيق الحريري بأبشع صور التصفيات الهمجية والارهابية مع مجموعة شهداء آخرين من بينهم الوزير السابق باسل فليحان، وخطَّ ذلك الاغتيال تاريخاً مدلهماً لا يمحى مع تلاحق فصول حرب التصفيات السياسية والصحافية مع اصطياد دموي مريع تباعاً لنخب في السياسة والصحافة. ولمن أسف أشدّ، ان هذه الحرب المنهجية تعرضت لامتهان الضحايا، واحيانا لما يتجاوزه، في التعامل معها عبر امتهان لم يقتصر على القوى السياسية الحاملة لواء احقاق الحق لأصحاب الشهادة، بل طاول حتى الشهداء انفسهم. ولولا "اعجوبة" يصعب تفسيرها في هذه العجالة، لكان ذلك وحده مثار خطر شديد في اشعال العصبيات والاحقاد والاضغان التي يخلفها هذا الهبوط المخيف في التعامل مع قضية بهذا القدر من مسِّ ما يرقى الى "المقدسات". وربما تشكل ذكرى "جامعة" للشهداء اليوم بعضاً مما يجب ان يوقظ الذاكرة تكرارا، على ان لا مرور لأي دولة او سلطة مرورا آمنا ما لم يبدأ "باعتراف تاريخي" بلا اي مداهنة او مكابرة او غطرسة، بأن دماء هؤلاء الشهداء، اسوة بالشهداء في  مواقع التحرير، صنعت "الاستقلال الثاني".

اما الفارق الثالث، فهو ان ذكرى 14 شباط ستحل عشية صدور القرار الاتهامي في قضية الرئيس رفيق الحريري، بما يرشحها مبدئيا لان تكون المحطة الاخيرة ما قبل "بداية" انكشاف "الحقيقة". ونقول البداية، لان معايير العدالة نفسها تفرض هذا المعيار، لكون القرار ليس حُكْماً، ولكون المتهم يبقى بريئاً حتى تثبت ادانته. في ذلك تكتسب 14 شباط هذه وبُعداً شديد الرمزية وان كان الانفعال السياسي سيطغى على هذا التزامن. اذ، بصرف النظر عن كل المجريات الداخلية، ليس تطوراً أقل من استثنائي في تاريخ الاغتيالات ان يطل "قرار اتهامي" اول بعد ست سنوات من اندلاع حرب الجرائم المنظمة، وهي "استثنائية" لا تتعلق بكل العداء الداخلي المتنامي عشية هذا التطور المرتقب، بل بالمبدأ وحده، مبدأ إحقاق الحق والعدالة، حتى لو غدا من يطالبون به ويرفعون لواءه "أقلية" في ميزان القوى الجانح.

 

 

 

 

تزامن 14 شباط مع خروج الحريرية من الحكم

14 آذار مدعوة الى تجديد خطابها بأولويات الناس

النهار

سابين عويس     

تحل الذكرى السادسة لاغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري وسط تغيّر في المشهد السياسي فرضه انتقال السلطة من يد قوى 14 آذار الى قوى 8 آذار، بعدما اسقطت هذه القوى حكومة الرئيس سعد الحريري واخرجته من السلطة. والواقع الجديد المرتسم يجعل للذكرى هذه السنة رمزية مختلفة، اذ تشكل محطة مفصلية ينتظر ان يحدد فيها زعيم "تيار المستقبل" عناوين المرحلة المقبلة وموقعه السياسي فيها وخصوصاً ان الذكرى تأتي على مسافة ايام قليلة من اعلان رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي حكومته، مما يعني عمليا انتهاء مرحلة تصريف الاعمال بالنسبة الى الحريري والانتقال المرجح الى صفوف المعارضة. وهو الاول في الاعوام الستة الماضية التي يخرج فيها الزعيم السني او من يمثله من الحكم بما يطرح علامات استفهام عن مصير السياسات والمناهج التي ارستها الحريرية السياسية والاقتصادية منذ بداية التسعينات وسبل تعاطي الاكثرية الجديدة معها.

ومرد التساؤل، الحملات العنيفة التي شنّتها قوى المعارضة السابقة وتولى رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون خوضها، وانضم اليه اخيرا رئيس مجلس النواب نبيه بري والرامية الى محاكمة الحقبة الحريرية انطلاقا من السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة، رغم رفض رئيس الوزراء المكلف ميقاتي اللجوء الى الكيدية السياسية.

حافز او مراجعة؟

واذا كانت ذكرى العام الماضي حملت الحريري الابن الى السرايا الحكومية للمضي في المشروع السياسي والاقتصادي الذي استشهد والده من أجله، فان التطورات السياسية والمتغيرات التي تزامنت في الاشهر الـ 14 التي امضاها الحريري على رأس السلطة التنفيذية قد اخرجته من الحكم بحلول الذكرى السادسة لتطرح في الاوساط "المستقبلية" أكثر من علامة استفهام:

- هل يكون الخروج من الحكم مناسبة لاجراء مراجعة في الاسباب والعوامل والظروف التي ادت الى ذلك، خصوصاً ان أشهر الحكم القليلة التي امضاها الحريري على رأس السلطة التنفيذية لم تخل من التحديات والمطبات والاستهدافات والاستدراج الى تنازلات وتسويات على حساب ثوابت ومبادىء تبنتها قوى 14 آذار مجتمعة باسم شهدائها. ورسمت الزيارات الخمس للحريري الى دمشق وما رافقها من ردات فعل في المشهد الداخلي، مساراً سياسياً بدا واضحاً استهدافه الحريرية السياسية عبر احراج زعيمها تمهيداً لاضعافه واخراجه.

- او يكون الخروج حافزاً لبلورة استراتيجية سياسية واقتصادية واضحة للمرحلة المقبلة تقوم معالمها على خطين: حماية مكتسبات "ثورة الارز" والدفاع عنها حتى تحقيق أهدافها من خلال خطاب سياسي ورؤية موحدة، والالتفات على نحو مسؤول وجذري الى الشؤون الاجتماعية والحياتية والاقتصادية التي تحافظ من جهة على مسار النمو المستدام المحقق في الاعوام الستة الاخيرة وتحمي مناخ الثقة بالبلاد، وتعزز مناعة اللبنانيين وقدرتهم على الصمود والاستمرار عبر الدفاع عن مقومات العيش الكريم والعمل المستدام من جهة اخرى.

لعل المعارضة الجديدة تنجح في تحقيق ما عجزت عنه خلال وجودها في السلطة، بقطع النظر عن الاسباب التي حالت دون الانجاز. وهي مدعوة الى الاضطلاع بدورها في المراقبة والمحاسبة والمساءلة من خلال ساحة البرلمان، فضلا عن ممارسة دورها في تحريك التشريعات النائمة في ادراج مجلس النواب.

قد يؤخذ على الرئيس سعد الحريري انه، وتحت شعار حرصه على تماسك حكومته "الوحدة الوطنية"، قدم تنازلات في السياسة والاقتصاد وفي أولويات المواطنين التي التزمها في البيان الوزاري حيال اعتصامه بالصمت وعدم خوض معارك في الملفات الاقتصادية الحيوية او في الدفاع عن سياسات والده التي تعرضت لشتى انواع التنكيل والانتقاد، وصولا الى دعوات محاكمة تلك الحقبة، لكن لا بد من الاعتراف بأن الحريري وانطلاقا من الحرص عينه، أبدى انفتاحاً ومرونة لمسهما وزراء المعارضة في حكومته على حساب الوزراء المحسوبين عليه، فوفّر أرضية صالحة للعمل والانتاج، وحرّك ملفات عالقة، ووقع اتفاقات ثنائية مع سوريا وايران وتركيا من شأنها ان تعزز انفتاح لبنان على الاسواق الخارجية.

ولا يجب تالياً أن يؤدي الخروج من الحكم الى التراجع عن هذه الالتزامات، وخصوصاً ان الغالبية الجديدة ستكون أمام امتحان تولي السلطة واختبار القدرة على الانجاز بعدما امضت وقتها السابق في المعارضة والانتقاد والتعطيل من دون تقديم البدائل والخيارات الاخرى القابلة لمعالجة المشكلات البنيوية التي يعانيها الاقتصاد عموماً والمالية العامة للدولة خصوصاً.

وفي الوقت الذي يحمل فيه الرئيس ميقاتي تصوراً واضحاً للملف الاقتصادي والمالي والاجتماعي، كان سبق واعده خلال ترؤسه الحكومة الانتقالية في 2005 بعنوان ميثاق بيروت، فان ثمة أكثر من معوّق أمام امكان ايلاء الملف الاقتصادي الأولوية التي يرتقبها المواطنون. منها ما له علاقة بالتهديد الذي يتعرض له الرئيس المكلف من حلفائه قبل الخصوم وتحديد مهل قصيرة لديمومة حكومته واولوية الالتزامات السياسية في اجندة عملها ومنها ما يرتبط بالتباعد القائم بين المدرسة الاقتصادية التي ينتمي اليها ميقاتي وفريقه الاقتصادي وبين تلك التي يتبعها حلفاؤه في الحكومة في "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، خصوصا اذا حكمت السياسات الاقتصادية المرتقبة الكيدية السياسية والرغبة في الانتقام من حقبة ليست في الواقع الاّ مسؤولية مشتركة بين كل اركان السلطة تميّز فيها الحريري الاب بروح المبادرة في اطلاق عجلة الانتاج والاستثمار.

مع حلول الذكرى السادسة وما رافقها من متغيرات في المشهد السياسي، شكل الاقتصاد أحد ضحاياها بفعل التعطيل وشلّ الانتاج الحكومي، فيما يخشى ان يستمر الاقتصاد في موقع الاستغلال من باب استهداف ما بقي من تركة الحريري.

 

 

 

الاتهام الأميركي لبنك لبناني يتجاوز الدلالة المصرفية

تهميش مواقع داخلية يرتب كلفة خارجية

روزانا بومنصف     

النهار

اكتسب الاجراء الذي اتخذته وزارة الخزانة الاميركية في حق البنك اللبناني الكندي والاتهامات التي وجهتها اليه على خلفية قضية مرتبطة بـ"حزب الله" دلالة خطيرة يتعين على الحكومة العتيدة ان تأخذها في الاعتبار في رأي مصادر سياسية لم تخف ان هذا القرار اخاف المعنيين ودفعهم الى طلب تدخل حاكم المصرف المركزي من اجل محاولة نقضه. لكن الرسالة في ذلك هي ما يمكن ان يطاول الاقتصاد اللبناني وتاليا القطاع المصرفي الذي يستند اليه لبنان في حال كان " حزب الله " في مقعد "السائق " الذي يقود الحكومة اللبنانية الجديدة وفق ما اعتبرت مواقف في الكونغرس الاميركي في نظرتها الى تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي. وهذه الرسالة تخشى مصادر سياسية مطلعة ان تخيف المستثمرين ورؤوس الاموال التي ستحد منها الى حد كبير حكومة من لون واحد تقف وراءها سوريا و"حزب الله" بغض النظر عن الاجراءات الاخرى التي يمكن ان تلحق بلبنان والتي تشمل المساعدات العسكرية وحتى المالية، خصوصا بعد صدور القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري وما يمكن ان يتضمنه اقله وفق فرضيات "حزب الله" وسوريا اللذين عملا على الانقلاب واستبعاد الرئيس سعد الحريري انتقاما لعدم تبرئتهما مسبقا وإسقاط المحكمة.

وهذا المؤشر المهم الذي لم يأخذ حقه من المتابعة والاهتمام وابقي بعيدا عن التداول من اجل عدم اثارة الذعر في الاوساط المالية والمصرفية في الوقت الذي ساعدت التطورات المتسارعة في مصر على تحييده وعدم تسليط الضوء عليه تعززه مواقف ديبلوماسية عربية تقول انها ابلغت الى الرئيس المكلف مواقف تفيد بان الحد الادنى المقبول لاعتبار ما حصل في لبنان تداولا للسلطة وفق ما يذهب اليه بعض المسؤولين، هو ان يكون لقوى 14 آذار في الحكومة ما كان لقوى 8 آذار في الحكومة السابقة. في حين يقول سفراء دول غربية انهم ابلغوا الرئيس ميقاتي ان دولهم ستراقب بانتباه شديد ما يحصل في لبنان خصوصا ما يتصل بموضوع الحكومة والمواقف التي ستعتمدها من موضوع المحكمة التي تعتبرها هذه الدول موضوعا جديا جدا ولا تراجع عنه.

وهذه المعطيات لا توحي ان الطريق ستكون معبدة امام الحكومة خصوصا في ظل عوامل اضافية لعل ابرزها ليس فقط تهميش مشاركة قوى 14 آذار بما تمثل ومن تمثل انما ايضا موقع رئاسة الجمهورية. اذ تعتبر هذه المصادر ان مطالب رئيس "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون الطامح الى ان يكون في موقع الرئيس الفعلي من خلال السعي الى الحصول على كل الحصة المسيحية في الحكومة وتاليا السعي الى الحصول على كل التعيينات الادارية المسيحية لاحقا وتضييق الخناق على رئيس الجمهورية نظرا للموقع المتقدم لديه لدى القيادة السورية التي ساهم منذ عودته من منفاه الباريسي في اعادتها المرجعية السياسية للبنان الى جانب محاولة تغيير طابع المرجعية الدينية للموارنة باضعاف مرجعية بكركي ستترك اثرا كبيرا على تهميش لبنان ايضا. وبحسب المصادر المعنية، فانه ليس اكيدا ان الرئيس سليمان يمكن ان يؤمن مع الرئيس ميقاتي من خلال حصة كل منهما في الحكومة الثلث المعطل بما يمكن ان يطمئن عواصم الدول المهتمة الى ان هناك ضوابط للقرارات المهمة التي يمكن ان يتم دفع لبنان اليها على رغم جهود سليمان لان يؤمن مع قوى 14 آذار وحصة الرئيس ميقاتي نصف الحكومة. وهذا الواقع يعيه الرئيس سليمان الذي حاول ان يقنع القوى المسيحية في 14 آذار بالعمل على اقناع الجميع بالمشاركة تامينا لغطاء مقبول للحكومة وشرعية سياسية لها، مع علمه ان العرض المقدم لهذه القوى لا يتخطى واقع انه يجب اشراكها لكن من دون حصة وازنة كما يقول افرقاء في 8 آذار. وهو امر يلقى صدى مقبولا الى حد ما لدى هذه القوى لعدم رغبتها في ترك التمثيل المسيحي للعماد عون ولرغبتها وفق وجهة نظر البعض في عدم ترسيخ هذه الاهداف التي يطمح اليها رئيس التيار العوني بقوة، علما انها تدرك ان الموازنة بين حصة تكون بمثابة شاهد زور في الحكومة ومن دون حصص معقولة في التعيينات لقاء تأمين غطاء سياسي وشرعية سياسية خارجية وداخلية صعب الى حد كبير، في حين يلوح البعض لهذه القوى المسيحية بعيدا من الاضواء ان بقاءها خارج السلطة لن يمكِّنها فقط من ان تفتقد العناصر التي تساعدها في كسب المسيحيين بل ربما تتعرض لما تعرضت له بعد العام 1992 من محاولة عزل وحتى ملاحقة تحت اي عنوان، على غرار ما قال بعض حلفاء سوريا قبل اشهر قليلة وفي عز الحملة على الرئيس الحريري من اجل فكفكة قوى 14 آذار، علما ان مشاركة هذه القوى ستؤدي عمليا الى فكفكة هذه القوى وتركها من دون اي دعم بحيث تستفرد في الحكومة. هذا الهامش المحدود امام رئيس الجمهورية كما امام قوى في 14 آذار لا يلغي واقع ان هامش الحرية امام الرئيس ميقاتي محدود ايضا، وقد وفر له بيان دار الفتوى كما للرئيس سليمان فرصة، كما تعتبر هذه المصادر لان يستقويا به، لكن هذا الامر لم يحصل، في حين يرتقب البعض من زيارة السيد طه ميقاتي شقيق الرئيس المكلف لدمشق اخيرا ان تحمل بعض الحلول على قاعدة ان المفتاح عاد ليكون في العاصمة السورية وليس لدى الافرقاء في الداخل.

 

قوى 14 آذار أحيت ذكرى استشهاد رفيق الحريري في البيال: سعد الحريري: كل ما نريده هو العدالة والسيادة والاستقلال لا السلطة

المحكمة ستنزل القصاص فقط بالقتلة الذين استهدفوا قافلة من كبارنا

الجميل: أي مشاركة لا يجوز أن تكون على حساب الشهداء والعدالة والسيادة

إذا نجحت المساعي ننجو معا وإذا عاندوا سنكون معارضة زاحفة ومقاومة

جعجع: لن ندع انقلاب ذوي القمصان السود ينال من عزيمتنا

المحكمة إنجاز تاريخي وثمرة نضال في مواجهة الاغتيال والإخضاع

بيضون: لا يمكن بقاء لبنان بجيش تحت المحاسبة وآخر فوق المحاسبة

إذا رادت المقاومة الاستمرار كجيش مستقل عليها عدم التدخل في السياسة

وطنية - 14/2/2011 أحيت قوى "14 آذار"، الذكرى السادسة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري وذكرى شهداء "ثورة الأرز"، باحتفال حاشد في قاعة "بيال"- وسط بيروت، حضره رؤساء ووزراء ونواب وفاعليات سياسية واجتماعية من قوى "14 آذار".

وتصدرت القاعة شاشة عملاقة عرضت أفلاما وثائقية عن شهداء "ثورة الارز" ومقابلات مع ذوي الشهداء، كما رفعت جداريات تتضمن صورا حية لمسيرة 14 آذار منذ 14 آذار 2005.

بعد النشيد الوطني الذي ألقته الفنانة دانيا قسيس، ذكرت عريفة الحفل الاعلامية جيزيل خوري، أرملة الشهيد الصحافي سمير قصير "بالدم الذي سفك على أرضنا من الشمال الى الجنوب"، ودعت الى "مصالحة الشهداء جميعا منذ الحرب الاهلية وصولا الى شهداء الرابع عشر من آذار".

وقالت: "نلتقي اليوم في الذكرى السادسة لبداية رحلة استشهاد رجال إنتفاضة الاستقلال. ونلتقي لنحتفي بالحرية التي حمل رايتها السياسيون، شباب واقلام تتجدد كل يوم في جميع انحاء العالم العربي. فالحرية أصبحت اليوم قضية العرب الاولى، وفي استقلاله واستعادته لحريته يستعيد لبنان أيضا دوره النهضوي ورسالته التنويرية في عالمه العربي".

أضافت: "نلتقي اليوم في بيروت لنشهد للدم الذي سفك في أرضنا من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب وأعطى لبنان لونا مميزا. هذا الدم الذي رسم حدا فاصلا بين التحرير والحرية من جهة، وبين الاحتلال والهيمنة من جهة ثانية".

وقال إن "الوقت قد حان لمصالحة شهداء لبنان جميعهم، من شهداء الحرب الاهلية الى شهداء الاجتياحات والاعتداءات الاسرائيلية، الى شهداء الاستقلال الثاني وانتفاضته. فإلى شهداء لبنان كل شهداء لبنان ننحني ونصلي اسلاميا ومسيحيا".

بعدها، أدت الفنانة تانيا قسيس والفنان محمد الشعار الحضور ترنيمة "Islamo-Christian AVE"، امتزجت برفع الآذان وعبارة "الله اكبر"، تداخلت مع تلاوة مقاطع من الانجيل المقدس، في إشارة الى الوحدة المسيحية - الاسلامية.

بعد ذلك، ناشدت عريفة الحفل العدالة، ترافقها صور لبيروت وكلمات للشهيدة الحية مي شدياق، والشهداء: بيار الجميل، وجبران تويني، وانطوان غانم، وسمير قصير، ووليد عيدو. وفي لحظة عرض كلمة للرئيس الشهيد الحريري علا صوت السيدة فيروز عبر أغنية "انت القوي يا وطني".

واستكملت خوري: "نادينا بالحقيقة لانها أم العدالة، وطالبنا بالمحكمة الدولية لأن هدفنا لم يكن يوما الثأر أو الانتقام. لم نرد العدالة لبلسمة جرح أهل الضحايا ومحبيهم ومؤيديهم فحسب، بل لردع المجرمين أيا كان هؤلاء عن التمادي في إجرامهم. العدالة هي نافذة الضوء نافذة المستقبل، ومستقبل بلاد حيث لا تكون القنبلة ردا على الفكرة".

 

رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع

الكلمة الأولى كانت لرئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي قال: "كنت أتساءل في نفسي كل الوقت قبل الإحتفال: ماذا عساي أقول لكم اليوم؟ ماذا عساي أقول لرفاق الدرب، هنا وفي كل مكان، للذين أخرجوا لبنان من سجنه الكبير وأخرجوني معهم بالفعل ذاته من سجني الصغير، للذين شكلوا علما ونورا ورمزا للحرية والانعتاق في الشرق والعالم،‏ للذين كانوا السباقين في ميدان الحركات الشعبية التي نراها اليوم، للذين تحدوا الحديد والنار والسلاح والقهر والقمع والسجون والاضطهاد والاستبداد، بصدورهم العارية وجباهم العالية؟".

أضاف: "ماذا عساي أقول للذين سبقونا، مرة بعد مرة، بعد مرة، الى ساحات الحرية والثورة؟ ماذا عساي أقول للذين صدقوا معنا دائما أبدا، لكننا لم نكن على قدر طموحاتهم تقريبا دائما أبدا؟ ماذا عساي أقول لرمزي عيراني وعزيز صالح، لطوني عيسى ورياض أبي خطار وبيار اسحق، للزيادين، وللطفي زين الدين؟ وماذا عساي أقول لرفيق الحريري وباسل فليحان وجورج حاوي وسمير قصير وجبران التويني وبيار ‏الجمي، ووليد عيدو وانطوان غانم ووسام عيد وغيرهم عشرات وعشرات المواطنين الأبرياء، الأبرار، الذين سقطوا ضحية التفجيرات العشوائية المجرمة المتنقلة بين الشوارع والأحياء؟"

وتابع: "بعد تفكير جدي، صادق وعميق، قررت أن أقول لهم، ولكم، كما لجميع الرفاق، شهداء وأحياء، بأننا قصرنا بحقكم، فعلا قصرنا، ولم نوصلكم إلى شاطىء الأمان بعد. لقد اندفعنا منذ ست سنوات بكل نية طيبة وإرادة حسنة لتحقيق كل ما تصبون إليه. أصبنا مرات، لكننا لم نصب مرات ومرات. لم نصب عندما تسلمنا السلطة الشرعية من فوق، وسلمنا لهم، بممارسة كل السلطات غير الشرعية من تحت. لم نصب، عندما حاولنا قطع نصف الطريق، باتجاه الفريق الآخر، ولو بتضحيات كبيرة، ليتبين، بأن الفريق الآخر لا يعترف ولا يقبل بأي آخر. لم نصب أيضا، عندما اعتقدنا، بأن الإخوان في سوريا، قد أجروا مراجعة شاملة، لموقفهم من لبنان ‏الشعب والدولة، بعد كل الذي جرى وحصل، ليتبين، أنهم ما يزالون عند النقطة نفسها كما في 13 شباط 2005. نعم لقد أخطأنا وجل من لا يخطىء".

وقال: "إذا كان قدر الشعوب أن تتعلم من تجاربها، فقدرنا نحن أن نتعلم من تجاربنا أيضا، وهذا ما نحن فاعلون. هذا وعد لكم، وعهد علينا. فاقلبوا صفحة، بعضها ناصع والبعض الآخر ضبابي، وتعالوا نفتح صفحة جديدة، لن يكون فيها إلا النصاعة إن شاء الله. لقد أساء أخصامنا فهمنا، واعتقدوا، أن إخراج ثورة الأرز، بقوة الترهيب، من مواقعها الحكومية ‏المشروعة، سيكون نهاية لها. لقد أساءوا فهمنا، واعتقدوا، أن استمالة البعض بالترهيب، ستفقد ثورة الأرز زخمها الشعبي والوطني. ‏لكنهم لم يتنبهوا، الى أن شعبا، قدم رفيق الحريري، وبيار الجميل وجبران تويني، وقبلهم بشير الجميل، والمفتي حسن خالد ورينيه معوض، بالإضافة الى قافلة شهداء لا تنتهي، شعب كهذا، لن يعرف اليأس ‏إليه طريقا، ولن يجد الإحباط الى نفسه سبيلا".

وأكد: "لن ندع الانقلاب الأسود، الذي قام به ذوو القمصان السود وأفرز أكثرية وهمية سوداء، ينال من عزيمتنا. إن الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم وليس في سلاحهم. هكذا علمتنا تجارب العامين 2004 و 2005، وهكذا سنستمر".‏

وسأل جعجع: "الآن ماذا؟ الآن، كما تلك اللحظات الحاسمة في آب - أيلول عام 2004، وكما تلك اللحظات المجيدة، في آذار ونيسان عام 2005، ثورة، مستمرة، حتى النصر. إذا كانت ممارسات سلطة الوصاية الأولى أدت الى ثورة أرز، فمجرد، بزوغ، ملامح، سلطة وصاية ثانية، سيؤدي، الى ثورات أرز لا نهاية لها، حتى اقتلاع المرض من أساسه هذه المرة. الآن وقد تحررنا من أعباء الحكم، بتنا نستطيع عيش قناعاتنا، ومبادئنا، بكل حرية، والسعي لترجمتها بكل ما أوتينا من قوة. الآن، وأكثر من أي وقت مضى لبنان أولا. الآن، وأكثر من أي وقت مضى، السعي لقيام دولة لبنانية فعلية، بسلطة واحدة، وسلاح واحد، من خلال تطبيق قرارات مجلس الأمن الدولي 1559، 1680، 1701 و 1757. الآن ترسيم حدود لبنان، بشكل واضح ونهائي. الآن المعتقلون والمفقودون في السجون السورية. الآن العدالة الإجتماعية، وكل ما نؤمن به، لتحسين وتطوير وتحديث حياة الناس. الآن، خصوصا الآن، حرب كاملة على الفساد، بعد أن عاد شياطين فساد المرحلة الماضية، يطلون برؤوسهم من جديد".

أضاف: "يبقى أنه، وفي خضم كل ما يجري، ومهما كانت انشغالاتنا متشعبة وكثيرة، لن ننساك أبا بهاء، لن ننساك شيخ بشير، لن ننساكم جورج وسمير وجبران وبيار ووليد وأنطوان ووسام وكل الآخرين، لن ننسى كل لبناني، سقط، ضحية الإجرام الأعمى، وسنتمسك، بكل ما أوتينا من قوة، بالحق والعدالة، ‏عن طريق المحكمة الدولية بالذات، شاء من شاء، وأبى من أبى". وتابع: "إن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، إنجاز تاريخي لشعب ثورة الأرز، وثمرة نضال أكثر من ثلاثة عقود، ‏في مواجهة الاحتلال والقهر، والقتل والاغتيال والاخضاع، ولن نرضى عبثا بها، أو تهديدا لوجودها. إنها المرة الأولى، على مدى ذاكرتنا الجماعية، في لبنان والشرق، تقام محكمة على هذا المستوى، لإحقاق الحق وإرساء العدالة. فلا يضيعن أحد الوقت في محاولة تدميرها والتخلص منها".

أضاف: رب قائل: "ولكن ما لنا وللمحكمة الدولية، وجمع السلاح وترسيم الحدود، وغيرها من الأمور، دعونا نعيش بسلام، ونتجنب سخطهم، وغضبهم، وسلاحهم"، وجوابي الفوري هو أننا لن نستطيع العيش لحظة بسلام وأمان، من دون دولة، فعلية، قوية، في لبنان، وهذه لن تقوم، من دون جمع السلاح، وترسيم الحدود، وإحقاق الحق والعدالة إن الصراع في لبنان ليس بين العيش بسلام أو العيش باضطراب، بل بين العيش بسلام حقيقي، عميق دائم كريم، ولو بعد حين، وبين العيش بسلام آني، وهمي، مغشوش، هش مستعار، مستباح في كل ‏لحظة، تبعا للظروف والأحوال. إن الصراع يدور حاليا بين لبنان الذي نريد ولبنان الذي يريدون. بين لبنان البابا يوحنا بولس الثاني، ولبنان السيد علي الخامنئي. بين لبنان البطريرك صفير والمفتي قباني والإمام محمد مهدي شمس الدين، ولبنان ولاية الفقيه. بين لبنان مروان حماده ومي شدياق، ولبنان جميل السيد ورستم غزالي. وطبعا ستكون الغلبة، في نهاية المطاف، للبنان مروان حماده ومي شدياق، للبنان البطريرك صفير والمفتي قباني والإمام محمد مهدي شمس الدين".

وقال: "الرابع عشر من شباط 2005، لم يغير وجه لبنان فحسب بل غير اتجاه الأحداث فيه بشكل لا عودة عنه. هم يحاولون اليوم من جديد، ونحن سنتصدى لهم من جديد. الفارق هذه المرة، أننا تعلمنا من أخطائنا، ولن نقع في شراكهم من جديد". وختم جعجع: "شهداؤنا الأبرار، ناموا قريري العين، وكونوا مطمئنين بأننا لن نسمح لاحد بطمس حقيقة اغتيالكم ولا بإبطال مفاعيل استشهادكم. كونوا متأكدين بأن كل قطرة من دمائكم، ستزهر سيادة، ديموقراطية واستقلالا، حرية وثورة، تقدما وتطورا وعمرانا، ومسيرة نحو المستقبل لا تنتهي".

 

الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون

وبعد كلمة لعريفة الحفل تم عرض فيلم للرئيس الشهيد الحريري تحدث خلاله الرئيس سعد الحريري مستذكرا والده، ثم كان عرض آخر لمشاهد فيلم وثائقي لوالدة الشهيد النائب باسل فليحان، تبعنه كلمة عن الشهيد سمير قصير في شريط وثائقي للإعلامية جيزيل خوري.

بعد ذلك ألقى الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون كلمة سأل فيها: "ماذا فعل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ليستحق كل هذا التحريض والعداوة والحملات؟"، مردفا ان "الكثير من اللبنانيين الشيعة يسألون لماذا هذا التدهور في العلاقات بين السنة والشيعة؟"، وقال إن "الرئيس سعد الحريري قبل التضحية لأجل لبنان ولكن الآخرين كانوا يريدون في الاساس الارتداد على مكتسبات "ثورة الأرز" وحركة "14 آذار"؟".

واكد ان "المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ليست مؤامرة"، ودعا الى "التعامل والانطلاق من أعمالها ووقائعها وليس من التصورات والتهيوءات"، مذكرا بأن "العدالة والحقيقة يجب أن توحدنا". وقال: "على الرئيس الحريري تجاوز المرحلة والقضايا الشخصية والعمل على قيادة جماعية ل "14 آذار" تجعل منها حركة للمستقبل وثورة تغيير لبناء لبنان".

اضاف: "ان الحريري يمثل جيل الشباب وقادر بنجاحاته على تجسيد أحلامهم وتوسيع مجالات انجازاتهم وخصوصا بناء الاقتصاد المتقدم ووضع سياسات محاربة الفقر والبطالة واعادة بناء الطبقة المتوسطة ركيزة الاستقرار والاصلاح والتطور". وذكر بقول السيد محمد حسين فضل الله:احذروا عبادة الشخصية"، معتبرا ان "عبادة الأشخاص مدخل الى عسكرة الطائفة".

وقال: "بينما تحتفل مصر وتونس وشبابها بسقوط نظام الجلادين والمتسلطين ونرى كيف ينتفض الشعب لحريته وكرامته ولضحايا وحشية وبربرية النظام الأمني نشعر اليوم أن التضامن مع خالد سعيد ومحمد بو عزيزي والظلم البشع الفادح الذي لحق بهما فجر الثورات الشبابية والشعبية وأعاد للشعوب العربية الشعور بالكرامة وبأهمية الحرية: ألم تكن هذه هي المشاعر نفسها التي أطلقت حركة 14 آذار 2005 الشعب اللبناني بأكمله شعر بأن كرامته تحت الأقدام وحريته تحت الترهيب فانطلق ليسقط النظام الأمني والوصاية على الشعب وشؤونه وقراراته".

اضاف: "هذا هو الشهيد رفيق الحريري أطلق في حياته مشروع بناء الدولة ومشروع أعمار الوطن وأطلق في شهادته ثورة أستعادة الكرامة والحرية واستعادة لبنان الوطن الذي كان تحول ساحة مباحة لكل الأخطاء والشوائب حتى لا نقول لكل التجاوزات والانتهاكات".

وتابع "بعد ست سنوات من هذه الشهادة وهذه الانتفاضة نرى مشهدا يطبق على صدور اللبنانيين، لبنان يعيش حالة من الترهيب في أمنه واستقراره ومعيشته كادت تصل به إلى الشلل والأنهيار"، مردفا "انهم يحاولون الايحاء أن هنالك انتقال سلس للسلطة، تداول دستوري وفقا للقواعد".

اضاف: "أريد أن أذكر بالفقرة "ياء" من مقدمة الدستور: لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك. هذه الفقرة تم تفسيرها بكثير من الابتذال ولكن لنعد إلى الطائف، الاتفاق الذي انبثق عنه الدستور: هذه الفقرة وضعت خصيصا لأدانة الانقلاب. كان هنالك في بعبدا رئيس نصف حكومة أو نصف رئيس حكومة يهدد المجلس النيابي فجاءت الفقرة "ياء" من المقدمة لتقول لا شرعية للانقلاب وما حصل اليوم هو انقلاب وكل حكومة منبثقة عنه غير دستورية وغير ديموقراطية ونحن نقول بوضوح لرئيس الجمهورية المكلف الحفاظ على الدستور وعلى التوازن الوطني أنت المؤهل لمواجهة الانقلاب وبداية المواجهة وأسقاط مفاعيل الانقلاب من خلال رفض حكومة اللون الواحد والصوت الواحد ونقول لرئيس الحكومة المكلف: لا أحد يرضى لك بترؤس حكومة بتراء وظيفتها الأساسية تثبيت سلطة السلاح بوجه سلطة العدالة".

وبعدما سأل: "لكن ما هدف الانقلاب؟"، أضاف: "ليس هدف الانقلاب البحث عن حل للأزمة المستمرة منذ ست سنوات كان هنالك أمل في حل من خلال حوار جدي صريح وطني مع رئيس الحكومة سعد الحريري ولكن هذا الخيار سقط وسيشرح الرئيس الحريري لماذا سقط ومن لم يلتزم بتعهداته للوصول إلى الحل". ورأى "ان هدف الانقلاب أصبح انتقاما شخصيا من شخصية سياسية لم تقبل الاذعان ولم تقبل الاملاءات".

وأردف: "سعد الحريري قبل التضحية لأجل لبنان ولكن الآخرين كانوا يريدون في الاساس الارتداد على مكتسبات ثورة الأرز وحركة 14 آذار. واصلوا التبجح ورفعوا منسوب الغرور: نريد اغلاق بيت الحريري وانهاء الحالة الحريرية".

وسأل: "الرئيس الشهيد الذي فتح للبنان كل أبواب العالم وكل أبواب المستقبل من يجرؤ على إقفال باب بيته؟ والأهم لماذا تتفجر هذه الأحقاد؟ ماذا فعل الحريري ليستحق كل هذا التحريض والعداوة والحملات؟".

وتابع: "أذكر عام 1996 العدوان الاسرائيلي ومجزرة قانا الحريري عمل على مستويين: الأول التأكيد أن الدولة هي المرجع هي التي تفاوض وتتوصل للاتفاقات وليس أي حزب أو تنظيم. كان حزب الله عقد ما يسمى تفاهمات تموز مع اسرائيل عام 1993 بعد العدوان الاسرائيلي لكن الحريري في العام 1996 أكد أن المقاومة هي ضمن مرجعية الدولة وأن الدولة تأخذ مسؤولياتها ونجح لأول مرة في خلق لجنة دولية لمراقبة تنفيذ التفاهمات وعدم التعرض للمدنيين واحترام شرعية المقاومة للاحتلال".

اضاف: "هذه اللجنة مؤلفة من فرنسا والولايات المتحدة وسوريا بالإضافة إلى طرفي الصراع لبنان وإسرائيل. الدولة اللبنانية التي غيبوها عندما رفضوا نشر الجيش عام 1991 أعادها رفيق الحريري حاضرة لمسؤولياتها في المواجهة وفي حماية المقاومة ولكن أيضا في كونها مرجعية المقاومة وغيرها لا يتجاوزها أحد ولا وصاية لأحد عليها".

استرسل: "أما المستوى الثاني فأنه دفع جميع قطاعات المجتمع اللبناني وفئاته وطوائفه إلى التضامن مع الجنوب والمقاومة، ولنترك الحريري رجل الدولة ورجل الأعمار ورجل الاهتمام بكل التفاصيل وبالحوار مع كل فئات المجتمع والذي كرس الكثير من وقته للفقراء ولتحسين أحوالهم بعد أن ساهم تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية خلال الأعوام 1985 - 1992 في تدهور أوضاع اللبنانيين إلى مستويات غير مسبوقة, ولنذهب إلى المشكلة الحالية: الكثير مثلي من اللبنانيين الشيعة يسألون لماذا هذا التدهور في العلاقات بين السنة والشيعة. كلنا ضد هذه الإدارة للعلاقات بين الفئتين وكلنا ضد الفشل الذي وصلت إليه القيادات. لا أحد يقبل هذا الواقع كلنا نتألم الشيعة قبل السنة عندما نرى انتشار الجيش اللبناني في شوارع العاصمة بيروت وكأن هذا الانتشار يرسم خطوط تماس بين الطائفتين".

وشدد على ان "نقطة الانطلاق هي في فهم العيش المشترك: احترام العيش المشترك هي احترام كل فئة للمقدس عند الفئة الثانية قلنا منذ زمن أن المقاومة مقدسة عند طرف كما المحكمة والحقيقة والعدالة مقدسة عند الآخر لا يمكن الوصول إلى تفاهم وطني إذا فرضنا احترام مقدس الطرف الأول ورفض احترام الآخر ومقدسه"، مشيرا الى ان "المشكلة أن الحوار مقطوع منذ ست سنوات نشهد أزمة حوار ونشهد تعبئة وحشد وتحريض ومستوى أحقاد وكراهية لم نكن نتصور أن لبنان يصل إليه".

وقال: "يعنيني كثيرا وأنا اللبناني الشيعي الجنوبي أن أقف في هذا المجال أمام تجربة الشيعية السياسية. هل تكرر الشيعية السياسية ممثلة اليوم بسلطة الأمر الواقع أخطاء من سبقها"، مضيفا ان "أول ما يمكن ملاحظته أن الشيعية السياسية بجناحيها وقعت في عبادة الشخصية، وذكر بتصور السيد فضل الله للحركات والأحزاب الإسلامية ووصيته للعالم الإسلامي "بأن لا يجعل من الاختلاف المذهبي وسيلة من وسائل أسقاط الأخوة الإسلامية وليكن الحوار وليس السلاح هو الأساس في حل هذه المشاكل"، وقوله "إن على الحركات الاسلامية أن تعيش معنى الحركة الاسلامية في كل مواقعها وأن لا تتجمد في مذهبياتها وأقليمياتها بل أن تعمل جاهدة من أجل الحركة الإسلامية الواحدة"، ليسأل: "أين التعبئة التي تعيشها الشيعية السياسية اليوم من وصايا فضل الله الذي عانى في حياته من التشكيك والحملات والظلامة حتى قال: "اللهم اهدي قومي فأنهم لا يعلمون". "اللهم اغفر لقومي أنهم لا يعلمون".

كذلك ذكر بتشديد الإمام المغيب موسى الصدر "على لبنان وطن نهائي لجميع بنيه أي رفض أعطاء أولوية للمشاريع الايديولوجية على مشروع بناء الدولة الوطنية وإنجاح العيش المشترك. ولكن الأهم أن موسى الصدر كان يريد إزالة الحرب من النفوس والعقول لذلك ركز في ميثاق حركة أمل وفي فقرتين من أصل سبعة على رفض وإدانة تصنيف المواطنين. كان يعرف أن تصنيف المواطنين هو مدخل للحرب الأهلية وإلى عزل كل فئة للأخرى. ولكن ماذا فعلت الشيعية السياسية منذ ست سنوات وهي تتهم الأخرين بالخيانة والتآمر أي تمارس أبشع أنواع التصنيف. لقد تعهدوا في الدوحة عدم تخوين الآخرين وفي كل يوم لا يجدون سوى التخوين والاتهام بالتآمر".

وقال: "قبل تغييبه بأشهر أو أسابيع قال الأمام الصدر: أن مصلحة لبنان لا تتقدم عليها مصلحة أبدا" أليس في ذلك اعلاء لشعار لبنان أولا قبل ثلاثة عقود؟ ويقول أيضا: "أن قضية المقاومة تنجح بوجود لبنان وبقوته وسيادة وكرامة أبنائه". أي عمليا المقاومة في خدمة السيادة وليس السيادة في خدمة المقاومة، ثم يقول أن علاقاتي مع المسؤولين السوريين وكل نشاطاتي السياسية هي في خدمة لبنان ولا يمكن أن تكون يوما على حساب كيانه وسيادته، هذا من دون أن نعود للامام شمس الدين الذي أوصى الشيعة في كل بلد عربي أو إسلامي بأن يبتعدوا عن المشاريع الخاصة وأن ينخرطوا في بناء دولهم الوطنية دون الاتجاه إلى الولاءات الخارجية".

اضاف: "نعود من كل ذلك إلى المقاومة اليوم: الجميع يحترم انجازات المقاومة ويقدم كامل التقدير للتضحيات والشهادات ولكن لا يمكن استمرار المقاومة كجيش مستقل خارج كل الضوابط وكل معايير المحاسبة. لا يمكن بقاء لبنان بجيشين أو بسلاحين: جيش تحت المحاسبة هو الجيش اللبناني وجيش فوق المحاسبة هو المقاومة".

وقال: "إذا ارادت المقاومة الاستمرار كجيش مستقل عليها التصرف كالجيش اللبناني أي عدم التدخل في السياسة"، مضيفا إن لدى الجيش "إجماع وطني لأنه لا يتدخل في السياسة أما المقاومة فلا يمكنها أن تكون سلاحا لفئة أو طائفة أو أن يكون لديها نواب ووزراء ومراكز قوى أو مشروعها الخاص الإقليمي وأن تحصل على إجماع وطني، وفي كل الحالات يجب وضع خطة مع جدول زمني لدمج المقاومة وسلاحها في الجيش اللبناني وفقا لما يقرره الحوار الوطني هذا إذا نجح رئيس الجمهورية في انقاذ هذا الحوار الوطني واعادته للحياة بعد أن بلغ الغرور والصلف بالبعض إلى حد العمل على عزل وتهميش الرئاسة الأولى".

واردف: "علما أن الحوار مطلوب منه أن ينجح في تنفيذ التزامات لبنان في القرار1701 الذي يشكل حماية للجنوب ولكل لبنان بوجه أي عدوان اسرائيلي مرتقب. معروف أن فشل القرار 1701 سيؤدي إلى سحب القوة الدولية من الجنوب ووضع المنطقة بكاملها على حافة الحرب الشاملة. البعض يعتقد أن لبنان يمكن أن يتجاهل القرارات الدولية وأن القرارات الدولية هي مجرد مؤامرات على لبنان هذا الموقف هو مغامرة غير محسوبة وهي ضد مشاعر وتطلعات أهل الجنوب وتطلعات كل اللبنانيين. لا يمكن السماح لجر لبنان إلى الدمار مجددا والضمانة الأساسية هي تنفيذ القرار 1701 والتمسك بمهمة القوة الدولية وإنجاحها في منطقة جنوب الليطاني".

ورأى ان "الشيعية السياسية فشلت في حل مشاكل الانخراط في مشروع بناء الدولة وضربت مبدأ الكفاءة وصارت المحسوبيات والولاءات الشخصية هي الأساس في الوصول لخدمات الدولة أما التنمية فتحولت تنفيعات وصفقات وبقي أهل الجنوب يهاجرون وأهل البقاع يغرقون في ضيق سبل العيش وتناست الشيعية السياسية الاصلاحات المنصوص عنها في وثيقة المجلس الشيعي عام 1977، وهي تخلت عن الطائف في معظم بنوده حتى موضوع تشكيل الهيئة الوطنية المنصوص عنها في المادة 95 من الدستور تحول مادة ابتزاز: اقبلوا الوصاية على الدولة فننسى موضوع الغاء الطائفية، ارفضوا الوصاية على الدولة فنطرح أمامكم موضوع تشكيل الهيئة الوطنية".

اضاف: "ثم جاء عدوان تموز 2006: بدل العمل على توحيد الموقف الوطني وتأمين الإجماع بدأ العمل على الاحتكام للشارع والعنف والسلاح وصولا إلى 7 أيار 2008 بعد تعطيل البلد والمؤسسات والمجلس النيابي. ليس أن الشيعية السياسية فشلت في العمل تحت سقف المؤسسات فحسب بل تبنت مبدأ الضربة الاستباقية ولا تزال تلوح بها وسيطرت عليها ازدواجية المعايير كما أنها فشلت فشلا ذريعا في إدارة ملف التعويضات عن حرب تموز حتى أصبح لسان حال المواطنين من بنت جبيل إلى الضاحية والبقاع أننا ربحنا الحرب على اسرائيل لكننا انهزمنا في حرب التعويضات".

وقال: "كل ذلك دعوى لخروج المقاومة من الشيعية السياسية فهي تجربة فاشلة وليست نموذجا لأي بناء فكيف لبناء الدولة أما المقاومة فتجربة ناصعة تحتاج للحماية والاجماع ضمن مرجعية الدولة، لقد جربت المقاومة من خلال ورقة التفاهم مع التيار الوطني الحر أن تحصل على تحالفات خارج الاجماع الوطني. ماذا كانت النتيجة؟ هذا التفاهم من عشرة نقاط عمره خمس سنوات الآن ولكن ما الذي تم تنفيذه من هذه النقاط: لا شيء على الإطلاق بالأخص البنود 7 و8 و9 و10 من هذه الورقة في العلاقة مع سورية والفلسطينيين وفي موضوع الاجماع حول المقاومة وإدانة الاغتيال السياسي".

أضاف: "أصبحنا في صورة استعادة الشعار السابق على ثورة الأرز أو حركة 14 آذار: هناك تقسيم للمهمات أو العمل القرارات السياسية والأمنية والدفاعية شأن أقليمي أما القرارات الإدارية والاقتصادية فتبقى للداخل"، سائلا: "هل هذا هو هدف ورقة التفاهم؟"، وأردف ان "الكثير اليوم يفتخرون أن إدارة لبنان عادت للنفوذ الإقليمي وأن عودة هذا النفوذ ساهمت فيه ورقة التفاهم التي يسميها البعض تحالف الأقليات بينما هي في الحقيقة تحالف الشهيات المفتوحة على الاستيزار والمحاصصة وتقاسم الدولة بين العائلات السياسية".

وتابع: "لذلك فإن الطائفة الشيعية بكل مؤسساتها مدعوة لإعادة النظر المسؤول في هذه الممارسات وتصحيحها والعودة إلى خط أئمة هذه الطائفة بدءا من خط الامام الصدر وبالأخص العودة إلى تقديم مشروع بناء الدولة الوطنية على المطامح والمصالح والمشاريع الاقليمية والعودة لمبدأ أن لبنان القوي بدولته يخدم سوريا ويساعدها بينما لبنان الساحة يمثل عبئا على سوريا وعلى موقفها".

وسأل: "من هنا إلى أين؟"، وشدد على ان "لا شرعية لأي حكومة في ظل معادلة سيطرة السلاح على الحياة السياسية وفقط حكومة وحدة وطنية متوازنة أي تمثيل 8 آذار و 14 آذار فيها بنفس الثقل هو المنطلق وصولا لإيجاد حل للأزمة الحالية داخل المؤسسات".

واعتبر انه "إذا انتقلت 14 آذار إلى المعارضة أم شاركت في الحكومة فنحن في حاجة إلى ثورة نيابية حقيقية، لا يجوز أن يستمر مجلس النواب مقفلا على هذه الحال يجتمع مرة في السنة أو مرتين. على النواب أن يفرضوا فتح هذا المجلس لجلسات يومية مستمرة فيها التشريع والمحاسبة والرقابة ولجان التحقيق".

واردف: "كل مجالس النواب في العالم تعمل في السنة من 800 الى الف ساعة بينما في لبنان لا يعمل المجلس النيابي في جلساته العامة الا بين 5 و50 ساعة وهذا امر مدان ان تكون كلفة الجلسة النيابية 60 مليار ليرة لبنانية ونتيجته أن قوانين مثل قانون السير والايجارات بدء النقاش فيها عام 1996 ولم تنته حتى الآن وإذا احتاج الأمر لتعديلات في النظام الداخلي فعلى 14 آذار أنقاذ هذه المؤسسة الأم لكي يقوم حكم المؤسسات للبنان وليس الإدارة الخارجية".

ودعا الى "استكمال اصلاحات الطائف والانتقال منها إلى تطوير هذا الاتفاق ومعالجة كل ثغراته وشوائبه خصوصا إخراج هذا الاتفاق من ذهنية وعقلية المحصصة وتقاسم المغانم"، مشيرا الى انه "على سبيل المثال لا الحصر ننظر إلى طريقة تشكيل الحكومة الطائف انطلق من مبدأ عدم جعل رئيس الحكومة المكلف مجرد باش كاتب عند رئيس الجمهورية ولكن مع التطبيق الميليشوي والمحاصصي للطائف نرى كما نرى اليوم أن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف أصبحا الاثنين باش كاتب عند ثلاثة أو أربعة من أمراء الحرب والطوائف والمحاصصة وبدل أن تكون الحكومة مجمع كفاءات لإدارة الدولة تحولت مجمع محسوبيات وازلام وقرابات ومحاصصات ضد مصلحة المواطن والدولة، ويمكن أن نعطي عشرات الأمثلة على تخريب الطائف بعقلية المحاصصة, لكن أكبر تخريب أصاب القضاء الذي يحتاج إلى ثورة حقيقية من شبابه لضمان قيامه كسلطة مستقلة نزيهة".

ودعا الشباب إلى "ما سماه الشهيد سمير قصير انتفاضة ضمن الانتفاضة. عودة 14 آذار إلى منطلقاتها الأساسية في اطلاق مشروع بناء الدولة الوطنية والمدنية"، آملا أن "ينطلق الشباب في عملية مناقشة حقيقية للتغيير المطلوب في لبنان بدءا من اليوم وحتى 14 آذار وأن يكون لدينا في 14 آذار القادم خطة التغيير لبقاء لبنان الدولة وليس لبنان حاملة الصواريخ".

اضاف: "جربنا الصراع مع اسرائيل بكل أنواع والمنظمات والجبهات ولكن إسرائيل انتصرت علينا بالدولة بنت أحدث دولة وأرقى اقتصاد والمطلوب اليوم أن نواجه إسرائيل بالدولة والمقاومة تبقى وسيلة وليس غاية تقنية وليس استراتيجية والدليل أن سوريا تقول دائما أن السلام هو الخيار الاستراتيجي. إذا الدولة هي السلاح وهي مفتاح النجاح والمقاومة تبقى أداة أو جهد من بين أدوات وجهود ومساعي عدة تقرر الدولة متى وكيف يستعملها الشعب".

وأكد ان "المحكمة الدولية ليست مؤامرة وليس كل ما يصدر عن مجلس الأمن مؤامرة ولا يمكن بناء العلاقات بين اللبنانيين ومع العالم والمجتمع الدولي انطلاقا من نظرية المؤامرة"، جازما بأن "نظرية المؤامرة هي انغلاق على الذات وتقوقع وهي سبب هزيمة العرب". ورأى أنه "في التعامل مع المحكمة الدولية يجب الانطلاق من الأعمال والوقائع وليس من التصورات والتهيوءات. الرئيس السوري بشار الاسد يقول أن القرار الاتهامي يجب أن يكون مبنيا على وقائع واثباتات فلماذا نحن نطلب إدانة هذا القرار قبل صدوره وقبل النظر في الاثباتات والوقائع. العدالة والحقيقة يجب أن توحدنا. والجميع بما فيه تيار الحريري شدد على التضامن مع المقاومة إذا تعرضت لأي عدوان والأحرى بالمقاومة أن تتضامن مع العدالة وأن تتعامل مع الوقائع والاثباتات".

واذ شدد على ان "الحريرية لم تفشل ولم تسقط وهي بعد الشهابية تبقى الطريق الأساسي للانقاذ ولبناء الدولة الحديثة والاقتصاد المتقدم"، لفت الى انه "سقطت الرهانات على انخراط أمراء الطوائف في مشروع الدولة"، مؤكدا ان "ليس الرئيس الشهيد من راكم الديون بل أن سياسات التوسع في الانفاق كانت تصدر في المجلس النيابي حيث المتحاصصون يوزعون الموازنة وكأنها مكافآت".

وقال: "ترك الحريري الحكومة عام 1998 وجاءت حكومة جديدة وعهد جديد أطلق الوعود شمالا ويمينا بوقف الدين واتباع سياسات جديدة وماذا كانت النتيجة: كانت الديون عند بداية العهد 18 مليار دولار وصارت مع نهايته 43 مليار كذلك شارك التيار البرتقالي في حكومتين آخرها حكومة سعد الحريري بكل الشروط التي فرضت وبالثلث المعطل ورغم ذلك وافق هذا التيار على أكبر عجز في تاريخ موازنات الدولة. صوت وزراءه على موازنة فيها عجز يوازي أربع مليارات دولار ورغم ذلك لا يزالون يتحدثون ونسمع دعايتهم السياسية تصر على أن سياسة الديون هي الحريري. كنا نشهد بتجربتنا البسيطة كيف أنه عند محاولات الحريري تخفيض بعد الانفاق غير المجدي وتسكير بعض أبواب الهدر كيف تقوم وتهب عواصف الانتقاد والشتائم والاسفاف أنها تجربة مؤلمة ومرحلة مؤلمة والحريري كان يردد مع الشيخ العاملي البسيط: "خيري طالع عليهم وشرهم نازل علي".

وطلب من "سعد الحريري قيادة جديدة قريبة من الشعب في كل فئاته المسيحي قبل المسلم والشيعي قبل الدرزي والدرزي قبل السني"، مشيرا الى ان "الرئيس الشهيد فتح بيته للجميع وحاور الجميع ومد يده للجميع وكان يأمل في الأشهر الأخيرة من حياته في اتفاق شامل مع أمين عام حزب الله حسن نصر الله للسير بانقاذ لبنان، والحريري تعرض للاغتيال وسعد الحريري يتعرض للاغتيال السياسي ولكن المشروع يبقى أقوى من الجميع ولم يفت الوقت على أتفاق شامل لحل الأزمة وانقاذ البلد".

وقال: "أننا نطلب من سعد الحريري تجاوز المرحلة والقضايا الشخصية والعمل على قيادة جماعية لـ 14 آذار تجعل منها حركة للمستقبل وثورة تغيير لبناء لبنان . سعد الحريري يمثل جيل الشباب وقادر بنجاحاته على تجسيد أحلامهم وتوسيع مجالات انجازاتهم وخصوصا بناء الاقتصاد المتقدم ووضع سياسات محاربة الفقر والبطالة واعادة بناء الطبقة المتوسطة ركيزة الاستقرار والاصلاح والتطور. ويبقى أن لبنان الحر المستقل السيد هو أمانة الشهداء أمانة رفيق الحريري بيد سعد الحريري ورفاقه في 14 آذار فلنكن جميعا على قدر هذه الأمانة من خلال الانخراط في حوار جدي وعميق مع الجميع خصوصا المقاومة ومن خلال العمل المؤسساتي والديموقراطي الفاعل ومن خلال مبدأ أن العقل قادر دائما على الانجاز أكثر من السلاح. العقل يربح المعارك السياسية حيث غالبا يفشل السلاح في ربحها".

 

بان كي مون اعلن في ذكرى 14 شباط وقوفه الى جانب الشعب اللبناني

والتزام الامم المتحدة بجهود المحكمة الخاصة من اجل لبنان بحثا عن الحقيقة

وطنية- 14/2/2011 اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في الذكرى السادسة لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري انه يقف "الى جانب الشعب اللبناني"، مكررا دعم الامم المتحدة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان لكشف قتلة الرئيس الحريري.

ونقل المتحدث مارتن نيسركي عن  بان كي مون قوله "في الوقت الذي يشهد فيه لبنان الذكرى السادسة للهجوم الارهابي الذي كلف رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري و22 شخصا آخرين حياتهم، يقف الامين العام الى جانب شعب لبنان".

واضاف نيسركي "ان الامين العام يكرر التزام الامم المتحدة تجاه الجهود التي تقوم بها المحكمة الخاصة من اجل لبنان بحثا عن الحقيقة، بشكل يؤدي الى احالة المسؤولين (عن الاغتيال) امام القضاء"، مضيفا "لن يتم التسامح بعد اليوم مع الافلات من العقاب".

 

 

الجميل: الأكثرية الجديدة مبيضة تم تبييضها بالبزات السوداء

أي مشاركة لا يجوز أن تكون على حساب الشهداء والعدالة والسيادة

لا نعيش اليوم الديموقراطية التوافقية أو الأكثرية بل شريعة القوة

إذا نجحت المساعي ننجو معا وإذا عاندوا سنكون معارضة زاحفة ومقاومة

تداول السلطة ما كان ليحصل لولا سلاح حزب الله ولا يجوز لأي حزب أن يفرض مشيئته

وطنية - 14/2/2011 رأى الرئيس الأعلى لحزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل في الكلمة التي ألقاها في مهرجان البيال، ان "ثورة الأرز نادت بالحرية والسيادة والاستقلال، وهي تناضل اليوم أيضا من أجل الحق والحقيقة والعدالة. نحن آباء الثورات، وأبناء المقاومة اللبنانية، نحن أهل الشهداء"، مؤكدا على "رفض التنازلات، فنحن أهل الثبات على المواثيق والعهود، لا أهل المساومات والتقلبات".

وأعتبر الجميل اننا "نحن ظاهريا أمام إسقاط حكومة، لكننا حقيقة أمام مشهد محاولة إسقاط لبنان، هل تسمحون بسقوط لبنان؟ سقوط هويته ودوره ورسالته؟، مشددا على "اننا الأكثرية الشعبية والنيابية والديموقراطية والشرعية والاستقلالية. الأكثرية هي التي تنبثق من إرادة الناس الحرة والقادة الأحرار، لا تلك التي تخرج من فوهات البنادق".

وأكد على "اننا لا نعيش اليوم الديموقراطية التوافقية أو الديموقراطية الأكثرية، بل شريعة القوة. القوة في الشارع والقوة في المؤسسات والقوة في الحوار"، مشددا على "اننا هكذا لا نبني بلدا، هكذا نقسم بلدا وننهي دولة".

وشدد الجميل على ان "مشروعنا هو بناء دولة حرة، سيدة، تواكب الحداثة، تؤمن بثقافة الانفتاح والسلام ونشر الديموقراطية، أعطينا للمعنيين بتأليف الحكومة فرصة العودة عن انقلابهم، والانخراط في مسار الديموقراطية الصحيحة، والتعاون لتشكيل حكومة إنقاذية للبنان، حكومة تتخطى حال الانقسام الوطني المتزايد، حكومة ترسي قواعد شراكة حقيقية، تحدد الخيارات الوطنية، وتحصن الكيان اللبناني بوجه المخاطر المحدقة والعواصف الآتية"، مؤكدا انه "إذا نجحت المساعي ننجوا معا. أما إذا عاندوا وأخطأوا الحساب، ومضوا في انقلابهم الزاحف، فسيجدون في وجههم معارضة زاحفة، معارضة مفتوحة، معارضة مقاومة".

نص كلمة الرئيس الأعلى لحزب الكتائب اللبنانية الرئيس أمين الجميل

وقد استهل الجميل كلمته بالقول: "الرئيس رفيق الحريري استشهد في مثل هذا اليوم فداء عن اللبنانيين، وباستشهاده كانت بداية ثورة الأرز، ثورة شباب لبنان، ثورة جميع اللبنانيين على القهر والهيمنة والوصاية".

وأردف: "ثورة الأرز نادت بالحرية والسيادة والاستقلال، وهي تناضل اليوم أيضا من أجل الحق والحقيقة والعدالة. نحن آباء الثورات، وأبناء المقاومة اللبنانية، نحن أهل الشهداء. في ضميرنا دماء من استشهدوا، وفي ذمة القتلة دماء من قتلوا. فيا رفيق ويا بيار ويا انطوان ويا سائر شهداء ثورة الأرز، لن ننساكم أبدا، إنكم في القلب والفكر والضمير. فباسم الشهداء، شهداء الحرية والكرامة والانسان، نرفض التنازلات. كفى تنازلات. فنحن أهل الثبات على المواثيق والعهود، لا أهل المساومات والتقلبات".

أضاف: "لا يملك أي مسؤول أو قيادي، أكان دينيا أم مدنيا أم عسكريا، أكان رسميا أم حزبيا، وكالة ليقايض أو ليساوم على إنجازات المقاومة اللبنانية وتضحياتها، ولا سيما إنجازات ثورة الأرز، ولا يملك أي مسؤول أو قيادي حق التصرف بتراث الشهداء ودمائهم. جاءت ثورة الأرز ولادة جديدة للبنان الكبير، وانبعاثا جديدا للاستقلال، وحياة جديدة للميثاق الوطني، وتطبيقا عمليا للبنان وطنا نهائيا، والتزاما ضميريا لبناء دولة قوية، حرة، عادلة، ديموقراطية، لا هيمنة فيها ولا غبن. ولا يعلو هامتها وصي أو محتل".

وتابع: "أتيت أقول لكم بألا تخافوا الصعوبات والتحديات. فعلى مدى التاريخ مرت بنا ظروف أقسى وعانينا كما عانت كل حركة تحرير اعتمدت الديموقراطية نهجا ورفضت الاحتكام إلى السلاح للتغيير. ست سنوات كثيرة في عمرنا، ربما، لكنها قليلة في عمر الوطن. ونحن نبني وطنا. أتيت أقول لكم بان مسيرتنا، يا أخي سعد، ستصل نحو هدفها لأنها مسيرة الحق والثوابت التاريخية. وكل ما هو غير ذلك باطل، وزائف، وزائل. أتيت أقول لكم باننا الأكثرية الشعبية والنيابية والديموقراطية والشرعية والاستقلالية. الأكثرية هي التي تنبثق من إرادة الناس الحرة والقادة الأحرار، لا تلك التي تخرج من فوهات البنادق. من يجسد مشاعر الناس، ويثق بتأييد الشعب، لا يقوم بانقلاب. أتيت أقول لكم بان من ينقلب على الأكثرية، يجدر به أن يمثل أمام الشعب أولا، قبل أن يساهم في تزوير أكثرية مناقضة لثقة الناخبين. فتبييض أصوات الشعب ممنوع، كما تبييض الأموال. إن الأكثرية الجديدة أكثرية مبيضة، وتم تبييضها بالبزات السوداء. أن يخسر فريق ما السلطة، فليست نهاية العالم، لكن أن يخسر لبنان هويته ودوره ورسالته، فهذا ما لا نرضاه ولا يرضاه اللبنانيون".

أضاف الجميل: "نحن ظاهريا أمام إسقاط حكومة، لكننا حقيقة أمام مشهد محاولة إسقاط لبنان. هل تسمحون بسقوط لبنان؟ سقوط هويته ودوره ورسالته؟ إن أمهل الشعب فلا يهمل، وإن أبصر الشهداء فلا يصبرون. إذا كانت الديموقراطية تملي تداول السلطة، فتداول السلطة لا يسمح بالخروج عن الثوابت الوطنية والمبادىء، وعن مشروع بناء الدولة ومسيرة السيادة والاستقلال. إن تداول السلطة الأخير ما كان ليحصل لولا سلاح "حزب الله". لا يجوز ولا يحق لأي حزب أن يفرض مشيئته وعقيدته وثقافته وهويته وسلاحه وجهاده على سائر اللبنانيين، لا باسم العدد، ولا باسم القوة، ولا خصوصا بالإدعاء بحصرية الدفاع عن الوطن. فالدفاع عن الوطن هو واجب وطني شامل وجامع. ما عدا ذلك، لا الديموقراطية العددية تحلله ولا الديموقراطية التوافقية تسمح به. لا تقاليدنا وثقافتنا الوطنية تجيزه ولا شرعة حقوق الإنسان تقبل به، ولا حق الشعوب بتقرير مصيرها بنفسها يبيحه".

وقال: "لا نعيش اليوم الديموقراطية التوافقية أو الديموقراطية الأكثرية، بل شريعة القوة. القوة في الشارع والقوة في المؤسسات والقوة في الحوار. هكذا لا نبني بلدا، هكذا نقسم بلدا. ننهي دولة. نسقط نظاما. هل تريدون أن نهدم ما بنيناه طوال 90 عاما من كيان ودولة؟ وما بنيناه طوال 68 عاما من استقلال وميثاق عيش مشترك؟ نحن مدعوون اليوم إلى إنقاذ الكيان والميثاق والدولة والنظام والاستقلال. لذلك، إن جوهر الصراع الآن ليس على المشاركة في الحكومة إنما التضامن لمقاومة مشروع إسقاط كل هذه المسلمات الوطنية والدستورية والاجتماعية والإنسانية التي شيدناها عبر الأجيال والعصور. وأي مشاركة لا يجوز أن تكون على حساب الشهداء، على حساب العدالة، على حساب سيادة الدولة على كل أراضيها".

وتابع: "مشروعنا هو بناء دولة حرة، سيدة، تواكب الحداثة، تؤمن بثقافة الانفتاح والسلام ونشر الديموقراطية. أما المشروع الآخر، فهو فرض نظام اختبر الشعب اللبناني في الماضي الحديث نماذج قمعه واضطهاده وفساده وتبعيته، فانتفض بكل أطيافه وأسقطه. ولأن هذا النظام الذي لفظه الشعب يحاول أن يطل برأسه من جديد، ونظرا للظروف الداخلية والخارجية المصيرية، أعطينا للمعنيين بتأليف الحكومة فرصة العودة عن انقلابهم، والانخراط في مسار الديموقراطية الصحيحة، والتعاون لتشكيل حكومة إنقاذية للبنان، حكومة تتخطى حال الانقسام الوطني المتزايد، حكومة ترسي قواعد شراكة حقيقية، تحدد الخيارات الوطنية، وتحصن الكيان اللبناني بوجه المخاطر المحدقة والعواصف الآتية".

وختم الجميل: "إذا نجحت المساعي ننجوا معا. أما إذا عاندوا وأخطأوا الحساب، ومضوا في انقلابهم الزاحف، فسيجدون في وجههم معارضة زاحفة، معارضة مفتوحة، معارضة مقاومة. لن نودع الديموقراطية في لبنان فيما هي تدخل الدول العربية الشقيقة. هذا وعد، هذا عقد، هذا عهد ثورة الأرز، للأرز، للشهداء، للشعب، وللبنان".

 

الحريري في الذكرى السادسة لاستشهاد رفيق الحريري
وطنية
- 14/2/2011 وتابع الحريري: "دعوني أكون صريحا في هذه المسألة المحددة. لا يستطيع أحد أن يدفن رأسه في الرمال بزعم أن السلاح قضية غير موجودة، وممنوع على اللبنانيين أن يتحدثوا عنها. الحقيقة غير ذلك تماما، وتجربة السنوات الست الماضية كافية كي تثبت للجميع أن هذه المسألة هي مسألة خلافية من الدرجة الأولى بين اللبنانيين. هي على طاولة الحوار الوطني باعتبارها خلافا مبدئيا، لا يتصل بحق الشعب اللبناني في مواجهة العدوان الإسرائيلي كما حدث في تموز 2006، إنما يتصل بالاستخدام المتمادي لهذا السلاح في بت الخلافات السياسية وفي وضعه على طاولة الشراكة الوطنية أمام كل صغيرة وكبيرة. إنني أنوه، في هذا المجال، بتبني قوى 14 آذار لبيان الثوابت الوطنية الصادر عن إجتماع دار الإفتاء، خصوصا في ذكره الأطماع والتجاوزات والغلبة بالسلاح لإخضاع الآخرين. هذه المسألة ستبقى في سلم أولويات استقرارنا الوطني ولن نسلم أبدا لبقاء السلاح مسلطا على الحياة الوطنية في لبنان. وهذا أول الكلام ولن يكون آخره، معكم، ومع كل اللبنانيين".
أضاف: "قيل الكثير عن علاقتي بسوريا، وعن زياراتي إلى سوريا. نعم، أنا ذهبت إلى سوريا بصفتي رئيسا لمجلس الوزراء وبصفتي إبن الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وكل ما أردته هو مصلحة لبنان العليا في العلاقات مع دولة عربية شقيقة هي الجار الأقرب لنا. مصلحة لبنان العليا التي تتوافق مع مصلحة سوريا في الاقتصاد والتجارة والأمن والاستقرار وحفظ سيادة كل من البلدين واستقلال كل من البلدين. لم أذهب إلى سوريا لطلب شخصي لنفسي ولا لأستعين بها على أبناء بلدي وعلى البقاء في السلطة. ذهبت في كل مرة مرفوع الرأس بحثا عن مصلحة لبنان أولا، التي تبدأ بحسن العلاقة مع الشقيق الأقرب، ومع كل العرب وكل العالم. لقد قصدت كل العالم من واشنطن إلى طهران من أجل مصلحة لبنان فكم بالأحرى أن أزور سوريا مرة ومرتين وخمس مرات من أجل مصلحة بلدي.
ولقد كانت سوريا، في تلك الفترة، جزءا من ما عرف بالسين سين، أي المبادرة التي قام بها مشكورا خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لحفظ استقرار لبنان. ومنذ البداية وحتى اليوم ألزمت نفسي الصمت بشأن السين سين، لأن من يريدها أن تنجح، لا يسرب ولا يتكلم، بل يعمل. لكني اليوم، سأتكلم.
هذه المبادرة كانت قائمة على فكرة واحدة وأساسية: أننا وبكل صدق مستعدون للمشاركة في مؤتمر مصالحة وطنية لبنانية، يتصالح فيه كل اللبنانيين ويتسامح فيه كل اللبنانيين. مؤتمر يعقد في الرياض برعاية ملك المملكة العربية السعودية وبحضور رئيس الجمهورية اللبنانية ورئيس الجمهورية العربية السورية وعدد من رؤساء العرب وقادتهم وبحضور الجامعة العربية، يؤدي إلى مصالحة شاملة، ومسامحة شاملة لكل الماضي، مصالحة الجميع من دون استثناء وتسامح الجميع من دون استثناء عن كل الماضي، من دون استثناء تصبح بعدها تداعيات القرار الإتهامي مسؤولية وطنية وعربية جامعة. نعم، هذا هو أساس السين سين، الذي كان في تفاصيله وفي جدوله الزمني إعلاء مصلحة الدولة وسيادتها على أراضيها وإزالة كل البؤر الأمنية المسلحة على الأراضي اللبنانية كافة.
نعم، هذا هو الاتفاق الذي فاوضنا عليه. أخطأنا؟ نعم، أخطأنا. فاوضنا بكل صدق وأمانة من أجل مصلحة لبنان، فإذا بنا، مرة جديدة نقابل بطلب الإستسلام، لا المصالحة من قبل من لا يريدون حوارا لأنهم يرون أنفسهم أكبر من لبنان، فكان جوابنا لهم أننا بكل بساطة، نحن من مدرسة "ما حدا أكبر من بلدو".
لقد أنهوا السين سين تحديدا لأنهم لا يريدون هذه المصالحة الشاملة، وأنا أقول أمامكم: لا عودة إلى السين السين. وللذين لديهم إلتباس أو يحبون أن يكون لديهم إلتباس بأنني وقعت على إنهاء علاقة لبنان بالمحكمة أقول: أنا أملك قلمين قلم سمير قصير وقلم جبران تويني وأمامي عقدان عقد بيار أمين الجميل وعقد وليد عيدو، فبأي من القلمين أوقع وأيا من العقدين أمزق؟
هم اعتقدوا أننا سنتنازل عن كل شيء من أجل السلطة، ونحن نرى أن السلطة هي آخر ما يستحق أن نتنازل عن شيء من أجله. لا بل أننا مؤمنون إيمانا راسخا بتداول السلطة، وبالنظام الديمقراطي، وبالدستور. لهذا السبب قررنا الذهاب إلى الاستشارات رغم معرفتنا بالنتائج سلفا، ورغم تهديد اللبنانيين باستقرارهم ورغم تزوير إرادة الناخبين عبر دفع نواب من موقف إلى عكسه، بعدما وقفوا أمام ناخبيهم مرتين خلال 4 سنوات، في المهرجانات الانتخابية، متعهدين في كل مرة بالدفاع عن المحكمة الدولية وبرفض أي وصاية غير وصاية الشعب وحصلوا على أصواتهم على هذا الأساس. نحن لا نتمسك بالسلطة، ولا نتمسك بشيء سوى بنظامنا الديمقراطي وبدستورنا، فمبروك عليهم الأكثرية المخطوفة بترهيب السلاح ومبروك عليهم السلطة المسروقة من إرادة الناخبين".
وتابع: "هنا، لا بد من كلمة حول الوسطية. الوسطية كما نفهمها نحن، هي الاعتدال في مواجهة التطرف، وسطية رفيق الحريري الذي علمنا أن المسيحي المعتدل أقرب إليه من المسلم المتطرف. الوسطية هي البحث عن تسويات بين حقيقتين من أجل مصلحة الوطن العليا، الوسطية هي في نظرنا قرار لا غياب القرار أو تسليمه. لكن، لا وسطية بين الجريمة والعدالة. ولا وسطية بين السيادة والوصاية. ولا وسطية بين عروبة لبنان وزجه في محور إقليمي لا علاقة له لا بالعروبة ولا بلبنان. والأهم الأهم، لا وسطية بين الصدق والخديعة، وبين العهد المقطوع والخيانة. وقبل أن أكمل الكلام، ولكي لا يعتقد أحد أن كلامي هو ردة فعل لخروجي من رئاسة الحكومة، فإنني أتوجه إلى من يعتقدون أنهم تمكنوا مني، بالغدر والكذب والخيانة وانعدام الوفاء، أتوجه من هؤلاء بالشكر العميق، لأنهم حرروني، وسمحوا لي أن أعود إليكم ومعكم أن أعود إلى جذوري، وأقول اليوم علنا ما أقوله ضمنا في كل يوم: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله. أنا قلت الحمد لله في 14 شباط 2005، فما أسهل أن أقولها ألف مرة اليوم في 14 شباط 2011"!
ختم الحريري: "نحن اليوم في المعارضة التي تستند إلى المبادئ الثلاثة التالية: أولا: إلتزام الدستور، ثانيا: الإلتزام بالمحكمة الخاصة بلبنان وثالثا: إلتزام حماية الحياة العامة والخاصة في لبنان، من غلبة السلاح. نحن عائدون إلى طريق الثوابت المبدئية السلمية الوطنية الأساسية التي رسمها الشعب اللبناني من كل الطوائف والمناطق والفئات في 14 آذار 2005، والتي لم يخرج عنها لحظة واحدة، حتى عندما شعر أن حسن نوايانا يدفعنا إلى مواقف وتسويات لمصلحة لبنان ولكنها خارج هذا الطريق. هذا هو الطريق نفسه الذي سار فيه الشعب المصري، شباب مصر وشاباتها ليستعيد الأمل ويستعيد كلمته وإرادته وقراره، فكان قراره الحرية والديمقراطية، فانتصر وانتصرت مصر عربية عربية عربية. نعم، نحن من بدأنا هذا الطريق، طريق الحرية. إلى هذا الطريق، طريق 14 آذار 2005 سنعود جميعا. سنسير فيه، معكم أنتم الذين أبقيتم رؤوسنا عالية، أنتم الذين ستبقى أصواتكم مسموعة، وأعلامكم اللبنانية مرفوعة، حتى ساحة الحرية، التي ستجمعنا جميعا مرة ثانية بإذن الله، في 14 آذار 2011، لنقول لا مرة جديدة. نحنا نازلين ب14 آذار لنقول لا، لا لتزوير إرادة الناخبين، لا لخيانة روح العيش المشترك، لا لتسليم القرار الوطني، لا للوصاية الداخلية المسلحة، لا لنقل لبنان على محور ما بدن ياه اللبنانيين، لا لتغيير نظام حياتنا، لا، حلمنا ما بيموت، لا للفساد، لا للسرقة، لا للخوف، لا للخوف، ولا وألف لا ومليون لا للقهر والظلم والجريمة. عشتم، عاش شهداء ثورة الأرز، وعاش لبنان".