المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار يوم 09 آب/11

رومة الفصل 09/14-23/غضب الله ورحمته

فماذا نقول؟ أيكون عند الله ظلم؟ كلا!  قال الله لموسى: أرحم من أرحم، وأشفق على من أشفق. فالأمر لا يعود إلى إرادة الإنسان ولا إلى سعيه، بل إلى رحمة الله وحدها. ففي الكتاب قال الله لفرعون: رفعتك لأظهر فيك قدرتي ويدعو الناس باسمي في الأرض كلها. فهو إذا يرحم من يشاء ويقسي قلب من يشاء. ويقول لي أحدكم: فلماذا يلومنا الله؟ من يقدر أن يقاوم مشيئته؟ فأجيب: من أنت أيها الإنسان حتى تعترض على الله؟ أيقول المصنوع للصانع: لماذا صنعتني هكذا؟ أما يحق للخزاف أن يستعمل طينه كما يشاء، فيصنع من جبلة الطين نفسها إناء لاستعمال شريف، وإناء آخر لاستعمال دنيء. وكذلك الله، شاء أن يظهر غضبه ويعلن قدرته، فاحتمل بصبر طويل آنية النقمة التي للهلاك  كما شاء أن يعلن فيض مجده في آنية الرحمة التي سبق فأعدها للمجد.

 

عناوين الأخبار

*لبنان ينجز تقرير المحكمة الدولية قبل انقضاء المهلة المحددة في 11 آب

*تكسير تمثال للسيدة العذراء في شارع العلم في بدارو 

*اطلاق نار على زورقي صيد لبنانيين في المياه الاقليمية من زورق حربي سوري

*جنبلاط لم يلتق الحريري: الموقف التركي من التطورات في المنطقة جيد

*ماذا جرى بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووليدوالمعلّم في اللقاء الأخير؟

*والد الصحافي فارس خشان في ذمة الله

*الملك عبد الله يبرئ الذمة ويقيم الحجة في سوريا

*سوريا.. نظام الشبيحة/طارق الحميد/الشرق الأوسط

*متى يوقف الشعب السوري «عدوانه» المسلح/إياد أبو شقرا/الشرق الأوسط

*الآشوريّون يناشدون الأمم المتّحدة الاعتراف بالمجازر وتأمين منطقة آمنة

*فتفت لـ"الجمهورية": لم نرسل سلاحاً إلى سوريا ومستقبل النظام إلى مزيد من التفكّك والزوال

*جنبلاط في جدة حيث الحريري وكلام عن معادلة "س. ت" لمعالجة الأمور السورية واللبنانية 

*السفير الأميركي عاد إلى سوريا: سأواصل التنقل في كل البلاد ولا يعنيني غضب دمشق 

*التلفزيون السوري الحكومي لا يحظى بمصداقية ويردد جميع أنواع الأكاذيب

*جنبلاط في تركيا: كلمة السر/سمير صالحة/الشرق الأوسط

*حضته على طلب وقف"أعمال التخريب"/سورية تأسف لموقف "الخليجي" وتدعوه لإعادة النظر فيه

*أحمد الحريري: متمسكون بالمناصفة والطائف.. ومتمسكون بـ"لبنان أولاً" 

*محاولة إغتيال اللينو للتخلص من الرجل القوي الممسك بالأرض وتحويل مخيم عين الحلوة الى ما يمكن ان يشبه مخيم نهر البارد – 2/طارق نجم/موقع 14 آذار

*فرار 4 قادة بعثيين ووضع آخرين قيد الإقامة الجبرية/دمشق وحلب تنفجران في وجه النظم خلال أسابيع/حميد غريافي/السياسة

*نظرية المؤامرة لدى بشار الأسد/عطاء الله مهاجراني/الشرق الأوسط

*سوريا.. فشل التدخل الخارجي وعقم الحياد السلبي/عبد العزيز بن عثمان بن صقر/الشرق الأوسط

*كنس نظام البعث السوري مهمة مقدسة لا تحتمل التأجيل/ داود البصري/السياسة

*شبيحة بيروت وأشباح الوصاية/طوني ابو روحانا - بيروت اوبزرفر

*الشيخ خالد الخلف لـ«الشرق الأوسط»: خامنئي والأسد ونصر الله يصدرون أوامر القتل في سوريا/ناشد الأمم المتحدة حماية السوريين أو السماح بتسليحهم

*سوريا.. علامَ يراهن أصحاب الخيار الأمني/أكرم البني/الجزيرة.نت

*ما بعد حسني مبارك/سليمان جودة/الشرق الأوسط

*لبنان يناديكم/حسان الرفاعي/عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل"

*المفتي قباني يتقرّب من وسطية ميقاتي وينفذ ما اتّفق عليه مع السيد نصرالله/خاصAlkalimaonline

*مسيحيو الشرق الى أين/مارغريت خشويان/مديرة موقع "طيباين" للرابطة السريانية

*شبح 7 أيّار... يعود/فادي عيد/الجمهورية

*إن عجز النظام عن احتواء الأزمة سياسياً وأمنياً  سورية تواجه ثلاثة خيارات: تنحي الأسد أو انقلاب عسكري.. أو الحرب الأهلية/ النظام السوري يلعب على الوتر الطائفي لإجهاض *الاحتجاجات والقضاء على الثورة/لإيران وإسرائيل وتركيا مصلحة في بقاء الأسد... وارتفاع سقف مطالب الأكراد ينذر بكارثة/محمد عباس ناجي:السياسة

*الشطارة/حازم صاغيّة، لبنان الآن

*إجماع "عربي- تركي- أممي" على إدانة سلوك النظام السوري بمواجهة المحتجين..و"حكومة ميقاتي" تظهّر تخندقها مع الأسد

 

تفاصيل النشرة

 

لبنان ينجز تقرير المحكمة الدولية قبل انقضاء المهلة المحددة في 11 آب

نهارنت/تأنجزت السلطات القضائية المعنية التقرير الذي سترسله الى المحكمة الخاصة بلبنان قبل انقضاء المهلة المحددة في 11 آب الجاري والذي يتضمن عرضاً تفصيلياً لما قامت به هذه السلطات والاجهزة الامنية المختصة في صدد مذكرات التوقيف في حق المتهمين الاربعة باغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.

ومع ان هذا الاجراء يحاط بسرية تامة، اوضحت مصادر حقوقية مطلعة لصحيفة "النهار" ان مضمون الرد اللبناني على مذكرات التوقيف سيتضح لدى اصدار رئيس المحكمة انطونيو كاسيزي، بعد تسلم المحكمة التقرير، بياناً يعلن فيه ما اذا كان يعتبر الاجراءات اللبنانية كافية ام لا، علماً ان المحكمة تقرر في ضوء موقفها من الرد اللبناني الخطوة اللاحقة في صدد اصدار دفعة جديدة محتملة من مذكرات توقيف في حق متهمين آخرين.

وقالت المصادر نفسها انه لا يمكن الجزم سلفاً بما اذا كانت المحكمة ستنشر نص القرار الاتهامي الذي يبقى من صلاحية قاضي الاجراءات التمهيدية دانيال فرانسين.

وكان فرانسين قد وافق في وقت سابق على نشر صور وأسماء وألقاب وسِيَر المتهمبن الاربعة في اغتيال الحريري.

وذكرت المحكمة في بيان لها ان القاضي فرانسين، أصدر قرارًا برفع السرية عن كامل أسماء وألقاب الأفراد المذكورين في قرار الاتّهام الذي صُدّق في 28 حزيران، وعن المعلومات المتعلّقة بسيَرهم الذاتية، وعن صورهم والتهم الموجّهة إليهم.

وأفاد القرار بأنّ المدّعي العام دانيال بلمار، قد ذكر، بعد التشاور مع النائب العام لدى محكمة التمييز اللّبنانية، أنّ رفع السرية عن هذه المعلومات "لا يتعارض مع القوانين اللّبنانيّة المتعلّقة بتنفيذ عمليّات التوقيف".

ووفقًا لما جاء في القرار، أفاد المدّعي العام بأنّ من شأن إعلان المعلومات للعموم قد يعزّز احتمال اعتقال المتّهمين.

وأمّا المعلومات الأخرى الواردة في قرار الاتّهام وفي النسخ المموّهة الخاصة بكلّ متّهم فستبقى سريّة في هذه المرحلة. وقال قاضي الإجراءات التمهيدية في القرار إنّ الكشف عن المعلومات المذكورة أعلاه لا يمسّ حقوق المتّهمين الذين ما زالت تُفترض براءتهم.

وقدّم المدّعي العام في 17 كانون الثاني قرار اتّهام يشمل أسماء 4 أسماء لمتورّطين في الاغتيال إلى القاضي فرانسين لينظر فيه.

وأحيل قرار الاتّهام ومذّكرات التوقيف المرفقة به إلى السلطات اللّبنانية في 30 حزيران 2011.

والأفراد الأربعة الواردة أسماؤهم في قرار الاتّهام هم سليم جميل عيّاش، مصطفى أمين بدر الدين، حسين حسن عنيسي و أسد حسن صبرا.

وأصدر قاضي الإجراءات التمهيدية في 8 تموز 2011 مذكّرات توقيف دولية بحقّ المتّهمين. وأجاز القاضي فرانسين لمكتب المدّعي العام تزويد الإنتربول بالمعلومات الضرورية لإصدار "نشرة حمراء" بحقّ كلّ متّهم.

وحُدّد يوم 11 آب موعدًا نهائيًا لتقديم السلطات اللّبنانية تقريرًا عن التقدم المحرز فيما يتعلّق بتنفيذ مذكّرات التوقيف. وتبقى السلطات اللّبنانية مسؤولة مسؤولية مستمرة عن توقيف المتّهمين، واحتجازهم ونقلهم.

 

تكسير تمثال للسيدة العذراء في شارع العلم في بدارو 

ذكرت "الوكالة الوطنية للإعلام" أن مجهولين أقدموا ليل أمس على تكسير تمثال للسيدة العذراء أمام بناية الفقيه في شارع العلم في بدارو"، مشيرة إلى أن "القوى الأمنية وبناء على اشارة النيابة العامة تجري التحقيقات والاستقصاءات بعد الاعتداءات المتكررة على تماثيل مماثلة في المنطقة".

 

اطلاق نار على زورقي صيد لبنانيين في المياه الاقليمية من زورق حربي سوري

نهارنت/ منذ 3 ساعاتتعرض زورقان للصيد في داخلهما عدد من الصياديين اللبنانيين لاطلاق نار من زورق حربي من البحرية السورية في خلال قيامهم بالصيد داخل المياه الاقليمية.

ولفتت "الوكالة الوطنية للاعلام" الى ان الزورقين لم يصابا بأذى وعاد الصيادون سالمين الى بلدتهم العريضة

 

جنبلاط لم يلتق الحريري: الموقف التركي من التطورات في المنطقة جيد

نهارنت/منذ 7 ساعاتاكد رئيس "جبهة النضال الديمقراطي" النائب وليد جنبلاط، انه ناقش مع الاتراك الوضع اللبناني واحداث سوريا والمصالحة الفلسطينية، واصفا الموقف التركي حيال كل هذه المسائل بـ"الجيد". وأشار في حديثه لصحيفة "السفير" الى أن حزب "العدالة والتنمية لطالما وقف بثبات الى جانب القضية العربية والقضية الفلسطينية، وهو ما زال في هذا المسار". من جهة اخرى نفت صحيفة "المستقبل" نقلا عن مصادر رفيعة المستوى "نية رئيس الحكومة الاسبق سعد الحريري الانتقال الى تركيا او غيرها"، مؤكدة "وجوده في جدة ولا يوجد في برنامجه اي لقاء خارجها". وكانت صحيفة "الانباء" الكويتية قد اوردت خبرا مفاده ان لقاء سيحصل بين جنبلاط والحريري في اسطنبول بعد انتقال الاخير اليها.

وكان جنبلاط قد عاد ليل امس الاحد، بعد زيارة الى تركيا، التقى خلالها رئيس الحكومة التركي رجب الطيب اردوغان ووزير خارجيتها احمد داوود اوغلو.

 

ماذا جرى بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووليدوالمعلّم في اللقاء الأخير؟

الجمهورية/الحريري: لبنان لن تحكمه سوريا إلى الأبد (الحلقة الأولى)

ماذا جرى بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووزير الخارجية السورية وليد المعلّم في اللقاء الأخير الذي جمعهما في منزل الحريري في قريطم قبل استشهاده في العام 2005؟"

الجمهورية" حصلت على النصّ الحرفي لمحضر الاجتماع، وتنشره على أكثر من حلقة لما له من أهمية كبرى تضيء على تلك المرحلة الحساسة التي لا تزال تداعياتها تتفاعل حتى اليوم. اللقاء الذي فتح خلاله الرئيس الحريري قلبه وصارح ضيفه قائلا: "أشعر بمرارة منكم"، فأجابه الدبلوماسي السوري: "الرئيس الأسد لديه مرارة منك". وأضاف: "كم عانيت لأقنع الرئيس الأسد وأصل إليك. "لاطيينلي" ولا يريدون أن يتغير شيء".ولم يخفِ الرئيس الحريري مواقفه إذ قال: • لبنان لن تحكمه سوريا إلى الأبد.• أنظر إلى أين أوصل أبو عبدو (اللواء رستم غزالة) الأسد.• منذ 4 أعوام أقاوم التقارير، استسلمت لأنني لا أستطيع مقاومتها.• أبلغت إلى السوريين أنني سأستقيل من مجلس النواب، ولست أنا من صنع القرار 1559.كلام للتاريخ. هنا محضر الاجتماع:الاثنين 08 آب 2011 المعلم: كيف صحتك؟

الحريري: في خير، أرى زياراتك اليوم أكان للهراوي، أو لأمين الجميّل وسليم الحص.

المعلم: وحسين الحسيني، وغدا سأذهب للقاء رشيد الصلح وكامل الأسعد وميشال المرّ.

الحريري: أين ستلتقي ميشال؟

المعلم: في مجلس النواب.

الحريري: الاجتماعات اليوم وغدا؟

المعلم: غدا أنا مدعو إلى غداء وبعدها أبدأ.

الحريري: كيف الوضع عندكم؟

المعلم: حمدالله...

الحريري: شو بتشرب، عصير أو شيء تاني؟

المعلم: مي.

الحريري: خير إن شاء الله.

المعلم: ما يكتبه دولة الرئيس يجب أن يحصل.

الحريري: أريد أن تعرف أمرا، بعيدا من كل ما يحصل، مهما حصل هناك مكان لسوريا في قلبي دائما.

المعلم: لا شك عندي.

الحريري: لقد تعرضت كثيرا من أعلى المستويات في سوريا، لمجموعة من الكلام لا أريد أن أعاتب في شأنه، أنا لم أرفع أبدا تقريرا في شأن أحد لكنهم في لبنان معتادون على إرسال التقارير... أتمنّى لك النجاح لا أريد أن تخرج الأمور غير موفقة.

المعلم: دولة الرئيس، هناك شخص اسمه فخري البارودي...

الحريري: إبن الحلبية؟

المعلم: كلا شامي، لكن هناك المطرب صباح فخري اسمه الفني على اسم فخري البارودي.

(وروى له نكتة عن البارودي).

الحريري: أنا حريص على إنجاح العلاقة بين لبنان وسوريا، وأنا حريص على أن يحصل هذا الأمر على يديك، نظرا إلى احترامي الكبير لك، وأعرف أنك رجل "آدمي وطيّب" وليس لديك مصالح خاصة، من دون شك أن العلاقة اللبنانية – السورية ليست في أفضل الأوقات، وقد تسوء أكثر، وهذا ما يهمنا. لقد سبق وقلت لك إن سوريا في قلبي وعيوني، ولا يمكن أن أقوم بأي عمل يؤذيها. أنا واحد من الأشخاص الذين لهم كلمة في البلد، ولا يمكن أن أقبل أن يكون الحكم في لبنان لأي كان، معاد لسوريا ولا على الحياد معها، فنحن نريد حكما مع سوريا. لكن لبنان لن تحكمه سوريا إلى الأبد، فقد وصلنا إلى مرحلة نؤذي فيها أنفسنا ونؤذي سوريا في كل القضايا.

سمعت تصريحك قبل قليل أنك جئت لموضوع قانون الانتخاب، وقانون الانتخاب "ملزّق" بكم. وسليمان فرنجية عمل القانون، وقال لأشخاص عدة وآخرهم شخص من عندي، أننا قسمنا بيروت على هذا الشكل، إذا أراد الحريري التغيير "يعطينا كم نائب ببيروت"، أقسم بالله العظيم.

المعلم: صادق دولة الرئيس، صادق.

الحريري: وهذا التقسيم الذي أملكه، (أراه إياه على الورق) وقال له بالحرف الواحد، إذا اتفقت معكم سأعيدها دائرة واحدة، أو نقسّمها بطريقة ترضيكم وأنا سأذهب إلى الرئيس بشّار وأقنعه بها.

المعلم: هل هذا ما قاله؟

الحريري: وحياة ولادي وحياة بنتي أنا لا أكذب.

المعلم: أنت لا تكذب.

الحريري: هذا التقسيم (يريه على الورق) هدفه واضح: هذه المنطقة، أنظر كم هي كبيرة، وضعوا فيها ستة نواب، وهذه تسعة نواب وهذه أربعة. هذه منطقة سنية وهذه منطقة مسيحية بالكامل وهذه منطقة شيعية – أرمنية – سنيّة - مسيحية أي مختلطة. والهدف ضرب رفيق الحريري، فقد وضعوا تسعة نواب أي نصف نواب العاصمة. وهذه المقولة سمعناها من قبل، لا نريد أحجاما كبيرة في البلد ولا نريد أن يملك أحد عدد نواب كبيرا، لا الحريري ولا بري ولا جنبلاط ولا أحد. وهذ الكلام صدر من عندكم وهذه ترجمته.

المعلم: من سليمان؟

الحريري: كلا، صدر من عندكم، لا أقول في الخارج أنكم أنتم تقومون بهذا الأمر، أقول السلطة، لكن أنا أعرف أن هذا الكلام لم يصدر من السلطة، طالما يملكون الإمكانات فهم مستعدون لفعل أي شيء. هذا التقسيم يثير النعرات المذهبية وهم يقولون رفيق الحريري يثير النعرات المذهبية، وإذا قسمت هكذا تقسيم ستثير النعرات المذهبية، إذهب إلى حسن نصرالله واسمع ماذا سيقول لك.

المعلم: النواب يريدون المحافظة؟

الحريري: طبعا يريدون المحافظة وأنا أريد المحافظة.

المعلم: لكن حزب الله لا يمكن أن يقبل.

الحريري: يا وليد يا حبيبي، سأكلمك بصراحة، اتفقنا في اتفاق الطائف مع إخواننا المسيحيين على إعطاء نصف النواب إلى المسلمين ونصفهم إلى المسيحيين، واتفقنا في الوقت نفسه على إجراء انتخابات على أساس المحافظة، بعد إعادة تقسيمها أي 9 أو 11 محافظة، لكن مع إبقاء بيروت محافظة واحدة، لأننا لا نريد نوابا مسيحيين متطرفين. سم لي نائبا مسيحيا واحدا في بيروت من نوابي متطرفا. النائب غطاس خوري ماروني عندما هدّدنا سليمان فرنجية بتقسيم بيروت بطريقة تضع كلا من المسيحيين والمسليمن على حدة، أصبح يأخذ مواقف أقرب إلى الاعتدال من التطرف ليستطيع أن يترشح إلى النيابة. بهذا التقسيم، هناك جبران تويني سيترشح. يقال إن ميشال عون سينزل إلى النيابة، وكذلك صولانج الجميّل، ماذا نفعل؟ أنا سأنزل شخصيا في هذه الدائرة وهذا التقسيم لن ينفعهم. أنا سأربح هذه الدائرة وتلك، والمسيحيون المتطرفون سيربحون هذه الدائرة، وهم بذلك لن ينجحوا في التخلص من الحريري إنما ربحوا 3 أو 4 مسيحيين متطرفين سيشتمون سوريا طوال اليوم وهذه النتيجة العبقرية التي توصلوا إليها.

هذا القانون "مش كويّس" وهو مصنوع بصورة كيدية وممكن أستقيل من المجلس النيابي لأفتعل ضجة. وأنا أتكلم جديا ولقد أبلغت هذا الكلام إلى السوريين.

المعلم: مين السوريين؟

الحريري: "إنت مبارح جيت يا وليد"، هناك أبو عبدو، وهذا الكلام قبل ان تأتي أنت، وأنا فهمت أنك لن تأتي قبل إقرار القانون في مجلس الوزراء، وأنا أبلغت إليهم هذا الكلام قبل إقرار القانون في مجلس الوزراء، أبلغته إلى رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ووزير الداخلية وإلى أبو عبدو من طريق شخص ما.

اليوم أسمع أنهم يريدون أن يدخلوا تعديلات جديدة، يريدون وضع هذه المنطقة هنا (يريه على الورقة) أي مزيد من الشرذمة وعدم إبقاء أي لقاء سنّي – مسيحي، ماذا يفعلون؟ لهذا يقول لك نبيه إنه مع المحافظة وحسن نصرالله مع المحافظة، وأنا مع المحافظة، أنا أسير بهذه وهذه.

لأنو متل ما شايف بـ"النكايات" بيننا وبينكم...

المعلم: ما دخلنا.

الحريري: دخلكن ونصف، هل تريد أن نجامل بعضنا؟ أنا أقول الحقيقة، بالنكايات والتكتكات سينشأ لبنان معادٍ لسوريا ولنا و"رح تزمط هيدي القرطة بموضوعن". البطريرك، وهم عملوا كل هذا الموضوع لإرضائه، يتكلم بالطائف قبل إقرار مشروع القانون في مجلس الوزراء، ويقول إن القرار 1559 قصة دولية لا علاقة لنا به. أقر القانون في مجلس الوزراء وهو في روما، وقد انتقل إلى باريس وقبل أن يقابل شيراك قال نحن مع القرار 1559، وبعد رؤية شيراك قال يجب على اللبنانيين أن يعملوا يدا في يد لتطبيق 1559. لماذا؟

أنا قلت مرّة لسيادة الرئيس: أنت في الأخير ليس لديك إلا المسلمون وإنّ من يقول لك عكس ذلك، يكون يتكلم في شكل خاطئ. نحن نختلف معكم أو نتفق معكم، "بيطلع دينا منكن"، "بتقرفو منا" لكن في الأخير لا يمكننا أن نخرج منكم نهائيا ولا أن تخرجوا منا نهائيا، "ما حدا بيطلع عن جلدو". أنا أشعر بمرارة منكم.

المعلم: والرئيس عنده مرارة منك.

(غداً الحلقة الثانية)

 

والد الصحافي فارس خشان في ذمة الله

البترون ـ "المستقبل"

ودّعت بلدة عبرين وجوارها من بلدات وقرى قضاء البترون، ابنها انطوان حنا خشان، والد الزميل فارس خشان، في مأتم مهيب، بحضور حشد من الأهل والأصدقاء وبمشاركة ممثل رئيس تيار "المستقبل" الرئيس سعد الحريري، النائب هادي حبيش، والنواب: بطرس حرب وأحمد فتفت وانطوان زهرا، النائب السابق سايد عقل، منسق "تيار المستقبل" في جبيل والبترون الزميل جورج بكاسيني، آمر فصيلة البترون الرائد ميشال ابي انطون ممثلاً المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وعدد من رؤساء البلديات والمخاتير فضلاً عن فاعليات اجتماعية وأهلية.

وترأس الاحتفال بالصلاة لراحة نفس الفقيد في كنيسة مار شربل، المطران يوسف ضرغام، الذي نوّه في عظته بابن العائلة والبلدة انطوان، رجل الايمان، رجل الديموقراطية، رفيق وصديق كل من عرفوه، بدءاً بأهل بيته كمواطن صالح مسيحي يؤمن بكلام الله ويعيش ايمانه في كل ظروف الحياة، احلاها كما اشدها مرارة.

وتابع المطران ضرغام: "كان انطوان يعيش تفاؤلاً وفرحاً لما عرفه كل من عرفه عن كثب، ولداً كان أم شيخاً، مثقفاً أم امياً، وكل هذا ظاهر في وطنيته التي لم يكن فيها اي نقص أم ضعف، كما يظهر في صداقاته وفي تربيته لأولاده، وكما كتب ولده فارس: احبك على الديموقراطية التي علمتنا اياها بالممارسة وليس بالشعارات.. لم تفرض رأيك يوماً، لم تقف حاجزاً دون ممارسة قناعاتنا، لم تضطرنا للتصويت لسياسي يستهويك، لم تختر لنا الدرب الذي يجب أن نسلكه، بل باركت دروبنا وجعلتنا لا نفرق بين النحن والآخر".

واضاف المطران ضرغام: "انطوان ابن عائلة كريمة وأب عائلة كريمة.. ويشرح فارس هذه الابوة بقوله: لا تكتسب المبادئ الوطنية بالكذب ولا بالتوجيهات، ولا بالخطب الرنانة بل بمدرسة الابوة.. والابوة ليست ارثاً مالياً أو اقتصادياً، انها اعمق من ذلك بكثير، انها ارث حضاري، لولاها لما استمر الانسان وتطور وتحرر".

بعد ذلك تقبلت العائلة العزاء من المشاركين والحضور في صالون الرعية والتي تستمر حتى مساء اليوم الاثنين.

أسرة "المستقبل" تتقدم بأحر التعازي من الزميل فارس خشان الذي لم يتمكن من المشاركة في مراسم الدفن للأسباب القاهرة المعروفة، آملة أن تكون هذه الكلمات رسالة عزاء له ولعائلته الكريمة، وان تكون هذه المناسبة الأليمة خاتمة لأحزانهم، سائلة الله أن يلهمهم الصبر والسلوان.

 

من آمن بي و‘ن مات فسيحيا

الياس بجاني:لله يرحمه ويسكن روحه الجنة/أما حرمان ولده فارس من حضور جنازته فهذه جريمة تضاف إلى جرائم حزب السلاح وإلى كل المرتزقة الذين ساعدوا ويساعدون هذا الجيش الإيراني على اذلال احرار لبنان وترويع السياديين واجبار المثقفين إما على تأجير اقلامهم أو الموت أو الهجرة. حرام على هيك وطن ولكن لكل ظالم نهاية ولكل مستكبر انكسار ولكل متجبر سقطة والرب هو الذي يحاسب.

 

الملك عبد الله يبرئ الذمة ويقيم الحجة في سوريا

استدعى سفير الرياض في دمشق.. وقال إن قمع المتظاهرين لا تقبل به السعودية.. ودعا إلى إيقاف آلة القتل وإراقة الدماء * حصيلة دموية بدير الزور.. ومقتل أكثر من 50 * الجامعة العربية تدعو لوقف العنف.. وتراشق تركي ـ سوري

جدة - لندن: «الشرق الأوسط»

وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كلمة تاريخية الى الشعب السوري اكد فيها رفض السعودية اعمال العنف والقمع التي تشهدها البلاد، معلنا استدعاء السفير السعودي من دمشق للتشاور.

وقال خادم الحرمين في الكلمة التي وجهها مساء امس الى «الاشقاء في سوريا العروبة والاسلام» إن «تداعيات الأحداث التي تمر بها الشقيقة سوريا، والتي نتج عنها تساقط أعداد كبيرة من الشهداء، الذين أريقت دماؤهم، وأعداد أخرى من الجرحى والمصابين، ويعلم الجميع أن كل عاقل عربي ومسلم أو غيرهم يدرك أن ذلك ليس من الدين، ولا من القيم، والأخلاق. فإراقة دماء الأبرياء لأي أسباب ومبررات كانت، لن تجد لها مدخلاً مطمئناً، يستطيع فيه العرب، والمسلمون، والعالم أجمع، أن يروا من خلالها بارقة أمل، إلا بتفعيل الحكمة لدى القيادة السورية، وتصديها لدورها التاريخي في مفترق طرق الله أعلم أين تؤدي إليه».

وقال العاهل السعودي ان الحدث أكبر من أن تبرره الاسباب، مطالبا بايقاف آلة القتل واراقة الدماء قبل فوات الاوان. واكد الملك عبد الله ان مايحدث في سوريا لا تقبل به المملكة، وان بامكان القيادة السورية تفعيل اصلاحات شاملة وسريعة، وان امام سوريا خيارين لا ثالث لهما اما الحكمة او ان تنجرف للفوضى والضياع لا سمح الله.

واكد ان سوريا، شعبا وحكومة، تعلم مواقف السعودية تجاهها، واختتم خادم الحرمين الخطاب بالاعلان عن استدعاء السفير السعودي من دمشق للتشاور حول الاوضاع الجارية. وشهدت مدينة دير الزور وتجمع قرى الحولة، في ريف حمص، اعمال عنف دامية بعد ان اصبحت هدفا مركزا آخر للنظام السوري الذي استهدفت وحداته وآلياته العسكرية. وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان، عبد الكريم ريحاوي، أن «52 مدنيا قتلوا في سوريا، بينهم 42 قتيلا سقطوا في دير الزور وحدها».

من جانبه, أصدر الأمين العام للجامعة العربية، نبيل العربي، بيانا دعا فيه دمشق إلى «الوقف الفوري» للعنف, معربا عن «قلقه» من تدهور الأوضاع. فيما وصف ناصر جودة وزير الخارجية الاردني ما يجري في سوريا بأنه «مقلق ومؤسف ومحزن» في غضون ذلك، اندلع جدل تركي - سوري، حين قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إن وزير خارجيته، أحمد داود أوغلو، سيتوجه إلى دمشق غدا لينقل إليها «رسائل حازمة», وردت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية، بثينة شعبان، عليه بالقول: إن أوغلو سيسمع في دمشق «كلاما أكثر حزما».

 

سوريا.. نظام الشبيحة

طارق الحميد/الشرق الأوسط

ثلاثة مواقف سورية في 24 ساعة من شأنها أن تؤكد أنه لا يوجد نظام دولة في سوريا، بل نظام شبيحة، سواء بالإعلام، أو السياسة، أو حتى القطاع العسكري.

أحد «المحللين» المحسوبين على النظام السوري، أو شبيحة النظام الإعلاميين، بحسب ما يصفهم بعض المعارضين السوريين، يقول، عشية صدور البيان الخليجي الذي يدين عنف الدولة بسوريا، لقناة «العربية»: إنه ليس من حق دول الخليج إدانة النظام السوري. ثم يقول مهددا: إنه كان بمقدور الرئيس السوري دعم الشيعة في كل من السعودية والبحرين والكويت، ضد الأنظمة الخليجية، لكن عروبة الأسد وقوميته هما ما كانتا تمنعانه عن ذلك! وهذا يعني أن شبيح الإعلام السوري يقول إن بعض الشيعة الخليجيين جاهزون للبيع والشراء، وهذه إهانة بحد ذاتها للشيعة، ناهيك عن أنها تهديد واضح من السوريين لدول الخليج!

والرد على الشبيحة السوريين، فرع الإعلام، بسيط جدا، فأوَليس النظام السوري هو من يدعم حزب الله و«أمل» في لبنان ضد باقي المكونات اللبنانية؟ وأوَليس النظام السوري هو من ارتمى بأحضان إيران، وعلى حساب العرب، والعروبة؟ وأوَليس النظام السوري هو من دعم تنظيم القاعدة بالعراق منذ سقوط نظام صدام حسين؟ فكيف يقال إن عروبة الأسد وقوميته تحولان دون اللعب على الورقة الطائفية؟ ومن الواجب اليوم التنبه للتهديد الأخير باستهداف أحد موانئ الكويت من قبل حزب الله العراقي؛ حيث يبدو أن الخلايا النائمة بدأت تتحرك بمنطقتنا، خصوصا أن التهديدات باتت واضحة، وعلى رؤوس الأشهاد.

وهذا ما يختص بشبيحة الإعلام، أما السياسة، فهاهي بثينة شعبان، مستشارة الرئيس، تهدد تركيا، وتتوعد وزير خارجيتها بحال زار دمشق؛ حيث أُعلن أن أوغلو ذاهب هناك من أجل إيصال رسالة «حازمة»، لكن شعبان قالت إنه هو من سيسمع لغة «أكثر حزما»، والأدهى من ذلك كله أن شعبان تلوم تركيا لأنه لم يصدر عنها أي إدانة بحق «الجرائم الوحشية بحق المدنيين والجيش»! تخيلوا أن يقال هذا الكلام لتركيا التي تحتضن على أراضيها آلاف اللاجئين السوريين الذين فروا لتركيا بعد موجة القمع والعنف المرتكبة بحقهم من قبل أمن النظام السوري وشبيحته، فهل هناك افتراء أكثر من هذا؟!

أما الموقف الثالث، فهو ما نُسب لمسؤول عسكري سوري، يقول فيه إنه حتى تاريخه لم تدخل دبابة واحدة إلى منطقة دير الزور، على الرغم من أن عدد القتلى فيها، من المواطنين السوريين العزل، حتى كتابة المقال، تجاوز الأربعين مدنيا، بحسب ما نقلته وكالات الأنباء العالمية، بسبب العمليات العسكرية التي تقوم بها قوات النظام السوري في دير الزور!

وعليه، فنحن أمام ثلاثة نماذج محسوبة على النظام السوري، إعلاميا وسياسيا وعسكريا، وكلها تهدد وتتوعد، تلميحا وتصريحا، وتحرف الكلم عن مواضعه؛ حيث تصور الأمور كيفما ترى، وليس كما يحدث على أرض الواقع، فكيف يمكن بعد ذلك كله الوثوق بنظام يتصرف المحسوبون عليه، على المستويات كافة، وكأنهم شبيحة الأمن الذين يغدرون بالعزل السوريين؟ حقا إنه نظام الشبيحة وبجدارة.

 

متى يوقف الشعب السوري «عدوانه» المسلح!!؟

إياد أبو شقرا/الشرق الأوسط

«إنه لا يفقه شيئا لكنه يتوهم أنه يعرف كل شيء. هذا مؤشر أكيد لمستقبل سياسي» (جورج برنارد شو)

متى يكف الشعب السوري عن قتل «الشبيحة» واستهداف رجال الأمن والجيش؟

رجاء لا تستغربوا طرح هذا السؤال.

إنه السؤال الذي يريد الإعلام السوري الرسمي - وشبه الرسمي - أن يطرحه كل متابع صبور.. أو ساذج طبعا. فما نسمعه بكرة وأصيلا من هذا الإعلام أن رجال الأمن والجيش - رحمهم الله جميعا - يسقطون برصاص جماعات «إرهابية» و«تخريبية» منذ نحو خمسة أشهر، من دون أن يجشم هذا الإعلام نفسه عناء الإشارة، ولو لمرة واحدة رفعا للعتب، إلى الضحايا المدنيين.. بمن فيهم الأطفال.

خمسة أشهر على «استهداف» الشعب السوري وأطفاله، بعناد عجيب، رجال أمنه وعسكرييه بالاغتيال والمجازر!

ولكن لتكتمل الصورة «الصادقة»، كان لا بد من عناصر مساعدة:

أولا، لا وجود في روايات الإعلام الرسمي وشبه الرسمي لـ«الشبيحة»، مع أن أحد الناطقين باسم النظام، وهو على ما أذكر يعرف نفسه بـ«أستاذ علاقات دولية»، تكلم عبر إحدى المحطات الفضائية العربية - المتهمة بالتآمر على سوريا و«الممانعة» - عن شباب «يقومون بواجبهم» في حماية الثورة والأمن والنظام!

ثانيا، وهنا النقطة الأهم، لا ذكر البتة تقريبا للضحايا المدنيين، مع أن معظم التقارير الواردة من داخل سوريا تتحدث اليوم عن تجاوز عدد الشهداء من أبناء الشعب الأبرياء حاجز الـ2000، بل إن ثمة جهات داخل البلاد تؤكد أن العدد تجاوز هذا الرقم بأضعاف مضاعفة، ناهيك من عشرات الألوف من الجرحى والموقوفين.

ثالثا، من المثير جدا إطلاق هذا الإعلام السوري الرسمي وشبه الرسمي نعوتا على شاكلة «الإرهابيين» و«المخربين» على أبناء مدن سوريا وقراها. وهذه نعوت تعيد إلى الأذهان ما كانت إسرائيل تستخدمه من كلمات لوصف فدائيي المقاومة الفلسطينية بين 1968 و1990، وبالأخص، على جبهتها مع لبنان. ولكن قد تصبح استراتيجية «الأرض المحروقة» على الطريقة الإسرائيلية التي تمارس اليوم بحق الشعب السوري، أقرب إلى الفهم لدى مراجعة تصرفات النظام على امتداد أربعة عقود.. وهي تصرفات قامت دائما على الاستئساد على المقاومة وصولا إلى تصفيتها، والتسليم بل الالتزام بهدوء جبهة الجولان المحتل.

رابعا، في خضم كيل تهم التآمر على المحطات الفضائية العربية والعالمية، لا بد أن يتساءل المرء عن سبب إحجام النظام عن تسهيل وصول «الحقيقة».. كما يراها. لا بد أن يتساءل عن سبب إصراره على رفض السماح للإعلام العالمي بالدخول إلى المناطق السورية حيث ينشط «الإرهابيون» و«المخربون» عسى أن يساهم ذلك في «فضحهم» أمام الرأي العام العالمي. بل إن ما يحصل هو العكس من ذلك، إذ مُنعت قبل فترة قصيرة صحيفتان لبنانيتان محسوبتان أصلا وفصلا على «محور دمشق – طهران» من دخول سوريا!

خامسا، لا شك، يتذكر كثيرون منا اتهام الإعلام السوري «المندسين» و«الإرهابيين» الأصوليين بإطلاق الرصاص على التظاهرات السلمية منذ أكثر من أربعة أشهر، لكن الغريب أن هؤلاء اختفوا تماما ولم يطلقوا رصاصة واحدة على تظاهرة واحدة من التظاهرات التي سارت - أو سيرت - تأييدا للرئيس بشار الأسد ونظامه.

بالأمس، وسعيا وراء مسلسل تلفزيوني رمضاني، أسعدني الحظ بالاطلاع على تغطية إحدى الفضائيات السورية شبه الرسمية، وأتيحت لي قراءة الشريط الإخباري أسفل الشاشة. وإليكم غيضا من فيض من آيات الإعلام الذكي الذي يتصور أنه يفهم شعبه، كي لا نقول يعي ما يشهده العالم من تحولات.

من أهم الفقرات الواردة في الشريط فقرة عن كيف ساعدت صور المسلحين «الإرهابيين» - طبعا - في شوارع المدن السورية في «ثبات» موقف روسيا الرافض للعقوبات خلال تصويت مجلس الأمن الدولي. وهذا من دون التوقف عند حقيقة أن الموقف الروسي تبدل حقا بسبب بشاعة الأخبار والصور الواردة من مدن سوريا المقموعة والمحاصرة.

وثمة فقرة أخرى لا تقل عبثية وطرافة، تنقل عن صحيفة لبنانية - هي إحدى الصحيفتين اللتين منعتا من دخول سوريا - كيف «نجحت» سوريا في تجاوز مأزق مجلس الأمن.

ونأتي إلى أطرف الفقرات على الإطلاق، وهي عن موقف الأرجنتين الرافض لأي عقوبات تستهدف سوريا، مع التذكير أولا بأن الأرجنتين - مع الاحترام الشديد لها ولشعبها الطيب - ليست قوة عظمى تأمر وتنهى وتقرر على المستوى الدولي، ثم إنها ليست بين الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن حاليا.

مع هذا «العقل» السياسي البائس الذي يضبط إيقاع التعامل مع إحدى أخطر الأزمات التي تواجه سوريا منذ استقلالها عام 1943، قد يصبح من السابق لأوانه التكلم بثقة كبيرة عن «الربيع العربي»، لكن هذه الأزمة تؤكد أنه مهما كانت أخطاء قوى المعارضة ومهما بلغت التضحيات في الشارع.. لا بد من «ربيع» ولو طال الانتظار.

بعد تجربتي تونس ومصر، حيث بقيت بقية من مؤسسات حكم أسهمت في مرحلة انتقالية «غير انتحارية»، تفاءل كثيرون بهذا «الربيع». ولكن تبين أن ليبيا واليمن ثم سوريا عاشت وتعيش واقعا مختلفا جدا. ففي هذه الكيانات ما عاد هناك وجود حقيقي لما يمكن تسميته «مؤسسات حكم» أو وجود للمفهوم العلمي لـ«الدولة».

لقد استحالت الدولة إلى قبيلة أو عشيرة أو طائفة مذهبية مسلحة، وهيمن أفراد العائلة على مقدرات أجهزة السلطة واحتكروا «شرعية» حمل السلاح، ومن ثم وضع الحاكم شعبه أمام خيارين مريرين لا ثالث لهما، فإما ديمومة احتكار «القائد التاريخي» السلطة إلى ما شاء الله.. أو الطوفان والتقسيم والخراب.

هذا ما فعله صدام حسين في العراق بعدما اكتفى بالإصغاء إلى أصداء ما يستسيغ سماعه، فكثر المنافقون والوصوليون والانتهازيون والأغبياء من حوله... حتى تفاقمت عزلته عن مجريات الأمور في العالم، واختلت قراءته لما يمكن أن يتعرض له.

اليوم مع سوريا وليبيا واليمن نحن أمام ثلاث حالات مشابهة لتجربة العراق وصدام، وهي تتوالى فصولا في ظل واقعين مأساويين: أولهما العجز العربي المقيم والمؤلم، وثانيهما خداع النفس الذي يتمدد بحيث يتوسم في ذاته القدرة على خداع الآخرين. ولكن لئن كان الواقع الجيو - سياسي لكل من اليمن وليبيا يسمح بالتعامل بتؤدة وشيء من الصبر، فإن نسيج سوريا الاجتماعي ووجودها في قلب «مثلث» التنافس الإقليمي غير العربي، بأضلاعه الإسرائيلي والإيراني والتركي، ما عادا يتحملان أي تردد أو تراخ.

إن نظام حكم يصر على ابتزاز شعبه بالفتنة الأهلية يصبح بقاؤه مصدر خطر على هذا الشعب.. وعلى شعوب المنطقة ككل.

 

الآشوريّون يناشدون الأمم المتّحدة الاعتراف بالمجازر وتأمين منطقة آمنة

الجمهورية/نظّمت شبيبة كنيسة المشرق للآشوريين اعتصاما في حديقة جبران خليل جبران أمام مقرّ الـ"إسكوا" في بيروت، لمناسبة "يوم الشهيد الآشوري"، الذي يحتفل به الآشوريون، بكلّ طوائفهم، في السابع من آب في كل عام.

وقدّم المعتصمون إلى الأمم المتّحدة "رسالة من الشعب الآشوري"، تقضي بالاعتراف بمجازر الآشوريين وحقوقهم، وتوجّهت الرسالة إلى ممثّل الأمين العام للأمم المتّحدة مايكل وليامز "متذكّرين النكبات التي مرّت بها الأمّة الآشورية عبر تاريخها المرير، منذ سقوط الدولة الآشورية العام 612 ق.م إلى يومنا هذا". وأضافت الرسالة:

"نحن أحفاد الشهداء الذين قدّموا أغلى ما عندهم في سبيلنا، نطلب من الأمم المتحدة وهيئاتها الاعتراف بالمجازر التي ارتكبت بحق الأمّة الآشورية على مرّ التاريخ".

واعتبرت الرسالة أنّ "انطلاقا من هذا الواقع، يجب مراعاة التشريعات الدولية بخصوص حماية الشعوب الأصيلة، تلك الصادرة عن منظّمة الأمم المتّحدة نفسها عام 2007، كون الآشوريين هم شعب العراق الأصيل، وثقافتهم مميّزة عن محيطهم دينا وقومية، ويتعرّضون اليوم للفناء.

وأضافت الرسالة، إن أقلّ ما يستحقّه الآشوريون اليوم هو منطقة آمنة تضم كافة قراهم المصادرة تحت السيطرة الكردية، وتلك الواقعة في سهل نينوى، ذلك ضمن مفهوم "أقاليم الشعوب الأصيلة"، التي شرّعتها منظّمة الأمم المتّحدة في قانونها المذكور، على ألّا يكون الإقليم الآشوري تابعا لأي إقليم آخر، بل للحكومة المركزية العراقية، ذلك تحت إشراف الأمم المتّحدة".

وتابعت "نحن واثقون بأنّ منظّمة الأمم المتّحدة هي أكثر الجهّات قدرة على تحقيق العدالة للشعوب المظلومة في العالم".

 

فتفت لـ"الجمهورية": لم نرسل سلاحاً إلى سوريا ومستقبل النظام إلى مزيد من التفكّك والزوال

الجمهورية/ نفى النائب أحمد فتفت في حديث الى "الجمهورية" علمه بانعقاد أو باحتمال انعقاد اجتماع بين سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط في تركيا، مؤكّدا أنّ الأخير لم يذهب كي يعود الآن، ردّا على سؤال يتعلق بتموضعه الجديد. ووصف ما يتردّد عن تورّط تيار المستقبل في تهريب أسلحة الى المعارضة السورية بأنّه ادّعاء وافتراء.

وتساءل النّائب فتفت: "هل الدّولة الّلبنانيّة وبإرسالها وزير خارجيّتها تحاول إفهام الشّعب اللبنانيّ والمجتمع الدولي أنّها تدعم العنف واستعمال السّلاح لقمع ثورة الشّعوب الطّامحة إلى الدّيمقراطيّة والتّغيير والحرّية؟، متسائلا أيضا: "هل بعدم تصويت لبنان في مجلس الأمن تعتقد الدّولة الّلبنانيّة أنّها ستوقف الثورة في سوريا؟!"

وفي سؤال لـ"الجمهوريّة" عمّا إذا كانت مجازر حماة المستعرة هي التي دفعت بالآلاف إلى التّظاهر والاحتجاج في عاصمة الشّمال، أجاب: "ليس فقط المجازر المتلاحقة في سوريا، إنّما موقف لبنان في مجلس الأمن، وبخاصة في شهر رمضان المبارك، هو الذي دفع بأهل الشّمال إلى النّزول بالآلاف إلى الشّارع (موضحًا أنّ عدد المتظاهرين يوم الجمعة الفائت في طرابلس فاق العشرة آلاف)، وعاد ليؤكّد أنّ زيارة وزير الخارجية عدنان منصور إلى سوريا أمس بنظره هي زيارة من دون أفق.

وأضاف أنّ لا علاقة لتيّار المستقبل في خروج المتظاهرين الّذي حصل سلميًّا وغرائزيًّا بطلب من القيادات والحركات الدّينيّة، ولا سيّما في شهر رمضان المبارك، وذلك ردّ فعل على هذا الجحيم الحاصل في سوريا، مشيرًا إلى أنّ جواب المستشارة الإعلاميّة للرّئيس الأسد بثينة شعبان لأردوغان ولمجلس الأمن ولمنصور كان واضحًا وكافيًا عندما أكّدت من أنّ القيادة السوريّة ستردّ على كلّ من يتحامل على النّظام وعلى الرّئيس الأسد بجواب يليق به!

وأضاف فتفت أنّ القيادة السوريّة تعتبر نفسها منزّهة، والرئيس الأسد لم يقرأ جيّدًا الرسالة الدوليّة ولم يُعِر آذانا صاغية للذي حصل مع الرّئيس التونسيّ والرّئيس المصريّ ليأخذ العبر.

وأضاف أنّ لا عِلم له بالاجتماع الحاصل أو المفترض أنّه حصل في تركيا بين النّائب وليد جنبلاط والرّئيس سعد الحريريّ، مؤكّدًا بعد السؤال عن تموضع النّائب جنبلاط الجديد "بأنّه لم يذهب في الأصل كي يعود الآن!" مشيرًا إلى أنّ حسابات جنبلاط السياسيّة هي الّتي دفعته لأخذ هذا الموقف بهدف حماية شعبه من مخاطر داخليّة حتميّة.

وهل يرسل تيّار المستقبل السّلاح إلى الثوّار في سوريا، وخاصة بعد مصادرة السّلاح أمس في العبّودية واتّهام البعض تيّار المستقبل بأنّه وراء إرسال السّلاح؟ أجاب: إنّ هذا القول هو إدّعاء وافتراء، إذ ليس تيّار المستقبل هو من يؤمن بالعمل المسلّح، مضيفًا أنّ أحزابا عدّة ومعروفة في لبنان كانت وما زالت تتاجر بالسّلاح وتتناقله من وإلى خارج سوريا، وحتمًا ليس تيّار المستقبل. أمّا مستقبل النّظام في سوريا فهو ذاهب إلى المزيد من التّفكّك والزّوال.

 

جنبلاط في جدة حيث الحريري وكلام عن معادلة "س. ت" لمعالجة الأمور السورية واللبنانية 

موقع 14 آذار/في معلومات لصحيفة "الأنباء" الكويتية ان رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط انتقل من تركيا الى مدينة جدة في المملكة العربية السعودية، حيث ينتظر ان يلتقي رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، لاول مرة منذ استقالة حكومته، وعدم تسميته لتشكيل الحكومة التالية بعد تخلي جنبلاط وكتلته عنه. ويبدو من سياق رحلة جنبلاط الى اسطنبول حيث التقى رئيس الحكومة اردوغان ووزير الخارجية احمد اوغلو، ان القيادة التركية لعبت دورا في اعادة وصل ما انقطع بين الحريري وجنبلاط، بالتنسيق مع القيادة السعودية. ويبدو وفق المصادر المطلعة ان معالجة الوضع في لبنان وسورية والمنطقة عموما، باتت شأن معادلة "س. ت"، بدلا من "س. س"، التي انهارت مع التمسك السوري بالتحالف مع ايران، والمساهمة باسقاط حكومة الحريري في لبنان ما حمل السعودية على سحب يدها من هذه المعادلة، في حين برز الدور التركي كطرف اقليمي مهيأ لمتابعة امور المنطقة بالتعاون مع السعودية. وتقول المصادر لـ"الأنباء" ان الاتراك يمثلون الغطاء الاميركي الاوروبي، في المعادلة بينما يمثل السعوديون الغطاء العربي، وما يدعو للتوقف الانذار الذي سينقله وزير الخارجية التركي الى دمشق غدا. وتوقف المراقبون في بيروت امام موقف مجلس التعاون الخليجي من احداث سورية، والذي جاء في اعقاب البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الامن الدولي. يذكر ان لبنان مازال متمترسا داخل الموقف الداعي لعودة الاستقرار الى سورية، دون استنكار ما يجري، انطلاقا من مقولة ان الاستنكار يشكل تدخلا في الشؤون الداخلية لبلد آخر وهذا ما يرفضه لبنان من حيث المبدأ، وهذا كان الرد الرسمي اللبناني على بيان استنكاري لما وصفه بالمجازر في سورية، الذي صدر عن الرئيس سعد الحريري الاسبوع الماضي.

 

السفير الأميركي عاد إلى سوريا: سأواصل التنقل في كل البلاد ولا يعنيني غضب دمشق 

التلفزيون السوري الحكومي لا يحظى بمصداقية ويردد جميع أنواع الأكاذيب

وكالات/تعهد السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد بعد عودته الى سوريا بمواصلة تنقلاتها على مختلف المناطق، مندداً بحملة القمع المفرطة التي يشنها النظام السوري ضد الحركة الاحتجاجية. وقد أعادت واشنطن الخميس السفير روبرت فورد الى سوريا حيث تقتحم قوات الرئيس بشار الأسد بدباباتها العديد من المدن سعياً لقمع حركة احتجاجية مستمرة منذ أشهر للمطالبة بالديموقراطية. وكان فورد قد أثار حفيظة الحكومة السورية الشهر الماضي حينما زار مدينة حماة التي تشهد تظاهرات حاشدة وحيث قتل العشرات هذا الأسبوع في حملة عنيفة يشنها الجيش على المدينة. وتعهد السفير في مقابلة مع قناة "ايه بي سي" الأميركية قبل مغادرته واشنطن بمواصلة التنقل داخل سوريا. وقال فورد: "لا يعنيني كثيراً أن تغضب دمشق، إذ يتعين أن نبدي تضامننا مع المحتجين السلميين"، وتابع: "لن يثنيني شيء عن فعل الامر ذاته غداً (زيارة حماة أو غيرها من المدن) إذا تطلب الأمر ذلك، وسأواصل تنقلي عبر سوريا، لا يمكنني التوقف عن ذلك". وقال: "هدف وجودي في سوريا من أساسه هو التمكن من التواصل ليس فقط مع الحكومة السورية بل مع الشعب السوري". وقال فورد أنه بينما يشعر شخصياً بالقلق الشديد إزاء مصير بعض الأشخاص الذين التقيت بهم وبينهم البعض ممن يخشى أنهم باتوا الآن قيد الاعتقال أو ربما قتلوا، إلا أنه أصرّ على الحاجة الى التنقل خارج العاصمة. وأضاف: "لا بد من أن يكون هناك من يشهد على ما تفعله الحكومة السورية"، مضيفاً أن التلفزيون السوري "لا يحظى بمصداقية ويردد جميع أنواع الأكاذيب".

 

جنبلاط في تركيا: كلمة السر

سمير صالحة/الشرق الأوسط

الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لعب ولا يزال الدور المحوري في رسم معالم السياسة الداخلية اللبنانية. طريقة تعامله مع المسائل مكنته من الصمود في وجه الكثير من الأزمات والمحن التي عصفت بأسرته وحزبه وتحالفاته السياسية. جنبلاط كان السباق بسبب براغماتيته المعروفة وحسه السياسي المميز في قراءة وتبني الصعود التركي الإقليمي والانفتاح على حكومة رجب طيب أردوغان والتنسيق مع أنقرة في أكثر من ملف ثنائي فيه مصلحة الطرفين.

تقارب مصالح الجانبين وتداخلها والخدمات المتبادلة الممكن تقديمها في السر والعلن كثيرة، وكان آخرها تسهيل أنقرة لجنبلاط خلال زيارة الصيف المنصرم إلى تركيا اجتماعه بالقيادات الدرزية في الأراضي العربية المحتلة وقبول الأخير بالنصائح التركية وتبنيها في التعامل مع الأزمة الحكومية في لبنان وتغيير موقفه منها الذي لعبت أنقرة دورا شكرها الزعيم الدرزي عليه وهو في طريق عودته من زيارة المصالحة مع دمشق التي لا نعرف ما إذا كان لأردوغان وحكومته أي دور فيها.

لا، بل إن جنبلاط الذي أشاد دائما بالتجربة الديمقراطية التي تعيشها تركيا وتوقف أكثر من مرة عند أهمية ودور تركيا في الوقوف إلى جانب لبنان في محنه الداخلية والإقليمية، سارع مؤخرا إلى رد التحية التركية بأحسن منها، بعدما خاطب في أواخر أبريل (نيسان) المنصرم الدياسبورا الأرمنية وهو المعروف بعلاقاته المميزة مع الجالية الأرمنية في لبنان وبارمينيا، قائلا إن شعبا شجاعا وقيادة جسورة قادران على طي صفحة المأساة وفتح أبواب الحوار مع تركيا الساعية إلى تسوية تاريخية.

تسليط الأضواء على زيارة جنبلاط الأخيرة إلى تركيا ضروري هذه المرة، لأنها تختلف عن زيارات تنسيق المواقف السابقة مع قيادات «العدالة والتنمية» في ملفات لبنانية وإقليمية وتبادل الرسائل والخدمات في المسألة القبرصية والموضوع الأرمني والمشاركة التركية في القوات الدولية الموجودة في جنوب لبنان وعلاقات حكومة «العدالة» بالكثير من القوى والأحزاب السياسية اللبنانية.

فما يجمع أنقرة والمختارة ربما هو قولهما بصراحة ودون تردد ما يريان ويشعران به، لكن ما يوحدهما هذه المرة هو تشابه صعود وهبوط علاقاتهما بدمشق مركز الثقل في سياساتهما ومصالحهما المشتركة معها وحاجتهما إلى تنسيق المواقف حيال ما يجري في سوريا والإعداد لمرحلة ما بعد الأزمة هناك. أردوغان وجنبلاط يعرفان أن مواصلة أسلوب إطلاق التحذيرات للقيادة السورية بسبب طريقة تعاملها مع الأزمة تتقدم بنجاح، خصوصا بعد انضمام موسكو إليه من خلال الحديث عن «المصير الحزين»، وهي التي تدرك أن جنبلاط هو أحد أهم حلفائها في لبنان. بصورة أخرى انتقادات جنبلاط لطريقة وأسلوب القيادة السورية في التعامل مع الأزمة تلتقي مع أسلوب القيادة التركية التي تواصل التصعيد والتشدد التدريجي في مواقفها بانتظار التطورات الداخلية في سوريا. أنقرة والمختارة يعرفان قبل كل شيء أن إغضاب دمشق يعني إغضاب حلفائها في لبنان والمنطقة، وأن عليهما الخروج من ورطتهما هذه بأقل الخسائر والأضرار، فصداقاتهما وعداواتهما بالكثير من القوى المحلية والإقليمية ستتأثر بشكل أو بآخر بمسار الملف السوري.

مهمة جنبلاط تحديدا ليست بمثل هذه البساطة، خصوصا بعد قرار المشاركة في ائتلاف حكومة الرئيس ميقاتي، فهو طرف في حكومة تجمعه جنبا إلى جنب مع فريق «8 آذار» المقرب من دمشق، وهو في الوقت نفسه مجبر على قبول قرار رفض تبني البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن الدولي حول الأزمة السورية. الزعيم الدرزي غامر أولا من خلال تغيير موقعه التحالفي الداخلي الذي ساهم في ولادة الحكومة اللبنانية الجديدة بتعريض علاقاته مع سعد الحريري للتراجع، حيث قد تدخل أنقرة على الخط لإعادتها إلى سابق عهدها، لكنه غامر بالذهاب إلى دمشق وهو يعرف تماما أنه يعرض علاقاته ومصالحه مع الكثير من العواصم العربية والغربية للتدهور وللتراجع، وهنا قد تكون الخدمات التي ستقدمها حكومة أردوغان محدودة وضيقة. أردوغان وجنبلاط وهما يناقشان ملف الأزمة السورية ويبحثان عن كلمة السر في مسارها ومستقبلها سيتذكران حتما قصة الفقمة التي تم انتشالها من المحيط وهي على حافة الموت بسبب الأضرار التي خلفتها ناقلة نفط غرقت هناك، فتم صرف آلاف الدولارات على إنعاشها ومعالجتها، وما إن أعيدت إليها حريتها وحياتها الطبيعية وسط ابتهاج وفرحة الحضور حتى اقترب منها أحد الحيتان الذي صادف مروره من هناك ليلتهمها ويمضي في طريقه!

 

حضته على طلب وقف"أعمال التخريب" 

سورية تأسف لموقف "الخليجي" وتدعوه لإعادة النظر فيه

دمشق - وكالات: السياسة/أعربت سورية, أمس, عن أسفها حيال بيان دول مجلس التعاون الخليجي الذي عبرت فيه عن قلقها البالغ حيال "الاستخدام المفرط للقوة" في سورية, ورات ان على المجلس ان يدعو الى وقف "أعمال التخريب" فيها. وقال مصدر رسمي في بيان صادر عن وزارة الخارجية ان "سورية تلقت بأسف البيان الذي أصدره مجلس التعاون الخليجي", مضيفاً ان "الخروج من دوامة العنف الراهنة وصدق الرغبة في مصلحة سورية, يتطلب من الأشقاء العرب في مجلس التعاون الخليجي الدعوة لوقف أعمال التخريب وشجب العنف المسلح الذي تقوم به جماعات لا تريد للوطن السوري خيراً, ويتطلب أيضاً إعطاء الفسحة اللازمة من الوقت كي تعطي الإصلاحات المطروحة ثمارها".

وأشار المصدر الى ان "البيان تجاهل بشكل كامل المعلومات والوقائع التي تطرحها الدولة السورية سواء لجهة أعمال القتل والتخريب التي تقوم بها جماعات مسلحة تستهدف أمن الوطن وسيادته ومستقبل أبنائه أو لجهة تجاهل حزمة الإصلاحات الهامة التي أعلن عنها الرئيس بشار الأسد في خطابه".

ولفت البيان الى أن الأسد أكد في خطابه على "الأهمية القصوى للحوار الوطني باعتباره السبيل الأمثل لحل الأزمة الراهنة", مضيفاً "ان الموقف السلبي الرافض الذي أبدته المعارضة إضافة إلى استمرار أعمال القتل والتخريب التي تقوم بها جماعات مسلحة, لم يثنيا القيادة السياسية عن العمل من أجل وضع الإصلاحات التي تم الالتزام بها موضع التنفيذ وفق جدول زمني معلن ومعروف". وعبرت سورية في البيان عن املها بأن يعيد "الاشقاء العرب النظر في مواقفهم آخذين بعين الاعتبار ما تقوم به القيادة السياسية السورية من أجل تجاوز الأزمة الراهنة والسير بالبلاد في الطريق إلى تحقيق الأمن والاستقرار وتلبية مطالب الشعب السوري وحاجاته".

في المقابل, رحب المؤتمر السوري للتغيير, ببيان مجلس التعاون لدول الخليج العربية الشقيقة, مؤكداً أن "الشعب السوري الأعزل الذي ينتفض من أجل حريته المسلوبة, ويتعرض لأبشع أنواع القتل والتعذيب والحصار والتجويع والتهجير والاعتقال والإخفاء, بما في ذلك قتل الأطفال والنساء والشيوخ, يتطلع إلى أشقائه العرب للوقوف إلى جانبه, لاسيما بعدما ازدرى نظام بشار الأسد الفاقد للشرعية منذ وصوله إلى الحكم, كل المناشدات والمطالبات العربية والدولية بالتوقف عن قتل شعبه, في سياق ازدرائه للقيم الإنسانية, كما أنه لم يلق بالاً, لما نقله عدد من المسؤولين الخليجيين إليه مباشرة, من حرص على حقن دماء الشعب السوري". وفي بيان صادر عن مدير مكتبه التنفيذي عمار القربي, تلقت "السياسة" نسخة منه أمس, أشار المؤتمر إلى أن "قلق الأشقاء الخليجيين من "فرط سقوط أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى", لن ينتهي إلا بوقف الآلة الوحشية لنظام الأسد, عن طريق مواصلة الضغط عليه تمهيداً لعزله".

وكانت دول مجلس التعاون أعربت, أول من أمس, عن قلقها البالغ إزاء تدهور الأوضاع في سورية, داعية إلى الوقف الفوري لاعمال العنف واي مظاهر مسلحة, ووضع حد لاراقة الدماء واللجوء الى الحكمة, واجراء الاصلاحات الجادة والضرورية, بما يكفل حقوق الشعب ويصون كرامته, ويحقق تطلعاته".

 

أحمد الحريري: متمسكون بالمناصفة والطائف.. ومتمسكون بـ"لبنان أولاً" 

موقع 14 آذار/جدّد الأمين العام لتيار "المستقبل" أحمد الحريري التمسك بالمناصفة بين المسلمين والمسيحيين واتفاق "الطائف"، مؤكداً أننا لن نتخلى عن شعار "لبنان أولاً" الذي يعني مصالح لبنان والعيش المشترك. الحريري وجاءت خلال ندوة عقدتها الأمانة العامة لقوى "14 آذار" لمناسبة الذكرى العاشرة لـ7 آب تحت عنوان "تأكيد على الحريات ودعم الشعب السوري"، قال: "الطرف الآخر يحاول القول أن تغيير الأنظمة العربية، خصوصاً إذا حصل في سوريا، فذلك فيه خطر على الأقليات في لبنان، هذا الخطر ياتي في حال تعاطينا مع هذا التغيير على أساس أن أكثرية جديدة سوف تتشكل ما بين لبنان وسوريا". وأضاف الحريري: "من هنا نقول نحن متمسكون بالمناصفة والطائف ومتمسكون بالخطاب الذي أعلنه الرئيس سعد الحريري، أي "لبنان أولاً" الذي يعني مصالح لبنان وعيشه المشترك هو أولوية بالنسبة لنا ولن نتخلى عنه أبداً". وأشار الى أن "التحرك الذي سيقوم به عدد من المثقفين اللبنانيين (مساء الاثنين) أمام نصب الشهداء في وسط بيروت للتضامن مع الشعب السوري، أمر أساسي للتضامن فيما يتعلق بموضوع الحريات الذي لا حدود له ليس في لبنان فقط بل في آخر بلد تضطهد فيه الحريات، نستطيع الوقوف الى جانبه إنسانياً ونشارك في الدفاع عنه".

 

محاولة إغتيال اللينو للتخلص من الرجل القوي الممسك بالأرض وتحويل مخيم عين الحلوة الى ما يمكن ان يشبه مخيم نهر البارد – 2  

طارق نجم/موقع 14 آذار

لو قدر لمن حاول ان يغتال اللينو أن ينجح في مسعاه...لما انتهى الأمر بمئة قتيل". بهذه العبارة علق مصدر مقرب من حركة التحرير الوطني الفلسطيني – فتح على ما حدث من اشتباكات في مخيم عين الحلوة البارحة. وكانت هذه الاشتباكات اندلعت على خلفية احباط محاولة لإغتيال العقيد محمود عيسى (الملقب باللينو) يوم الجمعة 5 آب في احد اكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان والتي تضم ما يقارب الـ100 ألف من اللاجئين. التحقيقات الأولية وما تبعها مع المتورطين في العملية أشارت الى أنّ من يقف خلفها هي جماعة فتح الاسلام التي كانت غايتها التخلص من اللينو. وتشير مصادر مقربة من حركة فتح انّ المتورط في هذه العملية هو عماد ياسين المسؤول العسكري في تنظيم "جند الشام" والمقرب للغاية من تنظيم فتح الاسلام والذي يقال انه يتولى مسؤوليات فيها بعد مقتل عبد الرحمن عوض، قائد فتح الاسلام، في شتورة في آب من العام الماضي خلال اشتباك مع عناصر من مديرية المخابرات في الجيش اللبناني. ويعتبر المصادر عينه أن عماد ياسين كان يتحين الفرص ويحمل الضغائن لفتح التي اقتحمت منزله في أحد أحياء عين الحلوة وأحرقته. وتذكر هذه المصادر أن ما حصل كان يمكن ان يكون تكراراً لحادثة حصلت في العام 2008 وطالت عماد ياسين نفسه واثنين آخرين بينهما علي مصطفى شقيق القيادي في تنظيم "عصبة الأنصار" أبو عبيدة، حين انفجرت عبوة ناسفة في مخيم الطوارئ الواقع بين منطقة التعمير ومخيم عين الحلوة وأسفرت عن جرح المذكورين.

ولا تبدو هذه المحاولة الا ضمن سلسلة من الصراع الذي لم يتوقف في المخيم والذي اتخذ شكل اغتيالات ثأرية متبادلة بين الكفاح المسلح من جهة وبين الجماعات الإسلامية بجميع تسمياتها من جهة اخرى. فعصبة الأنصار تأسست على يد هشام الشريدي في سنة 1987 وحاولوا تطبيق الشريعة الاسلامية في عين الحلوة وفق الأسلوب الطالباني حتى مقتل الشريدي عام 1991 ليتولى امارة العصبة أحمد عبد الكريم السعدي (أبو محجن). ابو محجن اشتهر في لبنان بعد تحوله في العام 1996 الى اكبر مطلوب لديها لوقوفه وراء اغتيال الشيخ نزار الحلبي في بيروت، ولم يلق القبض عليه حتى الآن. ومن خلال انشقاقه على عصبة الانصار، انشأ عبد الله هشام الشريدي عصبة النور التي اغتالت في العام 2002 العميد أمين كايد (أحد ابرز قادة حركة فتح) والمتهم يتدبر اغتيال هشام الشريدي، ليعود عبدالله فيقتل في السنة التالية على ما يبدو بقرار من فتح. الفكر الإسلامي الجهادي اتخذ لاحقاً أشكالا متعددة منها جند الشام ومن ثم فتح الإسلام. من المآخذ التي تحملها كل من فتح الإسلام وعصبة الأنصار على فتح واللينو هي التنسيق عالي الوتيرة مع القوى الأمن اللبنانية وعلى رأسها الجيش اللبناني. وهذا بالتحديد ما دفعها الى افتعال الاشتباكات مع الكفاح المسلح عقب تسليم هذا الأخير لأحد المتورطين بالتفجير لمديرية المخابرات. بل تقول هذه المصادر أن فتح الإسلام ومن يناصرها تعتبر ان مقتل مسؤولها السابق عبد الرحمن عوض كان من خلال تعاون أمني بين اللينو ومخابرات الجيش اللبناني الذين استدرجوه الى كمين خارج المخيم. كما كان اللينو قد ابدى مرونة كبيرة في علاقته مع القوى الأمنية من خلال تسليمه عدد من المطلوبين للقضاء اللبناني واللذين التجأوا للمخيم وآخرهم تاجر مخدرات معروف باسم أبو اسكندر.

الإشارة الى نهر البارد وردت في كلام للينو في العام 2010 عقب اغتيال غاندي سحمراني (ابو رامز)احد ابرز مسؤولي التنظيم الإسلامي الشهير "جند الشام" حيث ذكر في تصريحه آنذاك أنّ هناك "مشبوهين ينفذون اجندة خارجية لزعزعة الاستقرار في عين الحلوة والذي لن يكون نهر بارد ثان".

نجا اللينو ونجا عين الحلوة لأنه وفق المصادر عينها فإن محاولة الإغتيال هي جزء من خطة تبدأ بالتخلص من اللينو، الرجل القوي الممسك بالأرض، وتحويل مخيم عين الحلوة الى ما يمكن ان يشبه مخيم نهر البارد – 2 بعد ان تسيطر على أماكن استراتيجية في المخيم وتفتح معركة مع الجيش اللبناني خصوصاً ان للإسلاميين مئات المقاتلين على الأقل في عين الحلوة. وربما كان من شأن نجاح اشعال عين الحلوة تحقيق سلسلة اهداف بعضها ذا نكهة اقليمية كتعمية الرأي العام عمّا يحدث في سوريا، والهاء اللبنانيين بأحداث تغطي على أي سيطرة لحزب الله على بعض المناطق، بالإضافة الى اشغال السلطة الفلسطينية عن تقديم طلب الحصول على عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة في أيلول القادم. 

 

فرار 4 قادة بعثيين ووضع آخرين قيد الإقامة الجبرية 

دمشق وحلب تنفجران في وجه النظم خلال أسابيع

حميد غريافي: السياسة

كشفت المعارضة السورية في بروكسل النقاب عن ان الاسابيع الاربعة المقبلة ستشهد "بدء معركتي دمشق وحلب ضد نظام بشار الاسد", وهما المعركتان اللتان "ستقلبان الامور رأسا على عقب لصالح الثورة الشعبية لأن العاصمة دمشق وعاصمة الشمال حلب هما "بيضتا القبان" في حسم الامور الداخلية ضد البعث الحاكم منذ نحو نصف قرن".

وقال احد قادة هذه المعارضة ل¯"السياسة" في اتصال به امس من لندن ان "الاستعدادات الشعبية لتفجير الانتفاضة على نطاق واسع في المدينتين قائمة على قدم وساق وبشكل حثيث وصامت, اذ ان النظام يدرك ان دخولهما المعركة ضده سيدني نهايته, لذلك حشد معظم قواه العسكرية والامنية القمعية بدباباتها ومدافعها ومروحياتها مع عدم استبعاد استخدام المقاتلات الجوية للمرة الاولى فيهما ضد المتظاهرين لمنع تحول هاتين المدينتين الاكثر كثافة سكانية في سورية الى حماة ودير الزور ودرعا والرستن وجسر الشغور اخرى, خصوصا ان المؤسسات الحساسة التابعة لدولة البعث مثل رئاسات الجمهورية والحكومة ومجلس النواب ووزارات الدفاع والداخلية والخارجية وقيادات الاستخبارات والجيش والشرطة والامن الداخلي, كلها في العاصمة, وسيكون الدفاع عنها وحمايتها من المتظاهرين الغاضبين امرا مكلفا للدولة والثوار على حد سواء".

وقال قيادي المعارضة السورية في العاصمة البلجيكية ان الايرانيين "تمكنوا خلال الاسبوع الاسبق من ايصال شحنتين جويتين من الاسلحة الى كل من نظام الاسد و"حزب الله" في لبنان تحتويان على كميات ضخمة من المعدات المخصصة لقتال الشوارع واسلحة وذخائر للقناصة, فيما تضمنت الشحنة الى "حزب الله" آلاف الالغام الارضية المطلاة باليورانيوم النافد, وهي ألغام شديدة الفاعلية استخدمها مقاتلو الحزب ضد الآليات الاسرائيلية في حرب 2006 وكانت ناجعة جدا".

وطالب القيادي مجلس الامن الدولي بفرض حظر جوي على نظام البعث في دمشق "لمنع طائراته ومقاتلاته في المرحلة اللاحقة من التحليق لدك المدن والمناطق الثائرة, والشحنات الجوية الايرانية والروسية من نقل الاسلحة المحظور ارسالها الى سورية بموجب العقوبات الاوروبية والاميركية على نظام الاسد".

وقال ان اوروبا والولايات المتحدة "حذرت الحكومة السورية من استخدام سلاح الجو او الصواريخ في معركة التصدي للثوار والتظاهرات السلمية, وهما السلاحان الوحيدان اللذان لم يستخدما بعد في الشوارع الثائرة, وان النظام تجاوب حتى الآن مع هذه التحذيرات خوفا من ان يؤدي استخدام سلاح الجو الى اتفاق دولي له ما يبرره على فرض حظر على الطيران فوق سورية كما هي الحال في ليبيا التي ادت الى حرب دولية عليها, الا ان احدا لا يثق بهذا النظام".

وكشفت اوساط معارضة سورية اخرى ل¯"السياسة" في باريس النقاب امس عن ان اجهزة الامن السورية "وضعت عددا من رجال الصفين الاول والثاني في "حزب البعث" في اقامات جبرية داخل منازلهم في دمشق وبعض المدن الاخرى, كما قامت باعتقال معظم نواب مجلس الشعب الذين قدموا استقالاتهم من الحزب خلال شهري ابريل ومايو الماضيين احتجاجا على استخدام الدبابات والاسلحة الرشاشة المتوسطة واسلحة القنص ضد المتظاهرين السلميين, وان عددا ما بين 6 و10 من هؤلاء المستقيلين اختفوا ولا احد يعلم مكان وجودهم".

واكدت الاوسط "ان اربعة مسؤولين كبارا في حزب البعث في مجلس النواب والامن القومي ووزارة الداخلية غادروا البلاد سرا خلال الشهرين الماضيين تباعا الى دبي وفنزويلا والارجنتين, حيث كانت عائلاتهم سبقتهم الى الخروج من البلاد, وان الاستخبارات الغربية تعلم بوجود هؤلاء الاربعة في تلك الدول".

وتوقعت الاوساط السورية في باريس ان "تنفجر الاوضاع العسكرية على الحدود السورية - التركية خلال اسبوعين او ثلاثة بعدما اكتشفت الاستخبارات التركية ان مدير الاستخبارات العسكرية في دمشق اللواء علي مملوك استدعى وفدا من "حزب العمال الكردستاني" التابع لعبدالله اوجلان المعتقل في تركيا والذي كان حافظ الاسد سلمه الى الاتراك في التسعينات, في محاولة لتنسيق عمليات عسكرية كردية داخل الحدود التركية, وحتى داخل المدن الكبرى مثل انقرة واسطنبول, كما علم اردوغان ان المعارك العسكرية التي دارت في جنوب غرب تركيا خلال يونيو الماضي بين عناصر هذا الحزب الكردي الماركسي وفرقة من القوات العسكرية التركية وادت الى مقتل عدد من الضباط والجنود الاتراك, انما كانت مدفوعة من الاستخبارات السورية لهز العصا للحكومة التركية بسبب مواقفها المنددة بتصرفات الاسد وطاقمه القمعي".

 

نظرية المؤامرة لدى بشار الأسد!

عطاء الله مهاجراني/الشرق الأوسط

وجه الرئيس بشار الأسد خطابا إلى القوات المسلحة نشر في مجلة «الجيش الشعبي» الأحد الموافق 31 يوليو (تموز) بمناسبة الذكرى الـ66 لبناء الجيش العربي السوري، قال فيه: «إذا كان قدر سوريا أن تكون في موقع القلب لهذه المنطقة الجيوستراتيجية من العالم فإن إرادة أبنائها تأبى إلا أن تكون قلب الأمة النابض بكل مقومات العزة والسيادة والكرامة والإباء.. وإننا على يقين تام بأن تمسكنا بثوابتنا الوطنية والقومية يزيد حقد الأعداء علينا.. لكننا في الوقت ذاته على ثقة مطلقة بأننا قادرون بوعي شعبنا وبوحدتنا الوطنية أن نسقط هذا الفصل الجديد من المؤامرة التي نسجت خيوطها بدقة وإحكام بهدف تفتيت سوريا تمهيدا لتفتيت المنطقة برمتها إلى دويلات متناحرة تتسابق لكسب رضا من عملوا على تفتيتها.. وقد فات أولئك أن لسوريا خصوصيتها الذاتية العصية على كل المؤامرات والمتآمرين».

وعندما قرأت كلمات بشار وجدت أن نظرية المؤامرة شكلت قاعدة وهيكل رسالته. بناء على اعتقاده وتفسيره الغريب، فإن سوريا تمثل قلب الإقليم الشرقي، ويرغب جميع الأعداء في الإطاحة بالنظام. وتبعا للنظرية التي يعتنقها بشار وحاشيته، فإن هناك علاقة تشابه بين بشار وسوريا، حيث تقع سوريا بقلب المنطقة، بينما يمثل بشار قلب سوريا. الله، سوريا، بشار وبس! وعليه، صدر تصريح للجيش وقوات الأمن بعمل أي شيء بمقدوره دعم بشار، بما في ذلك إلقاء جثث المتظاهرين في نهر العاصي.

على الجانب الآخر، تدعي وكالة أنباء «سانا» أن المعارضة تلقي جثث أفراد القوات العسكرية والأمنية في النهر.

في كل مرة زرت فيها حماه، اعتدت السير على امتداد النهر والنظر إلى النواعير، التي تعد رمزا للحياة. الآن، عندما أتذكر نهر العاصي، أجد أنه تحول إلى رمز لأجساد الشهداء. من ناحيتها، عمد أفراد قوات الأمن لإلقاء الجثث في النهر من فوق الجسر بينما يصيحون: «الله أكبر»! والواضح أن هذا هو الحل النهائي الذي خلصوا إليه: قتل الناس وقذفهم في النهر.

وتحمل المأساة بعدا آخر، فبينما يعتقد الفريق بشار، وهو لقب كثر استخدامه خلال هذه الأيام الحرجة في سوريا، أنه قلب سوريا، يرى الدكتور الشيخ رمضان البوطي أن نظام بشار يكافئ الإسلام!

ويشبه هذا ادعاء رمسيس الثاني:

«وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ» (غافر: 26).

بعد أكثر من 3000 عام بعد موسى وفرعون، رمسيس الثاني، يستخدم الدكتور البوطي نفس الكلمات في وصف الحكومة وعلاقتها بالدين. في كتابه «أبا العلاء.. ضجر الركب من عناء الطريق» يقول عبد العزيز التويجري لأبو العلاء المعري: «اليوم هو اليوم الذي إذا قبض فيه الإنسان على دينه فهو قابض على جمر» (ص 10).

ويعد خطاب البوطي نموذجا ملائما للغاية، فهو يبرر قتل الناس وتدمير منازلهم وإلقاء القبض على أطفالهم وتعذيبهم، مثلما حدث مع حمزة الخطيب، بل والأسوأ من ذلك كله ادعاؤه أن نظام سوريا هو أيقونة الإسلام. وقال الدكتور البوطي: «بعد أن حاورت بعض هؤلاء الذين يطالبون بإسقاط النظام.. أنتم لا تطالبون بإسقاط النظام إنما بإسقاط الإسلام، وإن ما تفعلونه ليس إلا تحقيقا لأمر صدر من الخارج ومن (برنار ليفي) الصهيوني».

هذا أمر واضح للغاية دكتور البوطي! إن النظام الإسرائيلي لم يتبع هذا النهج تجاه الشعب الإسرائيلي من قبل قط، فهو لم يقتل يهوديا واحدا، وإنما يقتل الفلسطينيين، ولا يدمر منازل اليهود، وإنما منازل الفلسطينيين. إن الجيش الإسرائيلي يقتل الفلسطينيين ويدمر منازلهم، لكنه لا يفعل ذلك مع اليهود. في المقابل، نجد أن جيش بشار وقواته الأمنية تقتل السوريين. وكان فرعون يستغل السحرة في تبرير جرائمه ضد بني إسرائيل. اليوم، يلعب البوطي دور الساحر بالنسبة إلى بشار.

في أغلب الوقت نسأل أنفسنا لماذا لا يبدي الجيل الجديد أدنى اهتمام برجال الدين التابعين للحكومة، وهذا سبب واضح، فإن الدكتور علي جمعة في مصر والدكتور البوطي في سوريا تتمثل مهمتهما الرئيسية في تبرير جرائم حكومتيهما ضد الإنسانية.

ومن قبل، كان فرعون يعتقد أنه قلب أو العماد الرئيسي للدين. ومثلما شرح الطبطبائي في كتابه «الميزان في تفسير القرآن»، فإنه: «وقوله: (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) تعليل لما عزم عليه من القتل وقد ذكر أنه يخافه عليهم من جهة دينهم ومن جهة دنياهم، أما من جهة دينهم - وهو عبادة الأصنام - فأن يبدله ويضع موضعه عبادة الله وحده، وأما من جهة دنياهم فكأن يعظم أمره ويتقوى جانبه ويكثر متبعوه فيتظاهرون بالتمرد والمخالفة فيؤول الأمر إلى المشاجرة والقتال وانسلاب الأمن».

وينتقد الدكتور البوطي المتظاهرين لأنهم لم يصلوا! في المقابل، ردت عليه المعارضة السورية بنشر مقطع مصور عبر «يوتيوب» يظهر فيه بشار ووزراؤه وهم يصلون وقد بدا على بعضهم عدم معرفته بكيفية أداء الصلاة! والجميع يعلم أن المساجد تشكل النقاط الرئيسية لاندلاع المظاهرات ضد بشار، وتعد صلاة الجمعة السلاح الأقوى.

في خطاب ألقاه بجامعة دمشق في ندوة حوارية حول: «الإصلاح.. رؤية سياسية دينية قانونية»، استشهد البوطي بحديث منسوب للرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: «قال رسول الله صلوات الله عليه: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قال: قلت كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال تسمع وتطيع للأمير، وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع».

من الواضح للغاية أن هذا الحديث يتعارض كلية مع الكثير من الآيات القرآنية، بل في الواقع إنه يتعارض مع جوهر القرآن. والمذهل أن الشوكاني في «نيل الأوطار» عندما يشرح هذا الحديث، يبدي إدراكه بأن الحديث متناقض تماما مع القرآن، ويقول: «فيكون هذا (الحديث) مخصصا لعموم قوله تعالى (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم). وقوله: (جزاء سيئة سيئة مثلها)». ومن الواضح أيضا أن معيار حكمنا الرئيسي هو القرآن، وليس الحديث، والعدل هو معيار حكمنا، وليس الظلم. وينبغي أن تكون جميع الأحاديث متوافقة مع القرآن، أو على الأقل لا تتعارض معه. أعتقد أن مبارك بعث هذه الأيام برسالة قوية للغاية لبشار والقذافي وشيوخ الإفتاء الحكوميين. إن الرسالة قوية وواضحة ومفادها: مبارك ليس قلب مصر، ولا أيقونة الإسلام!

 

سوريا.. فشل التدخل الخارجي وعقم الحياد السلبي

عبد العزيز بن عثمان بن صقر/الشرق الأوسط

العلاقات بين النظام السوري ومعظم دول مجلس التعاون الخليجي إن لم تكن مثالية أو يسودها الود والثقة في عمومها، خاصة خلال الخمسين عاما الأخيرة، فإنها لم تصل إلى حد العداء أو الكراهية، ولا توجد أدلة على أن دول الخليج هددت استقرار سوريا، على الرغم من الخلافات في وجهات النظر حول المواقف السياسية، في أي وقت مضى، بل كانت العلاقات بين الطرفين في مجملها إيجابية تعكس أواصر القربى والمصاهرة والمصير المشترك، وغير ذلك، وظل المصطلح السياسي الشهير (مثلث الرياض، القاهرة، ودمشق) يجسد أهمية الدول الثلاث في صناعة القرار العربي الجماعي، ويضع دمشق عل قاعدة متساوية في مثلث صناعة القرار العربي، مما يعكس أهمية دور سوريا في السياسة العربية حتى في الحقب العربية التي شهدت تباعدا بين وجهات النظر، منذ منتصف سبعينات القرن الميلادي الماضي، وإن كانت الرياض قد اضطلعت بدور كبير في تحقيق الوفاق بين دمشق والقاهرة بعد فترة القطيعة التي أعقبت معاهدة كامب ديفيد.

مع ذلك شهدت السنوات الأخيرة أزمات مكتومة بين العواصم الثلاث؛ جراء الاختلاف في التكتيك السياسي، حيث كانت توجهات سوريا خلال العقد الأخير جعلت دمشق تبدو وكأنها تريد الابتعاد عن الإجماع العربي، الذي كان سائدا في عهد الرئيس الأسد الأب، فقد دخلت سوريا في تحالف مع إيران وحزب الله اللبناني، مما سبب قلقا للدول العربية الأخرى، وتنامى هذا القلق بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، رفيق الحريري، وما ترتب على ذلك من عدم استقرار لبنان حتى الآن، وتزامن ذلك مع احتلال القوات الأميركية للعراق، واختلال موازين القوى في المنطقة العربية، وإعلان طهران صراحة عن محاولات لتمدد نفوذها وتقديم نفسها على أنها اللاعب الإقليمي الرئيسي، بموافقة ومباركة من دمشق.

منذ بداية الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد اعتمدت الدول الخليجية سياسة الاعتراف بنظام الأسد، ولم تبد تأييدا أو حتى تعاطفا مع المظاهرات الشعبية منذ أن اندلعت في درعا وحتى الآن، وهذا الموقف لم تكن تتوقعه دمشق ذاتها، فقد كانت لديها هواجس من احتمال استغلال دول الخليج الفرصة وتوفير الدعم والتأييد لثورة الشعب السوري، ومن ثم الإسهام في إسقاط النظام.

الحياد الخليجي الذي أثار دهشة النظام السوري، لم تستحسنه أطراف أخرى في دمشق، وأرادت أن تشكك في هذا الحياد من بوابة الإعلام؛ حيث أثارت هذه الأطراف مسألة بث وتغطية المحطات الفضائية العربية المحسوبة على بعض دول الخليج، أخبار المظاهرات السورية، كدليل على تخلي بعض دول الخليج عن حيادها تجاه الأزمة السورية، مع أن الحقيقة تكمن في أن هذه التغطية الإعلامية لا تعكس الموقف السياسي الخليجي، بل هو منافسة إعلامية حامية الوطيس في تغطية الأحداث العالمية، وهذا ما حدث حيال الاحتجاجات في تونس، مصر، واليمن، وحتى في سلطنة عمان ومملكة البحرين. إذن ليس من الحكمة تفسير جهود هذه الفضائيات في تغطية تطورات في سوريا بالخروج عن سياسة الحياد الخليجية.

ثورة الغضب الشعبي في سوريا تتصاعد، وتشهد انتشارا جغرافيا واسعا يشمل عموم البلاد مع زيادة عدد المشاركين والمستعدين للتضحية، وسقوط عشرات الضحايا يوميا، ونظام الرئيس الأسد يكافح للبقاء، ويعمل جاهدا على الاحتفاظ بشرعيته التي يشكك الغرب فيها حاليا، كما أنه يخشى أن يتمكن من البقاء بالقمع وسط مجابهة شعبية تفقده مصداقيته، وتزيد من عزلته العالمية والعربية.

المؤكد أنه لا توجد قوة على الأرض قادرة على حماية أي نظام من غضب شعبه، كما أن استخدام العنف المفرط لن ينقذ أي نظام، بل يسهل سقوطه، وفي حالة الوضع في سوريا، فإن الدعم الإيراني وتأييد حزب الله للنظام في دمشق، لن يكون وصفة ناجعة لإنقاذه إذا رفضه شعبه من الداخل، بل سيكون وسيلة لزيادة كراهيته ورفضه والإصرار على مجابهته وإسقاطه، والموقف العربي والدولي المتعاطف أو المتساهل مع النظام لن يجدي في انتشال هذا النظام من موجات الغضب الشعبي، إذا استمرت طويلا. مستقبل سوريا يحدده فقط السوريون شعبا وحكومة، وعلى النظام السوري - إن أراد البقاء في السلطة - أن يوقف المواجهات الدامية، وأن ينفذ الإصلاحات دون تأخير أو إبطاء، وأن تكون الإصلاحات نابعة من الداخل ووفق الاحتياجات الشعبية، دون إملاءات خارجية داعمة للنظام، فأي تدخل خارجي، مهما كان مصدره وتوجهاته، سوف يكون خاسرا، بل سيأتي بنتائج عكسية؛ لأن تدفق المعلومات والبث المباشر للاحتجاجات في المدن السورية لن تسمح بالتمويه أو التضليل، كما أن الحلول الأمنية لن تجدي نفعا في إنهاء المظاهرات، وعلى النظام السوري التخلي فورا عن الحل الأمني الذي يفقده التعاطف الخارجي، ويزيد من رد الفعل الشعبي المناهض له.

على المجتمع الدولي، بما في ذلك الدول العربية، ومن بينها دول الخليج، أن تتخلى عن سياسة الحياد السلبي، وألا تقف في مقاعد المتفرجين أمام مأساة إنسانية يتساقط خلالها، وبشكل يومي، عشرات الأبرياء، فلم تعد التصريحات الدولية أو المراهنات على التسوية السريعة بين النظام وشعبه مجدية، وعلى القوى المعتدلة في المنطقة والعالم أن تنصح النظام السوري بضرورة حل الأزمة بوسائل سلمية سريعة؛ لضمان تداول السلطة وإيجاد تعددية حقيقية لاستيعاب كل الأطياف السياسية، في إطار دولة مدنية تضمن العيش بأمان للجميع، عبر انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة في أسرع وقت ممكن، أو إيجاد صيغة مقبولة لتخلي النظام طواعية عن الحكم، خاصة أن العودة إلى ما كانت عليه سوريا قبل اندلاع الاحتجاجات ضرب من المستحيل.

*رئيس مركز الخليج للأبحاث

 

كنس نظام البعث السوري مهمة مقدسة لا تحتمل التأجيل

 داود البصري/السياسة

مع تصاعد نزيف الدم الشعبي السوري وقرار النظام الفاشل المهزوم بإعتماد أسلوب الإرهاب الشامل و المجازر البشرية لكسر إرادة الثوار السوريين يبدو واضحا وجليا للجميع بأن المعركة في سورية قد تعدت بكثير أي أسلوب للحل يستند الى الحوار و التفاهم و الوصول الى مساحات وقناعات مشتركة تجنب الشعب و النظام مصيرا أسودا مجللا بالدم و الدموع و الآلام , النظام السوري قد حسم خياراته بالكامل وقرر انتهاج أسلوبه الموروث و المتعارف وهو القتل الشامل, وهو كما نعلم سلاح ذو حدين و لا يهرب من نيرانه و تشظياته أي طرف مهما علت و تصاعدت ترسانته العسكرية و الأمنية, النظام المجرم يمتهن القتل والشعب قد قرر المواجهة و الحسم بفدائية منقطعة النظير تؤشر الى حجم المعاناة الشعبية والى درجة الإيمان القطعية بضرورة رحيل الفاشية البعثية و إندثارها إلى الأبد من روابي الشام والعالم العربي أيضا.

 لقد أثبت حزب البعث السوري بأنه مجرد قطعة بالية و متسخة يستعملها النظام كغطاء آيديولوجي لشرعيته المفقودة , وقادة حزب البعث السوري قد ارتضوا لنفوسهم المريضة أن يكونوا مجرد صبيان في بلاط نظام يدين بالولاء الفكري و المنهجي لنظام الولي الفقيه الإرهابي في إيران , وتهاوت آيديولوجية حزب البعث القومية لتكون مجرد حصان طروادة لغزو الفكر والسياسة الصفوية المتخلفة والمريضة للعالم العربي.

 لقد أنهى بعثيو الشام وجودهم بفضائحية و تهاو و سقوط فكري مريع وأثبتوا بأنهم خارج سياق الصراع المرير و المصيري بين الشعب و الطغمة الفاشية الطائفية الحاكمة التي تمارس الإجرام بسادية رهيبة وهي تتلفع بأردية وشعارات الممانعة و الصمود و التصدي المثيرة لكل معاني السخرية , لم يعد لقوس الصبر الشعبي السوري من منزع وباتت الحقائق والمصائر أيضا واضحة وجلية وتؤشر الى اقتراب ساعة الحسم , قد يرتكب النظام المجرم جرائم وحماقات كثيرة جديدة , وقد يكرر سيناريوهات الإبادة الشاملة في حماة وحمص ودير الزور ,وحتى في دمشق الخالدة, إلا أنه يرسم بذلك خط النهاية لوجوده ومصيره, فكل الشعب بات يطالب اليوم برأس الإرهاب ومحاكمة المجرمين والقتلة وكل الأحرار في العالم يتنادون في وقفة إنسانية مشتركة لإنهاء وكنس الإرهاب نهائيا من أرض الشام , وكل محاولات اللصق والترقيع وقرارات الانتخاب أوالصحافة المزعومة أوتكوين وإنشاء الأحزاب الرديفة مجرد محاولات يائسة في الوقت الضائع لمحاولة التعويم, فقرار الشعب القاطع والمبرم قد صدر والدم السوري الحر يستصرخ الثأر , فدماء الشهداء تظل أبد الدهر عن الثأر تستفهم , سيقتل النظام الآلاف من الأحرار ولكن الملايين الأخرى ستأخد بثأرهم وستفضح القتلة وتجرجرهم لمحاكم الشعب. كنس نظام القتلة والمجرمين البعثيين الطائفيين باتت مهمة مقدسة لا تحتمل التأجيل , وليفرح الأحرار بنصره ولتشفى صدور قوم مؤمنين.

* كاتب عراقي

 

شبيحة بيروت وأشباح الوصاية

طوني ابو روحانا - بيروت اوبزرفر

حتى في عز تلك الأيام السوداء التي مرت بلبنان، وفي قلب موجة القمع التي فردت شرايينها على شوارعه وأبنائه فضخت مع الدماء اعتقالات وسجون ، كانت الحرية تصرخ من أعماق أعماق النبض اللبناني ، وكان الأحرار مع كل فجر يرتدون ملامح الشهداء ليفيضوا في الساحات سيول مواجهة و تحد ، سماء بيروت بكت“ طقطقة ” العظام و طحنها خلف جدران ( البوريفاج)، وتألمت صخور البقاع من الذل في عنجر، ما أسكتتنا“ دواليبهم” ولا أرهبتنا سرايا أمنهم، ما اهتز لنا جفن ولا ارتجف فينا عرق ، قاتلنا حتى الإستشهاد، قاتلنا حتى الحرية ، حتى في عز سطوة النظام“ البوليسي ” المشترك ، أيام سلطة التنصت والمراقبة والملاحقة ، في زمن هيمنة الخطف والتعذيب والتنكيل والقتل، ما صمت الحق فينا ولا ساوم ولا تنازل ، ما رحلتنا التهديدات ولا هجرتنا خفافيش الليل ، ما هاجرنا في عواصم الأرض ولا تغربنا عن وطن، صمدنا هنا ولم نخرج الى أصقاع“ الديموقراطية”، لم نهرب إليها ولا استنجدنا بعسكرها ، جاورنا الموت وما سألنا ، حاورناه و منه اختبرنا طعم الحياة في وقفات الرجال

في عز جبروت المخبرين و تسلط الأزلام و تحكم الصغار ، صغار النفوس و الضمائر المخفضة الأسعار، في زمن التفاهة و السفاهة و قلة الناموس ، زمن الوصاية و الوشاية والمؤامرة ، في عز تلك الأيام السوداء التي بدلت معالم الأحياء والوجوه و الوفاء ، تلك الأيام التي غيرت في القاموس لهجة و لغة و مفردات ، فاغتالت في البعض كرامتهم واغتالت الجسد في كرامة الشجعان ، حتى في عز تلك الأيام الفاجرة، ما خضعنا ولا ركعنا ولا انحنينا، ما سلمنا ولا استسلمنا، قاتلنا حتى السيادة، قاتلنا حتى استعادة الإستقلال ، في ذلك الزمن الرديء الموبوء بجراثيم الحقد و الكراهية و التعديات، زمن انهيار القيم و المبادئ و الثوابت والمقدسات، زمن سقوط المحرمات على أعتاب المجون والزحف والإنبطاح ، حتى في عز ذلك الزمن الفاسد ، ما سقطنا في هول التجارب ولا رشتنا فضة الهياكل ولا تعلمنا من يهوذا أسرار الخيانة، حتى في عز الغروب كنا شمسا أشرقت شرفا وعنفوانا و تاريخ مجد تحفظه الأجيال ، في عز الرماد كنا نارا ألهبت الخوف جرأة و أشعلت سلام المنتصرين على أنقاض الحروب

 عد عز الإحتلال وهزيمة الرحيل، بعد خروج جحافل الجيوش وأرتال الدبابات ، بعد انكسار معادلة الجحور والخلايا ، وبعد الوداع المألوم والآمال الخائبة ، عادت ثقافة الإنحطاط والتبعية والإستزلام لتحتل شغور سلطة الوصي بهيمنة التهديد والوعيد والسلاح ، بأشلاء دولة وحكومة لا تحكم، بهيبة مفقودة وافتقاد للشرعية، عادت ثقافة الإنحدار والغدر والتربص والكيدية ، بوزراء ونواب ومدراء عامين وأشباح وصاية من زمن جحيمها وسمومها، بشبيحة محليين ومستوردين على طراز نظامها الغابر، عاد النظام وعادوا معه، مع فارق بسيط، هو هناك في الشام و سفارته هنا، لاحاجة الى سلوك الطريق العسكرية يوميا، ولا حاجة الى زيارات الإسترضاء إلا عند استغفار الذنوب و في الضرورات القصوى، هو يملي الأوامر وما عليهم سوى التنفيذ ، لا كعك ولا خردوات ولا جسور، عادت لعبة الخوف الى الزواريب والأزقة، عادت الحريات الى دائرة الخطر وعاد الصراع الى بداياته، عادوا يحاولون استباق الضربة القاضية، ولكن .. صافرة النهاية على وشك أن تعلن المصير المحتوم

 

الشيخ خالد الخلف لـ«الشرق الأوسط»: خامنئي والأسد ونصر الله يصدرون أوامر القتل في سوريا

ناشد الأمم المتحدة حماية السوريين.. أو السماح بتسليحهم

بيروت: «الشرق الأوسط»

ناشد الشيخ خالد الخلف، أحد أكبر زعماء القبائل العربية، وأكبر أفخاذ قبيلة السادة البكارة، ورئيس المجلس الإقليمي لمناهضة التعذيب ودعم الحريات وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط، الأمم المتحدة التدخل لحماية السوريين من بطش النظام، داعيا إلى إقامة منطقة حظر جوي والسماح بتسليح المعارضة لمواجهة النظام.

وقال الخلف لـ«الشرق الأوسط» إن أربعة هم من يتخذون القرار في سوريا ويأمرون بقتل المتظاهرين العزل، وهم «(مرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي) خامنئي، و(الرئيس السوري) بشار الأسد، و(شقيقه) ماهر الأسد، و(الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد) حسن نصر الله»، متوعدا النظام السوري بأنه «لن يخرج من دير الزور سالما، فالمدينة لها طابع عشائري، فإذا قتل شخص واحد، فسيبقى الثأر مائة سنة». وفي ما يلي نص الحوار:

* ما الذي دفع أهالي دير الزور للمشاركة بهذا الزخم في الانتفاضة السورية، لتكون المدينة هي الثالثة بعد درعا واللاذقية التي ينزل سكانها إلى الشارع ويهتفون ضد نظام الحكم؟

- المدينة تعاني مثل بقية المدن السورية، من التهميش والظلم الاقتصادي، وتنتشر بين صفوف شبابها البطالة والفقر، إلا أن السبب الرئيسي الذي دفع الناس في المدينة للنزول في المظاهرات المعارضة, والمناداة بسقوط النظام الأسدي هو امتهان الكرامات والذل الذي عانى منه الشعب السوري طوال سنوات حكم آل الأسد، مما استدعى فزعة شباب دير الزور لنيل حقوقهم المغتصبة ونصرة أهلهم في درعا وحماه وحمص وتلكلخ وتلبيسة. خاصة أن قبائل الدير تتوزع على حمص وتلكلخ وحماه وريف دمشق، كما أن أهالي الدير لم يصمتوا يوما عن استلاب حقوقهم، لكنهم كانوا ينتظرون اللحظة الحاسمة. طوال أربعين عاما لم يستطيع نظام البعث أن يروضنا أو ينتقص من سوريتنا وعروبتنا، وأبلغ دليل على ذلك عدم وجود مخبرين في المدينة، بنيتنا العشائرية التي تقوم على القيم العربية الأصيلة تغلبت على التلوث الآيديولوجي، الذي اتبعه هذا النظام المجرم.

* هل سيتحول الوضع في دير الزور إلى ما يشبه درعا وحماه وحمص وريف دمشق؟

- الدير تحولت إلى درعا أخرى، منذ الصباح، حيث اقتحمت الدبابات السورية المدينة من الجهات الأربع، وقتلت، بقصفها العشوائي، الكثير من السكان المدنيين، كما انتشرت عصابات الأمن والشبيحة في أكثر من حي، لتقتل وتنتهك كرامات الناس، لكن النظام السوري لن يخرج من دير الزور سالما، فالمدينة لها طابع عشائري؛ فإذا قتل شخص واحد، فسيبقى الثأر مائة سنة.

* ما رأيك في اتهام النظام السوري الانتفاضة السورية بأنها عبارة عن مجموعات سلفية تريد إنشاء إمارات إسلامية؟

- لدينا في دير الزور كثير من العائلات المسيحية، نتعايش معهم ونحترم طقوسهم وكنائسهم وعاداتهم منذ عشرات السنوات، نحنا متمسكون بديننا، نعم، لكننا لا نريد أن نفرضه على أحد. كل إنسان حر في الطريقة التي يعبد بها ربه. هذه الحقيقة يؤمن بها جميع السوريين، لكن النظام السوري يحاول كل مرة أن يختلق فبركات جديدة يطلقها على المتظاهرين ليبرر قتلهم والتنكيل بهم. مرة يطلق عليهم سلفيين ومرة عملاء الغرب ومرة عصابات مسلحة والجميع يعلم أن آل الأسد هم العصابة الوحيدة التي ترتهن للغرب وتنفذ أوامره.

* من أخذ القرار باقتحام دير الزور؟ ومن يأخذ القرار في سوريا في هذا الوقت تحديدا؟

- أربعة هم من يتخذون القرار في سوريا ويأمرون بقتل المتظاهرين العزل؛ الخامنئي، بشار الأسد، ماهر الأسد، حسن نصر الله.

* أنت ترى إذن أن إيران وحزب الله شركاء في قمع الشعب السوري وقتل أبنائه؟

- هذا شيء مؤكد، لدينا مقاطع فيديو تظهر ضباطا وجنودا سوريين يشيرون إلى قيام عناصر من الحزب وأعضاء من الحرس الثوري الإيراني بالقيام بأعمال قمع واضطهاد بحق الشعب السوري.

* كيف تنظر إلى الموقف العربي حيال ما يحدث من مجازر في سوريا؟

- هو مخيب للآمال، لم يكن يتوقع الشعب السوري، وهو امتداد للبنان والعراق قطر والإمارات والكويت والسعودية، هذا التخاذل العربي، ووصل الأمر ببعض الدول إلى مد هذا النظام، بملايين الدولارات ليقتلنا بها. لا يوجد تفسير واضح لهذا التخاذل بعد كل ما حدث، إذا كانوا يعتقدون أنهم بهذا الموقف لا يستفزون إيران ويتقون شرها باعتبار النظام السوري حليفها، فعليهم أن يعرفوا أننا نمثل كسوريين خط الدفاع الأول عن عروبتهم وإسلامهم وإنسانيتهم بوجه إيران. إذ تمكنوا من التغلب على الشعب السوري، وسيأتي دور هذه الدول، وهذا نسمعه يوميا في الإعلام عبر تهديدات من جهات إيرانية كثيرة ضد الدول العربية والخليجية.

* ما تعليقك على مقطع الفيديو الذي عرضه التلفزيون السوري، وقال إنه لشبان من دير الزور يقومون بتقطيع جسد أحد الشبيحة؟

- هذا الكلام غير صحيح، نحن بدو لدينا قيم وعادات، فحتى لو افترضنا أن شبانا من المدينة قد قتلوا كما قال التلفزيون الرسمي واحدا من عصابات الشبيحة. لا يمكن أن يقدموا على تقطيعه وذبحه، هذا ليس من تقاليدنا، نحن لسنا حاقدين، مثل رجال الأمن، الذين عمدوا إلى ذبح إبراهيم قاشوش وحمزة وهاجر الخطيب. هم عندهم فيديو واحد ومفبرك وكاذب، نحن نملك ألف فيديو يوضحون بالدليل القاطع أنهم مجرمون.

* ألا تخشى من خطر التسلح على الانتفاضة السورية؟

- كان لدي عدة «ظهورات» على وسائل الإعلام، طالبت فيها الأمم المتحدة بحماية المتظاهرين والمدنين العزل في سوريا. على عكس بقية أطراف المعارضة التي ترفض تدخلا خارجيا في سوريا، فالأمم المتحدة إما أن تحمينا، أو تسمح لنا بالتسلح لحماية أنفسنا. نحن نخضع منذ بداية الثورة السورية للقانون الدولي. وفي حال تسلحنا، سنكون تحت سقف وراية الجيش السوري الحر، بقيادة الضباط الذين رفضوا إطلاق النار على المتظاهرين، حتى لا يحصل انفلات في موضوع السلاح والتسلح.

* تصاعد الموقف الدولي في الآونة الأخيرة، أوروبيا وأميركيا وروسيا، هل من الممكن أن يغير شيئا في المعادلة؟

- هذه الضغوط الكلامية على النظام السوري تمنحه المزيد من الوقت لقتل المتظاهرين، وتفتح شراهته اتجاه المزيد من الدماء. نحن نريد من تركيا وأوروبا وأميركا تدخلا فوريا، وفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا، وقصف مطارات وطائرات ودبابات النظام التي يقتل بها المدنين العزل، الذين يقع ذنب قتلهم ودمهم في رقاب جميع الأحرار في العالم. فليدخلوا لإنقاذنا. نحن ليس لدينا مسلحون. جاء السفير الأميركي إلى حماه ورأى ذلك بعينه.

* ألا تتخوف من انزلاق الوضع في سوريا إلى حرب أهلية بين السنة والعلويين؟

- لم يستطع النظام السوري تجييش الطائفة العلوية كلها، إنما جيّش نسبة مئوية منها. أعتقد أن وعي الشباب من كل الطوائف أبطل مفعول خطة النظام الجهنمية والطائفية، التي حاول جاهدا إشعالها لتحفظ له الكرسي، لكنه فشل.

* أنت ناشط في مجال حقوق الإنسان، ما تقييمك لوضع حقوق الإنسان في سوريا؟

- الوضع جدا تعيس، هناك مجازر ضد الإنسانية ترتكب يوميا بحق السوريين، ما يحصل في سوريا يشبه الهولوكوست، المحارق ضد اليهود. الشعب السوري يحرق على يد بشار الأسد وعصاباته المجرمة.

* ما مستقبل الانتفاضة السورية؟

- كما قال الشهيد عمر المختار: «نحن قوم لا نستسلم؛ ننتصر أو نموت».. يعني 23 مليون سوري مشاريع شهداء؛ مسيحيين، دروز، سنة، علويين جميعا ضد هذا النظام المجرم.

 

سوريا.. علامَ يراهن أصحاب الخيار الأمني؟ 

أكرم البني/الجزيرة.نت

رغم مرور قرابة خمسة أشهر على بدء الاحتجاجات الشعبية في سوريا، لا يزال المشهد يتكرر: قوات أمنية ووحدات عسكرية تنتشر في معظم مناطق البلاد، تحاصر بعضها وتكثف وجودها في الأماكن الأكثر نشاطا وزخما، تستخدم مختلف أدوات القوة والعنف ضد جموع مسالمة من المحتجين، يخرج بعضهم يوميا وغالبيتها أيام الجمع.

يخرج هؤلاء في مظاهرات تختلف في أحجامها وأشكالها، تمتد من مدينة إلى مدينة ومن منطقة إلى أخرى، وتتعرض للقمع والتنكيل ولإطلاق الرصاص والغازات المسيلة للدموع، وتتكبد مزيداً من الخسائر.. ضحايا وجرحى ومعتقلين، لتعاود الكرة من جديد.

قدرة عالية على التضحية وعزيمة لا تلين يظهرها المحتجون في الدفاع عن مطالبهم في الحرية والكرامة، وأيضاً في التأكيد على سلمية ووطنية تحركاتهم وأنها عابرة للقوميات والأديان والطوائف والمذاهب، في مقابل تصميم أهل السلطة على اعتماد الخيار الأمني والعسكري لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة.

وهذا ما يعني ببساطة، إصراراً على سحق التحركات الشعبية الاحتجاجية بالقمع والعنف العاريين، واستخدام كل أشكال القهر والقوة وبلا حساب، لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، لإخراج الشعب من السياسة وتثبيت الخوف والرعب التقليديين في المجتمع.

وعلى تنفيذ هذا الخيار تتنافس أجهزة أمنية متعددة كأنها في سباق لفرض هيبتها بمزيد من إظهار قسوتها، فتطلق مخيلتها لابتكار كل جديد من شأنه إرهاب البشر، خاصة الإفراط في استخدام القوة والعنف لإشعار جموع المتظاهرين بعدم جدوى ما يقومون به، وأن تجاوز الحالة القائمة وتغيير الأوضاع ضرب من المحال.

يضاف إلى ذلك التفنن في إرهاق الناس واستنزاف قوتهم وقدرتهم على الاستمرار، في إشارة إلى الاعتقالات الواسعة والعشوائية، وإلى حصار واقتحام بعض المناطق والأحياء والضغط على حاجاتها وخدماتها وشروط معيشتها، ثم إشاعة بعض الصور والحكايات عن فظاعة القمع والتنكيل دون اهتمام بالتشهير الإعلامي، بقدر الاهتمام بوظيفتها في بث مزيد من الرعب والهلع في نفوس من لا يزالون مترددين في دخول الميدان والمشاركة.

فما جدوى الحل الأمني؟ ولماذا الإصرار عليه وقد عجز عن إخماد جذوة الانتفاضة في المدن والمناطق التي تعرضت للحصار والتنكيل؟ ألا يكفي استعراض صور المناطق التي شهدت تطبيقه ورجوع الناس إلى التظاهر فور انحسار الضغط الأمني والعسكري؟

فالقمع على شدته لم يستطع إخافة المواطنين، بل وسع مناطق الاحتجاج وزاد عدد المحتجين، ولنقل أظهر معادلة جديدة، أنه كلما ازداد العنف ارتفع سقف المطالب واتسعت حركة الاحتجاجات.

الحقيقة هي أن الخيار الأمني عادة متأصلة عند هذا النوع من الأنظمة بسبب بنيتها التكوينية المعجونة بتاريخ طويل من القهر والغلبة، ولأن دولتها تنتمي إلى ذاك النوع المسمى "الدولة الأمنية" التي تستمد حضورها وقوتها من أجهزة أمنية تدير كل شيء وتتدخل في مختلف تفاصيل الحياة، مدعمة بثلاثية الإرهاب والأيدولوجية والإعلام الموجه، للهيمنة وضمان احتكار السلطة والثروة، ولزرع الخوف والرعب وخنق الفضاء السياسي، ولاحتكار الحقيقة والوصاية الوطنية.

وما يعزز هذا الخيار قوة لوبي الفساد المنتشر في مختلف الدوائر والمؤسسات، وتشبثه الواعي بمصالح وامتيازات لا يريد التنازل عنها أو عن بعضها حتى لو كان الطوفان، ثم عجز النخبة الحاكمة المزمن عن تعديل طرائق الهيمنة، حتى لو اضطرت إلى ذلك، لأنها تخشى الانفتاح على الناس وتتحسب من القيام بأي مبادرة سياسية جدية لتخفيف حدة أزمتها، كأن أخاك مكره لا بطل!

وأحد وجوه هذا الإكراه هو تنامي شعور لدى أصحاب الحل الأمني بأنهم بعد ما اقترفته أياديهم قد وصلوا إلى نقطة اللاعودة، وأنهم يخوضون معركة حياة وموت يرتبط وجودهم ومستقبلهم بنتائجها، خاصة أولئك الذين أوغلوا في ارتكاب جرائمهم ويخشون ساعة الحساب والعقاب!

وربما يكون السبب أن لديهم وفرة من التجارب تعزز ثقتهم بأن العمل المجدي لدوام السيطرة ليس الاستجابة لمطالب الناس ومعالجة مشكلاتهم، بل الاستمرار في إرهابهم وشل دورهم، ربطاً بسوء تقدير ولنقل بتضخيم للذات والاعتقاد بأن ما كرس من قوى قمعية يشكل ركنا راسخاً لا يمكن بأي حال زعزعته.

لكن إلى جانب الأسباب الذاتية والبنيوية السابقة، ثمة رهان لدى دعاة الخيار الأمني على توافر مناخات موضوعية وشروط محايثة لتسويغ خيارهم والمد من عمره، ولنقل منح أصحابه المزيد من الفرص لتجريب لغة القهر والعنف!

الرهان أولاً، على تغطية إعلامية موجهة ومضللة لتغطية ممارسات القمع والتنكيل وامتصاص ردود الأفعال المحتملة ضدها، من خلال الأحاديث عن متآمرين ومندسين يرتبطون بأجندة خارجية، إمبريالية وصهيونية، غرضها النيل من الموقف السوري الممانع، وعن عصابات مسلحة تعيث، قتلاً وتدميراً في العباد والبلاد، أو من خلال ما تيسر لهم من مناورات سياسية، كدعوات الحوار مع المعارضة مثلاً والإعلانات المتتابعة عن مشاريع قوانين إصلاحية.

ومثل ذلك يكون العزف على وتر التحذير من خطورة تغيير الأوضاع والتهويل بأنه الخيار الأسوأ أمام انهيار الدولة واحتمال فوضى لا تبقي ولا تذر، أو حضور تيار إسلامي أو سلفي متشدد يتحين الفرصة للانقضاض على السلطة والمجتمع وفرض أجندته.

وهنا يمكن أن نشير إلى توظيف مبالغ فيه ومغرض لما تعانيه الثورتان التونسية والمصرية من اضطراب وعدم استقرار، وما يكابده الثوار في ليبيا واليمن مع استمرار حالة العجز عن الحسم، واستنتاجاً إظهار كم هي التكلفة كبيرة وباهظة لقاء ثمار التغيير الهزيلة التي قد تأتي بما لا تشتهي سفن الناس ومطامحهم!

والغرض تشجيع الدفاع عن الوضع القائم وكسب بعض المترددين، خاصة الذين قرنوا ترددهم ببديل أفضل.

وإذا كان ما تعانيه الثورتان التونسية والمصرية من صعوبات وإرباكات، هي صعوبات مفسرة واختبارات مفهومة لمجتمعات تمر بمرحلة انتقالية، بعدما حطمها القمع وأدمنت السلبية والاتكال، فهي لحظة عابرة صوب أمل ووعد بمجتمع صحي معافى، ويفترض أن لا تفضي إلى زعزعة الإيمان بالموقف الصائب من حالة الاستبداد والفساد وما سببته السلطات القديمة وأساليبها القمعية والإقصائية، بصفتها المسؤول الرئيسي عما نعيشه الآن.

والرهان ثانياً، على دور العنف المفرط والاضطهاد المعمم في إثارة ردود أفعال عنيفة موازية، وفي استنفار الغرائز المتخلفة واستفزاز بعض المتطرفين ممن يتحينون الفرصة لحمل السلاح، من أجل خلق ذريعة أو حجة أمنية لاستمرار الأسلوب الأمني، وفي الطريق تمزيق لحمة المحتجين وبلبلة صفوفهم بخلافات حول تبرير العنف أو التأكيد على أخلاق الانتفاضة السلمية.

وما يزيد الطين بلة أن ما يجري أشبه بلعبة عض للأصابع، لكنها من جانب واحد، فلقاء حقهم في التظاهر يتعرض الناس للأذى والألم، ويمكن لكل مطلع على ما تملكه الأجهزة القمعية من أدوات وخبرات أن يقدر حجم الصبر والجلد المطلوب من الناس لمتابعة احتجاجاتهم بصورة وطنية وسلمية.

وإذا أضفنا ما أثارته مناورات السلطة السياسية ودعواتها للحوار الوطني من إرباكات واهتزاز في الثقة بين بعض المعارضة السورية والناس، وأيضاً المحاولات المتكررة لإثارة الفتنة والصراعات الأهلية لحرف الحراك الشعبي عن أهدافه السياسية، يمكن أن نقف عند أهم الشروط والمناخات التي يحاول دعاة الحل الأمني الإفادة منها للحفاظ على تماسكهم وتعزيز ثقتهم بجدوى ما يفعلون وتالياً لتبرير استمرار لغة القوة والقهر.

والرهان ثالثاً، على ضعف ردود الأفعال الدولية والعربية ضد ما يطبق من قمع وتنكيل بحق المحتجين والمتظاهرين، مما يمنح أصحاب الخيار الأمني هامشاً واسعاً للحركة، ويترك الباب -رغم حالة الجفاء بين النظام السوري وبين معظم الدول العربية والأجنبية ومؤسسات الشرعية الدولية- مشرعا للتوغل في العنف أكثر فأكثر، إن لجهة حجم القوة المستخدمة أو لجهة الزمن والفرص!

ونسأل: ألم يعزز هذا الصمت العربي المريب تجاه ما يجري في سوريا، موقف أصحاب هذا الخيار ويزيدهم ثقة وعزيمة على الاستمرار بأساليبهم؟

ومن نفس القناة يمكن النظر إلى الموقف الروسي الذي لا يزال يعيق إصدار قرار أممي يدين لفظاً العنف المفرط ضد المدنيين، وأيضاً إلى ما يشاع عن دعم اقتصادي ومالي كبيرين قدمتهما بلدان عربية وإقليمية للنظام السوري، مما يعزز قدرته على المواجهة وتعويض ما خسره بسبب معركته الأمنية الداخلية المتزايدة الضراوة.

ما سبق يمنح دعاة الحل الأمني بعضاً من الوقت لتجريب قوتهم وأدوات قهرهم، لكنه ليس وقتاً مفتوحاً، فالأزمة في تفاقم مستمر والأسباب السياسية للاحتجاجات الشعبية تزداد وضوحاً وحضوراً، كاشفة هشاشة التبريرات وزيف الذرائع المسوغة لاستمرار العنف. وكلمة انكشاف لا تعني ظهور أمر غامض أو جديد بقدر ما تعني انهيار القدرة على التغطية والتمويه.

إنه ضرب من الضياع والتوغل في المجهول، الاعتقاد بأن الأساليب القمعية التي أثبتت فعاليتها -ولنعترف- في الماضي، يمكن أن تكون فعالة أو مجدية اليوم.

ففي ذلك تنكر لشمولية الأزمة الراهنة وحدتها وتجاهل ما حصل من مستجدات إقليمية وعالمية، خاصة إدراك عمق هذه التحركات الشعبية وحيويتها، وأنها تجري ضمن نسق عربي يطرق أبواب التغيير الديمقراطي مستندة إلى تبدلات جوهرية في أنماط التفكير وطابع التفاعلات السياسية بين الناس وعزمها على أخذ قضيتها بيدها!

وبعبارة أخرى يبدو مع كل لحظة تمر أن الحل الأمني عاجز عن إخماد نيران الحراك الاحتجاجي، وأعجز عن إحداث التحول في التوازنات التي تريدها السلطة، ولا ينفع هنا تكرار التصريحات بأن الأمور بخير وأن الأزمة انتهت.

وكذلك لا تنفع المقارنة مع ما حصل عام 1982، حين تمت تصفية تمرد الإخوان المسلمين في مدينة حماة، وحين كان الحل الأمني يحظى بتغطية دولية واسعة وبظروف داخلية ملائمة لجهة أن الأحداث شملت مدينة واحدة، في ضوء حياد قطاعات واسعة من الناس وخوفها من الأصولية الإسلامية التي شكلت عنوان ذاك التمرد.

أما اليوم فإن المظاهرات تشمل غالبية المدن والمناطق السورية، والناس الذين أزاحوا عن صدورهم بعبع الخوف، ليس عندهم ما يخسرونه مع انسداد الأفق أمامهم وتعاظم شعورهم بالظلم وغياب العدالة..

وهم يستمدون الجلد وعزيمة الاستمرار والحيوية والأمل من نجاح الثورات العربية الأخرى، والأهم أنهم يعتقدون بما يشبه اليقين أن التراجع وانتصار الحل الأمني سيقود إلى وضع أكثر سوءاً ومكابدة، مدركين أن الزمن يسير لصالحهم، وأن إصرارهم -رغم التضحيات الكبيرة- على استمرار المظاهرات والاحتجاجات حتى وإن لم تحقق حسماً سريعاً، سيذهب بالخيار الأمني إلى الفشل، ويفتح الآفاق على معالجات من نوع آخر، وتحديداً إن حافظت التحركات على وجهها السلمي وحاصرت ما قد يشوبها من اندفاعات عنفية.

ويبقى السؤال: هل يفتح الإصرار على الحل الأمني والعسكري أبواب البلاد على المجهول؟ وأوضح ما فيه، المزيد من العنف والتنكيل، وانتشار الصراعات على غير هدى، واستدراج المزيد من العزلة والحصار والتدخلات الخارجية، والأهم ما سيتكبده النسيج المجتمعي ومستقبل الأجيال من أضرار فادحة..

أم هل تنجح التحركات الشعبية في تفكيك الطرائق والذهنية الأمنية القديمة التي تدار بها الأزمات والتي أورثتنا ما نكابده من تأزم وفشل وفساد وإحباط، وتالياً في قلب حالة الركود والاستنقاع المزمنة والالتحاق بقطار التغيير الديمقراطي الذي يصل محطاته بالتتابع، مبشراً ببناء مشهد عربي جديد؟

 

 ما بعد حسني مبارك

سليمان جودة/الشرق الأوسط

كتبت في هذا المكان، الأسبوع الماضي، أقول ما معناه، إن القاضي الذي سوف يكون عليه محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك، سوف يجد نفسه في النهاية، أمام مأزق حقيقي، لا لشيء، إلا لأنه مطلوب منه أن يحكم على المتهم الماثل أمامه، في هذه القضية، وفي غيرها طبعا، بما يتوافر له من أدلة، وقرائن، وحجج، وبراهين، وليس بما قد يسمعه في الشارع، أو يراه في وسائل الإعلام! ورغم أن هذه بديهية، فإننا إزاء وضع محزن نراه، ونتابعه جميعا، في القضية موضوع الدعوى، مضطرون لأن نعيد تعريف البديهيات، من جديد، ومضطرون لأن نؤكد ما هو مؤكد أصلا! وكان سؤالي الأساسي هو: ماذا لو.. أقول لو.. اكتشف القاضي بعد انتهاء نظر القضية، أن المتهم حسني مبارك، بريء مما هو منسوب إليه، وأنه، بإنكاره لكل التهم الموجهة له، كما حدث في الجلسة الأولى صباح الأربعاء الماضي، ثم بما سوف يدفع به محاميه فريد الديب في الجلسات اللاحقة، لم يرتكب شيئا من التهم المسجلة في صحيفة الدعوى.. ماذا سوف يفعل القاضي وقتها؟!

سوف يقول قائل: وهل هذا سؤال يا أخي؟! سوف يحكم القاضي، عندئذ، ببراءة المتهم، طالما أن الأدلة المتوافرة أمامه، لا تدينه.

وسوف أرد لأقول: إن الحكاية ليست بهذه السهولة أبدا، وإنها في غاية الصعوبة، لأن الذين طالبوا بسرعة محاكمة الرئيس السابق، منذ أن تخلى عن منصبه في 11 فبراير (شباط) الماضي، كانوا يفعلون ذلك، وفي أذهانهم يقين.. نعم يقين.. بأنه مدان، مدان.. مدان.. بالثلاثة.. ما في ذلك شك..

وليس عندي مانع بطبيعة الحال، في أن يدان الرجل، وأن يذهب حتى إلى حبل المشنقة، ولكن بشرط وحيد، هو أن يكون ذلك بحكم موضوعي وعادل من القاضي، دون أن يجد نفسه واقعا تحت ضغط الشارع طوال الوقت، ليس فقط أثناء المحاكمة، ولكن قبلها بكثير!

وأظن، وبعض الظن ليس إثما، أن الدنيا كلها حين تابعت صباح الأربعاء، أولى الجلسات، قد لاحظت أن كثيرين كانوا قد تجمعوا أمام قاعة المحاكمة، وكانوا قسمين: واحد ينادي ببراءة الرئيس السابق، وآخر يطلب إدانته، وحين اشتبكوا فإن 57 مصابا قد سقطوا من بينهم!

ومع ذلك، فليست هذه هي المشكلة في تقديري، لأن المشكلة الحقيقية، أن المأزق الذي كنت أتحدث عنه، قبل أسبوع، بالنسبة للقاضي، قد انتقل، بمجرد بدء الجلسة الأولى، منه هو، كقاض، إلى المصريين جميعا، وصاروا هم، بحق، أمام مأزق كبير!

ذلك أن أحدا منهم لم يكن يصدق أن حسني مبارك، بكل هيلمانه القديم، سوف يأتي ليقف في قفص الاتهام، فهناك ألف طريقة، وطريقة، لإبعاده عن القفص، كما أن محاميه، لن يعجز عن إيجاد وسيلة من نوع ما، في هذا الاتجاه!

كان الشك في إمكانية حضور مبارك، ليقف في القفص، هو سيد الموقف، وكان الجميع، حتى آخر لحظة، متأكدين تماما، لسبب أو لآخر، من أنه لن يأتي.. بل إن الطائرة الهليكوبتر، التي أقلته من شرم الشيخ، حيث كان يقيم منذ تخليه عن منصبه، إلى شرق القاهرة، حيث مكان المحاكمة في أكاديمية الشرطة، كانت موضع شك عظيم، لكل الذين تطلعوا إليها، وهي تحلق، قبل هبوطها، وكان الجميع يعتقد أنها لا تحمل مبارك في داخلها، وأن الأمر كله لا يعدو أن يكون تمثيلية.. بل إن الذين راحوا يدققون النظر في سيارة الإسعاف التي حملته من الطائرة، إلى القاعة، كانوا يعتقدون أن هذه السيارة المغلقة، والتي لا يرى أحد ما بداخلها، مجرد خدعة، وأن مبارك ليس موجودا في بطنها، وأنها، وأنها، إلى أن انفتحت، ثم خرج منها سرير طبي، ليظهر بعد ذلك في القفص، بينما الرئيس السابق ممدد عليه!

وهنا.. وهنا فقط.. بدا أن مبارك الممدد على سريره الطبي، يتمتع بوعي كامل، ويقظة تامة، في متابعة ما يجري حوله.. قد يكون جسده قد خذله، فلم يعد قادرا على أن يقف - مثلا - أو حتى يجلس في مكانه، فضلا عن أن يتحرك.. قد يكون هذا صحيحا، ولكن الأصح منه، أنه احتفظ بدرجة من الصلابة والتماسك، لا بد أن يحسده عليها، كل الذين راقبوا تفاصيل المشهد من بعيد، فقد كان وجهه نضرا على غير المتوقع، وكانت عيناه تتابعان بقلق خفيف، كل ما يدور ويجري داخل القاعة، وكان يسأل ابنه جمال الواقف إلى جواره، عن أي شيء يبدو له، ولا يفهمه، وكان جمال يهمس في أذنه بأشياء لم نسمعها طبعا، ولا نعرف ما هي، وكان يرفع إحدى يديه ليقول أنا هنا، وإنه موجود، عندما نادى القاضي اسمه، وكان يصيح بقوة، لينكر كل التهم التي سردها القاضي في حقه، وكان.. وكان.. مما لا بد أنك لاحظته وتابعته، معي، ومع غيري!

وبطبيعة الحال، فإن المسألة لا تخلو من طرفة هنا، وأخرى هناك، كأن يقال - مثلا - إن محاميه هو الذي رتب مجيئه على محفة بهذه الطريقة، إلى القاعة، ليستجلب تعاطف الناس معه، أو أن يقال، إن الشخص الذي كان ماثلا أمامنا، وراقدا على سريره الطبي، ليس هو مبارك، وإنما هو شخص آخر شبيه، وإنه «دوبلير» بلغة السينما، طلبوا منه أن يمثل الدور بإحكام!

غير أن هذا كله، في اعتقادي، ليس مهما، وإنما المهم فعلا، أن ملايين المصريين الذين راهنوا، منذ يوم التخلي عن المنصب، إلى لحظة ظهور مبارك فوق سريره داخل القفص، على أنه لن يحضر، قد «أسقط في أيديهم» فجأة، ساعة أن شاهدوه، واكتشفوا بينهم وبين أنفسهم، ساعتها، ثم بعدها، أن مجيء مبارك، إلى القفص، كما كانوا قد طالبوا بإلحاح، منذ يوم التنحي، ليس هو المشكلة، ولن يكون.. فها هو المتهم ماثل أمام الجميع، في قفص اتهامه، وها هو أقوى مما كان يظن كل الخصوم، وها هو مستعد للمواجهة حتى وهو على سريره، كما بدا لنا جميعا، وها هو يخرج ويدخل بالسرير، من القفص وإليه، أكثر من مرة أثناء الجلسة الممتدة!.. فماذا بعد ذلك إذن؟! ماذا علينا كمصريين أن نفعل، الآن، إذا كنا طوال ستة أشهر، لم يكن لنا شيء يشغلنا، إلا أن يأتي مبارك إلى القفص؟! لقد جاء وانتهى الأمر، وأصبح علينا، أن نصارح أنفسنا، بأن مأزق القاضي قد انتقل إلينا، لأنه قد تبين لنا، في لحظة وجود المتهم في قفصه، أنه جزء من الماضي، الذي استغرقنا طويلا طويلا، وأن المستقبل لم يستغرقنا لا طويلا، ولا قصيرا، وأنه يدق بابنا بعنف، وأننا لم نتهيأ بعد لاستقباله، وأنه قد لا ينتظرنا، فيتجاوزنا ويمضي!

أكاد أتخيل حسني مبارك، وهو ممدد في سريره الطبي، يقول: ها أنا قد جئت لكم كما أردتم، فماذا بعد؟! ماذا أنتم فاعلون الآن؟! فأنا أمامكم.. هكذا أتخيله وهو يحدث نفسه.. بينما المستقبل خلفكم، في حين أن العكس تماما كان هو المطلوب!

 

لبنان يناديكم 

حسان الرفاعي/عضو المكتب السياسي في تيار "المستقبل"

النهار/كيف لفريق 14 آذار بلجوئه الى الوسائل الديموقراطية السلمية ان يستعيد اليوم ما أخذ منه بقوة السلاح غير الشرعي؟

تمكن حملة السلاح من التغلب على مواطنيهم العزل ولم تنفع هؤلاء لا ديموقراطية ولا اكثرية نيابية في ردع المعتدي، الذي عاث ترهيبا وقتلا في العاصمة، مدعيا ان ذلك كان يوما عظيما، هو نفسه الذي يعتدي اليوم على الاملاك العامة والخاصة والذي يقطع الطرق ويجتاح المطار والسجون والمرافق العامة، والذي لا يقيم اعتبارا لرجل دين او لرجل دولة او لاي سياسي مهما علا شأنه، ولا لرجل أمن مهما زينت كتفيه نجوم وسيوف، ولا لقاض مهما علت رتبته. هذا المعتدي يرعى المربعات الامنية في اكثر من منطقة لبنانية ويغطي فيها كل الاعمال والنشاطات الممنوعة قانونا وشرعا، يوقف من يشاء ويحاكمه، ويخفيه وربما يعدمه ولا يسلمه الى الدولة، الا اذا اصبح عبئاً عليه. وهو يرعى ايضا "رجال اعمال" ينشطون خارج الشرعية، دون رقيب ولا حسيب حتى يفلس هؤلاء او يتواروا. واخيرا وليس آخرا اصبح هذا المعتدي يأوي جهارا مطلوبين من العدالة الدولية، وربما عن قريب مجرمين ارهابيين طوبهم سلفا قديسين.

وقد تمكن هذا المعتدي من تحصين سلاحه بأن امتلك حديثا اكثرية نيابية عن طريق "الاقناع بالقوة"، بعدما اغرى فريقاٍ سياسياً مسيحياً منذ سنة 2005، وارهب درزياً اخيرا واستأجر سنيا حديثا.

ويقوم "حلفاء" مالك القوة المعتدي بالتباري في ما بينهم باعجابهم وتأييدهم له. كما يكثرون من التهجم والتطاول على خصمه الاعزل ويهشمون صورته ليل نهار ويضربون بسيف السلطان الجائر وكأن القوة قوتهم وليست لسواهم...!

علما ان فئة من "حلفاء" المعتدي تطبّق المثل العامي الذي يقول: "الايد يللي ما فيك ليها بوسها ودعي عليها بالكسر". فهم يدعمون "حزب الله" نهارا ويشتكون منه ليلا الى السفير الاميركي في بيروت، حسبما اخبرتنا ويكيليكس اخيرا. عرضنا هذا لنقول إن سلاح بعض اللبنانيين الذي كان نعمة في يوم من الايام عندما ساهم في التحرير والعزة، اصبح اليوم لعنة. لعنة على الوطن وعلى الحرية وعلى الديموقراطية. من هذا السلاح ستولد التعيينات وقد رأينا بشائرها، وسيولد قانون انتخاب ينتج مجلسا يفرض على لبنان رئيسا للجمهورية "مقاوما" تابعا لايران، شاء من شاء وابى من أبى!

وفي زمن "المشهد الديموقراطي الجديد في الدول العربية"، كما قال فخامة الرئيس سليمان، يكون لبناننا الحبيب والحياة الديموقراطية فيه يغرقان في خريف حزين وقاتل!

ان الامور ما عادت تسمح بالهروب من الواقع الجديد وتجاهله!

"حزب الله" يمتلك السلاح، ولكنه لم يستقوٍ الا بفضل غطاء العماد عون وسليمان بك فرنجية وحزب الطاشناق ووليد بك جنبلاط ودولة نجيب ميقاتي.

فلجمهور هؤلاء الزعماء اقول: ان لم تضغطوا على قادتكم لكي يهتدوا، ليس بالتحاقهم بقوى 14 آذار، بل بالتجمع والتكاتف والاتفاق، في ما بينهم على قاسم مشترك واحد يضع حدا لتمادي "حزب الله" واستفراده وتعاليه وغطرسته وتوسعه الديكتاتوري المخابراتي الامني، فانكم تكونون قد شاركتم، ولو من حيث لا تدرون، في خريف لبناننا الحبيب، لبناننا جميعا!

ان بنية "حزب الله" واسلوبه ونمطه امور لا تشبهكم ولا تشبه الاحزاب اللبنانية كافة، انه نمط واسلوب مستوردان كليا، قدم علينا من ايران الحرس الثوري ومن جمهورية احمدي نجاد ليخدم مصالح هؤلاء في لبنان!

ان يفرح البعض "بانكسار" 14 آذار او ثورة الارز امام الانقلاب المسلح سيجعل هذا البعض وكل اللبنانيين (بمن فيهم قسم كبير من جمهور حركة "أمل" و"حزب الله") يبكون على حرية لبنان وديموقراطيته.

هل يعقل ان يثور اليوم الانسان المسيحي الى جانب الانسان المسلم في مصر وفي سوريا، في حمص وحماة وسواهما ويستسلم المسيحي والمسلم في لبنان امام انماط من الحكم الشمولي!

هل تعلمون ويعلم اللبنانيون انه لولا وقفة 14 آذار (رغم كل عللها وربما مساوئها) لكان قضي الامر! تخيلوا للحظة، ان يسلم سعد الحريري وسمير جعجع وامين الجميل واحرار لبنان لحكومة "حزب الله"! اي قيمة ستبقى لاي من الاحزاب والشخصيات الداعمة لـ"حزب الله" و"المتحالفة" معه؟ عندها سيقيم الحزب جمهوريته ويتصدق على اي واحد من اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، سنة وشيعة ودروز، من 8 او 14 آذار بما يحلو له، وحينما يحلو له، وكيفما يحلو له هو!

ان شهداء المقاومة الاسلامية والمقاومة اللبنانية وشهداء ثورة الارز لم يستشهدوا في سبيل دولة السلاح وغلبته بل من اجل لبنان عربي حر، سيد، قوي، مرفوع الرأس ومن اجل مستقبل افضل لأبنائهم على ارض الوطن وارض الجنوب.

فلفخامة الرئيس سليمان الذي اقسم على احترام الدستور وعلى حفظ استقلال الوطن، ولغطبة البطريرك الراعي الذي تفانى اسلافه من اجل قيامة لبنان الكبير والذي رفع شعار "الشركة والمحبة"، ولكل مواطن مؤيد للعماد عون يتألم في داخله حينما يجد تياره يتحالف خلافا لقناعاته السيادية، ولكل مواطن او مثقف او زعيم شيعي خطف "حزب الله" صوته اقول: لكم دور وعليكم واجب في حماية لبنان. فأقدموا ولا تسمحوا بتشويه صورة وطن اجدادكم ومستقبل ابنائكم. ان قربكم اليوم وانفتاحكم على "حزب الله" يؤهلانكم لان تسمعوه كلاما امضى وربما افعل من اي كلام آخر. ان اقدمتم، فانكم في ذلك تخدمون وطنكم وتردعون المستفرد والمستفرس.

انكم بموقف جريء ستلغون الانقسام العامودي في البلد وستفوتون على الاعداء من جهة، وعلى المفاوضين لبقاء نظامهم او لحماية سلاحهم النووي او لانتزاع دور محوري في المنطقة، من جهة اخرى، امكان استعمال بلدنا كالعادة أداة تخدم مصالحهم.

الخطر داهم فلا تتأخروا، لبنان يناديكم.

 

خاص:المفتي قباني يتقرّب من وسطية ميقاتي وينفذ ما اتّفق عليه مع السيد نصرالله

خاصAlkalimaonline

لوحظ تكاثر الزّوار من قوى 8 آذار أو أطراف في المعارضة السابقة إلى دار الفتوى، وإلى بيانات إشادة بمواقف مفتي الجمهوريّة الشيخ محمد رشيد قباني، الذي لفت أيضا المراقبون  الى تحوّل في خطابه السياسيّ، والبعض يقول في نقله "البارودة" من كتف آل الحريري إلى كتف آل ميقاتي.

فمنذ حوالي الشهرين، بدأ خطاب المفتي قباني يتحوّل باتجاه "الوسطيّة" التي يمثّلها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ويسير في نهجه وابتعد عن السلوك السياسيّ "لتيار المستقبل" عموما وللرئيس سعد الحريري خصوصا، وقد ظهر ذلك جليّا في موقف مفتي الجمهوريّة من القرار الإتهاميّ بالمحكمة الدّوليّة، فدعا إلى إبعاده عن التسييس ودرء الفتنة الداخليّة.

وقد توقّف "المستقبليّون" أمام هذا الموقف المفاجئ وعلى غير ما اعتادوا عليه، وبدأوا حملة عليه مقنّنة عبر تلميحات، كان أقساها ما كتبه عضو المكتب السياسيّ لتيّار المستقبل "رضوان السيّد في جريدة "اللّواء" وهاجم فيه مباشرة المفتي قباني، الذي ردّ عليه من برجا بافتتاح مسجد ووجه انتقادا الى السياسيين اللذين يحاولون ان يقحموا الدين في السياسة، اذ كان لافتا اشارته الى ذلك.

اما عن اسباب هذا التحول عند المفتي قباني فتنسبها بعض المصادر الى ان شح التمويل عن دار الفتوى الذي كان يؤمنه الحريري في ظل الازمة التي يمر بها ، اضافة الى ان السعودية تتاخر في دفع المستحقات ايضا لجمعيات تابعة لدار الفتوى.

هذا السبب المالي قد يكون مبررا ، الا ان سببا اخر تشير اليه المعلومات وهو ان المفتي قباني بات مقتنعا مع الرئيس ميقاتي ان يقوم كل منهما من موقعه في التصدي لاشعال فتنة سنية-شيعية لانها مدمرة للجميع ويجب التعاون في ذلك، وان لا يكون الخطاب عالي النبرة كما حصل في اثناء حكومة الرئيس فؤاد السنيورة والصراع بين 8 و14 اذار.

وتكشف معلومات خاصة لموقعنا ان المفتي قباني عندما التقى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل عام لتعزيته بوفاة العلامة محمد حسين فضل الله تطرقا الى الاوضاع العامة وكان اتفاق على العمل من اجل التصدي للفتنة تحت اي سبب.وفي هذا الاطار فان المفتي قباني يلتقي مع الرئيس ميقاتي ومع غيره ممن يتصدون للفتنة وهذا لا يعني انه اصبح في موقع اخر اي مع الاكثرية الجديدة بل هو يسلك طريق الوسطية والاعتدال ويقف الى جانب رئاسة الحكومة وهو الان يدعم رئيس الحكومة ويقف الى جانبه كما وقف مع الرئيس السنيورة والحريري كمسؤولين في الدولة ورمزين سنيين في داخل النظام.

 

مسيحيو الشرق الى أين؟ 

مارغريت خشويان/مديرة موقع "طيباين" للرابطة السريانية

النهار/المسيحيون في العراق، عراقيون اصلاء عاشوا على هذه الارض منذ آلاف السنين متآخين متحابين مع الطوائف والاجناس الاخرى ليس خوفاً، وانما ايمانا منهم بالوطن والاخلاص لتربته. ان انفجار سيارة مفخخة امام كنيسة العائلة المقدسة للسريان الكاثوليك في كركوك، شمال العراق، واصابة 15 شخصا بجروح، من بينهم ثلاثة من عناصر الشرطة، هو عمل وحشي يدل على كره وحقد للطائفة المسيحية المسالمة التي لا تريد سوى ان تعيش في وطنها الام بسلام، والاسلام بريء من هذه الاعمال الاجرامية ومن يقوم بها هو خارج عن القيم الانسانية في الدين الاسلامي. تعود بنا الذاكرة الى كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد التي تعرضت لهجوم في 31 تشرين الأول 2010، ادى الى مقتل 44 مصلياً معظمهم من النساء والاطفال وكاهنين، تبنته "دولة العراق الاسلامية"، الفرع العراقي لتنظيم "القاعدة" وها هي اليوم تنفذ جريمة اخرى، ومعظم الجرحى من النساء والاطفال، كأن الزمن يعود الى الوراء والاحداث تتكرر ولا احد يحرك ساكنا".

ان العنف والارهاب ضد المسيحيين لا يمكن ان يبررهما اي اجتهاد ديني او مذهبي، بل على الدولة وعلى المؤسسات الدينية في العراق التصدي للارهاب بحزم وشدة.

ان ما يحدث ضد المسيحيين في العراق، منذ عام 2003 وحتى الآن، من قتل وترويع وتفجير لدور العبادة وتهجير قسري واغتصاب للسيدات وتدمير ونهب للممتلكات، يشكل سلسلة من الجرائم الموثقة بموجب القانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، وقد ادت هذه الجرائم المستمرة منذ سنوات الى تهجير وتشريد اكثر من 600 الف شخص من مسيحيي العراق،  وهو ما يقارب 60% من تعدادهم، الى خارج البلاد. عندما نقرأ هذه الاحصاءات المخيفة عن احتمال وجود شرق بلا مسيحيين كأنك تقول ارض بلا خيرات.

ان المسيحيين ملح الارض، ولا يقع عبء حمايتهم والعمل على تكريس حريتهم الدستورية على الحكومة العراقية وحدها، بل على المجتمع الدولي بأكمله، حتى يستكمل بهاء وجوده وألوان مجتمعه الزاهية، وحتى يبرهن ايمانه بالمساواة والحرية والامن والكرامة الطريق الكفيل لتأسيس نظام ديموقراطي يضمن للفرد حرية الفكر والعقيدة والضمير، وهي مهمة يقع جزء كبير منها على الاحزاب السياسية وعلى منظمات المجتمع المدني، وان يأخذ القضاء دوره في معاقبة من يرتكب في حقهم تلك الجرائم الارهابية في ظروف مشددة ليكون عبرة لغيره ممن تسول له نفسه ارتكابها.

الى متى؟ الى متى ستهرق الدماء؟ الا يكفي ما حصل في كنيسة سيدة النجاة واليوم كنيسة العائلة المقدسة؟ الى متى سنبقى متفرجين وصامتين؟

ان تردي وضع المسيحيين في العراق وصل الى ما هو اسوأ من نقص الحماية ليصل الى التطهير العرقي والديني والتهجير القسري وترويع أقلية مسالمة وتدمير مقومات الحياة والبقاء لها. نحن في حاجة الى عدالة دولية، لان الحكومة العراقية لا تحرك ساكنا.

من ينظر الى الاحصاءات والتقارير الصادرة عن بعثة الامم المتحدة لمساعدة العراق، يرى ان 44 الى 50 في المئة من العراقيين يطلبون اللجوء الى الدول الغربية ولا سيما اسوج واوستراليا وتركيا واميركا وكندا، فهذا الامر يشكل هجرة واسعة للمسيحيين العراقيين. وايضا يشكل خطورة تتمثل بزوال المسيحية من العراق وبالتالي الشرق الاوسط.

ان المسيحيين في العالم العربي الذين يبلغ عددهم بحسب احصاءات غير رسمية نحو 15 مليون نسمة موزعين بشكل اساسي في مصر، حيث تعدادهم نحو 10% من اجمالي السكان، وفي العراق ونسبتهم 3%، وفي لبنان ونسبته 39%، وفي سوريا ونسبتهم 16%، اضافة الى فلسطين والاردن ودول مجلس التعاون ودول المغرب العربي والسودان.

وكما في زمن الازمات الكبرى كالتي يعبرها العالم عموما والعالم العربي خصوصا اليوم، لا بد من وقفة لمراجعة اسباب هذه الهجرة القاتلة للنسيج العربي.

شكل العرب االمسيحيون احدى ركائز البناء العربي القديم والحديث على السواء. ففي فجر الاسلام كانوا ركنا ثقافياً وسياسياً وعسكريا في الدولة العربية التي توسعت شرقا حتى بلاد السند وغربا حتى اسبانيا، وكانوا احد عناصر القوة الدافعة التي حملت الاسلام الى خارج جزيرة العرب وبلاد الشام والتي شكلت احد العناصر الحاسمة في توسع هذه الدولة ونموها وسيادتها على معظم القديم. عندما نتحدث عن وجود المسيحيين في العالم العربي نعني بقاءهم فيه. فهم من عناصر التكوين الاولى التي يمنع بقاؤها قيام بيئة تفترش التعصب والتطرف، وبالتالي العنف المؤدي الى كوارث تاريخية. بقاؤهم ترسيخ للدولة العصرية المتعددة العنصر والمتنوعة في وحدتها ونفي قاطع لعنصرية الدولة. باختصار، ان هجرة المسيحيين العرب اذا استمرت هي ضربة  عميقة توجه الى صميم مستقبلنا. مهمتنا العاجلة منع هذه الهجرة وترسيخ بقاء هذه الفئة العربية في شرقنا الواحد، والتطلع الى هجرة معاكسة اذا امكن".

 

شبح 7 أيّار... يعود

فادي عيد/الجمهورية

يرسم العدّ العكسي لانتهاء المهلة الزمنية المحدّدة أمام الحكومة اللبنانية لتسليم المتّهمين الأربعة في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ملامح مرحلة جديدة على الصعيد الخارجي بالنسبة إلى لبنان، حيث سيكرّس قرار إسقاط الاتّهام الدولي وتحدّي المحكمة الدولية بفعل إعلان "حزب الله" مقاطعتها ورفضها، مواجهة محتملة مع المجتمع الدولي ستضاف إلى المواجهة المتمثّلة بالسير عكس الإجماع في مجلس الأمن لدى صدور البيان الرئاسي الذي دان النظام السوري بخرق حقوق الإنسان.

وفي معرض استشرافها لملامح المرحلة التالية لهذه المواجهة، قرأت أوساط قيادية في فريق 14 آذار مشهداً سياسيّا مختلفا عن كلّ السنوات الماضية عنوانه تلازُم المسارين السوري واللبناني في تحدّي التوجّهات الدولية من جهة، والخروج على كافّة الاتّفاقات العربية التي ظلّلت الوضع الداخلي والسير بعكس الرياح الإقليمية والعربية من جهة أخرى. ووصفت الواقع الحالي بـ"غير المسبوق" لجهة التوتّر والانقسام، خصوصا إزاء مقاربة القرارات الدوليّة، كما الاتّفاقات السابقة من الطائف إلى الدوحة. وكشفت أنّ ذلك يفوق قدرة الوضع على الاحتمال، نظراً لهشاشة الجبهة الداخلية وتنامي التجاذبات. وبرأي الأوساط فإنّ وصول الانقسام حول المحكمة الدولية، كما الأزمة السورية، إلى مستويات متقدّمة، يعيد إلى التداول سيناريوهات تستحضر تارة أحداث السابع من أيّار، وتارة عودة مسلسل الاغتيالات والحوادث الأمنيّة، كما يستدعي مجدّداً تدخّلات خارجية، وخصوصاً إقليميّة على خط الأزمة الداخليّة في ظلّ استمرار غياب المظلّة العربية التي حمت الساحة منذ العام 2005 بفعل المعادلة السعوديةـ السورية التي سقطت مع إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري. وإذ حذّرت من خطورة الأحداث الأمنية المتنقّلة والتي لم توفّر المخيّمات الفلسطينية أخيرا، اعتبرت أنّ تسليط الأضواء على الواقع الأمني يندرج في إطار تحويل الأنظار عن الانقلاب الحاصل على صعيد السياسات المتّبعة محلّيا وخارجيّا، والتي تعيد لبنان مُجدّدا إلى أزمنة سابقة وتربط المشهد اللبناني بالمشهد السوري المأزوم. وبالتالي رأت أنّ بداية الحركة في الشارع الطرابلسي، كما في بيروت، للتضامن مع الشعب السوري في معارضته، تنذر بتحوّل بارز على صعيد نقل المواجهة من الشارع السوري، وبكل "أدواته"، إلى الداخل اللبناني، وهو ما كشفته وقائع معلنة وغير معلنة حول تظاهرة شارع الحمراء، التي دلّت على وجود مناطق نفوذ واسعة للنظام السوري في العاصمة، وعلى قدرتها على التدخّل في أيّ مناسبة على طريقة 7 أيّار ربّما، ولكن تحت عناوين مختلفة.

وفي سياق التعاطي الرسمي مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لفتت الأوساط إلى أنّ أيّاما معدودة بقيت أمام الحكومة لتنفيذ مذكّرات التوقيف بحق المتّهمين الأربعة حتى 11 آب الجاري. موضحة أنّ السلطات القضائية اللبنانية لم تبلّغ بعد المحكمة الدولية بعدم قدرتها على إبلاغ المتّهمين، لكنها استدركت أنّ الموقف المعلن من قبل قيادة "حزب الله" ورفع المتّهمين إلى مصاف "القدّيسين" قد حسم الموقف ووضع الحكومة على خط التوتّر مع المؤسّسات الدولية ومع المجتمع الدولي "المتحفّظ" على قرار لبنان النأي بنفسه عن الإدانة الدوليّة للأحداث في سوريا، ولو أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي برّر ذلك بقرار ثابت يقضي بعدم التدخّل في الشؤون الداخليّة لأيّ بلد.

ولكن هذا الحياد يدفع إلى الاستنتاج بأنّ الحكومة سلكت الخطوة الأولى في طريق العودة إلى ما قبل العام 2005 عبر الانخراط في التنسيق الخارجي مع دمشق، وهو ما برز في تحرّك وزير الخارجية عدنان منصور بالأمس، والذي شكّلت زيارته إلى دمشق رسالة واضحة إلى الداخل قبل الخارج حول ما ستكون عليه السياسة الخارجية اللبنانية في هذه اللحظة العربية الدقيقة. وخلصت إلى أنّ تداعيات هذا التحوّل لن تقتصر على صورة لبنان في المؤسّسات الدولية، بل على العكس، وضعته في موقف المستفزّ لكافّة القرارات الدولية، عِلماً أنّه الحلقة الأضعف على أكثر من مستوى، ولا يزال بحاجة إلى دعم كبير من مجلس الأمن والمجتمع الدولي، وذلك في مسيرته لاستخراج ثرواته النفطية التي بدأت تتعرّض للعدوان الإسرائيلي.

 

أن عجز النظام عن احتواء الأزمة سياسياً وأمنياً  سورية تواجه ثلاثة خيارات: تنحي الأسد أو انقلاب عسكري.. أو الحرب الأهلية

 النظام السوري يلعب على الوتر الطائفي لإجهاض الاحتجاجات والقضاء على الثورة

لإيران وإسرائيل وتركيا مصلحة في بقاء الأسد... وارتفاع سقف مطالب الأكراد ينذر بكارثة

القاهرة - محمد عباس ناجي:السياسة

يواجه نظام الرئيس السوري بشار الأسد في الوقت الحالي أقوى أزمة داخلية منذ وصوله الى السلطة قبل أحد عشر عاما. فقد دخلت الاحتجاجات الشعبية شهرها الخامس وامتدت الى المدن الرئيسية مثل دمشق وحمص وحلب, وفرضت على النظام "بدائل ضيقة" بسبب كثافة الضغوط الداخلية والخارجية التي يتعرض لها, لكن الأهم من ذلك هو أنها أنتجت حالة من "الضبابية" والغموض في المشهد السياسي السوري ووضعت الدولة على مفترق طرق, بشكل يطرح في النهاية سيناريوهات متعددة لما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع داخل سورية بعد انقشاع غبار الأزمة الحالية.

هذه الحالة من الضبابية ترجع الى التركيبة "الفسيفسائية" التي يتسم بها المجتمع السوري والتي تعطي انطباعا, للوهلة الأولى, بأن الأزمة الداخلية التي يواجهها النظام السوري تدخل في نطاق صراع طائفي بين أغلبية سنية تطالب بحقوق سياسية واقتصادية وأقلية شيعية علوية تسيطر على مفاصل صنع القرار في الدولة بدءا من رئاسة الجمهورية والحكومة مرورا بأجهزة الأمن والاستخبارات والقوات المسلحة وانتهاء بالمؤسسات الاقتصادية وأجهزة الاعلام, وقد حاول النظام استثمار ذلك بالفعل من خلال وصف الاحتجاجات بأنها "فتنة" بهدف تقليص حالة الأهمية والزخم التي حظيت بها واقناع بعض المكونات المجتمعية التي ما زالت مترددة بعدم تأييدها.

لكن هذا الانطباع لا يتسامح مع المعطيات الموجودة على الأرض التي تؤكد على حقائق ثلاث: الأولى, أن الأزمة الداخلية التي يواجهها النظام السوري, مثل الأزمات التي شهدتها العديد من الدول العربية, هي انعكاس لتصاعد حالة من الاستياء الشعبي العام التي أنتجها انتشار الفقر والتخلف وارتفاع معدلات البطالة والتضخم وانتهاك القانون وغياب العدالة وتقييد الحريات العامة وانتشار التطرف والجريمة والارهاب.

والثانية, أن ثمة صراعات محمومة حتى داخل الأقلية العلوية المسيطرة على مقاليد السلطة في الدولة, ففضلا عن الصراع الشهير الذي نشب بين الرئيس السابق حافظ الأسد واللواء صلاح جديد على خلفية تباين المواقف تجاه حرب 1967 ثم أحداث أيلول الأسود في الأردن العام 1970, والذي دفع الأول, عندما كان وزيرا للدفاع وقائدا للقوات الجوية, الى القيام بما يسمى ب¯"الحركة التصحيحية" في 16 نوفمبر 1970 التي اعتقل خلالها صلاح جديد ومعظم القيادات البعثية, فان ثمة مؤشرات تؤكد وجود صراع حالي بين بعض مراكز القوى المتحكمة داخل الطائفة العلوية لاسيما بين صهر الرئيس اللواء آصف شوكت وشقيقه ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة في الحرس الجمهوري المسؤولة عن بعض أعمال العنف التي وقعت ضد المدنيين في الآونة الأخيرة, والتي دفعت أكثر من 233 عضوا في حزب البعث الحاكم الى تقديم استقالاتهم.

والثالثة, أن الاحتجاجات التي شهدتها سورية تميزت بأنها كانت بلا قائد, حيث تجاوزت, الى حد كبير, السقف الطائفي الذي كان يمكن أن يضيق من حرية الحركة وهامش المناورة المتاح أمامها بشكل كان يمكن أن يمنح فرصة للنظام الحاكم لاجهاضها من البداية. فالى جانب السنة الذين بدأوا الاحتجاجات ضد النظام, وهو السبب الذي منحها طابعا طائفيا في البداية, سارع الأكراد الى المشاركة فيها بعد تردد لم يدم طويلا, ولحق بهم المسيحيون بعد ذلك. وقد كانت المواقع الاجتماعية على شبكة الانترنت مثل موقعي "فيس بوك" و"تويتر", احدى الوسائل المهمة التي ساهمت الى حد كبير في تكوين حشد جماهيري كبير استطاع في النهاية تحدي النظام الحاكم, الى جانب خلق رأي عام عالمي مناهض لتعامل النظام مع المحتجين.

القمع سلاح ذو حدين

 تصاعد حدة الاحتجاجات ضد النظام السوري وخروجها من الاطار الطائفي الضيق يعود, في جزء منه, الى السياسة القمعية التي اعتاد النظام السوري على استخدامها لتحصين نفسه في مواجهة الأزمات الداخلية والتي كانت سلاحا ذا حدين. فبقدر ما مكنته من اجهاض الأزمات والمظاهرات التي اندلعت في مراحل سابقة مثلما حدث في حالتي حماة (1982) والقامشلي (2004), أفقدته القدرة على استيعاب مخزون الغضب والاحتقان الشعبي. وعلى خلفية ذلك, تعامل النظام مع المطالب الشعبية بنوع من اللامبالاة, وفشل في خلق قنوات للتواصل مع الشعب من خلال تشجيع وتدعيم أنشطة مؤسسات المجتمع المدني والنقابات المهنية وتوسيع هامش الحريات أمام الأحزاب السياسية لتمكينها من التعبير عن مطالب الجماهير, والسماح بتأسيس اعلام مهني حر واحترام استقلال القضاء.

لذا وعندما اندلعت الأحداث الأخيرة لم يستطع النظام التواصل مع المحتجين ولم تنجح مجمل الاجراءات "المسكنة" التي اتخذها للالتفاف على مطالبهم الرئيسية في تحقيق نتائج تذكر, مثل رفع حالة الطوارئ والغاء محكمة أمن الدولة العليا, خصوصا أنها جاءت متأخرة بشكل جعلها لا تتوافق مع تطور الأحداث وتصاعد حدة المواجهات بين النظام والمحتجين التي أدت الى رفع سقف المطالب من اجراء اصلاحات سياسية واقتصادية الى الدعوة لسقوط النظام السياسي برمته على غرار ما حدث في مصر وتونس.

سيناريوهات متعددة

وصول الأزمة الى هذه المرحلة الخطيرة وعجز النظام السوري عن احتوائها سياسيا وأمنيا, يؤكد أن سورية باتت على مفترق طرق رئيسي, وأن ثمة ثلاثة سيناريوهات لما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع. السيناريو الأول, هو رضوخ الرئيس بشار الأسد الى الضغوط الداخلية والخارجية الشديدة التي يتعرض لها ويقبل اما باجراء اصلاحات حقيقية تنهي سيطرة العلويين على السلطة وتتيح للمكونات الأخرى في المجتمع المشاركة في عملية اتخاذ القرار, أو بالتنحي عن السلطة مثلما حدث في حالتي تونس ومصر.

 لكن هذا السيناريو يواجه عقبتين: أولاهما, أن خبرة تعامل النظام مع مثل هذه المواقف, تشير الى أنه يتجنب دائما تبني سياسة مرنة يمكن, في رؤيته, أن تعطي انطباعا بالضعف وربما تشجع المحتجين على رفع سقف مطالبهم. وثانيتهما, أن مراكز القوى التي تسيطر على مفاصل صنع القرار في الدولة ربما تسعى للحيلولة دون الاقدام على اجراء اصلاحات حقيقية يمكن أن تضر بمصالحها السياسية والاقتصادية وتقلص من نفوذها داخل دوائر صنع القرار.

أما السيناريو الثاني, فيتمثل في حدوث انقلاب عسكري, بتدبير من مراكز قوى داخل النظام والعائلة الحاكمة للالتفاف على المطالب الرئيسية للمحتجين والحفاظ على سيطرة العلويين على مقاليد السلطة, وهو سيناريو يواجه بدوره صعوبات عدة أهمها رفض المكونات المجتمعية الأخرى لاستمرار سيطرة العلويين على السلطة, فضلا عن احتمال دخول العلويين أنفسهم في صراع محموم على ترتيب الأوضاع فيما بعد انهيار نظام بشار الأسد.

فيما يتمثل السيناريو الثالث والأهم في الدخول في أتون حرب أهلية يمكن أن تؤدي الى تفتيت سورية الى دويلات صغيرة على أسس طائفية وعرقية. هذا السيناريو يكتسب أهمية وزخما خاصا لاعتبارين: أولهما, التركيبة "الفسيفسائية" للمجتمع السوري والتي ربما تكون أكثر تعقيدا وتشابكا من حالة العراق. ورغم عدم وجود معلومات موثقة بشأن التوزيع الديموجرافي للمجتمع السوري, وهي خطوة متعمدة من جانب النظام الحاكم, فان الواقع يقول ان سورية دولة متعددة القوميات والأعراق, وأن هذه القوميات والأعراق ربما تخرج عن صمتها الذي دام عقوداً عدة, بسبب السياسة القمعية التي تبناها النظام في التعامل معها, لتطالب بحقوقها السياسية والاقتصادية.

فمن الناحية العرقية, ينقسم المجتمع السوري الى عرب (90.3 في المئة), وأكراد (7 في المئة) فيما تتوزع النسبة الباقية بين الشركس والأرمن وبعض القوميات الأخرى. أما من الناحية المذهبية فينقسم الى سنة (74 في المئة), وشيعة (16 في المئة منهم 12 في المئة علويون و4 في المئة دروز), ومسيحيين (10 في المئة), الى جانب عدد قليل من اليهود.

هذا التنوع العرقي والطائفي يعود الى الموقع الستراتيجي الذي تحظي به سورية, والتي كانت ملتقى لكثير من الحضارات والثقافات والأديان وساحة للصراع بين كثير من الامبراطوريات على مدار التاريخ, فضلا عن الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها القوى الاستعمارية الكبرى لتقسيم المستعمرات في بداية القرن العشرين, والتي عمدت من خلالها الى احداث تشابكات طائفية وعرقية في هذه المنطقة, مثل اتفاقية "سايكس بيكو" التي وقعت العام 1916 بين فرنسا وبريطانيا لترسيم مناطق النفوذ في الهلال الخصيب.

وثانيهما, بروز مؤشرات لاحتمال ظهور حالة من التوتر والاحتقان العرقي والمذهبي في سورية خلال الفترة المقبلة, على خلفية تصاعد الدور السياسي لبعض القوى الدينية التي تتبنى نهجا متشددا في التعامل مع بعض الأقليات الموجودة, الى جانب اتجاه بعض القوميات السورية مثل الأكراد الى رفع سقف مطالبها السياسية, حيث انتقل الأكراد من المطالبة بمنح حق الجنسية لمئات الآلاف من أبناء عرقهم, وهو القرار الذي وافق عليه النظام بسبب قوة الضغوط التي يتعرض لها, الى المطالبة باعتراف الدستور بهم كثاني أكبر قومية في الدولة وتوسيع هامش الحريات العامة المتاح أمام مواطنيهم والغاء القيود المفروضة على تأسيس الأحزاب وتكوين ادارة ذاتية للأكراد في المناطق التي يعيشون بها تمهد لاقامة نظام فيدرالي مثل اقليم كردستان العراق.

توجه إقليمي مؤيد للنظام

المهم في كل ذلك, أن اندلاع حرب أهلية في سورية يمكن أن ينتج تداعيات سلبية ربما تفوق ما أحدثه الصراع الطائفي في العراق عقب سقوط نظام صدام حسين من تأثيرات, وذلك بسبب وقوع سورية في منطقة رخوة تتميز بتداخل طائفي ومذهبي ملحوظ, بشكل يدعم من امكانية انتقال عدوى الصراع الطائفي الى دول الجوار, وهو ما دفع العديد من القوى الاقليمية الى التدخل في الأزمة سعيا لتجنب تداعياتها. والمفارقة هنا هو أن معظم هذه القوى اتفقت على أن بقاء النظام السوري الحالي يمثل مصلحة عليا لها, وان اختلفت في أهدافها وأدواتها.

 فقد دعمت ايران منذ البداية الاجراءات التي اتخذها النظام في مواجهة الاحتجاجات التي وصفتها بدورها بأنها "فتنة ومؤامرة خارجية", في تناقض واضح مع موقفها من أحداث البحرين, الذي أدى الى توتير علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي, وهو ما يمكن تفسيره في أن ايران ترى في بقاء هذا النظام ضمانا لاستمرار نفوذها وحضورها الاقليمي في هذه المنطقة, خصوصا أن حليفها السوري يمثل "همزة الوصل" مع كل من "حزب الله" اللبناني وحركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" الفلسطينيتين, بما يعني أن اختفاءه عن المشهد السياسي السوري كفيل بارباك حسابات ايران الستراتيجية ومنح الفرصة لخصومها لتقليم أظافرها وكبح طموحاتها النووية والاقليمية.

مخاوف ايران لا تنتهي عن هذا الحد, فحتى في حالة نجاح النظام السوري في الافلات من شبح السقوط, فان ذلك لن يتأتى الا من خلال اقدامه على اجراء اصلاحات حقيقية داخل بنية السلطة, وهو توجه ربما لن يكتسب شرعيته الا بموافقة القوى الكبرى التي يمكن أن تشترط ابتعاده عن طهران مقابل دعم بقائه.

أما تركيا فتعتبر سورية بوابتها الرئيسية الى العالم العربي وشريكا اقتصاديا مهما, بما يعني أن حدوث أزمة في سورية تؤدي الى سقوط النظام يمكن أن يفقد تركيا أوراقا اقليمية مهمة تستثمرها لتدعيم حضورها في الشرق الأوسط, فضلا عن أن ذلك كفيل بتعريض تركيا لأزمات عدة منها التدفق المحتمل لعدد كبير من اللاجئين السوريين الى الحدود المشتركة بين البلدين والتي تصل الى 877 كيلومتراً. وعلى ضوء ذلك اندفعت تركيا الى حث النظام السوري على اجراء عملية اصلاح حقيقية تستطيع تقليص حدة الاحتقان الموجودة وتحفظ بقاء النظام, لكن جهودها لم تثمر نتائج ملموسة بسبب تباطؤ النظام السوري في تلبية مطالب المحتجين, فضلا عن امتعاض دمشق من البيان الذي أصدرته أنقرة والذي دان استخدام العنف ضد المتظاهرين واعتبر أن الغاء قانون الطوارئ غير كافٍ, واستدعاء أنقرة لسفيرها لدى دمشق للتشاور, الى جانب استضافتها لعدد من رموز المعارضة مثل المراقب العام لجماعة "الاخوان المسلمين" السورية الذي عقد مؤتمرا صحفيا باسطنبول, في بداية شهر أبريل, وجه خلاله انتقادات حادة للنظام السوري, وألمح الى امكانية تصعيد المواجهات مع النظام في حالة رفضه الاستجابة للمطالب الشعبية.

وبدورها ترى اسرائيل في الحفاظ على نظام الأسد مصلحة حيوية بالنسبة لها, فرغم أن النظام السوري ينتهج سياسة خارجية لا تريح تل أبيب كثيرا بسبب تحالفه الوثيق مع ايران ودعمه ل¯"حزب الله" اللبناني وحركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي" الفلسطينيتين, فانه كان حريصا في الوقت ذاته على عدم تصعيد الموقف مع اسرائيل بسبب هضبة الجولان, وهو ما جعل اسرائيل تدافع عن بقاء النظام السوري, حتى في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية, التي تشير مؤشرات عدة الى أنها وضعت النظام السوري على رأس القائمة بعد اسقاط النظام العراقي العام 2003, لكن تدخل اسرائيل منع حدوث ذلك, لأن تل أبيب ترى أن النظام الموجود هو أفضل بديل بالنسبة لها, خصوصا أن حالة الضبابية التي يتسم بها المشهد السياسي السوري تفرض صعوبات على امكان التكهن بالبدائل المطروحة للحلول محل النظام القائم.

الملفت للنظر هنا أن هذا التوافق الاقليمي على أهمية بقاء نظام بشار الأسد في السلطة وجد دعما ضمنيا من جانب القوى الدولية. فبينما ما زالت الولايات المتحدة عازفة عن التدخل بقوة على خط الأزمة الداخلية السورية رغم الاتهامات الموجهة اليها بدعم بعض حركات المعارضة, مكتفية بمطالبة النظام السوري بتغيير سلوكه, تزعمت كل من روسيا والصين جبهة رفض فرض عقوبات دولية على سورية, بحجة أن قمع المتظاهرين السوريين لا يشكل تهديدا للأمن الدولي وأن التدخل الأجنبي في هذا البلد قد يؤدي الى حرب أهلية, وهي مؤشرات توحي بأن الأزمة السورية لن تجد طريقها الى الحل في المستقبل القريب. سيناريوهات متعددة واحتمالات متقاطعة كلها تؤشر الى أن سورية مقبلة على مفترق طرق رئيسي سوف تحسم ملامحه حدود الصراع القائم الآن بين النظام السوري وحركة الاحتجاج التي بدأت تكتسب أرضية في الداخل وشرعية في الخارج.

 

     

أمانة "14 آذار": لا "7 آب" ولا 300 "7 آب" جديدة تستطيع إبقاء لبنان تحت وصاية سلاح "حزب الله"

نظمت الأمانة العامة لقوى "14 آذار" ندوة في الذكرى العاشرة لـ7 آب 2001 تحت عنوان "رفضا لتكرار احداث آب 2001 في آب 2011".

وأوضح الصحافي شارل جبور في افتتاح الندورة ان المبادرة تأتي انطلاقا من كون 14 آذار مؤتمنة على الحريات العامة كما على قيم السيادة والاستقلال والعدالة والعيش المشترك، وفي ظل الهواجس من العودة بالبلاد إلى زمن ما قبل الخروج السوري من لبنان، هذه الهواجس التي تثبتها الوقائع يوما بعد يوم منذ الانقلاب الأسود وتشكيل حكومة سوريا وحزب الله في لبنان إلى التحريض الوزاري على وسائل الإعلام اللبنانية تمهيدا لإسكاتها وصولا إلى عودة الشبيحة إلى شوارع بيروت في مشهد يذكرنا بواقعتي قصر العدل وتظاهرة السواطير التي أطلت برأسها مجددا للاعتصام غدا تحت عنوان ما يسمى المقاومة ردا على الوقفة التضامنية مع الشعب السوري.

واوضح "نجتمع اليوم لإحياء ذكرى كنا اعتقدنا أن أصحابها اتعظوا من أن نهج القمع والتسلط والظلم والاستبداد لا يدوم في لبنان، فلا 7 آب ولا 300 7 آب كان باستطاعتها إبقاء لبنان تحت نير الوصاية السورية، كما لا 7 آب ولا 300 7 آب جديدة باستطاعتها إبقاء لبنان تحت نير وصاية سلاح حزب الله".

واضاف "لقد حاولوا ضرب اتقاق الطائف فاغتالوا الرئيس رينيه معوض، وحاولوا ضرب المصالحة الوطنية فاعتقلوا الدكتور سمير جعجع، وحاولوا ضرب الدينامية السيادية-الاستقلالية التي أطلقها البطريرك صفير في البيان الأيلولي فكانت 7 آب، وحاولوا ضرب جسور الشراكة المسيحية-الإسلامية التي امتدت بين بكركي والمختارة وقرنة شهوان وقريطم فاغتالوا الرئيس رفيق الحريري، هذا الاغتيال الذي أدى بخلاف كل الإغتيالات السابقة والغاية من ورائها إلى مزيد من الوصل لا الفصل، فكانت انتفاضة الاستقلال وثورة الأرز".

ولفت الى انه "لم يعد من مكان في هذا العالم للاستبداد وللأنظمة التي تصادر الحريات، فالشعوب تريد الحرية والديموقراطية والعيش بكرامة، ولكن، ويا للأسف، في الوقت الذي تناضل فيه الشعوب العربية للحصول على الحرية، نرى في لبنان من يحاول بقوة السلاح سلب هذه الحرية من اللبنانيين وانتاج نظام استبدادي بعكس الواقع اللبناني التاريخي ورياح التغيير في المنطقة والتي حظيت اليوم بموقف ينسجم مع دور الكنيسة التاريخي من خلال مطالبة قداسة البابا بينديكتوس السادس عشر الاستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين السوريين".

وشدد على "إن الربط بين آب 2001 وآب 2011 حتمته الوقائع التي أسلفنا، ومن هنا جاء اختيار الأمانة العامة للشخصيات المنتدية التي ترمز بحضورها إلى هاتين المحتطين، من الدكتور توفيق هندي الذي كان الضحية الأكبر لأحداث 7 آب باعتقاله 15 شهرا وكاد يحكم عليه بالإعدام، إلى الدكتور سامي نادر بصفتيه المناضل في سبيل الحريات وممثلا عن الـMTV المحطة الشريكة في معركة السيادة والاستقلال، والصحافية سناء الجاك التي أضاءت بقلمها سنوات الظلمة في عهد الوصاية والتي استفزها ما يحكى اليوم عن وجوب ضبط الإعلام وتقييد الحريات، والكاتب يوسف بزي الثائر في وجه الطغاة والمتسلطين في لبنان والعالم العربي وأحد أبرز المحركين للقاءات التضامنية مع الشعب السوري، وصولا إلى اليساري الديموقراطي الياس عطالله الذي كان أحد أبرز المساهمين في فتح الباب على الربيع اللبناني، وقد ظل ينظر بقلق إلى مستقبل هذا الربيع إلى حين أطل الربيع العربي باعتباره إحدى الضمانات لديمقراطية لبنان".

من جهته ذكر الاستاذ توفيق الهندي انه "في مثل هذا اليوم منذ عشرة سنوات عند الساعة الثامنة مساء" إستباحت قوة من ممتهني العنف الرسمي منزلي وإختطفتني دون أية مذكرة توقيف رسمية، وسط صراخ إبنتي ساره وهي في العاشرة من عمرها وأحتجاجات زوجتي القوية والمحبة. فكبلوني بزناري وربطوا رأسي بقميسي وساقوني إلى أقبيتهم القبيحة، أقبية القهر والتعذيب حيث أجروا ما سموه الإستجواب الأولي لمدة أحد عشر يوما". هذا ما حصل معي في تلك الليلة المشؤومة وهذا ما تمارسه السلطة نفسها اليوم في سوريا بحق المناضلين من أجل الحرية".

وتابع "بعد ذلك، نقلوني لمدة ستة أيام إلى الإنفرادي في قصر نورا وتم إستجوابي من قبل قاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية وبعدها نقلت إلى إلى سجن روميه ذّات الخمسة نجوم حيث اللصوص والمهربين والمجرمين والمظلومين ونسبتهم بالمناسبة 50 %".

وشرح "بدأت مهزلة محاكمتي من القضاء المسيس وصدرالقرار الظني الذي يطالب بإعدامي. والمضحك المبكي هنا أن أحد القضاة المعنيين الرئيسيين بمحاكمتي قال لي، بعد ثلاثة أشهر من خروجي من السجن وبصوت مرتفع أمام جمهور واسع في صالون كنيسة الحكمة جاء للتعزية بفقيد وذهل الناس لما سمعوه: "قلت لقريب لك عندما كنت لا تزال قيد المحاكمة أنهم سوف يحكمونك بالسجن خمسة عشر شهرا" ليحفظوا ماء وجههم".

ولفت الى ان "7 آب 2001، محطة تاريخية هامة لأضخم عملية قمع قامت بها السلطة الأمنية-السورية اللبنانية منذ 1994 بهدف الإجهاز على المسيرة الاستقلالية التي شهدت انطلاقتها العملية في 20 أيلول 2000 من خلال نداء بكركي التاريخي. وقد تم توقيت هذا النداء بعد سلسلة أحدلث هامة : جلاء الاحتلال الإسرائيلي عن جنوب لبنان في 25 أيار 2000، فشل لقاء كلينتون-الأسد في جينيف في الشهر عينه وتوقف المفاوضات نهائيا" على المسار السوري- الإسرائيلي، كما وفاة الرئيس حافظ الأسد في 10 حزيران. وأجراء الانتخابات النيابية في آب 2000".

وذكر انه "مواكبة لهذه التطورات ، ازداد التنسيق في هذه الفترة بين القوى السيادية: من جهة لجة التنسيق الثلاثية (التيار، القوات،الأحرار) ومن جهة أخرى لقاء قرنة شهوان غير العلني والذي كان يضم في صفوفه أعضاء لجنة التنسيق الثلاثية إلى جانب شخصيات أخرى وكانت زيارة غبطة البطريرك صفير لأميركا مناسبة لترسيخ خطابه السيادي. وعند عودته، تم تنظيم استقبال شعبي حاشد في بكركي، بناء على إقتراح لقاء قرنة شهوان وإصراره. فبات للحركة السيادية في لبنان رأس أو مرشد وخطاب وطني وشعبية واسعة. فأصبح لا بد من استكمال بنائها بإعلان تأسيس لقاء قرنة شهوان الرسمي والموسع في 30 نيسان 2001 ليكون بالإضافة إلى التيار الوطني الحر ساعدها السياسي".

وشدد على انه "مع التطور والنمو السريعين للحركة السيادية بدأت تتلبد الغيوم في سماء النظام الأمني السوري- اللبناني وبدا له وكأن التواصل بين الحركة السيادية والسيد وليد جنبلاط بات ينذر بتمدده إلى الشهيد الرئيس رفيق الحريري، أي إلى داخل السلطة، مما كان يضاعف الخطر عليه. وأتت زيارة غبطته للجبل بين 3 و5 آب 2001 لترسي المصالحة التاريخية وتشكل نقلة نوعية في الوضع. فكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فانقضت السلطة على الحركة السيادية بهدف إلغائها إلغاء" كاملا" كحد أقصى ووضع حد لنموها المطرد كحد أدنى".

واردف إذا كان 7 آب عنوانا" لقمع طلاب الحركة السيادية وبعض كوادرها وقياداتها إلى جانب بعض الإعلاميين، فإنه تركز بالدرجة الأولى على خطفي واحتجازي و"محاكمتي"، لما كان لهذا الأمر من معان وتداعيات خطيرة. ولا بد هنا من التذكير بأن خطة السلطة تمحورت حول "محاكمتي": ففبركت مؤامرة جعلتني بطلها، مفادها أني تآمرت بهدف لا يقل عن التعرض لأمن الدولة، أي للانقلاب على السلطة الأمنية القابضة على حرية لبنان. ولكن السؤال هو، لماذا بين كل قيادات الحركة السيادية انتقتني السلطة لتفعل فعلها؟ لأني كنت في الوقت عينه بنظرها الحلقة الأضعف وبالتالي لن ينتج عن إعتقالي تداعيات ذات شأن والحلقة الأقوى بمعنى أن فعاليتي في التصدي لها يتطلب إغتيالي سياسيا" إن لم يكن بالإمكان إغتيالي جسديا"،مما يشكل درسا" وترهيبا" لللحركة الإستقلالية . هذه هي سمة الأنظمة الدكتاتورية".

وختم "إني متفائل موضوعيا" بالمستقبل القريب: إن ربحهم تكتيكي مؤقت جدا" وخسارتهم محتمة وإستراتيجية. في النهاية ، لبنان الكيان والشعب والدولة هو وحده الذي سوف ينتصر.! فالنصر للبنان الكيان التعددي المميز في محيطه والدولة العصرية القوية الآمنة المستقرة السيدة الحرة العربية الديمقراطية. النصر لثورة الشعوب العربية من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة".

اما الصحافي يوسف بزي، لفت الى "اننا نجتمع اليوم هنا، متسلحين بالفقرة (ج) من مقدمة الدستور اللبناني، التي تنص على أن "لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد"، ونجتمع هنا لنقول أن حركة 14 آذار في منطلقاتها، وقبل "إنتفاضة الإستقلال"، إنما هي حركة الإستقلاليين والسياديين الذين ناضلوا منذ تسعينات القرن العشرين من أجل استرداد الديموقراطية والدفاع عن الحريات، وتحكيم الدستور في حياتنا العامة. ويبدو أننا مقبلون على هكذا نضال مجدداً".

واضاف "كلنا نذكر أنه بعد العام 1998، بدا واضحاً أن "الوصاية السورية" قررت تكوين سلطة "عسكريتارية" في لبنان، فاستولى الجهاز الأمني المشترك اللبناني-السوري على الحياة السياسية وأمسك بمفاصلها وكواليسها ولغتها وقراراتها، وتحول هذا الجهاز إلى "حكومة خفية"، وانتشر في الأدبيات السياسية مصطلح "الأشباح". تلك السلطة العسكريتارية- المخابراتية بسطت نفوذها على الوزارات والمؤسسات، وفرضت سطوتها على المجلس النيابي، ونفذت إلى الجسم القضائي وعبثت به".

وتابع "كلنا نذكر كيف أن هذا الجهاز الأمني المشترك كان في ممارسته اليومية وفي عقليته يعبّرعن ازدرائه العميق للحياة المدنية وللحريات العامة والفردية. كان ذاك عهد الرقابة بامتياز وعهد القمع المتمادي إلى حدّ منع "نشيد الأناشيد" في مهرجانات بعلبك مثلاً. كان عهد الأفلام الممنوعة والأشرطة الموسيقية الممنوعة والكتب الممنوعة. عهد إقفال محطات التلفزة وعهد التهديدات والملاحقة اليومية للصحافيين وعهد الاتصالات الهاتفية للصحف بأوامر ما هو مسموح وما هو غير مسموح نشره وكتابته".

واوضح "بلغ القمع ذرى جديدة بعد العام 2000، إذ لم تعد تكتفي سلطة الوصاية وأدواتها بالاستيلاء على الحياة السياسية وعلى الدولة، إنما صارت تطارد كل شاب وكل ناشط وكل مجموعة سياسية معارضة. هل تذكرون كيف كان يتم تشويه سمعة كل ناشط عبر اعتقاله بتهمة اللواط؟ هل تذكرون كيف كان يتم تشويه سمعة كل شاب معارض عبر تلفيق تهمة من نوع "عبادة الشيطان" أو تعاطي المخدرات؟ ناهيكم طبعاً عن تهمة العمالة لإسرائيل؟ هل تذكرون عمليات الخطف الليلي، وجحافل العسكر عند بوابات الجامعات؟ هل تذكرون التنصت على الهواتف، والشاحنات المعبأة بالشبان، وأقبية المعتقلين تحت الأرض؟"

وتابع "نجتمع اليوم في 7 آب 2011 لنذكّر أنفسنا ونذّكر اللبنانيين أنه في مثل هذا التاريخ قبل عشر سنوات، قام "زعران" أو "شبيحة" أو "بلطجية" أو "أشباح" النظام الأمني المشترك اللبناني- السوري، بتحطيم أضلع وتكسير عظام الطلاب أمام مبنى العدلية في يوم أسود للحريات وللديمقراطية اللبنانية. حيث لم يتم فقط قمع تظاهرات الشبان والطلاب، إنما تم ترهيب اللبنانيين جميعهم من أجل تعميم روحية الرضوخ وتعميم قانون الصمت والإذعان"

وذكر انه "بعد عشر سنوات على هذه الذكرى، قام الزعران الفاشيون، رفقاء "الشبيحة" وحلفاء "الأشباح"، بالاعتداء يوم 4 آب 2011 على ناشطين شبان نظموا اعتصاماً مدنياً- سلمياً في شارع الحمرا مقابل السفارة السورية. وهي حادثة من سلسلة حوادث تقع في تلك المنطقة بالذات، منذ غزوة 7أيار 2008 ، التي أحالت الشطر الغربي من بيروت إلى منطقة محتلة من قبل ميليشيات الحزب السوري القومي الإجتماعي، حليف حزب السلاح. وتزامنت حادثة الحمرا مع ميل لدى مجلس الوزراء لتسليط الرقابة الزجرية على الإعلام اللبناني كي يكون إما ساكتاً وإما بوقاً إضافياً للنظام السوري".

واوضح "من أجل كل هذا نعلن أن لبنان مهدد، وعلى عكس مجرى التاريخ، مرة جديدة، بحرياته. مهدد بازدياد المربعات الأمنية التي نكتشفها مرة في لاسا ومرة في الحمرا ومرات لا تحصى في عين الحلوة أو البقاع الغربي أو في الضاحية الجنوبية أو في ضواحي طرابلس. ونعلن أنه ممنوع على أحد منع حرية التعبير وحرية التظاهر. ممنوع على أي كان، سلطة أو ميليشيا، المسّ بشعرة في رأس شابة لبنانية أو شاب لبناني يريد أن يعتصم أو أن يضيء شمعة أو أن يقول كلمة.

إن 14 آذار تعلن أنه بعد كل ما حدث منذ 7 آب 2001 : ممنوع الخوف".

واشار الى "إن 14 آذار تحذر حزب السلاح وحلفاءه، وتحذر السلطة، وتحذر الشبيحة، بأن الحريات خط أحمر، وهي بالنسبة إلينا معركة المعارك. وسنواجه هذه النزعة المستجدة نحو القمع بكل الوسائل القانونية، والمدنية والسلمية. وإننا نحمل السلطة الجديدة مسوؤلية ما حدث في بيروت ونطالبها بملاحقة الفاعلين ومحاكمتهم، إلا إذا كانت هذه السلطة هي نفسها من طينة سلطات ما قبل 2005 التي رعت تظاهرات السواطير ونأت بنفسها عن حقوق الإنسان وعن مسؤوليتها بالدفاع عن الحريات وصونها. إننا، أيضاَ، بهذه المناسبة ندعوكم لدعم التحرك الذي سيقوم به مثقفون لبنانيون غداً عند التاسعة مساءً أمام نصب شهداء لبنان في وسط بيروت للتضامن مع الشعب السوري الذي ينتفض من أجل الحرية، كما انتفضنا نحن للمرة الأولى في 7 آب 2001 وانتفضنا في 14 آذار 2005 ضد النظام نفسه وملحقاته المحلية".

بدورها اعتبرت الصحافية سناء الجاك ان "حرية التعبير محفوظة في لبنان هذه الايام، فقط لمن يؤيد النظام السوري ومعه محور الممانعة. اما من يعارض فليس له ان يستعين بالقوى الامنية اللبنانية التي تنأى بنفسها فلا تتدخل تاركة للتعبير الديموقراطي بالسكاكين والعصي ان يأخذ مداه. كما حصل في الحمرا قبل ايام، مع شبيحة محليين وتحت انظار القوى الامنية. والنتيجة حتى تاريخه: لا عقاب ولا من يحزنون، مع ان الواقعة موثقة بالصوت والصورة والشهود".

وتابعت ان "الطريف ان يقول السفير السوري علي عبد الكريم : «نحن ليس لدينا (أمن) خاص بنا و(أمننا) هو الأمن اللبناني، متوجهاً بالشكر للقيادات الأمنية والجيش الذين سارعوا إلى الاستجابة وضبط إيقاع الأمن».

انا اصدق السفير السوري...الامن في لبنان له ايقاع تضبطه قوى الممانعة على نغماتها الخاصة الاستنسابية، وتحديداً عندما يتعلق الامر بحرية التعبير للاعلامي الذي لا يوالي هذه القوى".

وشددت على ان الحال ليست طارئة علينا، والسبب كان دائماً وابداً حساسية الشقيقة من حرية التعبير عندنا...وليس سراً ما اوردته صحيفة النهار في زاوية (اسرار) نقلا عن مسؤول سابق قال إن انزعاج سوريا من حرية الاعلام في لبنان ليس جديداً، وهي حاولت في مستهل عهد الرئيس الراحل الياس سركيس فرض الرقابة على الصحف. يكفي ان نعود الى اغتيال رياض طه وسليم اللوزي وغيرهم... لنعرف ان اعتبار لبنان "خاصرة رخوة" سببه الاول والاخير حرية التعبير والاعلام التي تزعج الجيران".

وتابعت "من هنا كان لا بد من ترويضنا وارساء اسس "الرقابة الذاتية"، والتي يلتزم بها حوالى 90 % من الاعلاميين ممن استفتتهم مؤسسة "مهارات" وقالوا أنهم امتنعوا في وقت من الأوقات أثناء عملهم عن التطرق الى موضوع معين".

واوضحت "كلنا نعرف انه بعد اتفاق الطائف، تلازمت "الرقابة الذاتية" مع العمل الجدي لارساء نظام امني سوري- لبناني لكم الافواه والايدي التي لا تجيد البصم والتصفيق. الرئيس فؤاد السنيورة كان اول ضحاياه، عندما حوصر مكتبه 36 ساعة في الحكومة الاولى للرئيس الشهيد رفيق الحريري. والحجة ان سكرتيرته انتقدت الجيش بعد رفض السنيورة الذي كان وزيرا للمال آنذاك المواقفة على صفقة سيارات رباعية الدفع وحديثة الطراز ليكزدر فيها الضباط ذوي الحظوة. آنذاك كان النظام الامني بقيادة اميل لحود ومعية جميل السيد يقوم بأول بروفة كم افواه ، فسعى الى توقيف السكرتيرة لولا تدخلات على اعلى المستويات. ولم يأخذ الموضوع حقه اعلامياً لأن الجيش خط احمر".

وذكرت ان الشهيد سمير قصير ذاق ايضاً طعم النظام الامني...عدا ملاحقة الامن العام له، اوقف برنامجه في تلفزيون لبنان لأنه تطرق الى مستوى الفقر في بداية عهد اميل لحود.. كلنا نعرف ان مواصيل الاجهزة وصلت الى وزراة الخارجية في حكومة الرئيس سليم الحص 1998 فتمركز فيها عدد من ضباط المخابرات. وبقيت الاشارات الاعلامية الى الموضوع خجولة. بعد ذلك لم يعد من داع لمخابرات مع الوزراء الذين تولوا حقيبة الخارجية".

ولفتت الى انه "في "7 أيار" حاولوا ان يتخلصوا من كل صوت لا ينصاع لهم. اكتشف المراسلون هذا الواقع بالتدريج. وتواترت الاخبار عن اعتداءات بالجملة والمفرق على صحافيين ومصورين. وصلت ذروتها مع الاقفال القصري لـ«المستقبل» من تلفزيون وراديو وصحيفة، اضافة الى اقتحام مكاتب مجلة «الشراع»، وكذلك اذاعة «سيفان» الارمنية في منطقة مار الياس.... ولعل مشهد احراق المبنى القديم لتلفزيون «المستقبل» في منطقة الروشة يذكرنا بـ«البيان رقم واحد» الذي يعلن بواسطته الانقلابيون انهم استولوا على مقاليد الحكم.

ومنذ "البيان رقم واحد" فهمنا ان الحمرا اصبحت مربعاً امنياً للحؤول دون حرية التعبير. وتالياً فإن من يعبرها يخضع حكماً لفحص دم في الوطنية".

واضافت "كما حصل لعمر حرقوص في ايلول 2008 عندما قالوا له: فلّ...وفلّ عمر من شارع الحمرا، كما كانت إرادة المعتدين عليه. اقنعوه ديموقراطياً بلكماتهم المركزة والموجهة الى عنقه وعينيه وصدره. ولم يحاسبهم قضاء ولا قدر. والخير لقدام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من الوزراء أثاروا التصريحات التي يطلقها بعض القيادات والشخصيات ضد النظام السوري من زاوية اانها تضر بلبنان وتعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية لسوريا، وشددوا على وجوب تنبيه اصحاب هذه المواقف الى الضرر الذي تلحقه بالعلاقة اللبنانية ـ السورية التي بنيت على اسس جديدة ايام الحكومة السابقة. (فالرئيس ميقاتي يغطي الجرائم المرتكبة هذه الايام بشماعة الحكومات السابقة)".

واوضحت "اما وزير الدولة نقولا فتوش فقد اثار مسألة "الإعلام الفالت ضد سوريا" وطريقة تعاطيه السلبية مع الوضع السوري، فشدد على أن هذا الاعلام يخالف القوانين المرعية الإجراء ولا سيما منها قانون تنظيم الاعلام الذي يحظر على وسائل الاعلام التعرض للدول الشقيقة والصديقة ورؤسائها وملوكها. وفي المعلومات ان المجلس طلب الى وزير الاعلام وليد الداعوق معالجة هذا الامر مع المؤسسات المعنية. كما تلاحظون المطالبة بتطبيق قانون الاعلام مقتصرة على تحظير التعرض لسورية وايران، فقط. فلا حقوق للأعلاميين عندما يقتربون من لاسا واخواتها.. ولا لزوم ليعلق رئيس الحكومة على منع القوى الامنية ووسائل الاعلام من الاقتراب من مكان الانفجار الاخير في الضاحية".

واضافت "مبدئياً لن نحاسبه، فنحن لا نعرف لماذا نأى بنفسه عن التطرق الى الموضوع. ايضاً لا نعرف متى سيجتمع وزير الاعلام مع المؤسسات المعنية لشرعنة كم الافواه.. لكن ابشروا... يبدو ان التطبيق لن ينتظر المعالجة الرسمية...فقد أفاد عدد من السكان في منطقة "التعمير" في صيدا عن إقدام عناصر من مخابرات الجيش اللبناني على مداهمة المنطقة واعتقال عدد من الأشخاص على خلفية شعارات مؤيدة لثورة الشعب السوري كُتبت على جدران الشوارع. بعد هذا العرض هل هناك ما يبرر القلق حيال واقع حرية التعبير في لبنان؟ ام نكتفي بالانصياع لمن يقول لنا: شو بدك بهالشغلة؟؟؟ او نبقى مصرين على "هالشغلة" حتى لو سمعنا من يقول لنا: "شو ما رح نخلص منك".

  

تطويب لبنان مستعمرة لآل الأسد!

المحامي عبد الحميد الأحدب/النهار

يا للعار، ويا للغباوة، ان لبنان الذي أراده البابا يوحنا بولس الثاني رسالة، انظروا ماذا فعل به "الشبيحة" السياسيون من انصار آل الأسد الذين يحكمون في لبنان اليوم؟

اختاروا أن يجعلوا لبنان "في منأى عن بيان مجلس الأمن الذي يستنكر قتل المدنيين في التظاهرات في سوريا"، في اليوم نفسه الذي وقف فيه حسني مبارك ونجلاه في قفص الإتهام يحاكمون بجرم قتل المدنيين المتظاهرين في تظاهرة الجمل! وكانوا ألف قتيل! وكأنه لا يربطنا بالشعب السوري الذي يذبح على الطرق أي رابط!

وكأن النظام السوري وشبيحته في حكام لبنان اليوم بكم عمي لا يبصرون، ولكن الحكومة التي أعطى بشار الأسد صباح يوم نبيه بري ونجيب ميقاتي أمر تأليفها في موعد أقصاه بعد ظهر ذاك اليوم. فتنازل بري عن الوزير الشيعي وهو الذي لم يتنازل يوماً عن حاجب شيعي في وزارة الزراعة! حين أمر بشار الأسد انصاره بتأليف الحكومة في ذاك اليوم، تدهور الوضع السوري وظهر له أن القرار الاتهامي على وشك الصدور في ذلك اليوم! حكومة بشار الأسد التي تألفت في ذلك اليوم كانت الوحيدة في الكرة الأرضية التي نأت بنفسها عن استنكار جريمة قتل الشعب السوري في الشوارع والبيوت؛ بنسائه وأطفاله وشيوخه، أي ان حكومة شبيحة بشار الأسد في لبنان عزلت لبنان عن كل الكرة الأرضية للمرة الاولى في تاريخ لبنان كُرمى عيون بشارهم.

كان المشهد بمثابة تطويب لبنان لعائلة الأسد كمستعمرة من المستعمرات التي اقتطعها لهم الفرنسيون أيام زمان حين كان إسمهم "آل الوحش".

طبعاً الرئيس سليمان نسي قسمه منذ زمن... ونبيه بري منذ حوّل منظمة "أمل" من جوهرة موسى الصدر الى ميليشيا "الشبيحة" ذات الولاء الأسدي.

هذا كي نفهم مَن هم الذين يحكمون؟

يقول ميقاتي ظهراً عكس ما يقوله "حزب الله" صباحاً عن المحكمة الدولية وعن الكيدية، ولكن عندما يجد الجد يفعل ما يقوله "حزب الله" و"شبيحة" سوريا. وهو يعتقد ان الناس أغبياء، وانهم ايضاً "بكمٌ عميٌ لا يبصرون"... ولا يفقهون. دولة الرئيس، كيف سيتحمل تاريخك السياسي؟ وكيف سيقبل شعبك وطائفتك أن تكون حكومتك هي التي تحمل وزر "أن يكون لبنان في منأى عن بيان في مجلس الأمن" صادر عن دول العالم بأسرها "يستنكر قتل المدنيين الأبرياء في سوريا على يد النظام السوري"؟

على خطى سامي الصلح، يا دولة الرئيس ونعود الى الموضوع مرة أخرى! لم يفهم سامي بك وقتها الهزات الأرضية التي ولدها حلف بغداد... وولدها عبد الناصر الذي كان هرماً يسقط العروش في ذلك الوقت... تذكر يا دولة الرئيس نجيب ميقاتي ان سامي الصلح بكل رصيده وبكل محبة الناس له انتهى "منبوذاً" بقرار اجماعي اتخذته الطائفة الإسلامية السنيّة وقتها في دار الإفتاء، فلا تتجبر أكثر من ذلك، يا دولة الرئيس.

اخترت يا دولة الرئيس أن تسير سنة 2011 على الدرب الذي سار عليه سامي الصلح سنة 1958... ضد زلازل الربيع العربي اليوم، وحتى ضد العالم بأسره، ولكن مع مَن؟ وتتكل على مَن؟ حتى روسيا التي ساندت الأسد بالأمس، تخلت عنه اليوم حين قال رئيسها ان مصيراً حزيناً ينتظره.

سامي الصلح سنة 1958 اختار نوري السعيد والأمير عبد الإله في العراق، ثم علقت مشنقة عبد الاله في بغداد... وسحل نوري السعيد في بغداد.

... ألم تشاهد، يا دولة الرئيس، حسني مبارك على التلفزيون أم ان السلطة أعمت بصرك وبصيرتك؟

أنت اخترت هذه الطريق... طريق نوري السعيد وعبد الإله سنة 1958... وطريق حسني مبارك سنة 2011. حتى الدول التي ظلت تمانع أي قرار بإدانة النظام السوري مثل روسيا والصين تأثرت ازاء المشاهد التي وصفها الأتراك كما الروس بأنها "فظائع"، إلاّ لبنان... حكومتك يا دولة الرئيس هي الوحيدة في العالم التي طوّبت بلدها مستعمرة لآل الأسد.

يا للعار... يا نجيب ميقاتي! والتاريخ بيننا، وذكريات سامي الصلح سنة 1958 هي تاريخ ناطق.

حسني مبارك جلس في قفص الاتهام، لأنه قتل المدنيين المتظاهرين... وعمر البشير والقذافي تلاحقهما المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي... ويومهما قريب في هذا الربيع العربي!

بقي صديقك بشار... وقضبان القفص هي من حتميات التاريخ الذي لا تفهمه ولا يفهمه، ولم يفهمه سنة 1958، لا سامي الصلح ولا نوري السعيد ولا عبد الإله.

 

حكومة قتلة الأطفال في سوريا!

علي حماده/النهار

مرة أخرى نعود الى الموقف المخزي والمشين الذي اتخذه لبنان في مجلس الامن من البيان المتعلق بالقمع الدموي في سوريا. فقد كان تبرير وزير الخارجية عدنان منصور متسقا مع تبعية حركة "امل" للنظام في سوريا، وأتى منسجما مع تورط "حزب الله" في اعمال القتل ضد ثوار سوريا جنبا الى جنب مع الشبيحة واجهزة المخابرات، والوية الجيش الصافية الولاء فلم ير الاستاذ منصور (سفير سابق في ايران) لا قمعا دمويا وقتلا للاطفال والنساء و الشيوخ، ولا قصفا للمدن الآمنة بالمدفعية والدبابات، بل جل ما توقف عنده كان العنوان التافه لتغطية التبعية اللبنانية للنظام في سوريا  بالحديث عن العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا. وكأن العلاقات المميزة معناها مناصرة القتلة واثبات التبعية لنهجهم المتداعي رغم كل الآلام والدماء والدموع. ولنكن منطقيين، فلولا تغطية رئيس الجمهورية المنشغل بحسابات الناطور والمختار في كسروان و جبيل  و بالتنافس الضيق الافق مع ميشال عون، ولولا موافقة رئيس الحكومة الذي يثبت يوما بعد يوم انه حقيقة "رجل بشار الاسد"، لما كان موقف العار اللبناني في مجلس الامن. فبين الثنائي الشيعي القابض على رقاب اللبنانيين بالسلاح والتسلط المسلح، و اذعان البعض، وتواطؤ البعض الآخر، ما كان لبنان صنو الحرية و الكرامة ليقف بجانب قتلة الاطفال داعما للقتل ومغطيا الجرائم في اعلى المحافل الدولية: في مجلس الامن!

و قبل ان ننسى، كنا تمنينا لو كان مندوب لبنان في الامم المتحدة العزيز نواف سلام حاضرا ليدلي بموقف الحكومة ليعلن على اثره استقالته امام سفراء الدول الاعضاء الاربعة عشر الباقين، ليسجل، وهو ابن "ثورة الارز"، امام العالم اجمع انه يعترض على موقف حكومته، ويرفضه جملة و تفصيلا، بل ويخجل به، لأن لبنان لا يمكن ان يكون مع قتلة الاطفال في سوريا او في اي مكان آخر في العالم!

لقد بلغت تبعية البعض لقتلة الاطفال حد التطبع على تقبل احدى اكبر الجرائم السياسية والانسانية وهي ترتكب على ابواب لبنان، وعلى مرأى ومسمع من العالم بأسره. وبلغت التبعية حد محاولة شطب  معنى وجود لبنان التاريخي و الانساني والسياسي و الاجتماعي من اجل العودة الى عصر مضى، كتغليب مشروع ميلشيوي فئوي مافيوي الجوهر على مشروع الدولة الواحدة والعادلة التي يطمئن اليها اللبنانيون، وبلغت سليقة التبعية لدى البعض انهم ما عادوا يرون نبض شارعهم الحقيقي (طرابلس) وهم الذين انتخبهم الشعب على اساس مواقف والتزامات واضحة ومحددة، فنكثوا بالعهود متسلحين بابتسامات فارغة يوزعونها يمنة ويسرى وفي ظنهم انه يمكن قول الاشياء و عكسها كل الوقت لكل الناس. وبمعنى أوضح، ظنوا كما يقول المثل، انه في مقدورهم الكذب على كل الناس كل الوقت.

ان لبنان لا يمكن الا ان يقف بجانب المظلومين في سوريا. واحرار لبنان وهم الغالبية العظمى والساحقة في بلاد الارز يتعاطفون مع الثورة السورية، وبالتأكيد لن يكون لبنان نصير القتلة في لبنان ولا في سوريا، والفريقان وجهان لعملة واحدة. فنحن لا نريد ان تكنى حكومة لبنان ايضا بـ"حكومة قتلة الاطفال "في  سوريا"!

 

 الشطارة...

حازم صاغيّة، لبنان الآن

في الخمسينات والستينات برز سياسيّ لبنانيّ اسمه حسين العويني، كُلّف غير مرّة رئاسة الحكومة وتولّى أكثر من وزارة. العويني كان حاجًّا، ولهذا كبر اسمه الأوّل فصار "الحاج حسين". وكان أيضاً صاحب مصرف ورجل أعمال وتجارة مع الخليج والسعوديّة، الشيء الذي وفّر له علاقات تخدمه في السياسة. وهو، إلى ذلك، لم يكن زعيماً شعبيًّا، أي لم يرشّح نفسه للانتخابات إلا نادراً، فكان الاختيار يقع عليه بالتوافق بين سياسيّين. وأهمّ من ذلك أنّ عبارته التي ارتقت إلى شعار في الحياة السياسيّة اللبنانيّة لم تكن سوى "هيك وهيك"، أي كلّ شيء ولا شيء في آن معاً.

ولم يكن العويني نسيج وحده في الـ"هيك وهيك" التي كُرّست بوصفها عنوان الشطارة والبراعة. فشارل حلو الذي تولّى رئاسة الجمهوريّة بين 1964 و1970، كانت لديه، هو الآخر، نسخته الخاصّة عن الـ"هيك وهيك". ذاك أنّه حين كان يريد تفادي الموقف الصريح كان يلجأ إلى عبارات دينيّة وقصص من الإنجيل وأحياناً شذرات من الفلسفة الإيمانيّة الأوروبيّة. وغالباً ما كان يلجأ بإفراط إلى هذه.

وهناك في تاريخ لبنان الحديث سياسيّون كثيرون يصعب أن يتذكّر واحدنا موقفاً لهم، أو عبارة شاعت عنهم. مع هذا، ارتسمت لهم هالة يصعب التشكيك فيها بوصفهم "رجال دولة كباراً".

غنيّ عن القول إنّ امتزاج التركيبة الطائفيّة للمجتمع اللبنانيّ بالتركيبة التجاريّة الماليّة الطاغية على اقتصاده تولّد هذه الحالة التي ربّما كان حدّها الأدنى مفيداً، لجهة مراعاة الحساسيّات الكثيرة والجري وراء تسويات في الداخل والخارج لا بدّ منها. إلاّ أنّ حدّها الأقصى الذي نعيشه اليوم مع نجيب ميقاتي كارثة محقّقة. فالشطارة، حين تحتدم التناقضات الداخليّة فيما تخرج أمورنا من أيدي قراراتنا "الضيعجيّة" إلى القرار العالميّ، وحين تنشب في جوارنا انتفاضة في حجم الانتفاضة السوريّة، تتحوّل غباء محضاً.

لا يخفّف من هذا البؤس "تحديث" الشطارة عبر الانتساب إلى عصر الاتّصالات المعولمة، مصدر ثراء الأخوين طه ونجيب ميقاتي، تماماً كما لا يخفّف منه "تأصيل" الشطارة من خلال التديّن وواجباته وفروضه، على ما كان يفعل حسين العويني وشارل حلو. هناك أزمنة لا مكان فيها للشطارة. وهذا أحدها.

 

إجماع "عربي- تركي- أممي" على إدانة سلوك النظام السوري بمواجهة المحتجين..و"حكومة ميقاتي" تظهّر تخندقها مع الأسد

دمشق: الرياض إستدعت سفيرها وطلبت "وقف آلة القتل".. واحتدام "الرسائل الحازمة" مع أنقرة

الاثنين 8 آب 2011

بعدما أغرق الخيار العسكري والأمني الذي سلكه النظام السوري بمواجهة التحركات الشعبية المناهضة له، المدن السورية في دوامة قتل ودم تحصد عشرات الضحايا المدنيين ومئات الجرحى والمعتقلين والنازحين يوميًا في مختلف أنحاء سوريا.. لم تجد الدول العربية بدًّا من كسر حاجز الصمت حيال الأحداث اللاإنسانية المستفحلة في المشهد السوري، وفي هذا السياق جاء توصيف العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لما تشهده سوريا من "تساقط أعداد كبيرة من الشهداء الذين أريقت دماؤهم" بأنه مشهد "ليس من الدين ولا من القيم والأخلاق"، منبهًا القيادة السورية إلى أنّ "مستقبل سوريا بين خيارين لا ثالث لهما، فإما أن تختار بإرادتها الحكمة، أو أن تنجرف إلى أعماق الفوضى والضياع".

 

وإذ شدد على أنّ "الحدث في سوريا أكبر من أن تبرره الأسباب"، طالب الملك عبدالله من منطلق "المسؤولية التاريخية للمملكة العربية السعودية نحو أشقائها، بإيقاف آلة القتل وإراقة الدماء، وتحكيم العقل قبل فوات الآوان، وطرح وتفعيل إصلاحات لا تغلفها الوعود، بل يحققها الواقع، ليستشعرها المواطنون في سوريا في حياتهم، كرامةً وعزةً وكبرياء"، معلنًا "في هذا الصدد إستدعاء المملكة العربية السعودية سفيرها (في دمشق) للتشاور حول الأحداث الجارية" في سوريا.

تزامنًا، وفي أول بيان صادر عن جامعة الدول العربية حول مجريات الأحداث في سوريا، دعت الجامعة على لسان أمينها العام نبيل العربي السلطات السورية إلى "الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والحملات الأمنية ضد المدنيين"، محذرًا في المقابل من "مخاطر الإنزلاق نحو سيناريوهات الفتنة الطائفية والفوضى في سوريا، التي سيكون لها نتائج مدمرة على المصالح العليا للشعب السوري وعلى الأمن والاستقرار في المنطقة".

في غضون ذلك، إحتدم التوتر على خط دمشق – أنقرة الرسمي مع إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن صبر بلاده "نفد ازاء استمرار نظام الاسد في قمعه الدموي للمتظاهرين" وأعلن إيفاد وزير خارجيته احمد داود اوغلو حاملاً "رسالة حازمة" بهذا المعنى إلى القيادة السورية، مشددًا في هذا المجال على أنّ "تركيا لا يمكنها ان تبقى تتفرج على أعمال العنف الجارية في بلد تجمعها به حدود طولها 850 كلم وروابط تاريخية وثقافية وعائلية"... في المقابل سارع النظام السوري بالرد على أردوغان فتوعده على لسان مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان بأنّ وزير الخارجية التركي سيسمع في دمشق "كلاما أكثر حزماً" من الموقف التركي.

أما على الصعيد الدولي، فقد دعا الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري بشار الأسد خلال اتصال هاتفي الى وقف الحملة العسكرية التي يشنها نظامه ضد المتظاهرين، وأوضح مارتن نيسيركي المتحدث باسم بان كي مون انه "ابلغ الأسد بالرسالة الواضحة الصادرة عن مجلس الامن الدولي، وحضه على وقف استخدام القوة العسكرية ضد المدنيين فورا".

إلى ذلك، أعلنت النمسا تعليق تنفيذ عقد مع سوريا لتلسيمها أوراقًا مالية من الليرة السورية (وقع عام 2008 مع البنك الوطني السوري بقيمة 600 مليون) يطبعها أحد فروع المصرف المركزي النمساوي، وأوضح الناطق باسم الخارجية النمساوية بيتر لانسكي تيفنتال أنَّ بنك "أو.بي.أس" لإصدار الأوراق المالية والضمانات "إتخذ هذا القرار بسبب القمع العنيف الذي يتعرض له المتظاهرون في سوريا وانه أبلغ نائب المستشار وزير الخارجية مايكل سبيندليغر بذلك".

وفي خضمّ هذا الإجماع عربيًا وإقليميًا ودوليًا حيال توصيف مجريات الأحدث في سوريا.. برز تفرّد لبنان الرسمي في التخندق إلى جانب النظام السوري وإيران بمواجهة المجتمعات العربية والإقليمية والدولية، وهو تفرّد ظهّرته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من خلال إيفاد وزير خارجيتها عدنان منصور إلى دمشق حيث "بحث مع الرئيس بشار الأسد العلاقات الثنائية وسبل تطويرها"، وقد شكلت زيارة منصور هذه مناسبة للأسد لكي تنقل وكالة "سانا" للأنباء الرسمية تأكيده أن "سوريا ماضية في طريق الإصلاح بخطوات ثابتة"، مشددًا في هذا السياق على أنّ التعامل مع من وصفهم الأسد بـ"الخارجين عن القانون" هو "واجب على الدولة لحماية أمن مواطنيها وحياتهم"... وبدوره، أعرب منصور عن "رفض لبنان لمحاولات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية"، مجددًا معادلة "استقرار لبنان من استقرار سوريا".