المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار يوم 08 آب/11

رومة الفصل 08/31-38/محبة الله في المسيح يسوع

وبعد هذا كله، فماذا نقول؟ إذا كان الله معنا، فمن يكون علينا؟ الله الذي ما بخل بابنه، بل أسلمه إلى الموت من أجلنا جميعا، كيف لا يهب لنا معه كل شيء؟ فمن يتهم الذين اختارهم الله، والله هو الذي بررهم؟ ومن يقدر أن يحكم عليهم؟ والمسيح يسوع هو الذي مات، بل قام، وهو الذي عن يمين الله يشفع لنا. فمن يفصلنا عن محبة المسيح؟ أتفصلنا الشدة أم الضيق أم الاضطهاد أم الجوع أم العري أم الخطر أم السيف؟ فالكتاب يقول: من أجلك نحن نعاني الموت طوال النهار، ونحسب كغنم للذبح. ولكننا في هذه الشدائد ننتصر كل الانتصار بالذي أحبنا.

وأنا على يقين أن لا الموت ولا الحياة، ولا الملائكة ولا رؤساء الملائكة، ولا الحاضر ولا المستقبل ولا قوى الأرض ولا قوى السماء، ولا شيء في الخليقة كلها يقدر أن يفصلنا عن محبة الله في المسيح يسوع ربنا.

 

عناوين النشرة

*حقيقة "7 آب"/بقلم/الياس الزغبي

*نطق أبو الهول، فيا للهول!!!/جامعة الدول العربية تدعو السلطات السورية للوقف الفوري لكل أنواع العنف 

*السفير الأميركي في سوريا روبرت فور يتعهد بمواصلة التنقل في أنحاء سوريا ويؤكد سعي واشنطن لزياد الضغط 

*87 شهيداً خلال 15 ساعة ماضية.. واعتقال وليد البني وولديه و4 صحافيين ونشطاء آخرين 

*وزير "خارجيتنا" يزور الأسد لـ"كسب الرضى": نرفض التدخل الأجنبي في شؤونكم 

*أمانة "14 آذار": لا "7 آب" ولا 300 "7 آب" جديدة تستطيع إبقاء لبنان تحت وصاية سلاح "حزب الله"

*تطويب لبنان مستعمرة لآل الأسد/المحامي عبد الحميد الأحدب/النهار

*حكومة قتلة الأطفال في سوريا/علي حماده/النهار

*لجنة جرد جبيل": بيان المطارنة عن لاسا معبّر نرفض تراخي الدولة أمام القوة المسلحة

*طرابلس لم تنأ بنفسها/احمد عياش/النهار  

*الخلاف على الموقف في مجلس الأمن يواكب صراعاً مفتوحاً على ملفات كبيرة/هل دخل لبنان زمن التأثر المباشر بالتداعيات السورية/روزانا بومنصف/النهار

*فكاهة وليد المعلم/طارق الحميد/الشرق الأوسط

*االسوريون في مواجهة البرازيل/عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط

*السنيورة يحمل بعنف على حكومة «متحف الشمع» وجنبلاط في اسطنبول يبحث في وضع سورية ولبنان

*«أسف» خليجي لـ«الاستخدام المفرط للقوة» في سورية ودعوة إلى «وقف العنف وإجراء الاصلاحات الضرورية»

*النائب السابق مصباح الاحدب أسف لموقف لبنان "الملتبس" في مجلس الأمن حيال القضية السورية 

*لحود والأسد عاقبا رفيق الحريري بعدم الإستفادة من نفط لبنان بسبب القرار 1559 

*شاهدوا صور شبيحة "القومي" في الحمرا يمارسون ما تعلموه من أسيادهم ويبنون شبكة استخباراتية/طارق نجم/ موقع 14 آذار

*بيروت من ساحة شهدائها تصرخ بمثقفيها وشبابها ورأيها العام: كفى ايها الديكتاتور... زمن البطش انتهى/ سلمان العنداري/ موقع 14 آذار

* تحن حماة البلد ولسنا حماة الأسد"…ماذا يحصل في الجيش السوري/طارق نجم/موقع 14 آذار

*داعية مصري: محاكمة مبارك إهانة له وللشعب ولقادة حرب أكتوبر

*موقف مخز لحكومة ميقاتي "الشبيحية" الحرس ثورية/داود البصري /السياسة

*إسألوا عن.. علي حسن خليل/المستقبل  

*دمشق- تل أبيب- "حزب الله": هل من حاجة إلى حرب/محمد قواص/ موقع 14 آذار

*مؤشرات «غير أخلاقية» على بداية ابتعاد لبناني عن دمشق/حازم الأمين/الحياة

*الصدمة الإيجابية/عبدالله إسكندر/الحياة

*لماذا الصمت العربي أمام الوضع في سورية/خالد الدخيل/الحياة

*"النهار" تنشر وثيقة أساسية في الذكرى العاشرة لاعتقالات 7 آب 2001/خلاصة إفادة اللواء نديم لطيف عن التحقيقات معه في مديرية المخابرات

*داخل مغارة جعيتا كرسيان حجريان من أيام الفينيقيين للملك والملكة/عبد اللطيف فاخوري (محامٍ ومؤرخ)  النهار  

مار القربي: حكومة لبنان شريكة النظام السوري في الإجرام.. وعذرها أقبح من ذنب 

*الراعي زار الشوف ودير القمر وترأس قداس عيد سيدة التلة بحضور رئيس الجمهورية:

*الراعي يختتم جولته الشوفية غدا

*الراعي زار المكتبة الوطنية في بعقلين

*عون في عشاء هيئة الشوف بالتيار الوطني: كل الذين مدوا اياديهم الى الخزينة يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم

 

تفاصيل النشرة

 

ذكرى 7 آب 2001/ذكرى القمع المخابراتي اللبناني والسوري، وذكرى خيانة عون لأنصاره وللقضية

الياس بجاني/تعود إلى الذاكرة اللبنانية اليوم أحداث 07 آب 2001 القمعية التي استهدفت يومها الأحرار والسياديين من التجمعات المسيحية من خلال حملة أمنية همجية غير مسبوقة والتي تبين فيما بعد بالوقائع والإثباتات أنها كانت حملة منسقة بالكامل بين ميشال عون والنظامين الأمنيين السوري واللبناني بهدف ضرب القوات اللبنانية وتظهير أنصار عون فقط بالضحايا والأبطال. الياس الزغبي في مقالة له نشرت اليوم تحمل عنوان" حقيقة "7 آب" يكشف تفاصيل وأهداف تلك المؤامرة العونية السورية. في اسفل المقالة

 

حقيقة "7 آب"

بقلم/الياس الزغبي

لا شيء يستطيع طمس قضيّة "7 آب" 2001، أو الغاءها من الذاكرة الوطنيّة، لا مرور الزمن، ولا انكار أو تنصّل مرتكبيها وضحاياها معا.

هي، في جوهرها، "بروفا" للمحاولة الانقلابيّة في 23 كانون الثاني 2007، والانقلاب الناقص في 7 أيّار 2008، والانقلاب الراهن في 13 حزيران 2011 (حكومة "حزب الله" – ميقاتي).

الأهداف هي نفسها: تثبيت النظام الأمني العقائدي القمعي (بعث أو "حزب الله"). والوسائل هي نفسها: استخدام السلاح ومنطق الغلبة (اعتقالات وتنكيل أو قطع طرق أو اجتياح مسلّح أو قمصان سود).

لكنّ الأهم والأشدّ اثارة أنّ القائمين بكلّ هذه الانقلابات هم أنفسهم!

نعم، وشهادة للحقيقة، وانصافا للأبرياء الذين دفعوا ثمن 7 و9 آب 2001، ومعظمهم ما زال ضحيّة جهله، على طريقة التواطؤ مع الجلاّد وتكريمه والالتحاق به، لا بدّ من الاضاءة على الواقعات والأشخاص والأهداف:

- في الوقائع، قضت الخطّة بوضع كوادر "التيّار العوني" في واجهة الاعتقال والقمع، والتعتيم ما أمكن على معتقليّ "القوّات"، لأسباب نوضحها مع الأهداف. وقضت كذلك بتكبير التّهمة الى حدّ العمالة والتخطيط لضرب الاستقرار، لمزيد من التوظيف السياسي، كما قضت بالترويج الاعلامي الى أقصاه، والاسراع في اطلاق سراح كوادر قريبة ولصيقة بالعماد عون، مع الشكر والاعتذار، واستغلال دموع بعض المعتقلين، لاسيّما الكبار منهم بالسنّ. وهناك واقعة أكّدت ضلوع "عونيّين" في القمع أمام قصر العدل، تبيّن أنّهم من "الأجهزة" أيضا (شراكة وشركة منذ ذلك الحين).

- في الأشخاص، لم تكن 7 و 9 آب 2001 من نتاج طرف واحد. المؤسف أنّها كانت نتاجا مشتركا بين قيادتي الضحايا والجلاّدين. سبقت عمليّة القمع والاعتقال اتصالات وعمليّة تنسيق بين الطرفين، واتفقا على تقاطع المصالح والأهداف، وحتّى التفاصيل التنفيذيّة، وكان أمامهم متّسع من الوقت بين زيارة البطريرك صفير للجبل والتنفيذ (3 أيّام). كانت العلاقة ممتازة في حينه (ولا تزال)، بين اليرزة وقيادة الأمن العام ومرجعيّتهما السوريّة من جهة، وشارع فالسبورغ – الدائرة 17 في باريس، من جهة ثانية.

الضحايا لم يكونوا على علم بما كان يُدبَّر لهم، والمحزن أنّهم ما زالوا غير مدركين ما اقترفت قيادتهم بحقّهم، بل ما زالوا يكيلون لها المدائح والتسابيح، وأحدهم بات نائبا يُشيد بقامعيه ووليّه، كمن يلعق دمه.

- في الأهداف، تلاقت مصلحتا طرفي الخطّة:

الأوّل سعى الى نسف نتائج مصالحة الجبل التاريخيّة، لأنّ استمراريّة الوصاية السوريّة تفرض الفصل وليس الوصل بين القوى والطوائف.

الثاني سعى الى مضاعفة العطف الشعبي، وهذا ما حصل بالفعل. وكان الطرف الأوّل يريد فعلا زيادة شعبيّة الثاني وتقليص شعبيّة "القوّات" وابقاء قائدها في السجن أطول مدّة ممكنة، بمعرفة واطمئنان مسبقين أنّه سيقطف شعبيّة عون لاحقا، على قاعدة تسمين الخواريف. وهذا أيضا ما تحقّق بعد الخروج العسكري السوري (ألم يقطف النظام 21 ثمّ 27 نائبا "عونيّا"، والتحاقا كاملا به، واستماتة في الدفاع عنه الآن؟). 

لقد استثمر العقل المخابراتي السوري في آلام ضحاياه، ونجح. وهم اليوم يقفون في الصفّ الأوّل دفاعا عن نظامه. لا يهمّ كم تناقص عددهم، لكنّ الخطير أنّ من تبقّى منهم مغمضون، عاجزون عن رؤية الحقيقة.

انّهم مرشّحون لدور الضحايا مرّتين، مرّة مع صعود هذا النظام وأُخرى مع هبوطه، كأنّه قدر اغريقي مرصود. بينما تتمدّد قيادتهم وترتاح على معاناتهم، وهم لاهون. هي تشطب من ذاكرتهم 7 آب بعدما أعطت ثمارها، كما شطبت 13 تشرين وبرّأت فاعليها.. وهم غافلون. ألم يفعل النظام الوصي الشيء نفسه بشطب ذاكرة الاسكندرون؟

الوصي والموصى عليه من القماشة نفسها.

في التاريخ السياسي، هناك حقائق لا تنكشف الاّ بتراكم معطياتها مع الزمن.

اذا لم يكن في استطاعة ضحايا "7 آب" ادراك الحقيقة في وقتها، بفعل براعة اخفائها، فعلى الأقلّ أن يفتحوا عيونهم عليها اليوم، بعد اكتمال عناصرها. سبقهم متنبّهون الى اليقظة، فما بالهم يوغلون في الغفلة والنوم؟

هل يصعب عليهم التأكّد من أنّ حلفاء 2001 (بل قبل ذلك بكثير)، هم أنفسهم حلفاء اليوم؟

وهل يصدّقون قائدهم في قوله: لا قمع في سوريّا بل دفاع عن النفس، وشرعة حقوق الانسان ماركة تجاريّة؟

اذا صدّقوه يعني أنّ النظام نفسه لم يقمعهم قبل 10 سنوات، بل دافع عن نفسه وهم المعتدون، وأنّهم كانوا يرفعون الشرعة فوق نضالهم كشعار تجاري! وليعتذروا، اذا، من شارل مالك في هدأة قبره.

قليل من الوعي، ولو متأخّرا، يُفرح قلوبهم.. وقلب لبنان.

الأحد 07 آب/2011

 

نطق أبو الهول، فيا للهول!!!/جامعة الدول العربية تدعو السلطات السورية للوقف الفوري لكل أنواع العنف 

المنسقية/نقلت وكالة الأنباء القطرية عن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي قوله "إن الجامعة تشعر بقلق متزايد بشأن التطورات في سوريا"، ودعا السلطات الى "الوقف الفوري لجميع أعمال العنف ضد المحتجين". وقالت الوكالة "إن العربي أصدر بياناً عبر فيه عن قلقه المتزايد وانزعاجه الشديد من تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا من جراء تصاعد العنف والأعمال العسكرية الدائرة في حماة ودير الزور وأنحاء مختلفة من سوريا".

 

السفير الأميركي في سوريا روبرت فور يتعهد بمواصلة التنقل في أنحاء سوريا ويؤكد سعي واشنطن لزياد الضغط 

تعهد السفير الأميركي روبرت فورد بعد عودته إلى سوريا بمواصلة تنقلاته على مختلف المناطق، مندداً بحملة القمع "المفرطة" التي يشنها النظام السوري ضد الحركة الإحتجاجية.

وفي حديث لقناة "أيه بي سي" الأميركية قبل مغادرته واشنطن بـمواصلة التنقل داخل سوريا"، وقال: "لا يعنيني كثيراً (أن تغضب دمشق)، إذ يتعين أن نبدي تضامننا مع المحتجين السلميين"، وأضاف: "لن يثنيني شيء عن فعل الأمر ذاته غداً (زيارة حماة او غيرها من المدن) إذا تطلب الأمر ذلك، فسأواصل تنقلي عبر سوريا، لا يمكنني التوقف عن ذلك"، لافتاً إلى أنَّ "هدف" وجوده في سوريا "من اساسه هو التمكن من التواصل ليس فقط مع الحكومة السورية بل مع الشعب السوري". وإذ عبر عن شعوره الشخصي بـ"القلق الشديد" إزاء مصير بعض الأشخاص الذين التقى بهم "وبينهم البعض ممن يخشى أنَّهم باتوا الآن قيد الإعتقال أو ربما قتلوا"، إلا أنَّ فورد أصر على "الحاجة إلى التنقل خارج العاصمة"، وأضاف: "لا بد من أن يكون هناك من يشهد على ما تفعله الحكومة السورية"، مشدداً على أنَّ "التلفزيون الحكومي السوري لا يحظى بمصداقية ويردد جميع أنواع الأكاذيب". إلى ذلك، أعلن فورد سعي بلاده لـ"زيادة الضغط" على النظام السوري، واصفاً العنف ضد المحتجين بأنَّه "مفرط وشنيع". (أ.ف.ب.)

 

87 شهيداً خلال 15 ساعة ماضية.. واعتقال وليد البني وولديه و4 صحافيين ونشطاء آخرين 

لازال الجيش السوري مصحوباً بالعناصر الامنية وفرق الموت والعتاد الثقيل يمارس اطلاق الذخيرة الحية بحق المواطنين العزل والمدنيين في دير الزور اثر اقتحامه لمناطق جديده هناك، وبلغ عدد الشهداء للآن 42 شهيداً منذ الصباح نتيجة اطلاق الرصاص العشوائي.

من ناحية اخرى بلغ عدد الشهداء في منطقة الحولة التابعة لمحافظة حمص 17 شهيداً من الصباح وحتى الآن أغلبهم قتلوا برصاص قناصة تابعة للسلطات السورية تطلق النار على كل هدف متحرك. كما ان تظاهرة حاشدة خرجت في مدينة ادلب ليلة امس مصحوبة بتظاهرة نسائية، احتجاجاً على اعتقال خمسة نساء من ادلب، لكن عناصر الأمن وفرق الموت "الشبيحة" قامت باطلاق النار عليهم من الخلف الامر مما خلف ثمانية قتلى واربعون جريحاً الامر الذي دفع اكثر من 50 عنصراً من عناصر حفظ النظام للانشقاق والحيلولة دون اطلاق النار فأطلقت عناصر الامن النار عليهم وقتلت عشرة عناصر من حفظ النظام، وقبل قليل واثناء تشييع بعض شهداء ادلب قامت اجهزة الامن وفرق موتها باطلاق النار على مواكب التشييع، وقتلت عشرة اشخاص وعشرات الجرحى.

من ناحية أخرى اعتقلت السلطات السورية المعارض السوري د.وليد البني وولديه مؤيد وإياد أمس السبت في مدينة التل بريف دمشق. والبني عضو الهيئة التأسيسية لمنتدى الحوار الوطني وعضو لجان إحياء المجتمع المدني، ومعتقل سابق على خلفية ربيع دمشق لمدة خمس سنوات "2001-2006" ومعتقل لمدة عامين ونصف على خلفية اعلان دمشق "2008-2010". وقامت الاجهزة الامنية يوم الخميس بتاريخ 4/8/2011 باختطاف الصحفية إباء منذر في صحيفة بلدنا والصحفي عمر الأسعد وعاصم حمشو مواليد1984 ورودي عثمان وذلك من أحد مقاهي جرمانا في ريف دمشق. يذكر ان اصدقاء الصحافية اباء انشأؤوا صفحة على الفيس بوك للتضامن معها والمطالبة باطلاق سراحها وسراح زملائها.

كما قامت سلطات الامن ضمن سلسلة الاعتقالات باعتقال المهندس محمد احمد رزوق مهندس معلوماتية من حماه قرية الشيحة وهو من مواليد 1987، كما تم اعتقال علا كيالي بتاريخ 6/8/2011 من مدينة حلب بطريقة الاختطاف، وهذا الاعتقال الثاني لها.

 المصدر : وكالات

 

وزير "خارجيتنا" يزور الأسد لـ"كسب الرضى": نرفض التدخل الأجنبي في شؤونكم 

منصور: مصلحة لبنان الحقيقية تتحقق في استقرار سوريا التي نتشارك معها بالحدود والمصالح

موقع 14 آذار/التقى الرئيس السوري بشار الأسد وزير الخارجية عدنان منصور وبحث معه العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، في حضور وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة شعبان، معاون وزير الخارجية أحمد عرنوس، سفير سوريا علي عبد الكريم علي، سفير لبنان في دمشق ميشال خوري والوفد المرافق للوزير منصور. كما، تناول اللقاء الأوضاع اللبنانية بعد تشكيل الحكومة الجديدة إضافة إلى الأوضاع في سوريا، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا). ونقلت الوكالة عن الأسد تأكيده أن "سوريا ماضية في طريق الإصلاح بخطوات ثابتة، وأن التعامل مع الخارجين عن القانون من أصحاب السوابق الذين يقطعون الطرقات ويغلقون المدن ويروعون الأهالي واجب على الدولة لحماية أمن مواطنيها وحياتهم". من جهته أعرب منصور عن رفض لبنان لمحاولات التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، مؤكداً أن "استقرار لبنان هو من استقرار سوريا، وأن ما يجمع البلدين أكبر بكثير من كونه علاقات بين بلدين متجاورين بحكم علاقات التاريخ والثقافة والأخوة".

كما زار منصور نائب رئيس الجمهورية العربية السورية فاروق الشرع وعرض معه للأوضاع الاقليمية والعلاقات الثنائية، مكرراً موقف الحكومة اللبنانية "في الحرص على استقرار سوريا وأمنها وعلى أمان شعبها وازدهاره".

وعقد منصور والوفد المرافق جلسة عمل في مقر وزارة الخارجية السورية مع نظيره السوري وليد المعلم وكبار معاونيه، حيث تم استعراض العلاقات الثنائية من مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والاغترابية، كما عرض الوزير السوري لمسار الاوضاع الداخلية في سوريا.

وفي ختام الزيارة قام منصور بزيارة تفقدية لمكاتب السفارة اللبنانية في دمشق واطلع على سير العمل في مختلف أقسامها، كما جال في أسواق دمشق القديمة وعاين الحركة الطبيعية الجارية فيها. وأكد منصور، في تصريح أن "الثقة والاطمئنان اللذين لمستهما لدى الرئيس بشار الاسد والمسؤولين السوريين الذين قابلتهم، يجعلانني أكثر اطمئنانا ان المسيرة الاصلاحية التي يتم تنفيذها في سوريا سوف تعطي ثمارها قريبا باتجاه استتباب الأمن وعودة الحياة الطبيعية الى ربوع سوريا وهذا أمر ينعكس إيجابا على لبنان، لاسيما ان مصلحة لبنان الحقيقية تتحقق في استقرار سوريا التي نتشارك معها 85 في المئة من حدودنا البرية ونتشارك معها بمصالح سياسية واقتصادية كبيرة، ونحن تهمنا في النهاية مصلحة شعبنا التي تكمن في استقرار العمق الاقليمي الذي تشكله له سوريا فضلا عن الروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية العديدة".

 

أمانة "14 آذار": لا "7 آب" ولا 300 "7 آب" جديدة تستطيع إبقاء لبنان تحت وصاية سلاح "حزب الله"

نظمت الأمانة العامة لقوى "14 آذار" ندوة في الذكرى العاشرة لـ7 آب 2001 تحت عنوان "رفضا لتكرار احداث آب 2001 في آب 2011".

وأوضح الصحافي شارل جبور في افتتاح الندورة ان المبادرة تأتي انطلاقا من كون 14 آذار مؤتمنة على الحريات العامة كما على قيم السيادة والاستقلال والعدالة والعيش المشترك، وفي ظل الهواجس من العودة بالبلاد إلى زمن ما قبل الخروج السوري من لبنان، هذه الهواجس التي تثبتها الوقائع يوما بعد يوم منذ الانقلاب الأسود وتشكيل حكومة سوريا وحزب الله في لبنان إلى التحريض الوزاري على وسائل الإعلام اللبنانية تمهيدا لإسكاتها وصولا إلى عودة الشبيحة إلى شوارع بيروت في مشهد يذكرنا بواقعتي قصر العدل وتظاهرة السواطير التي أطلت برأسها مجددا للاعتصام غدا تحت عنوان ما يسمى المقاومة ردا على الوقفة التضامنية مع الشعب السوري.

واوضح "نجتمع اليوم لإحياء ذكرى كنا اعتقدنا أن أصحابها اتعظوا من أن نهج القمع والتسلط والظلم والاستبداد لا يدوم في لبنان، فلا 7 آب ولا 300 7 آب كان باستطاعتها إبقاء لبنان تحت نير الوصاية السورية، كما لا 7 آب ولا 300 7 آب جديدة باستطاعتها إبقاء لبنان تحت نير وصاية سلاح حزب الله".

واضاف "لقد حاولوا ضرب اتقاق الطائف فاغتالوا الرئيس رينيه معوض، وحاولوا ضرب المصالحة الوطنية فاعتقلوا الدكتور سمير جعجع، وحاولوا ضرب الدينامية السيادية-الاستقلالية التي أطلقها البطريرك صفير في البيان الأيلولي فكانت 7 آب، وحاولوا ضرب جسور الشراكة المسيحية-الإسلامية التي امتدت بين بكركي والمختارة وقرنة شهوان وقريطم فاغتالوا الرئيس رفيق الحريري، هذا الاغتيال الذي أدى بخلاف كل الإغتيالات السابقة والغاية من ورائها إلى مزيد من الوصل لا الفصل، فكانت انتفاضة الاستقلال وثورة الأرز".

ولفت الى انه "لم يعد من مكان في هذا العالم للاستبداد وللأنظمة التي تصادر الحريات، فالشعوب تريد الحرية والديموقراطية والعيش بكرامة، ولكن، ويا للأسف، في الوقت الذي تناضل فيه الشعوب العربية للحصول على الحرية، نرى في لبنان من يحاول بقوة السلاح سلب هذه الحرية من اللبنانيين وانتاج نظام استبدادي بعكس الواقع اللبناني التاريخي ورياح التغيير في المنطقة والتي حظيت اليوم بموقف ينسجم مع دور الكنيسة التاريخي من خلال مطالبة قداسة البابا بينديكتوس السادس عشر الاستجابة للمطالب المشروعة للمواطنين السوريين".

وشدد على "إن الربط بين آب 2001 وآب 2011 حتمته الوقائع التي أسلفنا، ومن هنا جاء اختيار الأمانة العامة للشخصيات المنتدية التي ترمز بحضورها إلى هاتين المحتطين، من الدكتور توفيق هندي الذي كان الضحية الأكبر لأحداث 7 آب باعتقاله 15 شهرا وكاد يحكم عليه بالإعدام، إلى الدكتور سامي نادر بصفتيه المناضل في سبيل الحريات وممثلا عن الـMTV المحطة الشريكة في معركة السيادة والاستقلال، والصحافية سناء الجاك التي أضاءت بقلمها سنوات الظلمة في عهد الوصاية والتي استفزها ما يحكى اليوم عن وجوب ضبط الإعلام وتقييد الحريات، والكاتب يوسف بزي الثائر في وجه الطغاة والمتسلطين في لبنان والعالم العربي وأحد أبرز المحركين للقاءات التضامنية مع الشعب السوري، وصولا إلى اليساري الديموقراطي الياس عطالله الذي كان أحد أبرز المساهمين في فتح الباب على الربيع اللبناني، وقد ظل ينظر بقلق إلى مستقبل هذا الربيع إلى حين أطل الربيع العربي باعتباره إحدى الضمانات لديمقراطية لبنان".

من جهته ذكر الاستاذ توفيق الهندي انه "في مثل هذا اليوم منذ عشرة سنوات عند الساعة الثامنة مساء" إستباحت قوة من ممتهني العنف الرسمي منزلي وإختطفتني دون أية مذكرة توقيف رسمية، وسط صراخ إبنتي ساره وهي في العاشرة من عمرها وأحتجاجات زوجتي القوية والمحبة. فكبلوني بزناري وربطوا رأسي بقميسي وساقوني إلى أقبيتهم القبيحة، أقبية القهر والتعذيب حيث أجروا ما سموه الإستجواب الأولي لمدة أحد عشر يوما". هذا ما حصل معي في تلك الليلة المشؤومة وهذا ما تمارسه السلطة نفسها اليوم في سوريا بحق المناضلين من أجل الحرية".

وتابع "بعد ذلك، نقلوني لمدة ستة أيام إلى الإنفرادي في قصر نورا وتم إستجوابي من قبل قاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية وبعدها نقلت إلى إلى سجن روميه ذّات الخمسة نجوم حيث اللصوص والمهربين والمجرمين والمظلومين ونسبتهم بالمناسبة 50 %".

وشرح "بدأت مهزلة محاكمتي من القضاء المسيس وصدرالقرار الظني الذي يطالب بإعدامي. والمضحك المبكي هنا أن أحد القضاة المعنيين الرئيسيين بمحاكمتي قال لي، بعد ثلاثة أشهر من خروجي من السجن وبصوت مرتفع أمام جمهور واسع في صالون كنيسة الحكمة جاء للتعزية بفقيد وذهل الناس لما سمعوه: "قلت لقريب لك عندما كنت لا تزال قيد المحاكمة أنهم سوف يحكمونك بالسجن خمسة عشر شهرا" ليحفظوا ماء وجههم".

ولفت الى ان "7 آب 2001، محطة تاريخية هامة لأضخم عملية قمع قامت بها السلطة الأمنية-السورية اللبنانية منذ 1994 بهدف الإجهاز على المسيرة الاستقلالية التي شهدت انطلاقتها العملية في 20 أيلول 2000 من خلال نداء بكركي التاريخي. وقد تم توقيت هذا النداء بعد سلسلة أحدلث هامة : جلاء الاحتلال الإسرائيلي عن جنوب لبنان في 25 أيار 2000، فشل لقاء كلينتون-الأسد في جينيف في الشهر عينه وتوقف المفاوضات نهائيا" على المسار السوري- الإسرائيلي، كما وفاة الرئيس حافظ الأسد في 10 حزيران. وأجراء الانتخابات النيابية في آب 2000".

وذكر انه "مواكبة لهذه التطورات ، ازداد التنسيق في هذه الفترة بين القوى السيادية: من جهة لجة التنسيق الثلاثية (التيار، القوات،الأحرار) ومن جهة أخرى لقاء قرنة شهوان غير العلني والذي كان يضم في صفوفه أعضاء لجنة التنسيق الثلاثية إلى جانب شخصيات أخرى وكانت زيارة غبطة البطريرك صفير لأميركا مناسبة لترسيخ خطابه السيادي. وعند عودته، تم تنظيم استقبال شعبي حاشد في بكركي، بناء على إقتراح لقاء قرنة شهوان وإصراره. فبات للحركة السيادية في لبنان رأس أو مرشد وخطاب وطني وشعبية واسعة. فأصبح لا بد من استكمال بنائها بإعلان تأسيس لقاء قرنة شهوان الرسمي والموسع في 30 نيسان 2001 ليكون بالإضافة إلى التيار الوطني الحر ساعدها السياسي".

وشدد على انه "مع التطور والنمو السريعين للحركة السيادية بدأت تتلبد الغيوم في سماء النظام الأمني السوري- اللبناني وبدا له وكأن التواصل بين الحركة السيادية والسيد وليد جنبلاط بات ينذر بتمدده إلى الشهيد الرئيس رفيق الحريري، أي إلى داخل السلطة، مما كان يضاعف الخطر عليه. وأتت زيارة غبطته للجبل بين 3 و5 آب 2001 لترسي المصالحة التاريخية وتشكل نقلة نوعية في الوضع. فكانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. فانقضت السلطة على الحركة السيادية بهدف إلغائها إلغاء" كاملا" كحد أقصى ووضع حد لنموها المطرد كحد أدنى".

واردف إذا كان 7 آب عنوانا" لقمع طلاب الحركة السيادية وبعض كوادرها وقياداتها إلى جانب بعض الإعلاميين، فإنه تركز بالدرجة الأولى على خطفي واحتجازي و"محاكمتي"، لما كان لهذا الأمر من معان وتداعيات خطيرة. ولا بد هنا من التذكير بأن خطة السلطة تمحورت حول "محاكمتي": ففبركت مؤامرة جعلتني بطلها، مفادها أني تآمرت بهدف لا يقل عن التعرض لأمن الدولة، أي للانقلاب على السلطة الأمنية القابضة على حرية لبنان. ولكن السؤال هو، لماذا بين كل قيادات الحركة السيادية انتقتني السلطة لتفعل فعلها؟ لأني كنت في الوقت عينه بنظرها الحلقة الأضعف وبالتالي لن ينتج عن إعتقالي تداعيات ذات شأن والحلقة الأقوى بمعنى أن فعاليتي في التصدي لها يتطلب إغتيالي سياسيا" إن لم يكن بالإمكان إغتيالي جسديا"،مما يشكل درسا" وترهيبا" لللحركة الإستقلالية . هذه هي سمة الأنظمة الدكتاتورية".

وختم "إني متفائل موضوعيا" بالمستقبل القريب: إن ربحهم تكتيكي مؤقت جدا" وخسارتهم محتمة وإستراتيجية. في النهاية ، لبنان الكيان والشعب والدولة هو وحده الذي سوف ينتصر.! فالنصر للبنان الكيان التعددي المميز في محيطه والدولة العصرية القوية الآمنة المستقرة السيدة الحرة العربية الديمقراطية. النصر لثورة الشعوب العربية من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة".

اما الصحافي يوسف بزي، لفت الى "اننا نجتمع اليوم هنا، متسلحين بالفقرة (ج) من مقدمة الدستور اللبناني، التي تنص على أن "لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد"، ونجتمع هنا لنقول أن حركة 14 آذار في منطلقاتها، وقبل "إنتفاضة الإستقلال"، إنما هي حركة الإستقلاليين والسياديين الذين ناضلوا منذ تسعينات القرن العشرين من أجل استرداد الديموقراطية والدفاع عن الحريات، وتحكيم الدستور في حياتنا العامة. ويبدو أننا مقبلون على هكذا نضال مجدداً".

واضاف "كلنا نذكر أنه بعد العام 1998، بدا واضحاً أن "الوصاية السورية" قررت تكوين سلطة "عسكريتارية" في لبنان، فاستولى الجهاز الأمني المشترك اللبناني-السوري على الحياة السياسية وأمسك بمفاصلها وكواليسها ولغتها وقراراتها، وتحول هذا الجهاز إلى "حكومة خفية"، وانتشر في الأدبيات السياسية مصطلح "الأشباح". تلك السلطة العسكريتارية- المخابراتية بسطت نفوذها على الوزارات والمؤسسات، وفرضت سطوتها على المجلس النيابي، ونفذت إلى الجسم القضائي وعبثت به".

وتابع "كلنا نذكر كيف أن هذا الجهاز الأمني المشترك كان في ممارسته اليومية وفي عقليته يعبّرعن ازدرائه العميق للحياة المدنية وللحريات العامة والفردية. كان ذاك عهد الرقابة بامتياز وعهد القمع المتمادي إلى حدّ منع "نشيد الأناشيد" في مهرجانات بعلبك مثلاً. كان عهد الأفلام الممنوعة والأشرطة الموسيقية الممنوعة والكتب الممنوعة. عهد إقفال محطات التلفزة وعهد التهديدات والملاحقة اليومية للصحافيين وعهد الاتصالات الهاتفية للصحف بأوامر ما هو مسموح وما هو غير مسموح نشره وكتابته".

واوضح "بلغ القمع ذرى جديدة بعد العام 2000، إذ لم تعد تكتفي سلطة الوصاية وأدواتها بالاستيلاء على الحياة السياسية وعلى الدولة، إنما صارت تطارد كل شاب وكل ناشط وكل مجموعة سياسية معارضة. هل تذكرون كيف كان يتم تشويه سمعة كل ناشط عبر اعتقاله بتهمة اللواط؟ هل تذكرون كيف كان يتم تشويه سمعة كل شاب معارض عبر تلفيق تهمة من نوع "عبادة الشيطان" أو تعاطي المخدرات؟ ناهيكم طبعاً عن تهمة العمالة لإسرائيل؟ هل تذكرون عمليات الخطف الليلي، وجحافل العسكر عند بوابات الجامعات؟ هل تذكرون التنصت على الهواتف، والشاحنات المعبأة بالشبان، وأقبية المعتقلين تحت الأرض؟"

وتابع "نجتمع اليوم في 7 آب 2011 لنذكّر أنفسنا ونذّكر اللبنانيين أنه في مثل هذا التاريخ قبل عشر سنوات، قام "زعران" أو "شبيحة" أو "بلطجية" أو "أشباح" النظام الأمني المشترك اللبناني- السوري، بتحطيم أضلع وتكسير عظام الطلاب أمام مبنى العدلية في يوم أسود للحريات وللديمقراطية اللبنانية. حيث لم يتم فقط قمع تظاهرات الشبان والطلاب، إنما تم ترهيب اللبنانيين جميعهم من أجل تعميم روحية الرضوخ وتعميم قانون الصمت والإذعان"

وذكر انه "بعد عشر سنوات على هذه الذكرى، قام الزعران الفاشيون، رفقاء "الشبيحة" وحلفاء "الأشباح"، بالاعتداء يوم 4 آب 2011 على ناشطين شبان نظموا اعتصاماً مدنياً- سلمياً في شارع الحمرا مقابل السفارة السورية. وهي حادثة من سلسلة حوادث تقع في تلك المنطقة بالذات، منذ غزوة 7أيار 2008 ، التي أحالت الشطر الغربي من بيروت إلى منطقة محتلة من قبل ميليشيات الحزب السوري القومي الإجتماعي، حليف حزب السلاح. وتزامنت حادثة الحمرا مع ميل لدى مجلس الوزراء لتسليط الرقابة الزجرية على الإعلام اللبناني كي يكون إما ساكتاً وإما بوقاً إضافياً للنظام السوري".

واوضح "من أجل كل هذا نعلن أن لبنان مهدد، وعلى عكس مجرى التاريخ، مرة جديدة، بحرياته. مهدد بازدياد المربعات الأمنية التي نكتشفها مرة في لاسا ومرة في الحمرا ومرات لا تحصى في عين الحلوة أو البقاع الغربي أو في الضاحية الجنوبية أو في ضواحي طرابلس. ونعلن أنه ممنوع على أحد منع حرية التعبير وحرية التظاهر. ممنوع على أي كان، سلطة أو ميليشيا، المسّ بشعرة في رأس شابة لبنانية أو شاب لبناني يريد أن يعتصم أو أن يضيء شمعة أو أن يقول كلمة.

إن 14 آذار تعلن أنه بعد كل ما حدث منذ 7 آب 2001 : ممنوع الخوف".

واشار الى "إن 14 آذار تحذر حزب السلاح وحلفاءه، وتحذر السلطة، وتحذر الشبيحة، بأن الحريات خط أحمر، وهي بالنسبة إلينا معركة المعارك. وسنواجه هذه النزعة المستجدة نحو القمع بكل الوسائل القانونية، والمدنية والسلمية. وإننا نحمل السلطة الجديدة مسوؤلية ما حدث في بيروت ونطالبها بملاحقة الفاعلين ومحاكمتهم، إلا إذا كانت هذه السلطة هي نفسها من طينة سلطات ما قبل 2005 التي رعت تظاهرات السواطير ونأت بنفسها عن حقوق الإنسان وعن مسؤوليتها بالدفاع عن الحريات وصونها. إننا، أيضاَ، بهذه المناسبة ندعوكم لدعم التحرك الذي سيقوم به مثقفون لبنانيون غداً عند التاسعة مساءً أمام نصب شهداء لبنان في وسط بيروت للتضامن مع الشعب السوري الذي ينتفض من أجل الحرية، كما انتفضنا نحن للمرة الأولى في 7 آب 2001 وانتفضنا في 14 آذار 2005 ضد النظام نفسه وملحقاته المحلية".

بدورها اعتبرت الصحافية سناء الجاك ان "حرية التعبير محفوظة في لبنان هذه الايام، فقط لمن يؤيد النظام السوري ومعه محور الممانعة. اما من يعارض فليس له ان يستعين بالقوى الامنية اللبنانية التي تنأى بنفسها فلا تتدخل تاركة للتعبير الديموقراطي بالسكاكين والعصي ان يأخذ مداه. كما حصل في الحمرا قبل ايام، مع شبيحة محليين وتحت انظار القوى الامنية. والنتيجة حتى تاريخه: لا عقاب ولا من يحزنون، مع ان الواقعة موثقة بالصوت والصورة والشهود".

وتابعت ان "الطريف ان يقول السفير السوري علي عبد الكريم : «نحن ليس لدينا (أمن) خاص بنا و(أمننا) هو الأمن اللبناني، متوجهاً بالشكر للقيادات الأمنية والجيش الذين سارعوا إلى الاستجابة وضبط إيقاع الأمن».

انا اصدق السفير السوري...الامن في لبنان له ايقاع تضبطه قوى الممانعة على نغماتها الخاصة الاستنسابية، وتحديداً عندما يتعلق الامر بحرية التعبير للاعلامي الذي لا يوالي هذه القوى".

وشددت على ان الحال ليست طارئة علينا، والسبب كان دائماً وابداً حساسية الشقيقة من حرية التعبير عندنا...وليس سراً ما اوردته صحيفة النهار في زاوية (اسرار) نقلا عن مسؤول سابق قال إن انزعاج سوريا من حرية الاعلام في لبنان ليس جديداً، وهي حاولت في مستهل عهد الرئيس الراحل الياس سركيس فرض الرقابة على الصحف. يكفي ان نعود الى اغتيال رياض طه وسليم اللوزي وغيرهم... لنعرف ان اعتبار لبنان "خاصرة رخوة" سببه الاول والاخير حرية التعبير والاعلام التي تزعج الجيران".

وتابعت "من هنا كان لا بد من ترويضنا وارساء اسس "الرقابة الذاتية"، والتي يلتزم بها حوالى 90 % من الاعلاميين ممن استفتتهم مؤسسة "مهارات" وقالوا أنهم امتنعوا في وقت من الأوقات أثناء عملهم عن التطرق الى موضوع معين".

واوضحت "كلنا نعرف انه بعد اتفاق الطائف، تلازمت "الرقابة الذاتية" مع العمل الجدي لارساء نظام امني سوري- لبناني لكم الافواه والايدي التي لا تجيد البصم والتصفيق. الرئيس فؤاد السنيورة كان اول ضحاياه، عندما حوصر مكتبه 36 ساعة في الحكومة الاولى للرئيس الشهيد رفيق الحريري. والحجة ان سكرتيرته انتقدت الجيش بعد رفض السنيورة الذي كان وزيرا للمال آنذاك المواقفة على صفقة سيارات رباعية الدفع وحديثة الطراز ليكزدر فيها الضباط ذوي الحظوة. آنذاك كان النظام الامني بقيادة اميل لحود ومعية جميل السيد يقوم بأول بروفة كم افواه ، فسعى الى توقيف السكرتيرة لولا تدخلات على اعلى المستويات. ولم يأخذ الموضوع حقه اعلامياً لأن الجيش خط احمر".

وذكرت ان الشهيد سمير قصير ذاق ايضاً طعم النظام الامني...عدا ملاحقة الامن العام له، اوقف برنامجه في تلفزيون لبنان لأنه تطرق الى مستوى الفقر في بداية عهد اميل لحود.. كلنا نعرف ان مواصيل الاجهزة وصلت الى وزراة الخارجية في حكومة الرئيس سليم الحص 1998 فتمركز فيها عدد من ضباط المخابرات. وبقيت الاشارات الاعلامية الى الموضوع خجولة. بعد ذلك لم يعد من داع لمخابرات مع الوزراء الذين تولوا حقيبة الخارجية".

ولفتت الى انه "في "7 أيار" حاولوا ان يتخلصوا من كل صوت لا ينصاع لهم. اكتشف المراسلون هذا الواقع بالتدريج. وتواترت الاخبار عن اعتداءات بالجملة والمفرق على صحافيين ومصورين. وصلت ذروتها مع الاقفال القصري لـ«المستقبل» من تلفزيون وراديو وصحيفة، اضافة الى اقتحام مكاتب مجلة «الشراع»، وكذلك اذاعة «سيفان» الارمنية في منطقة مار الياس.... ولعل مشهد احراق المبنى القديم لتلفزيون «المستقبل» في منطقة الروشة يذكرنا بـ«البيان رقم واحد» الذي يعلن بواسطته الانقلابيون انهم استولوا على مقاليد الحكم.

ومنذ "البيان رقم واحد" فهمنا ان الحمرا اصبحت مربعاً امنياً للحؤول دون حرية التعبير. وتالياً فإن من يعبرها يخضع حكماً لفحص دم في الوطنية".

واضافت "كما حصل لعمر حرقوص في ايلول 2008 عندما قالوا له: فلّ...وفلّ عمر من شارع الحمرا، كما كانت إرادة المعتدين عليه. اقنعوه ديموقراطياً بلكماتهم المركزة والموجهة الى عنقه وعينيه وصدره. ولم يحاسبهم قضاء ولا قدر. والخير لقدام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعدد من الوزراء أثاروا التصريحات التي يطلقها بعض القيادات والشخصيات ضد النظام السوري من زاوية اانها تضر بلبنان وتعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية لسوريا، وشددوا على وجوب تنبيه اصحاب هذه المواقف الى الضرر الذي تلحقه بالعلاقة اللبنانية ـ السورية التي بنيت على اسس جديدة ايام الحكومة السابقة. (فالرئيس ميقاتي يغطي الجرائم المرتكبة هذه الايام بشماعة الحكومات السابقة)".

واوضحت "اما وزير الدولة نقولا فتوش فقد اثار مسألة "الإعلام الفالت ضد سوريا" وطريقة تعاطيه السلبية مع الوضع السوري، فشدد على أن هذا الاعلام يخالف القوانين المرعية الإجراء ولا سيما منها قانون تنظيم الاعلام الذي يحظر على وسائل الاعلام التعرض للدول الشقيقة والصديقة ورؤسائها وملوكها. وفي المعلومات ان المجلس طلب الى وزير الاعلام وليد الداعوق معالجة هذا الامر مع المؤسسات المعنية. كما تلاحظون المطالبة بتطبيق قانون الاعلام مقتصرة على تحظير التعرض لسورية وايران، فقط. فلا حقوق للأعلاميين عندما يقتربون من لاسا واخواتها.. ولا لزوم ليعلق رئيس الحكومة على منع القوى الامنية ووسائل الاعلام من الاقتراب من مكان الانفجار الاخير في الضاحية".

واضافت "مبدئياً لن نحاسبه، فنحن لا نعرف لماذا نأى بنفسه عن التطرق الى الموضوع. ايضاً لا نعرف متى سيجتمع وزير الاعلام مع المؤسسات المعنية لشرعنة كم الافواه.. لكن ابشروا... يبدو ان التطبيق لن ينتظر المعالجة الرسمية...فقد أفاد عدد من السكان في منطقة "التعمير" في صيدا عن إقدام عناصر من مخابرات الجيش اللبناني على مداهمة المنطقة واعتقال عدد من الأشخاص على خلفية شعارات مؤيدة لثورة الشعب السوري كُتبت على جدران الشوارع. بعد هذا العرض هل هناك ما يبرر القلق حيال واقع حرية التعبير في لبنان؟ ام نكتفي بالانصياع لمن يقول لنا: شو بدك بهالشغلة؟؟؟ او نبقى مصرين على "هالشغلة" حتى لو سمعنا من يقول لنا: "شو ما رح نخلص منك".

  

تطويب لبنان مستعمرة لآل الأسد!

المحامي عبد الحميد الأحدب/النهار

يا للعار، ويا للغباوة، ان لبنان الذي أراده البابا يوحنا بولس الثاني رسالة، انظروا ماذا فعل به "الشبيحة" السياسيون من انصار آل الأسد الذين يحكمون في لبنان اليوم؟

اختاروا أن يجعلوا لبنان "في منأى عن بيان مجلس الأمن الذي يستنكر قتل المدنيين في التظاهرات في سوريا"، في اليوم نفسه الذي وقف فيه حسني مبارك ونجلاه في قفص الإتهام يحاكمون بجرم قتل المدنيين المتظاهرين في تظاهرة الجمل! وكانوا ألف قتيل! وكأنه لا يربطنا بالشعب السوري الذي يذبح على الطرق أي رابط!

وكأن النظام السوري وشبيحته في حكام لبنان اليوم بكم عمي لا يبصرون، ولكن الحكومة التي أعطى بشار الأسد صباح يوم نبيه بري ونجيب ميقاتي أمر تأليفها في موعد أقصاه بعد ظهر ذاك اليوم. فتنازل بري عن الوزير الشيعي وهو الذي لم يتنازل يوماً عن حاجب شيعي في وزارة الزراعة! حين أمر بشار الأسد انصاره بتأليف الحكومة في ذاك اليوم، تدهور الوضع السوري وظهر له أن القرار الاتهامي على وشك الصدور في ذلك اليوم! حكومة بشار الأسد التي تألفت في ذلك اليوم كانت الوحيدة في الكرة الأرضية التي نأت بنفسها عن استنكار جريمة قتل الشعب السوري في الشوارع والبيوت؛ بنسائه وأطفاله وشيوخه، أي ان حكومة شبيحة بشار الأسد في لبنان عزلت لبنان عن كل الكرة الأرضية للمرة الاولى في تاريخ لبنان كُرمى عيون بشارهم.

كان المشهد بمثابة تطويب لبنان لعائلة الأسد كمستعمرة من المستعمرات التي اقتطعها لهم الفرنسيون أيام زمان حين كان إسمهم "آل الوحش".

طبعاً الرئيس سليمان نسي قسمه منذ زمن... ونبيه بري منذ حوّل منظمة "أمل" من جوهرة موسى الصدر الى ميليشيا "الشبيحة" ذات الولاء الأسدي.

هذا كي نفهم مَن هم الذين يحكمون؟

يقول ميقاتي ظهراً عكس ما يقوله "حزب الله" صباحاً عن المحكمة الدولية وعن الكيدية، ولكن عندما يجد الجد يفعل ما يقوله "حزب الله" و"شبيحة" سوريا. وهو يعتقد ان الناس أغبياء، وانهم ايضاً "بكمٌ عميٌ لا يبصرون"... ولا يفقهون. دولة الرئيس، كيف سيتحمل تاريخك السياسي؟ وكيف سيقبل شعبك وطائفتك أن تكون حكومتك هي التي تحمل وزر "أن يكون لبنان في منأى عن بيان في مجلس الأمن" صادر عن دول العالم بأسرها "يستنكر قتل المدنيين الأبرياء في سوريا على يد النظام السوري"؟

على خطى سامي الصلح، يا دولة الرئيس ونعود الى الموضوع مرة أخرى! لم يفهم سامي بك وقتها الهزات الأرضية التي ولدها حلف بغداد... وولدها عبد الناصر الذي كان هرماً يسقط العروش في ذلك الوقت... تذكر يا دولة الرئيس نجيب ميقاتي ان سامي الصلح بكل رصيده وبكل محبة الناس له انتهى "منبوذاً" بقرار اجماعي اتخذته الطائفة الإسلامية السنيّة وقتها في دار الإفتاء، فلا تتجبر أكثر من ذلك، يا دولة الرئيس.

اخترت يا دولة الرئيس أن تسير سنة 2011 على الدرب الذي سار عليه سامي الصلح سنة 1958... ضد زلازل الربيع العربي اليوم، وحتى ضد العالم بأسره، ولكن مع مَن؟ وتتكل على مَن؟ حتى روسيا التي ساندت الأسد بالأمس، تخلت عنه اليوم حين قال رئيسها ان مصيراً حزيناً ينتظره.

سامي الصلح سنة 1958 اختار نوري السعيد والأمير عبد الإله في العراق، ثم علقت مشنقة عبد الاله في بغداد... وسحل نوري السعيد في بغداد.

... ألم تشاهد، يا دولة الرئيس، حسني مبارك على التلفزيون أم ان السلطة أعمت بصرك وبصيرتك؟

أنت اخترت هذه الطريق... طريق نوري السعيد وعبد الإله سنة 1958... وطريق حسني مبارك سنة 2011. حتى الدول التي ظلت تمانع أي قرار بإدانة النظام السوري مثل روسيا والصين تأثرت ازاء المشاهد التي وصفها الأتراك كما الروس بأنها "فظائع"، إلاّ لبنان... حكومتك يا دولة الرئيس هي الوحيدة في العالم التي طوّبت بلدها مستعمرة لآل الأسد.

يا للعار... يا نجيب ميقاتي! والتاريخ بيننا، وذكريات سامي الصلح سنة 1958 هي تاريخ ناطق.

حسني مبارك جلس في قفص الاتهام، لأنه قتل المدنيين المتظاهرين... وعمر البشير والقذافي تلاحقهما المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي... ويومهما قريب في هذا الربيع العربي!

بقي صديقك بشار... وقضبان القفص هي من حتميات التاريخ الذي لا تفهمه ولا يفهمه، ولم يفهمه سنة 1958، لا سامي الصلح ولا نوري السعيد ولا عبد الإله.

 

حكومة قتلة الأطفال في سوريا!

علي حماده/النهار

مرة أخرى نعود الى الموقف المخزي والمشين الذي اتخذه لبنان في مجلس الامن من البيان المتعلق بالقمع الدموي في سوريا. فقد كان تبرير وزير الخارجية عدنان منصور متسقا مع تبعية حركة "امل" للنظام في سوريا، وأتى منسجما مع تورط "حزب الله" في اعمال القتل ضد ثوار سوريا جنبا الى جنب مع الشبيحة واجهزة المخابرات، والوية الجيش الصافية الولاء فلم ير الاستاذ منصور (سفير سابق في ايران) لا قمعا دمويا وقتلا للاطفال والنساء و الشيوخ، ولا قصفا للمدن الآمنة بالمدفعية والدبابات، بل جل ما توقف عنده كان العنوان التافه لتغطية التبعية اللبنانية للنظام في سوريا  بالحديث عن العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا. وكأن العلاقات المميزة معناها مناصرة القتلة واثبات التبعية لنهجهم المتداعي رغم كل الآلام والدماء والدموع. ولنكن منطقيين، فلولا تغطية رئيس الجمهورية المنشغل بحسابات الناطور والمختار في كسروان و جبيل  و بالتنافس الضيق الافق مع ميشال عون، ولولا موافقة رئيس الحكومة الذي يثبت يوما بعد يوم انه حقيقة "رجل بشار الاسد"، لما كان موقف العار اللبناني في مجلس الامن. فبين الثنائي الشيعي القابض على رقاب اللبنانيين بالسلاح والتسلط المسلح، و اذعان البعض، وتواطؤ البعض الآخر، ما كان لبنان صنو الحرية و الكرامة ليقف بجانب قتلة الاطفال داعما للقتل ومغطيا الجرائم في اعلى المحافل الدولية: في مجلس الامن!

و قبل ان ننسى، كنا تمنينا لو كان مندوب لبنان في الامم المتحدة العزيز نواف سلام حاضرا ليدلي بموقف الحكومة ليعلن على اثره استقالته امام سفراء الدول الاعضاء الاربعة عشر الباقين، ليسجل، وهو ابن "ثورة الارز"، امام العالم اجمع انه يعترض على موقف حكومته، ويرفضه جملة و تفصيلا، بل ويخجل به، لأن لبنان لا يمكن ان يكون مع قتلة الاطفال في سوريا او في اي مكان آخر في العالم!

لقد بلغت تبعية البعض لقتلة الاطفال حد التطبع على تقبل احدى اكبر الجرائم السياسية والانسانية وهي ترتكب على ابواب لبنان، وعلى مرأى ومسمع من العالم بأسره. وبلغت التبعية حد محاولة شطب  معنى وجود لبنان التاريخي و الانساني والسياسي و الاجتماعي من اجل العودة الى عصر مضى، كتغليب مشروع ميلشيوي فئوي مافيوي الجوهر على مشروع الدولة الواحدة والعادلة التي يطمئن اليها اللبنانيون، وبلغت سليقة التبعية لدى البعض انهم ما عادوا يرون نبض شارعهم الحقيقي (طرابلس) وهم الذين انتخبهم الشعب على اساس مواقف والتزامات واضحة ومحددة، فنكثوا بالعهود متسلحين بابتسامات فارغة يوزعونها يمنة ويسرى وفي ظنهم انه يمكن قول الاشياء و عكسها كل الوقت لكل الناس. وبمعنى أوضح، ظنوا كما يقول المثل، انه في مقدورهم الكذب على كل الناس كل الوقت.

ان لبنان لا يمكن الا ان يقف بجانب المظلومين في سوريا. واحرار لبنان وهم الغالبية العظمى والساحقة في بلاد الارز يتعاطفون مع الثورة السورية، وبالتأكيد لن يكون لبنان نصير القتلة في لبنان ولا في سوريا، والفريقان وجهان لعملة واحدة. فنحن لا نريد ان تكنى حكومة لبنان ايضا بـ"حكومة قتلة الاطفال "في  سوريا"!

 

لجنة جرد جبيل": بيان المطارنة عن لاسا معبّر نرفض تراخي الدولة أمام القوة المسلحة

النهارنوهت "لجنة اهالي جرد جبيل – جبة المنيطرة " بما ورد في بيان مجلس المطارنة الموارنة الاخير عن لاسا، معتبرة "ان الموقف الصادر عن الكنيسة مجتمعة برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي يعبّر عن تطلعات ابناء المنطقة، وخصوصاً في ما يتعلق بمطالبة الدولة بعدم التخلي عن مهمتها الأساسية، الا وهي تطبيق القانون فوراً دون مواربة".

وشكرت في بيان امس "كل الذين وقفوا الى جانب اهالي المنطقة في مطالبتهم بتطبيق القانون، ولا سيما الاعلام والرئيس امين الجميل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، والنائبين جورج عدوان وجان اوغاسابيان اللذين اثارا الموضوع في مجلس النواب بشجاعتهما المعهودة".

واذ اكدت "مواصلة توقيع عريضة شعبية أهلية بعيدة من اي توظيف سياسي، وعرضها على نواب المنطقة"، شددت على "مسؤولية الدولة الاولى والاخيرة عن استكمال اعمال المساحة فوراً، دون انتظار اي تسوية مع اي فريق"، متعهدة استكمال اعمال المساحة في جبة المنيطرة من خلال:

"- مطالبة وزير الداخلية والبلديات مروان شربل بإلزام قائمقام جبيل وإتحاد بلديات جبيل عدم المصادقة على أي رخصة بناء في لاسا، وإلزام مختاري لاسا بعدم اعطاء أي "علم وخبر" بتمليك الاراضي حتى استكمال اعمال المساحة نهائياً.

- زيارة المطارنة ابناء المنطقة وحضّهم على متابعة جهودهم في هذا الاتجاه.

- زيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان والتمني عليه المساعدة في تطبيق القانون وعدم تراخي الدولة امام اي قوة مسلحة".

 

طرابلس لم تنأ بنفسها

احمد عياش/النهار  

لم يصدر عن الرئيس نجيب ميقاتي أو أوساطه أي موقف من التظاهرة الأكبر في طرابلس حتى الآن، رداً على ما يتعرض له الشعب السوري من قمع دموي على يد نظام بشار الأسد. فيما كانت مصادره سريعة في الرد على بيان "الاخوان المسلمين" في سوريا والذي انتقد سلوك ميقاتي وحكومته في مجلس الأمن أخيراً. والسبب على ما يبدو أن التعليق على تظاهرة ضمت الآلاف ليس بالأمر السهل. فهؤلاء هم أبناء طرابلس الشام، اسم المدينة في التاريخ، والذي يقول رئيس الحكومة انه ممثلهم في مجلس النواب والسلطة التنفيذية على السواء. مشكلة ميقاتي، إذا لم تستخدم عبارة أخرى، انه قفز ذات يوم في بداية هذه السنة الى بحر لا يبدو انه صالح للعوم فيه.

فمن اختاراه، وهما النظام السوري و"حزب الله"، لهذه المهمة كان هدفهما فقط اسقاط الرئيس سعد الحريري. لكن الحريري عاد في بيانه الاخير من تطورات سوريا وهو الاول من نوعه لبنانياً وعربياً لينهي انتصار خصومه عليه. وما جرى مساء الجمعة في طرابلس هو أول الغيث الذي سيليه الكثير.

يحدثني صديق وهو شخصية مرموقة في طرابلس وسائر لبنان، قائلاً: "التيارات الدينية التي استدعت الألوف لينصروا شعب سوريا، تحركت في البيئة الملائمة. وعلى رغم نفوذ الرئيس ميقاتي الكبير بمؤسساته وخدماته في المدينة يواجه صمتاً مدوياً في طرابلس هو تعبير عن رفض الواقع السياسي. حتى ان موائد الافطار التي يقيمها يتحاشاها الفقراء تعبيراً عن هذا الرفض". لا أحد يظن ان رئيس الحكومة مرتاح الى ما هو فيه اليوم، ولو بدا انه مستعد لتبرير خطوة حكومته أمام مجلس الأمن. انه في الواقع في محنة لا يدركها إلا هو. في حين أن وزير الخارجية عدنان منصور أحد أعضاء فريق "حزب الله" – "أمل" في الحكومة ذاهب اليوم بسعادة الى دمشق لـ"يتضامن" مع نظامها، كما قال. فأي حكومة هذه يترأسها ميقاتي؟ أما مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة السفير الصديق نواف سلام فقد أسعفه الحظ بأن يكون خارج نيويورك عندما انفرد لبنان دون العالم في الابتعاد عن البيان الرئاسي الذي أصدره مجلس الأمن حول سوريا. فحملت نائبة المندوب اللبناني كارولين زيادة عبء القول "ان لبنان يعتبر ان البيان موضع الجلسة اليوم لا يساعد على معالجة الوضع الحالي في سوريا، لذلك فإنه ينأى بنفسه عنه". في نهاية المطاف، المسؤولية تقع على ميقاتي. علماً ان تاريخ الديبلوماسية اللبنانية يضم صفحة مشرقة عبّر عنها غسان تويني عندما كان مندوباً دائماً لبلاده من العام 1977 الى 1982 في الأمم المتحدة. لقد كان نداؤه الغاضب "أتركوا شعبي يعيش" من ابتكاره، وأعطى لبنان أهم سلاح في مواجهة اسرائيل هو القرار 425. وعلى رغم ان قامات ذلك العهد عالية جداً (الرؤساء الياس سركيس وكامل الاسعد وسليم الحص ووزير الخارجية فؤاد بطرس) مقارنة بهذا الزمن، فإن تويني بابداعه أقام "وزارة خارجية ثانية" في نيويورك كما ذكر. حقاً، كما قيل: لكل زمن دولة ورجال.

 

الخلاف على الموقف في مجلس الأمن يواكب صراعاً مفتوحاً على ملفات كبيرة

هل دخل لبنان زمن التأثر المباشر بالتداعيات السورية؟

روزانا بومنصف/النهار

حين اصدر النائب وليد جنبلاط بياناً الاسبوع المنصرم على اثر الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء، محذراً من ان الحريات الاعلامية توازي بأهميتها الحريات السياسية، وانه "قد يكون مفيداً لبعض الشخصيات الوزارية ان تتذكر ذلك المبدأ"، بدا كأنه يمنع الحكومة من الانزلاق الى مكان خطر قد يؤدي بها الى وضع صعب عليها وعلى البلد. ومع ان تحذيره شمل ايضاً حق التظاهر السلمي، فان الحكومة لم تحسن التعامل مع ما جرى في الحمرا ومع مظاهر أخرى تمس بالحريات العامة، الامر الذي تجلى في المؤتمر الصحافي الذي عقدته احدى عشرة منظمة دولية ومحلية في مقدمها منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش وطالبت فيه بحماية المدافعين عن حقوق الانسان على اثر التعرض للناشط الحقوقي سعد الدين شاتيلا، في حين ان وزراء في الحكومة انتقدوا ما جرى من منع التظاهر وعدم القدرة على حماية حق التظاهر في بيروت امام السفارة السورية وتعرض متظاهرين للضرب.

مصادر ديبلوماسية في بيروت لم تكن تود ان ترى الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي تواجه اموراً كهذه على هذا النحو وبهذه السرعة، اذ ان الحكومة بدت مرتبكة ازاء هذه التطورات في غياب اي موقف رسمي على مستوى اي من رئاستي الجمهورية والحكومة مما وفر للمعارضة اوراقا قوية على هذا الصعيد، لأن المعارضة المتمثلة بقوى 14 اذار لا يمكنها السماح بعودة الامور الى الوراء لجهة عودة ممارسات امنية او مخابراتية. وسبق ان كان افرقاء في الحكومة الحالية في هذا الصف سابقا بمن في ذلك الرئيس ميقاتي بالذات ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وحتى رئيس التيار العوني حين كان ضد نظام الوصاية السورية في لبنان وقبل انتقاله الى الضفة الاخرى. وهذه الممارسات تساهم في وضع الحكومة اللبنانية تحت المجهر، وخصوصاً ان مواجهة اي مظهر يتصل بحقوق الانسان الى كونه يشكل مكسباً مبدئياً لاي معارضة في اي وقت، فان هذا الملف هو في ذروة توهجه راهناً مع الاستنفار الدولي ازاء ما يجري في حق الشعب السوري من جهة واضطرار الحكومة اللبنانية في ظل التمييز بين النظام والشعب السوري كون النظام لم يعد يختصر بكلمة سوريا فحسب، الى الظهور في موقع الداعم للنظام.

وهو الأمر الذي يقود الى الارباك الآخر الذي واجهته الحكومة في موضوع التصويت في مجلس الامن ازاء ادانة عمليات القمع الجارية للشعب السوري. فمع ان هذه المصادر تعتبر ان هذا الموقف يمكن ان يكون أفضل ما كان يمكن لبنان ان يقوم به في ظل الوضع الذي يجد نفسه فيه، فان الحكومة بدت مربكة في تبرير موقفها ولم يكن هناك مدافعون فعليون عن سياستها في هذا الاطار من ضمن الحكومة  في مقابل المآخذ التي قدمتها المعارضة بما سهل انكشافها المبكر امام هذه الاخيرة، خصوصاً ان وجهة النظر التي عبرت عنها المعارضة في موضوع ادانة ما يتعرض له الشعب السوري تجد صدى عالمياً وعربياً لها على نحو لا يمكن الحكومة مواجهته في اي شكل من الاشكال وتجد نفسها محرجة ازاءه.

فهل دخل لبنان زمن بدء وقوعه تحت وطأة التداعيات السورية التي يحذر منها كثر منذ بدء الثورة الشعبية في سوريا من باب انقسام اللبنانيين حول الموقف اللبناني الرسمي في مجلس الامن؟

ينبغي الاقرار وفقاً لما تقول مصادر ديبلوماسية ان جانباً كبيراً من اسباب عدم اثارة ضجيج كبير حول ما جرى في لبنان لجهة اسقاط الحكومة السابقة وتأليف حكومة وصفتها دول مهمة كالولايات المتحدة، بأنها مخيبة للآمال، ان احداً لا يرغب في توتر في لبنان في ظل تصاعد التطورات السورية، ولادراك مدى تأثير ما يحدث على لبنان في حال تطور الوضع السوري في اي اتجاه ذهب وتفضيل ان يكون حكومة في لبنان بالحد الادنى من اجل ادارة ما يمكن ادارته في مرحلة انتقالية صعبة وحساسة.

وتعتبر هذه المصادر ان لبنان بدأ يشهد بعضاً من التداعيات السورية منذ انطلاق الاتهامات عن تورط افرقاء لبنانيين في الاحداث السورية لدى انطلاقها في 15 آذار الماضي، ومن ثم لدى لجوء عدد كبير من النازحين السوريين الى المناطق اللبنانية في الشمال واعادة بعض الجنود الذين هربوا الى لبنان وتسليمهم الى سوريا. ولا يعتبر الموقف اللبناني الرسمي في مجلس الامن من التداعيات المباشرة لما يجري في سوريا بمقدار ما يسجل في اطار الخلاف اللبناني الداخلي بين فريقي 14 و8 اذار على ثلاثة ملفات اساسية هي المحكمة الدولية في اغتيال الرئيس رفيق الحريري وسلاح "حزب الله" وسوريا. ويمكن ان يعتبر التجاذب حول هذا الموقف في اطار الصراع الداخلي في ظل مواجهة واضحة بدأت منذ ما قبل انطلاق الحكومة في عملها وما بعده. اذ تحاول قوى 8 آذار ان تنأى عن هذه الملفات وتحيد الانظار عنها في اتجاه محاولة اعداد سياسي وشعبي للتحكم في مفاصل الحكم من جهة وتمهيدا للانتخابات المقبلة من جهة اخرى من خلال ابراز انجازات خاصة على غرار  اقرار قانون الحدود البحرية في مجلس النواب، من اجل اظهار ان العمل المجدي بدأ مع هذه الاكثرية في انكار لاي مجهود انجزته او قامت به الحكومات السابقة. وهو الامر الذي يسري على موضوع الزيادات للموظفين او رديات البنزين في سباق محموم على ما يبدو لمحاولة تأسيس مرحلة جديدة قائمة على ابراز ادارة وحكم لا يعترف بما اسسته الاكثرية السابقة. في حين تحاول قوى 14 اذار ان تدير المعارضة بناء على هذه الملفات من دون ان تبعد التركيز عليها.

وعند هذا الحد فان ما يجري في الداخل اللبناني راهناً هو لعبة سياسية حادة في شد حبال وكباش قويين من حيث المبدأ، لكن بناء على خلفية اقليمية متغيرة مفتوحة على افاق خطيرة وغامضة ورهانات، اذ لدى الطرفين عين قلقة على ما يجري في سوريا باعتبار انه اياً تكن النتائج التي ستؤول اليها التطورات هناك سيكون لها انعكاسات في لبنان كما في المنطقة سواء نجح النظام في البقاء او لم ينجح، او في حال بقي قويا او ضعيفا وباي شروط، فضلا عن ان لكل حال من الاحتمالات الممكنة سيناريو مختلفاً من التداعيات على لبنان وعلى سواه. وهذا لم يبدأ بعد.

 

فكاهة وليد المعلم!

طارق الحميد/الشرق الأوسط

في الوقت الذي تقوم فيه قوات بشار الأسد بتمزيق مدينة حماه، وغيرها من المدن، بالدبابات والأسلحة الثقيلة، يتهم وليد المعلم أمام سفراء الدول العربية والأجنبية بدمشق المعارضة السورية بـ«السلبية» والتسبب بغياب الحوار الوطني. واتهامات المعلم هذه للمعارضة، وأمام السفراء العرب والأجانب، ليست إلا فذلكة بليدة، وتأكيدا على أن النظام السوري غير قابل للإصلاح إطلاقا، فبعد حديث المعلم عن مسح أوروبا من الخارطة، ها هو يخرج أمام ممثلي المجتمع الدولي بسوريا قائلا إن المعارضة هي الملومة على ما يحدث في المدن السورية اليوم، وحديث المعلم هذا لا يختلف إطلاقا عن ذلك المشهد الشهير بإحدى المسرحيات المصرية الشهيرة، عندما قال احد النجوم الكوميديين مبررا صفعه لرجل على الوجه بالقول: «هو اللي ضربني بوجهه على إيدي»!

هذا بالضبط تفسير ما قاله المعلم، حيث يلوم المعارضة المقموعة بكل أنواع الأسلحة، وليس نظام الأسد الذي يقوم بقتل السوريين، إلا أن السؤال الآن هو: لماذا قال المعلم ما قاله أمام السفراء؟ الإجابة الواضحة أن النظام السوري بات يستشعر حقيقة الضغط الدولي، والآن العربي، وتحديدا البيان الصادر عن مجلس التعاون الخليجي، وهو مهم وإن تأخر، فبحسب ما سمعته من أحد المسؤولين الخليجيين فإن التحرك الخليجي ليس وليد اللحظة، بل كانت هناك مداولات مفادها أنه «لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك»، وهذا أمر اتضح من خلال الموقف القطري السابق، وبعده الكويتي، عدا عن الغضب الخليجي الشعبي تجاه ما يقوم به نظام الأسد في سوريا، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة في السعودية، مثلا، وهذا ما لمسته شخصيا في الرياض وجدة هذه الأيام. فنحن اليوم امام موقف معلن من ثماني دول عربية، منها ست دول خليجية، وهناك مصر والأردن، مما يوجب توجيه سؤال مباشر للسيد نبيل العربي أمين عام جامعة الدول العربية الذي سبق وقال إن الجامعة معنية بسياسات الدول، وليس الشعوب، فما رده اليوم، خصوصا وأنه ممن دافعوا عن نظام الأسد مؤخرا؟ كل ما سبق يظهر ان ما قاله المعلم للسفراء في دمشق هو نتيجة قلق النظام البعثي من الموقف العربي والدولي، وتحديدا الروسي، حيث يقول لي مصدر خليجي آخر إن المعني أكثر بحديث المعلم هم الروس، حيث يريد المعلم إقناع موسكو بعدم الاندفاع في معاداة نظام الأسد إلى درجة مشابهة لما وصل اليه المجتمع الدولي.

لذا فلا يجب تجاهل تصريحات المعلم، والاكتفاء بالتندر عليها، وهذا امر مستحق، بل لا بد من تحرك دولي لفرض عقوبات على القطاع النفطي الممول لقتلة الشعب السوري، واستصدار قرار من محكمة العدل تجاه رموز النظام، وذلك نظير الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية في سوريا، كما أن على العرب أيضا اتخاذ موقف معلن تجاه إيران، وخصوصا بعد إعلان تركيا ضبط أسلحة إيرانية مرسلة لنظام الأسد. ملخص القول هنا إنه في حال أفلت نظام الأسد من مجزرة حماة الثانية فحينها لا يمكن لوم النظام البعثي فقط، بل يجب لوم العرب، والمجتمع الدولي ايضا. فواجبنا حماية الأبرياء السوريين، وبكل الطرق.

 

االسوريون في مواجهة البرازيل

عبد الرحمن الراشد/الشرق الأوسط

البرازيل، لسبب ما، هي التي تبنت فكرة شجب العنف على الجانبين بسوريا في القرار الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن التي هي عضو غير دائم فيه. أي جانبين يا برازيل؟! سوريا ليست ليبيا. سوريا ليست العراق. سوريا منذ 26 فبراير (شباط) والقتل من جانب واحد، حتى الدبابات استخدمت في قصف المدن والقرى التي تسير في شوارعها الاحتجاجات. هناك كم هائل من الصور الميدانية لفرق القتل الحكومية تعمل علانية كل يوم.

المبرر البرازيلي الذي سمعته قبل أيام من التصويت أن سقوط النظام السوري سينجب نظاما إسلاميا متشددا، أو فوضى تتسبب في مآس كبيرة ضد الأقليات، بما فيها الأقلية المسيحية. ويبدو أن الطرح البرازيلي جاء نتيجة هجمة الدبلوماسية السورية بإرسال نائب وزير الخارجية فيصل مقداد إلى برازيليا، الذي خوفهم من أن العشرة في المائة من مسيحيي سوريا في خطر. ووجد آذانا مصغية صبت الكثير من الماء على صياغة البيان الرئاسي الذي صدر عن مجلس الأمن وساوى بين القاتل والضحية.

السؤال: هل تفيد هذه المناورة سوى بإطالة الوقت؟ لا، أبدا، فالحكومات العربية في حرج بالغ بعد ارتفاع درجة الغضب الشعبية في كل المنطقة. والقتل البشع، وغير المبرر، والهائل من قبل الأمن السوري، المستمر منذ خمسة أشهر، يحاصر الجميع بما فيهم أصدقاء النظام مثل روسيا وإيران والخائفين من عواقب سقوطه. على القلقين أن يفكروا جيدا حيال أهم وأخطر التغييرات التي توشك على الحدوث في منطقة الشرق الأوسط، أي سوريا، لهذه الأسباب:

أولا: ترك الشعب السوري يواجه وحيدا مصيره قد يتسبب في أسوأ مما تحذر منه البرازيل، أي نتيجة عكسية تماما. غدا، لن يكون للمجتمع الدولي قدرة على التأثير على شكل النظام السوري البديل.

ثانيا: النظام، ضمن خطته الدفاعية اليائسة، يتعمد تخويف الأقليات بما فيها الأقليتان العلوية والمسيحية، وغيرها. وتوجد الكثير من الأدلة التي تدينه من تحريض وتوريط. لأنه يقف على حافة الهاوية، يريد خلق مناخ مضطرب يجر البلد معه إلى الأسفل، ويظن أنه بذلك سيجبر المجتمع الدولي على التدخل لصالحه. ويقوم النظام أيضا بالتخويف من النموذج الصومالي، وهذا أمر محتمل في حالة ترك النظام يقوم بصوملة البلاد. لكن التدخل الخارجي المبكر - رغم أنه تأخر كثيرا - سيحافظ على الكيان السوري.

ثالثا: نحن أمام انتفاضة حقيقية، هي شبه الوحيدة التي يواجه الناس العزل فيها الجيش والأمن والشبيحة، ويقتل منهم كل يوم، ومع هذا يعود الناس للتظاهر أيضا بدون سلاح، ويقتل منهم مجموعة ويعودون للتظاهر. صار المشهد السوري يغضب شعوب المنطقة بما قد يفرزه من تأييد لأي حل ضد نظام الأسد، بما في ذلك إيقاظ الحركة الجهادية التي عاثت في العراق والمنطقة خرابا. الناس في حالة يأس وغضب شديدين ومستعدة لتأييد من يقف ضد نظام دمشق الذي يرفض إلا استخدام القوة المفرطة.

أخيرا، وهو الأهم، السكوت على أفعال النظام أو حتى تأييده كما تفعل البرازيل، لن يحول دون سقوطه. فالفاعل الحقيقي في حسم المعادلة اليوم هو الشعب السوري وليس العامل الخارجي، بما في ذلك إيران وروسيا والصين والغرب. ما يحدث في سوريا ليس مثل ما كان في العراق.. تنظيمات خارجية مثل «القاعدة» أو صراعات دول، وليس مثل ليبيا.. نظام غني ماليا يستطيع شراء الولاءات داخليا وخارجيا، بل هو نظام فقير وقمعي معا. وسوريا ليست مثل اليمن قبلية. وسوريا ليست مثل مصر أو تونس بمؤسسة عسكرية مستقلة يمكن أن تقوم هي بدور الحسم. في سوريا انتفاضة واسعة شملت أكثر من 70 في المائة من البلاد، وهي تزحف في اتجاه العاصمة. والزحف الشعبي السوري واجه من القمع ما لم تواجه الثورات الأخرى، ومع هذا فالزحف الشعبي عمّ معظم أنحاء الجمهورية.

 

السنيورة يحمل بعنف على حكومة «متحف الشمع» وجنبلاط في اسطنبول يبحث في وضع سورية ولبنان

بيروت – «الحياة»/صعّد رئيس كتلة «المستقبل» النيابية رئيس الحكومة اللبناني السابق فؤاد السنيورة هجومه على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي و «حزب الله» معتبراً أنها «حكومة تكاد تشبه متحف الشمع، نظيفة لمّاعة، باردة من دون نبض حياة»، وأنها «واقعة تحت سلطة ولاية السلاح وحزب القمصان السود». وفيما انتقد السنيورة إعلان ميقاتي أن «ما أثير في الجلسة النيابية التشريعية (الأربعاء والخميس الماضيين) استهدف ما جرى أيام الحكومة السابقة»، قال إن «أخطر ما بدأت ملامحه بالتكوّن حال صمّ الآذان واللامبالاة بما يتهدد الناس ويقلقهم». وعدد مجموعة حوادث وقعت الأسبوع الماضي من «ضرب المتظاهرين (أمام السفارة السورية) ووقوع انفجارات هنا وهناك (في الضاحية الجنوبية لبيروت) والاعتداء على مواطنين في قرى في الجنوب وإعلان مخطوفين (الأستونيين) أنهم نقلوا الى بلد مجاور... ولا أحد يهتز أو يتحرك أو يفتح تحقيقاً».

وإذ اعتبر السنيورة أن الوقائع «تثبت حقيقة السيطرة العسكرية والأمنية لحزب السلاح والمسلحين»، فإن ميقاتي اكتفى بالقول حين سألته «الحياة» عن انتقادات رئيس كتلة «المستقبل»، أن «لا تعليق». إلا أن مصادر حكومية علّقت لـ «الحياة» على ما ساقه السنيورة ضد الحكومة بالقول: «المعارضة حلوة من دون شك، لكن المسؤولية أصعب. وفي كل الأحوال ماذا كان فعل السنيورة لو كان هو رئيساً للحكومة». وفيما قال السنيورة: «لا نريد التدخل في ما يجري في سورية... وكذلك لسنا من دون إحساس إنساني أمام صور الدماء المسفوكة والأرواح المزهوقة». وتوجه الى السوريين بالقول: «إن قلوبنا تخفق لصيحاتكم».

لكن المصادر الحكومية اعتبرت أن «أي اندفاع لبناني الى التعاطي بانحياز مع الوضع في سورية يتسبب للبنان بمشاكل هو في غنى عنها».

وفي موازاة ذلك، كان الوضع في سورية وفي لبنان والمنطقة، مدار بحث بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وكبار المسؤولين الأتراك في إسطنبول.

واجتمع جنبلاط بعد ظهر أمس، يرافقه وزير الأشغال والنقل غازي العريضي، مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لمدة ساعة قبل أن يعقدا خلوة لثلث ساعة. وكان جنبلاط والعريضي اجتمعا مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو، لمدة ساعة ونصف الساعة.

وكان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع علّق على نأي لبنان بنفسه عن بيان مجلس الأمن الذي دان العنف في سورية، فسأل: «هل يعقل أن ينفرد لبنان ويعادي المجموعة الدولية في حين كل الدول في المجلس، ومن ضمنها حلفاء سورية المباشرين، صوتت لمصلحة هذا البيان؟».

على صعيد آخر، قتل طفل فلسطيني وجرح عدد آخر في مخيم عين الحلوة في اشتباكات دارت الخامسة عصر أمس بين عناصر من حركة «فتح» وآخرين من بقايا تنظيمي «فتح الإسلام» و «جند الشام»، على خلفية تسليم «فتح» الموقوفين المشتبه بهما في محاولة اغتيال قائد الكفاح المسلح الفلسطيني العقيد محمود عبدالحميد عيسى المعروف بـ «اللينو» الى الجيش اللبناني. واستُخدمت في الاشتباكات التي دارت في الشارع «التحتاني» في المخيم بعد أن حاول أقارب للموقوفين حرق الدواليب وقطع الطريق، فـــي حي حطين، القذائف الصاروخية والأسلحة الرشاشة الخفيفة والمتوسطة. وكانـــت تخف حيناً وتعنف حيناً آخر. وانفجر عدد من القذائف في أجواء مدينة صيدا. وتردد مساء أن مدنياً ثانياً سقط قتيلاً نتيجة رصاصة طائشة. وفي حين سارعت لجنة المتابعة في المخيم الى عقد اجتماع طارئ وإجراء اتصالات لاحتواء الاشتباكات، أذيعت بيانات من مساجد المخيم تدعو المتقاتلين الى وقف إطلاق النار. لكن هذه الدعوات قوبلت بمزيد من الاشتباكات التي امتدت الى أحياء الصفصاف والبركسات، الطوارئ. وسط حال ذعر في صفوف السكان، الذين نزح بعضهم الى احياء أخرى في المخيم أو الى صيدا.

 

«أسف» خليجي لـ«الاستخدام المفرط للقوة» في سورية ودعوة إلى «وقف العنف وإجراء الاصلاحات الضرورية»

نيويورك، دمشق، الرياض، عمان، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب، رويترز

تصاعدت الضغوط الغربية والعربية على سورية بسبب استمرار السلطات في استخدام العنف ضد الاحتجاجات، فيما عزز الجيش السوري انتشاره بعشرات الآليات العسكرية على اطراف دير الزور (شرق) و حمص (وسط) التي تحولت الى جبهة قتال، بعدما سيطر على كل أنحاء مدينة حماة.

وفي أول بيان من نوعه تناول الأحداث في سورية عبرت دول مجلس التعاون الخليجي عن «القلق البالغ والأسف الشديد» حيال «الاستخدام المفرط للقوة» في سورية داعية الى «الوقف الفوري لاراقة الدماء وإجراء الإصلاحات الضرورية»، فيما شهدت الكويت ليل أول من أمس تظاهرتين تضامناً مع الشعب السوري دعا خلالهما المتظاهرون الى «طرد السفير السوري» واستدعاء السفير الكويتي من دمشق. وتأتي هذه التطورات غداة اعلان البيت الابيض ان الرئيس باراك اوباما بحث مع نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا مركل في فرض «اجراءات اضافية» ضد نظام الرئيس بشار الاسد، فيما اكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم «إصرار» القيادة السورية على السير في طريق الاصلاح، لافتاً الى ان الانتخابات البرلمانية ستجري «قبل نهاية العام» الجاري. وأبدت دول الخليج، في بيان صدر عن الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية أمس، «قلقها البالغ وأسفها الشديد لتدهور الأوضاع في سورية الشقيقة، وتزايد أعمال العنف، والاستخدام المفرط للقوة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى من أبناء الشعب السوري الشقيق».

وأعربت عن «أسفها وحزنها لاستمرار نزيف الدم في سورية، وأكدت حرصها على أمن سورية واستقرارها ووحدتها، ودعت إلى الوقف الفوري لأعمال العنف وأي مظاهر مسلحة، ووضع حد لإراقة الدماء واللجوء إلى الحكمة، وإجراء الإصلاحات الجادة والضرورية، بما يكفل حقوق الشعب السوري الشقيق، ويصون كرامته، ويحقق تطلعاته».

والبيان هو الاول من نوعه للمجلس تجاه الاحتجاجات التي تشهدها سورية منذ منتصف آذار (مارس) الماضي.

كما شهدت الكويت ليل الجمعة تظاهرة امام مبنى مجلس الأمة (البرلمان) شارك فيها نحو الفي شخص نددوا بـ»المجازر الوحشية التي يرتكبها النظام في حماة ودير الزور»، فيما تظاهر مئات الناشطين محاولين الوصول الى محيط السفارة السورية في جنوب العاصمة الكويتية مطالبين بطرد السفير السوري.

في موازاة ذلك، أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الرئيس السوري بشار الأسد «قلق الأسرة الدولية وخصوصاً مجلس الأمن» حيال تفاقم استخدام العنف في سورية ضد المدنيين. وأجرى بان اتصالاً هاتفياً بالأسد بعيد ظهر أمس، وفق ما أكد الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة مارتن نيسركي.

وعلمت «الحياة» أن ثمة «رغبة أوروبية في أن يوفد الأمين العام للأمم المتحدة مبعوثاً خاصاً له الى دمشق لكن الولايات المتحدة مترددة في شأن هذه الفكرة». ولم يكن واضحاً حتى مساء أمس ما إذا كان بان قد أثار مسألة إيفاد مبعوث له الى دمشق خلال اتصاله الهاتفي بالأسد.

وتأتي محادثة بان مع الأسد بعدما طلب مجلس الأمن من الأمين العام للمنظمة الدولية تقديم إيجاز الى المجلس حول التطورات في سورية في موعد أقصاه الأربعاء.

وكان بان أجرى عدة محاولات للاتصال مباشرة بمسؤولين سوريين منذ تبني مجلس الأمن بيانه. وكان الأسد رفض التحدث الى بان في منتصف حزيران (يونيو) الماضي.

وذكر البيت الأبيض في بيان ان الرئيس أوباما أجرى مساء الجمعة محادثات هاتفية مع ساركوزي وميركل كل على حدة، ودان الزعماء الثلاثة «الانتهاكات الواسعة لحقوق الانسان واستخدام العنف ضد المدنيين من جانب السلطات السورية» كما اتفقوا على «التفكير في اجراءات اضافية للضغط على نظام الرئيس الاسد ودعم الشعب السوري». كما دعت وزارة الخارجية الأميركية الجمعة الرعايا الاميركيين من جديد الى مغادرة سوريا «فوراً»، بعد دعوة مماثلة وجهتها في 25 نيسان (ابريل).

ميدانياً، أفاد ناشطون حقوقيون ان عشرات الدبابات والآليات العسكرية انتشرت في عدد من الأحياء في أطراف مدينة دير الزور (شرق) وتحولت مدينة حمص (وسط) التي شهدت انتشار تعزيزات عسكرية الى جبهة، فيما وصل عدد المتظاهرين الذين قتلوا برصاص رجال الامن الجمعة في مدن سورية الى 22 شخصاً، بينهم 7 سقطوا اثناء التظاهرات التي جرت بعد صلاة التراويح. وعلم مساءً أن السلطات اعتقلت المعارض البارز وليد البني ونجليه في بلدة التل في ريف دمشق.

وفي حماة أبلغ مواطن يدعى جمال وكالة «رويترز» انه بعد هجوم استمر نحو اسبوع انتشرت الدبابات والعربات المدرعة في كل أنحاء المدينة التي شهدت على مدى شهرين تظاهرات ضخمة تطالب بالاطاحة بالنظام. وقال جمال الذي كان يتحدث بهاتف عبر الأقمار الاصطناعية ان «قصف الاسلحة الثقيلة خف»، وأضاف ان المياه والاتصالات ما زالت مقطوعة، فيما عاد التيار الكهربائي أربع ساعات ليل أول من أمس. إلا ان المدينة، التي يبلغ عدد سكانها 700 ألف نسمة، بدت شوارعها خالية.

 

النائب السابق مصباح الاحدب أسف لموقف لبنان "الملتبس" في مجلس الأمن حيال القضية السورية 

صحف لبنانية/أسف النائب السابق مصباح الاحدب لأن "يتخذ لبنان في مجلس الأمن موقفاً ملتبساً حيال القضية السورية، ولكن المؤسف أكثر تبرير رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بطريقة غامضة هذا الموقف الذي يجب ان يكون واضحاً". وقال في بيان: "هذا الموقف لا يحتمل الالتباس اذ انه ليس موقفا سياسيا بل هو موقف إنساني"، وسأل: هل يجوز السكوت عن الدماء البريئة التي تسيل في سوريا؟"، ورأى ان على الحكومة أن تتخذ موقفاً انسانياً واضحاً في هذا الامر. وعن موضوع الموقوفين الاسلاميين قال الأحدب: "لقد تفاءلنا في السابق بعد إطلاق سراح الشيخ نبيل الرحيم واعتبرنا ان رئيس الحكومة سيفي بوعده ويستكمل معالجة ملف الموقوفين، ولكن يبدو أن على الرئيس ميقاتي ان يستأذن مجددا اصحاب قراره السياسي المنشغلين بامور اخرى لمتابعة هذا الملف، وفي الوقت الذي نرى فيه تحركات وقطع طرق للمطالبة بتقصير السنة السجنية، يجب العمل على تسريع المحاكمات لتفريغ السجون من الفائض". وسأل الرئيس ميقاتي: "كيف ينتظر ان يتصرف اهالي الموقوفين منذ اكثر من اربع سنوات دون محاكمة؟"، وقال: "المطلوب منه اليوم معالجة موضوع الموقوفين بشكل جذري، إذ أن أبناء طرابلس والشمال لن يقبلوا باستمرار هذا الظلم بحق ابنائهم وقضيتهم أساسية ومحقة ولا تحمل الانتظار اكثر".

 

لحود والأسد عاقبا رفيق الحريري بعدم الإستفادة من نفط لبنان بسبب القرار 1559 

. يقال.نت/شن سياسيو النظام الأمني اللبناني – السوري في العام 2003 حملة عنيفة على الرئيس رفيق الحريري، بسبب تعاقده مع شركة فرنسية لمسح آبار النفط المحتملة في المياه الإقليمية اللبنانية. وفي آخر العام 2004، نقل نواب عن رئيس الجمهورية آنذاك أميل لحود، أنه والرئيس السوري بشار الأسد، وبفعل صدور القرار 1559 لن يسمحوا للحريري بالإستفادة من نفط لبنان لإطفاء الدين العام

 

شاهدوا صور شبيحة "القومي" في الحمرا يمارسون ما تعلموه من أسيادهم ويبنون شبكة استخباراتية  

طارق نجم

"كان من المقرر أن نقوم بمظاهرة سرية اي من دون إعلان مسبق عنها بشكل مسبق لأن تجاربنا السابقة في هذا المجال كانت أن الإعلان عن اي تحرك كان يقابل بتحرك مضاد ومستفز من قبل احزاب موالية لسوريا بالرغم من أننا مستقلون بالإجمال". هكذا بدأ الحديث مع أحد المشاركين بمظاهرة يوم 2 آب امام السفارة السورية في بيروت والتي شهدت فصلاً مصغراً لما يجري في شوارع حماه ودير الزور ودرعا على ايدي ما يمكن وصفهم بـ"الشبيحة الجدد" (شاهد الصور المرفقة).

تابع هذا المشارك روايته "عادة ما يقوم هؤلاء الشبيحة بحشد العمال السوريين وانصارهم ليحملوا صور بشار الأسد وعادة ما تمنعنا القوى الأمنية من الوصول الى السفارة. في 2 آب تسرب خبر عزمنا على المظاهرة على ما يبدو وما ان وصلنا وكنا على مقربة من السفارة حتى فوجئنا وفي غضون دقائق بوصول مجموعة من 15 شخصاً بعد اتصالات اجراها الأشخاص المولجون بأمن السفارة يقودهم شخصياً مسؤول الأمن هناك وهو رجل يغطي الشيب رأسه في الأربعينات مع عمره".

وبحسب الراوي لم تقف الأمور عند هذا الحد "فالمشهد ازدادت سخونته مع وصول اعداد اخرى من الجهتين وبالتحديد من شارع المقدسي والتي قدرت بـ60 شخص يحملون الصور وتعلو هتافاتهم "مندسين...مندسين..." وشتائم تطال 14 آذار والمملكة العربية السعودية. تصاعت الهتافات من الطرفين واعتدى الموالون للنظام السوري على الشباب المناصرين للثوار بدأً بنزع الصور من ايديهم، وصولاً الى العصي والادوات حديدية والأحزمة جلدية التي ظهرت واستعملت بالهجوم. ولم تكن الصبايا اللواتي رافقن التظاهرة المؤيدة للثورة بمنأى عن بطش "الشبيحة الجدد" التابعين بأغلبهم للحزب القومي السوري الإجتماعي واللذين لجأوا الى رمي الكراسي الموجودة امام السفارة وفي مدخلها على المتظاهرين من اجل تفريقهم بالقوة".

أعمال البلطجة للشبيحة لم تتوقف عند هذا الحدّ، بل تابع "الشبيحة الجدد" تصفية حساباتهم مع المتظاهرين فلاحقوا شاب (نبيل عبدو) وفتاة (من آل ونسه) في شارع الحمرا الرئيسي قرب ستاربكس حيث دخل الإثنان لاحقاً الى المستشفى بعد ان جرح عبدو في راسه وتعرض للضرب. كما لاحق الشبيحة شباب آخرين كانوا في سياراتهم وضربوا مصور من الجنسية النروجية كان يواكب مظاهرتنا. شاب آخر يدعى علي شريم تعرض لضرب مبرح في مختلف أنحاء جسده بالإضافة لغسان مكارم الذي ظهر على التلفزيون وقد كسر حوضه.

ويعلق الشاب المشارك "تصرف القوى الأمنية كان غريباً خصوصاً أنهم حضروا بثلاث عربات ولم يحركوا ساكناً بالرغم من أننا كنا نشير لهم ان من اعتدوا علينا ما زالوا مقابل السفارة. وعندما حاولنا تقديم دعوى في مخفر حبيش لدى النائب العام كمال ابو جودة رفض الدعوى قائلاً ان المخفر غير مهيأ ويجب علينا ان نقدم الدعوى لدى الشرطة العسكرية...مما أثار استغرابنا لهذا التصرف! نحن حالياً نتابع جمعنا للادلة من اجل رفع دعوى قانونية على من اعتدوا علينا في 2 آب".

وفق مصادر مطلعة فإنّ الحزب القومي السوري كان له مركزين في الحمرا وعززها بثالث لا يبعد عن السفارة السورية سوى خمسين متر حراسه في استنفار شبه دائم. حيث ينبه أحد المشاركين في التظاهرة أن الحزب القومي انشأ جهاز امني تجسسي في المنطقة من خلال الموظفين في عدة مقاهي قريبة من السفارة والذين فرضوا بالإكراه على اصحاب المقاهي من قبل الحزب القومي. وهؤلاء الموظفون يقومون بالتجسس على الشبان اللذين يجتمعوا عادة في تلك المقاهي ويراقبونهم، وحين حاول المتظاهرون المناصرون للثورة ادخال جرحاهم الى هذه المقاهي امتنعت عن استقبالهم حتى قدوم الاسعاف.

*موقع 14 آذار

 

بيروت من ساحة شهدائها تصرخ بمثقفيها وشبابها ورأيها العام: كفى ايها الديكتاتور... زمن البطش انتهى

 سلمان العنداري/ موقع 14 آذار

في وقت تستمر فيه المذابح والمجازر والاعتداءات الدامية بحق الشعب السوري من قبل النظام البعثي الذي يجنح نحو مزيد من التوتر والجنون الاعمى، قررت العاصمة اللبنانية بيروت الخروج عن صمتها الذي استمر طويلاً، لتؤازر بقواها الحية انتفاضة الكرامة والحرية في الشام، بعد وصول مسلسل القتل الى حدود لم يعد السكوت فيها مقبولاً...

وبالمناسبة، دعت مجموعة من المثقفين اللبنانيين من مختلف الفئات والخلفيات المواطنين اللبنانيين الى وقفة تضامنية مع الشعب السوري مساء غد الاثنين امام تمثال الشهداء وسط العاصمة بيروت.

وجاء في البيان: "منذ خمسة اشهر والنظام الاستبدادي السوري يصم اذنيه عن المطالب المشروعة للشعب السوري... ما يريده السوريون لأنفسهم هو الكرامة الانسانية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية، وانهاء كابوس ديكتاتورية الجمهورية الوراثية.

نحن الموقعون على هذا البيان نعلن شجبنا للعنف الذي يمارس ضد الشعب السوري في ثورته السلمية الديموقراطية، وندعو المواطنين اللبنانيين الى وقفة تضامنية في التاسعة من مساء الاثنين 8 آب امام تمثال الشهداء، نضيء فيها الشموعن ونرسل... من خلال شهداء 6 ايار اللبنانيين والسوريين رسالة تضامن الى الشعب السوري الشجاع والنبيل".

ووقّع على البيان كل من الياس خوري، اميل منعم، بيار ابي صعب، جاد تابت، حازم صاغية، حبيب صادق، حسام عيتاني، حسن داوود، حنان الحاج علي، دلال البزري، روجيه عساف، زياد ماجد، سهى بشارة، شوقي بزيع، صقر ابو فخر، عباس بيضون، عقل العويط، فواز طرابلسي، كريم مروة، مارسيل خليفة، يوسف بزي (مع حفظ الالقاب).

يتحدث الكاتب والصحافي في جريدة "المستقبل" يوسف بزي عن التحرك المرتقب يوم غد، ويقول: "منذ اندلاع الانتفاضة في سوريا، ونحن نعمل على اظهار كل اشكال التضامن والدعم للشعب السوري. ومنذ الشهر الاول للثورة، اصدرنا اكثرمن بيان ونظمنا ثلاثة اعتصامات امام السفارة السورية، بالاضافة الى تنظيم لقاء وطني في سن الفيل بعد ان تم منعنا من التجمع في اي فندق من فنادق بيروت تحت وطاة التهديد والترهيب. كما اننا اعتصمنا في ساحة سمير قصير قبل نحو اسبوع، ويأتي هذا الاعتصام ليؤكد اننا كشعب لبناني نقف الى جانب الشعب السوري ونشد على يده في نضاله ضد هذا النظام الحاقد".

ويؤكد بزي ان "هذا التجمع يأتي بدعوة من مثقفين لبنانيين ولا يتعلق باي طرف سياسي او حزبي لبناني"، داعياً جميع المواطنين الى المشاركة في الاعتصام السلمي "لاظهار تضامنهم الاخلاقي والانساني مع الشعب السوري، خاصة وان السكوت عن المذابح التي ترتكب بات معيباً".

ومن جهته يؤكد الصحافي في جريدة الحياة حسام عيتاني اكد ان النشاط المقرر عقده يوم الاثنين هو رسالة تضامن للشعب السوري تطالب بوقف اعمال العنف ضد المدنيين والسماح بحرية التعبير، ومن خلال هذا التحرك، ستعبر مجموعات مختلفة من اللبنانيين عن تضامنها مع الشعب السوري كل على طريقته".

هذا ويشدد بزي على ان " العلاقة بين لبنان وسوريا ليست علاقة مع نظام، بل علاقة متينة بين شعبين يريدان مستقبل بعيداً عن اي استتباع او اوصاية او اهيمنة او استعلاء او عنصرية. مستقبل قائم على الاحترام المتبادل، في مناخ ديمقراطي وحرّ من اجل مشرق عربي مزدهر ومتطور".

والجدير ذكره ان النشاط التضامني يُنظّم وسط مخاوف امنية من امكانية دخول بعض العناصر الحليفة للنظام السوري على الخط، ومن امكانية الاعتداء على المشاركين من قبل بعض "الشبيحة"، على غرار ما حصل الاسبوع الماضي في شارع الحمرا.

وفي هذا الاطار يلفت بزي الى انه "لا يمكن التنبؤ بما يمكن ان يقوم به " شبيحة لبنان" و"العصابات الفاشية" رداً على هذه التحركات، الا اننا في دولة يحمي القانون فيها الحريات والتظاهرات السلمية المدنية "مبدئيا"، كما نعتبر ان الدولة اللبنانية والقوى الامنية هي المسؤولة عن سلامة هذا التجمّع. وامام شجاعة الشعب السوري الذي يتحدى الرصاص بصدوره العارية، من المعيب ان نظهر اي تخوف من ترهيب حملة العصي والسكاكين.

بدوره، يستذكر عيتاني "كيف وصلت الامور الى مواجهة عنيفة لم تخل من الانتهاكات لحقوق الاسان وحريات التعبير في كل مرة كانت تنظم فيها بعض المجموعات السياسية تحركات مناهضة للنظام السوري خلال الاشهر الماضية"، متمنياً ان "تقوم القوى الامنية بحماية التجمع السلمي والديمقراطي مساء غد، الا انه ارتكازاً الى التجارب السابقة، فان المخاوف من امكانية التخريب والاعتداء تبقى موجودة، ولكننا مصرين على حقنما في التعبير".

ويشدد المنظمون على ان التحرك غير مرتبط باي حركة او فئة سياسية، انما يجمع عدداً من المثقفين الرافضين للعنف والقتل والبطش بحق اشقائهم في سوريا، مع التأكيد على ان البيان واضح وصريح ومقتضب، والدعوة مفتوحة لكل لبناني حرّ، لان الوقوف الى جانب الانتفاضة السورية من الناحية الاخلاقية والمبدئية من قبل الشعب والرأي العام اللبناني تُعتبر بغاية الاهمية والرمزية في هذا التوقيت بالذات.

بيروت تنضم الى دمشق في نضالها ضد الدكتاتور القابع في قصر المهاجرين لتناصر اخواتها في العروبة وسط هذا الربيع العربي الذي تتفتح ازهاره في كل دار، على وقع الاثمان الباهظة التي تدفع في سبيل الوصول الى ضفة الامان...

غداً بيروت تتخلى عن خجلها، وترمي قناع الصمت والخنوع جانباً، بعيداً عن حكومة "حزب الله" الغارقة في التواطؤ مع القاتل الى ابعد حدود، والبعيدة عن ارادة الشعب اللبناني الرافض لاستمرار القتل والارهاب... غداً بيروت من ساحة شهدائها تصرخ بمثقفيها وشبابها ورأيها العام: كفى ايها الدكتاتور... زمن البطش انتهى...

 

 تحن حماة البلد ولسنا حماة الأسد"…ماذا يحصل في الجيش السوري؟  

طارق نجم/موقع 14 آذار

تتداعى صفحات الثورة السورية على وسائل التواصل الإجتماعي لأسبوع جديد من الاحتجاجات ضد القمع تحت عنوان :"نحن حماة البلد ولسنا حماة بشار الأسد" ضمن دعوة صريحة لرفض الخدمة الإجبارية في الجيش السوري وبالتالي عدم الخضوع للأوامر القاضية باطلاق النار على المحتجين المدنيين. مازال بامكان النظام الحاكم أن يفاخر بولاء جهازه الأمني المخابراتي المثير للرعب، تجاه المدنيين والعسكريين على السواء، من اجهزة رسمية كالمخابرات العامة والجوية والأمن السياسي وغيرها الى الشبيحة. ويساند هذه الأجهزة قوات موالية للعائلة الحاكمة هي الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة المدرعة ولكن الجيش السوري يتألف من 11 فرقة من ضمنها الفرقتين المذكورتين اي ان هناك 9 فرق لا يمكن ضمان ولاءها وتوجهاتها المستقبلية. وهنا تبدأ التساؤلات عن امكانية النظام المحافظة على قيادة الجيش التي بلغت 220 الف من الجيش و64 الف من قوات الأمن ناهيك عن عشرات الآلاف من المجندين. الإنشقاقات في الجيش: كرة ثلج نحو التمرد...بطيئة وخجولة ولكنها تكبر مع سفك الدماء ومرور الوقت

كما الثورة السورية التي بدأت خجولة يوم اشتعلت درعا في آذار المنصرم لتعمّ طول البلاد وعرضها عقب ذلك، الأمر عينه يحصل في الجيش السوري الذي تتداعى بنيته الممسوكة اصلاً من قبل الأمن السياسي. منذ يوم 24 آذار 2011، بدأ الحديث عن وجود انشقاقات داخل الجيش السوري المحاصر لمدينة درعا، بين مدافع عن أهل درعا ومن يريدون قمعهم، وتحولت هذه المواقف الى

اشتباكات بين الفريقين. الوقت ومقدار الدم المسفوك على الأرض السورية كان كفيلاً بتطوير موقف العسكريين السوريين؛ فبدأنا نرى على شاشات التلفزة أفراداً من الجيش السوري ببزاتهم العسكرية يتلون بيانات الإنشقاق فراداً ويشهرون بطاقاتهم امام الكاميرات للتأكيد على رتبهم والقطع التي يخدمون ضمنها. ومع هذا بقيت هذه الانشقاقات بمثابة احداث يمكن ان توصف بالفردية والتي لا يمكن أن يكون لها تأثير يذكر على تماسك الجيش ككل.

لكن توريط النظام الحاكم للجيش السوري بمزيد من عمليات سفك الدماء خصوصاً في الأماكن التي أثبت فيها الشبيحة فشلهم وحيث لم يتواجد الحرس الجمهوري او الفرقية الرابعة، فإنه ساهم في تصدع التركيبة الأساسية للجيش. فبدأت رتب المنشقين بالإرتفاع تدريجياً وأصبحت هذه الانشقاقت جماعية وبالتحديد مع بدأ الحملة على جشر الشغور حيث شاهدنا انشقاق لأول مرة مقدم في الجيش هو حسين هرموش يعلن انضمامه للثورة مع جنوده بل وقيامه بنصب مكامن للقوات التي تهاجم المدنيين في المدينة التي تقع قرب الحدود الشمالية مع تركيا. حالة هرموش كانت مؤشراً على تحول معين في داخل الجيش السوري وان كان هرموش توجه الى الداخل التركي طلباً للجوء. كرة الثلج تكبر مع الإعلان عن "الجيش السوري الحر" تحت قيادة ضابط برتبة عقيد بسانده ضباط من رتب قريبة بالإضافة الى ما شهدته الكلية الحربية في حمص من انفجارات وما نقل عن مواجهات حصلت في داخلها. حتى الآن، لا تبدو الانشقاقات خطرة ولا تؤشر الى تمرد خطير من قبل الجنود السنة في وجه القيادة العلوية بالرغم من ان غالبية من يتعرضون للقمع هم من السنة. لكن هذه الحالة من شأنها ان تمنع النظام من احكام قبضته في الوقت عينه على عدة اماكن حيث اتقن المحتجون ختى الآن لعبة الهر والفأر ناقلين احتجاجاتهم من مدينة الى أخرى. ويبدو ان عاملاً اضافياً سيساهم في انشقاق الجيش والتراجع في آدائه مع مرور الوقت هو الانهاك الذي يواجهه في بيئات عمل صعبة نسبياً ولفترا طويلة الأمد.

الإنهاك يصيب الجيش السوري في لعبة عض الأصابع الدموية...والحل هو في التحرر من الخوف

يشير الكاتب الأميركي جيفري وايت، المتخصص بالشؤون الدفاعية في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ان انتقال مركز ثقل المعارضة على نحو متزايد إلى المدن، يعني أن القوات العسكرية للنظام يجب أن تعمل في بيئات أكثر تعقيدا حيث يبدو إخضاع سكان المدن الغاضبين هو مهمة شاقة. ويضيف الكاتب الأمريكي في تقرير نشر مطلع هذا الأسبوع، أنّ النظام يشعر بقلق متزايد حول الحدود الطويلة مع تركيا ولبنان فضلاً عن العراق، حيث ينشغل الجيش بمنع اللاجئين من ترك سوريا وكذلك منع إدخال أسلحة وأفراد من المعارضة قادمين من الخارج. كما ان هناك لاعب ثالث سيشغل ايضاً القوات السورية هو العمليات شبه العسكرية التي بدأت تطال منشآت حيوية في الداخل كسكك الحديد وانابيب ضخ البترول وربما لاحقاً الشبكة الكهربائية والمياه وغيرها من البنية التحتية التي ستعوق وتزيد من مشاكل قوى الأمن وتقود الى الارهاق والتبرم والتمرد لاحقاً.

ولكن ما لا يجب ان ننساه ان هذه المجموعات كانت تفرض سطوتها على البلاد من خلال الرعب المعنوي بالدرجة الأولى والتهديد باستعماله وربما اللجوء اليه في نطاق ضيق ولفترة محدودة غير أن مرور 5 أشهر متواصلة من عمر الثورة السورية التي انتشرت على مساحة جغرافية واسعة ودفعت بالعديد من هذه القوات للانتقال الدائم من مكان لآخر ومن مدينة الى اختها، مما أدى الى انهاكها وهذا امر سيزداد مع مرور الوقت الذي يعمل لصالح المتظاهرين اكثر منه لصالح النظام وفق قانون لعبة عض الأصابع الشهيرة. واقع كهذا سيؤدي الى تدهور في آداء القوات العسكرية العاملة على الأرض والى تراجع فعالياتها نسبياً ولكن سيكون له انعكاسات سلبية منها تفلت زمام الانضباط بما يعني المزيد من العنف والقتل والمزيد من التصدعات والإنشقاقات.

وإذا ما أخذنا بمقولة من كان يلقب بـ"فنان الشعب" دريد لحام في آخر أحاديثه (بعد أن فقد لقبه هذا) فقد زعم أن الجيش السوري ليست مهمته محاربة إسرائيل وإنما الحفاظ على "السلم الأهلي" لم يدر لحام إنه بذلك يرفع كل صفة شرعية عن هذا الجيش وربما يبيح لعناصره اعلان تمرجهم وعصيانهم لأن الاوامر الصادرة اليهم تخالف ما أقسموا عليه. يبقى الحاكم الأول للوضع في سوريا حتى هذه اللحظة هي حالة الخوف المتبادل بين جميع الأفرقاء الداخليين والخارجيين والذي يجب التحرر من سطوتها؛ فأفراد كثيرون في الجيش يخافون من العقاب الرهيب الذي ينتظرهم اذا ما رفضوا تنفيذ الأوامر، والطغمة الحاكمة تخاف من اي تراخ في القبضة التي امسكت البلاد لعقود من خلالها لأن مصيرها سيكون أسوأ من حسني مبارك واعوانه اذا ما نجحت الثورة، والشعب الذي اظهر بسالة ادهشت العالم ما زالت قطاعات وازنة منه خائفة من النزول الى الشارع بعد أصبحت حصيلة اليوم الواحد للثورة يفوق الـ130 قتيلاً ناهيك عن من ارسلوا "الى ما وراء الشمس". في الخارج ايضاً، تركيا تخاف من التدخل لأن الأقليات التي تحكمها انقرة قد تتحول الى قنبلة موقوتة ستنفجر في وجهها، والولايات المتحدة والغرب مترددون اتخاذ إجراء صارم بحق نظام الأسد مخافة أن يستول الإسلاميون على الحكم، حتى اسرائيل لا تخفي خوفها من احتمال ان تشتعل جبهة الجولان الباردة بعد 40 عاماً على برودتها!

 

داعية مصري: محاكمة مبارك إهانة له وللشعب ولقادة حرب أكتوبر

 القاهرة - وكالات: أثار الداعية المصري الشيخ محمود عامر, الجدل مجدداً في الساحة المصرية, برفضه محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك, معتبراً أن المحاكمة إهانة للشعب المصري والرئيس السابق, ولقادة حرب أكتوبر التي جرت العام 1973. وقال عامر الذي سبق له أن أصدر فتوى بإهدار دم المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة المصرية محمد البرادعي, العام الماضي, "إن لديه أدلة شرعية بعدم جواز محاكمة مبارك, لأنه أحد أبطال حرب أكتوبر التي أعادت الكرامة لمصر, كما أنه كان سلطان مصر, ولا يجوز أن يُهان أو يحاكمه أحد".

ووجه الشيخ, حسب ما نقل عنه موقع "العربية نت" الإلكتروني, اتهاماً ضمنياً للشعب المصري بالتنكر لفضل ومنجزات رؤسائه, "فهم (المصريون) قتلوا الرئيس السابق أنور السادات صاحب نصر أكتوبر, والآن يحاكمون مبارك أحد قادة النصر مع السادات". واعتبر عامر الذي يتولى رئاسة "جمعية أنصار السنة" في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة, أن "إسقاط مبارك, أو الإمام, غير شرعي, لأن الإسلام لا يجيز الخروج على السلطان أو الحاكم, ولا يجيز الثورات أو خلع الحاكم إلا في حالتين, هما منع الناس من الصلاة, أو الردة عن الإسلام".

وأضاف أن "من قُتلوا في ثورة 25 يناير من المصريين هم شهداء وهميون, حيث لم يُقتلوا في حرب ضد العدو, ما يعني أنه لا تجوز محاكمة مبارك بسبب قتلهم".

وغمز عامر من طرف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر, بقوله "إن المصريين لم يحاكموا المسؤول عن هزيمة 67, والذي تسبب في قتل 100 ألف جندي مصري في الحرب, لكنهم قتلوا السادات الذي حارب وانتصر في أكتوبر, والآن يحاكمون مبارك شريكه في صنع النصر".

وشدد على أنه "لا يجوز التشنيع بقادة حرب أكتوبر 73, فهذه الحرب تمثل قيمة كبيرة في التاريخ المصري والعربي والاسلامي, لأنها جاءت بعد ذل وانكسار, بل لو أن جندياً أطلق طلقة واحدة على يهودي في الحرب لجعلنا له خصوصية, فكيف الحال بمبارك قائد القوات الجوية في تلك الحرب, وقائد الكلية الجوية الذي درب وأعد الطيارين المصريين لتلك الحرب".

وقال إنه لا يجوز أيضاً محاكمة مبارك على تصدير الغاز لإسرائيل من الناحية الشرعية, فهي دولة بيننا وبينها عهد, وعليه يجوز التعامل معها بيعاً وشراء, مستدلاً بتفاوض الرسول, صلى الله عليه وسلم, مع قبيلة غطفان خلال غزوة الخندق, كما استشهد في معرض سرده للأدلة بآراء لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي الذي وصفه بأنه "شيخ الخوارج". وسبق لعامر أن أثار ضجة قبل الثورة وقبل تنحي مبارك, بفتوى أباح فيها دم البرادعي الذي رد أنصاره, باتهام عامر بأنه عميل لجهاز أمن الدولة المنحل.

من جهة أخرى, أجرت جماعة "الإخوان المسلمين" انتخابات داخلية علنية, أمس, للمرة الأولى في تاريخها, لشغل ثلاثة مواقع قيادية خالية في هيكلها.

وانتخب مجلس الشورى العام للجماعة, محمد أحمد إبراهيم وحسام أبو بكر وعبد العظيم أبو سيف الشرقاوي, أعضاء بمكتب الإرشاد, خلفا لمحمد مرسي وعصام العريان ومحمد سعد الكتاتني الذين تولوا مناصب قيادية في "حزب الحرية والعدالة" المنبثق عن "الإخوان". وعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى السيد, على الانتخابات العلنية ل¯"الإخوان" قائلاً إن "الجماعة تفعل ذلك الآن لأنها تريد أن تضرب مثلا في الديمقراطية والشفافية قبيل الانتخابات البرلمانية, حيث أن إجراء انتخابات داخلية بطريقة علنية سيزيد بالتأكيد من صدقية الجماعة بين المواطنين". على صعيد آخر, فرقت الشرطة العسكرية المصرية مساء أول من أمس, بالقوة, افطارا رمضانيا اقيم في ميدان التحرير في وسط القاهرة.

وقال شهود عيان إن العديد من الناشطين المطالبين بالديمقراطية ممن شاركوا في إطلاق حركة الاحتجاج الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك شاركوا في هذا الإفطار الذي حضرته أيضا عائلات.

 

موقف مخز لحكومة ميقاتي "الشبيحية" ... الحرس ثورية!

داود البصري /السياسة

 لقد سقطت حكومة اللصق التي يقودها السيد نجيب ميقاتي في لبنان في أول إختبار جدي لها و أثبتت على الملأ و بفضائحية منقطعة النظير بأنها حكومة لاعلاقة لها أبدا بمصالح الشعب اللبناني الحر و لا تستجيب على الإطلاق لمصالحه و تطلعاته وحتى إهتماماته القومية بل أثبتت ميدانيا بأنها صناعة سورية إيرانية محض مدشنة بموقفها المخزي في مجلس الأمن الدولي و المعاكس و المغاير لكل ضمائر العالم الحرة بكونها حكومة تنطق بلسان سيد الشبيحة القتلة وسيد العملاء الإيرانيين في العالم العربي وبأن شرعيتها باتت على المحك وبكونها أيضا حكومة تأزيم خطيرة لاحكومة حل , من دون جدال ولا نقاش بيزنطي فإن وصف الديبلوماسية اللبنانية لعمليات القمع الشامل و الإبادة البشرية و التقتيل المريع لعصابات النظام بالشعب السوري الحر الثائر المنتفض بكونه مجرد شأن داخلي سوري هو تجاوز فظيع لكل الأعراف والروابط الإنسانية و القومية التي تجمع بين شعبي البلدين وهي علاقات تتجاوز بكثير قضية الجيرة لتصب في إطار المصير المشترك ? , لقد كان موقفا معيبا ومخزيا أن ينتصر الأجانب و الغرباء للدفاع عن حرمة سفك دماء السوريين بينما يقف أهل الحكم في لبنان ذلك الموقف الشائن و يمعنون في طعن الشعب السوري بل وفي التجاوز حتى على صيغ العدل و الكرامة و التضامن الإنساني , الجميع يعلم بأن حكومة ميقاتي ليست سوى دمية سورية/ إيرانية من واقع ظروف تشكيلها المعروفة للجميع و الإبتزاز العصابي الذي تصرف بموجبه حزب "خدا" اللبناني الإيراني العميل وهو ماحاول أن ينفيه السيد ميقاتي ? ولكن حبل التدجيل والدجل قصير للغاية والتلاعب بالكلمات و العواطف لم يعد أمرا مجديا خصوصا و إن الدم السوري الشعبي الطاهر قد لوث كرامة وسمعة بعض المدعين بالوطنية و المقاومة الهزيلة , لقد سقطت حكومة ميقاتي في إختبارها التجريبي الأول و أثبتت أنها ستفشل بشكل كارثي في الإستجابة لتنفيد أمر المحكمة الدولية الخاصة بالشهيد رفيق الحريري وستعجز بالكامل عن تسليم المطلوبين وهم من عصابة الولي الإيراني الفقيه والمخابرات السورية في لبنان ? لقد توضحت كل عناصر اللعبة الإقليمية الخطرة وباتت المعسكرات واضحة وجلية لا تقبل التأويل , والحكومة اللبنانية هي اليوم ومن واقع الإختبار المر آخر من يدافع عن المصالح اللبنانية , بكل تأكيد فإن الشعب السوري الثائر لن يعتب أبدا على الشعب اللبناني لأنه يعلم بأن لبنان مختطف من قبل عصابات سيرسم الشعب السوري الثائر بثورته نهاية لها بيديه و سينظف الشام العظيمة الحرة من أدران كل العملاء و المندسين و المجرمين والشبيحة و الحرس الثوري وهي مسألة مقدسة في عرف نضال الشعب السوري , كما أن الشعب اللبناني بقواه الحرة لن يخضع أبدا لإبتزاز العصابات و القتلة وسيطهر صفوفه من العملاء المعروفين , ساحة المواجهة باتت واضحة وجلية ومصير العملاء سيحدده كفاح الأحرار , وعلى حكومة الشبيحة في لبنان أن تلملم أوراقها وترحل بفضائحها المزرية.. وسينتصر الشعب السوري لا محالة و سنشهد تهاوي معسكر العمالة و الغدر, و سيسجل التاريخ كل مواقف الغدر و الخزي , والله متم لنوره ولو كره العملاء و الدجالون , ولاصوت يعلو على صوت أحرار الشام وهم يطهرون المنطقة من رجس العملاء?

*كاتب عراقي

 

إسألوا عن.. علي حسن خليل  

المستقبل/علي حسن خليل، إسم رغم طوله لا يكفي أن يكون لحامله، فهذا الشاب والسياسي القادم من العمل الطالبي يستحقّ إسماً أطول لكثرة الأدوار التي يؤديها. فهو بداية ترأس رابطة خريجي كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية في الثمانينيات، ثم "اتحاد شباب لبنان" في التسعينيات، وتمكّن من أن يشغل غير تلك المناصب بعدما قرّبه منه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وجعله معاوناً سياسياً له ونائباً في كتلته، ومن ثم وزيراً، رغم أن بري كان قد قرّر فصل النيابة عن الوزارة لأعضاء كتلته. لكن علي حسن خليل الذي يقوم بمهامه الموكولة إليه وبمهام الرئيس بري، وبمهام حركة أمل كلها وعلى أفضل وجه، هو استثناء عن القاعدة، وهو غالبا كما جميع القيادات في الميليشيات الحاكمة يصل الى مناصبه المتراكمة والمتدافعة الواحد تلو الآخر، إما مصادفة أو بالسياسة الميكيافيللية، أي "لا رحمة" حين تكون "الغاية تبرّر الوسيلة".

فمن المعروف عن علي حسن خليل (ولا يمكن إختصار الإسم بعلي او خليل، بل يجب ايراده كاملا متكاملا، لأنه يستحق ذلك ولتفريقه عن حسين الخليل معاون الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله)، أنه حين كان رئيساً لطلاب الحقوق في الفرع الأول، كان يفرض قبضة حركة "أمل" الحديدية على الكلية. وفي عهده منعت جميع الأحزاب التي كانت تشكّل ما سمّي بالحركة الوطنية (شيوعيون- قوميون- اشتراكيون- بعثيون...) من "التنفس السياسي" في الكلية. وكان من يجرؤ على محاربة تسلّط الحركة على الكلية يعرّض نفسه لأخطار كثيرة ليس أولها الضرب وليس آخرها الترسيب في الإمتحانات، وبقيت هذه الحالة من السيطرة مستشرية حتى يومنا هذا، ولو أن فرع الكلية قد تمّ نقله الى المبنى الجامعي الموّحد في الحدث. فهناك ما زال ورثة علي حسن خليل من الطلاب والأساتذة والمدراء والإداريين الذين كانوا طلابا سابقا، يتعاملون مع الكلية وكأنها ملكية خاصة من ملكيات حركة "أمل".

أما أثناء رئاسته "إتحاد شباب لبنان"، فقد نجح في تحويله الى مؤسسة من مؤسسات الحركة، بعدما كانت الحركة الطالبية التي انتعشت فجأة في أواسط التسعينيات تطالب بإنشاء هذا "الإتحاد" من أجل تفعيل دور الشباب اللبناني وتقريب وجهات النظر في ما بينه، وإرساء كتلة يمكنها التأثير في الحياة السياسية اللبنانية. لكن علي حسن خليل تمكّن من إفراغ الإتحاد من مضمونه وتحويله الى مجموعة مكاتب يعمل فيها موظفون بالمحاصصة، وما زال مكتب الإتحاد قائما حتى الآن، هادئاً لا يفتعل أي ضجة.

هذه ميزة في علي حسن خليل أي إثباط عزيمة التغييريين، ويقال إن يدا طولى له كانت في إقناع بري بتبنّي تظاهرات إسقاط النظام الطائفي التي جرت خلال الأشهر الماضية. هذا التبنّي الذي أدى الى إندثارها وتلاشيها بسبب الخلافات التي وقعت بين منظميها، حين وافق قسم منهم على هذا التبني من قبل الرئيس بري ورفضه قسم آخر، فإنقسم الجميع على بعضهم، وربحت الطائفية التي لم تلغ لا "في النصوص" ولا في النفوس" كما كان يرغب رئيس المجلس منذ تولّيه منصبه قبل عشرين عاماً تقريباً.

لكن "ميكيافيللية" علي حسن خليل لا تضيره، فقد بات مسؤولاً تنظيمياً لحركة أمل في بيروت، وقد يقول قائل:"وما أهمية المسؤولية التنظيمية في بيروت بالنسبة لحركة أمل". لكن هذا "القائل" لا بد سيحصل على إجابة حين يعرف عن أموال وتعويضات "وادي أبو جميل" التي سمّيت "وادي الذهب"، وبالطبع إن التعويض على المهجرين في الوادي وهم من أنصار "حركة أمل" لن يمرّ الا عبر المسؤولين التنظيميين. وبالتالي تخيّل الأمر على هذا النحو:"مسؤول تنظيمي في وادي الذهب".

وهكذا دواليك، حتى النيابة عن دائرة مرجعيون حاصبيا منذ العام 1996 حتى اليوم. لكن أبرز منصب لعلي حسن خليل كان "المعاون السياسي" للرئيس نبيه بري الذي يمنحه سلطة إدارة المفاوضات السياسية مع جميع حلفائه وخصومه. بعد الانسحاب السوري العام 2005، تولّى التواصل مع القيادة السورية. وهكذا ولّى عمر الشباب السياسي، وبدأ الغوص في عالم التركيبات السياسية التي يسمّيها الناس "المافياوية"، اذ أنها كذلك فعلاً. وهذا لا يعني أن علي حسن خليل هو "عرّابها"، ولكنه أداة فعالة من أدواتها.

الآن. ما الذي يجعل من مفاوض بارع ومعاون سياسي وخرّيج كلية الحقوق ووزير الزراعة في حكومة قديمة، وزيراً للصحة، التي غالباً ما تحتاج الى وزير متخصّص يعرف في خفايا الأطباء والمستشفيات. الإجابة بسيطة، إنها خليط من "الميكيافيللية" والحظ. فالوزير محمد جواد خليفة كان قد أدلى ما أدلى به من مواقف من "حزب الله" نشرتها "ويكيليكس"، لذا تم استبعاده. والرئيس بري أراد أن يقدّم كل الدعم لحكومة الرئيس ميقاتي، فتنازل عن مقعد وزاري شيعي، ودفع بنائب من نوابه ومعاونه السياسي الى الحكومة زيادة في الدعم للحكومة، وهكذا يكون علي حسن خليل قد أدى دوره المطلوب منه في كل منصب تبوّأه، وهي تقريباً جميع المناصب التي يحلم بها "حركي" في حركة "المحرومين"، اللهم الا منصب رئيس مجلس النواب... ومن يعلم؟

 

دمشق- تل أبيب- "حزب الله": هل من حاجة إلى حرب؟  

محمد قواص/ موقع 14 آذار

تقارير إسرائيلية معطوفة على تصريحات من هذا المسؤول السياسي إلى ذاك المسؤول العسكري، تتوعد بالصدام الكبير مع حزب الله تارة ومع سوريا تارة أخرى. العقل الإسرائيلي يحاول بيعنا قلقا كبيرا من إحتمال سقوط النظام في سوريا وما قد يلي ذلك من خطر على الإستقرار في الجولان، كما يحاول تسويق فكرة الإنقضاض على حزب الله والإستفراد به حال سقوط النظام في دمشق، ويكمل من فنتازيا إلى أخرى تدور كلها حول فكرة العودة إلى العسكريتاريا فقط.

ورغم أن التصريحات الإسرائيلية لا تحمل جديدا في لازمة التهويل من البعبع العربي المهدد لديمومة الكيان منذ نشوء الدولة، إلا أن مأزق البقاء الذي يحيط بدمشق وتل أبيب وحزب الله قد يمنح ذلك الكلام صدى يجب عدم التهوين منه. إسرائيل تعاني من أزمة سياسية داخلية معطوفة على أزمة إقتصادية بدأ الشارع يدلل عليها، ناهيك عن أن الإئتلاف الحاكم يعاني من هزال وتضعضع جراء حالة التوتر المقلقه بين إسرائيل وإدارة باراك أوباما. ولا ريب أن الهلع الدبلوماسي الإسرائيلي من مجرد طرح الموضوع الفلسطيني أمام الأمم المتحدة، مؤشر على جدية العزلة والأزمة والمأزق الذي بات يحاصر الحركة الدولية لإسرائيل.

لكن الأزمة الأهم في العقل الإسرائيلي تتمثل في هذا الربيع العربي، من حيث العجز عن توقع نتائجه، ويذهب هذا العجز بحيث تروح التحليلات الإسرائيلية إلى أسوء السيناريوهات (من نوع تحول العرب إلى أمة متحدة ضد إسرائيل متحالفة مع إيران وتركيا مثلا!)، مع ما يعني ذلك من إمتطاء لإقصى خيارات العسكريتاريا المتاحة.

في المقابل يعاني حزب الله مأزقا تاريخيا لا سابق له في تاريخه. فالحزب تحول في لبنان إلى فصيل محلي مستغرق في زواريب السياسة البيتية اللبنانية، متحريا بيأس دورا استثنائيا لطالما حظي به كمحتكر للفعل المقاوم، وساعيا بشكل مجهد لرد التهم عنه تارة بالوقوف وراء إغتيال الرئيس رفيق الحريري وتارة أخرى بعمله على السيطرة على مفاصل وتفاصيل السلطة في لبنان، مع تداعي ذلك على موقع لبنان وعلاقاته مع المجتمع الدولي. كما أن الحزب الذي تمتع قبل عام 2000 بغطاء عربي ودولي ضمن تفاهم نيسان (الذي عمل على إبرامه رفيق الحريري)، أضحى يعاني من عزلة عربية كاملة (كان آخرها إبتعاد قطر) ومن عداء دولي عززه قرار المحكمة الدولية الظني/ الإتهامي.

أما سوريا، فلا ضرورة لسرد أوصاف المأزق الخطير الذي يهدد النظام السياسي في دمشق، ولا طائل من عرض تراجع الموقف المجتمع الدولي إزاء ديمومة وضرورة بقاء النظام برئيسه (يكفي متابعة التصريحات الأوروبية الأميركية). والأزمة من إمعان إلى إمعان في تصاعد مزدوج في حركة الشارع السوري ضد نظام الحكم من جهة، وفي تصاعد دراماتيكي خطير في حجم وأسلوب القمع المستخدم من جهة أخرى.

تتناوب الأطراف الثلاثة على تبادل الإتهامات والتهديدات والتهويل بما هو أعظم. أول الإشارات وأشهرها ما أطلقه رامي مخلوف (قبل أن يتوجه للعمل الخيري) من تحذيرات من انه بدون استقرار فى سوريا لن يكون هناك استقرار فى اسرائيل. وقد تولت دمشق ترجمة كلام إبن خال الرئيس ففتحت الجولان (الموصد منذ عقود) أمام مئات من المدنيين للدخول والإحتجاج والباقي معروف. وكان اللافت ليس فقط ارتكاب دمشق للمحظور هذا، بل تجاوب اسرائيل في حمل الماء الى الطاحونة السورية من خلال فتح النار بشكل عشوائي وغير مبرر (حسب المعلقين الاسرائيليين) في الجولان وجنوب لبنان، لعل في ذلك، وفق كتاب إسرائيليين، مساهة إسرائيلية في تحويل النزيف الداخلي الى أزمة حدود مع ما يواكب ذلك كلاسيكيا من أرباك لإنتفاضة السوريين من خلال اجترار خطاب الصراع مع العدو.

على أن الأمر وإن بقي بغرابة محدود التداعيات (من قبل دمشق وحزب الله)، إلا أنه شكل مناورة تمرينية لإحتمالات الصدام الكبير إذا ما توفرت الضرورات الموضوعية للإطراف الثلاثة. حزب الله وسوريا وإسرائيل يحتاجون إلى صدام كبير يبعد عنهم الكأس المرة. ولكل طرف كأسه المرة. حزب الله وعلى لسان أمينه العام رفع قضية النزاع اللبناني الإسرائيلي على المياه البحرية إلى مصاف القضايا التي تطوع بالدفاع عنها (كما مزارع شبعا وتلال كفرشوبا)، في حين يترافق ذلك مع تهديدات اسرائيلية علنية بالدفاع عسكرياً عن عمليات التنقيب عن الغاز في المياه الاسرائيلية. وتاتي التفجيرات الأربعة التي تعرض لها انبوب الغاز المصري المتوجه الى اسرائيل ليزيد من شكوى اسرائيل من حاجتها الملحة للغاز وعجالة البحث عن البديل في قلب المياه الاسرائيلية التمنازع عليها مع لبنان، وبالتالي مشروعية الصدام الكبير من أجل الحاجة إلى الطاقة.

تقارير اسرائيلة واخرى اميركية خرجت في الاسابيع الاخيرة تتحدث عن احتمالات الصدام. والامر يستحق المناقشه لغياب البدائل المتوفرة للخروج من مآزق الأطراف الثلاث. واللافت ان الصدام قد يحظى بموافقة خبيثة إقليمية ودولية في سعي لتبديد الضباب واعادة ترتيب المنطقة وفق قواعد جديدة واضحة تحل مكان تلك الرمادية القصوى التي اضحت تشل الجميع اقليميا ودواليا. غير ان التطبيل الإسرائيلي السوري الحزباللاهي قد يعبر ايضا عن مقت لمكروه يراد استبعاده او عدم التورط في اشعاله. ذلك ان النظام في دمشق لم يعد مقتنعاً ان حربا اسرائيلية ستكون علاجا لازمته، بل قد يتسبب الامر في إنهيار كامل. الامر نفسه ينسحب على حزب الله الذي لا قد يتحمل حربا اخرى قد تطيح بشعبيته داخل الطائفة الشيعية، كما قد تطيح بموقعه كراعي اساسي للدولة اللبنانية، كما لا تحمل ضمانا لنتائجها العسكرية. اما الطرف الاسرائيلي، والذي لا شك أنه اكثر المحتاجين معنويا الى حرب تعيد الثقة الى جيشه بعد ادائه عام 2006، فجل تقاريره الإستراتيجية على غرورها وغلوائها لا تحمل ضمانات تغيير في التوازن الإستراتيجي في المنطقة (التفوق بالمعنى الإسرائيلي)، كما أنها غير معنيه بخوض حرب تستنزف فيها قواها قبل حسم الأمر مع الخصم الأكبر في إيران حربا أم سلما.

 

مؤشرات «غير أخلاقية» على بداية ابتعاد لبناني عن دمشق

حازم الأمين/الحياة

لبنان أكثر الدول العربية «انفعالاً» بوقائع الانتفاضة السورية. لهذه الحقيقة أسباب كثيرة، لعل أوجهها، كثافة الحضور السوري في المشهد اللبناني. فالحكومة الحالية في بيروت مشكّلة من قوى تتفاوت علاقتها بالنظام في سورية بين الالتحاق العضوي وبين التكسب والارتزاق. إنها حكومة قرر الرئيس السوري بشار الأسد هويتها بالكامل، لا تضم خصماً واحداً للنظام في دمشق. أما الشارع اللبناني، فلا يقل تشابهاً وتطابقاً مع نظيره السوري. فالقول مثلاً بأن السوريين يواجهون نظاماً في حين أن اللبنانيين منقسمون حول هذا النظام، يستبعد حقيقة أن المصطفين اللبنانيين حول النظام في سورية قليلو الإخلاص له، وهم إذ يصطفون خلفه اليوم، سيكونون أول المنفضين من حوله ما إن يُباشر تداعيه. وهذه حال التشابه مع شرائح سورية واسعة، يقال إنها تنتظر تداعي النظام لتنفض عنه، مع ضرورة توقع سبق لبناني على هذا الصعيد، باشره فعلاً وليد جنبلاط.

هذه مقدمة لنقاش القرار الرسمي اللبناني في أن «ينأى لبنان بنفسه» عن بيان مجلس الأمن الدولي إدانة انتهاكات النظام في سورية، مع العلم أن فعل «النأي» يختلف عملياً عن التصويت ضد القرار، على رغم المنسوب الأخلاقي المنخفض لهذا الفعل. وبهذا المعنى ينتمي القرار إلى براغماتية وضيعة تعفي الحكومة من مواجهة كبرى مع المجتمع الدولي (مواجهة لم تتمكن دولة بحجم روسيا من خوضها)، وفي الوقت نفسه ترسل إلى النظام في دمشق رسالة مودة مسمومة. والسم هنا ليس مادة مستقلة أضافتها الحكومة اللبنانية، إنما هو جزء من جوهر علاقات الاستتباع التي يتحول تعفنها سماً.

نعم، لبنان سيكون المرآة الأولى لضعف النظام في سورية. هنا في بيروت يجب أن يُرصد حال النظام هناك في دمشق. فالقول بأن قرار الحكومة «النأي» بنفسها عن التصويت على قرار مجلس الأمن ليس أكثر من تدبير سوري يُساعد على حماية الحلفاء في بيروت من غضب المجتمع الدولي، صحيح وحقيقي. لكن الوجه الآخر له يتمثل في أن دمشق شعرت بضرورة توسيع الهامش لبيروت، وهو أمر لم يفعله النظام في سورية مع مواطنيه المحتجين، أي: تضييق خانق وقاتل في سورية في مقابل توسيع للهامش في لبنان.

ليس هذا نهائياً على كل حال، فربما شعر النظام أن الحاجة إلى الورقة اللبنانية لمواجهة المجتمع الدولي اختلفت، وانه من الممكن رفع سقف المواجهة مع هذا المجتمع في بيروت. لكن من المرجح، ومع مزيد من الحصار الدولي ومن ارتفاع وتيرة الانتفاضة، أن ينخفض منسوب «الإخلاص» اللبناني للنظام في سورية. بدأت في بيروت مؤشرات هذه الظاهرة، وليس وليد جنبلاط علامتها الوحيدة. فثمة كلام كثير عن «ورشات تفكير» وإعادة نظر في أوساط لبنانية شديدة الارتباط بدمشق حول ضرورة الابتعاد «قليلاً» عن دمشق في هذه الأيام.

حزب الله مثلاً انكفأ عن المجاهرة اليومية بالوقوف إلى جانب سورية «قيادة وشعباً»، وهو يحاول تعويض ذلك بتصريحات متباعدة لمسؤوليه تدعم النظام السوري، ويحاول التعويض أيضاً عبر تبني إعلامه خطاب النظام هناك، من دون سياسييه. أما أمينه العام فدأب على تجاهل الحدث السوري في خُطبه الأخيرة، تفادياً لمزيد من الخسائر، تلك التي مُني بها نتيجة مواقفه في أشهر الانتفاضة الأولى.

ميشال عون، وهو الأيقونة الأقلوية، التي يُحاول النظام في سورية تثبيتها في المشهد الوهمي لحمايته «التعددية» التي يدعيها، ميشال عون هذا أقل حيلة ودربة على ملكة الصمت، ولهذا نراه يسقط في كل مؤتمر صحافي له في فخ دفاع قليل القيمة وكثير الركاكة عن حلفائه الجدد. لكن الوضع الفصامي الذي يعيشه الرجل يرشحه لانشقاق انتحاري غير متدرج عن النظام في سورية، كأن يستيقظ ذات يوم ويعلن لأنصاره ما يأتي: عليكم منذ هذه اللحظة أن تُغيروا مشاعركم. نحن اليوم خصوم دمشق.

التحول الأسهل سيجريه من دون شك رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي. فهذا الحليف «الغامض» لدمشق كرس أسلوباً غير مسبوق في العمل السياسي، أسلوباً يجعلنا نتوقع أنه سيخرج على اللبنانيين في لحظة يأسه من حليفه الدمشقي ويقول ما حرفيته: «ألم أقل لكم إن هذا النظام فاسد وجائر وإلى زوال... لقد ولدت وترعرت على خصومته، وها أنا أرى بأم عيني حلمي بسقوطه قد بدأ بالتحقق. سأتوجه اليوم الى العمرة لأشكر الله على نعمه».

منذ توليه الرئاسة بعد وفاة والده استبدل الأسد الابن تقنية الدهاء في تقليب الأوضاع اللبنانية، التي كان يعتمدها والده، بسياسة نزقة. قرر التمديد لإميل لحود على رغم أن نتيجة ذلك كانت ماثلة أمام عينيه، وهذا على رغم وجود عشرات الخيارات البديلة التي لا تؤذيه، وقرر الانقضاض على المعادلة الداخلية في 7 أيار 2008 من خلال هجوم مسلح على طائفة كبرى في لبنان. وأخيراً قرر إطاحة سعد الحريري والإتيان بحليف سنّي ضعيف، وهو ما جرّ عليه خسائر داخلية وخارجية لا تحصى.

تكرار الأخطاء والإمعان فيها لا يصنع سياسة، وإذا كان الأسد في 2005، عندما انسحب من لبنان قد خسر أكثر من نصف لبنان، فهو الآن في طريقه إلى خسارة ما تبقى، على رغم أن ظروفاً كبرى لا يد له فيها كانت ساعدته على معاودة نفوذه خلال السنوات الفائتة.

اليوم يجري توسيع هامش التحرك لحلفاء دمشق إلى حد سيتمدد فيه الهامش إلى المتن. فالحكومة وجدت نفسها في ورطة عدم قدرتها على التفلت من المحكمة الدولية، وبالأمس لم تستطع عرقلة قرار إدانة سورية دولياً، على رغم قدرتها تقنياً على العرقلة، ذاك أن صوتاً واحداً في مجلس الأمن كان كافياً لمنع صدور القرار، فدفعت بذلك الثمن الأخلاقي لوقوفها إلى جانب نظام يضطهد مواطنيه، ولم تتقاض ثمناً عملانياً لهذا «النأي غير الأخلاقي» عن النفس. وسيستمر الهامش في الزحف على المتن الى أن ينحسر الاصطفاف اللبناني خلف دمشق الى أضيق الحدود. وعندها سيبقى محيراً وضع «التظاهرات المضادة» التي يُنظمها مؤيدو النظام السوري في شارع الحمرا، ذاك أن ما اصطلح أخيراً على تسميتهم «الشبيحة - فرع لبنان»، لم يُباشروا مراجعاتهم بعد.

 

الصدمة الإيجابية

عبدالله إسكندر/الحياة

منذ اتفاق فك الاشتباك في الجولان عام 1974 وما تضمنه من إجراءات عسكرية مُلزمة للجانبين السوري والاسرائيلي، ونشر قوات دولية لمراقبة جانبي الحدود، لم يعد متوقعاً ان ينخرط الجيش السوري في مواجهة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي على الحدود بين الجانبين. واستُبعد هذا الاحتمال أكثر فأكثر رغم اللغة الحربية حول التوازن الإستراتيجي واختيار زمان المواجهة، بعدما أعلنت دمشق ان السلام مع إسرائيل خيارها الإستراتيجي، ما يعني ان ما عدا ذلك يأتي في اطار تحسين شروط هذا السلام.

وعليه، عاد الجيش السوري الى ثكناته، ولم يخرج منها إلا في مهمات امن داخلي، سواء في سورية او في لبنان، وحتى عندما اصطدم الجيش السوري بالجيش الاسرائيلي لدى غزو لبنان عام 1982، حصل ذلك عندما كان يقوم بمهمات أمن داخلي.

هذه الوظيفة الجديدة للجيش السوري لا تعني انه لم يجهز نفسه بأعتدة متطورة استعداداً لمواجهة عسكرية محتملة مع اسرائيل قد يفرضها ظرف ما، وإنما تكشف المضمون السياسي الذي يوظف هذه القوة في اتجاه ما، وهذا ما يُفسر استخدامه على هذا النحو الدموي في المدن السورية، كما استخدم قبلاً في حماة ولبنان لردع الاحتجاجات التي ترفع مطالب بالحرية والتعددية والديموقراطية. ويُفسر أيضاً كيفية فهم هذه السلطات للاحتجاجات والمطالب على أنها تهديد للأمن القومي.

أي أن زج الجيش على هذا النحو، والمديح الذي كيل لقيامه بهذه المهمة، يلغي عملياً كل ما قيل إنها إجراءات إصلاحية، كرفع حال الطوارئ والعفو الرئاسي عن المعتقلين السياسيين وتشكيل «هيئة للحوار الوطني» وأخرى لوضع قانون جديد للإعلام ومرسوم الاحزاب وآخر للانتخابات. كل هذه الإجراءت ظلت في اطار دستوري يُفقدها معناها، ولذلك لم تؤدّ الى اي تأثير في مجرى الاحداث، التي -على العكس- بدأت تزداد اتساعاً وتجذراً في المطالب، ما استدعى زج مزيد من قوات الجيش في الداخل. وهكذا، يتحول نقل مهمة الجيش من حماية الحدود الوطنية الى حماية سياسة السلطة مأزقاً متزايداً وليس حلاًّ للأزمة.

وفي هذا الإطار، تبرر السلطة هذا التحول في مهمة الجيش بوجود «مجموعات مسلحة تكفيرية» وبمواجهة خطر إقامة نظام اصولي في البلاد، استناداً الى بعض المواجهات المسلحة وتصريحات من معارضين وهتافات في تظاهرات، رغم أن أصواتاً كثيرة أخرى فاعلة في الحركة الاحتجاجية تشدد على الطابع السلمي وعلى مدنية الدولة.

وأغلب الظن أن «خطر الدولة الأصولية» حاجة للسلطات اكثر من كونه واقعاً حقيقياً. لكن لنفترض ان سورية مهددة بمثل هذا الخطر، فاحتمال مواجهته يكمن في الانتقال سريعاً الى تثبيت مدنية الدولة وإرساء تعددية دستورية، وليس تعميق الهوة بين المؤسسات الامنية للدولة وبين المحتجين والمعارضين، ومن ثم انزلاق المواجهة شيئاً فشيئاً الى النزاع المسلح والحرب الأهلية، ما يزيد خطر استغلال الاصوليين للوضع السياسي وزيادة نفوذهم على حساب تيار الدولة المدنية.

فشلت كل الإجراءات الإصلاحية في الخروج من المأزق، لانها لم ترقَ الى إحداث صدمة ايجابية لدى الرأي العام تجعله يأمل بإمكان استعادة حريته في التعبير والعيش الكريم وتحقيق طموحاته بالتعددية والديموقراطية ومجابهة الشمولية بكل أشكالها، بما فيها الأصولية.

ومثل هذه الصدمة لا يستطيع القيام بها الا الحكم، عبر إجراءات تنفيذية مباشرة، تحيّد الجيش عن النزاع الداخلي، وتسحب الميليشيات الحكومية والامنية من الشوارع، وتطلق المعتقلين فوراً، وعبر اصدار مراسيم تنفيذية لإصلاح دستوري يكرِّس الحريات السياسية ومدنية الدولة وتعدديتها. وبذلك فقط يمكن الخروج من دوامة العنف الى عالم السياسة، والتخفف من أضغان الاحتقان الحالي والثأر التاريخي الى بناء الوطن الواحد للجميع.

 

لماذا الصمت العربي أمام الوضع في سورية؟

خالد الدخيل/الحياة

كان للعرب موقف، مهما يكن، مما يحصل في ليبيا، وفي اليمن، وفي البحرين. لكن أمام الحالة السورية هناك صمت عربي مطبق يصم الضمائر قبل الآذان. وصلت درجة هذا الصمت حداً أنه حتى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اضطرا أخيراً للمطالبة بموقف عربي معلن. إطلاق اللجان التنسيقية للثورة في سورية على تظاهرات الجمعة قبل الماضية اسم «صمتكم يقتلنا»، وعلى تظاهرات جمعة اول من امس اسم «الله معنا»، يحمل نبرة عتب على صمت الخارج العربي. لماذا هذا الصمت المطبق؟ وهل له ما يبرره؟ هل لهذا الصمت فوائد سياسية ترجِّح ما يمكن أن ينطوي عليه من مخاطر؟ صَمَت العرب من قبلُ أمام ما كان يحدث في العراق، وللعراق. ماذا كانت نتيجة ذلك؟ إذا كان الأميركيون سلّموا العراق إلى إيران بأخطائهم، أو بتحالفاتهم وممالآتهم، فإن العرب فعلوا الشيء نفسه بصمتهم، ورفضهم الاستجابة لنداءات الكثيرين من العراقيين لمساعدتهم، أو فِعْلِ شيء، أي شيء. واللافت في الصمت العربي تحديداً، صمت القاهرة، عاصمة الثورة العربية الثانية، وصمت الرياض، العاصمة التي تفادت موجة الثورات.

لكن لنُعِد النظر قليلاً في المشهد:

التغطيات الإعلامية العربية، وخاصة منها تغطيات الإعلام غير الرسمي، تشير إلى أنه ليس هناك ربما صمت عربي إزاء ما يحدث في سورية. يتابع الإعلام العربي أحداث الثورة السورية لحظة بلحظة، ويقدم تغطية تنم عن موقف متعاطف تماماً مع مطالب الثورة. ومن خلال هذه التغطية يمكن القول إن العرب، أو أغلبيتهم كما يبدو، تصطف إلى جانب الشعب السوري في مطلبه بإصلاح أو إسقاط النظام. هكذا يبدو الموقف على مستوى الخطاب الإعلامي غير الرسمي، أما على المستوى الرسمي، فليس هناك موقف معلن. إيران تعلن دعمها للنظام في سورية، وتتهم بكل صفاقة الشعب السوري بأنه متآمر مع الأميركيين والصهاينة. تركيا لها موقف معلن يؤيد فكرة الإصلاح، ويرفض لجوء النظام إلى خيار الحل الأمني. الولايات المتحدة رغم تلكؤها وترددها، ومعها دول الاتحاد الأوروبي، لها موقف معلن. روسيا لها موقف، وكذلك الصين. الدول العربية هي الاستثناء الوحيد. ليس لأي منها موقف معلن، مع النظام أو ضده. لماذا؟ وكيف يمكن أن يفهم ذلك؟

إذا كان الصمت موقفاً، فإن الصمت العربي من الأحداث في سورية يضمر موقفاً لظروف ما غير قابلة للإعلان عنها. والإشكالية هي في عدم القابلية هذه، وهي إشكالية عربية مزمنة. وفي هذا الإطار، ليس هناك موقف عربي واحد مما يحدث في سورية. يتفق الجميع على فضيلة الصمت، لكنهم يختلفون في مواقفهم، ومن ثم في مبررات الفضيلة المشتركة في ما بينهم. قد يعني الصمت لدى بعض الدول العربية أنها تؤيد مطالب الشعب بإسقاط النظام، لكن ليس من الحكمة الإعلان عن ذلك، لأنه بسبب المشتركات الكثيرة بين الدول العربية، فإن إعلان بعض الدول تأييد إسقاط الانظمة في بعضها الآخر يتضمن تأييداً لفكرة إسقاط انظمتها هي أيضاً. من ناحية أخرى، قد يعني الصمت لدى البعض أنه ليس مع إسقاط النظام السوري، بل مع فكرة إصلاحه بما يبقي عليه ويرضي الشارع السوري، لكنه لا يريد الجهر بموقف لا يلتزم هو به قبل أن ينصح به غيره. من ناحية ثالثة، قد يعني الصمت أن بعض الدول ضد فكرة الثورة أصلاً، وبالتالي ضد فكرة إصلاح يُفرض من الشارع، لكن الظرف السياسي المستجد في ظلال ما يعرف بالربيع العربي لا يسمح بالمجاهرة بموقف مثل هذا. هذا فضلاً عن أنه ليس من الحكمة إعلان موقف مناهض للشارع في كل الأحوال. هناك احتمال رابع، وهو أن اللجوءالى الحل الامني قد يفرض نفسه على بعض الدول مستقبلاً. ومن ثم ليس من الحكمة لدولة ان ترفض ما قد تضطر لممارسته لاحقاً. الاحتمال الخامس ان المجاهرة بتأييد مطالب الشارع السوري قد تنطوي على تسرع غير محسوب: قد ينجح النظام في قمع الانتفاضة بما يؤدي إلى تراجع الشارع وخمود انتفاضته، فماذا سيكون موقف الدول المؤيدة للشارع في هذه الحالة؟

الأرجح أنه عندما نأخذ هذه الاحتمالات جميعاً، أو فرادى، سوف نجد أنها تعبِّر أيما تعبير عن حالة تردُّد بين الموقف ونقيضه، أو بين الموقف وتبعاته. وهذه خصلة ضعف سياسي متمكنة في بنية الدولة العربية الحديثة. وليس أدلَّ على ذلك من أن كل الدول خارج المنطقة العربية لها مواقف مما يحدث في هذه المنطقة، وتؤثر في علاقاتها وفي ما يدور فيها من أحداث وتفاعلات بأكثر -غالباً- مما تؤثر الدول العربية. القضية الفلسطينية، ثم القضية السودانية، فالقضية العراقية، والمسألة الليبية، والآن الحالة السورية، أمثلة واضحة على ذلك. حتى النظام السوري، وهو موضوع الصمت العربي، كان ولا يزال يعاني أيضاً من حالة الصمت نفسها، قبل وبعد أن وصلت موجة الثورات العربية إلى شواطئ سورية. بل إنه غارق في مستنقع الصمت وهو يصارع ثورة الشارع. لا يعترف النظام بأن لجوءه إلى إنزال الجيش بمدرعاته لمواجهة انتفاضة شعبية سلمية، فضلاً عن أنه يمثل جريمة إنسانية منكرة، يعبر بأكثر مما يعبر الصمت عن مدى الضعف السياسي الذي يعاني منه. المفارقة أن النظام غير آبه بما يؤدي إليه هذا من إغلاق للمجال السياسي، وبالتالي إغلاق للخيارات السياسية المتاحة أمام الأزمة. إنه نظام تطغى عليه الصفة الأمنية على الصفة السياسية. ولذلك، يعتبر أن ما عدا الحل الأمني هو أخطر مصدر للضعف، من حيث أنه يغري المواطنين بالجرأة عليه. هو لا يريد أن يعترف بأن هذه الجرأة، أو سقوط جدار الخوف من النظام، قد حصل بالفعل، وأنه لم يعد من الممكن التراجع عنه. كان هذا مأزق النظام البعثي في العراق، والآن هو مأزق النظام البعثي في سورية.

يبدو الصمت العربي في هذه الحالة من دون مبرر، أيا يكن المعنى المضمر في هذا الصمت، وأيا يكن الهدف من ورائه. لا يحتاج الأمر للتذكير بأنه ليس من مصلحة العرب تكرار ما حصل في العراق، وفي السودان. يجب اللحاق بمسار الأحداث قبل أن يصبح ذلك متعذراً، كما كشفت تجربة العراق. إيران كما يبدو تتدخل الآن في سورية، وتقدم الدعم المادي والعسكري للنظام هناك. آخر الأخبار عن هذا الموضوع ما أعلنته تركيا أمس، من أنها أوقفت سفينة إيرانية محمّلة بالسلاح متوجهة إلى سورية. وقبل ذلك تصريح مصدر بارز في «التحالف الوطني» العراقي لصحيفة «الشرق الأوسط»، أن إيران تضغط على العراق لتقديم مساعدة مالية للنظام السوري بمبلغ عشرة بلايين دولار. لن تؤدي المساعدة الإيرانية إلا إلى إطالة أمد الأزمة والمزيد من إضعاف سورية، ومعها الإقليم العربي. ماهو الموقف العربي من ذلك؟ خاصة في ضوء أن مأزق سورية لم يتغير: أنها تُحكم بنظام غير قابل للإصلاح. وليس لإصلاح هذا النظام إلا معنى واحد: تغييره واستبداله. وهذا ليس رأياً، وإنما حقيقة تاريخية تؤكدها سياسة النظام وخياراته الأمنية أولاً، وواجَهَتْها المنطقة مع النظام العراقي السابق وتواجهها مع جماهيرية العقيد في ليبيا ثانياً. الأفضل من أي شيء آخر أن يحصل التغيير داخلياً، وبطريقة سلمية، وعلى يد السوريين، من دون أي تدخلات خارجية. لكن هل هذا ممكن بعد كل ما حصل؟

يشير مسار الأحداث في سورية إلى أن النظام يزداد ضعفاً. ومع استمرار الانتفاضة وعجزه عن إنهائها، قد يتجه الوضع إلى نوع من الجمود، وهنا تكون سورية أمام واحد من خيارين: إما انزلاق إلى حرب أهلية مدمرة تصل تداعياتها إلى الأردن ولبنان، أو تدخل خارجي (تركي دولي كما يبدو) يؤمِّن مخرجاً لجميع الأطراف. مهما يكن، وفي كل الأحوال، لم يعد هناك من خيار إلا تغيير النظام، والخوف الحقيقي أن الوصول إلى ذلك سيأخذ وقتاً طويلاً، ويكلف السوريين، وربما المنطقة، أثماناً باهظة.

لماذا لا تنطلق الدول العربية من هذه الفرضية للتعاطي مع الوضع السوري بدل تركه لمواقف ومصالح الآخرين، من داخل المنطقة وخارجها؟ هناك فرصة لكسر طوق الصمت والجمود. فلم يسبق أن وضعت ممارسات الأمن السوري في الداخل تحت مجهر الإعلام الخارجي على هذا النحو المتصل والمكثف، ما يؤشر إلى حجم التغيير الذي حدث للمنطقة. ولم يسبق للشعب السوري أن وضع الإستراتيجية الأمنية للنظام أمام تحد صلب مثلما يحدث منذ خمسة أشهر إلى الآن. وهذا مؤشر على سقوط الإستراتيجية الأمنية التي طبقها النظام على مدى أربعين سنة.

يطالب هذا الشعب بموقف عربي. هل يملك العرب متطلبات هذه الفرصة؟ أم أن مطالبتهم بموقف كهذا في لحظة حرجة مثل هذه، أشبه بمطالبة النظام السوري بتأمين التحول إلى الديموقراطية في سورية؟

*كاتب وأكاديمي سعودي

 

"النهار" تنشر وثيقة أساسية في الذكرى العاشرة لاعتقالات 7 آب 2001

خلاصة إفادة اللواء نديم لطيف عن التحقيقات معه في مديرية المخابرات

يصادف اليوم الذكرى العاشرة لاعتقالات 7 آب 2001 التي عدت احدى أبرز المحطات القمعية على يد النظام الأمني اللبناني – السوري المشترك عامذاك ضد أحزاب المعارضة المسيحية وقياداتها. وفي المناسبة، حصلت "النهار" على وثيقة تنشرها للمرة الاولى، وهي خلاصة إفادة أدلى بها أبرز رموز المعارضين الذين شملتهم الاعتقالات، اللواء نديم لطيف، الذي كان يشغل آنذاك مركز المنسق العام لـ"التيار الوطني الحر"، وقد وضع بنفسه هذه الإفادة نتيجة التحقيقات التي أجريت معه لدى توقيفه في مديرية المخابرات بين 7 آب 2001 و11 منه وتمكن من تدوين الخلاصة بعد نقله الى نظارة الشرطة العسكرية في جسر الباشا وزود نقابة المحامين ومحامي الدفاع عنه لاحقاً نسخة منها. وهنا النص الحرفي للافادة:

"تعقد الهيئة العامة في التيار الوطني الحر اجتماعا دوريا لها مرة في الأسبوع. كان قد أعلن قبل انعقاد جلسة 31/7/2001 عن زيارة كان سيقوم بها البطريرك صفير بعد أقل من أسبوع لمنطقة الشوف ومدينة جزين. قلت في نفسي عندما قرأت الخبر في الصحف: عسى ألا يُطرح هذا الموضوع في الهيئة العامة لأنني كنت أحبذ عدم مشاركة التيار شعبياً في الاستقبال، لأنه في مثل هذه الحالات، يستحيل منع كل الناس من حمل اللافتات والصور وإطلاق الشعارات إذ أنني كابن المنطقة أدرى بشعابها ممن قد يأتونها من الخارج بحيث أن التصرف على النحو الآنف ذكره سيكون له وقع سيئ في نفوس فئة من السكان إذ إنه سيثير فيهم ذكريات أليمة كان هدف زيارة البطريرك طي صفحاتها. لكن، وما إن افتتحت جلسة الهيئة العامة في تاريخ 31/7/2001، حتى طلب الكلام المحامي زياد أسود رئيس هيئة قضاء جزين في التيار وقال إنه استوضح المسؤولين عن الإعداد للزيارة في بلدته عن نوعية المشاركة في الاستقبال، فقيل له، لا سيما من الأب أبي كسم، إن الأحزاب والتيارات ليست مدعوة بهذه الصفة. تدخل هنا الدكتور ماريو عون رئيس هيئة قضاء الشوف في التيار وقال إن الوضع يختلف عما يبدو في بلدة الدامور لأن رئيس البلدية، وهو من آل الغفري، اتصل به وسأله عن نوعية مشاركة التيار فأجابه أن الموضوع لم يبحث بعد. تداولنا الأمر وقررت أن أشارك بمفردي أنا وماريو عون واتصلت للحال بالعماد عون هاتفياً وأبلغته أننا لن نشارك في جزين بل في الدامور على النحو الذي سبق ان ذكرت. وافق وقال لي: "إذا شئت فليرافقك أربعة أو خمسة أشخاص على أن يكونوا جميعهم من الشوف وفي مطلق الأحوال الأمر متروك لتقديرك".

دخل قاعة الاجتماع في هذه الأثناء شاب طويل القامة لا أذكر أنني كنت شاهدته قبلاً وقال لي: "سيكون الاستقبال في بلدة الكحاله كبيراً وستشارك فيه جميع الأحزاب والتيارات وسترفع القوات اللبنانية بنوع خاص اللافتات والصور بكثرة. نحن الأكثر عددا في المنطقة فلماذا لا نرفع بعض اللافتات؟". أجبته: "وفق معلوماتي ليس هناك من قداس في بلدة الكحالة". أجاب: "نعم ليس هناك من قداس لكن البطريرك سيتوقف لبعض الوقت في البلدة". قلت له عندها وعلى مسمع من جميع أعضاء الهيئة العامة: "ألم يحن الوقت بعد لنتخلص من هذه النغمة، نغمة التسابق على رفع الصور واللافتات؟ يمكن أن تكون لدى القوات نظرة إلى هذا الموضوع تختلف عن نظرتنا إليه. إذا أردتم المشاركة محليا فشاركوا دون صور ولافتات". ثم دار الحديث بعد ذلك حول أمور أخرى.

قداس البطريرك صفير في الدامور

توجهت مع الدكتور ماريو عون في سيارتي إلى الدامور وانضممنا إلى وفد الاستقبال الرسمي في مكتب النائب إيلي عون ثم شاركنا في القداس. لم ألاحظ أي تجمع لعناصر التيار. إلا أنه، لدى نزولنا إلى الطريق العام، ألقى علي سبعة أو ثمانية شبان التحية بتودد ومن دون أن يكون لي معرفة سابقة بهم. لم يكونوا كتلة واحدة كما أنهم لم يكونوا يحملون أي صور أو لافتات. قلت في نفسي إن هؤلاء الشبان ينتمون بالتأكيد إلى التيار. عدت بعد القداس بمفردي إلى منزلي.

قداس البطريرك في دير القمر

اتصل بي هاتفيا في اليوم التالي الاستاذ دوري شمعون وسالني عما إذا كنت سأحضر قداس يوم الأحد. ترددت ثانيتين أو ثلاثاً لأنني لم أكن قد عزمت على المشاركة، ثم أجبته بأنني سوف أحضر. قال عندها: "إني أطرح عليك السؤال كي نحتفظ لكم بمقعدين أو ثلاثة". اتصلت على الأثر بالدكتور ماريو عون واتفقنا على المشاركة كلينا دون سوانا والالتقاء في دير القمر عند الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الأحد. وصلت قبل ماريو بنحو ربع ساعة وأخذت مكاني في أحد المقاعد. لم ألاحظ أي تجمع للتيار الوطني الحر إنما شاهدت لافتات وأعلاما وصورا يرفعها عناصر من حزب الوطنيين الأحرار والقوات اللبنانية. عمد هؤلاء في بعض محطات الاحتفال إلى إطلاق شعارات مختلفة حول الاستقلال والسيادة والقرار الحر ووجوب خروج الجيش السوري من لبنان وضرورة إطلاق الدكتور سمير جعجع والهتاف بحياته، الأمر الذي لم يرق على ما يبدو لرئيس الجمهورية، فاضطر عندما غادر مكان الاحتفال، إلى سلوك طريق غير تلك التي كان سلكها عند دخوله.

محطة الكحالة

أثناء عودة البطريرك من زيارته للشوف، كنت ألعب النرد مع عديلي في منزلي في عجلتون. كنت أدير ظهري إلى جهاز التلفاز إنما كنت أسمع سرد تفاصيل سير الموكب من المذيع. قال لي عديلي في لحظة ما: "شوف هودي جماعتكم". استدرت نحو جهاز التلفزيون فشاهدت صورا للعماد عون إلى جانب صور أخرى عدة إنما لم أتمكن من قراءة ما كان مكتوبا على اللافتات لصغر حجم الشاشة. ثم كان أن انتهر البطريرك الشبان الذين كانوا يرددون الشعارات على النحو الذي سمعه جميع الناس.

الثلثاء في 7/8/2001

اجتمعت الهيئة العامة عند الساعة الخامسة والنصف مساء. أذكر أنه كان من بين المواضيع المدرجة على جدول الأعمال موضوع العشاء السنوي الذي كان التيار يزمع إقامته في أحد مطاعم الروميه وموضوع تقويم زيارة البطريرك صفير للشوف. كان جميع أعضاء الهيئة العامة حاضرين بالاضافة إلى ناشطين آخرين في غرفتين مجاورتين. لم يستغرق البحث في الموضوع الأول أكثر من عشر دقائق انتقلنا بعدها إلى تقويم زيارة البطريرك صفير للشوف. باشرت بسؤال المحامي جورج حداد، كونه ابن بلدة الحدت، عما إذا كان شارك في استقبال البطريرك صفير في الكحالة، وكم كان عدد ناشطي التيار الذين كانوا هناك، كما وعدد اللافتات التي كانوا يحملون. أجابني أنه شارك في الاستقبال وأن عدد عناصر التيار لم يتجاوز الاثني عشر كان بعضهم يحمل صورا للعماد عون واثنان يحملان لافتتين. أضاف أن هؤلاء كما سواهم كانوا يرددون الشعارات المعهودة حول ضرورة خروج الجيش السوري من لبنان في سبيل استعادة السيادة والاستقلال والقرار الحر. في هذه اللحظة بالذات سمعت صوتا (كان لحكمت ديب) يقول إن عناصر من المكافحة كانوا يطوقون البناية بأعداد كبيرة. اعتقدت أولا أنها كانت دعابة ما، ولكن لم تمض ثلاث أو أربع ثوان حتى كانت غرف المكتب الثلاث تعج بالجند. لم يقرع هؤلاء الباب الخارجي الذي غالبا ما كان يبقى مفتوحا، لأن ما يفعله عناصر التيار الوطني داخل الغرف الثلاث لم يكونوا يجدون حرجا في أن يفعلوه على قارعة الطريق. أُنزل الجميع من البناء الى الشاحنات. من كان في الغرفة التي كنت فيها كان  إما طبيبا ومحاميا ومهندسا أو أستاذا جامعيا، ومن الصعوبة بمكان أن تطلق على هؤلاء تسمية جمعية أشرار أو جمعية سرية. ومع ذلك لم يسلم البعض منهم قبل إنزالهم إلى الشاحنات المذكورة من صفعة من هنا ومن ركلة من هناك بحجة أنهم ابتسموا في حضرة الجندي أو لم يقفوا بالضبط في المكان الذي حدد لهم. تجدر الاشارة إلى أنه رغم أن الغارة شنت دون سابق إنذار، فإنه لم يضبط مع الموقوفين أي ممنوعات، ولو من نوع شفرة الحلاقة.

أنزلنا جميعاً إلى الشاحنات وتمّ اقتيادنا إلى ثكنة للمكافحة في الفياضية. فوجئت لدى نزولنا من الشاحنات بأن عددنا كان يتجاوز المئة وكان بيننا نساء (أنزلن على الطريق العام قبل وصولهن إلى مكان التوقيف). بعد مكوث ساعتين تقريبا في أحد العنابر وبعد تدوين كامل هوياتنا، دخل ضابط برتبة رائد وطلب إلي موافاته إلى الخارج، ففعلت. أجلسني في المقعد الخلفي لسيارة مدنية نحو نصف ساعة أصعد بعدها معي جنديين وقال لي: "إذا بتريد، لما بتوصلوا إلى مكان ما، سيطلب إليك خفض رأسك، أتمنى أن تستجيب لطلب الجنود".

تم اقتيادي إلى مديرية المخابرات حيث سلمت إلى أحد الرتباء الذي أمسكني بساعدي وراح يرمقني شذرا من قمة رأسي حتى أخمص قدمي وعلامات الكره والقرف والحقد ظاهرة على محيّاه. شعرت وكأنه كان يقول في سرّه: "من أين أتيتني أيها الإكسترا تررستر اللعين؟ كم سيكون حسابك عسيرا معي". استمر واقفا على هذا النحو حوالى نصف دقيقة دون أن يوجه إلي أي كلمة، ثم قادني بساعدي وأدخلني إلى غرفة فيها زجاجة ماء مملوءة حتى نصفها وفراش عسكري سماكته لا تتعدى السنتمترين عليه كل أنواع البقع الوسخة التي يمكن أن يتخيلها عقل، بالاضافة إلى حرام صوف لا يقل اتساخاً عن الفراش. طلب ذاك الرتيب إلي الجلوس على الأرض ففعلت. ثم طلب إلي إفراغ ما في جيوبي فسلمته ما كان معي فأخذه وأقفل الباب وانصرف.

في كل ما سأقوله لاحقا، ليس بإمكاني أن أحدد الأوقات بدقة لعدم وجود ساعة بحوزتي ولاختلاط الليل بالنهار، بسبب أضواء النيون المشعة على مدار الساعة سواء في الغرفة التي كنت فيها أم في الممر المحاذي لها. بعد نحو ساعة أو ساعتين ولربما كان ذلك قرابة منتصف الليل، عاد سجاني وطلب إلي انتعال حذائي ومرافقته. قادني إلى غرفة مكتب مواجهة تقريبا لغرفتي إنما أصغر منها مساحة فيها أربعة كراسٍ. طلب إلي الجلوس على أحدها قبالة أحد المحققين (تناوب على التحقيق معي طيلة الأسبوع الذي مكثته في مديرية المخابرات أربعة محققين سأطلق عليهم أسماء (أبجد – هوز – حطي – كلمن). دار بيني وبين أبجد، وهو من حقق معي أولا، الحوار الآتي:

- أبجد: هات خبرني شو هالقصة وشو عم بيصير.

- أنا: أي قصة تقصد؟

- أبجد: هيدا يللي عم بيصير بالبلد وقصة البطرك.

- أنا: هل تقصد ما حصل في بلدة الكحالة؟

- أبجد: نعم وغيرها.

- أنا: أخبرته حرفيا وبالتفصيل ما ذكرته أعلاه بالنسبة الى زيارة البطريرك لمنطقة الشوف وجزين. وفيما أنا في منتصف سرد الرواية، وبما أن باب الغرفة كان مفتوحا بزاوية ثلاثين درجة تقريبا، سمعت أحدهم يقول بتهكم على مقربة من الباب المذكور: "ليك أخ العرب كمان حاطط إجر على إجر". أذكر في هذا السياق أنني في الواقع أضع رجلا فوق الأخرى بحركة لاشعورية بسبب إجراء عملية جراحة للديسك لم تكن موفقة جدا منذ سنوات. ثم دخل المتكلم (هوز) ومعه شخص آخر (حطي) وجلسا إلى يميني ويساري. دار بيني وبين "هوز" الحوار الآتي بعدما كنت أنهيت  سرد رواية زيارة البطريرك للشوف:

- هوز: هللق من كل عقلك نحنا جايبينك لهون منشان هالقصة؟ يللا هات بلش بالمواضيع الخطيرة الأساسية.

- أنا: لست أدري عما تتكلم. تفضل واطرح علي السؤال الذي تريد لأجيبك عنه.

- هوز: لا. إنت بتعرف إنو نحنا منعرف!!! وبدك تحكي لوحدك.

- أنا: آسف أن أقول لك إني لا أعرف ما تقول إنك عارفه.

- هوز: طيب بلّش بقصة اتصالاتك بضباط الجيش وشو هي المخططات يللي عم تحضروها.

- أنا: هذه قصة أنا متأكد أنك تعرف أن لا أساس لها من الصحة. ليس لدي أي علاقة من النوع الذي تطرح بأي ضابط من الجيش  حتى أن علاقاتي الاجتماعية برفاق دورتي كانت على الدوام شبه معدومة  حتى أثناء خدمتي الفعلية. أذكر أن رفيق دورتي العميد المتقاعد فؤاد عون عرّج علي منذ نحو الشهرين وسألني ما إذا كنت قد أغير من عادتي وأشارك في عشاء الدورة السنوي في حال إقامته في مطعم مدني، فأجبته بالايجاب.  تجدر الاشارة إلى أنني لم أكن أشارك في السابق في العشاء المذكور عندما كان يقام في نادي الضباط بسبب وضعي الخاص وكي لا أحرج زملائي وإن كانوا متقاعدين. وأذكر أيضا أنني قدمت التعازي إلى رفيق دورتي العميد المتقاعد سمير حرب بوفاة شقيق زوجته منذ نحو الشهرين علما أنني لم أكن قد رأيته قبل ذلك منذ أكثر من خمس سنوات.  هذه هي كل علاقاتي بضباط الجيش !...

- هوز: طيب وشو علاقات العماد عون بضباط الجيش؟

- أنا: لازم ينطرح هالسؤال على العماد عون بالذات.

- هوز: ولا مرة إنت حاكي معو بهالموضوع؟

- أنا: على الاطلاق، كلا.

- هوز: (بتهكم وغضب) هات خبرنا عن هودي الجامعات.

- أنا: شو بها الجامعات؟

- هوز: خلصني بقا قول كل شي. إنت بتعرف كل شي. شو هودي ولاد أخوك؟ يلا خبرني عنهم.

- أنا: لدي شقيق عنده ولدان كلاهما في فرنسا الأول يعمل طبيبا في تولون والثاني يعمل في شركة في باريس وذلك منذ سنوات!... ولدي شقيق آخر له ولدان مولودان في الولايات المتحدة قدما حديثا إلى لبنان وبالكاد يتقنان اللغة العربية وأرجح أنهما لا يعرفان ما هو التيار الوطني، وفي مطلق الأحوال فهما لم يدخلا الجامعة بعد.

- هوز: ما تحور وتدور. مين هيدا لطيف ما لطيف في الجامعة؟

- أنا: (بعد محاولة استعادة ذاكرتي لبضع ثوان) هل تقصد شابا اسمه بسام لطيف؟

- هوز: شفت إنك بتعرف وما بدك تحكي وإنو نحنا منعرف كل شي؟

- أنا: كنت أسمع منذ أكثر من سنتين أن هذا الشاب ناشط في صفوف التيار الوطني في كلية الهندسة في الجامعة اليسوعية. سألت بعض اقربائي ما إذا كانوا يعرفونه فقيل لي إنه من بلدة عماطور القريبة من بلدتنا ومن أنسبائنا. عرفني بنفسه لاحقا في مؤتمر للطلاب ولم أعد أشاهده أو أسمع عنه شيئا منذ ذلك الحين إلى أن التقيته منذ ثلاثة أشهر في البنك البريطاني حيث باشر العمل حديثا. ألقى علي التحية فلم أتذكر اسمه فعاد وعرفني بنفسه مجددا وقال إنه لم يعد باستطاعته المساهمة في نشاط في التيار بسبب ظروف عمله.

- حطي: (بانتهار) طيب فيني أعرف شو بدكم إنتو بالتيار؟

-  أنا: بدنا بلدنا يكون سيد حر مستقل.

- حطي: يعني بدك تقول إنو وجود الجيش السوري هو السبب؟

- أنا: نعم.

- حطي: العماد عون حارب السوري وشفنا وين صرنا. لوين بعدكم رايحين ولشو عم تخططوا؟

- أنا: أرجوك إذا كان الهدف من جلبي لهون هو أن يعمل لي جلسات Edoctrinement فما بقا تحرز، على الأقل بالنسبة الى سني، أنا على قناعاتي ومش رح غير عنها. نحن لا نضمر أي شر لسوريا بل نتمنى أفضل العلاقات بين البلدين.

- حطي: والعماد عون؟

- أنا: العماد عون لا يضمر أي شر لا لسوريا ولا لشعبها وله مقابلات شيقة في هذا الموضوع سواء في جريدة المحرر أو في جريدة الحياة أو في غيرهما، وأعتقد أنكم اطلعتم عليها.

- حطي: طيب وإذا ما طلع السوري شو بدكم تعملوا؟

- أنا: سنستمر في رفض هذا الواقع كي لا يقال إن كل اللبنانيين استسلموا له، وسنقاوم كما فعل غاندي على ما ردد العماد عون أكثر من مرة. ليس ما يمنع أن ندعو في نهاية المطاف إلى العصيان المدني.

- أبجد: أين ترى أنت أن الوجود السوري يكبل القرار اللبناني؟

- أنا: هل قرأت كتاب الرئيس الحص الأخير؟

- أبجد: لا !.... ماذا يقول الرئيس الحص؟

- أنا: أطلعته على بعض ما ورد في الكتاب المذكور خصوصاً بالنسبة الى تعديل قانون الانتخاب وترشيح النائب ناصر قنديل وسواهما من الأمور. لم يعلق على ما قلت بشيء.

- أبجد: ما هي علاقتك باسرائيل؟

- أنا: ابتسمت وقلت له: "شاهدت إسرائيلياً بشحمه ولحمه للمرة الاولى في حياتي عام 1972 على ما أذكر، وكان ذلك لمناسبة انعقاد مؤتمر للأنتربول في سان كلو في فرنسا. ثم عدت وشاهدت الإسرائيليين يوم شاهدتهم أنت عام 1982 عندما اجتاحوا العاصمة بيروت.

- أبجد: طيب شو علاقة العماد عون بالإسرائيليين؟

- أنا: أنت تعرف أكثر مني أن ليس للعماد عون أي علاقة بالإسرائيليين. أقل ما يمكنني قوله  وهذا ما ردده العماد عون مرارا ولا يزال، هو أنه لولا  إسرائيل لما حصل ما حصل في 13 تشرين أول 1990.

- أبجد: حسناً سنلتقي في الغد.

لم يتعد مجمل ما دونه أبجد من ملاحظات حول كل ما ذكرت أعلاه العشرة أسطر، أُعدت بعدها إلى غرفتي من دون أن أعلم كم كانت الساعة. بقيت في الغرفة تلك حتى مساء اليوم التالي حيث كان يطلب إلي كل نصف ساعة تقريبا الخروج منها إلى غرفة مكتب التحقيق والجلوس فيها قبالة أحد الجنود لمدة مماثلة أُعاد بعدها إلى الزنزانة من دون أن أدرك لماذا خرجت منها ولماذا أعدت إليها. وتتكرر القصة على هذا النحو ثلاثة أيام بلياليها.

بقيت أربعة أيام أرتدي الملابس الداخلية نفسها في غرفة أشبه بمخمر موز بالكاد يتسرب الهواء إليها. كان علي كلما أردت دخول بيت الخلاء أن أقرع الباب فأُسأل عما أريد فيُقفل الباب عندها بعدما يطلب إلي الانتظار حتى يركز "السياج الأمني". ثم يفتح الباب مجددا ويطلب إلي الخروج، فكنت أتحقق من تركيز الجهاز العتيد المؤلف من ثلاثة جنود مدججين بالسلاح بين واحدهم والآخر متر واحد، علماً أن المسافة التي كانت تفصل الزنزانة عن بيت الخلاء لم تكن تتعد الثلاثة أمتار. ضاق أحد الرتباء ذرعاً بدخولي وخروجي إلى بيت الخلاء ثلاث أو أربع مرات في اليوم الأول فعمد إلى قص الربع الأعلى من زجاجة بلاستيك وطلب إلي التبوّل فيها وإفراغها عند المساء. وهكذا أصبح أثاث الغرفة مؤلفا من الفرشة العتيدة التي ذكرت وحرام الصوف وزجاجتي البول والمياه... أما عندما كان الأمر يتطلب إفراغ الأمعاء فهناك كانت الطامة الكبرى، إذ لم يكن هناك أي ورق تواليت أو كلينكس في الغرفة ولا في بيت الخلاء ولا عند المغسلة. حاولت المستحيل في اليومين الأولين للحصول حتى على قصاصة جريدة لأدخل إلى الحمام لكن كل محاولاتي باءت بالفشل. إلا أنه، وفي صبيحة اليوم الثالث، أعطاني أحد الجنود بما يشبه الخلسة ورقتي كلينكس من جيبه فدعوت له في سري بطول العمر لأنه فرج لي كربتي. كما أني كنت أغتنم الفرصة أحيانا لدى خروجي من الحمام فأضع رأسي تحت الحنفية واعود والماء " يزرزب" على جسمي لعدم وجود أي وسيلة للتنشيف.

قبل اليوم الأخير من مغادرتي مكان احتجازي، سمح لي بشراء سروال وقميص داخليين إثر إصابتي بنوبة عصبية لا أذكر ماذا قلت خلالها، الأمر الذي تصادف مع مرور أحد الأطباء من المكان فدخل إلي وقاس ضغطي فوجده مرتفعا فبقي معي نحو عشر دقائق وغادرني بعدما تأكد من عودة الضغط إلى طبيعته.

ذات ليلة، وأعتقد أن الحرارة في الغرفة كانت تفوق الأربعين درجة، لاسيما أن المروحة الكائنة في محاذاة  الكوة القريبة من السقف كانت معطلة، أخذت أتنفس بصعوبة فائقة. تطلعت إلى أصابع يدي فلاحظت أن ما تحت أظافري بات أزرق، لا بل أسود. قرعت الباب فسئلت عما أريد بلهجة تهكمية ساخرة فقلت: "يا أخي المروحة معطلة وقد فقد الأوكسيجين من الغرفة". أُجبت بلهجة أكثر سخرية: "بسيطة هللق بيجي الأوكسيجين". لم يعالج هذا الوضع إلا بعد نحو عشر دقائق، إذ حضر أحد الرتباء وفتح الباب خمس دقائق بعدما منَّ عليَّ بأنني أعطيت أفضل غرفة‍...

بالعودة إلى التحقيق، استدعيت مجددا إلى المحقق أبجد مساء اليوم الثاني فبادرني بقوله: "إنت مفكر نحنا مش عارفينك مين إنت. نحنا منعرف كل شي عنك وعن نظافة كفك وآدميتك... بس كنت مبارح عم بتساءل أنا والمدير ونقول إنو يا أخي شخص بهذه الصفات وبهذا العمر شو..." وتوقف هنا عن الكلام فأكملت أنا وقلت عنه: "شو بدو بهاللبكة؟". أجاب بنعم. قلت:" يا أخي عندما تكون القضية بحجم وطن هل يمكن اختزالها على هذا النحو؟". قال: "أنت بتعرف إنو البلد هو اليوم كناية عن Vase محطم وملزق كيف ما كان وأي هبة ريح بتروحو. شو بيمنع إنو مبارح بالكحالة كانت تشتعل الأرض". أجبته:" هودي حفنة الشباب العزل من أي سلاح بدهم يشعلوا البلد؟ وليش؟ غيرهم حمل سلاح وما اشتعلت البلد. وليش مش الحرب داخل الحكم هي التي ستودي بالبلد؟". قاطعني وقال: "أنتم تؤدون خدمة لإسرائيل لربما عن حسن نية. ومن ثم ما هذا التناغم بينكم وبين وليد جنبلاط". ثم ذكر أسماء شخصيات كبيرة أخرى على سبيل الانتقاد الأمر الذي أذهلني فعلا. انتهى التحقيق في اليوم الثاني عند هذا الحد وقد دون "أبجد" نحو خمسة أسطر ملاحظات كخلاصة لما قلت..

استدعيت إلى المحقق "كلمن" في اليوم الثالث أو الرابع، وعلى الأرجح في اليوم الرابع، فقدم لي فنجان قهوة وسيكارة وطرح علي أسئلة قليلة لم يأت فيها بجديد على الأسئلة السابقة، ودوّن نحو سبعة أسطر ملاحظات وختم قائلا لي: "خلص هلق أنا برتبهم!.. (مشيرا إلى الملاحظات) وبكرا بتجي بتوقع وبتروح". قلت في نفسي إن الواقعة وقعت وتذكرت ما كان يقوله لي عناصر التيار من أنهم كانوا يوقعون في غالب الأحيان وهم معصوبو الأعين.

لم أُستدعَ في اليوم التالي كما وعد "كلمن"، بل في اليوم الذي تلاه، ومن المحقق "أبجد" الذي أمسك بمحضر تحقيق من سبع أو ثماني صفحات وطلب إلي توقيع مندرجاته. طلبت إليه قراءة ما ورد في الصفحات تلك فقال: "كل ما ذكرت كتبناه دون زيادة ولا نقصان". ابتسمت وقلت له: "يا أخي وبكل محبة أقول لك، هل من المعقول أن تطلب إلي توقيع إفادة لم أقرأها وأنت تعرف أنني محام وأنني أمضيت عمري في إجراء التحقيقات؟". قال: "نحنا عاملناك أحسن معاملة!... وكان عندنا ألف سؤال كان بالإمكان أن نطرحها عليك فلم نفعل". قلت: "ولماذا لم تطرحها؟ وهل أنني امتنعت عن الإجابة؟". وكنت في هذه الأثناء أسترق النظر إلى ما كتب فلاحظت أنه تم تقويلي أكثر من مرة ما لم أقل، فأشرت إلى هذا الأمر فأجابني: "طيب منصحح هيدي (كان قد صورني في مكان ما وكأنني نازي بالنسبة الى السوريين) وبرجع بقلّك إنو إنت الوحيد يللي إجا لهون وقدر يشوف التحقيق متل ما إنت عم تشوف". ذهلت لقوله هذا وصمتّ لبعض الوقت ثم وقّعت، مع شعوري في قرارة نفسي أني كنت أوقع أي شيء ما عدا تحقيق عدلي.

ذات يوم وفيما أنا أجيب عن أسئلة "أبجد"، دار بيني وبينه الحوار الآتي:

- أنا: هل تريد مني رأيا أقوله لك بكل محبة وصراحة؟

- أبجد: نعم.

- أنا: كل ما فعلتم حتى هذه الساعة غير قانوني ولن يصب في مصلحتكم.

- أبجد: يعني؟

- أنا: إن دهمكم لمكتب التيار في أنطلياس هي غير قانوني للأسباب الآتية:

إنكم لستم بضابطة عدلية. وعلى افتراض أنكم ضابطة عدلية لم يكن هناك من جرم جنائي مشهود يرتكب. لم تكن لديكم أي مذكرة عدلية ولا خلاصة حكم.

بصفتي محامياً، لم تأخذوا إذنا من نقابة المحامين للتحقيق معي.

- أبجد: (مقاطعا) كان هناك أمر من النيابة العامة التمييزية.

- أنا: ماذا تقصد؟ هل كان لديكم مستند خطي من النيابة العامة التمييزية؟

- أبجد: نعم في في.

- أنا: أنت تعلم أنه في ظل قانون أصول المحاكمات الجزائية الجديد لم تعد النيابة العامة التمييزية تملك مثل هذه الصلاحية وفي وقت قريب سيباشر في تطبيق هذا القانون و...

- أبجد: (مقاطعا ومبتسما) ومن كل عقلك إنو هيدا القانون بدو يمشي (قال ذلك قبل أربعة أيام من التعديل الذي أجري على التعديل).

أنا موقوف لديكم منذ أربعة  أيام دون مسوغ قانوني.

جماعة من الأطباء والمحامين والمهندسين وأساتذة الجامعات يلتقون والأبواب مشرعة للتكلم في موضوع عشاء وفي تقويم زيارة للبطريرك ليست جماعة أشرار ولا جماعة سرية.

 

داخل مغارة جعيتا كرسيان حجريان من أيام الفينيقيين للملك والملكة

عبد اللطيف فاخوري (محامٍ ومؤرخ)  النهار  

كانت مغارة جعيتا ضمن 27 موقعاً نالت عدداً كبيراً من الاصوات في الحملة التي نظمها المخرج السويسري برنارد فيبر (ستعلن النتيجة النهائية للتصويت في 11/ 11/ 2011) ويقتضي التصويت لمغارة جعيتا، ليس لاعتبارها عجيبة طبيعية فحسب، بل بالنظر الى قيمتها الانسانية والثقافية، والى ما شهدته من طقوس فينيقية فولكلورية داخل المغارة وخارجها.

أصبحت الحاجة ملحة للاهتمام بمغاور لبنان وإدراجها في البرامج السياحية والثقافية وتنظيم حملات لتعريف العالم بها وجذب أنظار السياح اليها، فاضافة الى مغارة قاديشا التي يخرج منها نبع قاديشا ومعناه "المقدس" بالسريانية. اكتشفت منذ أشهر مغارة في بلدة النفاخية الى الشرق من صور والتي قد تنافس مغارة جعيتا. من مغاور بيروت مغارة سويد التي بني فوقها جامع عبدالله بيهم في عين المريسة. ومغارة القنطاري التي دخلها سنة 1883 ادمون دوريكلوس قنصل فرنسا في صيدا ووجد فيها نقوشاً عدة جميلة. ومغارة الخضر التي قضى مار جرجس عندها على التنين الذي كان يقضي كل سنة على صبية من بيروت. ووجدت مغارتان في أرض طنطاس في رأس بيروت التي أقيمت عليها أبنية الجامعة الاميركية. كما نذكر مغاور شوران المعروفة بمغاور الفقمة والوطاويط ومغارة عين التينة قرب السفارة السعودية الحالية. نشير الى أن في منطقة الجناح محلة كانت تعرف بالمغر (جمع مغارة).

وتدور في العالم هذه الايام حملة عالمية لاختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة الطبيعية هذه المرة بدل عجائب العالم القديم السبع والتي كانت الاهرام وحدائق بابل وتمثال رودس ومعبد ديانا ومنارة الاسكندرية وتمثال جوبتر/ زيوس وضريح موسولوس. وقد شغل العالم قديماً وحديثاً بالعدد سبعة وتعددت النظريات حوله كما تعددت السبعات ومنها الخطايا السبع الذي عددها القس دونالسون وهي السياسة بلا مبدأ، والثروة بلا عمل، واللذة بلا ضمير، والمعرفة بلا أخلاق، والعلوم بلا إنسانية، والتجارة بلا آداب، والعبادة بلا تضحية، ونعاني الكثير من هذه الخطايا ولاسيما الاولى منها.

أما العجائب السبع الجديدة والمطلوب التصويت عليها عالمياً فالمقصود بها العجائب الطبيعية وقد كانت مغارة جعيتا ضمن 27 موقعاً نالت عدداً كبيراً من الاصوات في الحملة التي نظمها المخرج السويسري برنارد فيبر (ستعلن النتيجة النهائية للتصويت في 11/ 11/ 2011) ويقتضي التصويت لمغارة جعيتا، ليس لاعتبارها عجيبة طبيعية فحسب، بل بالنظر الى قيمتها الانسانية والثقافية، والى ما شهدته من طقوس فينيقية فولكلورية داخل المغارة وخارجها.

عندما كان ابرهيم باشا المصري محتلاً بلاد الشام في القرن التاسع عشر (1832 – 1840) عرف باكتشاف المبشر الاميركي وليم طومسون مغارة جعيتا العليا وتوغله فيها واطلاقه بندقية صيد لإدراك الصدى، فزار موقعها مع أركان حربه وأقام فيها يوماً كاملاً وأعجب بموقعها الطبيعي. وسمع ابرهيم باشا أن في داخل المغارة حجرين يسميهما السكان هناك "كرسي الملك" و"كرسي الملكة". وأن هذه الاقوال والمعتقدات متداولة ومتناقلة جيلاً عن جيل.

وقد وقعت أمام المغارة في آخر عهد حكم ابرهيم باشا معركة بين الثوار اللبنانيين وجيشه. وحاول كثيرون منذ اكتشافها الدخول الى المغارة والتوغل فيها فركبوا زوارق خاصة وحملوا مشاعل وتمكنوا من اجتياز مسافة شاسعة داخلها في وسط المياه الغزيرة ولكنهم لم يتمكنوا من الوصول الى نهاية المغارة ومصدر الماء.

زار الدكتور لويس لورته عميد معهد الطب في ليون لبنان عامي 1875 و1880 ووضع كتاباً ترجم كرم البستاني فصولاً منه باسم "مشاهدات في لبنان". وصف مغارة جعيتا السفلى وشبّه بحيرتها بأحواض الأكواريوم، وشاهد على مقربة من فوهة المغارة "كلى حجرية كبيرة وصخراً مؤلفاً من قطع صلبة متشابكة وخصوصاً من فضلات الطعام والظرّان المصقول الذي كان يستخدمه سكان الناحية، وفي هذا الخليط المتكدس عظام وأسنان أغنام وأعنز برية وثيران وظباء ووعول...". وروى لورته بأن المهندسين الانكليز الذين اشتغلوا عام 1875 في بناء سد على نهر الكلب ركبوا قارباً وقطعوا مسافة 1200 متر في أحشاء الجبل ووجدوا بحيرة واسعة مملوءة بالماء البارد الصافي.

وفي صيف 1933م دخل المغارة ثلاثة من الروس وظلوا فيها 24 ساعة واعتقلتهم الشرطة وأجرت معهم تحقيقاً خوفاً من أن يكونوا قد دخلوا المغارة لتسميم مياهها.

فأي دور لعبته هذه المغارة في تاريخ فينيقية؟

يذكر بأن لمغارة جعيتا تاريخاً طويلاً طالما بحث فيه المؤرخون والباحثون دون الاهتداء الى حقيقته. فهي تقع في المنطقة الجبلية القريبة من الساحل، والتي كان يقيم فيها الفينيقيون سكان لبنان القدماء. ولا بد أن يكون هناك سر مجهول، من الوجهة الدينية، أو اسطورة من حيث موقع هذه المغارة ونبع الماء عندها والحجرين المشار اليهما. وربما كان الفينيقيون يقيمون هناك حفلات لآلهتهم ويقدمون لها الذبائح أمام المياه المتدفقة الهادرة، علماً بأن لفظة جعيتا وفقاً لأنيس فريحة تعني هدير الماء والضجيج والجبلة الصارخة.

فالاسطورة (هي أصل لفظة تاريخ في اللاتينية) ليست من الخيال، ولكنها تعبر عن وقائع مادية ارتبطت بظواهر طبيعية، ثم تعرضت خلال رحلتها الطويلة التي تقطعها في الزمن، الى الكثير من الحذف والاضافة والتغيير والتبديل.

ومن هنا تشكل أقوال السكان عن مغارة جعيتا أحد محتويات المخزون الثقافي المتناقل شفاهاً عبر العصور والاجيال، واعتبارها مادة يقتضي فك رموزها وإزالة طبقات من الركام والأتربة عنها، وتفكيك سرها لاسترداد الرموز أو التيمة الاساسية.

والانسجام والارتباط قديم بين أماكن العبادة والنبع المقدس أو النهر المقدس حيث يجلب الماء الخصب والحياة الى ما حوله من بساتين وقرى على غرار معبد اشمون الذي بني معبده قرب نهر الاولي. وكان دور اشمون معروف في مجمع آلهة بيروت وفي المستعمرات الفينيقية.

ولعل الكرسيين الحجريين كانا رمزين لإله السماء وزوجة أخته إلهة الارض. ففكرة ازدواج الإله على شاكلة الناس أي رجل وامرأة، كانت شائعة، ولم تكن آلهة العالم القديم فوق مستوى البشر، بل كانت تشبه الانسان الذي كان بإمكانه أن يقف أمامها ويخاطبها ويخصص لها مكاناً قرب مسكنه، قد يكون مصطبة أو هيكلاً أو مغارة أو شجرة أو غابة، وأن يكرمها بالعطايا والنذور والاناشيد. فالرجل هو البعل والمرأة هي إلهة الحب والخصب.

ولعل الكرسيين هما مظهر جديد لطقس قديم، تمثل في تمثالي إساف ونائلة اللذين كانت بئر زمزم مطمورة بينهما. وإساف ونائلة مسخا حجرين ووضعا عند الكعبة ليتعظ الناس بهما، فلما طال مكثهما وعبدت الاصنام عبدا معها. ولا يستبعد أن يكون الفينيقيون الساميون، الذين هاجروا من جنوب الجزيرة العربية الى بر الشام، قد نقلوا معهم معتقداتهم وطقوس عبادة الحجارة وتقديس الماء وعبادة بعل وعشتروت، ثم استعارها الإغريق من طريق الفينيقيين.

والكرسيان الحجريان هما: كرسي لأدونيس (الملك)، وكرسي لعشيقته عشتار (الملكة) وهي عشتروت أو افروديت. وكانت عبادة عشتار تتخذ شكل حجر. فقد وجدت على نقود اكتشفت في صيدا عربة عليها عرش عشتار الذي يحتل كرسيه حجر. واحتفظت الشعوب بأحجار اعتبرت مقدسة لأنها مسكن الإله أو زعموا أنها نيازك. يذكر فيلو الجبيلي، أن حجراً سقط من السماء عثرت عليه عشتار وجعلته محلاً للقداسة. ألم يسقط الحجر الاسود من السماء؟

وأدونيس هو تموز أي إله سومري اسمه جملة سومرية معناها (الإبن المخلص للماء العميق) وشخصية أدونيس تعتبر روح الزرع، وروح الزرع هي الماء، أي نهر الكلب عند جعيتا.

والماء هو أحد العناصر الاربعة، ويعتبر مع النار والهواء والتراب، أصل المخلوقات سواء أكان عذباً أو ملحاً أجاجاً، نهراً أو بحراً، نزل من السماء أو تفجر من الارض. فمن الطبيعي أن يكون موضوعاً للحكايات والأساطير والطقوس والعبادات والشعائر. ولذلك قدست الشعوب البدائية المياه والينابيع والآبار، وأقاموا عندها أصناهم. وأقاموا حول الينابيع احتفالات آلهة المياه التي عرفت بالميوماسية Maioumas.

ولا يستبعد أن تكون احتفالات المغارة قد تضمنت مظاهر الإباحية والفسق والعربدة التي كانت مقترنة بطقوس العبادة وكان لها مغزى ديني. كالبغاء المقدس وتقديم النساء أجسادهن في الهيكل بأيام معينة. وهو من بقايا عادات قديمة كانت منتشرة في بابل وسوريا وجبيل، يوم كانت النساء للرجال والرجال للنساء قبل الزواج الثنائي. ومع انتشار الزواج الثنائي وضع كرسيان كرمزين للزوج والزوجة.

لم تصلنا الاحتفالات الفولكلورية التي كانت تجري عند مغارة جعيتا وما كان يصاحبها من موسيقى ورقص. ومع أن الذاكرة الشعبية الجماعية هي مخزون يسير مع الزمن، تسقط منه بعض موتيفات، وتزاد عليه ممارسات. الا ان بعض الرواسب تبقى محفوظة تحت طبقات من العصور والتفافات. وتدين الحفريات الاثرية باكتشافاتها للحكايات الشعبية وما روي حولها من خرافات وأساطير. ومن هنا يمكن إعادة تركيب ما افتقدناه من الطقوس والشعائر الفينيقية.

فالتراث القديم بقي الى زمن طويل، والى ما قبل قرن تقريباً، محفوظاً في صدور الحفظة من حكواتية وشعراء ومداحين وقوّالة ورواة سير. وفيلو الجبيلي هو أحد أهم مصادر الميثولوجيا والأساطير الفينيقية بله السامية عموماً. وقد كرس حياته لإثبات التراث الفينيقي الكنعاني الذي نشرته شعوب البحر في العالم القديم. ويرجح البعض أن أعماله مأخوذة من كاتب فينيقي سابق عليه بأربعة قرون هو (سنكن يتن). وقد ظلت الميثولوجيا الفينيقية مستغلقة، حتى جاءت الحفريات في جبيل ورأس الشمرا (أوغاريت) وايبلا.

نشير أخيراً الى أن بدعة اختيار العجائب أو الإبداع بالتصويت عمّت العالم تحقيقاً للمقولة المصرية: الجمهور عايز كده. تشجعها شركات الاتصالات المسيطرة على النشاطات الاعلانية والاقتصادية والثقافية.

وقد انطلقت أخيراً عبر وسائل الإعلام أغنية “جعيتا يا أحلى مغارة" نظمتها ولحنتها سوزي الحاج تقول فيها:

يا فرح الملايكه السهرانه

عا أرض الحب وعشتروت

من دموعا جعيتا مليانه

تسقي الأرز إل ما بموت

وإذا كان لا بد من التصويت لمغارة جعيتا كإحدى عجائب الطبيعة السبع، فإن وزارتي السياحة والثقافة مدعوتان الى حالة طوارئ، للفت أنظار العالم الى أهمية مغارة جعيتا، ليس فقط من الناحية الطبيعية، ولكن لما تختزنه الذاكرة الشعبية من بقايا الاحتفالات الفينيقية التي كانت تجري داخل المغارة. ولما في اختيارها من فائدة للبنان.

 

عمار القربي: حكومة لبنان شريكة النظام السوري في الإجرام.. وعذرها أقبح من ذنب 

صدر عن مدير المكتب التنفيذي للمؤتمر السوري للتغيير (انطاليا) عمار القربي البيان التالي:

شكل البيان المتأخر لمجلس الأمن الدولي حول المجازر المرتكبة في سوريا بارقة امل لمواقف اكثر صرامة وحزم حيال نظام بات يشكل خطرا على سوريا وجوارها. لكن المؤسف في الامر هو الموقف الخلاسي الذي اتخذته الحكومة اللبنانية التي نأت بنفسها عن القرار لتشكل حالة نشاز ازاء الإجماع الاممي، الامر الذي رتب خيبة امل من قبل الشعب السوري الذي كان ينتظر من الحكومة اللبنانية موقفا لحماية دماء السوريين اكثر تشددا من الموقف الاميركي والاوروبي او الصيني.

وقد شكل الموقف المعيب الذي ادلت به مندوبة لبنان انتكاسة وضربة في الصميم للعلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والسوري، اذ كيف يمكن ان تبرر الحكومة اللبنانية نايها عن اتخاذ موقف من المجازر المتلفزة التي ترتكب بحق الشعب السوري، هذه المجازر التي دفعت العالم كله وعلى راسه روسيا الى التصويت على القرار وتحذير الاسد من مصير محزن ينتظره. كيف يمكن لشعبنا ان يفهم حياد حكومة لبنان بين القاتل والضحية بين الدم المسفوك والرصاص المصبوب على رؤوس المدنيين العزل. بين حماه الذبيحة والدبابات التي دكتها مع أخواتها من المدن والقرى مخلفة وراءها اشلاء الاطفال والنساء وجثث خيرة ابناء سوريا. نحن لا نفهم هذا الحياد من الحكومة اللبنانية الا بوصفه دعما لآلة القتل وتذخيرا لسلاح الشبيحة وتحفيزا للقتلة للإمعان في استباحة ارواح السوريين وانتهاك حرماتهم وكراماتهم.

ثم كيف يمكن ان نفهم منطق الحكومة اللبنانية التي ترى ان قرارا يطالب بوقف قتل المدنيين السوريين هو قرار لا يصب في مصلحة الدولة السورية. وهل مصلحة الدولة السورية لا تتحقق الا من خلال سفك دماء الشعب السوري وتقطيع اوصاله؟ وهل يعني ذلك ان الدولة السورية لا تستقر ولا تتامن مصالحها العليا الا على جماجم أبنائها وأنقاض مدنهم. ان هذا التبرير من قبل الادارة اللبنانية هو عذر اقبح من ذنب، ومحاولة بائسة لستر عورة واضحة وهي ان الحكومة اللبنانية وبكل أسف لا تعدو كونها امتدادا لنظام الاسد وواجهة ملمعة لفرق الشبيحة الذين استباحو سوريا بسلاحهم واستباحوا لبنان وحرمة دماء السوريين لديه بحكومة لا تليق بلبنان الشقيق الذي نتمنى له الاستقلال الناجز وندرك ان قرار حكومته لا يعبر عن موقف شعبه الشريف، كيف لا وقد صدرت مواقف لزعماء وشخصيات واحزاب لبنانية تجاه سوريا ترفع لها القبعات وتعبر عن عمق الالتزام بمبادئ العلاقة الأخوية الندية بين البلدين. والتي تبقى أسمى من ضعاف النفوس الذين باعوا جماجمهم لمن استأجرها بأبخس الأثمان.

 المصدر : وكالات

 

الراعي زار الشوف ودير القمر وترأس قداس عيد سيدة التلة بحضور رئيس الجمهورية:

نتطلع الى أن يتحول الحوار الوطني الى مؤتمر وطني شامل

يضع عقدا اجتماعيا جديدا وينطلق من أساس الميثاق الوطني وصيغة العيش معا

وطنية -الشوف- 7/8/2011 استهل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي زيارته الأولى الى منطقة الشوف، بترؤس قداس عيد سيدة التلة في كنيسة سيدة التلة، بمشاركة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان. وأقيم للبطريرك استقبال على مدخل البلدة حيث سار وسط الحشود نحو الكنيسة على وقع الموسيقى والتراتيل.

عاون البطريرك الراعي في القداس راعي ابرشية صيدا ودير القمر للموارنة الياس نصار، المطارنة: بولس مطر، طانيوس الخوري وفرنسوا عيد، الرئيس العام للرهبنة المارونية المريمية الجديد بولس طربيه، الى جانب راعي ابرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك ايلي بشارة حداد، السفير البابوي غابريال كاتشيا ولفيف من الكهنة.

وحضر القداس، الى سليمان، وزير المهجرين علاء الدين ترو، ممثل رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط تيمور جنبلاط، النواب: اكرم شهيب، ايلي عون، مروان حمادة وجورج عدوان، الوزير السابق ناجي البستاني، قائمقام الشوف جورج صليبي، رئيس بلدية دير القمر انطوان البستاني، وكيل داخلية "الحزب التقدمي الإشتراكي" في الشوف رضوان نصر ومشايخ وشخصيات وفاعليات وحشد من أهالي البلدة والقرى المجاورة.

ابي خليل

بداية القى الآباتي مارسيل ابي خليل كلمة ترحيبية قال فيها: "ان مشاركة فخامتكم لنا مع اللبنانية الأولى، بعيد أمنا سيدة التلة، شفيعة دير القمر والشوف، لمدعاة فخر واعتزام لدوركم الرائد في جمع اللبنانيين وتوحيدهم حول محبة وطنهم لبنان، ولعملكم على تعزيز العيش المشترك بين كل ابنائه، نكبر في شخصكم الكريم يا صاحب الفخامة، الإيمان العميق بالله، والمحبة الصادقة لكل اللبنانيين، والجرأة والشفافية وقول الحقيقة والإصغاء والتواصل والسعي المستمر لتوطيد قيم الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية لكل أبناء الوطن. سدد الله خطاكم يا صاحب الفخامة في قيادة سفينة الوطن الى الشاطىء الأمين وإبقاكم لنا ولكل اللبنانيين ذخرا ورمزا لوحدة الوطن وكرامته وازدهاره".

أضاف: "لقد أبديتم، يا صاحب الغبطة، مذ تبوأتم السدة البطريركية، رغبة كريمة في زيارة الشوف ودير القمر والإحتفال شخصيا بعيد أمنا سيدة التلة، ولا عجب في ذلك لأنكم سليل الرهبانية المارونية المريمية التي ما زالت تخدم دون انقطاع بلدة دير القمر منذ 266 سنة، نرحب بكم يا صاحب الغبطة مع السادة المطارنة والآباء العامين، آملين أن تكون هذه الزيارة الرعوية لشوفنا العزيز وللجبل، موسم خير وسلام واستقرار، فتثبت العائدين في أرضهم وتشجع المهجرين على العودة، وتوطد قيم المحبة والتلاقي وقبول الآخر التي عاشها اجدادنا مع إخوانهم منذ مئات السنين".

وتابع: "وأنتم أيها الأصدقاء القادمون من الإقليم والشوف وعاليه وكل مناطق لبنان الى دير القمر والى رحاب سيدة التلة، نرحب بكم فردا فردا شاكرين لكم محبتكم لدير القمر ولسيدة التلة، آملين أن يكون هذا اللقاء تأكيدا لعيش مشترك نريده صادقا وعميقا ودودا ولشركة ومحبة نرى فيها خلاص لبنان وديمومته واستقراره".

وختم ابي خليل: "باركينا يا سيدة التلة، والقي السلام والوئام بيننا وظللي لبنان بحمايتك الوالدية ليبقى نموذج العيش معا والإنفتاح والمحبة والحرية ورسالة للشرق والغرب والعالم أجمع".

الراعي

وبعد الإنجيل المقدس، القى الراعي عظة جاء فيها:" ما منذ الآن تطوبني جميع الأجيال:

1- ها أنتم، يا فخامة الرئيس، على رأس الوافدين الى دير القمر للاحتفال، مع ابناء هذه المدينة العريقة وسكان المنطقة الشوفية، بعيد شفيعتهم أمنا مريم العذراء سيدة التلة، ويسعدني شخصيا أن أحتفل معكم بقداس العيد في هذا اليوم الثاني من زيارتي الراعوية الى أبرشية صيدا، ساحلا وجبلا، بصحبة راعيها سيادة المطران الياس نصار، وراعيها السابق سيادة المطران طانيوس الخوري، اننا نواصل معا مسيرة الأجيال التي تغبط مريم العذراء الكلية القداسة، تحقيقا لنبوءتها: "ها منذ الآن تطوبني جميع الاجيال، لأن القدير صنع بي العظائم"، ان اجل تطويب لمريم هو التحلي بفضائلها والتأمل في العظائم التي صنعها الله فيها، والعيش بمقتضياتها.

2- تشاركون بالعيد يا فخامة الرئيس، جريا على عادة أسلافكم بدءا من الرئيس بشارة الخوري، الرئيس كميل شمعون الى دير القمر الذى أعطى العيد دفعا كبيرا مع المثلث الرحمة المطران اغسطين البستاني الذي حدد سنة 1951 عيد سيدة التلة في الأحد الأول من شهر آب، وعيد سيدة الدلغانة في الخامس عشر من الشهر عينه، عيد انتقال السيدة العذراء بالنفس والجسد الى السماء، وتواصل الإحتفال بالعيد في عهد الرئيس شمعون وبعده حتى سنة 1974 مع المثلث الرحمة المطران انطونيوس خريش الذي انتخب بطريركا في أوائل شهر شباط 1975".

انكم بهذه المشاركة تزيدون العيد رونقا وابتهاجا، وحضوركم في القصر الرئاسي في بيت الدين يولي المنطقة فخرا واعتزازا، وسكانها غبطة وسرورا، وبيت الدين وجوارها حيوية، فشكرا لكم ولمعاونيكم، نرجو لكم طيب الإقامة التي نتمناها مع الشوفيين طويلة، ونلتمس من سيدة التلة ان ترعاكم بعينها الساهرة، وتعضدكم في قيادة سفينة الوطن الى ميناء الأمان، وتمكنكم من تحقيق أمنياتكم الكبيرة التي يزخر بها قلبكم وفكركم، وكلها تهدف لخير لبنان، كيانا ونظاما وشعبا، ولاستقراره السياسي والأمني، ولازدهاره الإقتصادي والإجتماعي، ولاستعادة دور البناء في الأسرة العربية والدولية، واننا نصلي لكي تتمكنوا من تحقيق أمنيتكم في تفعيل الحوار الوطني مع قادة البلاد وممثلي الشعب، الهادف الى إعادة بناء الثقة بينهم وبين مختلف مكونات الشعب اللبناني، والى حماية لبنان وتحصينه من المخاطر الداخلية والخارجية، والى التوافق على استراتيجية وطنية للدفاع عن الوطن. وقد أعربتم عن هذه الأمنية في خطاب لكم في عمشيت في 16 تموز الماضي، معكم نتطلع، يا فخامة الرئيس، الى أن يتحول هذا الحوار الوطني الى مؤتمر وطني شامل يضع عقدا اجتماعيا جديدا، ينطلق من أساس الميثاق الوطني وصيغة العيش معا، بحيث يتلاءمان مع تحديات عالمنا العربي ومقتضيات العولمة.

3- ويبتهج أهل دير القمر الذين نسجوا أطيب العلاقات مع الرهبانية المارونية المريمية، بمشاركة رئيسها العام الجديد الآباتي بطرس طربيه بهذا العيد، اننا نهنىء الرهبانية الجليلة بانتخابه مع مجلس المدبرين، وهو يتسلم الوديعة من قدس الأباتي سمعان ابو عبدو، الذي دأب على المشاركة بعيد سيدة التلة على مدى ولايته لست سنوات، بين دير القمر والرهبانية المارونية المريمية تاريخ طويل وجميل يرقى الى سنة 1745 منذ تسلمت الرهبانية كنيسة سيدة التلة وخدمة الرعية، وتجذرت في دير القمر وامتدت الى اعاليها، وأنشأت دير مار عبدا، وأقامنت فيه مدرسة وفرعا لجامعة سيدة اللويزة، والرهبانية الجليلة التي لي شرف الإنتساب اليها وأنا سليلها وهديتها لكنيستنا المارونية، راحت ترسل الى دير القمر لخدمة سيدة التلة والرعية خيرة أبنائها من الأب متى الحكيم، أول رئيس لأنطش سيدة التلة المعين سنة 1751 الى قدس الأباتي مرسيل ابي خليل الرئيس الحالي، فتميزوا كلهم بالغيرة الرسولية والنشاط الراعوي، وينسج أفضل العلاقات مع السلطة الكنسية والمدنية، مع وجهاء المنطقة ومسؤوليها السياسيين والإداريين والأمنيين، مسيحيين ودروزا وسواهم، وهكذا تقاسم اهل دير القمر وآباء الرهبانية الإيمان وأفعال العبادة، كما الأفراح والأحزان، الهموم والهواجس، الكوارث والإستشهاد، ويعرب الديريون للرهبانية عن امتنانهم ويقولون: ان دير القمر ما كانت لتكون على ما هي عليه لولا الرهبانية.

ولا بد من الإشارة الى ما نالت دير القمر من دفع روحي وكنسي بوجود الكرسي الأسقفي لأبرشية صيدا ودير القمر للروم الملكيين الكاثوليك، وأحيي سيادة راعيها المطران ايلي حداد ونائبه الأسقفي في دير القمر، وفي هذا الكرسي عاش خادم الله الأب بشارة ابو مراد، ابن الرهبانية الباسيلية المخلصية الذي خدم رعايا دير القمر والودايا، ونحن نصلي لكي يعلن قريبا طوباويا على مذابح الكنيسة، ونالت دير القمر نصيبا كثيرا من الطوباوي الأب يعقوب حداد الكبوشي الذي استوطنها ورفع على قمتها مزار الصليب، وفي وسطها مركزا اجتماعيا استشفائيا للأخوة المجروحين في جسدهم وعقلهم، وقد طوره بناته راهبات الصليب الى ما هو عليه اليوم، اني أحيي الأخوات الراهبات، شاكرا لهن التفاني والبذل، وعلى المستوى التربوي، تنعم دير القمر والمنطقة بوجود راهبات مار يوسف الظهور، وقد أنشأن مدرسة ماشطة ربت وتربي العديد من الأجيال منذ أواسط القرن التاسع عشر، فلهن أجمل تحية ودعاء.

تكتمل الفرحة ككل سنة بحضور سيادة المطران الياس نصار ومشاركته، رئيس اساقفة صيدا، الذي تابع تقليد أسلافه المطارنة في الإحتفال بقداس العيد وتعزيز حضوره في الكرسي الأسقفي في بيت الدين، ويعطي بذلك أبناء المنطقة الطمأنينة والإبتهاج.

4- ان عيد سيدة التلة في دير القمر هو عيد الأعياد، ومحطة سنوية خاصة للديريين، انهم ينتظرون العيد بشوق ويتهيأون له بكثير من الفرح، ويلتقون تحت نظر سيدة التلة، إذ يعودون كلهم الى دير القمر، المقيمون منهم والمنتشرون، العيد لهم مناسبة للقاء جميع العائلات ولإحياء العيد في كل بيت مع الأقارب والأصدقاء الذين يشاركون فيه، وهو مناسبة للعودة الى الجذور، وللارتواء الروحي من ينابيع العيد، ولتجديد العهد في الحضور والرسالة.

5- اما العظائم التي صنعها الله لمرميم، والتي تدعونا لعيش ثمارها فهي:

أ- عقيدة الحبل بلا دنس (8 كانون الأول 1854) نعلم ان الله في سر تصميمه الخلاصي عصم مريم، ابنة يواكيم وحنة، من دنس الخطيئة الأصلية، هذه الخطيئة يرثها كل إنسان من الأبوين الأولين أدم وحواء، ويزيلها الله منا بالمعمودية والميرون، من بعد أن افتدى يسوع ابن الله الجنس البشري من الخطيئة الأصلية والخطايا الشخصية، وكأن الله عمد مريم إذا جاز التعبير، في اللحظة الأولى لتكوينها في حشا أمها ككل كائن بشري، لتكون في سر تدبيره الخلاصي ام ابن الله، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، الذي أرسله الأب وجاد به ليكون فادي الإنسان، بموته على الصليب تفكيرا عن خطايانا، وبقيامته من بين الأموات لتقديسنا، هذه العقيدة تدعونا لعيش مفاعيل سر المعمودية والميرون بالإنتصار على الخطيئة عبر سر التوبة والمصالحة مع الله والناس.

ب- عقيدة أمومة مريم للأله المتجسد (مجمع افسس سنة 431) تعلم ان مريم هي ام الله، لأن الذي حبلت به انسانا بقوة الروح القدس، وهي عذراء دائمة البتولية، والذي أصبح حقا ابنها بالجسد البشري، ليس سوى ابن الآب الأزلي، الأقنوم الثاني من الثالوث الأقدس، بسبب هذه الأمومة، أصبحت مريم الام الروحية لجميع البشر الذي جاء المسيح ابنها ليخلصهم، فيعلم بولس الرسول ان مرين ولديت ابنها الذي جعله الله "البكر بين أخوة كثيرين" بهذه الصفة تساهم مريم بحب الأم في ولادة المؤمنين الروحية، بالمعمودية والميرون، أعضاء في جسد المسيح الذي هو الكنيسة، وبما انها ام يسوع فهي ام الكنيسة، الى هذه الأم السماوية نرفع عيوننا لنتشبه بقداستها، ولنطلب حمايتها في كل ظروف حياتنا.

ج- عقيدة المشاركة في عمل الفداء: باتحاد مريم الكامل مع ارادة الله، الذي عبرت عنه بكلمة نعم يوم البشارة وعلى أقدام الصليب، فإنها صاهمت في عمل الخلاص والفداء، وأضحت للكنيسة ولنا القدوة التي لا مثيل لها في طاعتها لارادة الله، وايمانها بكلامه، ورجائها في وعوده، ومحبتها المشتعلة له ولتصميمه الخلاصي، لكي تعطي لجميع النفوس الحياة الإلهية، ولهذا نحن نلجأ الى أمنا السماوية مريم، كوسيطة للخلاص ولنيل ثمار الفداء لدى ابنها الوسيط الوحيد الأحد.

د- عقيدة انتقالها بالنفس والجحسد (البابا بيوس الثاني عشر سنة 1950) ان مريم التي لم تعرف الخطيئة الأصلية ولا الخطيئة الشخصية، وحفظت بتولا طاهرة، وساهمت في وساطة ابنها للخلاص والفداء، من بعد أن أنهت مسيرة حياتها على الأرض، رفعها الله بنفسها وجسدها الى مجد السماء، وتوجها ملكة على الكون، لكي تكون أكثر شبها بابنها يسوع المسيح، سيد السادة وملك الملوك، المنتصر على الخطيئة والموت، بانتقالها، نفسا وجسدا الى السماء شاركت في قيامة ابنها وساهمت في قيامة المؤمنين، ومن السماء تشفع بنا نحن أولداها، المسافرين في بحر هذا العالم، لكي ننال نعم الله وعطاياه التي تمكننامن نيل الخلاص الأبدي، وذلا نلتجيء اليها كشفيعة ومحامية ومعينة ووسيطة.

6- فيا مريم، سيدة التلة، يا أمنا المشرقة علينا من تلة الأرض وأعالي السماء، اليك جئنا اليوم لنعطيك طوبى الأجيال لأن الله القدير حقق فيك العظائم لكي يتمم تصميمه الخلاصي للجنس البشري، فنسألك أن تساعدينا بشفاعتك ووساطتك لكي ننفتح لأرادة الله والهامات روحه القدوسه، فننال نعمة الخلاص، ونساهم بدورنا في تحقيق عمل الله الخلاصي في العائلة والمجتمع، في الكنيسة والدولة، ومعك وبواسطتك نرفع آيات المجد، والتسبيح للأب الذي اختارك وللابن الذي ولد منك، وللروح القدس عروسك، الآن والى الأبد، آمين".

وختاما أزاح البطريرك الستارة عن لوحة تذكارية تخليدا للزيارة، وأقيم حفل استقبال في صالون كنيسة سيدة التلة وغداء.

 

الراعي يختتم جولته الشوفية غدا

وطنية - اقليم الخروب - 7/8/2011 يستهل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، المرحلة الأخيرة من جولته الرعوية الى قرى الشوف وبلداته، بمحطة أولى في دير مار شربل في بلدة الجية الساحلية، حيث سيكون في استقباله رئيس الدير الأب جورج شولي وجمهور الدير، ورعية الجية، إضافة إلى مجلس بلدية الجية وعدد من رؤساء وأعضاء بلديات ومخاتير القرى المجاورة. ثم ينتقل إلى كنيسة سيدة النجمة لتدشينها ويلتقي أبناء الرعية، حيث ستقدم له الهدايا التذكارية. وتشمل جولته غدا زيارة رعايا: علمان، جون، بكيفا، مزمورة، مزرعة الضهر، الجليلية، المطلة، بيقون، مزرعة الشوف. ويتخلل ذلك غداء في دير المخلص. وبعد الظهر يتوجه إلى بيت الدين

 

الراعي زار المكتبة الوطنية في بعقلين

حمادة: تترجمون المصالحة وتجذرونها وفي حركتكم نرى ربيعا مسيحيا حقيقيا

وطنية - الشوف - 7/8/2011 واصل البطريرك مار بشارة الراعي جولته في الشوف. وزار بعد الظهر المكتبة الوطنية في بعقلين برفقة المطرانين الياس نصار وطانيوس الخوري وعدد من الكهنة. واقيم له استقبال حاشد في باحة المكتبة تقدمه مممثل النائب جنبلاط نجله تيمور، النائب مروان حمادة، قائمقام الشوف جورج الصليبي، الامين السر العام للحزب التقدمي الاشتراكي المقدم شريف فياض ووفد حزبي، وقائمقام الشوف جورج الصليبي، ورئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين وفاعليات ورجال دين واهالي.

والقيت كلمتا ترحيب من رئيسة بلدية بعقلين الدكتورة نهى الغصيني والشيخ سامي ابي المنى، ثم القى النائب حمادة كلمة قال فيها: "عشر سنوات مرت على المصالحة التاريخية الذي ارساها سلفكم الجليل الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير مع الزعيم الوطني وليد بك جنبلاط، عشر سنوات وانتم تعودون الينا، غبطة البطريرك، ومن بوابة بعقلين بالشراكة والمحبة تكرسون المصالحة، تجذرونها تترجمونها افعالا ومبادرات يومية في حركة نرى فيها ربيعا مسيحيا حقيقيا لا ينفصل سعيه الى الحرية وتغليب الديموقراطية عن كل اشكال الربيع العربي المحيط بنا والواعد يا غبطة البطريرك".

اضاف: "المصالحة في كل حال ليست مصالحة مع الاخر، هي بفضلكم اليوم مصالحة مع الذات، الذات الجبلية والذات اللبنانية، والذات الوطنية، والذات القومية، الا تلتقي مناسبة الذكرى العاشرة المجيدة هذه وفي رمزيتها تلتقي بسبع غاب اخر لتصد لأدوات النظام الامني البائس، بعقلين يا صاحب الغبطة لن تنسى محطتكم فيها الاولى في التاريخ والرقي في معانيها، هي مدينة التواصل التاريخي ومدينة المظلة الروحية للموحدين الدروز المتمثلة بشيخنا الفاضل الجليل الشيخ ابو محمد جواد ولي الدين اطال الله بعمره، محطة الشراكة مع منارة الادباء والشعراء والعلماء مع عاصمة المعنيين الاولى، مع مقر الاشعاع التربوي والنشاط الاقتصادي. وكل ذلك مع نموذج الوفاق العائلي والتآلف الحزبي اللذين اصر عليهما معالي الصديق الاستاذ وليد جنبلاط. لتكن زيارتكم في الشوف، في محطاتها المعبرة انطلاقا جديدا لوحدة الجبل ووحدة لبنان".

وتحدت البطريرك الراعي قائلا: "تحية شركة ومحبة لبعقلين، لبني معروف. هذه التحية احملها مع اخوي المطران الياس نصار والمطران طانيوس الخوري، نحملها من صاحب الغبطة المطران مار نصرالله بطرس صفير، سمعنا كلمة الصديق النائب مروان حمادة وعندما يتكلم هذا الصديق يتكلم بلسانه ايضا شخص كبير صانع المصالحة الوطنية مع صاحب الغبطة وليد بك جنبلاط، الف تحية له وللأستاذ تيمور الذي يمثله. ايها العزيز تيمور ان والدك يحملك كل الارث وكل التراث، وعندما سألته عندما شرفنا الى الديمان مع مجموعة من اصحاب المعالي والنواب: اين تيمور؟ قال لي تيمور يتهيأ لحمل كل الرسالة التي اضعها على منكبيه. نحن نتمنى لك ايها العزيز تيمور ان تواصل هذا الخط الكبير واعلم ان تاريخ قصر المختارة ستحمله انت كما حمله جدك ووالدك وهكذا سيتواصل هذا الخط الوطني المسؤول في طائفة بني معروف الكرام".

وختاما تسلم البطريرك الراعي من النائب حمادة مجموعة كتب عن بعقلين وغرس شجرة زيتون في حديقة المكتبة تخليدا للزيارة.

 

عون في عشاء هيئة الشوف بالتيار الوطني: كل الذين مدوا اياديهم الى الخزينة يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم

لم يتحمل أحد بقدرنا كيدية ونحن لم نبادل أحدا الكيدية

الجبل هو العمود الفقري للبنان ويجب تكثيف العودة الجسدية اليه

 وطنية - 7/8/2011 اعتبر رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون، خلال العشاء السنوي لهيئة قضاء الشوف في "التيار الوطني الحر"، أن "الجبل هو العمود الفقري للبنان وأن بناء الدولة يكون بالوحدة الوطنية"، مشددا على "ضرورة تكثيف العودة الجسدية إلى الجبل".

وقال: "نستطيع القول اليوم إننا عدنا إلى الشوف، لأن العودة لا تتم فقط بعودة الجسد، إنما تكون معنوية بحيث تعود الحياة لتكون طبيعية. هذا المشهد الذي نراه اليوم، لم نر مثيلا له منذ بداية السبعينات، وهذا المشهد يفرحنا ويسعدنا كثيرا بهذا اللقاء. طبعا، ما نشهده اليوم هو نتيجة سياسة تم إعتمادها من قبل جميع الأطراف، وهي سياسة الإنفتاح والتفاهم لبناء لبنان، وليس سياسة التصادم التي سبق لنا ومررنا بها، وكانت مرحلة هوجاء وبربرية من تاريخ لبنان، كما أنها كانت خطأ تاريخيا من الصعب جدا تصحيحه من دون ألم. دفعنا عشرات السنين، واليوم وصلنا إلى الحياة الطبيعية مع تناغم بالعيش بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني وهذا هو المقصود. يجب أن لا ننسى أبدا أن الجبل هو العمود الفقري للبنان، وهو الذي يضم الساحل والجبل وبه أوصال لبنان تجمع الشمال بالجنوب، ومن دونه تنفصل عن بعضها البعض. يجب أن نعيش دائما هذه الحقيقة التاريخية والجغرافية كي نحافظ على وطننا الصغير بحجمه، ولكن إنتشاره يغطي العالم أجمع".

أضاف: "كي تستمر هذه الحياة وتصبح أقوى وأكثر متانة، يجب تكثيف العودة الجسدية إلى الجبل، لأنه مع العودة الكثيفة تزداد الطمأنينة ويزداد الإستقرار، لأنها دليل عافية، ودليل على إضمحلال الماضي ولو كان قريبا، ولكن بتطلع دائم نحو المستقبل. هذا وحده لا يكفي، إذ يجب أن نبني وطنا ونبني كذلك دولة قوية تحمي هذا الوطن، ليس فقط بالسلاح إنما بالوحدة الوطنية التي بدورها لا يمكن أن تكون مصانة إلا إن كان هناك أسس لبناء الوطن وثوابت له. نريد الدولة العادلة والصالحة لأننا نعيش اليوم حالة من الإنهيار بكل معاني الكلمة على مستويات أجهزة الدولة، ولا أغالي عندما أقول إنها كلها خلايا مافيوية من المال إلى القضاء حتى الأمن، وإلى كل الأجهزة الحساسة".

وتابع عون: "لا يمكن أن نبني الدولة من دون رجل أمن ساهر ليلا ونهارا على أمن المواطنين ويتمتع بالضمير المهني، ولا نستطيع أن نبني الوطن من دون قاض عادل يعود إليه المواطنون لتحديد حقوقهم وحفظ أمنهم، لا نستطيع أن نبني وطنا يكون حارس خزينته سارقا يسرق ضرائب المواطنين التي يجب أن توزع لإنماء الوطن. كل هذه الأمور أساسية وضرورية، وطبعا إن تكلمنا بالأمور الأساسية، فهذا لا يعني أننا نسينا باقي المواضيع".

وقال: "هذا الوطن أنتم من سيبنيه، لا يجب أن يصبح الفساد الذي نتحدث عنه حالة طبيعية يعيشها مجتمعنا وأن يشعر كل شخص أنه يستفيد منه. كلا، فهو يصيبه كالمثل عن الهر الذي يلحس المبرد، فيمتص دمه ويستلذ به، ولا يستطعم بأي شيء آخر، بل هو هنا يأكل نفسه. نحن بدأنا بالخروج من هذه الحالة مع تشكيل الحكومة الجديدة، إذ يجب على كل شخص أن يصل إلى حقه، وعلى الخاطئ والمذنب أن يتحمل مسؤوليته.

لم يتحمل أحد بقدرنا كيدية، ونحن لم نبادل أحدا الكيدية. الذين حاولوا اغتيالي هم أكثر من طرف ويعرفون أنفسهم، وعندما رأيتهم للمرة الأولى، وفي المرات التالية، لم أشعر أبدا بالحقد تجاههم، بل كان شعوري هو التسامح المطلق. ولكن هذا حقي، ولي الحق في أن أسامح من أريد وأن أتنازل عن هذا الحق، ولكن لا أحد له الحق، إن كان في القطاع العام، أن يتساهل بحقوق الآخرين المؤتمن عليها. لذلك، كل الذين مدوا أياديهم الى خزينة الدولة، وكل الذين تجاوزوا القوانين لمصالح خاصة، وكل الذين بذروا وأوصلونا إلى هذه الحالة الإقتصادية المزرية التي تتطلب استنهاضا وتتطلب جهدا كبيرا لتعود طبيعية وسليمة، يجب على كل هؤلاء أن يتحملوا مسؤولياتهم. ولا يواجهننا أحد بالكيدية. نحن لسنا كيديين بل عادلين، ولا يمكن إسقاط المسؤولية لأنه علينا حملة إستباقية حتى نخجل البعض أو نخوف البعض الآخر أو نتنازل عن حق ما. على حقوق الشعب أن تحفظ، وهي تحفظ عندما تكون ضرائبه فعلا بالخزينة، وحساباتها مضمونة، وتصرف في المكان الذي يجب أن تصرف فيه".

وختم عون: "على هذا الأساس، نعاهدكم أن خطة التغيير والإصلاح ستكمل، وأن أصحاب الإستحقاق هم من سيعين بالوظائف أثناء التعيينات، وأنتم الشهود وأنتم الحكام في ما بعد. عشتم، عاش قضاء الشوف وعاش لبنان".