المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار يوم الثلاثاء 16 تشرين الثاني/2010

رسالة بطرس الثانيةالفصل 03 /01-18/الوعد بمجيء الرب

هذه رسالة ثانية أكتب بها إليكم، أيها الأحباء، لأذكركم فيهما بهذه الأمور فأثير الأفكار النقية في عقولكم. فتذكروا الأقوال التي جاءت على ألسنة الأنبياء القديسين وما أبلغكم رسلكم من وصايا ربنا ومخلصنا. فقبل كل شيء يجب أن تعلموا أنه سيجيء في آخر الأيام قوم مستهزئون، تقودهم أهواؤهم فيقولون: وعد بالمجيء، فأين هو؟ آباؤنا ماتوا وبقي كل شيء منذ بدء الخليقة على حاله! فهم يتجاهلون عن قصد أن الله بكلمة منه خلق السماوات وأرضا تكونت من الماء وبالماء، وبها غرق العالم القديم في الماء فهلك. أما السماوات والأرض في أيامنا هذه، فبقيت للنار بكلمة الله ذاتها إلى يوم الحساب وهلاك الأشرار. وهناك أمر يجب أن لا تجهلوه أيها الأحباء، وهو أن يوما واحدا عند الرب كألف سنة، وأن ألف سنة كيوم واحد. والرب لا يؤخر إتمام وعده، كما يتهمه بعضهم، ولكنه يصبر عليكم لأنه لا يريد أن يهلك أحد، بل أن يتوب الجميع. ولكن يوم الرب سيجيء مثلما يجيء السارق، فتزول السماوات في ذلك اليوم بدوي صاعق وتنحل العناصر بالنار وتحاكم الأرض والأعمال التي فيها. فإذا كانت هذه الأشياء كلها ستنحل، فكيف يجب عليكم أن تكونوا؟ أما يجب أن تسلكوا طريق القداسة والتقوى،

تنتظرون وتستعجلون مجيء يوم الله؟ حين تلتهب السماوات وتنحل وتذوب العناصر بالنار . ولكننا ننتظر، كما وعد الله، سماوات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها العدل. فابذلوا جهدكم أيها الأحباء، وأنتم تنتظرون هذا اليوم، أن يجدكم الله بسلام، لا عيب فيكم ولا لوم عليكم. واحسبوا صبر ربنا فرصة لخلاصكم، كما كتب إليكم بذلك أخونا الحبيب بولس، على قدر ما منحه الله من الحكمة. كما هي الحال في جميع رسائله التي تكلم فيها على هذه المسائل. فوردت فيها أمور غامضة يحرفها الجهال وضعفاء النفوس، كما يفعلون في سائر الكتب المقدسة، لهلاك نفوسهم. أما أنتم، أيها الأحباء، فأخبرناكم بهذا، فتنبهوا لئلا تضللكم أخطاء المرتدين فتفقدوا ثباتكم. وانموا في النعمة وفي معرفة ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، له المجد الآن وإلى الأبد. آمين.

 

بطريرك روسيا يؤكد ترحيب الكنيسة بالمحكمة والحريري يشدد على الإيمان بلبنان الرسالة والعيش المشترك

لبنان الآن/تابع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري لقاءاته في العاصمة الروسية، فزار بعد ظهر اليوم البطريرك كيريل، بطريرك موسكو وعموم روسيا للروم الأرثوذكس في مقر إقامته، وعقد معه إجتماعاً حضره عن الجانب اللبناني نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر والوزيران ابراهيم نجار وسليم وردة والسيد نادر الحريري والمستشاران هاني حمود وجورج شعبان، وعن الجانب الروسي نائب وزير الخارجية الروسية مندوب الرئيس الروسي لشؤون الشرق الأوسط الكسندر سلطانوف والسفير المتجول أندريه فدوفين ورئيس قسم سوريا ولبنان في الخارجية الروسية أندريه بانوف وممثل البطريرك هزيم في موسكو المطران نيفون سيقلي.

في مستهل الإجتماع، تحدث البطريرك كيريل فرحب بالرئيس الحريري والوفد المرافق وقال: "إن لروسيا علاقات طيبة تربطها بالشعب اللبناني منذ قرون، وهي تتطور بشكل إيجابي خصوصاً في الفترة الأخيرة، وانا اتذكر اللقاءات السابقة التي جمعت البطريرك الراحل أليكسي بوالدكم الرئيس الراحل رفيق الحريري وبكم وبالوفد البرلماني اللبناني، كما أتذكر الزيارات التي قمنا بها إلى لبنان قبل إندلاع الحرب عام 1975 وبعدها، كما اتذكر كيف كانت بيروت مزدهرة وكيف دُمرت واصبحت تشبه مدينة ستالينغراد أيام الحرب العالمية الثانية"، مضيفاً: "كما راينا الخسائر التي لحقت بلبنان نتيجة الحرب الأهلية، والجهود التي تبذلها القيادة اللبنانية من أجل التغلب على الأسباب والعوامل التي ادت إلى هذه الأزمة وإلى النزاع الدموي الذي وقع في السابق، وهذه الجهود تستحق التقدير والإعجاب، فلبنان شأنه شأن روسيا، دولة متعددة القوميات والطوائف، والإنجازات التي تتحقق في بلدينا على صعيد العلاقات بين القوميات وبين الطوائف الدينية لها قيمة كبيرة على الصعيد العالمي، خصوصاً وأنَّ العالم في هذه الفترة التي نعيشها دخل مرحلة العولمة"، مشيراً إلى أنَّ الرئيس رفيق الحريري "لعب دوراً كبيراً جداً في بناء لبنان وإرساء السلام فيه، وقد كانت الكنيسة الأرثوذكسية مشمئزة من العمل الإجرامي الذي أودى بحياته"، ورحب بـ"اقامة المحكمة الخاصة بلبنان برعاية الأمم المتحدة للتحقيق في هذه الجريمة".

ولفت بطريرك موسكو وعموم روسيا إلى أنَّه "في العالم المعاصر هناك انماط عدة لبناء المجتمع المتعدد الثقافات والطوائف، وبعض البلدان تعتقد أنَّه من أجل إيجاد التوازن بين الطوائف المختلفة يجب جعل المجتمع علمانياً، ولهذا السبب يحاولون ابعاد الدين عن الحياة الاجتماعية، ونحن في الكنسية الارثوذكسية الروسية نعتقد ان هذه الطريقة ليست سليمة، ولا يمكن خلق التوازنات بين الطوائف الدينية من خلال  زرع فكرة عدم الاكتراث للدين في نفوس الناس"، معرباً عن اعتقاده أنَّ "محاولات بناء العلاقة السليمة بين مختلف الأديان في بلادكم (لبنان) أمر يستحق إهتماماً كبيراً، لأنَّ هذه المحاولات لا ترمي إلى وضع القيود على الحياة الدينية للمواطنين بل تحاول إيجاد الإنسجام على صعيد العلاقات بين مختلف الأديان والطوائف"، وأضاف: "نحن في روسيا نسير على الطريق نفسه، وإننا على قناعة تامة بأنَّه لا يمكن وضع القيود على الأنشطة الدينية للناس بل يجب إيجاد الإنسجام بين الأنشطة المختلفة لهذه الديانات والطوائف، وفي هذا الاطار يمكن العمل على إشراك العوامل  وإيجاد المبادرات اللازمة لتحقيق النتائج المرجوة".

وفي السياق نفسه، أكد كيريل أنَّ "العوامل الإيجابية هي إعتراف المنتمين إلى مختلف الطوائف والأديان بأعياد بعضهم البعض"، مضيفاً: "واعلم ايضا أنَّه بمبادرة منكم اصبح عيد بشارة السيدة العذراء عيداً رسمياً في لبنان، ومسألة التعاون بين مختلف الطوائف والأديان لها أهمية كبيرة في بلدنا وفي العالم كله ولدى المنظمات الدولية أيضاً".

هذا، وأعرب كيريل عن اعتقاده أنَّ "منظمة الأونسكو يمكن ان تشكل الاساس المناسب لهذا العمل، لانها منظمة متخصصة بالامور الثقافية وتعمل في اطار الأمم المتحدة، وفي الوقت الحالي هناك مبادرة من قبل بعض الزعماء الدينيين لانشاء هيئة استشارية خاصة تابعة لهذه المنظمة يكون دورها بحث الأوضاع المتعلقة بالعلاقات بين الأديان والطوائف في مختلف دول العالم بما في ذلك المناطق التي تشكل بؤر توتر في العالم"، وتابع قائلاً: "ويبقى لبنان في الشرق الأوسط أرضاً للكتاب ونحن نسمي هذه الأراضي أراضٍ مقدسة، وما يأسف له بعض المومنين هو أنَّ العدالة لم تتحقق بعد في هذه الأراضي، وتعود الأهمية القصوى للجهود التي تبذلها  الطوائف والدول من أجل إيجاد حل لذلك وإزالة الأسباب والعوامل التي ما تزال تغذي النزاع في الشرق الأوسط".

من جهة ثانية، تطرق كيريل بشكل خاص إلى "مسألة الحجاج الروس الذين يزورون الأراضي المقدسة والذين يوازي عددهم اؤلئك الذين يزورون لبنان، وقد أرسوا اسس العلاقات المتينة اللبنانية ـ الروسية"، مشيراً إلى "الدور الذي لعبته الجمعية الروسية ـ الفلسطينية المشرفة على هذه النشاطات والتي  بذلت هي أيضاً جهوداً كبيرة من أجل تقديم الخدمات الطبية والتعليم للمواطنين المحليين، ويوجد الآن في لبنان حوالي خمسة ألاف مواطن ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسية ـ الروسية، ومن بينهم من ينتمي إلى عائلات روسية معروفة لها تاريخ مجيد في أعماق التاريخ، وقد تزوج بعضهم أيضاً من مواطنين لبنانيين، ولهذه الزيجات أهمية  في نظرنا".

وإذ أشار إلى أنَّ "البطريركية الأرثوذكسية الأنطاكية تنشط في لبنان وهي ترعى المنتمين الى هذه الكنيسة"، لفت كيريل إلأى أنَّه "في بيروت أيضاً كنيسة روسية"، معرباً عن اعتقاده أنَّ "العلاقة طيبة مع الكنيسة الأرثوذكسية الأنطاكية، ووجود عدد من المؤمنين التابعين لهذه الكنسية يشكل أحد العوامل المساعدة للعلاقات الطيبة بين البلدين والشعبين". وأمل في أن "تسهم  زيارة الحريري الى موسكو في التوصل الى  النتائج  المرجوة وتحقيق اهدافها".

من جهته، رد الرئيس الحريري فشكر للبطريرك استقباله وقال: "نحن في لبنان نعيش في ظل حقيقة تتمثل بالعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين وهي ليست مجرد شعار، وقد استطعنا من خلال دستور الطائف أن نؤمن المناصفة بين المسيحيين والمسلمين مهما اختلفت الأعداد بينهم، وقد اعطى دستور الطائف كل هذه الطوائف والمذاهب حصة في الدولة، ولكن الامر المهم هو ان يدرك كل واحد منا أنَّ ليس لديه حصة فقط في الوطن، بل إن عليه مسؤولية أيضاً تجاه هذه الدولة، وهذه المسؤولية توجب علينا جميعا كلبنانيين أن نقف الى جانب بعضنا البعض، وان نتحمل هذه المسؤولية مجتمعين. من هنا ايماننا بلبنان الرسالة والعيش المشترك هو فعلاً الوسيلة التي تمكن هذا البلد من النهوض بجهود كل ابنائه".

وأضاف: "إنَّ العلاقات بين البلدين علاقات تاريخية كما ذكرتم (البطريرك)"، مؤكداً أنَّ "الإسلام أيضاً دين يدعو إلى السلام  الذي يشكل أساساً للعيش المشترك في منطقة الشرق الأوسط، كما أنَّ الحوار بين الأديان والحضارات أمر مهم جداً، ولكن المشكلة اليوم ليست بين الحضارات والأديان بل هي سياسية"، وقال: "كلنا يعبد رباً واحداً والهاً واحداً، ولكن يجب علينا ايجاد حل للمشكلة السياسية، وخصوصاً القضية المركزية للعرب والمسلمين والمسيحيين، وهي مشكلة فلسطين والأراضي المقدسة".

وتابع: "دائما  أتذكر ما قاله لي أحد رجال الدين يوما، وهو ان هناك الكثير من التعصب والقليل من الدين، وهذا ما يشكل المشكلة الفعلية لنا اليوم، فقليل من الناس تفهم بالدين، وكل من يفهم بالدين يدرك أن المشكلة ليست بين الأديان، بل إنها  في السياسة ويجب إيجاد حل سياسي لها"، معرباً عن اعتقاده أنَّ "العمل الفعلي يجب أن يتركز على ترسيخ خط الإعتدال الذي يشكل حلاً لكل الأديان"، واكد أن "العيش المشترك هو الأساس لتعيش الشعوب مع بعضها البعض". وقال الحريري: "اليوم كما تعلمون هو يوم عرفة، يلتقي فيه المسلمون في الحج وإن شاء الله يكون يوماً مباركاً للجميع، وهذا يظهر أن باستطاعتنا أن نسمع بعضنا بعضاً وأن نفهم ونعيش مع بعضنا البعض"، متمنياً على البطريرك وكنيسته أن "يعملوا على المساهمة في حل مسألة الصراع على الأراضي المقدسة وعلى فلسطين وان تعود فلسطين الى الفلسطينيين بحسب حق العودة، وان تكون القدس عاصمتهم، الأمر الذي يشكل أساساً للقضاء على جزء كبير من الأرهاب والتطرف والظلم".  وختم الحريري بشكر كيريل على مطالبته بـ"تحقيق العدالة وإحقاق الحق في ما يتعلق بالمحكمة الدولية واغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي كان يمثل خط الاعتدال العربي الكبير".

 

"الكتائب اللبنانية": أخذ الحكومة رهينة مقابل المحكمة جريمة 

لبنان الآن/جدد المكتب السياسي لحزب "الكتائب اللبنانية" تأييده للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مشدداً على أنَّها "ضرورة للبلاد والعباد في سبيل معرفة الحقيقة، وتحقيق العدالة، ووقف مسلسل الإغتيالات". المكتب السياسي وبعد اجتماعه الدوري الأسبوعي برئاسة رئيس الحزب الرئيس أمين الجميل، تداول في آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، ولفت في بيان الإنتباه إلى أن "إثارة البعض موضوع تعديل النظام اللبناني، هو مخالف لروح الميثاق، ومسؤولية اللبنانيين دون سواهم، واذا كان هناك مطالبة بتصويب اتفاق الطائف، وجعله مؤاتياً لمفهوم التوازن بين المؤسسات الدستورية في نظام ديموقراطي، وإذا كانت الأحداث خلال العقود الماضية وحتى اليوم كشفت ثغرات في التركيبة اللبنانية، فيبقى أمر معالجة كل هذه الأمور في الوقت المناسب في اطار حوار لبناني حر، بعيداً من السلاح، والتهديد، بالفتنة وبعيداً من ضغوط  دول تبحث عن أدوار لها في لبنان"، داعياً لـ"وقف التدخل في الشؤون اللبنانية من أي طرف أتى، إذ إنَّ أي بحث في موضوع النظام لابد أن يتم من ضمن المؤسسات الدستورية والوطنية، ويستحيب لإرادة اللبنانيين بالسيادة والإستقلال" .

وأهاب المكتب السياسي بـ"المسؤولين اللبنانيين منع تعطيل المؤسسات لا سيما مؤسسة مجلس الوزراء المعنية بشؤون الناس الحياتية والمعيشية"، معتبراً انَّ "أخذ هذه المؤسسة رهينة مقابل محكمة دولية جريمة، أوغيرها فيما شؤون الناس معطلة كلياً والموازنة التي عليها يتوقف دوران عجلة مصالح الناس متوقفة قسراً"، وأشار في هذا السياق إلى أنَّه "إذا كان هناك خلاف، وهذا أمر طبيعي، على القضايا السياسية، فيمكن للنقاش أن يستمر من دون تعطيل البحث في القضايا الأخرى المدرجة على جدول أعمال مجلس الوزراء".

 

سينغ: "اليونيفيل" سهلت عملية إنقاذ الإمرأة التي علقت بالشريط الشائك 

لبنان الآن/أعلن الناطق الرسمي باسم القوات الدولية العاملة في الجنوب نيراج سينغ أنَّ "اليونيفيل سهلت عملية إنقاذ إمرأة لبنانية مسنة كانت عالقة في السياج الشائك في حقل الغام على طول الخط الأزرق قرب قرية البستان الحدودية في جنوب لبنان". وأوضح سينغ أنَّ "ليونيفيل تلقت مساء السبت الفائت أنه تم مشاهدة إمرأة بالقرب من الخط الأزرق عالقة بالسياج الشائك في حقل الغام حيث تم ارسال دورية من "اليونيفيل" والجيش اللبناني إلى المنطقة، وقد جعل حقل الألغام جهود الانقاذ خطيرة جداً إلى الجانب اللبناني"، مشيراً إلى أنَّ "اليونيفيل سعت مع الأطراف لتسهيل عملية إنقاذ المرأة من الجانب الإسرائيلي الذي سلمها إلى الفريق الطبي التابع لـ"اليونيفيل"، وتم جمعها بعد وقت قصير مع عائلتها تحت اشراف الجيش اللبناني والصليب الأحمر". وختم سينغ: "جهود اليونيفيل والتنسيق السريع مع الأطراف كانت اساسية في نهاية المسألة بشكل سريع وناجح".

 

حزب الله: فيلتمان وكوشنير أبلغا المسؤولين اللبنانيين بأن تهديدات إسرائيل جدية و الإدارة الأميركية أعطت الإسرائيليين ضوءً أخضراً ليعملوا ما يشاؤون في لبنان

قال النائب في كتلة حزب الله، كامل الرفاعي، لـ«الشرق الأوسط»: إن التهديدات الإسرائيلية للبنان جدية وقد تبلغها المسؤولون اللبنانيون من مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، جيفري فيلتمان، ووزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي السيناتور الديمقراطي جون كيري، خلال زيارتهم للبنان». وأوضح أن «المعلومات تشير إلى أن الإدارة الأميركية أعطت الإسرائيليين ضوءا أخضر ليعملوا ما يشاءون في لبنان، وهذه الرسالة وصلت إلى القيادة السورية بواسطة كيري، وهذا يعني أن الأميركيين لديهم أجندة معينة ينفذونها ضد المقاومة في لبنان وفلسطين، بواسطة ذراعهم الطولى وهي إسرائيل، لأنهم لا يستطيعون أن يتدخلوا عسكريا، وذلك بهدف فرض واقع جديد في المنطقة بعد فشل المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية وأضاف الرفاعي: «إن المقاومة لن تعطي إسرائيل أي مبرر للقيام بعدوان، على الرغم من أنها (إسرائيل) لا تحتاج إلى مبررات لحروبها، لكنها على استعداد دائم لمواجهة أي عدوان في أي وقت». واعتبر أن حرص حزب الله على الوحدة الداخلية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، يقابل بتحريض فيلتمان وكوشنير لفريق 14 آذار للمضي بالتصعيد، وعدم التحاور مع المعارضة، في انتظار ما تحضر له إسرائيل للبنان

 

تقرير "سري للغاية" قدّمه فرع المعلومات للجنة التحقيق

نهارنت/اكّدت صحيفة "الاخبار" انه ثمّة معطيات كثيرة لم تُنشر بعد عن طبيعة المعلومات التي قدَّمتها قوى الأمن الداخلي إلى لجان التحقيق الدولية المتعاقبة بشأن التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات في جريمة اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري، من بينها مذكرات مهمة لتقصّي أثر وجمع معلومات عن قادة في "حزب الله"، صدرت في 2005.

بالإضافةً إلى مذكرات بحث وجمع معلومات عن أشخاص يعدّهم فرع المعلومات عناصر من الجهاز الأمني في "حزب الله". واشارت الصحيفة انه فضلاً عن جهد موثّق عن تصوّر للتركيبة التنظيمية لأجهزة المقاومة العسكرية والأمنية، هناك تقريراً مفصّلاً عن ملف الاتصالات الهاتفية، سُلّم الى لجنة التحقيق الدولية خلال تولّي القاضي سيرج براميرتس رئاستها (يقع التقرير الذي تتحفّظ "الأخبار" عن نشره في 28 صفحة، وهو مؤلّف من 5502 كلمة، وقد بُوِّب بطريقة مدروسة في سبعة بنود، مع إشارة "سرّي للغاية"، وتضمّن أرقام شبكات الهواتف، وهو صادر عن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بتاريخ 30 حزيران 2006). 

 

مستشار الملك عبدالله بدمشق قريبا لإنهاء صيغة حل لأزمة المحكمة

نهارنت/نقلت صحيفة "السفير" عن أوساط واسعة الاطلاع انه من المنتظر ان تظهر حصيلة مبادرة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل سعود والرئيس السوري بشار الاسد في موعد أقصاه نهاية الشهر الحالي، وبعدها سيبنى على الشيء مقتضاه الى ذلك، توقع زوار دمشق ان تتم زيارة مستشار الملك السعودي الامير عبد العزيز بن عبد الله الى سوريا في وقت قريب من اجل وضع اللمسات الاخيرة على صيغة حل مرتقب لأزمة المحكمة الدولية وعناوين سياسية أخرى. وحسب زوار دمشق، فإن التسوية العراقية ستنعكس إيجابا على لبنان وهذا ما ظهرت إشاراته الأولية في "التواطؤ الضمني" خلال الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء على تأجيل البت في موضوع شهود الزور، حيث تبين أن قيادة "حزب الله" كانت في جو أمر جديد وجدي على خط الرياض ـ دمشق، ولكنها لم تترجم ذلك في الاعلام الا بعد كلام السيد نصر الله في "يوم الشهيد".

 

رسائل إيجابية من سوريا للحريري ولكن شرط الإبتعاد عن السنيورة وجعجع ...قائم

يقال نت/اكدت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ"الديار" بأن القيادة السورية عادت وبعثت بإشارات ايجابية تجاه الرئيس سعد الحريري عبر قنوات متعددة وتحديدا عبر جنبلاط وان هذه الاشارات اتت في سياق الحراك السوري - السعودي الرامي الى تحضير الارضية والمناخ الهادئ لبلورة الافكار التي تؤدي الى تسوية توافقية حول الازمة اللبنانية.

وأشارت المصادر نفسها لـ"الديار" إلى أن هناك مسعى سورياً - سعودياً حثيثاً لعودة الحرارة الى العلاقة بين الرئيس الحريري والقيادة السورية، كما ان معادلة الـ "سين – سين" تسعى الى اعادة فتح قنوات التواصل المباشرة والثابتة بين "بيت الوسط" و"حارة حريك"، لافتة إلى أن الوضع اللبناني لا يزال حساساً جدا ولا يحتمل المزيد من المراوحة، ويتطلب قرارات شجاعة وكبيرة لحماية لبنان من مخاطر الفتنة. وإذ قالت إن "الرئيس الحريري بات في مرحلة الاستعداد للقيام بما هو مطلوب لاحتواء التداعيات المحتملة للقرار الاتهامي"، لفتت هذه المصادر لـ"الديار" إلى أن من الاشياء المطلوبة من الرئيس الحريري للوصول الى الحل المنشود هو التخلي عن علاقته السياسية بكل من قائد القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة خصوصا ان بعض قيادات الوسط في لبنان فضلا عن قيادات سورية عربية باتت على يقين بأن علاقة الحريري بهذين الرجلين كانت ولا تزال احد ابرز عوائق تثبيت وترسيخ وتطوير العلاقة بين الرئيس الحريري وسوريا و"حزب الله".

 

السين ـ سين" تثمر تسوية تمهيداً لتلقي القرار الاتهامي تشمل اعلان الحريري براءة المقاومة

نهارنت/نقلت صحيفة "السفير" عن مصادر سياسية مطّلعة تأكيدها أن "العجنة" الأولى لصيغة التسوية وضعها الرئيس نبيه بري بالتعاون مع النائب وليد جنبلاط وجرى إطلاع رئيس الجمهورية ميشال سليمان على فحواها، ثم عمل كل من موقعه على محاولة تسويقها في العواصم الثلاث: دمشق والرياض وباريس، وكانت تنصّ على آلية تستبق القرار الاتهامي وتؤدّي إلى "تجميد" عمل المحكمة الدولية من خلال محاولة تعديل نظام عمل المحكمة بقرار من مجلس النواب في لبنان. إلا أن هذه الفكرة ما لبثت أن اصطدمت بإصرار أميركي على عدم المسّ بالمحكمة الدولية، ما أدى إلى تعديلات أساسية فيها تركّز على مخارج أخرى تأخذ بالاعتبار أيضاً أن القرار الاتهامي سيصدر حتماً ولا إمكانية لإلغائه، وربما لم يعد ممكناً تأجيله أبعد من نهاية العام الجاري، وهو ما زاد في حرارة السباق بين الجهود السعودية ـ السورية وبين الموعد الافتراضي لصدوره.

واضافت الصحيفة إنه "يبدو أن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله ومعاونه السياسي الحاج حسين الخليل والرئيس سعد الحريري ودائرة ضيقة حوله، على علم بتفاصيل المسعى، وإلا لما كان تورط أحدهما (نصر الله والحريري) في تأكيد ذلك علنا أو ضمن الدوائر الداخلية". وبحسب ما يتردّد، فإن المشاورات الجارية بين الرياض ودمشق أثمرت بداية الشهر الحالي إلى وضع ورقة من خمس نقاط:

ـ استمرار التهدئة وتعزيزها في لبنان تمهيداً لتلقي صدمة القرار الاتهامي بأقل قدر ممكن من التوتّر، وقد جاءت جلسة مجلس الوزراء الأخيرة لتترجم هذه النقطة بعد أن جرى تأجيل البت بملف شهود الزور برغم كل ما سبقها من حديث "عن جلسة مفصلية".

ـ إحالة ملف شهود الزور على القضاء اللبناني العادي في انتظار مضمون القرار الظني الذي قد يسمح بالتوسّع في الملف أو وضع الحكومة يدها عليه مجدداً بإحالته على المجلس العدلي.

ـ مبادرة رئيس الحكومة بعد صدور القرار الاتهامي مباشرة إلى موقف استيعابي من شأنه منع أي ارتدادات، وعلى الأرجح يعلن براءة المقاومة من الاتهام.

ـ عقد لقاء بين الحريري ونصر الله يساهم في احتواء القرار الاتهامي وتبني الحريري مواقف تنوّه بالمقاومة ودورها في تحرير وحماية لبنان من العدوان الإسرائيلي، والإعلان عن تشكيل لجان عمل مشتركة لقطع الطريق على أي محاولة للإيقاع بين الطرفين.

ـ إطلاق عجلة العمل الحكومي بما يؤدي إلى دعم الحريري لحمايته من تداعيات الخطوات التي سيتخذها لحماية المقاومة.

وثمة من يتحدّث عن بند ملحق حول إجراء الإصلاحات الضرورية المتعلّقة بالصلاحيات الإجرائية لرئاسة الجمهورية ووضع قانون انتخابي جديد استنادا إلى الطائف ووضع مشروع اللامركزية الإدارية على سكة التنفيذ وبدء الخطوات الضـرورية لإنشاء مجلس الشيوخ.

واستنادا إلى مصادر لبنانية متابعة، فإن الصياغة النهائية لهذه الأفكار ـ التسوية ستتبلور خلال عطلة عيد الأضحى المبارك بعد اطلاع المعنيين في لبنان عليها، على أن تبدأ ترجمتها بعد عطلة العيد مباشرة. وستكون جلسة مجلس الوزراء المقبلة أولى الترجمات العملية لهذه التسوية عندما يجري البت بملف شهود الزور، وبعدها تكرّ سبحة التطورات المفترضة، وإن كانت هناك خشية فعلية من سباق يجري بين محاولة إنتاج التسوية المذكورة وتسريع مسار صدور القرار الاتهامي.

 

ليبانون ديبايت يكشف سر زيارة المحققين الدوليين للعيادة النسائية

موقع ليبانون ديبايت

في معلومات خاصة لموقع ليبانون ديبايت فان مكتب المدعي العام دانيال بلمار طلب من حزب الله الاستماع الى سبعة عشر فردا من الحزب. وقد قدم الحزب سبعة افراد للاستماع اليهم فيما نفى اية علاقة تنظيمية او معرفة بالافراد الاخرين. تقاطعت في ما بعد معلومات عن ان زوجة احد الذين لم يتمكن مكتب بلمار من الاستماع اليهم تقصد عيادة الدكتورة شرارة لمتابعة حملها. لذلك طلب المحققين الدوليين ارقام الهواتف لبعض مرضى الدكتورة شرارة للوصول الى زوج السيدة التى تشغل منصبا قياديا في حزب الله.

 

مصدر لبناني ينتقد الإعلان الأميركي الاخير

الوطن السورية /نقلت "الوطن" السورية عن مصدر لبناني رفيع ان الإعلان الأميركي الأخير عن رفع الحظر عن تسليح الجيش اللبناني، وجه آخر من وجوه آليات عمل الإدارة الأميركية التي تسعى إلى بذر الشقاق لبنانيا على عتبة صدور القرار الاتهامي، شأنها شأن ما تسعى إليه الإدارة الفرنسية من خلال دعوتها زعيم التيار الوطني الحر النائب العماد ميشال عون والتي تهدف الى الضغط عليه لفك تحالفه مع حزب اللـه.

 

احتجاجات في بروكسل على استهداف كنيسة بغداد

المصدر قناة العالم الايرانية

تظاهر الآلاف من العراقيين المسيحيين في العاصمة البلجيكية بروكسل، واخرون توافدوا من بلدان اوروبية احتجاجا على الاعتداء الذي استهدف كنيسة سيدة النجاة في بغداد نهاية الشهر الماضي. وقال مطران السريان الارثوذوكس في بلجيكا حزائيل صوما في تصريح خاص لقناة العالم الاخبارية امس السبت: ان "الغرب نهش من الشرق ما استطاع ولازال ينهش من لحمه ويحاول ان يحطم عظامه، هذا هو الغرب، اننا اتينا الى هنا لا لنخاطب الغرب ونطلب منه المعونة انما نطلب العون والمعونة من الشرق نفسه". وجه المتظاهرون في التظاهرة التي نظمها عدد من المنظمات المسيحية في أوروبا وشارك فيها مسؤولون بلجيكيون واوروبيون، اصابع الاتهام إلى القوات الأميركية في الاعتداء الأخير. وقال احد المتظاهرين لقناة العالم: "انا اتهم اميركا باعتبار لديها جيش موجود في العراق". وقال متظاهر اخر لقناة العالم: ان الاميركيين يعلمون باي حركة تحدث في العراق والدليل على ذلك الكاميرات التي نقلت الحدث ورؤيتهم للارهابيين من خلال زجاج ابواب الكنيسة.

 

النائب عمار حوري: يحاولون تزوير التاريخ ونحمّلهم مسؤولية أي ضرر يقع للسنيورة 

حمّل عضو كتلة "المستقبل" النائب عمار حوري الفريق الآخر مسؤولية اي ضرر يحصل للرئيس فؤاد السنيورة، مشيراً الى ان الفريق الآخر يحاول ان يزور التاريخ.

وقال في حديث الى محطة الـ"ANB"،: "الاغلبية النيابية لم تبادر في اي وقت من الاوقات الى تصعيد الاجواء او توتيرها، ونحن في كل المواقف كنا دائماً في موضع الرد على الاتهامات او التهجمات التي تطال الرئيس الشهيد رفيق الحريري او رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري او الرئيس فؤاد السنيورة". اضاف: "الفريق الآخر تمادى كثيراً باتجاه الرئيس سعد الحريري والرئيس السنيورة ما استدعى ردوداً محددة. فالرئيس السنيورة طلب من الفريق الآخر ابراز المحاضر والوثائق فلم يفعل. وضعنا النقاط على الحروف لكن لغة التخوين استمرت بالطريقة عينها الى ان وصلت امس، الى هدر دم الرئيس السنيورة من خلال اتهامه بالتسبب بسقوط شهداء حرب 2006". حوري لاحظ ان "الفريق الآخر يستسهل لغة التخوين والشتائم والتعرض لكرامات الناس، وعندما يتم الرد عليه يتكلم بالويل والثبور وعظائم الامور وكأننا نشنج الاوضاع". واعتبر ان "الفريق الآخر يريد الغاء المحكمة وإنجاز هذا الالغاء من خلال حجج مختلفة وآخرها موضوع ما يسمى بشهود الزور"، مذكراً بأن "المحكمة اصبحت في طريقها الصحيح، والاعلاميون الذين ذهبوا الى لاهاي على مجموعتين اقتنعوا تماماً بأن ما يحصل في لاهاي لا علاقة له ببعض التلهي الذي يحصل في لبنان". وتطرق الى الاتصالات السعودية ـ السورية، فرأى انها "استمرار لشبكة الامان العربية التي ظهرت بشكل واضح في القمة الثلاثية في بعبدا". وأوضح ان "شبكة الامان هذه لا تعني ان الخلافات بين اللبنانيين انتهت وأن وجهات النظر اصبحت متطابقة". ورأى ان جلسات الحكومة لا يجب ان تبقى معلقة، "فهناك مصالح الناس وهمومهم"، وتوقع ان "تعود الامور الى مسارها الطبيعي بعد عيد الاضحى".

وكان سابقاً رد النائب عمّار الحوري على الحملة التي يتعرض لها الرئيس فؤاد السنيورة وآخرها من النائب نواف الموسوي والامين العام القطري في حزب البعث فايز شكر بالتصريح التالي: قصف عشوائي كلامي في كل اتجاه ، مع تركيز هذا القصف باتجاه رئيس حكومة المقاومة الدبلوماسية والسياسية فؤاد السنيورة, إن من محن هذا الزمن الرديء أن يصبح فيه المقتول قاتلا ، والوطني خائنا، والعروبي عميلا، والصابر المصابر متهما, لماذا يحاولون تزوير التاريخ الذي ما زال ماثلا امام اللبنانيين؟ سألناهم اين محاضركم التي تزعمون فهربوا من الجواب. سألناهم اين دليلكم الذي تفترون به فهربوا من الجواب. إن اسلوب هدر الدم وهدر الكرامات الذي لا زالوا يمارسونه يتحملون مسؤوليته بالكامل. إننا نحملهم مسؤولية أي ضرر يقع للرئيس فؤاد السنيورة. إنهم يحاولون تزوير التاريخ أملا في تشويه وتزوير المستقبل. وبعد،" لقد جئناكم بالحق ولكن اكثركم للحق كارهون" صدق الله العظيم.

 

كيف يوزع نحاس أموال هيئة المالكين؟  

كتبت صحيفة "المستقبل" في عددها الصادر الإثنين 15 تشرين الثاني 2010: تبرز في وزارة الاتصالات تساؤلات عدة عن امتيازات هيئة المالكين، ممن هي مؤلفة وكيف تعمل؟

يقول خبير في قطاع الاتصالات لـ"المستقبل" ان في وزارة الاتصالات هنالك أشخاص يتمتعون بامتيازات كبيرة وسلطة مطلقة على قطاع الخلوي من دون أن يكونوا خاضعين لرقابة مجلس الخدمة المدنية، والتفتيش المركزي وديوان المحاسبة. من هم هؤلاء؟ وهل يتقاضون رواتب خيالية مقارنة مع زملائهم في ملاكات الإدارة العامة، من دون ان يوقعوا عقود عمل، ومن دون خضوع رواتبهم لضريبة الدخل؟! انهم المستشارون في هيئة المالكين في وزارة الاتصالات. أضاف الخبير: إن الأموال المخصصة لهيئة المالكين هي بقيمة 720 ألف دولار أميركي سنوياً يتم اقتطاعها من إيرادات شركتي الخلوي قبل تحويلها الى الخزينة عملاً بعقدي الإدارة مع الشركتين الموافق عليهما من قبل مجلس الوزراء. المهام الأساسية للهيئة هي الإشراف والمراقبة على حسن تنفيذ العقدين من النواحي الإدارية والفنية والمالية.

ويقول الوزير شربل نحاس في بيان أصدره أخيراً انه "عندما تسلم مهامه في وزارة الاتصالات، عمل على تقوية هيئة المالكين وتمكينها من القيام بمهامها في الإشراف لمصلحة الدولة"، إلا أن الحقيقة ليست كذلك إطلاقاً، فهيئة المالكين في عهد الوزيرين نحاس وجبران باسيل أضحت المكان المناسب لحشو الأزلام والأتباع والمحاسيب، في واحدة من أهم الإدارات العامة وأكثرها حساسية، خصوصاً لجهة حجم الإيرادات الناتجة عن قطاع الخلوي والهامش الواسع "لإدارة" هذه الأموال قبل تحويلها الى وزارة الاتصالات.

هذا الواقع يطرح تساؤلات مشروعة، الاجابة عليها مطلوبة وبشفافية من قبل الوزير نحاس لتوضيح الصورة للرأي العام والجهات الرسمية المختصة:

1- كيفية صرف أموال هيئة المالكين، وتقديم لائحة بالجهات والأشخاص الذين استفادوا من هذه الأموال، ولقاء أي خدمات ومهام؟

2- بموجب أي عقود، في حال وجودها، تم صرف هذه الأموال، مع إبراز نسخ عن هذه العقود؟ وكيفية توقيع هذه العقود وإبرامها، ومن هي الجهات الرقابية التي عرضت عليها هذه العقود؟ وهل وافقت عليها أم لا؟

3- ما هي الآلية لصرف هذه الأموال؟ وفي أي حسابات مصرفية تدخل؟ ولأية أجهزة رقابية تخضع؟

4- هل تخضع رواتب المستشارين الأعضاء في هيئة المالكين لضريبة الدخل؟ وكيف يتم تسديد هذه الضريبة؟

5- هل تخضع رواتب المستشارين الأعضاء في هيئة المالكين لقانون سلسلة الرتب والرواتب؟ وهل يتقاضى بعضهم رواتب تفوق أعلى الرواتب الملحوظة في هذه السلسلة؟

6- هل زيادة عدد المستشارين المستفيدين من هذه الأموال أخيراً هو إجراء ملتوٍ لعمليات توظيف داخل القطاع العام، بحجة دعم الإدارة اللبنانية في إنجاز مهماتها؟

7- هل تحصل هيئة المالكين على أموال اضافة الى مبلغ الـ720 ألف دولار أميركي؟ ومن أي جهة؟ ووفقاً لأي نصوص قانونية؟

8- هل تخضع أعمال المستشارين الأعضاء في هيئة المالكين لرقابة مجلس الخدمة المدنية، أو لرقابة هيئات الرقابة كالتفتيش المركزي وديوان المحاسبة؟

9- هل شكل هؤلاء المستشارون الأعضاء في هيئة المالكين إدارة رديفة للإدارة العامة الأصيلة، موضوعة بتصرف وزير الاتصالات وتحت سلطته الاستنسابية؟

10- هل يخضع هؤلاء المستشارون والممولة رواتبهم من المال العام، الى رقابة الإدارة اللبنانية، والى المبادئ التي ترعى التسلسل الإداري، ولا سيما المنصوص عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 111/1959 والمرسوم الاشتراعي رقم 112/1959؟

أسئلة محقة نضعها برسم الوزير شربل نحاس، فهل من مجيب في دولة الإصلاح والتغيير؟

 

صراع داخل حزب الله يحسمه نصرالله لصالح صفي الدين...تعيينات جديدة لمعركة قادمة  

موقع 14 آذار/طارق نجم

على غرار لاعب الشطرنج الماهر، تتميز نشاطات حزب الله بمنحاها الإستراتيجي، فتأتي تحركاته ومناقلاته وخياراته ضمن الخطة العامة والهدف الأبعد الذي يسعى إليه، من دون وجود للإعتباطية والعشوائية، خصوصاً في البنية التنظيمية شديدة الصرامة التي تطغى على الحزب. ومنذ فترة سنوات، وبالتحديد بعد اغتيال القائد العسكري العام لحزب الله عماد مغنية والذي كان يمسك بجميع خيوط اللعبة في الحزب ويحسم الصراعات بين أجنحته، فتصاعد هذا الصراع الخفي في كواليس حزب الله الى العلن، بعد ان اذكت ناره الخيارات المتعلقة بالسياسة الداخلية للبنان. وفي ظلّ وجود أجنحة تتشعب ولاءاتها، تنقسم على مستوى القيادة أو ما يسمى "مجلس شورى القرار" الى معسكرين: الأول يتزعمه نصرالله ويسانده فيه هاشم صفي الدين وهو من الداعين للتمسك بخط المقاومة الأساسي مع محاولة مقاربة السياسة الداخلية بأسلوب أكثر سلاسة عدم عدم توسيخ اسم الحزب في حرب أهلية أخرى، والقيام بسيطرة سياسية تدريجية على لبنان لاحقة من عناوينها تعديل اتفاق الطائف وتطبيق الغاء الطائفية السياسية. أما المعسكر الثاني فيندرج ضمن أسماءه المعروفة نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، والمسؤول الشرعي الشيخ محمد يزبك والمسؤول الأمني وفيق صفا، وغيرهم من القادة الأمنيين، وهم من أصحاب المواقف الأشد تطرفاً والتي تدعو الى الحسم العسكري على المستوى الداخلي. ومنذ اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، يمارس المعسكر الثاني ضغطاً مباشراً وغير مباشر على الطرف الآخر بغية دخول الحزب في عملية عسكرية من خلال القيام بعدة تحركات استفزازية على الأرض لتوريط الحزب في مواجهة داخلية لبنانية.

هذا الاسبوع رشحت الأخبار التي تقول أنه جرى تعيين السيد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، كخليفة للسيد حسن نصرالله في حالة إصابته بمكروه أو إقصائه عن منصبه. وفي الوقت عينه، تمّ إعفاء الشيخ نبيل قاووق مسؤول حزب الله في الجنوب من مسؤولياته بعد 18 سنة على توليه هذه المسؤوليات، وتعيين السيد أحمد صفي الدين مسؤولاً للجنوب. هذه المناقلات الحزبية هي أشارة أن الحزب هو في طور التحضير للمرحلة القادمة والتي قد حمل في طياتها حرباً مصيرية حاسمة مع اسرائيل بالإضافة الى المواجهة الداخلية المفتوحة المرتبطة بملف المحكمة الدولية، والتي اعلنها الأمين العام صراحة منذ تموز الماضي. ومن المتوقع أن يكون صفي الدين هو الواجهة القادمة لحزب الله ولأسباب عدة وخيارات استراتيجية.

صفي الدين، القادم من قلب "العسكر" ومن وسط إيران ومن تجربة اعادة الإعمار، هو قريب نصرالله و خليفته

في عام 2009، وبعد اقراره لوثيقته الأساسية التي لم تأت بجديد على المستوى السياسي، أنهى حزب الله مؤتمره العام الذي استمر لعدة أشهر وبشرية تامة، بانتخاب أعضاء مجلس الشورى وتعييّن مسؤولياتهم للولاية الجديدة. فأعيد انتخاب السيد هاشم صفي الدين كرئيس للمجلس التنفيذي، وبالطبع نصرالله اميناً عاماً للمرة السادسة على التوالي، حيث دخل السيد حسن سنته الـ17 على رأس الهرم الحزبي.

هاشم صفي الدين يعتبر من قيادات حزب الله الشابة نسبياً ذات الشعبية الواسعة والتي أوكلت له في الظاهر مهام ذات طابع اجتماعي اقتصادي أبرزها الإشراف على خطة إعادة إعمار الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت وكذلك لعدة قرى جنوبية عقب حرب تموز. وقبل عام 2006، كان السيد صفي الدين يشاهد وهو يقود شخصياً سيارته في وسط المربع الأمني لحزب الله من دون مرافقة على غرار القائد العسكري السابق للحزب عماد مغنية. كما أن ما يتميز به صفي الدين هو عدم خوضه علناً في النقاشات السياسية المحلية والمناكفات بين الساسة اللبنانيين نسبياً مقارنة بغيره من مسؤولي حزب الله، حيث تدور أغلب خطاباته حول التصدي لإسرائيل والتمسك بطرح الإستراتيجية الدفاعية. كما أنه قدّم أسلوب إعادة الاعمار بعد تموز بإعتباره نموذجاً يحتذى خصوصاً فيما خص الإستفادة من المساعدات الخارجية فلم يغفل المساعدة السعودية الى جانب المساعدة الإيرانية، وذلك خلال جولة قام بها في مدينة بنت جبيل مع غسان بن جدو في برنامج حوار مفتوح على قناة الجزيرة في آب 2009. بناء على كل ما تقدم، ليس من المستبعد بأن يكون السيد هاشم هو من سيخلف السيد حسن في منصب الأمانة العامة فهو أصلاً الرجل الثاني في الحزب من خلال ادارته لمؤسسات الحزب وبالتالي ادارته لامواله ولاستثماراته في الداخل والخارج وهي استثمارات تفوق المليارات من الدولارات، وتحتاج الى عقل قادر على تجاوز القيود المفروضة على حزب الله، في مواجهة الحرب الأمريكية على الارهاب وبالتحديد تلك التي جاءت تحت عنوان تجفيف منابع الإرهاب المالية. وقد استطاع السيد هاشم أن يواجه بنجاح وتكتم ، ومن خلال هذا المنصب، أزمة افلاس رجل الأعمال صلاح عزالدين والتي تحمل فيها حزب الله مسؤولية غير معلنة تجاه المواطنين اللذين وظفوا اموالهم وخسروها.

ولكن هناك أمرين إضافيين غير معلومين عن السيد هاشم صفي الدين يؤهلانه لهذا المنصب: الأول جانب قرابته العائلية من السيد حسن نصرالله (فوالدة نصرالله هي ابنة عم السيد هاشم وليست خالته كما أشيع في الإعلام خصوصاً في الصحف اللبنانية وموقع ديبكا الإسرائيلي) فإنّ السيد هاشم هو عديل للسيد حسن، وهذه الرابطة العائلية تجعله موضع ثقة شديدة من جانب نصرالله. أما الأمر الثاني فهي حقيقة أنّ السيد هاشم يعتبرمن القيادات العسكرية المؤثرة في حزب الله الى جانب مسؤولياته السياسية. وفي هذا الاطار تكيل أوساط حزب الله (ولا سيما المقاتلين من أفراد الحزب) المديح وآيات الإعجاب بشخصية السيد صفي الدين العسكرية الطابع والتي تصفها بالمجاهدة، مقارنة بشخصية الشيخ نعيم قاسم، والتي يصفها ابناء الحزب أنها خطابية ومنبرية وقادرة على الدفاع عن موقف الحزب ولكنها بعيدة عن "العسكر" بالرغم من توجهاتها المتطرفة خصوصاً على المستوى الداخلي. ومن المعلومات التي تسربت عن صفي الدين، فإن السيد هاشم تربطه علاقة وثيقة بالجمهورية الإسلامية الإيرانية، بعد أن قضى سنوات تحصيله العلمي الديني في حوزة «قم» الشهيرة.

صراع داخلي، يحسم لصالح حلقة نصرالله الضيقة، ونتيجته إبعاد قاووق وتعيين أحمد صفي الدين مسؤولاً عن الجنوب

هي ليست المرة الأولى التي يجري فيها الكلام عن تعيين السيد صفي الدين خلفاً لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله. ففي عام 2008، نشرت صحيفة خورشيد الإيرانية (وهي صحيفة أطلقت بدعم من الحكومة الإيرانية وبالتحديد وزارة الشؤون الإجتماعية ومعناها الشمس) بتاريخ 13 تشرين الأول من العام 2008، خبراً مفاده أن صفي الدين عيّن في منصب خلافة نصرالله في ظل تصاعد التهديدات الموجهة لنصرالله من الجانب الإسرائيلي، وتذكيراً بما حصل عام 1992 لدى اغتيال امين حزب الله السابق السيد عباس الموسوي من خلال غارة لمروحيات اسرائيلية على موكبه في الجنوب.

وقد يرى البعض أن المناقلات الأخيرة داخل التنظيم لم تأت الا ضمن فريق واحد وهو ماعرف بثلاثي عماد مغنية الذي جرى دفعه الى الواجهة بعد اغتيال الموسوي وهم: حسن نصرالله (اميناً عاماً)، هاشم صفي الدين (مسوؤلأً تنفيذياً) ونبيل قاووق(مسؤولية الجنوب)، وهم من تولوا مسؤولية ادارة الحزب منذ ذلك الحين. ومع هذا فإن ابعاد الشيخ نبيل قاووق عن الجنوب يؤكد أنّ الصراع داخل الحلقة الضيقة القريبة من نصرالله وصل الى أشده، بعد أن تمكن الشيخ قاووق طوال السنوات الـ18 الماضية أن يمسك تماماً بالساحة الجنوبية، المجال الحيوي الأساسي للحزب، ويشكل مركز قوة بحدّ ذاته. وانطلاقاً من رغبة نصرالله وخليفته المحتمل (أي هاشم صفي الدين) بإضعاف كل مراكز القوى التي قد تناوئه في قراراته، وبالتحديد في الجنوب، يأتي ابعاد قاووق عن منطقته كجزء من هذه الرغبة، خصوصاً ان هذا الإبعاد إقترن بتعيين السيد أحمد صفي الدين (وهو ليس شقيق السيد هاشم كما سبق أن اشيع) مسؤولاً جديداً للجنوب، بعد ان كان يتولى منطقة بيروت (وليس مكتب الحزب في طهران، كما أشارت جريدة الديار، بل من كان يتولى هذا المنصب هو السيد عبدالله صفي الدين).

موقع ديبكا فايلز المقرب من المخابرات الإسرائيلية أشار في معرض كشفه عن واقعة تعيين صفي الدين كخليفة لنصرالله، أنّ السيد هاشم هو أكثر مسؤولي الحزب ولاءً لإيران وهو على استعداد لتقديم طاعة عمياء لطهران، بالإضافة الى أنّ نصرالله كان يستعمله كبديل له خلال الإجتماعات نظراً للشبه الكبير بين الإثنين. وتعليقاً على هذا نقول أن موضوع الشبه بين الإثنين ليس أمراً ذا وزن بل قد يثير السخرية في بعض الإحيان إلا ان تمّت قراءته كخليفة بإعتباره "سيد" و"نسيب" نصرالله بل ظلّه والأقدر على المحافظة على شعبية مماثلة للسيد. (فهو نسخة أكثر شباباً من نصرالله الذي يكبر صفي الدين بأربع سنوات). ولكن يبقى الأمر الأهم ذاك المتعلق بالولاء لإيران، وهو بالتأكيد من العوامل الحاسمة في اختيار صفي الدين، خصوصاً في ظلّ عدم رضا إيران عن ادارة حزب الله لحرب تموز، حيث وجه المسؤولون الإيرانيون وبالتحديد قاسم سليماني (قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني) انتقادات لعماد مغنية حول مسألة حمايته وتوجيهه الصواريخ.

 

أربعة أعوام على اغتيال بيار الجميل ورفاقه: كيف لا يكون المسيحيون معنيين بالمحكمة؟ 

النهار/بيار عطالله

يقول محازبو "الكتائب" إن أكثر ما يؤلم اصدقاء الوزير والنائب الشهيد بيار الجميل ومناصريه ومحازبيه هذه الأيام، تلك النظرية التي يروج لها مسيحيو "8 آذار" لدى الرأي العام وعبر وسائل الاعلام وفي الصالونات، أن المسيحيين غير معنيين بموضوع المحكمة الدولية وكل ما يتصل بها من قريب أو بعيد، وأن عليهم النأي بأنفسهم عن هذا الخلاف لأنها مسألة تتصل بالخلاف السنّي – الشيعي في المنطقة، وتالياً فإن أحد تجليات هذا الخلاف هو موضوع التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ويضيف المحازبون: "المؤلم في مقاربة مسيحيي 8 آذار أنها تتناسى أو تعمل على طمس حقيقة دامية هي أن ثمة قافلة من الشهداء المسيحيين الذين سقطوا منذ 14 شباط 2005 ومنهم من استشهد جنباً الى جنب مع رفيق الحريري وفي مقدمهم الوزير باسل فليحان الى المواطنين الابرياء وآخرين سقطوا تباعاً في عمليات الاغتيال التي استهدفتهم، وكان منهم جبران تويني وبيار الجميل وانطوان غانم، ورغم أن سمير قصير وجورج حاوي كانا يساريين وعلمانيين، فان ذلك لا يسقط انتماءهما الديني والمجتمعي الى الجماعة المسيحية وتالياً لا يمكن التنكر لشهادة ميلادهما وهويتهما المناطقية والطائفية".

وما يذهل المحازبين ومحبي بيار الجميل ان محاولات الفصل بين المسيحيين وقضية المحكمة لا تراعي اي اعتبار وطني او قيمي، بدليل أن مسيحيي "8 آذار" ينادون بمقاطعة المحكمة من دون ان يقدموا أي دليل أو حجة أخرى تؤمن الحد الأدنى من العدالة والانصاف للشهداء الذين سقطوا منذ 14 شباط 2005، بل انهم لا يقدمون اي مخرج لآلية التعامل مع جرائم اغتيال تويني والجميل في معالجة ملف شهود الزور، ويتناسون تماماً ان شهود الزور كان لهم دور ما في الاغتيالات، إلا أن ذلك لا يعني انهم هم من نفذوا الاغتيالات اللاحقة والتي طالت تويني والجميل وغيرهما.

يعوّل رفاق بيار الجميل على المحكمة الدولية كثيراً للتوصل الى نتيجة ما، انطلاقاً من الفكرة التي تروّج ان ثمّة قاسماً مشتركاً او ترابطاً بين اغتيال رفيق الحريري وعدد من الجرائم التي تلت، من دون أن تتوضح ماهية هذه العلاقة. فلا المحكمة الدولية سربت شيئاً ولا محققوها أفصحوا عن ماهية التحقيق، وكل ما في الأمر لا يتعدى التكهنات والتنظير والاصطياد في الماء العكر والترويج لنظريات تخدم أهدافاً سياسية معينة. فقد قيل مرّة أن أحد الموقوفين في ملف مجموعة "فتح الاسلام" نقل كلاماً يستشف منه معرفة القتلة، وقدم صورة رشيش من عيار 9 ميلليمترات على انه اداة الجريمة، ولاحقاً جرى الترويج لصورة سيارة يابانية قيل ان الجناة استخدموها لتنفيذ العملية وانها وجدت في شمال سوريا، بما يوحي الاعداد لرواية تقول ان الجناة نفّذوا عمليتهم وانتقلوا الى هناك ومنها الى تركيا او ربما الى العراق او حتى افغانستان. لكن شيئاً من ذلك لم يثبت او لم يعوّل عليه، وكان اكثر من تصريح للكتائب والرئيس امين الجميل في هذا الموضوع بأن هذه الروايات غير دقيقة ولم تكشف عن هوية الجناة.

هذه التساؤلات المبهمة وذلك الملف الفارغ في قضية اغتيال بيار الجميل، هو ما يثير حفيظة رفاقه ومحازبيه ويزيد اصرارهم على التمسك بالمحكمة واهدافها على ما يقولون، وخصوصاً ان الكلام عن الملف الفارغ وعدم توصل التحقيق الى اي نتيجة يبدو امراً مرهقاً للاعصاب ويستفز كل عاقل او باحث في الموضوع، وخصوصاً في جرائم الاغتيالات الاخرى.

ويقول رفاق الجميل انه اغتيل في وضح النهار وامام اعين الناس و"على عينك يا تاجر" في جريمة لا سابق لها، ولكن رغم ذلك لم يتبين حتى الساعة اي خيط اسود او ابيض في تلك الجريمة، والجميع يذكرون تلك الخيمة الكبيرة التي اقامها الخبراء الدوليون في مكان الجريمة وقيل انهم قاموا بتحليل كل ما وقعت عليه ايديهم، لكن النتيجة لا تزال صفراً مدوياً، والملف لا يزال قابعا بين ايدي المحققين وربما كان ليدخل دائرة النسيان والذكريات المرة لولا التذكير المتواصل لحزبه وعائلته ورفاقه بالموضوع ومحاولتهم ملاحقة الامور سعياً وراء الحقيقة، التي يعتبر مسيحيو "8 آذار" انهم غير معنيين بها، وان "الحق كل الحق على شهود الزور الذين تسببوا بتعكير العلاقات اللبنانية – اللبنانية واللبنانية – السورية" على ما يقول رفاق بيار الجميل، الذين يسألون عن امر واحد: "اذا لم نكن معنيين بالمحكمة الدولية وكل تلك الآلية الضخمة من الاجراءات والتحقيقات والابحاث التي قامت بها بهدف التوصل الى المعلومات في جرائم الاغتيال، فأي محكمة ستوفر ذلك؟ ومن يحصّل حق بيار الجميل وجبران تويني وانطوان غانم وسمير قصير وباسل فليحان؟ وكيف تتحقق العدالة؟".

 

 تابع هجومه على السنيورة وضاعف اتهاماته

"حزب الله": سنرد على الطعن بما هو أكثر إيلاماً

المستقبل - الاثنين 15 تشرين الثاني 2010 - تمنى "حزب الله"، على "الرئيس فؤاد السنيورة الذي يطالب بالقرائن الى البدء في محاضر جلسات مجلس الوزراء أثناء حرب تموز، حيث تثبت هذه المحاضر أن للرئيس السنيورة محاولات مستميته تهدف الى استمرار العدوان العسكري الإسرائيلي، وتقديم تنازلات"، موضحا أننا "نحن فتحنا الطريق أمام مساع تفضي الى الاستقرار والتفاهم، ونحن قادرون على رد الطعن بما هو أكثر إيلاما". [ رأى رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد خلال مشاركته في مناسبتين منفصلتين أقامهما الحزب في معلم مليتا السياحي وفي بلدة عدشيت أمس، أن "الذين يبحثون عن السيادة والاستقلال في أروقة الديبلوماسية الغربية يرهنون لبنان لإرادة تلك الدول، والى القوى الطامعة في خيراتنا، وفي التحكم بمصيرنا، وأن الذي يراهن على إرادة المقاومين هو الذي يستطيع أن يفرض المعادلة لمصلحة شعبه في لبنان وفي المنطقة".

واعتبر أن "المقاومة في لبنان هي التي أسقطت مشروع الشرق الأوسط الجديد، ودفنته في حرب تموز 2006، وهي التي دافعت عن كل عواصم العرب والمسلمين".

ولفت الى أن "ذنبنا هو أننا واجهنا الاحتلال وقاومناه وهزمناه، وأن على الآخرين أن يرفعوا على صدورنا أوسمة الشرف والعز والوطنية والسيادة والكرامة والاستقلال، وأن بيروت ما شهدت تنمية إلا بفعل صمودنا ودفاعنا عن كل الوطن وترابه".

وقال: "نحن فتحنا الطريق أمام مساع تفضي الى الاستقرار والتفاهم، وأن لكل نتيجة خياراً عندنا، وأننا سنتعامل مع النتائج بقدرها، لذا لا يتوهمن أحد أنه يستطيع أن يستوطي حائطنا"، محذرا من "الغدر بمسيرتنا، أو الطعن في ظهورنا، لأننا قادرون على رد الطعنة بما هو أكثر إيلاما".

[ رأى عضو الكتلة علي فياض في حديث الى صحيفة "الراي" الكويتية، أن "شبكة الأمان الداخلية تستلزم مواجهة المؤامرة التي تتعرض لها المقاومة، وتريد إحداث الفتنة في لبنان"، معتبرا أن "القرار الاتهامي هو أداة لمؤامرة دولية تستهدف المقاومة، لتحول صورتها الى صورة الإرهاب، وهذا الاستهداف يستدعي من المقاومة أن تدافع عن نفسها".

ونفى "وجود أي فيتو على اللقاء بين الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله ورئيس الحكومة سعد الحريري"، كاشفا عن "أفكار يتم تداولها في إطار المسعى السوري ـ السعودي، من شأنها أن تحصن الوضع اللبناني، وتفتح المجال أمام مسار سياسي لبناني يحمي المقاومة، ويحمي الوحدة الداخلية في آن".

[ أشار عضو الكتلة النائب نواف الموسوي في حفل تأبيني أقيم في دير أنطار، الى أن "هناك من يصدق أن الرئيس فؤاد السنيورة كان يدافع عن المقاومة، وهو الذي حاول في القمة العربية التي عقدت في السودان شطب عبارة المقاومة من البيان الختامي للقمة، كما حاول شطب عبارة المقاومة من بيان لجنة صياغة البيان الوزاري للحكومة، وحاول التلاعب بتعويضات حرب تموز". أضاف: "هل نسي العالم مؤتمر البريستول الذي طالب بنزع سلاح المقاومة؟ وكيف يمكن لمن فعل هذا أن يدعي الدفاع عن المقاومة؟ ولماذا أصر الرئيس السنيورة بعد صدور القرار1701 على أن يكلف الجيش اللبناني بسحب كل السلاح في منطقة جنوب الليطاني؟"، معتبرا أن "النية كانت في حينه هي نزع سلاح "حزب الله"، ووضع الجيش في مواجهة المقاومة، من أجل أخذ البلاد الى حرب أهلية".

ودعا "الرئيس السنيورة الذي يطالب بالقرائن الى البدء في محاضر جلسات مجلس الوزراء أثناء حرب تموز الموجودة في حوزته، التي يكفي لقارئها أن يدرك أن ما كان يجري في تلك الجلسات هو محاولات مستميته من السنيورة لاستمرار العدوان العسكري الإسرائيلي، وتقديم تنازلات".

[ رأى عضو الكتلة النائب نوار الساحلي في حفل تأبيني أقيم في بلدة رأس بعلبك، أنه "علينا واجب حماية المقاومة من خلال وحدتنا، خصوصا وأن العدو الإسرائيلي يسعى الى الدخول الى لبنان، من خلال القرار الاتهامي، ما يدعونا الى التفاهم في ما بيننا من أجل أن لا تدخل الفتنة إلينا".

[ أكد نائب رئيس المجلس التنفيذي في الحزب الشيخ نبيل قاووق في حفل تأبيني في ذكرى أسبوع في بلدة مجدل سلم: "إن من حق عوائل شهداء تموز ان يتقدموا بالشكاوى في المحاكم الدولية على دور اسرائيل في مجازر قانا وغيرها وان يسألوا الحكومة اللبنانية عن موقفها تجاه حكومة خارجية شاركت في الحرب في دمار لبنان واللبنانيين".

ورأى ان "أعداء المقاومة اليوم في مأزق وحالة ارباك وضياع لأنهم يرون الآن ان اهداف القرار الظني قد سقطت قبل ان يصدر وأن المقاومة محصنة سياسيا وعسكربا وشعبيا اكثر من اي وقت". واعتبر أن "الخروج من الانقسام الداخلي له معبر وحيد وله طريق ضرورية تبدأ بمحاكمة شهود الزور الذين يحظون بأعظم حماية دولية من مجلس الامن الى كل الدوائر الاقليمية والمحلية"، مشددا على "ان من يريد الحقيقة لا يمكن ان يحمي شهود الزور لأنه بذلك يكون مزيفا للحقائق ومضللا ويجر البلد الى الفتنة".

ورأى أن "الذين يقفون وراء استهداف المقاومة اليوم هم انفسهم الذين كانوا منذ عام 1982 وان الدول التي وقفت وراء القرار 1559 هي نفسها التي وقفت مع اسرائيل في العدوان عام 2006، وهي نفسها تقف اليوم وراء القرار الظني لاستهداف المقاومة لأنها العقبة الصلبة امام العدوان الاسرائيلي ولانها افشلت المشاريع الاميركية في المنطقة".

وختم بالقول: "ان الدول الداعمة لاسرائيل تريد استخدام القرار الظني لاستكمال اهداف عدوان تموز 2006 وأنه لو كانت اسرائيل مطمئنة الى قدرتها في شن حرب على المقاومة لما راهنت على القرار الظني".

 

صفير : لتحقيق العدالة حتى ولو ولّد القرار الظني تداعيات

المعارضة تسأل : لماذا استهداف نصرالله رغم إشادته بـ «س.س»

الديار/البلاد دخلت استراحة عيد الاضحى مع استمرار المواقف المتباعدة لملء الوقت فقط بانتظار الجهود السورية - السعودية التي ستعاود زخمها بعد الاضحى مباشرة، عبر استقبال الرئيس بشار الاسد لعدد من شخصيات المعارضة والملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز للرئيس الحريري رغم وعكته الصحية لتأمين شبكة امان للبنان.

فالرهان يبقى على المسعى السوري - السعودي وخصوصا ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم اشار الى ان هذا الجهد يهدف الى حل الانقسامات اللبنانية ومن يريد تخريبه لن يفلح، غامزاً من قناة قوى داخلية ودول عربية. وفي ظل المجهود الداخلي والمتوقع استمراره حتى نهاية الشهر كان لافتا امس تصريح البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير الى اذاعة صوت لبنان، اذ لفت الى ان هناك فريقاً يريد التخلص من المحكمة الدولية، معتبراً انه اذا اردنا ان نضع حداً للاغتيالات فيجب ان تأخذ المحكمة مجراها وان تكون فاعلة وان ترفع ميزان العدل والحق بحيث ينال كل مجرم جزاءه، مؤكداً ضرورة ان تأخذ العدالة مجراها حتى ولو ولّد القرار الظني تداعيات.

ورداً على سؤال حول هل يتخوف من تكرار تجربة 7 ايار بعد التهديدات التي صدرت في لبنان، قال: طبعاً، فإذا صدرت احكام بوجه بعض الناس فهناك اناس لا يقبلونها ويرفضونها ولكن هذا لا يمنع العدالة من ان تكون عدالة. وشدد صفير رداً على سؤال عما يقال عن توجه لـ«حزب الله» الى الدخول للمناطق المسيحية والسيطرة عليها، على وجوب ان تكون السيطرة للدولة. وقال: اذا كانت كل فئة تريد ان تبسط سيطرتها على منطقة من لبنان او على لبنان كله فهذا خروج عن المألوف. وعن طرح المثالثة، اعتبر انه «لتبقى المناصفة يجب بقاء العدد متوازناً، اما اذا قيل بالمثالثة فربما بعد قليل يقال بالمرابعة وربما يختفي عدد المسيحيين، داعيا اياهم لان يبقوا في بلدهم ليكون لهم حفاظ في المناصب والمراكز.

رعد

وبالمقابل امل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بأن تثمر المساعي ايجاباً لتجنيب لبنان محنة لا نعرف الى اين يصل مداها، مشيراً الى ان خيارات المعارضة ستكون حاسمة وواضحة وحازمة اذا ما اخطأ الاخرون التقدير، وحذر من «الغدر بمسيرة حزب الله او الطعن في ظهرنا وقادرون على رد الطعنة بما هو اوجع منها واكثر ايلاماً».

المعارضة

واستغربت مصادر في المعارضة تصعيد فريق الاكثرية ضد شخص الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وهذا يؤكد عدم جديتهم في الحلول والرهان على المحكمة الدولية والقرار الظني. وتساءلت قوى المعارضة: ما يضير قوى الاكثرية وما يزعجهم اذا اشار السيد نصرالله بخطابه عن كيسنجر، كما ان خطابه تضمن دعماً للمسعى السوري - السعودي. حتى ان المعارضة اشارت الى ان حديث الرئيس الحريري لاذاعة موسكو حمل عرقلة للمسعى السوري - السعودي، وما الهدف من الرسائل العالية السقف التي وجهها الحريري، علماً ان قيادات في المعارضة اكدت بأنها لن تسمح بالتطاول عن رمز المقاومة ورموز المعارضة.

حركة باريس

من جهة ثانية، دعت اوساط سياسية الى مراقبة الحركة الفرنسية عن كثب تجاه لبنان حيث توجه الى فرنسا وبطائرة واحدة رئيس التيار الوطني الحر ميشال عون ورئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط. وسألت الاوساط بأن الرئيس ساركوزي الذي سيلتقي العماد عون اليوم سيستقبل ايضا الرئيس امين الجميل وقائد القوات اللبنانية سمير جعجع والسؤال، هل ستشمل لقاءات ساركوزي قادة المعارضة، وهل هناك تنسيق فرنسي - سوري - سعودي لبلورة الحل في ظل قلق فرنسا على قوات الطوارئ الدولية في الجنوب في حال تدهورت الاوضاع في لبنان. واضافت الاوساط ان فرنسا تستعد لعقد سان كلو جديد في فرنسا ولكن هذا اللقاء لن يكون برئاسة كوشنير الذي يستعد لمغادرة وزارة الخارجية الفرنسية مع تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة.

رسائل سورية ايجابية للحريري

الى ذلك، اكدت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«الديار» بأن القيادة السورية عادت وبعثت بإشارات ايجابية تجاه رئيس الحكومة سعد الحريري عبر قنوات متعددة وتحديدا عبر جنبلاط وان هذه الاشارات اتت في سياق الحراك السوري - السعودي الرامي الى تحضير الارضية والمناخ الهادئ لبلورة الافكار التي تؤدي الى تسوية توافقية حول الازمة اللبنانية.

وتضيف هذه المصادر الواسعة الاطلاع بأن هناك مسعى سورياً - سعودياً حثيثاً لعودة الحرارة الى العلاقة بين الرئيس الحريري والقيادة السورية، كما ان معادلة الـ «سين - سين» تسعى الى اعادة فتح قنوات التواصل المباشرة والثابتة بين «بيت الوسط» و«حارة حريك».

وتشير هذه المصادر بأن معادلة الـ «سين - سين» ما زالت تعتبر وعلى الرغم من بعض الانفراجات بأن الوضع اللبناني لا يزال حساساً جدا ولا يحتمل المزيد من المراوحة، ويتطلب قرارات شجاعة وكبيرة لحماية لبنان من مخاطر الفتنة. وان الرئيس الحريري بات في مرحلة الاستعداد للقيام بما هو مطلوب لاحتواء التداعيات المحتملة للقرار الاتهامي. وتؤكد المصادر بأنه من الاشياء المطلوبة من الرئيس الحريري للوصول الى الحل المنشود هو التخلي عن علاقته السياسية بكل من قائد القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة خصوصا ان بعض قيادات الوسط في لبنان فضلا عن قيادات سورية عربية باتت على يقين بأن علاقة الحريري بهذين الرجلين كانت ولا تزال احد ابرز عوائق تثبيت وترسيخ وتطوير العلاقة بين الرئيس الحريري وسوريا وحزب الله، علما ان الرئيس الحريري زار دبي امس لحضور «الفورمولا» على ان يغادر بعدها الى موسكو على رأس وفد وزاري.

وافادت مصادر دبلوماسية رفيعة في موسكو ان القيادة الروسية ستؤكد خلال محادثاتها مع رئيس الحكومة اللبناني ان موسكو باقية على موقفها الداعم للمحكمة الدولية وعملها غير المسيّس، والداعي الى وجوب الحفاظ على هدوء واستقرار الساحة اللبنانية، مشددة في هذا المجال على «حرص الجانب الروسي على عدم انزلاق لبنان الى مشاكل هو بغنى عنها».

المصادر الدبلوماسية الرفيعة نقلت عن القادة الروس تشديدهم على اهمية زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري على رأس وفد وزاري ورسمي كبير الى موسكو حيث سيتم توقيع عدد من الاتفاقيات في مختلف المجالات من بينها اتفاقيات في مجال التعاون العدلي واخرى في المجال الثقافي، بالاضافة الى الشق الاقتصادي الذي سيكون حاضرا بقوة في خلال محادثات الجانبين وسيتوج بتوقيع اتفاقيات ثنائية وتوجيه دعوات الى المستثمرين الروس للتوجه الى لبنان ورفع حجم المشاركة في السوق اللبناني.

واذ اوضحت ان الرئيس الحريري سيسمع ويلمس في خلال لقاءاته مع مختلف المسؤولين الروس وفي مقدمهم الرئيس ديمتري ميدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين، رسالة دعم لحكومة الوحدة الوطنية برئاسته، اشارت المصادر الدبلوماسية الروسية الى انه سيكون تركيز كبير على مسألة التعاون العسكري بين البلدين، بحيث ستجدد القيادة الروسية للرئيس الحريري استعدادها لتفعيل التعاون العسكري مع لبنان، كما سيصار الى الخوض في سبل تنفيذ اتفاقيات التعاون العسكري الجوي، سيما لجهة تحديد مواعيد تدريب الطيارين اللبنانيين والطاقم التقني اللبناني بالاضافة الى تحديد مواعيد تسليم المعدات والتجهيزات ذات الصلة الى الجيش اللبناني.

 

بالإذن.. في الافتراء وأهله..

المستقبل - الاثنين 15 تشرين الثاني 2010 - علي نون

يعود "حزب الله" من جديد يا اخوان يا خلاّن، الى ممارسة هوايته المفضّلة: الطخّ على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وكل فريق الرابع عشر من آذار على خلفية حرب تموز 2006، في مراس مُحيّر لم تنفع في محاججته كل حقائق الدنيا والتاريخ الذي ما غاب في النسيان بعد. والواقع المألوف مع ذلك السياق الافترائي والكيدي، هو أنه يأتي في كل مرّة يجد فيها الممانعون أنفسهم في مواجهة أزمة سياسية كبيرة، هي في الأصل والأساس، وتبعاً لموجبات أحكام الضمير الحيّ والمنعش، حصاد ما زرعوه هم بالتكافل والتضامن والتعاضد!

مرّت في أيام الضنى التي سبقت ذلك السابع من أيار المشؤوم الى يوم القيامة، تنغيمات مماثلة لتلك التي تُعزف اليوم. وطارت في كل اتجاه مطوّلات التخوين والتبخيس والارتباطات بالخارج وما بعد الخارج.. وكان مطلقوها وأصحابها والرابطون أول وآخر خيط فيها، أكثر وأهم من يعرف مدى الافتراء فيها. ومدى التجني الذي تحمله ومع ذلك إستمروا ويستمرون في التنغيم الممل على وقع هذا الوتر برغم الغرابة الكامنة في ذلك الارتكاب من قِبل من يستند في قوله وحكمه وفعله وبيانه وخطابه وممارساته اليومية الى النصّ الديني، ويعرف تماماً معنى الحلال والحرام وقصة الثواب والعقاب في ذلك النصّ! يغيب ذلك المراس ويندثر، ثم يعود الى الواجهة تبعاً للحظة السياسية.. اتهامات موسمية. نتآلف في لحظة فننساها. ونتخاصم في لحظة ثانية فنتذكرها. وكأن "حزب الله" يقول ان "التآمر على المقاومة" أو "العمالة" في ذاتها، هما وُجهة نظرسياسية ليس إلا! وما يعزز ذلك الحكم، انه في مقابل سكوته التام (التام) عن ثبوت تهمة التجسس لحساب إسرائيل على أحد أبرز قياديي تيار حليفه الأول ميشال عون، والتطنيش عن كل ما سبق من دعوات عاجلات لتنفيذ أحكام الاعدام في حق العملاء والجواسيس، يعود لينبش ويطلق "ملفات" ملفقة من أساسها في حق قوى الرابع عشر من آذار!

اعترافات مسكوت عنها هناك. وافتراءات بالجملة ملعلعة هنا. مقارنة تحيل المبادئ العظمى الى مجرد أدوات في لعبة سياسية آنية ظرفية وكيدية. وذلك ما لا يمكن أن يركب أو يستقيم في مواضيعنا الكبيرة الراهنة: في الحرب والعمالة والحياة والموت والعدالة والعسف وإسرائيل.. والفتنة المذهبية بين المسلمين؟!

ولقائل ان يقول عن حق، ان ما "يساعد" على إطلاق تلك الافتراءات، هو تصرف المتلقين في الجانب الآخر بكثير من المسؤولية، وامتناعهم عن كشف ما يملكون من "وقائع" وليس تلفيقات. ومدوّنات كاملة وليس جملاً منتقاة نقلاً عن "زوار" مجهولين دائماً وأبداً، ولا شهود عليها ولا من يشهدون.. نعم وألف ألف نعم. يتصرف المظلوم والمُستهدف والمُتهم والمُجنى عليه بمسؤولية وطنية كبيرة، فيما المفتري في مكان آخر. علماً ان تلك المسؤولية يفترض أن تكون بداية ونهاية وديدن ونهج الحريص على مواجهة إسرائيل بما يضيرها ويجهض أمانيها.. وقبل ذلك يفترض ان تكون في مقدم هموم الساعي الى حفظ عروة الناس الوثقى، خصوصاً إذا كان هؤلاء الناس أهل بلد واحد وهوية قومية ودينية واحدة؟!

أسئلة كبيرة تخطر في البال وتبقى فيه. لا يقمعها إلا التوجّس الصافي من خطورة أيامنا والآتي منها. وخطورة انكشاف اللبنانيين من جديد أمام القريب والبعيد. وخطورة الوعود التدميرية الفالتة من دون رباط يربطها ويشدّها ويبقيها مكوّمة في الزوايا المعتمة. وخطورة افتراض البعض انه أقوى من غيره، وأبقى ممن سلف. وأنه فوق ذلك الافتراض المريض والمدمّر، يستطيع أن ينسف السدّ ويبقى هو في منأى عن الطوفان الذي يليه؟!أي معضلة كئيبة هذه؟

 

"نحاس يذكرّنا بما قيل للرئيس الشهيد قبيل اغتياله"

فتفت: 14 آذار لن تتنازل بعد اليوم

المستقبل - الاثنين 15 تشرين الثاني 2010 - أكد عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت، أن "لهجة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله التصعيدية والتوتر الصادر عن نواب الحزب ووزرائه وكل قوى 8 آذار يوحي بالإرباك لديهم، بعد أن أدركوا أنهم اتخذوا مسارا خاطئا في التعاطي مع المحكمة الدولية"، مشددا على أن "اتهام وزير الاتصالات شربل نحاس رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أثناء انعقاد جلسة الحكومة جلس الوزراء بالخضوع للضغوط الأميركية والإسرائيلية هو من أخطر ما قيل ويقال بحق الرئيس الحريري، وهو يذكر بالكلام الذي قيل للرئيس الشهيد رفيق الحريري قبيل اغتياله". وأوضح في حديث الى صحيفة "الأنباء" الكويتية أمس، أن "كلام نحاس وهو وزير في حكومة الحريري نفسه يجسد في أبعاده اغتيالا سياسيا للرئيس الحريري الحالي، وهو يشير في خلفياته الى عملية هروب الى الأمام من قبل من هم متهمون بالعمالة لإسرائيل"، لافتا الى أن "نصر الله لم يأت بأي جديد في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، وأن قوى 14 آذار لن تتنازل بعد اليوم أمام فريق 8 آذار بعدما اعتبر أن تنازلاتها هو دليل ضعف في المواقف". وقال: "أن المحكمة الدولية والعدالة هما أفضل وسيلة للحفاظ على النظام الديموقراطي في لبنان، وهما تشكلان خدمة كبيرة لمن يريد فعلا مقاومة الكيان الإسرائيلي، وليس لمن يستغل السلاح بهدف الحصول على مكاسب سياسية داخلية تحت عنوان محاربة إسرائيل".

وشدد على أن "الحل الوحيد لموضوع ما يسمى ملف شهود الزور وتجنيب البلاد الانزلاق إلى دائرة الانفجار يكمن في العودة الى المؤسسات الدستورية والقضائية، خصوصا وأن وزير العدل إبراهيم نجار قد حسم الموقف حيال ملف شهود الزور غير الموجود أساسا، وخلص الى أن الملف المذكور ليس من صلاحيات المجلس العدلي، وذلك استنادا الى تقرير قانوني مبني على نصوص قانونية غير قابلة للتشكيك، وأن الفريق الآخر لم يشأ الأخذ بتقرير نجار لكونه يفسد عليه مهمة تعطيل المحكمة الدولية، لا سيما وأن هذا الملف ملفق برمته، ولا يمكن الحديث عنه قبل صدور القرار الاتهامي". وأشار الى أن "الطعن بمصداقية المحكمة الدولية من قبل "حزب الله" وفريقه السياسي قضت عليه مواقف قاضي الإجراءات التمهيدية دانيال فرانسين، التي جاءت مرات عديدة لصالح اللواء المتقاعد جميل السيد، والتي كان آخرها رد استئناف المدعي العام الدولي دانيال بلمار لقرار المحكمة، واعتبارها صاحبة اختصاص في البت بطلب السيد من أجل حصوله على نسخة من المستندات التي أوقف بموجبها". وتخوف من أن "يكون الهدف من كلام نحاس ومواقف فريق 8 آذار حيال المحكمة الدولية هو خدمة لإسرائيل، لأن المراد منه فتنة داخلية، وهو بذلك يكون أبعد من عملية إفشال الرئيس سعد الحريري وإسقاط حكومته".

 

هُدَن قبل الحرب

عـــماد موسى/لبنان الآن

في حروب لبنان الأهلية والوطنية، والناشبة بين أولاد الخندق الواحد، وفي ما بين الخندقين المتقابلين وما بين الجيوش الميليشيوية والميليشيات المجيشة وفي الحروب اللبنانية-الفلسطينية المجيدة، والفلسطينية-الفلسطينية المظفّرة، والتي كانت تتم برعاية سورية أو بمشاركتها، وفي حروب إسرائيل واجتياحاتها وتلقينها الدروس، درساً موجعاً تلو الآخر، وبين جولات القصف والخطف والعنف كان التلاقح السياسي، لبنانياً وعربياً ودولياً، ينتج وقفاً للنار والقتل وهدنة تطول أو تقصر، بحسب الظروف واقتناع المتحاربين بضرورتها كحاجة لاستلقاط الأنفاس ورسم الخطط أو تمهيداً لسلام مرضِ لطرفيْ المواجهة. ولدينا في تاريخنا اللبناني المشترك هُدن بالمئات، إلى آلاف القرارات بوقف إطلاق النار  لو وقف منها قرار على قدميه لتغيرت حياتنا من جذورها. الهدنة إذا مرتبطة بنتائج حرب أو تسويات ميدانية وتحتاج كي تثبت إلى طرف ثالث يحمي ويسجّل الخروقات. وأهم إتفاق هدنة هو المعقود بين لبنان وإسرائيل في 23 آذار 1949 في رأس الناقورة ويوجب الإتفاق على الفريقين كليهما من الآن فصاعداً - أي من 61 عاماً - أن يحترما بكل امانة توصية مجلس الأمن بعدم اللجوء الى القوة العسكرية في تسوية القضية الفلسطينية احتراماً تاماً (...) ولا  يجوز لأي فئة من القوات البرية او البحرية أو الجوية، العسكرية أو شبه العسكرية، التابعة لأي من الفريقين، بما في ذلك القوات غير النظامية، ان ترتكب أي عمل حربي او عدائي ضد قوات الفريق الآخر العسكرية أو شبه العسكرية، او ضد المدنيين في الأراضي التي يسيطر عليها الفريق الآخر".

النص لا يزال معمولاً به ومحترماً جداً وعمره من عمر وليد جنبلاط. وليد "أزغر" من إتفاق الهدنة بحوالى خمسة أشهر (زعيم المختارة من مواليد 7 آب 1949).

هناك هدن معلنة، كاتفاق الـ 49 وهدن غير معلنة كتلك التي تقوم بين دولة إسرائيل ودولة "حماس"، أو بين دولة إسرائيل ودولة "حزب الله" في مسلسل الصراع الطويل.

واتفاق الدوحة بمعنى ما هو ليس أكثر من هدنة، إذ إن "حزب الله" قرأه ليس كما قرأته الأطراف الأخرى بحيث "حظر اللجوء إلى استخدام السلاح أو العنف أو الاحتكام إليه في ما قد يطرأ من خلافات" له في نظر الحزب إستثناءات، فاستشعار الحزب أن سلاحه مستهدف يجعله في حلّ من أي التزام واستعمال للسلاح، بشكل مباشر أو بالتهويل. والحزب في معنى ما شديد الإستشعار! بعد هدنة الدوحة التي تلت حرب 7 أيار، فرضت القمة الشكلية في بعبدا آخر تموز  هدنة في لبنان، سًميت بهدنة الـ "س . س"، شعار الرئيس نبيه بري الأثيري. وفي خلال شهر رمضان هدنة، وبعد رمضان هدنة تخللها قصف سياسي من مربض مرشد الجمهورية على الضاحية الشمالية  للاهاي، أصاب القرار الإتهامي إصابات مباشرة. 

ثم جاءت هدنة دخلة  المدارس. وهدنة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد. فمن غير اللائق أن نعزم الرجل ونتعارك أمامه. لازم نحب بعضنا. ثم حُكي عن هدنة الشهود الزور. ولدينا الآن هدنة الأضحى. فليعيّد الناس. "حزب الله" سيسمح بالعيد. "مرسي" حزب. وغداً سيأتي عيد الميلاد، والجنرال عون يضمن للمسيحيين عيداً ولا كل الأعياد كما وعدهم قبيل الميلاد العام 2006.. في تلك الحقبة جزم العماد بأن كل شيء سينتهي وتسقط حكومة السنيورة بفعل اعتصام "حزب الله" في وسط بيروت. فرَقت معه 16 شهراً على الأقل. هدن من كل الأنواع: قصيرة، طويلة، متوسطة، محلية، إقليمية، مشروطة... مقلّمة، هدن تختلف عن كل الهدن السابقة، فهي تسبق حرباً لا تليها، واستعداداً لتداعيات الحرب المعلنة على أغلبية اللبنانيين "عُقد في منزل نائب رئيس تيار التوحيد سليمان الصايغ لقاء ضمّ عددًا من المسؤولين الأمنيين في الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار التوحيد، وأفادت مصادر المجتمعين انه تمّ الاتفاق على غرفة عمليات مشتركة تتولى التنسيق في كل القضايا بما يضمن أمن الجبل" ... وهذه المرة أمن الجبل فوق كل اعتبار.

 

المشروع الفئوي يروج للهيمنة بحجة حماية سواه.. والمطلوب الاحتماء منه

"مثالثة" الخوف: إخافة السنّة والشيعة والمسيحيين من بعضهم البعض

وسام سعادة (المستقبل)

يسعى "حزب الله" إلى تمرير التالي بإتجاه الداخل اللبناني: إنّ فكرة المثالثة صارت موضع إجماع دوليّ وإغراء دوليّ ومبادرة دوليّة بإتجاه الحزب، وهو لا يزال متريّثاً أو متعفّفاً أو حتى ممسكاً عن قبولها، كونه لا يريدها وحدها، وإنّما مرفقة بتشريع السلاح وتكريس الإرتباط العضويّ مع نظام غيبيّ شموليّ، وبفضّ المحكمة الدوليّة الخاصّة بلبنان من أساسها.

هذا ما يمكن إستدلاله من تكرار الحديث عن المفاتحة الفرنسية في موضوع "المثالثة". ما يبتغي إيصاله الحزب أنّ "الأصيل" الكولونياليّ الفرنسيّ، والغربي إمتداداً، هو المؤيّد لأمر المثالثة، وأنّه على الأطراف الداخلية المخاصِمة أن تستغيث به كـ"مقاومة" كي لا يرضى البحث في هذا الموضوع.

وبالتالي، وإلى حين تصدر هذه الإستغاثة فإن الحزب لا يتبنّى المثالثة كطرح، لكنه يعلّق المناصفة، ويشكّك بالثنائية الإسلامية المسيحية كأساس للفكرة الكيانية الميثاقية، لصالح إستبدالها بفكرتي الحماية الإسلامية للمسيحيين، وتوليّ "حزب الله" لأمر المسلمين.

وهنا تبرز المشكلة الكبرى. إذا كانت شرعية وجود الكيان اللبنانيّ مستمدّة من الطابع المركزيّ للثنائية الإسلامية المسيحية في تركيبة مجتمعه وفي شكل نظامه السياسيّ، فإنّ شرعية هذا الوجود تصير مستمدّة من مركزية فكرة "المقاومة" عند "حزب الله"، وبالتالي لا تصير المقاومة متاحة بالشكل المتناغم مع الثنائية الإسلامية المسيحية، إنّما تصير الثنائية الإسلامية المسيحية مشروطة بالمقاومة، وسلاحها، وعملياً، بالفئة الأهلية التي تتولى هذا الباب.

وهكذا، وبدلاً من المسلمة الكيانية الميثاقية الإستقلالية التي مفادها أن البلد يبنى بسواعد مسلميه ومسيحييه المتآخين، ندخل في طرح آخر يجعل المسيحيين في ذمّة سلاح "حزب الله" في مقابل جعل شرعية هذا السلاح في حمايته لـ"المسيحيين". وللمراقب أن يسأل حينها ما قيمة التمسّك بالإيمان المسيحيّ، وبالوجدان المسيحيّ، وبالعيش المسيحي، إذا كان الأمر سيجيء على هذا الشكل؟ ان المشروع الفئوي يروّج لهيمنته على المسيحيين بحجّة حمايتهم، لكن واقع الأمر أنّ البيئات الأهلية الأخرى تعبّر كلّها وإن بتفاوت أو بإختلاف عن إشكالية واحدة: كيفية الإحتماء من هذا المشروع الفئوي.

ويا لها مفارقة أنّه في الوقت نفسه الذي سيطالب فيه المسيحيون بالإستجارة من الرمضاء بالنار، على قاعدة إنّه إمّا سفك دمائكم على يد تنظيم "القاعدة" وإمّا تولية "حزب الله" عليكم، فإنّ المسلمين السنّة يطالبون بموجب المنطق نفسه، بأن ينسحبوا من الميثاق الإسلامي المسيحيّ، وبأن يعاد توحيد المسلمين على حساب الوحدة الإسلامية المسيحية من ناحية، ثم على حساب مصلحتهم كطائفة سنية من ناحية أخرى، نظراً للضرورات الميدانية لعمل المقاومة، المصادف توقفها ميدانياً بشكل مطبق منذ آب 2006 وإلى اليوم، إلا إذا اعتبرنا أحداث 7 أيّار وذعريّات "النائب الشجاع" استئنافاً لها.

والمنطق نفسه يُعادُ فيوجّه إلى المسلمين الشيعة لإخافتهم من المسيحيين ومن السنّة سواء بسواء، وللإيحاء بأنّ هناك مؤامرة دولية يتواطؤ معها كل الآخرين عليهم، وبأنّ تسليم الأمر لـ"حزب الله" هو الشرط اللازم لإحباط هذه المؤامرة. ثمّة من يقول لبيئته الأهلية أنّ مصيرها معلّق به سلباً أو إيجاباً.

نحن إذاً أمام مشروع يثلّث الخوف نفسه. والسؤال هنا هل أنّ المشروع الفئوي الهيمنيّ الذي يستثمر في الخوف ويشجع عليه في ما بين الملل والنحل، هو نفسه مشروع خائف؟ خائف ممّن بالتحديد؟ وخائف ممّن على الصعيد الداخليّ: من أي طائفة، ومن أي مشروع؟

بالدرجة الأولى، هو مشروع يخاف المناصفة، والثنائية الإسلامية المسيحية. يعلم أنّ تلك الثنائية هي التي لا تزال تقف حجر عثرة دون تمدّده اللامتناهي في المساحة وفي القرار.

وبالدرجة الثانية، هو يخاف من الشرطين اللازمين لقيام الثنائية والمناصفة، وهي تأمين الحدّ الأدنى من الوحدة الإسلامية الإسلامية ومن الوحدة الإسلامية المسيحية تأميناً لضرورات الإتحاد الميثاقي الإسلامي المسيحيّ.

لكن هذا المشروع هو أيضاً مشروع يخاف من نفسه. هو إنتصاريّ حتماً في خطابيته. لكنّه شكّاك حتى النخاع بهذا الأمر في سرّه وخلسته. يدرك هذا المشروع جيّداً أنّه في اللحظة التي لا يعود فيها قادراً على أي تمدّد نوعيّ في المساحة والقرار فإنّ ذلك سيأكل من وزنه وحجمه. هذا النوع بالذات من الخوف هو الذي ينبغي الإلتفات إليه الآن، فالمعادلة هي أنّ من يخاف من نفسه يحتاج إلى نوع مختلف من التواصل مع الغير للخروج من هذه المحنة، وهذا النوع يكون طبعاً بالتفكير في ما يتجاوز "نظرية المؤامرة" غير الأخلاقية (كونها تلغي ضرورة التفتيش عن علّة لكل معلوم، وعن مجرم وراء كل جريمة، ما دام المتآمر معروفاً ومفضوحاً منذ البداية) وبالإقلاع عن التخوين، وإحالة مرتزقة التخوين على المعاش، أو إعادتهم إلى المهام التي كانت موكلة إليهم في الأحزاب الأيديولوجية العلمانية التي بدأوا حياتهم فيها: تقبيل أيادي أعضاء اللجان المركزية!

 

أعلن منذ أيام بأنه «من شيعة علي والحسين» وأصدر فتوى بتحريم الخضوع للمحكمة الدولية

الرواية الكاملة لاعتقال الشيخ المثير للجدل عمر بكري في طرابلس

مرجع أمني لـ «الديار» تصرفاته تبين أنه رجل مخابرات وليس رجل دين

الديار

فجأة ظهرت الى العلن قضية الشيخ عمر بكري الذي أبعدته السلطات البريطانية الى لبنان حيث مكث منذ سنوات في الشمال دون ان يثير اي لغط بل اقتصرت اقامته على بعض الاطلالات الاعلامية حيث عبّر عن مواقفه السلفية رافضاً اي عنف جهادي فيها. لكن منذ ايام اجرى مقابلة مع «الديار» شرح فيها موقفه السياسي الذي اعتبر انقلاباً على مواقفه السابقة، خصوصاً ان حديثه تضمن مواقف سياسية فاجأت الكثيرين من القوى السلفية خاصة في الشمال عندما قال: «أنا من شيعة علي والحسين كما أنني من شيعة ابو بكر وعمر بن الخطاب» اضافة الى دعوته الصريحة بتحريم التعامل مع المحكمة الدولية التي يعتبرها السلفيون من المسلمات عندهم لكشف قتلة زعيم السنة الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

واللافت ان بكري استنجد عبر «الديار» منذ يومين بالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الاسد لابعاد الملاحقة التي يعتبرها سياسية بحقه.

هذا الكلام الذي أطلقه الشيخ المثير للجدل عمر بكري ربما نزع الغطاء السياسي عنه خصوصا ان وضعه القانوني لناحية الاقامة واللجوء الى لبنان كانت تشوبها بعض التساؤلات، علماً ان الشيخ بكري هو سوري الجنسية لكنه حصل على الجنسية اللبنانية مؤخرا، كذلك فإن البعض من المتهمين بحادثة عين علق كشفوا عن ضلوعه في عملية التفجير وبالتالي اصبح متهماً مطارداً وستكشف التحقيقات، كما قال مرجع امني كبير لـ«الديار»، الكثير من الملفات حوله.

ووصف المرجع الامني الحادثة على الشكل الآتي:

عند الواحدة بعد ظهر امس كان الشيخ عمر بكري المطلوب اعتقاله بمذكرة قضائية يهم بمغادرة منزله بسيارته مع عائلته وكان المنزل مراقباً من عناصر من فرع المعلومات وكانت سيارة للفرع تنتظره فما ان خرج بالسيارة حتى اطبق عليه عناصر الامن ولما استمر بالقيادة وقاوم اطلق عنصر النار على اطارات السيارة فتوقف بكري عن القيادة ونزل من السيارة مسلّماً نفسه بكل هدوء ومن دون مقاومة وخلافاً لما ذكر لم يكن حول منزله اي مناصرين او مسلحين بل كان وحيدا.

واشار المرجع الامني لـ«الديار» الى ان القرار باعتقال بكري اتخذ فور صدور المذكرة القضائية وكالعادة فإن فرع المعلومات لم يأبه لكون الشخص المنوي اعتقاله شيخاً معمماً اذ سبق للفرع ان اعتقل الشيخ محمد المجذوب في البقاع الذي اختفى وادعى انه مخطوف من الشيعة لكي يحدث فتنة كبرى واضاف المصدر انه في حالة بكري فإن المعلومات رصدته منذ قدومه من لندن حيث تبين انه يتصرف كرجل مخابرات وليس كرجل دين وهو قام في الفترة الاخيرة بنسج علاقة مع جهة لبنانية وهذه الجهة ارادت تعزيز وضعه في طرابلس وتكبير حالته وهالته للاستعمال عند الحاجة كما ان له ارتباطات مخابراتية وملفات سوف يكشف عنها التحقيق.

واشار المصدر الى ان الشبهات حول الشيخ بكري بدأت تحوم في الفترة الاخيرة وخصوصاً ان سلوكه لم يكن شبيهاً بتصرفات رجل دين ولاحظ المصدر ان بكري استنجد في تصاريحه الاخيرة بقوى ومسؤولين لبنانيين من فئة معينة ولهذا الامر تفسيرات واضحة.

اما بخصوص الرواية الكاملة عن اعتقال بكري وموقف زوجته فإن مراسلي «الديار» جهاد نافع ودموع الاسمر اوردا المعلومات التالية:

عند الساعة الواحدة من ظهر امس، اوقفت شعبة المعلومات الشيخ عمر بكري اثناء عودته الى منزله الكائن في ابي سمرا ومعه عائلته.

وفي التفاصيل، ان الشيخ بكري وخلال عودته مع عائلته الى منزله، لاحظ ان اربع سيارات تلاحقه، فأسرع على الفور الى الاتصال بالشيخ بلال دقماق طالبا منه الاسراع إليه، فرد الاخير: انا بالطريق إليك اين انت؟ فأجابه بكري اقتربت من المنزل، لكن ما ان بات بكري على بعد 20 متراً من المنزل حتى طوقته السيارات الاربع وقطعت عليه الطريق ومن ثم اطلقت العناصر الامنية النار على اطارات سيارته فأصيب الاطار الامامي الايمن وجرى توقيفه انفاذاً لمذكرة غيابية صادرة بحقه بعد اصدار الحكم بالسجن المؤبد الذي طاله هو و23 موقوفاً اسلامياً. دقائق مرت بين اتصاله بدقماق وإلقاء القبض عليه، حيث وصل دقماق فكانت المهمة قد أنجزت. وقد طلب من زوجته التي كانت الى جانبه ان تهدأ وتصعد الى المنزل والانتباه الى ولديه. ومن المقرر ان يصار الى تسليمه للمحكمة العسكرية التي حاكمته غيابياً ومن ثم ستحاكمه حضورياً بالتهم الموجهة إليه وهي الانتماء الى تنظيم مسلح وحيازة اسلحة ومتفجرات. وبعد مرور حوالى الساعة على توقيف بكري حضرت عناصر المعلومات بإمرة الرائد محمد عرب وبرفقتهم مختار المحلة فواز المبيض الى المنزل للتفتيش وحاولت زوجة بكري منعهم من الدخول طالبة منهم ابراز الامر القضائي الذي يأذن لهم بالدخول وحصل شيء من التلاسن حيث اصرت المعلومات على الدخول وحين قيل لها ان الواجب يقتضي السماح لهم بالدخول كي لا يتأخر بكري في التوقيف ولتسريع الافراج عنه فأجابت زوجته : افضل التأخير على ان تدخلوا بدون اذن قضائي، واتصلت زوجته بوالدها الذي يؤدي مناسك الحج في مكة فقال لها اسمحي لهم بالدخول.

ودخل بعدها 4 عناصر من المعلومات، وتمت مصادرة ثلاثة اجهزة كومبيوتر محمول «لاب توب» ومجموعة من الاقراص المدمجة وهاتفه الشخصي، ولم يعثر على اي قطعة سلاح في المنزل واستغرقت عملية التفتيش 45 دقيقة. وعلى اثر اعتقال بكري تجمع العشرات من وسائل الاعلام المحلية والعربية والدولية امام منزل بكري في ابي سمرا ولندن حيث ابلغت حنان الزوجة الاولى لبكري زوجته الثانية «ام فاروق» في طرابلس ان طلاب الشيخ بكري توجهوا بعد اعتقاله نحو السفارة اللبنانية في لندن في تظاهرات صاخبة ومتواصلة وللاعتصام وسوف يتم احراق العلم اللبناني امام مبنى السفارة اللبنانية. وكانت مواقف بكري الى وقت قريب مناهضة للمقاومة ولم يعترف بها، لكن انقلاباً فكرياً حصل مع بكري بعد مراجعة ليعلن انه يلتقي مع السيد حسن نصرالله ومع الرئيس السوري بشار الاسد في كثير من المواقف وخاصة في العداء للعدو الاسرائيلي وذهب بعيداً ليقول: «انا من شيعة علي والحسين كما انني من شيعة ابو بكر وعمر بن الخطاب». كما اصدر فتوى بتحريم الخضوع للمحكمة الدولية واعتبرها محكمة اميركية - اسرائيلية.

 

من خلال «محاضر» اللقاءات بين بوش وشيراك تحضيرا للقرار 1559 وتمريره في مجلس الامن

تظهر «فرنسا شيراك» بأنها «صاحبة القرار» وانها اقنعت اميركا بالقرار وليس العكس كما هو شائع!

محمد باقر شري /الديار

عنمدا نسب للرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك انه سعى جهده لدفع اسرائيل الى القيام بعدوان على لبنان يتم خلاله القضاء على المقاومة، اعتبرنا هذا الكلام مبالغا فيه، لانه لا يمكن ان يصل الامر عند رئيس دولة تعتبر من الدول العظمى وذات تاريخ عريق مثل فرنسا، درجة تحريض كيان عنصري عدواني شرس على لبنان تحت عنوان تنفيذ القرار 1559، وهو القرار الذي صرح رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط الذي لم يقصّر في حملة الانتصار «لدم الرئيس الشهيد» هو نفسه في ساعة من ساعات البوح الصريحة كان يدور في قرارة نفسه حتى وهو ينادي «يا لثأرات الرئيس الشهيد» من ان سبب كل المصائب التي عاشها لبنان ولا يزال يعيشها بدءا من اغتيال الرئيس رفيق الحريري - رغم كل ما حدث خلال الاربع سنوات الماضية التي اعقبت ذلك «الحادث الجلل» قد ثبت بعد نشر محاضر اللقاءات الاميركية - الفرنسية وبين الرئيسين بوش وجاك شيراك بعد «مصالحتهما» التي سعى اليها الرئيس شيراك تحت تأثير فجيعته بصديقه الرئيس رفيق الحريري والتي كانت آثارها تتجلى على صفحات وجهه وبدموعه الصادقة التي ذرفها عليه، قد جعلته يركز في الاتهام على جهة واحدة ذهب اليها ذهنه، ظنا بانها كانت وراء الاغتيال وهي سوريا شأنه شأن كل الجهات التي اتجهت عندها الظنون الى دمشق والتي كان قد اوكل اليها دور حفظ الامن في لبنان تحت عنوان: «الدور الاخوي الانقاذي» ولم يكن باستطاعة دمشق ان تثبت براءتها من دم هذا «الصدّيق الحقيقي» تيمنا بيوسف الصدّيق النبي عن «الشاهد الملك» الذي يحمل لقب «الصدّيق» بينما كان سلوكه عكس مضمون هذا اللقب ولكي لا تضيع بوصلة الحديث الذي يدور حوله ملاحظاتنا على ما نشر من محاضر دقيقة لمحادثات واتصالات بوش - شيراك، التي سبقت ورافقت واعقبت اعداد مشروع القرار 1559، الذي يجزم جنبلاط ويكرر بانه جلب الكوارث على لبنان، ولا نريد ان نتوقف عند مضمون هذه «المحاضر» بتفاصيلها والتي تتميز بالدقة المتناهية في المكان والزمان والساعة والدقيقة التي كانت تتم فيها هذه الوقائع التي تضمنتها هذه المحاضر: بل لقد استوقفنا - بعيدا عن التركيز على الحالة النفسية والسياسية التي كان يمر بها الرئيس رفيق الحريري في الفترة التي سبقت «الاغتيال - الزلزال» والتي لا نرى وجوب الخوض فيهارغم «دقة» ما ورد حولها على لسان بوش، بل نريد ان نتوقف عند الدور الذي قام به الرئيس الفرنسي شيراك لانجاز القرار 1559 من منطلق شعور شيراك بان سوريا والمقاومة كانتا مستهدفتين من هذا القرار وكانت شراكة الموقف الأميركي - الفرنسي من دمشق والمقاومة، هي التي جمعت بين شيراك - الذي كان معروفا في السابق بان لديه هامشا من الاستقلالية عن سياسات الولايات المتحدة، وخاصة في الشرق الاوسط وفي موضوع غزو العراق على وجه الخصوص. اضافة الى تأثره وتبنّيه للنهج الديغولي في المنطقة العربية والموقف المستقل عن اميركا واسرائيل في الصراع الذي يدور في المنطقية، بحيث يُذهل المراقب من التحول الهائل في الموقف «الشيراكي» الذي بدا فيه انه اكثر تطرفاً ضد سوريا والمقاومة ليس من السياسيين الاسرائيليين فقط بل من غلاة المتطرفين الصهاينة، ولدرجة انه اصبح المحرض الاول على القيام بعمل عسكري ضد سوريا وضد المقاومة مع ان ما كان يميزه الى حد عن رئيس فرنسا الحالي الذي يعلن بصراحة انه «متيم وعاشق لاسرائيل» وان «اعظم ما تميز به القرن العشرون هو «حدث الاحداث» المتمثل بقيام دولة اسرائيل.. وصحيح ان شيراك في آخر مراحل ولايته الاخيرة، وخاصة خلال الفترة التي سبقت اعلان العداء الشديد للرئيس لحود والرئيس بشار الأسد، بعد ان كان داعية لاقامة افضل العلاقات بين سوريا ولبنان ومجاهراً بذلك من على منبر مجلس نواب لبنان ليتحول بعد ذلك، لان يصبح اهم ما يهمه من امجاد المنجزات السياسية التي يحلم بها ويريد ان يختم بها حياته السياسية في اعلى منصب سياسي في فرنسا هو ان يحقق حلما بدا وكأنه الحلم الذي يريد ان «يتوّج» به عمره كله الذي وصل - حسب المحاضر التي تنشر اليوم - تباعا من جانب مؤلف «ترهب» مؤخراً لعرض ملابسات تلك الفترة واكتناه اسرارها وهو «المطلع الدقيق على خفاياها وخباياها!»

ولا ندري ما اذا كان الدافع لنشر هذه الوقائع التي هي اقرب «للمحاضِر» التي لا يستطيع ا حد على ما يبدو ان يطعن فيها، لانها موثقة لدرجة ان «ابطالها» انفسهم لا يستطيعون - حتى لو ارادوا - كتابة مذكراتهم ان يقطعوا الطريق على من يريد الطعن بها!

ولو اردنا ان «نحصر او نحصي» ايجابيات وسلبيات «سيرة» الرئيس الفرسني شيراك في تلك الفترة وانعكاساتها وانطباعاتها الايجابية والسلبية على العلاقة الشيراكية - الحريرية ومنذ عهد العلاقة الطويلة بين الحريري الاب وشيراك وصولاً الى انتقال شيراك من قصر الاليزيه الى منتجع على ضفاف نهر السين وليس على ضفاف السين سين!» كان الحريري الابن قد قدمه عرفانا منه بالجميل لصديق والده الاعز الرئيس جاك شيراك. الذي يبدو من خلال الوقائع المنشورة والموثقة بدقة على ما يبدو انه من الصعب ان يكون بين صداقات شيراك التي يفترض انها كانت واسعة وذات مستوى عال، مثيل لصداقته مع شيراك في التجذر والعمق المعنوي وغير المعنوي، وهذا امر يحتسب عند اسرة الحريري وعند الحريري الابن في خانة الايجابيات التي سوف يسفر عنها نشر هذه الوقائع في هذا التوقيت بالذات، سواء كان التوقيت متعمدا او جاء بمحض المصادفة في هذا الوقت بالذات، بحيث تنسحب هذه الايجابيات على الواقع السياسي الذي يعيشه الحريري الابن بالذات.

بل يبدو ان شراكة الموقف الفرنسي - الاميركي حول القرار الظني والمحكمة الدولية الخاصة بلبنان قد الزمت ساركوزي والحريري الابن ببناء جسور العلاقة بين شاغل قصر الاليزيه الحالي وبين ساكن السراي الكبير (او الكبيرة بالتصحيح المستجد الذي استفاق عليه «نحويو السياسة» منذ عقود من «تذكير» السراي دون «تأنيثها» بعد عقود بدأت منذ الاستقلال وصولاً الى السنوات الحريرو - سنيويرة، على غرار ما حدث عندما تنبه الرئيس صبري حماده رئيس مجلس النواب الاسبق واحد قادة رعيل الاستقلال الى ان رئيس مجلس النواب أولى بأن يسبق اسمه لقب «دولة» من استشار رئيس الحكومة بها، علما ان لقب «عطوفة» رئيس مجلس النواب ربما يكون اكثر رنينا من «الرئيس» لقب «دولة» من ناحية معنوية، ولكنه لقب معنوي تشريفي، تجعله وكأنه اسم «فخري» اكثر مما هو دليل على انه الشريك الثاني بعد رئيس الجمهورية في تقرير مصائر الامور لناحية الهرم السلطوي! وكان التصحيح «الصبراوي» (نسبة للرئيس صبري حماده) ووضع الامور في نصابها بناء لرؤيته واجتهاده، فانه بيّن حيثيات حلول «الدولة» مكان «العطوفة» من اعطاء رئاسة مجلس النواب صفة «دولة» ضروري للتأكيد على ان مجلس النواب التشريعي هو من صلب تكوين الدولة وان دوره المحوري يقرر مصير الحكومة ويسهم في اصل قيامها وتأليفها، بل هو الذي ينبثق عنه وصول رئيس الجمهورية الى منصبه في نظامنا البرلماني..

وعلى ذكر رئاسة مجلس النواب يحلو لنا تحببا وان نذكّر الرئيس الحالي للمجلس بأنه لا يزال للاعلام والرأي العام على السواء «دين في عنقه» وهو انتظار ان يشرح - وخاصة بمناسبة تزامن نشر الوقائع المذهلة ودور الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك وعلى لسان الرئيس بوش - مع رحلته التي قام بها مؤخرا الى باريس والتي تُحيي ذكريات رحتله منذ بضعة عشر سنة الى باريس مدعواً من الرئيس الاسبق ميتران، بالتفصل الذي يشبع ظمأ المتعطشين لاستجلاء الحقائق حول ملابسات الاوضاع الحالية والدور الفرنسي في كل ما يجري بالصراحة المعهودة عند «صاحب الكرسي الثاني» في البلاد، بحيث يلقي ضوءاً ساطعا على ملابسات المحادثات التي اجراها في زيارته لباريس والتي توقع ان تظهر نتائجها في وقت قريب، وعن رأيه بالتفاصيل التي وردت في «مذكرات» الرئيس بوش عن الدور الذي لعبه شيراك بجهد غير عادي لدرجة «الاستماتة» لانجاز مشروع القرار 1559 الذي «يعترف» بوش دون ان يستطيع شيراك الانكار، بأن الهدف منه الحاق الاذى بالمقاومة وبالنظام القائم في سوريا حتى لو الحق ما اسماه امين عام حزب الله «الدمار» بسوريا، وهو يرى ان الاعمال التي تتولاها اميركا من اجل «سلامة» اسرائيل في المنطقة العربية وعلى صعيد «لعبة الامم» الحالية في الشرقين الادنى والاوسط تصبّ كلها في المنهج الدؤوب والذي يكاد يجعل مصلحة اسرائيل فوق جميع المصالح، بما فيها مصلحة اميركا نفسها، حتى ان اميركا أميركا تبدو منها الولادة المشؤومة لهذا الكيان العنصري وكأنها مسخّرة في منطقتنا لهدف واحد وهو حفظ بقاء اسرائيل. بل ليس من اجل مصالحها البترولية وثروات المنطقة الطبيعية ومواقفها الاستراتيجية، لان كل هذه الامور كان يمكن ان تظل مؤمّنة لاميركا بوجود اسرائيل او عدم وجودها، بل انه اذا كان هنالك خطر حقيقي على مصالح اميركا وسمعتها لدى شعوب المنطقة وقواها الحية فانه يتمثل بالانحياز الاعمى الأميركي لاسرائيل.

 

الجبل يحتضن مظاهرة سياسية هي الأولى لا يكون التقدمي شريكاً فيها

ضيوف من مختلف المناطق شاركوا «التوحيد» مؤتمره

فصائل عسكرية «للتوحيد» بزيّ رجال المقاومة

رضوان الذيب/الديار

لا شك بأن الجبل ومنطقة الشوف بالتحديد شهدا حدثاً لافتاً وغريباً على أبناء المنطقة التي تدين بالولاء للحزب التقدمي الاشتراكي وزعيمه وليد جنبلاط، ونادراً ما شهدت هذه المنطقة لقاءات حزبية خارج اللون الواحد والحزب الواحد منذ الاستقلال نتيجة تحكم الجنبلاطية والارسلانية في هذه المنطقة، رغم الدور الذي لعبه الحزب السوري القومي الاجتماعي في الستينات بخرق هذه المعادلة والتأسيس لحالة سياسية متقدمة في الوسط الدرزي رافقت صعود القومي، وسرعان ما تراجعت منذ العام 1975 رغم ان الانتخابات النيابية عام 1970 كانت تحقق الانقلاب الفعلي عبر حركة الاستاذ غسان تويني والحزب القومي اللذين سقطا بفارق اصوات قليلة عن الامير مجيد ارسلان وتوفيق عساف مرشح الشهيد كمال جنبلاط، ولو نجحت تلك المحاولة ربما فعلت فعلها لكنه لم يكتب لها النجاح بسبب تدخل الدولة وانقسام القومي يومها.

وبعد العام 1970 فشلت كل المحاولات لخرق «الثنائية الجبلية» رغم تراجع دور آل ارسلان بعد وفاة الامير مجيد ارسلان وتحكم آل جنبلاط فعليا بأمور الجبل، لكن التطورات السياسية والوجود السوري سمح لآل ارسلان بالعودة الى اللعبة في الجبل رغم الفارق بالتوازن.

وبقيت الامور على هذه الحال من الستاتيكو حتى عام 2004 والانقلاب السياسي في البلاد وتحديدا على سوريا والمقاومة، وغاب حلفاء سوريا عن الساحة مع تقدم قوى 14 اذار، الذين مارسوا كل شيء وحسب ما يريدون، «واحتلوا الساحات وزينوها بشعاراتهم»، فيما رموز المعارضة هاجروا وأقاموا في منازلهم يندبون «حظهم العاثر» وجاء الحلف الرباعي ليزيد الامور تعقيدا.

وفي تلك الغيوم السوداء التي تجمعت على المقاومة وسوريا، قفز الى الواجهة الوزير السابق وئام وهاب مدافعا عن المقاومة وسوريا في وجه قوى 14 اذار، وشكل في تلك الفترة حالة اعلامية وسياسية لافتة مع عدد من الاعلاميين البارزين ضد نهج ميليس والمحكمة الدولية وجنبلاط وغيره، لكن حركة وهاب اخذت ابعادا سياسية وتم التعاطف معه من كل قوى المعارضة، واصبح خطيب المنابر دون ان يأبه للمخاطر الامنية وللتحذيرات التي ارسلت له.

بعد 7 أيار وعودة التوازن على الارض شعر بعض المعارضين ان دور وهاب يسبقهم بأشواط كثيرة، وبدأت السهام توجه له بأنه حالة صوتية، وظاهرة اعلامية، وانه استنفذ دوره، وان سوريا وحزب الله ومن باب الوفاء سيحافظان له على موقع لا يتجاوز حجمه، مع تسريبات بأن سوريا متضايقة من مواقفه العنيفة التي تشكل ايضا احراج لحزب الله.

هذه المسألة فهمها وهاب جيدا الذي ركز على تيار التوحيد وتنظيمه وتوسيع قاعدته، ونجح في ذلك واستطاع ان ينتزع شرعية العمل السياسي في الجبل بعد ان كان «كانتونا» سياسيا مقفلا بوجه الآخرين بغض النظر عن الشعارات والتسريبات.

ولأن وهاب نجح في خياراته السياسية لجهة التأكيد بأن سوريا بوابة الدروز الى العروبة وكذلك المقاومة، فإن مواقفه سمحت له وتحديدا عند النخب الدرزية المثقفة بالدخول اليها من باب صحة مواقفه، وكان لافتا حضور شريحة بارزة من هؤلاء مؤتمر التوحيد في بعقلين ومعظمهم كانوا من حركة القوميين العرب ونخب الاحزاب النقية.

فالمشهد في الشوف «امس» كان جديدا، وان ترفع في بعقلين أعلام تيار التوحيد اللبناني فهذه ظاهرة جديدة ولها دلالات كبيرة، وان يعقد مؤتمر التوحيد الاول في بعقلين فأيضا يحمل دلالات كبيرة، وان يحضر هذا الحشد في مجمع الشوف السياحي له ايضا دلالات كبيرة وسيؤسس حتما لمشهد سياسي جديد في الجبل.

كما ان انتشار اكثر من فصيل عسكري لتيار التوحيد وبدون اسلحة ويلبسون نفس «الزي» الذي يلبسه رجال السيد حسن نصرالله مع «القبعة الحمراء» ظاهرة جديدة، كما ان منظر كشاف التوحيد بين الجمهور يشير الى مدى الجهد الذي بذله وهاب ومسؤولو التيار للوصول الى هذه الحالة في فترة قصيرة تسبق احزاب عمرها من عمر الاستقلال وما قبله وما بعده.

علما ان وهاب يشتغل في ارض صعبة يقودها قائد «محنك وداهية» في السياسة اللبنانية هو وليد جنبلاط ومن الصعب أن تؤخذ منه بالسهولة التي يتصورها البعض في ظل تحكمه بكل مفاصل الدولة ومؤسساتها في الجبل.

ولا شك بأن خطاب وهاب في المؤتمر التأسيسي الاول يحمل دلالات لافتة لاهالي الجبل حيث حاول وهاب القول بخطابه بأنه ليس حالة عدائية لابناء الجبل ولا للحزب التقدمي ورئيسه ولا للوزير ارسلان، وليس حالة انقسامية وان دعوته كل الأطراف الى التوحد وتجاوز ماضي السنوات الاربعة وسيئاتها وما شهدته من خلافات مع التشديد على الدور الوطني للدروز وان هذا الدور هو موضع اجماع كل زعماء الدروز حاليا ويجب ان نحافظ عليه لانه لا حياة للدروز خارجه، مشيرا الى ان لجميع القوى مراجع في الخارج إلا الدروز الذين سيبقون في هذا البلد دفاعا عن العروبة والاسلام وبوابتهم دمشق، كما اشار الى ان الجبل بحاجة الى الانماء حيث تحدث عن غياب الدولة.

كل المؤشرات التي برزت في المؤتمر الاول لتيار التوحيد اللبناني في الشوف توحي بأن انطلاقة التيار كانت على ارض صلبة وان هذا الجهد قابل للتطور وللاستقطاب وخصوصا أن معظم حضور اعضاء المؤتمر الـ 244 معظمهم من الشباب الذين لم «يملوا» من الحراك بين ضيوف المؤتمر وإطلاق عبارات الترحيب والمودة مما يؤشر الى مستقبل جيد لن يخلو حتماً من الصعوبات خصوصا ان «الأعين» ستتفتح أكثر وأكثر على «التيار» من الكثير من القوى السياسية «للعرقلة من البعض» وللمساعدة من البعض الآخر.

لكن إشارة وهاب الأخيرة تحمل مضامين لافتة «بأن هذا الجبل سيكون في الطليعة للتصدي للغزاة الصهاينة بين جباله وعلى تلاله وفي وديانه ولن نسمح بأن يقول البعض في هذا البلد بعد الآن «ان الغزاة مروا عام 1982 نزهة في الجبل» فهذه المعادلة انتهت وسنكون من أول قيادي في التيار الى جانب أصغر منتسب في التصدي لإسرائيل على أرض الجبل الى جانب رجال المقاومة وكل الأحزاب الوطنية.

 

 سباق بين القرار الاتهامي وساعة الصفر لإسقاطه

و"حزب الله" يخوض مواجهة على خمسة محاور

هيام القصيفي/النهار

في احدى الاطلالات الاعلامية للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله، المتعلقة بمقاربة ملف المحكمة الدولية، قال ما معناه انه لن يتصرف مثلما يتصرف العرب، اي يقومون بردة الفعل بعد ان تذهب الامور نحو الانهيار.

وفق هذا المنظار خاض "حزب الله" معركته السياسية منذ اللحظة التي بدأ فيها التداول الاعلامي والسياسي عن امكان شمول القرار الاتهامي اسماء عناصر تنتمي اليه ، بعدما كشف عن استماع فريق المحققين الدوليين لعناصر تنتمي اليه، وتراجع الحديث عن اتهام سوريا بالاغتيال.

منذ ان ظهر نصرالله في "يوم الجريح" في 16 تموز الفائت، سعى الحزب الى رسم خطة مواجهة القرار سياسيا، في خط تصاعدي استمر نحو خمسة اشهر. وكان نصرالله حريصا في كل مرة على تأخير ساعة الصفر، وعلى طمأنة اللبنانيين، كما حصل في مؤتمره في 9 آب الفائت الذي قدم فيه الوثائق المتعلقة بدور اسرائيلي في عملية الاغتيال، ودعا اللبنانيين الى تمضية عيد الفطر بهدوء.

بين الاعياد المتلاحقة والتطمينات، كان الوضع الداخلي يتدحرج على خط مواز للحركة الدولية والاقليمية.

تدريجا، كانت المواجهة السياسية تأخذ طابعا داخليا محضا، من خلال طرح الملف عبر اطلالات نصرالله بداية بين شهري تموز وآب، وانتقالها لاحقا الى مجلس النواب، حيث بدأ الحديث من ضمن مناقشة الموازنة في لجنة المال حول بند تمويل المحكمة. ومن ساحة النجمة انتقل الملف الى مجلس الوزراء، حيث فتحت مشكلة التمويل، ومن ثم "شهود الزور" وتكليف وزير العدل تقديم تقريره في شأنهم، ومناقشة المذكرات السورية، الى ان نام ملف "شهود الزور" ليفتح مجددا ويُدخل الحكومة في شبه شلل لعملها.

ترافق الخط التصاعدي الداخلي، مع حراك خارجي اوحى ان ثمة طمأنينة في مواجهة ملف متفجر. تحرك العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز في اتجاه دمشق، وبدأت ترتسم معالم الحلول انطلاقا من العراق وصولا الى بيروت، وترجمت بحديث رئيس الوزراء سعد الحريري الى صحيفة "الشرق الاوسط".

ولكن سرعان ما تحولت المرحلة رمادية، بعدما وصلت الى المسؤولين السوريين رسائل واضحة نقلها الموفد الاميركي فريديرك هوف ، تحذر فيها واشنطن دمشق من مغبة اي عمل يدهور الوضع الامني اللبناني. وفيما طوقت واشنطن اي حديث عن وقف تمويل المحكمة لبنانيا او – سعوديا – بتبرعها بعشرة ملايين دولار لتغطية النفقات، كان الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون يرسل اشارات قوية عن دعم المجتمع الدولي للمحكمة، لتبدأ الدول الاوروبية المعنية بدورها ارسال رسائل دعم مماثلة.

لبنانيا، عاد الحريري ليتماسك بعد فترة ضبابية، شهدت اعتراضات من داخل قوى 14 آذار على اسلوب محاكاته ملف شهود الزور وتقديم تنازلات متتالية، "فطارت" زيارته الى دمشق، وكذلك الغيت زيارة الرئيس ميشال سليمان لها ايضا ليحل رئيس مجلس النواب نبيه بري ضيفا على القيادة السورية.

صعّد الحزب وسوريا، ولكن بخطين متوازيين، طريقة مواجهة القرار الاتهامي، لكن النتيجة التي افضت اليها حتى الان لا توحي ان ثمة انتصارا سياسيا باهرا. فالشلل الحكومي تحول مع جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، مناسبة لاعادة تموضع رئيس الجمهورية والنائب وليد جنبلاط، في حركة سياسية خربطت حسابات المعارضة وتحدث عنها نصرالله في خطابه الخميس الفائت عازيا الموقف المشترك الى الضغوط الاميركية. ووفق الايقاع ذاته، كان العراق يطيح الهدنة السورية – السعودية، لتقترب الامور في بيروت من آخر مراحل فصل المحكمة الدولية.

 ولان السياسة عنصر متحرك، وفي ضوء المراجعة الشاملة لما يدور في المنطقة، والانذار الاميركي الاخير الذي حمله السناتور الاميركي جون كيري الى دمشق رافعا لهجة التحذير من مغبة الفوضى في لبنان، بات لبنان يخوض مواجهتين: القرار الاتهامي وكيفية مواجهة "حزب الله" من ضمن معسكر المعارضة ام وفق اجندة خاصة.

الواضح من خلال المؤتمر الاخير لنصرالله ان الحزب يحارب على خمس جبهات، الاولى داخل صفوف المعارضة التي تبدي استياءها من اسابيع من اسلوب المماطلة الذي يتبعه الحزب في عدم نقل الامور الى المواجهة الحاسمة بالضربة القاضية. الثانية، مع الاكثرية التي عادت لتلتئم وتشد عصبها، مع دعم اميركي واضح، بعد فترة شهدت فيها تراجعات دراماتيكية، لم تنفع معها جهود الرئيس فؤاد السنيورة ورئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع.

 اما الجبهة الثالثة فدولية، تمثلت في عودة اميركية حاسمة الى لعب دور قوي في توجيه انذارات الى سوريا بتصعيد الحظر الدولي عليها، وفي رسائل فرنسية مدعومة اميركيا بالتحذير من اي عمل من شأنه ان يمس القوة الدولية في الجنوب الذي ستعده اوروبا اعلان حرب عليها. والجبهة الرابعة هي سوريا التي تسعى جاهدة الى اعادة فرض ايقاعها على الحزب منذ الخلاف الذي نشأ بينهما اثر اغتيال المسؤول الامني للحزب عماد مغنية في دمشق، ناهيك حكما بالجبهة الخامسة التقليدية اي اسرائيل.

ولان الرد على القرار بات امرا ثابتا، فان البحث يتوقف على سؤال محدد هل سيعمد الحزب الى الرد قبل صدور القرار، حين يعلم باقتراب ساعة الصفر، ولا سيما ان الحديث عن تفاهم سعودي – سوري جديد لا يبدو واضح المعالم في ضوء خروج الرياض من التسوية العراقية؟ وهل تقدر سوريا على جرّ الحزب الى منظومة امنية تعيد ربطه بالنزاع الاقليمي ومعه تفتح بازارات التسوية مجددا، وخصوصا ان لبنان لم يعتد التسوية من دون صوت السلاح، وان مراكز الرصد الاستخباراتية كثفت في الساعات الاخيرة تحذيرها من خريطة مواجهة مفتوحة من الشمال الى الجنوب، تخوضها المعارضة وحلفاء سوريا لاسقاط مفاعيل القرار الاتهامي

هيام القصيفي     

 

قصة ريمون إده و«مؤامرة كيسنجر» ضد لبنان

المصدر القبس

فتحت «وثيقة كيسنجر ــ إده» الباب واسعا على حقيقة الرسالة وحقيقة صاحبها والمضمون الذي حوته، فالزميل الكاتب سليم نصار اعترف بأنه هو من صاغ رد هنري كيسنجر في «رسالة افتراضية» في 14 يونيو 1976، استنادا الى شهادات ثلاثة اشخاص هم: تقي الدين الصلح رئيس وزراء لبنان الاسبق، وفؤاد نفاع وزير الخارجية، ومترجم البيت الابيض كميل نوفل.. وكارلوس إدة نسب الموضوع الى سليم اللوزي صاحب مجلة «الحوادث»، في حين اشار الدكتور نبيل خليفة الى ان الوثيقة موجودة في نص كتابه «لبنان في استراتيجية كيسنجر». والحقيقة انني كنت من الذين عاصروا تلك الفترة بعد عملي في مجلة «الحوادث» ثم في مجلة «الدستور»، وانتقالي الى صحيفة «السفير» قبل المجيء الى الكويت عام 1976.

الوقائع تشير الى ان نص الوثيقة خرج الى العلن ونشر في عدد من الصحف والكتب، منها على سبيل المثال وليس الحصر، بعد مجلة «الحوادث» المصدر الاولي للوثيقة، صحيفة «الوطن» الكويتية بتاريخ 19 اغسطس 1977، ومجلة «الدستور» اللبنانية عام 1984 العدد رقم 337، وكتاب «ريمون اده، ضمير لن يموت» اعداد سمعان عيد سمعان ص 488.

والحقيقة ان «الوثيقة» والمؤامرة الكيسنجرية التي اشتغل بها زعيم المعارضة آنذاك بعدما التجأ إلى فرنسا على اثر تعرضه لمحاولات اغتيال اثناء الحرب الاهلية في لبنان عام 1975.

وبعيدا عن صحة النص او التشكيك فيه وتوظيفه سياسيا، سيكون من المفيد قراءة المسار الذي كان قائما بين ريمون اده، وبين السياسة الاميركية تجاه لبنان والمنطقة في عهد هنري كيسنجر وان تحولت الوثيقة الى مرجع ليتم الاستشهاد به بين وقت وآخر من قبل السياسيين والكتاب والصحافيين.

منذ انتقاله الى باريس في عام 1976 دأب على التصريح علنية «اننا اصبحنا تحت المظلة الاميركية» وهناك «شخص واحد يزعجني هو السيد كيسنجر، الله خلصنا منه، المهم الا يتبنى الذي حل محله افكاره ولا ينفذ المؤامرة التي اشترك في وضعها». 

في عام 1977 وفي الثاني والعشرين من مارس، كتب حنا غصن رسالة نشرت في صحيفة السياسة الكويتية، ينسب فيها الى العميد قوله ان مصيبة لبنان تكمن في التصميم الذي وضعه كيسنجر للحل الاميركي للازمة السياسية العالمية في الشرق، وفي تصميمه ان بعثرة لبنان شعبا وحريات وامكانات تبعثر العرب وتضعف قوتهم.

اعاد تكرار «المؤامرة» في 20 يونيو 1977 وفي حديث لمجلة الدستور اللبنانية:

«قلت هناك مؤامرة ترمي الى تقسيم كل المنطقة، وان اسرائيل وضعتها وسينفذها النظام السوري لان اسرائيل تريد ان تستمر في المستقبل وسط المنطقة المجزأة، لانه سيأتي وقت يكف فيه الشعب الاميركي عن دفع حوالي المليارين ونصف المليار من الدولارات الى اسرائيل سنويا، اضافة الى وقوف الاسطول السادس في استمرار للدفاع عنها.

وهذا الامر لن يبقى هكذا الى ما لا نهاية. من اجل ذلك وافقت اميركا بشخص كيسنجر على المؤامرة على اساس مصلحة اسرائيل. واميركا تهمها في النتيجة ابار البترول. والخطة تقضي في لبنان بقيام قسمين مسيحي ومسلم، وبتقسيم سوريا الى ثلاث دويلات: سنية وعلوية ودرزية. وتمتد خيوط المؤامرة الى بضع دول عربية اخرى في نطاق الهدف ذاته. فتسيطر اسرائيل وحدها من دون مساعدة اميركا. لقد بح صوتي وانا اردد هذا الكلام عن هدف المؤامرة. حتى ان بعضهم قال انني ضيعت رئاسة الجمهورية لكثرة ما ادليت بتصريحات حول هذه المسألة. ولكن ماذا تهمني رئاسة الجمهورية؟ اريد فقط مصلحة بلادي وليس عندي اولاد لكي اعينهم نوابا ووزراء وجنرالات. انا ضد اسرائيل وضد التقسيم».

لم يمل العميد من الكلام، ففي مقابلة معه اجرتها مجلة «الدستور» اللبنانية في 11 يوليو 1977 قال «انها مؤامرة عربية - اسرائيلية - صنعها كيسنجر، فطالما ان سوريا لا تقبل ببوليس دولي على الحدود اللبنانية، وطالما ان اسرائيل لا توافق هي ايضا، فمن البديهي انهما متفقان على لبنان. وفي رأيي ان المؤامرة مستمرة الا اذا حصل تغيير في سياسة كيسنجر».

هذه المرة خرج عن «صمته» واباح بالمصدر الذي سرب اليه قصة المؤامرة الكيسنجرية، يقول في حديث اجراه معه الصحافي بشارة البون في «النهار» يوم 21 ابريل 1979 «في تلك السنة، اي في عام 1974، اطلعني صحافي ميركي عندما كنت عائداً من الاتحاد السوفيتي، والتقيته في باريس، على الخطة التي وضعها كيسنجر لتقسيم لبنان قسمين تفصل بينهما طريق الشام، لبنان المسلم الذي يستوطن فيه الفلسطينيون جنوب طريق الشام، ولبنان المسيحي شمال هذه الطريق، كما أن الخطة تقضي بافتعال حوادث شبيهة بحوادث قبرص.

ولدى وصولي إلى لبنان أعلنت مراراً أن هناك مشروعاً لقبرصة لبنان، أي تقسيمه، لكن على رغم إطلاع السلطات العليا على هذه المؤامرة، لم تحرك ساكناً. فعوضاً عن أن تسعى لدى الدول الكبرى ومجلس الأمن إلى تدارك تنفيذ المؤامرة، استمرت في الاكتفاء بتصريف الأمور البسيطة والعادية.

ثم أعاد الأسطوانة من جديد، ففي 16 سبتمبر 1979 نسبت إليه صحيفة «النهار» أن أميركا ما زالت مسيطرة على كل المنطقة، ولا يستطيع أحد أن يتحرك إلا بموافقتها، لذلك أضع مسؤولية كل ما حدث في لبنان على كيسنجر، فأميركا ما زالت تنفذ سياسته، وإسرائيل تضغط في الوقت نفسه على واشنطن، وهدفها تهجير المسيحيين من لبنان.

تراجع قليلاً عن الاتهامات ففي 20 أبريل 1980 طالب أميركا باللجوء إلى الأمم المتحدة لإنقاذ لبنان، لكنه لم يتراجع عن الحديث بالعودة إلى مخطط كيسنجر، الذي يعتبر أنه إذا أعطى سوريا قسماً من لبنان أو ما بقي منه بعد احتلال إسرائيل ستتخلى سوريا عن الجولان، وتقبل بتوقيع الصلح مع إسرائيل، ولأجل ذلك أعطت أميركا كيسنجر سوريا الضوء الأخضر لغزو لبنان، وفي عام 1978 أعطته لإسرائيل. وسياسة كيسنجر هذه أدت إلى هدم لبنان من دون حل المشكلة الفلسطينية.

يبدو أن التراجع بلغ مستوى جديداً من قبل العميد، ففي 27 أكتوبر 1980 أوضح أن أميركا لم تعد تؤيد مخطط كيسنجر لتقسيم لبنان، وأن المسؤولين الأميركيين أخبروني بذلك بأنفسهم، وقالوا، إن سياسة أميركا حيال لبنان هي المحافظة على سلامته ضمن حدوده المعترف بها دولياً. وأكمل استدارته بتبرئة الإدارة الأميركية مما يحصل في لبنان، باتهام النظام السوري بأنه ينفذ مخطط كيسنجر، كما جاء في مقابلة له مع مجلة «الدستور» اللبنانية بتاريخ 26 يوليو 1982. وفي العام 1993 جدد العميد معزوفة «المؤامرة»، في كلام نشرته صحيفة «الحياة» الصادرة في لندن يوم 14 ديسمبر 1993، من أنه صرح في 10 مارس 1977 إلى صحيفة «لوموند» الفرنسية، بأن هدف المؤامرة الكيسنجرية هي إعطاء سوريا طرابلس وعكار والبقاع، في مقابل تنازلها عن الجولان لإسرائيل، ويظن بحسب نبوءته أن المؤامرة الكيسنجرية تحققت على الأرض اللبنانية.

 

هكذا تم اغتيال الرئيس الحريري

الأخبار

كتب ايراهيم الأمين في جريدة الأخبار:

يهتمّ الفريق السياسي والإعلامي والأمني التابع لرئيس الحكومة سعد الحريري، بالحديث عن «فبركات» تقف خلف حكاية اتهام محتمل من المحكمة الدولية لحزب الله بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ينفي هذا الفريق وجود أيّ أساس لهذه الأنباء، لكنّ محاولة تلفزيونية لأبرز إعلاميّي السعودية تقول العكس

في مقابلة نُشرت على شكل مقال للزميل ثائر غندور قبل فترة في «الأخبار»، تحدّث مرجع أمنيّ لصيق برئيس الحكومة (المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي) عن أنّ المعلومات بشأن تورّط الحزب في اغتيال الرئيس رفيق الحريري متوافرة منذ وقت طويل. كان يشير طبعاً (ما لم ينشر في التقرير نفسه يومها) إلى معطيات كثيرة بينها آثار حمض نووي وشبكة اتصالات خلوية ومعلومات استخباريّة أخرى تؤكّد تورّط جهاز أمني وعسكري في الحزب في الجريمة.

طبعاً، ثمّة أشياء كثيرة لم تُنشر بعد عن طبيعة المعلومات التي قدَّمتها قوى الأمن الداخلي إلى لجان التحقيق الدولية المتعاقبة بشأن التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات في الجريمة، من بينها مذكرات مهمة لتقصّي أثر وجمع معلومات عن قادة في حزب الله، صدرت في 2005، إضافةً إلى مذكرات بحث وجمع معلومات عن أشخاص يعدّهم فرع المعلومات عناصر من الجهاز الأمني في حزب الله، فضلاً عن جهد موثّق عن تصوّر للتركيبة التنظيمية لأجهزة المقاومة العسكرية والأمنية، وكذلك تقرير مفصّل عن ملف الاتصالات الهاتفية، سُلّم الى لجنة التحقيق الدولية خلال تولّي القاضي سيرج براميرتس رئاستها (يقع التقرير الذي تتحفّظ «الأخبار» عن نشره في 28 صفحة، وهو مؤلّف من 5502 كلمة، وقد بُوِّب بطريقة مدروسة في سبعة بنود، مع إشارة «سرّي للغاية»، وتضمّن أرقام شبكات الهواتف، وهو صادر عن فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بتاريخ 30 حزيران 2006).

خلال العامين الماضيين، حصل نشاط إعلامي وسياسي مكثّف في الملف برمّته. وكان لافتاً أن قنوات تلفزيونية عالمية لم تسعَ حقيقةً الى إعداد أفلام وثائقية عن الأمر بحجة عدم توافر معطيات كافية، أو عدم وجود عناصر بصرية ضرورية، لكن ثمة جهة نافذة في لبنان وفي السعودية وفي دولتين عربية وأوروبية، قررت تقديم المساعدة في إنتاج وثائقي يصنَّف في خانة «العمل الاحترافي»، وعُهد إلى شركة عبد الرحمن الراشد الإنكليزية إعداده، بإشراف من الراشد الذي أجرى ومساعديه سلسلة من الاتصالات المهمّة للحصول على دعم معلوماتيّ خلال إعداد الفيلم، الذي أعلن إنجازه عام 2009 بعد أكثر من سنة من العمل عليه. وهو يتضمّن معلومات ينسبها الفيلم إلى مصادرها الأصلية، تدور في نهاية الأمر حول الفكرة نفسها: تورّط حزب الله في الجريمة.

معطيات الفيلم

يبدأ الفيلم بإعادة تمثيل آخر لحظات عاشها الحريري قبل الانفجار، مع عرض لدوره في الشرق الأوسط، ومساعيه لوقف الحرب الأهلية وإعادة إعمار بيروت. ويُستضاف مروان حمادة، وليد جنبلاط، سعد الحريري، فارس بويز (وهو من أواخر الأشخاص الذين صافحهم الحريري)، ودايفيد ساترفيلد، السفير الأميركي الأسبق في لبنان. ثم يجري عرض لمراحل التحقيق اللبناني، فيُستخلَص كلام من اللواء أشرف ريفي عن «أخطاء ارتُكبت من خلال العبث في مسرح الجريمة»، ثم ينتقل الفيلم إلى عمل لجنة التحقيق الدولية برئاسة ديتليف ميليس، حيث تُستعاد التقارير وكاميرا البنك البريطاني وسيارة الميتسوبيشي المحمّلة بالمتفجرات والقول إنّ السائق الانتحاري كان متوقّفاً خارج الفندق بانتظار الموكب، ثم يلي ذلك عرض لمشاهد تمثيلية لكيفية وضع «شريط أبو عدس» على الشجرة والاتصال بقناة «الجزيرة» والقول إنّ أحمد أبو عدس اختفى قبل شهر من اغتيال الحريري، وإنّ تسريب الشريط هدفه التضليل. وتجري الاستعانة مرةً جديدة باللواء ريفي، الذي يقول إنّه لم يُعثر على أيّ دليل بواسطة الـ«دي. أن. آي» يربط أبو عدس بمسرح الجريمة.

ويشير الفيلم، بحسب روايته، إلى اتهام سوريا «التي كانت تحتل معظم الأراضي اللبنانية لمدة 30 عاماً، ولا يمكن أيّ زعيم لبناني التحرّك دون موافقة دمشق، لكن رفيق الحريري كان ملتزماً ومصمّماً على سيادة لبنان، ما جعله على خلاف حاد مع بشار الأسد»، مع تعقيب لنائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام جاء فيه: «بشّار يعتقد أن لا أحد يستطيع أن يقف في وجهه أو يخالفه». ويتحدث خدّام عن مرحلة التمديد للرئيس إميل لحود قائلاً: «دخلتُ على بشار وكان مضطرباً ومتوتراً وقلقاً، قال لي «كان الحريري عندي وهو يلعب، يعتقد أن باستطاعته الإتيان برئيس للجمهورية، قلت له أنا الذي آتي بالرئيس، ومن يفكّر في الخروج عن سياستنا فسنطحنه طحناً»، معنى هذا الكلام أنه سيطحنه، «أي إن المتآمر عقوبته الموت».

وفي عودة إلى التحقيقات، تظهر مشاهد تمثيلية تجسّد النقيب وسام عيد (المسؤول عن الفرع التقني في فرع المعلومات) وهو يتابع التحقيق في شبكة الاتصالات الخلوية. ويورد الفيلم أن «الاختراق الكبير في التحقيقات جاء عبر الكابتن وسام عيد خبير الاتصالات، جرى تحليل 70 ألف اتصال أُجريت في يوم اغتيال الحريري، النتائج كانت باهرة». يضاف إلى ذلك شرح لحكاية الخطوط الهاتفية الخلوية الثمانية، وعرض مشاهد تمثيلية لشبان ملتحين يجرون اتصالات في ما بينهم، قبل أن يجري استخدام واستكمال مشاهد الشبان في المقطع الأخير من الفيلم عند اتهام عناصر من حزب الله. ويضيف الفيلم إنّ تحقيقات عيد «كشفت أنّ أحد مستخدمي الهواتف اتصل بمسؤول كبير في الاستخبارات السورية العاملة في لبنان... وظهرت دلائل أخرى تدين سوريا، حيث تُعرض هنا مشاهد الشبان وهم يجهزون قنبلة ضخمة داخل سيارة».

وبعد الإشارة إلى محمد زهير الصديق من دون تسميته، ينتقل الفيلم إلى مرحلة توقيف الضباط الأربعة مع مشاهد تمثيلية لعملية «دهم منازل أربعة ضباط كبار مشتبه في تعاونهم مع الاستخبارات السورية في جريمة الحريري... الجنرالات كانوا يخططون لمغادرة البلاد تفادياً للاعتقال».

يقول اللواء أشرف ريفي في هذا الصدد: «خلال عملية التفتيش التي قامت بها لجنة التحقيق الدولية بحماية ومؤازرة منا، عثروا طبعاً على كميات من المال لدى الضباط، وعلى جوازات سفر ومستندات كانت في منازلهم». وبعد ذلك، يحكي الفيلم عن تسليم ميليس السوريين لائحة بأسماء من يريد التحقيق معهم. ثم يقول ميليس في مقابلة خاصة بالفيلم إنّ سوريا «كانت تضع جداراً أمام أيّ مجهود للتحقيق داخل سوريا، وقد وصلنا إلى نتيجة أنّ الدافع السوري كان سياسياً، وكان من الصعب التصور أن الاغتيال كان يمكن أن يحصل من دون دعم، أو على الأقل معرفة، أجهزة الاستخبارات اللبنانية السورية».

لكن ذلك ليس كافياً، بحسب المعدّ، إذ يعود خدّام الى الظهور: «أنا أقولها بوضوح، وقلت هذا الكلام في لجنة التحقيق، إنه ليس هناك قرار أمني في سوريا يتّخذه شخص عادي. القرار الأمني يتخذه رئيس الدولة»، ثم يتابع الفيلم مسار التحقيق وصولاً إلى مرحلة إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان عام 2007.

ويعرض الفيلم واقع «فتح الإسلام» باعتبارها «مجموعة إرهابية متأثرة بالقاعدة، ويُعتقد أنها مدعومة من سوريا» (الغريب أن المَشاهد التي وضعت على هذه الجملة هي مشاهد أحداث الجامعة العربية). ثم يتابع الفيلم قصة تفجير عين علق واكتشاف هوية من نفّذ التفجير، مع مداخلات من اللواء ريفي وقصة مقتضبة لمعركة نهر البارد.

اتّهام حزب اللّه

ثم ينتقل الفيلم إلى تقرير «دير شبيغل» ليبدأ حكاية اتهام حزب الله. وفي أحد المشاهد، تظهر وثيقة بالإنكليزية لثوانٍ معدودة. لكن بمجرد إيقاف الصورة، يمكن قراءة محتوى الوثيقة وهي بعنوان «لبنان/ حزب الله يقف خلف اغتيال الحريري»، وفي النص نجد المعلومات الآتية:

في الأسابيع التي سبقت جريمة الحريري، قام عدد من خلايا وعناصر من حزب الله بمراقبة عن قرب لتحركات رئيس الوزراء الأسبق، وجمعوا معلومات دقيقة عن تحركاته وانتظروا الفرصة السانحة لاغتياله.

بناءً على معلومات متراكمة، قامت بهذا النشاط وحدة صغيرة في حزب الله يرأسها (؟) (جرت تغطية الاسم مع إرفاق صورة فوتوغرافية أخفي وجه صاحبها)، وهو قيادي رفيع يتمتع بماضٍ غني في القيادة، وهو من منطقة النبطية جنوب لبنان، مولود بتاريخ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر 1963، ويعيش حالياً في المنطقة الشيعية جنوبي بيروت... هو أيضاً قائد وحدة سرية تتولى نشاطات سرية على الساحة اللبنانية، متزوّج وله ثلاثة أولاد... هذا القائد (؟) كان قائد فرقة الاغتيال. وكان يبدو مسؤولاً عن إحضار شاحنة ميتسوبيشي بيضاء في أواخر كانون الثاني/ يناير 2005 من مكان بعيد عن بيروت بطريقة تظهره بعيداً عن شبهة إحضار المركبة. وقد قامت وحدة التفجير المتخصصة في حزب الله، التي لديها خبرة عظيمة في تجهيز عبوات السيارات المفخخة، بتحويل المركبة إلى سيارة مفخخة وجهّزتها بـ1000 كلغ من متفجرات من مختلف الأنواع (TNT, C4, RDX)، علماً أنّ هذه الوحدة بقيادة (؟) كانت عام 2005 تتبع مباشرةً للقائد العسكري لحزب الله عماد مغنية».

ثم يمكن القراءة في أسفل الوثيقة المعلومات الآتية: «أياد، تاريخ ميلاده في 20 نيسان/ أبريل 1960، وهو مخبر سابق في جهاز حزب الله للعمليات الخارجية».

 

المعلم: من يريد استقرار لبنان فليدعم التوجه السوري ـ السعودي

المصدر الأنباء

أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم وجود لاعبين في الساحة اللبنانية يحاولون زرع الاوهام والرهانات لدى بعض الفئات اللبنانية، وقال المعلم ردا على سؤال عن الدور المصري في لبنان: «أريد أن أجيب بشكل عام ان الرئيس الاسد يعطي أولوية لامن واستقرار ولبنان وهناك مسعى سوري ـ سعودي، لكن هذا لا يعني عدم وجود لاعبين آخرين على الساحة يحاولون زرع أوهام خاطئة برأس اللبنانيين»، مضيفا ان «من يحرص على أمن واستقرار لبنان فليدعم الجهد السوري ـ السعودي ومن يرد تخريب هذا الجهد فانه لن يفلح والاشقاء في لبنان يعون ذلك». وحول تعامل بلاده مع موضوع المحكمة اللبنانية، قال الوزير السوري خلال المنتدى الاول للقناصل الفخريين لسورية في العالم «مسألة المحكمة أمر يخص لبنان ولا يخص سورية فهي شأن لبناني» وتابع المعلم «لابد هنا من توضيح بعض اللغط الذي تستخدمه وسائل الاعلام الغربية، هناك فارق كبير بين قرار ظني يقدمه مدعي عام المحكمة وبين قرار اتهام، القرار الظني مبني على الشكوك ويستطيع المدعي العام أن يفرش هذه الشكوك يمينا ويسارا بحجة أنه ظني وهذا لا يساعد في استقرار لبنان، عندما يكون هناك قرار اتهام مبني على أدلة قاطعة لا أتصور أن أحدا يقف ضده.. من هنا عندما تسمع تصريحات في اسرائيل وتقرأ في الصحف الغربية تشعر بان الهدف هو تسييس المحكمة واللعب باستقرار لبنان».وبشأن عملية السلام جدد الوزير المعلم التأكيد على أنه «لا وجود لشريك في اسرائيل يريد السلام، بل ما نراه يحدث على أرض الواقع من سياسة استيطان وتهويد للقدس وحصار لا انساني لقطاع غزة كلها مؤشرات تؤكد عدم وجود شريك يريد صنع السلام» وحمل المعلم «اسرائيل ومن يرعاها مسؤولية تعطيل عملية السلام».

وفيما يتعلق بايران وعلاقاتها بدول المنطقة قال المعلم «سورية تقيم علاقاتها في ضوء مصالحها وقضايا أمتها.. منذ انطلاق الثورة الاسلامية في ايران استبدل مقر السفارة الاسرائيلية في طهران بالسفارة الفلسطينية، وكان واضحا وقوف الثورة الايرانية الى جانب القضية الفلسطينية وهي القضية المركزية للعرب».

وحول الملف النووي الايراني قال «الايرانيون أكدوا مرارا أن برنامجهم النووي سلمي، وشاركوا معنا في الدعوة الى اقامة منطقة خالية من الاسلحة النووية في الشرق الاوسط»، مؤكدا أن سورية «تقف ضد أي استخدام نووي عسكريا في المنطقة» منتقدا «ازدواجية المنظور الدولي.. اسرائيل تمتلك أكثر من 250 قنبلة نووية والعالم يقف بصمت ويمتنع عن توجيه الانتقادات الدولية لاسرائيل».وفي الشأن العراقي، شدد المعلم على أن «سورية حريصة على أمن واستقرار العراق وهي مع ما جرى بشكل كامل من توافق ونحن على اتصال بكل الجهات العراقية بشكل دائم». وحول العلاقات السورية ـ الفرنسية قال المعلم «العلاقة بين سورية وفرنسا جيدة وخاصة العلاقة الشخصية بين الرئيسين».

 

 

 

الصحوة الأميركية في لبنان.. الأسباب والدوافع!

المصدر الأنباء

ترى أوساط سياسية لبنانية في قراءتها لعودة لبنان الى موقع متقدم على الأجندة الأميركية ان عنصرين كانا حاسمين في ردة الفعل الأميركية تجاه لبنان:

- الأول، زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد للبنان وما رافقها من كلام سياسي خاصة في الضاحية الجنوبية، حيث وضع لبنان في سياق مشروع هزم الولايات المتحدة في المنطقة.

- الثاني، هو المخاوف الكبيرة التي انتابت كبار المسؤولين في الامم المتحدة، بعد الظهور الاخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله واعلانه قرار مقاطعة المحققين الدوليين، وهو الامر الذي أحدث مخاوف عند المسؤولين في واشنطن وعواصم اخرى.

وترى أوساط ديبلوماسية مراقبة، وفي سياق آخر متصل، ان السياسة الخارجية الأميركية في المرحلة المقبلة بحاجة لاعادة تجميع أوراق كثيرة، ذلك أن باراك أوباما المقبل على فترة من الشلل الداخلي بسبب نتائج الانتخابات الأخيرة، سيضطر لاحداث اختراقات في سياسته الخارجية أو على الاقل الايحاء باحداث مثل هذه الاختراقات، لكي يضمن اعادة انتخابه لولاية ثانية بعد أقل من عامين.وللشرق الأوسط والخليج دور لا بأس به بين هذه الأوراق، خصوصا في العراق وفلسطين ولبنان والسودان، ولذلك جرت محاولات حثيثة لاضعاف الدور السوري في العراق، وتجري محاولات مماثلة للتشويش على هذا الدور في لبنان، والمنشطات الأميركية التي حملها جيفري فيلتمان وسفيرة أميركا في لبنان الى بعض قوى 14 آذار، يراد لها تكثيف الحملة على حزب الله من جهة، واحداث خضات في الورقة اللبنانية لتشويش الصورة السورية في لبنان، وهذه الحملة قد تتكثف مع عودة الجمهوريين بقوة أكبر الى مجلسي النواب والشيوخ الاميركيين.

ومع رفع نبرة الاتهامات الاميركية لسورية في الفترة الأخيرة والرد السوري المباشر عليها، كثفت دمشق هي الاخرى استراتيجية تجميع الأوراق، وجمع «حماس» و«فتح» في دمشق هو جزء من هذه الأوراق، ولبنان سيبقى ورقة مهمة في الحسابات السورية المقبلة ومن غير المنطقي تصور دمشق قابلة بالتشويش مجددا على دورها في لبنان مهما كان الثمن.

 

لا حلول خارجية مجدية حيث التفاهم الوطني متعذر

«ما حك جلدك مثل ظفرك - فتولّ أنت جميع أمرك» (الإمام الشافعي)

الكاتب إياد أبو شقرا /الشرق الاوسط

كان مشجعا لليائسين الكثر في المنطقة العربية ظهور بوادر حلحلة في أزمة الحكم العراقية المتطاولة نحو ثمانية أشهر. أما في لبنان، فبقدر ما كان خطاب السيد حسن نصر الله الأخير مقلقا للبنانيين الذين غدوا مثل جحا في استساغتهم الكذب على أنفسهم، فإن دعوة قصر الإليزيه للنائب ميشال عون جاءت في خانة الإيجابيات.. أقله لإراحة المواطن - ولو لأيام معدودة - من مسلسل التوتير المكشوف المولج به عون ومن لفّ لفه.

حلحلة الأزمة العراقية، ولو كانت متنفسا رحبت به عدة جهات معنية، فإنها، بصراحة، لا تعني الحل. وبالتالي، فهي لا تبشر بنهاية قريبة لمعاناة الشعب العراقي الصابر. بل إن حالة الغموض التي شابت مناورات اللحظات الأخيرة، ومحاولات ترتيب الترضيات والتسويات «على الطريقة اللبنانية» مؤشرات أكثر من كفيلة بتضييق مساحة التفاؤل غير الواقعي.

ثم إن ما شهدناه خلال الأسبوع الماضي من «انفراجة» في العراق أتاحت البت في توزيع الرئاسات يشبه كثيرا «الانفراجة» التي سميت «اتفاق الدوحة» لإنهاء أزمة الحكم المتطاولة في لبنان وانتخاب رئيس جديد للجمهورية والتفاهم على تشكيل حكومة «وفاق وطني» (؟!) يمنع أي طرف من التمتع بأغلبية فيها، وتحظر على وزرائها الاستقالة. وكما هو واضح للعيان، نتج في لبنان اليوم وضع الشلل الفعلي باسم «التوافق»، وترحيل الملفات الساخنة بأمل تأجيل الفتنة، وتزايد الاحتقان والاستقطاب الطائفي تحت ذرائع حماية المقاومة ووقف المؤامرة الإسرائيلية - الأميركية من ناحية، والدفاع عن وجود الدولة وعلاقتها بالشرعية الدولية وإحقاق العدالة من الناحية المقابلة.

إذن لا حل نهائيا في العراق الآن، وهو حتما لن يأتي عن طريق «اللبننة»، كما لمح بالأمس أحد كبار الكتّاب اللبنانيين.

في المقابل، لبنان يخطو الآن فعلا نحو «العرقنة»، وهذا هو الاستنتاج المنطقي الذي يخرج به كل من سمع نبرة السيد حسن نصر الله، وردود الفعل عليه في الأسبوع الماضي.

فكلام الأمين العام لحزب الله - كما يفهم منه - يقرب «ساعة الصفر» ويقطع شعرة معاوية مع الفريق اللبناني الآخر، عبر تخوينه واتهامه بالتواطؤ مع إسرائيل إبان عدوان 2006 على لبنان، مع أن الرئيس نبيه بري، حليف حزب الله، كان شخصيا قد وصف الحكومة اللبنانية يومذاك بأنها «حكومة المقاومة» وأثنى على جهود رئيسها ووزرائها... ومنهم وزراء «الحزب». وحتما، بعد فترة من الدعم الضمني من «الحزب» لتهجّمات النائب عون على تيار المستقبل، بأحيائه وأمواته، وصلت الرسالة إلى المعسكر الآخر، أي «تجمّع 14 آذار». واليوم ثمة شعور عميق في الشارع اللبناني السني، بالذات، بأن تصعيد عون مستحيل من دون مباركة من حزب الله، وأن «الحزب» قطع شوطا بعيدا في رحلة اللاعودة مع فئة واسعة من اللبنانيين، يصنفها أنها معادية له ومتآمرة عليه. ومن ثم، ضمن هذا الإطار يصبح العلاج بالمسكنات والتمنيات، بانتظار «الحل السحري» من الخارج، مجرد عملية كسب وقت لا أكثر ولا أقل. في حالة كهذه، يستقوي فيها حزب الله بسلاحه على شارع طائفي مقابل رافض للاستسلام، يقترب لبنان كثيرا من «العرقنة» بكل من تنطوي عليه من انقسام عمودي يستحضر كل عوامل التفجير الإقليمي والدولي إلى البلد بذريعة الدفاع عن النفس أو الإنقاذ.

في الحالتين العراقية واللبنانية، من المفيد للعراقيين واللبنانيين الرافضين الاتعاظ من تجارب الماضي... أن يستوعبوا حقيقة ألا حلول خارجية مجدية حيث التفاهم الوطني متعذّر.

فالحلول الخارجية في الأساس مؤقتة، ثم إنها نابعة من الاعتبارات الخاصة بلاعبيها وليس بأصحاب العلاقة المباشرة. ومهما خلصت نيات الوسطاء فإن المتغيرات واردة دائما.

أما عن الداعمين والواعدين بالدعم، فلهم حسابات أخرى... وأثمان تقبض وتدفع. ولئن اختار السيد نصر الله بالأمس - بطريقته الخاصة - استحضار سياسة هنري كيسنجر فإنه لا هذه السياسة ولا غيرها تختصر استراتيجيات واشنطن وتكتيكاتها. وليس على السيد نصر الله النظر أبعد من فرنسا، التي انتقلت في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي من وضع «الأم الحنون» للبنان... إلى وسيط ملتبس المواقف يموه على الجميع، ويوجه الإشارات المتناقضة بحجة أنه على مسافة واحدة من الجميع.

 

كفى تهديداً وتهويلاً

عوني الكعكي /المصدر الشرق

ليس سراً أن "حزب الله" يمتلك ترسانة سلاح كبيرة جداً، في وقت لا تمتلك كل الاطراف السياسية سلاحاً، وهذا ما أنتج إشكالية كبرى وتوجّساً وتخوّفاً عند أكثرية اللبنانيين.

وليس سراً أيضاً أن المعادلة تقول، إن "حزب الله" عندما يقاتل اسرائيل فإن كل لبنان سيكون معه، والربح محسوم لمصلحته حتى ولو خسر، ولكن عندما يوجه سلاحه الى اخوانه في الوطن فإنه حتى لو ربح فهو خاسر من دون أي شك. ونعتقد أن قيادة "حزب الله" يجب أن تدرك أبعاد هذه المعادلة ومعانيها بما يفرض كفها عن التهديدات ووضعها حداً لسياسة تخوين الآخرين، والابتعاد عن وضع مساحة واسعة من التباعد بين اللبنانيين وتقسيمهم الى موالٍ للحزب، يتم تصنيفه بأنه وطني والى منتقد لسياسات الحزب يتم تصنيفه بأنه خائن... وهنا يبرز دور السلاح والذي يعتمد عليه الحزب في توجيه التهديدات الى الداخل بما يتنافى مع أبسط قواعد الوطنية. وإذا كانت المحكمة الدولية هي الهاجس الاكبر فقد آن الاوان ليدرك "حزب الله" انه ليس من أحد مع تسييس المحكمة، وليس من أحد يتمنى أن تكون المحكمة طريقاً لضرب "حزب الله"، وإذا كان هناك من قرار اتهامي فليس في ذلك نهاية الدنيا، خصوصاً أن لا أحد سيقبل قراراً من دون إثبات ودلائل حسية، إذاً، لماذا يهدد الحزب أبناء الوطن، ويثير الخلافات والنعرات؟!. وهو لا بد أن يعلم أن أي خلاف في لبنان سيكون لمصلحة العدو الاسرائيلي.

في مطلق الاحوال، فإن قيادة "حزب الله" مطالبة بإعادة النظر في سياساتها وتوجهها الى الداخل اللبناني لان هذه السياسة وهذا التوجه يفقدانها الى حد كبير صفة المقاومة، وقد آن الاوان لوقفة مسؤولة تقنع اللبنانيين بأن الحزب لا ينفذ سياسات إقليمية، خصوصاً أن حجم تمويله المالي كبير جداً ومصدره ايران، والتي تزوده بترسانة عسكرية تفوق التصورات.

ونحن هنا لا نوجه اتهامات بقدر ما اننا ندعو الى عدم توجيه سلاح الحزب الى الداخل أو التهديد به، لأنه عندئذٍ يقع تحت خانة الالتباس، ما يدعو فعلاً الى طرح الاسئلة.

كل اللبنانيين أجمعوا على المقاومة وإيدوها عندما كانت تواجه اسرائيل، وفي العام 2006 ربح "حزب الله" المعركة ضد اسرائيل، وليس من لبناني إلا واعتز بهذا الانتصار، على الرغم من خسارة هذا البلد 15 مليار دولار ووقوع حوالى اربعة آلاف شهيد. ولكن، بعدما أبعدت المقاومة نتيجة العدوان الى شمالي الليطاني، وتوجه "حزب الله" الى الداخل، لم تنفذ المقاومة أي عملية ضد العدو الاسرائيلي منذ عام 2006 وحتى الآن. وهذا يعود بصورة رئيسية الى تلهي "حزب الله" بالشأن الداخلي، إضافة الى ضغوطه من أجل تبني سياساته... والتهديد والوعيد هو سبيله للوصول الى ما يعتبره أهدافه... وهذا أمر خطير للغاية لن يصب على المدى المتوسط في مصلحة "حزب الله" على الاطلاق.

 

في الافتراء وأهله

الكاتب علي نون /المصدر المستقبل

يعود "حزب الله" من جديد يا اخوان يا خلاّن، الى ممارسة هوايته المفضّلة: الطخّ على حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وكل فريق الرابع عشر من آذار على خلفية حرب تموز 2006، في مراس مُحيّر لم تنفع في محاججته كل حقائق الدنيا والتاريخ الذي ما غاب في النسيان بعد. والواقع المألوف مع ذلك السياق الافترائي والكيدي، هو أنه يأتي في كل مرّة يجد فيها الممانعون أنفسهم في مواجهة أزمة سياسية كبيرة، هي في الأصل والأساس، وتبعاً لموجبات أحكام الضمير الحيّ والمنعش، حصاد ما زرعوه هم بالتكافل والتضامن والتعاضد!

مرّت في أيام الضنى التي سبقت ذلك السابع من أيار المشؤوم الى يوم القيامة، تنغيمات مماثلة لتلك التي تُعزف اليوم. وطارت في كل اتجاه مطوّلات التخوين والتبخيس والارتباطات بالخارج وما بعد الخارج.. وكان مطلقوها وأصحابها والرابطون أول وآخر خيط فيها، أكثر وأهم من يعرف مدى الافتراء فيها. ومدى التجني الذي تحمله ومع ذلك إستمروا ويستمرون في التنغيم الممل على وقع هذا الوتر برغم الغرابة الكامنة في ذلك الارتكاب من قِبل من يستند في قوله وحكمه وفعله وبيانه وخطابه وممارساته اليومية الى النصّ الديني، ويعرف تماماً معنى الحلال والحرام وقصة الثواب والعقاب في ذلك النصّ! يغيب ذلك المراس ويندثر، ثم يعود الى الواجهة تبعاً للحظة السياسية.. اتهامات موسمية. نتآلف في لحظة فننساها. ونتخاصم في لحظة ثانية فنتذكرها.

وكأن "حزب الله" يقول ان "التآمر على المقاومة" أو "العمالة" في ذاتها، هما وُجهة نظرسياسية ليس إلا! وما يعزز ذلك الحكم، انه في مقابل سكوته التام (التام) عن ثبوت تهمة التجسس لحساب إسرائيل على أحد أبرز قياديي تيار حليفه الأول ميشال عون، والتطنيش عن كل ما سبق من دعوات عاجلات لتنفيذ أحكام الاعدام في حق العملاء والجواسيس، يعود لينبش ويطلق "ملفات" ملفقة من أساسها في حق قوى الرابع عشر من آذار! اعترافات مسكوت عنها هناك. وافتراءات بالجملة ملعلعة هنا.

مقارنة تحيل المبادئ العظمى الى مجرد أدوات في لعبة سياسية آنية ظرفية وكيدية. وذلك ما لا يمكن أن يركب أو يستقيم في مواضيعنا الكبيرة الراهنة: في الحرب والعمالة والحياة والموت والعدالة والعسف وإسرائيل.. والفتنة المذهبية بين المسلمين؟! ولقائل ان يقول عن حق، ان ما "يساعد" على إطلاق تلك الافتراءات، هو تصرف المتلقين في الجانب الآخر بكثير من المسؤولية، وامتناعهم عن كشف ما يملكون من "وقائع" وليس تلفيقات. ومدوّنات كاملة وليس جملاً منتقاة نقلاً عن "زوار" مجهولين دائماً وأبداً، ولا شهود عليها ولا من يشهدون..

نعم وألف ألف نعم. يتصرف المظلوم والمُستهدف والمُتهم والمُجنى عليه بمسؤولية وطنية كبيرة، فيما المفتري في مكان آخر. علماً ان تلك المسؤولية يفترض أن تكون بداية ونهاية وديدن ونهج الحريص على مواجهة إسرائيل بما يضيرها ويجهض أمانيها.. وقبل ذلك يفترض ان تكون في مقدم هموم الساعي الى حفظ عروة الناس الوثقى، خصوصاً إذا كان هؤلاء الناس أهل بلد واحد وهوية قومية ودينية واحدة؟! ..أسئلة كبيرة تخطر في البال وتبقى فيه. لا يقمعها إلا التوجّس الصافي من خطورة أيامنا والآتي منها. وخطورة انكشاف اللبنانيين من جديد أمام القريب والبعيد. وخطورة الوعود التدميرية الفالتة من دون رباط يربطها ويشدّها ويبقيها مكوّمة في الزوايا المعتمة. وخطورة افتراض البعض انه أقوى من غيره، وأبقى ممن سلف. وأنه فوق ذلك الافتراض المريض والمدمّر، يستطيع أن ينسف السدّ ويبقى هو في منأى عن الطوفان الذي يليه؟! أي معضلة كئيبة هذه؟

 

لا لوم على خارج يخدم مصالحه إنما على داخل في خدمته

سياسيون ينفذون توجيهات على حساب لبنان

اميل خوري/النهار

ليس جديدا ولا مستغربا القول ان اميركا كغيرها من الدول تعمل لمصلحتها وحتى لمصلحة اسرائيل ولا يحتاج ذلك الى دليل ولا عيب في ذلك، انما العيب والمستغرب هو في ان يعمل سياسيون لبنانيون لغير مصلحة وطنهم بل لمصلحة الآخرين... ولا يحولون دون ان يحقق هؤلاء مصلحتهم على حساب مصالح لبنان. وقد كان هذا من اسباب حملة العميد الراحل ريمون اده على السياسة الاميركية وعلى سياسة كل دولة تتعارض ومصلحة لبنان، ولم تكن الرسالة التي وجهها الى وزير الخارجية الاميركية الاسبق هنري كيسنجر الا تعبيرا عن رفضه تلك السياسة وتأكيداً منه ان مصلحة لبنان فوق كل مصلحة. ولم يكن اده يلوم الدول التي تعمل لما يخدم مصالحها انما يلوم الزعماء اللبنانيين الذين يسخرون ارادتهم وضمائرهم لخدمة هذه المصالح. فلو انه فعل مثلهم لكان وصل الى رئاسة الجمهورية من زمان.

ان مواقف اده، الرجل النادر في وطنيته ونظافته واستقامته لم تكن نظرية بل عملية وقد اكد فيها صدقيته غير مرة. فعندما زاره الموفد الاميركي دين براون في منزله في الصنائع ليطرح عليه شروط اميركا التي توصله الى رئاسة الجمهورية، لم يتردد في رفضها لانها تخضع لبنان لوصاية سورية وإن غير مباشرة من خلال بقاء جيشها في لبنان الى اجل غير مسمى، فأصر على ان يكون الامن في لبنان امنا ذاتيا لا مستعارا سواء باعادة تنظيم قوى الجيش والامن الداخلي، او بالاستعانة بقوة دولية موقتة ريثما يتم هذا التنظيم. ولانه كان للولايات المتحدة الاميركية مصلحة في بقاء الجيش السوري في لبنان، فإنها رفضت موقف اده واتجهت نحو الياس سركيس الذي كان حاكما لمصرف لبنان فقبل بشروطها واصبح رئيسا للجمهورية.

ولم يتوقف العميد اده عن العمل من اجل ان يستعيد لبنان سيادته الكاملة على ارضه، فزار الرئيس سركيس في القصر الجمهوري وطلب منه ان يصر في قمة الرياض التي تقرر عقدها للبحث في وضع لبنان، على ان تتألف قوة الردع العربية، من قوات متساوية في العدد بين الدول المشاركة فيها لانه يخشى اذا ما كان عدد القوات السورية كبيرا، ولسوريا مطامع تاريخية في لبنان، ان تتوصل الى تحقيقها. لكن تبين ان الولايات المتحدة الاميركية التي كانت متفقة مع سوريا على تلزيمها لبنان لوقف الاقتتال فيه وتثبيت الامن واخراج الفلسطينيين المسلحين من ارضه الى تونس بعدما عجزت الحرب الداخلية رغم طول مدتها على تحقيق ذلك، وهي حرب اشتعلت لهذه الغاية، جعلت الرئيس سركيس عاجزا عن تحقيق ما طلبه العميد اده لكنه عاد مرتاحا من قمة الرياض لانها قررت وضع "قوة الردع العربية" في تصرف الرئيس سركيس وامرته... وقد دعا العميد اده الى القصر ليطلعه على ذلك عل هذا القرار يسره، لكن العميد اده بدا مستاء وقال له: "يا فخامة الرئيس لو انك اردت ان تنقل جنديا سوريا من ساحة البرج الى ساحة الدباس، فكلمة من يسمع؟ كلمتك ام كلمة الرئيس حافظ الاسد؟".

وعندما نفى العميد اده نفسه اختياريا وغادر لبنان بأسى الى فرنسا لانه رفض ان يعيش حتى في وطنه اذا كان لا حرية فيه ولا سيادة، ارسل اليه الرئيس حافظ الاسد نائبا لبنانيا هو صديق مشترك ليبلغه باسم الرئيس السوري، دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية اللبنانية على ان يسحب شروطه الثلاثة التعجيزية وهي: انسحاب القوات الاسرائيلية والسورية والفلسطينية من لبنان، فاجاب اده النائب الصديق: "انني وضعت هذه الشروط كي لا اكون رئيسا للجمهورية يتحول مجرد محافظ عند الرئيس حافظ الأسد"...

وعندما انتخب الياس الهراوي رئيسا للجمهورية وتشكيل اول حكومة قال لزائر صديق له وللعميد اده: "انني كنت اتمنى لو ان العميد اده كان في مكاني لانه هو احق مني بالرئاسة الاولى"، فأجابه الزائر ان اده لا يقبل رئاسة بشروط غيره بل بشروطه كي يكون رئيسا بالفعل لا بالقول"، عندها اعترف الرئيس الهراوي للزائر بصحة موقف اده وقال له: "ان وزيرين في الوزارة الجديدة التي تم تأليفها لا اعرفهما".

ويسرد العزيز الراحل جبران تويني في مجلة "النهار العربي والدولي" ما جرى في مقابلة صحافية مع الرئيس حافظ الاسد في دمشق اذ حصلت بينهما مشادة كلامية حول مقال افتتاحي له في "النهار العربي والدولي" عنوانه "لن ننساك" يتكلم فيه عن بشير الجميل والبشيريين، وبينما هو، اي جبران، يدافع عن بشير قال له الرئيس الاسد: "انتم تظنون ان كل الناس معكم او كانت معكم. انا اقول لكم ان هنالك طبقة من السياسيين التقليديين يقولون لكم شيئا في بيروت ويقولون لنا شيئا مختلفا في دمشق"... وتابع الاسد: "ايام زحلة اتاني نائب من المدينة (سماه) وهو يبيعكم بطولات ووطنيات وقال لي: يا سيادة الرئيس متى ستدخل القوات السورية زحلة كي نتخلص من حواجز الزعران ومن الزعران؟ فأنا اريد حواجز سورية على طريق منزلي وعلى كل الطرق كما في كل البقاع. هذا ما قاله النائب الزحلاوي واذا لم تصدق فجبران كورية هنا وكان شاهدا وبامكانه ان يأتينا بالمحضر"...

وختم جبران رحمه الله الف مرة، مقدمة المقابلة بالقول: "معه حق حافظ الاسد. هذا النائب طلب عام 1982 جيشا سوريا لضرب اللبناني، وابن الاشرفية لم ينس من مات ودفن تحت انقاض عاصمته عام 1978 عندما كانت سوريا تدعي بان قواتها هي بتصرف الرئيس سركيس، هذه القوات التي قصفت العاصمة حتى لوح الرئيس سركيس يومها بالاستقالة".

هذا النموذج من تعاطي سياسيين لبنانيين مع الخارج القريب والبعيد يدل على ان الحق عليهم وليس على هذا الخارج، لانهم يقبلون بان يكونوا ازلاما له، يأتمرون باوامره ويقدمون مصالحهم على مصالح بلدهم، وان العيب ليس من الخارج الذي يسعى لمصالحه وهو شيء طبيعي، انما العيب هو في مثل هؤلاء السياسيين الذين صح فيهم قول الامام الشافعي: "يعيب زماننا العيب فينا وما لزماننا عيب سوانا، ويهجو ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا"... ان لبنان بات اليوم في حاجة اكثر من اي يوم مضى الى قادة يقدمون مصالح وطنهم على اي مصلحة اخرى، ويفتدونه بارواحهم من اجل استقلاله وسيادته وحريته وعزته وكرامته.

 

زيارتا أردوغان وأوغلو لبيروت تثيران اهتماماً داخلياً

متغيّرات في الموقف التركي وتأثيرها على سوريا؟

روزانا بو منصف/النهار

يزور لبنان في 25 تشرين الثاني رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان فيما يزوره في الرابع من الشهر المقبل وزير الخارجية داود اوغلو في ظل توقعات لدور تركي في ما يواجهه لبنان من اخطار وامكان تأثير انقرة على دمشق باعتبار ان هذا التأثير هو الاكثر فاعلية لاعتبارات عدة وفي ظل معطيات عن استياء تركي من التعاطي السوري مع لبنان في الفترة الاخيرة. اذ يسري حديث عن ابلاغ المسؤولين الاتراك نظراءهم السوريين في لقاءات عقدت على مستوى الرئاسة ووزارة الخارجية في سوريا اخيرا هذا الاستياء المتعلق بعدم حصول اي تعديل في الموقف السوري من لبنان بعدما اثارته مذكرات التوقيف السورية ضد شخصيات لبنانية. في الوقت الذي تحدثت معلومات عن اعادة نظر او بالاحرى عن نقاش في القيادة السياسية التركية يتناول جملة امور بما يترك المجال واسعا للتساؤل عما اذا كان هناك تغيير في السياسة الخارجية التركية في المدى المنظور. واهمية هذا التغيير تكمن في ان له اثاره على جملة امور في المنطقة تماما كما للانفتاح التركي تأثيره في المقابل.

وواقع الامور ان تركيا، وبحسب ما تفيد معلومات مصادر معنية، قد تكون امام معادلة جديدة ومراجعة افضت الى ضرورة احياء علاقتها بالولايات المتحدة بعدما تراجعت الحرارة فيها نتيجة مجموعة من التطورات كان احدها التقارب التركي من ايران. فالسياسة التي اعتمدتها تركيا في الاعوام الاخيرة بنيت على ضرورة معالجة تركيا مشاكلها مع دول الجوار والانفتاح عليها. وكان السعي الى تحسين العلاقات مع دول الجوار الذي لم يقتصر على العلاقات التركية السورية ويستكمل مع ارمينيا وقبرص واليونان وسواها. وكان الانفتاح على ايران في إطار هذه المعالجة التي هدفت في شكل رئيسي الى المساهمة في فتح الاسواق الايرانية امام المنتجات التركية تجاوبا من القيادة السياسية مع رجال الاعمال الاتراك. الا ان العلاقة مع طهران لم تساهم عمليا في تأمين الاسواق الايرانية للمنتجات التركية فيما تسببت في تخريب علاقة تركيا بالمجتمع الدولي نظرا الى التوتر القائم بين ايران والغرب على خلفية الملف النووي الايراني. لكن العلاقة بين تركيا وبعض الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة كان يشوبها بعض التوتر ايضا بسبب تدهور العلاقات بين تركيا واسرائيل. ووفقا لمعلومات المصادر نفسها فان النقاش داخل القيادة السياسية التركية يفيد برسم مسافة مع ايران ليس على طريق معاداتها بل على طريق التأكيد ان هناك تنافسا بين البلدين وعدم وجودهما في جبهة واحدة او اعتبارهما حليفين وان هناك نية لدى هذه القيادة في اطلاق اشارات سياسية على طريق توضيح هذا الامر.

والامر الآخر الذي يستكمل هذا النقاش هو محاولة تركيا التصالح مع الولايات المتحدة وللمرة الاولى في التاريخ الحديث للدولة التركية من دون مساعدة اسرائيل . اذ ان هذه الاخيرة كانت وسيطاً في مراحل عدة وساهمت في رفع مستوى العلاقات التركية – الاميركية وتطورها علما ان هناك اعتبارات اخرى كثيرة دخلت على الخط ومن بينها اعتبارات استراتيجية سياسية وامنية وسواها. لكن تركيا تحاول معالجة هذه العلاقة مجددا بعدما توترت أخيراً بسبب معارضة تركيا العقوبات الدولية التي اتخذها مجلس الامن على ايران في شأن ملفها النووي وهي بدأت تعطي منذ بعض الوقت اشارات في اتجاه تحسين وضعها ازاء الولايات المتحدة واستعادة بعض ما فقدته من علاقاتها مع الغرب.

وتثير هذه المعطيات تساؤلات عن تغيرات في الموقف التركي من التعاون مع سوريا ايضا ولكنها ليست واضحة كليا. الا ان المهتمين يتابعون عن كثب اولا دقة هذه المعطيات ومداها وثانيا مدى تأثيرها وخصوصا ان الابتعاد او رسم حدود مع طهران يؤدي عملياً وفق ما يرى هؤلاء الى نقض لمحور لم تدخل فيه تركيا بمعنى الحلف الاستراتيجي لكن ساهم في بلورته تصاعد التوتر بين تركيا واسرائيل مما جعل الاولى تقترب اكثر من ايران وسوريا وتجد لها صدى شعبيا اكبر في العالم الاسلامي. كما يتابع هؤلاء المهتمون ايضا امكان الاستفادة من الدور التركي في موازنة الامور لجهة قدرة تركيا على التأثير على سوريا وخصوصا انها شكلت بالنسبة الى دمشق بوابة مهمة في ذروة التوتر بين الاخيرة والدول العربية المؤثرة كمصر والسعودية وهي لا تزال تشكل هذه البوابة خصوصا ان المواقف السورية اخيرا من لبنان اعادت استنفار بعض المواقف الدولية والعربية وتحرك بعض الدول لتصويب الوضع ودفع سوريا الى اعتماد منطق التعاطي مع لبنان من دولة الى دولة كما كانت قررت قبل بعض الوقت. وبصرف النظر عن احتمالات النجاح او الفشل، فان هناك من يتطلع الى دور تركي في تعديل بعض الامور وربما موازنتها ايضا

 

كلام نصرالله اعاد الحوار اساساً لاي معالجة داخلية

مصدر وزاري سابق : تلاقي عربي على الفصل بين مسار المحكمة والوضع السياسي

الكاتب فادي عيد /المصدر الديار

يبدو ان الحراك السياسي في البلد سيبقى محكوماً بالانتظار حتى صدور القرار الظني بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وما يمكن ان يتضمنه من اتهامات ووقائع، وكيفية، دور فعل الاطراف المعنية، وخصوصا في حال تسمية عناصر منها متهمة بالتورط في هذه الجريمة، وتداعيات هذا الامر على الواقع السياسي العام، في ظل الانقسام السياسي الحاصل في البلد. وفي هذا الاطار، رأى مصدر وزاري سابق قريب من «بيت الوسط» ان الخطاب الاخير للامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عبّر عن ان نصرالله وفريق الثامن من آذار باتوا على قناعة بان القرار الظني سيصدر في وقت ليس ببعيدولا يمكن ايقافه، الامر الذي يوجب اتخاذ مسلكية معينة في التعاطي مع هذا القرار بعد صدوره. مشيرا الى قناعة ايضاً باتت لدى جميع المسؤولين بضرورة العمل لكي لا تفتح تداعيات هذا القرار الباب على احتمالات تأخذ الوضع الى المجهول، الامر الذي لا يتمناه اي من الافرقاء. مؤكداً ان اي نظرة موضوعية لخلفيات الامور تؤكد انه اذا كان هناك من تداعيات سيئة على القرار الظني، فان مفاعيل هذه التداعيات ستطال الجميع الى اي فئة انتموا. مبدياً ارتياحه لما اعلنه السيد نصرالله عن استعداد للمعالجة وعن احتمال حصول حوار داخلي في فترة ما بعد الاعياد.

وكشف المصدر ان المواقف الصادرة عن مراجع دولية وعن رئيس المحكمة حول موعد صدور القرار الاتهامي واستقلالية وحيادية عمل المحكمة الدولية قد رسمت مساراً جديداً لما يمكن ان يكون من تداعيات على الساحة الداخلية حيث انه من الصعب ان يستغل اي طرف مضمون الاتهام الدولي لتصفية حسابه والانقضاض على الطرف الآخر، وبكلمة واحدة تنفيذ انقلاب على اكثر من مستوى سياسي وامني. وبالتالي فان هذا المسار بات محكوما بالخطوط الحمر الطائفية والمذهبية التي ستحصر اصداء الاتهامات في الاطار السياسي فقط. واوضح في هذا المجال ان التعويل على اي تغيير قد يحصل يؤدي الى تغيير في موازين القوى هو مبالغ فيه سواء كان بالنسبة للمعارضة او بالنسبة لفريق الاكثرية.

واكد ان هذه المعطيات تحسم عودة كل الاطراف الى طاولة الحوار، وبالتالي عودة الحديث عن فتح قنوات التواصل بين رئيس الحكومة وبين الامين العام لـ«حزب الله» لان اي حوار بالواسطة عاجز عن تحقيق الاهداف المنشودة منه، خاصة اذا ترافق مع حملات تخوينية تصب في مصلحة التصعيد من دون ان تحقق ويناسب للطرفين الاساسيين في السلطة.

واذ تحدث المصدر عن قراءات متباينة للخطاب السياسي للمعارضة، اكد ان كلمة السر قد خرجت من المجال اللبناني وحتى الاقليمي، لان القرار بات حتمياً والمساعي العربية الجارية بمؤازرة ايرانية واضحة تركز على استيعاب ما يمكن ان يحدثه مضمون الاتهامي على الساحة الداخلية. واضاف ان ما نشهده من تلاقي عربي جزئي سيستمر الى مدة طويلة ومن ابرز نتائجه الاولية كلام السيد نصرالله عن الاستعداد للمعالجة وفتحه المجال امام حوار ايجابي مع رئيس الحكومة في الاسابيع المقبلة، علما ان الهدف من هذا الحوار لن يتمحور فقط صوب المسار القضائي الدولي، بل عن الخطة الواجب مشاركة الجميع في وضعها لحماية الاستقرار بشكل فعلي.

 

فصّلوا أثوابًا من غير أن يأخذوا مقاسات الجسم المعنيّ : حقيقتنا اللبنانيّة المجتمعيّة، في واقعها الصارخ، تعدّديّة

بقلم أنطوان نجم/موقع الكتائب

منذ إنشاء الدولة اللبنانيّة في العام 1920 وحتى الآن، خيّم اللاإستقرار على الوضع اللبنانـيّ في غير مرحلة من مراحله. وكان من جرّاء ذلك أنّ الدولة اللبنانيّة ما تقدّمت، يومًا، خطوة في الإنماء والهدوء، حتى تراجعت، أيّامًا، خطوات عديدة على أصعدة مختلفة. والحصيلة كانت أجيالاً تُهجَّر وتهاجر، واقتصادًا يتهاوى، وتربية تتدنّى مستوياتها، وقرفًا عامًّا يتنامى...

خلال تلك المدّة، سعى مفكّرون للبحث في أمر ما يحصل. فلم يقم اتّفاق بينهم، لا على التشخيص ولا، بالنتيجة، على العلاج. وفضلاً عن ذلك، كانت المنطلقات تتعارض، والتطلّعات تتضارب، والأهداف تتباين، ممّا صَعَّب الوصول إلى رؤًى مشتركة، واختيارات متكاملة، وحلول ملائمة.

صحيح أنّ اللبنانيّين كانوا، من آن إلى آخر، يتخطّون التوتّر بتوافق على الهدوء، على ما تمّ في العام 1943 (الميثاق-الصيغة)، أو بعد وقوع انفجار، على ما حدث في العام 1958 (لا غالب ولا مغلوب)، أو العام 1989 (إتّفاق الطائف) بعد حروب داخليّة ضروس، أو اتّفاق الدوحة في العام 2008 بعد أزمة أمنيّة وسياسيّة عميقة.

غير أنّ سلسلة التوافقات لم تُوَفَّق في جعل الهدوء المجتمعيّ الدائم يسود البلاد، ولا في استمرار الخطوات المؤدّية إلى الاستقرار المنشود. فالمسألة في حاجة قصوى إلى ما يجعل الباحث يفهم أسباب الفشل، في محاولات السعي للانتظام السياسيّ اللبنانيّ المتتالية.

في يقيني، إنّ تلك الأسباب، في جوهرها، تعود إلى القصور عن إيجاد مشروع إصلاحيّ جذريّ متكامل ومتجانس العناصر. فإذا فعلنا، خرجنا من المتاهات التي سرنا فيها، ومن الأوهام التي داعبتنا، فضلّلتنا.

إنّ ألف باء المشروع يكمن في استيعابٍ واقعيّ اختباريّ للحقيقة المجتمعيّة اللبنانيّة. وهذا الإدراك، في معناه البسيط، والبعيد من القَبْلِيّات والإيديولوجيّات، يُفصح لنا عن وجوب تتطابق البنية الفوقيّة (شكل الدولة ونظامها وسياستها) مع البنيةِ التحتيّة (الواقع المجتمعيّ في معطاه المحسوس). هذا هو "السّرّ" الذي أُغلق على كثيرين، إذْ فصّلوا أثوابًا من غير أن يأخذوا مقاسات الجسم المعنيّ.

إنّ حقيقتنا اللبنانيّة المجتمعيّة، في واقعها الصارخ، تعدّديّة. وهي تعدّديّة ثنائيّة-كِثاريّة: ثنائيّة دينيّة وكثاريّة طوائفيّة. فلا بدّ، بالتالي، من أن تكون بنية الدولة فدراليّة، ونظامها ديمقراطيًّا توافقيًّا، وسياستها الخارجيّة حياديّة.

وكي نتقبّل الإقرار بهذه التعدّديّة، لا مهرب من الاعتراف بـ"الطائفيّة"، في حقيقتها ومقتضياتها، لا في التشويهات التي أُلْصقت بها وفي استغلالها، ولا في تزوير طبيعتها. ولا مفرّ، أيضًا، من التسليمِ بأنّ "الطائفيّة" هي الوجدان المجتمعيّ، الواعيّ واللاواعيّ، في أبعاد تكوّن الطائفة وتاريخها ومعاناتها وتراثها وثقافتها وسلوكها... كما لا مناص من الإقرار بأنّ هذا الوجدان مُوجِّه رئيس للحياة العامّة، ومعبِّرٌ عن الحفاظ على ذاتيّة الجماعة، ومدافعٌ عن مصالحها الوجوديّة العليا. إنّ "الطائفيّة" هي، بامتياز، حقيقة الواقع الوجدانيّ المجتمعيّ في العالَم المشرقيّ والإسلاميّ برمّته.

وربّ معترِضٍ يشكّك في قبول المسلمين شكلاً فدراليًّا لدولة لبنان، باعتبار أنّهم ملزمون، بموجب أحكام دينهم، أّن يعيشوا في دولة دينيّة إسلاميّة، يهيمنون عليها، وبتشريعات إسلاميّة.

لي على هذا التشكيك التصويبات الآتية:

1. هذا الإلزام يبقى قائمًا، أفدراليّة كانت دولة لبنان، أم وحدويّة مركزيّة.

2. إنّ اللبنانيّين متوافقون علنًا، إلاّ الأصوليّين الراديكاليّين الجهاديّين منهم، على قواعد:

لبنان أوّلاً.

• لبنان دولة عربيّة، سيّدة، حرّة، مستقلّة، (على الرغم من استمرار بعضهم بالدعوة إلى الوحدة العربيّة).

• لبنان دولة مدنيّة لا تلتزم دينًا معيَّنًا لها.

• مسؤوليّة السلطة، على مستوياتها وأبعادها المختلفة، يتولاّها المسيحيّون والمسلمون معًا وبالتّساوي.

• لبنان دولة عضو ومؤسّس في جامعة الدول العربيّة وهيئة الأمم المتحدة، مع الحقوق والالتزامات كافّة التي تفترضها هاتان العضويّتان..

3. الحياة اليوميّة العمليّة، في حقائقها ومستلزماتها وحتميّاتها، أقوى من الإيديولوجيّات والتصوّرات، وحتى، أحيانًا، من الاقتناعات العميقة . وعلى هذا الأساس، بدأ مَخرجٌ فِقهيّ يشقّ طريقه لدى بعض الفقهاء المسلمين، يؤكّد مشروعيّةَ انتماء المسلم إلى دولة غير إسلاميّة، وشروطَ ذلك. ينطلق هذا الفقه من أحكام شرعيّة، وهي على قسمَين: أحكام لا تَساهل في تطبيقها في حال قدرة المسلم على ذلك، وأخرى اضطراريّة، في حال وجود عوائق تحول دونه. وهذا ما تعنيه، مثلاً، الآيَتان: "وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُم إِلاّ ما ٱضّطُرِرْتُم إِلَيْهِ" (الإنعام 119)، "فَمَنِ ٱضّطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ" (البقرة 173).

هذا المخرج الفقهيّ لا يزال واهنًا وغير ذي تأثير، حتى الآن. فلا نتصرّفنّ وكأنّه صار واقعًا، وساد واستقرّ. إنّ من أخطر ما في الممارسة السياسيّة البناء على التطلّع السياسيّ، وهو بعدُ أمل، لا حقيقة ملموسة، فنقع في الوهم وفي سوء المصير. والمعلوم أنّ المسلمين يقرأون الآيتَين أعلاه في ضوء مفهوم "التقيّة" الوارد في الآية 28 من سورة آل عمران: "لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنونَ الكافِرينَ أولِياءَ مِن دونِ المُؤْمِنينَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ الله في شَيْءٍ إِلاّ أَن تَتَّقوا مِنْهُم تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ وإِلى اللهِ المَصِيرُ". والمشكلة الأساسيّة، في موضوع الاجتهاد، تكمن في غياب مرجِعيّة مركزيّة إسلاميّة ذات سلطة إقرار نهائيّ، تقيّم الاجتهادات الصادرة من هنا وهناك، وربّما عن غير ذي اختصاص وسلطان، وتبتّ فيه، إيجابًا أو سلبًا.

 

إنّ المطلوب من المسيحيّين اللبنانيّين أن يبقوا في وطنهم، ويواجهوا الأصوليّين بعزم وتصميم ومثابرة، ويفشّلوا مخطّطاتهم. فنرتقب، إذّاك، ألاّ يعود المسلمون اللبنانيّون في حرج إذا عاشوا في دولة لبنان التي لا تدين بالإسلام. وفضلاً عن ذلك، فإنّ من مصلحة المسلمين اللبنانيّين أن يقبلوا بـ"الفدراليّة" لأنّها تيّسر لهم، في مناطقهم، حقّ التشريع الخاصّ المناسب في حقول معيّنة، ولو إلى حدٍّ معقول، ممّا لا تيسّره لهم دولة وحدويّة مركزيّة غير إسلاميّة. فـ"الفدراليّة" شكل بنيويّ للدولة، مع نظام "الديمقراطيّة التوافقيّة" التي هي حكم القانون المستوحى من قِيَم الإنسان الشخصيّة والمجتمعيّة والاجتماعيّة.

و"الفدراليّة" على أنواع ودرجات، في الأشكال والصِيَغ التطبيقيّة. إنّما تتلاقى جميعها على مبدإ توزيع صلاحيّات الحكم، على نحوٍ تناغميّ وتكامليّ، بين سلطة مركزيّة وسلطات محليّة، بحيث تَحترم الدولةُ الفدراليّة مصالحَ جماعاتها الوجوديّة، وتؤمّنُ الانسجامَ في نسيجها، وتمنعُ تغلّب طرف على طرف آخر. فترتقي بالعيش المشترك إلى حال المؤالَفَة الحقيقيّة.

إنّ أسباب قيام "الدول الفدراليّة" تعود، حتى الآن وعلى نحوٍ عامّ، إلى عوامل أساسيّة خمسة، منفردةً أو متداخلةً بأَبعاد مختلفة، بالإضافة، في بعض الأحيان، إلى العوامل الظرفيّة الأخرى الخاصّة بكلّ دولة انتظمت على قاعدة الفدراليّة. وهذه العوامل هي:

1. هويّات مجتمعيّة متغايرة (أي غير متجانسة) لم تكن قد شكّلت دولة بعدُ، مثل سويسرة...

2. جماعات مهاجرة إلى أرض جديدة واسعة وشاسعة، مثل الولايات المتّحدة الأميركيّة والبرازيل...

3. جماعات ذات تقاليد استقلاليّة داخليّة محليّة، تريد المحافظة عليها، مثل دولة الإمارات العربيّة المتّحدة...

4. شعب موحّد لغةً ومذهبًا، ومساحة بلده صغيرة (نسبيًّا)، ولكنّه يرغب في أن يحيا في نظام يكون أقرب ما أمكن إلى الديمقراطيّة المباشرة، مثل النمسة (مساحتها 83853 كلم2، عدد سكّانها ثمانية ملايين نسمة، لغتهم ألْمانيّة، ومذهبهم مسيحيّ كاثوليكيّ في أكثريّتهم الساحقة)...

5. تحوّل من دولة مركزيّة إلى دولة فدراليّة بفعل ضغطِ غير عامل من العوامل المذكورة آنفًا، مثل بلجيكة والسودان، أو العراق وقبرص، أو إسبانيّة السائرة بخطًى واسعة نحو الفدراليّة، وإنْ بصورة غير معلنة رسميًّا...

ولا بدّ من الملاحظة أنّ أربعين بالمئة من سكّان العالَم، أيْ حوالى مليارَيْن من البشر، يعيشون، اليوم، في ظلّ دول فدراليّة.

و"الفدراليّة"، كما قلتُ، على أنواع ودرجات متفاوتة الأشكال والصيغ التطبيقيّة. فهل تكون، لهذا السبب، في حاجة إلى إلْحاق صفة "الانفتاح" بها، ليتحدّد موضعها في سلّم الفئات والرتب؟

كلاّ! الموضوع يكمن في بُعد آخَر.

كلّ "فدراليّة" لا ترمي، في جوهر غايتها، إلى تحقيق الحرّيّة والعدالة والمساواة، تكون منتحلة صفة. لذا، يُكتفى، عادة، باللفظة وحدها لتعني ما تعني.

ولكنّ أمرَين قد يثيران اضطرابًا في الرؤية، فيعكّران الآراء ويوقعان في الارتباك.

الأوّل، إنّ إيديولوجيّات توتاليتاريّة توسّلت الفدراليّة، شكلاً، لتجعل منها، في حقيقة الواقع، غطاء لأنظمة دكتاتوريّة، بمركزيّة متشدّدة وطاغية، عانى منها الناس والتاريخ. وكانت عواقب الوضع المتجنّي على الفكر الفدراليّ أنّ الفدراليّات تلك انفجرت من الداخل، (الاتّحاد السوفييتيّ، يوغوسلافية...)، وتطايرت مكوّناتها إلى دول متذابحة، فمستقلّة على عداوة. ممّا أعطى بعض معارضي قيام الفدراليّة في لبنان ذريعة الرفض، والاتّهام بالتمهيد لتقسيم مستقبليّ، أي لقيام "دوَيلات مستقلّة" في ما بعد.

غير أنّ هؤلاء المعترضين تجاهلوا أنّ الفدراليّة لا تأتلف البتّة وأيّ نظام غير حرّ وغير ديمقراطيّ، في حقيقته. وكأنّما كان انفجار تلك الفدراليّات المزوَّرة ضروريًّا وحتميًّا لتطهير فكرة الفدراليّة، وتنقيتها من الأدران التي علقت بها بالإكراه.

والثاني، إنّ المعترضين يؤكّدون أنّ الدولة اللبنانيّة أصغر من أن تُقسّم، وأنّ التداخل الطوائفيّ في المناطق اللبنانيّة سيجعل الفدراليّة عاملَ تأجيج للصراعات، وربّما لإراقة الدماء، من جديد، في حروب داخليّة ذات عواقب كارثيّة، تفيد منها إسرائيل والتدخّلات الخارجيّة الاستعماريّة.

ولكنّ المعترضين أغفلوا بعض الحقائق المحسوسة، ومنها:

1. إنّ الفدراليّة، أفدراليّة "جغرافيّة" كانت، أم فدراليّة "جماعات"، ليست "تقسيمًا". إنّما هي توحيد وأداة تآلف. إنّ تلك الدول التي تجمع أقوامًا ذوي "هويّات مجتمعيّة" مختلفة، نجحت في تثبيت استقرارها، وأفلحت في قيام وفاق داخليّ متين، طالما تجاوز توتّراتها الخانقة وتغلّب عليها. ومثاله خروج المملكة البلجيكيّة، منذ فترة غير بعيدة، من أشدّ أزمة واجهتها، بفضل الاحتكام إلى الروحيّة الفدراليّة وسلطة القانون المنبثقة منها.

2. إنّ أيّ انتظام سياسيّ، مهما استجاب للضرورات المرغوب فيها، يبقى عرضة للتفشيل إذا ما سُعيَ لضربه وتعطيله بحجّة أشعرة مختلفة. وما أكثرها!

3. إنّ شرط تحقيق الفدراليّة في لبنان، ونجاحها واستمرارها، أن تأتي ثمرة قبول شعبيّ لبنانيّ طوائفيّ حرّ وعريض، أوّلاً، وأن يطبّقها المسؤولون وفق حقيقة أهدافها وحتميّات مقتضياتها.

وأسأل المعترضين جميعهم: أليست المشكلة في لبنان بنيويّة في الدرجة الأولى؟ إنّ ما جرى فيه من أحداث مفصليّة يعود، أساسًا، إلى شكل الدولة الدستوريّ ونظامه السياسيّ غير المتوافقَين وحقيقة أبنائه المجتمعيّة وتطلّعاتهم. فيكون العلاج، بالتالي، بنيويًّا، قبل كلّ شيء. من هنا، حاجة الدولة اللبنانيّة الفعليّة والملحّة إلى "الفدراليّة".

و"الفدراليّة" المقترَحة مرنة ومطواعة للحقائق الموضوعيَّة، مفهومًا وتصوّرًا وتنفيذًا، ومنصاعة لأن يحلّ محلّها "ما يتوافق"، في الزمن الآتي، والمستجدّات في الأحوال والظروف والحاجات والتطلّعات...

منذ العام 1976، وأنا أنادي بإقامة الفدراليّة في لبنان. ونشرتُ، وقتئذٍ، مقالاً في هذا الصدد في مجلة "الصيّاد" بتاريخ 9/12/1976. وشاركتُ، في العام 1990، في صياغة مشروع مفصّل متكامل بهذا الخصوص، نشر في العام 2007 في كتاب من 215 صفحة. كما وضعتُ في ذلك، أيضًا، كتابات عديدة أخرى .

وجاءت الأحداث المتعاقبة، في لبنان، تؤكّد صحّة توجّهي، وتجعلني مقتنعًا، أكثر فأكثر، بأنّ الفدراليّة هي شكل الدولة الأفضل والملائم للبنان-إلى أن يتغيّر الواقع المجتمعيّ اللبنانـيّ-والذي يُنقذ وفاق أبنائه، ويُرسي فيه قواعد الاستقرار، وينمّيه على مختلف الأصعدة.

أمّا سبيل تحقيق الفدراليّة فيحتاج إلى عدم حرق المراحل، وإلى اتّباع المسار التسلسليّ العامّ الآتي ذي الاتّجاه الواحد، غير القابل للانعكاس irréversible:

1. إنتظام المواطنين في أحزاب طوائفيّة فدراليّة التكوين، حيث يمارسون الديمقراطيّة التوافقيّة، نهجًا وروحًا، ويعتادونها، ويعيشون في مقتضياتها.

2. وصول أكثريّة ساحقة من نوّاب تلك الأحزاب إلى المجلس النيابيّ، وإعلان الفدراليّة، وتعديل الدستور.

3. إنتخاب "مجلس رئاسيّ"، يحلّ محلّ رئاسة الجمهوريّة والحكومة معًا، حيث تُمارَس الديمقراطيّة التوافقيّة إجرائيًّا، يوميًّا وواقعيًّا رسميًّا، في أجلى متطلّباتها، بما فيها حقّ النقض-إذا كان لا بدّ منه-بضوابط صارمة، وفي أحوال محدودة جدًّا، تمسّ، في الصميم، مصالحَ الطوائف الوجوديّة، وحقوقَ الإنسان، كما عرّفت بها شرعات الأمم المتّحدة.

4. طلبُ اعترافِ جامعة الدول العربيّة وهيئة الأمم المتّحدة بشكل الدولة الجديد ونظامها، وبسياستها الخارجيّة المبنيّة على الحياد الدائم، وضمانِ دولة لبنان ضدّ أي تهديد خارجيّ من أيّ نوع كان. ولا بأس، بالمناسبة، من تكرار التأكيد، أنّ أيّ انتظام سياسيّ، أينما كان، وحتى لو ضَربت مثاليّتُه في أبعاد السماء، يفشل إذا كان أبناؤه لا يعيشون خلقيّته، أو إذا صَمّمتْ موازين قوى سياسيّة داخليّة أنْ تفشّله. في ما يأتي نصوص، جاء أكثرها في مجلّة "المسيرة"، أعيدُ نشرها مع بعض تعديلٍ في الصياغة، وتوضيحٍ في الأفكار، بالإضافة إلى ملحق لفقراتٍ من قرارات "المجمع البطريركيّ المارونيّ". لعلّ المهتمّين بمستقبل لبنان الوطنيّ والسياسيّ، وخصوصًا الشباب الطالع منهم، يرَون، هنا، وفي كلّ ما كتبتُ في هذا الشأن، مساهمة تساعد في بلورة صورةٍ للبنان الحرّيّة والمساواة والعدالة والتنمية والتعايش التآلفيّ.