المنسقية العامة للمؤسسات اللبنانية الكندية

أخبار يوم 23 أيلول/2009

إنجيل القدّيس مرقس .37-33:9

وجاؤوا إِلى كَفَرناحوم. فلَمَّا دخَلَ البَيتَ سأَلَهم: «فيمَ كُنتُم تَتَجادَلونَ في الطَّريق؟» فظَلُّوا صامِتين، لأَنَّهم كانوا في الطَّريقِ يَتَجادَلونَ فيمَن هُو الأَكبَر. فجَلَسَ ودَعا الاثَنيْ عَشَرَ وقالَ لَهم: «مَن أَرادَ أَن يَكونَ أَوَّلَ القَوم، فَلْيَكُنْ آخِرَهم جَميعًا وخادِمَهُم». ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِ طِفْلٍ فأَقامَه بَينَهم وضَمَّه إِلى صَدرِه وقالَ لَهم: «مَن قَبِلَ واحِدًا مِن أَمْثالِ هؤُلاءِ الأَطْفالِ إِكرامًا لِاسمِي فقَد قَبِلَني أَنا ومَن قَبِلَني فلم يَقبَلْني أَنا، بلِ الَّذي أَرسَلَني».

 

فيلتمان: قلقون حيال تعذّر تكوين الحكومة في لبنان.. والخلافات مع سوريا عديدة

لبنان الآن/الثلاثاء 22 أيلول 2009

 أكد مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان أن "الولايات المتحدة إحترمت إجراء الانتخابات النيابية في لبنان ودعمتها"، لافتًا في هذا المجال إلى أن "حزب الله لديه بعض المقاعد في البرلمان اللبناني، وهو يمثل جزءًا كبيرًا من الطائفة الشيعة، إلا أن للبنان دولة وعليها أن تلعب دورها". فيلتمان، وفي حديث الى قناة "الجزيرة" أعرب عن إعتقاده أن "حزب الله والجبهة الشعبية ومعسكراتها في الناعمة وغيرها يعرضون لبنان للمخاطر"، وأضاف: "لذلك أملنا بأن يكون هناك حكومة ومؤسسات تساعد الشعب اللبناني وتحمي المواطنيين". وشدد فيلتمان على أن واشنطن تعتبر نفسها من أصدقاء لبنان، مشيرًا إلى أنه "بعد الإنتخابات في لبنان وما أفرزته من نتائج، تعذّر تكوين حكومة في هذا البلد، ولذلك نحن قلقون، لكن ما يساعدنا أن في لبنان هناك إتفاق الطائف والدستور، لكنّه ليس من شأننا أن نكون مكان اللبنانيين في الحوار الدائر بينهم حول تشكيل الحكومة".

 وأشار فيلتمان الى أن "هناك العديد من الخلافات مع سوريا"، وقال: "ما زلنا نعتقد أن المسؤولية يتقاسمها العراق والدول المجاورة والمجتمع الدولي تجاه ما يجري في أراضي العراق(...)، ونحن نتفهم مشاعر الألم تجاه الهجمات التي حصلت في هذا البلد، وتحدثنا مع الحكومة السورية في هذا الإطار وقلنا لهم إن البعض داخل سوريا هم ضد العراق ويعملون على تقويض استقراره". وعلى صعيد آخر، أكد فيلتمان أن "واشنطن تعتبر أن حل الدولتين هو الحل الأنجع ليحقق الفلسطنيون دولتهم، وكي يضمن الاسرائيليون أمنهم بما يضمن المستقبل للجهتين"، مشيرًا الى أن "منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للفلسطينيين، وواشنطن تدعم في هذا السياق جهود مصر للمصالحة الفلسطينية، وذلك من أجل العودة الى المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي". وأضاف: "نحن لا نتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني وإن كنا ندعم الجهود المصرية".

 

البطريرك صفير كلف المطران ابو جوده في اتصال من روما

الاتصال بالمفتي قباني لاستنكار محاولة استهدافه وللتهنئة بالفطر

وطنية - كلف البطريرك الماروني الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير، نائبه العام المطران رولان ابو جوده، في اتصال اجراه معه من روما، "الاتصال بسماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، لاستنكار محاولة الاغتيال التي كانت ستستهدفه". وكانت مناسبة قدم فيها المطران ابو جوده الى المفتي قباني باسم البطريرك صفير التهاني بعيد الفطر السعيد.

 

حكواتي النظام السوري

التاريخ: ٢٢ ايلول ٢٠٠٩

موقع تيار المستقبل/ما قاله حكواتي النظام السوري عن انه لن يكون هناك حكومة قبل عام 2010 يستدعي القلق. فالحكواتي هذا أصدق انباءً من كل الوقائع السياسية، وأصوَب منطقاً من كل قواعد التحليل السياسي وعلومه. سبق للحكواتي أن بشّرنا بـ"7 أيّار"، وقبلها بأحداث 23 و25 كانون الثاني أو ما عُرف بـ"الإضراب السلمي" الذي انتهى بسقوط قتلى وجرحى.

قدرته على معرفة الأحداث قبل وقوعها تنمّ عن أحد أمرين: إما انه يتمتّع بفراسة لم يسبق لبشريّ أن تنعّم بها، وهذا خارج التصوّر والمنطق. وإما انه يعرف تماماً ما يجري في الغرف السود في ريف دمشق، والأرجح انه كذلك. ما قاله الحكواتي عن موعد الحكومة العتيدة يعني ان وراء الأكمّة ما وراءها، وان نيّات النظام السوري تجاه لبنان على حالها سواء ما تعلّق منها بالمحكمة الدولية، أو ما اتّصل بمحاولة إعادة الهيمنة والوصاية على البلد. الحكواتي ومن وارئه النظام السوري وكل مفوّهيه عندنا يغفلون ان البلد لم يعد يحتمل هذا الوضع، فضلاً عن ان كلامه يوجّه رسائل تخويف وترهيب ويفسح مجالاً كبيراً لاهتزازات أمنية لا يريدها أي مسؤول لبناني وأبرزهم الرئيس سعد الحريري الذي شدّد على الهدوء والحوار من ضمن الأصول الدستوريّة والقانونيّة، وتبِعَه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله محذراً من مغبّة التوتّر والتهوّر. والحال هذه، يكون السؤال الأهمّ: أيّهما أصدق حكواتي النظام السوري، أم وقائع السياسة اللبنانيّة ودعوات مسؤوليها؟. في انتظار الجواب، ينبغي على اللبنانيين التنبّه إلى أن أي مغامرة تقع سيدفع الجميع الثمن المترتّب عنها.

 

بري كان ورقة التوت

طارق الحميد (الشرق الأوسط) ، الثلاثاء 22 أيلول 2009

ميزة ما يحدث في لبنان اليوم بعد إعادة تكليف سعد الحريري مرة ثانية لتشكيل الحكومة اللبنانية، أن اللعب في بيروت قد أصبح على المكشوف، وقد يقول قائل كيف؟ فبعد اعتذار الحريري عن عدم تشكيل الحكومة نتيجة العنت الذي وجده من المعارضة، في لعبة توزيع أدوار واضحة، امتنعت المعارضة اللبنانية جميعها عن تسمية الحريري مرة أخرى، وهذا الامتناع هو الذي كشف كل الأوراق. امتناع المعارضة مجتمعة عن تسمية الحريري، وتحديدا امتناع نبيه بري، كشف عن فرز طائفي واضح في لبنان، حيث بات هناك فريق شيعي، وآخر سني، إذ أن بري كان بمثابة ورقة التوت التي كشفت البعد الطائفي، فطوال السبعين يوما التشاورية كان بري يبشر بأن تشكيل الحكومة قادم، وأن حقائب المسافر قد وصلت للمطار، وكان ذاك بمثابة الغطاء على سعي حثيث لإضعاف قيمة المركز السني، والمتمثل في منصب رئيس الوزراء.

فبعد التكليف الثاني ترك بري منطقة الوسط وبات واضحا أنه اصطف مع حزب الله والأجندة الشيعية هناك. وقد يقول البعض وماذا عن الجنرال عون؟ الواضح أن الجنرال ما هو إلا جندي في لوحة الشطرنج حيث تحركه المعارضة، ومن يقف خلفها، كيفما تشاء. فالمشهد اللبناني يقول إن القوة «المسلحة» هي للشيعة، حيث بوسعهم احتلال بيروت، ولبنان كله، في أقل من يوم، وهذا ما حدث تماما في انقلاب السابع من أيار الذي احتل فيه حزب الله بيروت، فالسلاح بيدهم، ويتفوقون به على الجميع، حتى الدولة، بينما السنة إما تجار، أو مثقفون ومشغولون بالفكر، لا السلاح والميليشيا. أما بالنسبة للمسيحيين فإن المعارضة ترى، وهذا ما يقال خلف الأبواب المغلقة، أنهم إما أتباع للغرب، أو أن لهم علاقة بإسرائيل، وكل الفائدة المرجوة منهم هي استغلال عون. فالمعارضة اللبنانية ترى أن قوتها الحقيقية مستمدة من إيران، وليس سورية، بل إن دمشق تسايرهم، ولا تخالفهم، نظرا لأنهم القوة الحقيقية على الأرض، فالمعارضة اللبنانية، وتحديدا حزب الله لا تثق في دمشق، ويكفي التذكير باغتيال العقل العسكري لحزب الله عماد مغنية في العاصمة السورية، كما أن قيادات كبيرة في حزب الله سبق لها أن قالت لشخصيات عربية إن الحزب سبق له أن اكتوى بنار السوريين، وهو يجاريهم تفاديا لأي مشاكل أو صراع، وهذا أمر كان قبل أربع سنوات، لكن ومنذ انقلاب بيروت فقد بلغ الغرور حده لدى حسن نصر الله وأتباعه بلبنان، فحينما استخدم تيار المستقبل شعار «ما ننسى والسما زرقا» رد نصر الله متهكما «ياخي مابدنا إياكم تنسوا»! كل ذلك يشي بالخطر من طائفية لن تبقي ولن تذر في لبنان، لكن على الجانب الآخر قد يكون هذا أمرا ايجابيا، فالفرز قد يساعد اللبنانيين على فهم حقيقة ما يجري، وعلى استيعاب حجم الخطر الذي يحيق ببلادهم، كما أن هذا الفرز وإن كان مؤشرا على الغرور، فإنه مؤشر على الضعف أيضا، خصوصا مع أوضاع المنطقة، وتحديدا الملف الإيراني، سواء داخليا أو خارجيا.

 

"حلّو عنن"

بقلم/زياد ماجد

المصدر: Now Lebanon  

تاريخ في: 2009-09-22

يمكن التوقّف عند الكثير من الأمور في الكلمة المتلفزة للسيد حسن نصر الله في "يوم القدس". ويمكن التعليق على تأكيده القدرة "على دخول بيت المقدس بالباصات والفانات" ما أن يُباد نصف الجيش الإسرائيلي إن حاول دخول لبنان. ويمكن أيضاً الالتفات الى تفسيره أسباب فشل المفاوضات السورية الاسرائيلية عام 2000 وما إذا كانت الأمتار المحيطة ببحيرة طبريا هي السبب الفعلي أم لا، كما يمكن الخوض في نقاش حول تقييمه للأوضاع الإيرانية الداخلية التي ادّعى خبرة في فهمها ومعرفتها.

لكن ما نريد التعقيب عليه لا علاقة له بكل ذلك. هو ببساطة مرتبط بما كرّره السيّد نصر الله من استخدام لعبارة "حلّو عَنُن" في معرض مخاطبته من لا يساندون "المقاومة" (أي حزب الله) في لبنان. فقد اعتبر، مشكوراً، أن الناس أحرارٌ في عدم دعم حزبه (واستطراداً نظامي طهران ودمشق إذ أعلن تشرّفه بالانتماء الى محورهما)، لكن عليهم بالمقابل أن "يحلّوا عنه"، أي أن يتركوه وشأنه. أما شأنه، فليس سوى التصرّف بقراري الحرب والسلم في لبنان (ولو من موقع الدفاع عن النفس)، وبقراري الاستقرار والدمار (الخاصين بالناس إياهم المفترض أن "يحلّوا عنه")، وطبعاً وفقاً لتطوّر الأمور في المنطقة ككل.  وقضية "الحلّ عن" حزب الله هذه، تعكس أمرين.

الأول، ثقافة تناقض في الجوهر فلسفة التعاقد السياسي والاجتماعي في بلد ما، وتناقض بالكامل فلسفة الدولة ومعاني سيادتها في أي بلد بالمطلق.

ذلك أن كل تعاقد يتطلب تشاركاً في مختلف الأمور، موافقةً أو رفضاً وسعياً للتغيير أو التعديل. وفي كل الحالات لا مجال لترك أحد وحاله. كما أن أي وجود لدولة يقتضي سلطة لها ودوراً لا يمكن التعاطي معه في أبسط الأمور على قاعدة "الحلّ عن". فكيف إذا كان الموضوع هو الأخطر على الإطلاق، أي الصراع المسلح!

والأمر الثاني مرتبط بمناقضة "الديمقراطية التوافقية" التي لا ينفكّ السيد نصر الله ومسؤولو حزبه يشدّدون عليها هذه الأيام. وهي تعني بالنسبة إليهم مشاركتهم في كل أطر صنع القرار في المؤسسات، وحصولهم على "الثلث الضامن" في السلطة التنفيذية. لكنهم، حين يصل الأمر الى السياسة الخارجية أو شؤون الحرب والسلاح، ينسون أن ثمة ديمقراطية وأن ثمة توافقاً، ويعلنون أن "المقاومة" وحدها تخطّط وتقرّر وتنفّذ، وما على الباقين (ولو كانوا قسماً كبيراً جداً من اللبنانيين) إلا أن ينصاعوا لخياراتها أو يتركوها وحالها.

هو الانتقاء إذن، وهو يذكّر بانتقاءات أخرى قام بها السيد منذ فترة، متناقضة في ما بينها، ومناقضة أيضاً للديمقراطية التوافقية التي "يتمسّك" بها (من الحديث عن أكثرية شعبية مقابل الأكثرية البرلمانية بعد خسارته الانتخابات، وما في هذا من مخالفة لأبسط قواعد الديمقراطية التوافقية - وكل الديمقراطيات الانتدابية - الى الحديث عن حكم الأكثرية ومعارضة الأقلية شرط إقامة انتخابات جديدة، وكان ذلك إيام تركيزه على "الأكثرية الوهمية" وعلى "السلطة غير الشرعية" قبل أعوام قليلة)...

في أي حال، لا تبدو الفائدة كبيرة من المساجلة مع مقولات تبسيطية تنطلق من فهم خاطئ للمفاهيم والمصطلحات. ومن الأفضل ربما الاكتفاء بالتذكير بأن لبنان المنكوب بجغرافية سياسية تمارس الضغط الدائم عليه، محكوم بصغر حجمه وبتداخل ديموغرافيته الطوائفية وبتجاور قواه المجتمعية والسياسية المختلفة. وهذه وتلك لا تبدو مهيّئة "لتحلّ عن بعضها" أو "تفلّ" أو تترك أحداً يتصرّف بمصائرها وحيداً. ومن الضروري، بالتالي، البحث عن سبل أخرى (سلمية طبعاً) لتسوية الخلافات حين تنشب بينها..

 

أمطار أيلول تتسبب بأضرار في عدد من المناطق اللبنانية

نهارنت/تسببت الأمطار التي تساقطت بغزارة خلال ساعات ليل الأحد بسيول تسببت باضرار في المنازل والطرقات والأراضي الزراعية. وظهرت برك مياه في مناطق مستديرة الكولا، وتحت جسر الحكمة في الاشرفية وتحت جسر العدلية وفي منطقة قصقص وفي أرض جلول وداخل نفق سليم سلام والنفق المؤدي الى مطار بيروت، وعند مفترق عرمون ونزلة الرحاب. وتسببت السيول أيضاً بجرف أتربة وحجارة على طريق عام عاريا ، كذلك سجل انهيار حائط مبنى قديم ومتداع في حي السريان في الاشرفية وتضرر سيارتين . وقد عملت فرق وزارة الأشغال العامة بالتنسيق مع البلديات المعنية على معالجة عدد من البرك وازالة الأتربة والحجارة عن بعض الطرقات لتسهيل حركة السير . كما تسببت الأمطار الغزيرة في منطقة البترون بأضرار جسيمة في الممتلكات والمزروعات، واجتاحت مياه الأمطار المنازل ومزارع الدواجن والطيور والمحلات والمؤسسات في مختلف أنحاء المنطقة ساحلا ووسطا وجردا ولاسيما في بلدة زان . وكذلك تسببت الامطار بأضرار جسيمة في الأراضي الزراعية في الشوف وبشري وعددا من المناطق اللبنانية.

 

سليمان غادر الى نيويورك واحتمال لقائه اوباما قائم

نهارنت/غادر رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل ظهر الثلاثاء بيروت متوجها الى نيويورك للمشاركة في دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة وإلقاء كلمة لبنان الحادية عشرة قبل ظهر الجمعة المقبل بتوقيت نيويورك اي السادسة مساء بتوقيت لبنان. ومن المتوقع ان يعلن سليمان أمام زعماء دول العالم، ثوابت الموقف اللبناني من عملية السلام في المنطقة، والتمسّك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين، الى مواضيع أخرى كمثل اعادة المطالبة باعتماد لبنان مركزاً عالمياً لحوار الحضارات والاديان. ويغادر الرئيس سليمان نيويورك فور إلقائه كلمته عائداً الى بيروت التي من المقرر أن يصل اليها ظهر السبت المقبل، فيما يستقبل لبنان زعماء ومسؤولين من الدول الفرنكوفونية المشاركة في دورة الألعاب الفرنكوفونية السادسة التي يستضيفها اعتباراً من 27 أيلول. ومن المقرّر أن يرعى رئيس الجمهورية الأحد المقبل إفتتاح هذه الدورة في مدينة كميل شمعون الرياضية، والى جانبه رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون ومسؤلوون فرنكوفونيون كبار الى مسؤولين من الدول المشاركة في الدورة. وستكون للرئيس سليمان كلمة. وذكرت صحيفة "النهار" نقلا عن مصادر ديبلوماسية ان الباب لم يوصد بعد امام احتمال عقد لقاء للرئيس الاميركي باراك اوباما والرئيس اللبناني الذي لم يطلب موعداً، انما تجري محاولة للافادة من المناسبة لترتيب لقاء لهما. واضافت ان احتمال عقد لقاء مماثل لسليمان ونظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي مطروح ايضاً وخصوصاً بعد الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس الفرنسي بكل من سليمان والحريري للاطلاع على آخر تطورات تأليف الحكومة. 

 

قيادة الجيش تتشدد في اجراءاتها خوفا من عمل ارهابي ضد قباني

نهارنت/قلّل مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني من الانباء المتداولة عن وجود مخطط لاغتياله. وأكد ل "النهار" ان المعلومات عن "محاولة لاغتياله تأتي في اطار محاولات تعطيل العمل السياسي والدستوري في لبنان ونشر الذعر بين المواطنين وزعزعة امن البلاد واستقرارها". وفي هذا السياق، كشف مصدر عسكري لبناني واسع الاطلاع لصحيفة "السفير" أنه أمكن في الساعات الماضية عبور قطوع سياسي أمني كبير، تمثل في تمرير عيد الفطر وخاصة صلاة العيد، بعدما وردت معلومات حول إمكان قيام مجموعة أصولية بتنفيذ عمل ارهابي يستهدف المشاركين في صلاة العيد في مسجد محمد الأمين في وسط العاصمة اللبنانية.  وأفاد مصدر امني لصحيفة "النهار" ان "الاجهزة الامنية اتخذت احتياطات مشددة، اضافة الى ما كان تقرر اصلاً في محيط المراكز الدينية، وذلك تحسباً لأي طارئ". وطلبت قيادة الجيش من دار الفتوى السماح لها بتشديد الاجراءات المتعلقة بانتقال عدد من القيادات الروحية والسياسية المشاركة في صلاة العيد، فضلاً عن اخلاء الشوارع المؤدية للمسجد من السيارات وصولاً الى قطع الطرقات المؤدية لساحة الشهداء عشية العيد وحتى انتهاء الصلاة.

واستوجبت الاجراءات السماح بتفتيش المصلين الداخلين الى المسجد، خشية أن يتسلل عنصر ارهابي أو أكثر، وأن يكون مزنراً بحزام ناسف أو غير ذلك، بحيث يؤدي التفجير، في حال اصاب بعض القيادات المشاركة الى فتنة وفوضى في الشارع الاسلامي. ونقلت "النهار" عن مسؤول امني آخر "ان الملف الامني هو الشغل الشاغل تخوفاً من حوادث ارهابية او تخريبية تفيد من اجواء عدم تأليف الحكومة، ومن المساعي لجعل لبنان ساحة لتبادل الرسائل الاقليمية، وساحة للصراع المذهبي.

وكانت صحيفة "الأنباء" الكويتية ذكرت الاثنين ان معلومات وردت لمديرية الاستخبارات في الجيش اللبناني تؤكد محاولة لاستهداف مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بعملية انتحارية داخل مسجد محمد الامين، اثناء صلاة العيد. ونقلت "الانباء" عن مصادر امنية لبنانية قولها ان المعلومات التي توافرت اشارت الى ان التفجير المحتمل كان سيتم من خلال حزام ناسف، يحمله احد المندسين بين المصلين. وأشارت المصادر نفسها للصحيفة الى انه استدراكا للأمر، تم عزل الطريق الممتد من منزل المفتي قباني في منطقة تلة الخياط، الى ساحة الشهداء حيث مسجد الامين، ما اضطر المشاركين من وزراء ونواب وسفراء الى الترجل من سياراتهم في ساحة رياض الصلح والمتابعة الى المسجد الذي احيط بالدبابات وناقلات الجند سيرا على الاقدام.

 

أشكينازي يستبعد حرباً وشيكة مع "حزب الله"

التاريخ: ٢١ ايلول ٢٠٠٩/المصدر: رويترز 

استبعد قائد الجيش الاسرائيلي غابي اشكينازي اي حرب في المستقبل القريب مع "حزب الله" بسبب ما اعتبره "قوة الردع التي حققتها بلاده في حرب تموز من العام 2006".

وقال أشكينازي, في حديث اذاعي: " ساد الهدوء منذ الحرب الثانية, وذلك يرجع الى نجاح الجيش الاسرائيلي في تحقيق ردع فعال على الحدود الشمالية". أضاف "أعتقد ان حزب الله لا يريد, في الوقت الحالي على الاقل, تجديد المواجهات العسكرية, لكن في الوقت نفسه لا نركن الى ذلك ونتابع الاحداث." وتابع " ان "حزب الله" يتسلح, لكن اعتقد ان قوات الدفاع الاسرائيلية لديها الاجابة وفي النهاية نحن مستعدون وانا أعرف ان بوسعي الاعتماد على الجيش, نحن قوة قوية عالية المستوى".

 

الحريري يبدأ الخميس استشارات نيابية تستمر 5 أيام

نهارنت/صدر عن الامانة العامة لمجلس النواب الثلثاء أنه بالاشارة الى البيان الصادر عن المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والمتعلق بتكليف السيد سعد الدين الحريري بتأليف الحكومة، سيبدأ الرئيس المكلف استشارات التأليف في مجلس النواب الخميس المقبل على أن ينهيها الثلثاء الذي يليه. وتدل المعطيات السياسية على ان المشاورات التي سيبدأها الحريري الخميس المقبل ستكون مختلفة في طبعتها الثانية عما سبقها في جولة المشاورات الاولى، ان من ناحية الشكل او من ناحية المضمون، حتى تكاد تكون الأولى من نوعها في تاريخ تشكيل الحكومات في لبنان. ففي الشكل مدّد الحريري، المشاورات من بعد غد الخميس حتى الثلثاء، ولن يتقيد بشريط المشاورات النيابية السابقة ان لجهة تحديد دقائق معدودة للقاء الكتل النيابية في مبنى البرلمان أو لناحية اقتصار المشاورات على العموميات بدلاً من الدخول في التفاصيل.

واوضحت مصادر نيابية لصحيفة "الحياة"، ان الحريري يميل الى تخصيص ساعة لكل كتلة نيابية ونصف ساعة للنواب المستقلين باعتبار أن عامل الوقت يسهم في استكشاف المواقف على حقيقتها. في المضمون، ستكون المشاورات دخولا في عمق الامور، يتجاوز الاجابة عن سؤالين يتعلقان بالحقائب والاسماء. وأوضح النائب بطرس حرب في حديث تلفزيوني ان الاستشارات ستكون "جلسات نقاش وحوار" مما يعني ان الوقت التقليدي المعطى لكل كتلة أو نائب سيتجاوز المألوف وهذا سيؤدي الى فترة أطول ستستغرقها مرحلة التأليف. واعتبرت المصادر النيابية لصحيفة "الحياة" أن الرئيس المكلف يتوخى من هذه المشاورات الدخول في حوار "بلا قفازات" يتناول كل القضايا، بما فيها تلك الحساسة ليكون في مقدوره وضع أسس جديدة للتفاوض انطلاقاً من وضوح الكتل في مطالبها. واضافت المصادر أن انفتاح الحريري على الكتل النيابية سيدفع باتجاه وقف مسلسل المناورات الذي استهدفه في تكليفه الأول، لا سيما لناحية رفضه للمشاورات بالمفرّق بعد ان اكتشف أن تمايز هذا الفريق من الأقلية في موقفه من التشكيلة لم يدم طويلاً وأنه سرعان ما اضطر الى التكيف في تبنيه لموقف حلفائه الآخرين وهذا ما دلت عليه مفاوضات اللحظة الأخيرة التي بادر فيها المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل ومعه المعاون السياسي للأمين العام ل"حزب الله" حسين خليل الى دعم مطالب النائب ميشال عون ما اضطر الحريري الى الاعتذار لقناعته بأن لا ضرورة للتريث طالما أن الأقلية وضعت نفسها في موقف واحد مؤيد "على بياض" لمطالب عون. ووزعت الامانة العامة لمجلس النواب الثلاثاء برنامج استشارات الرئيس المكلف بدءا من بعد غد الخميس ولمدة خمسة ايام. 

 

وصول النائب سامي الجميل الى أوتاوا محطته الثانية في زيارته الى كندا حيث وحضر النائب الجميل القداس الالهي في كنيسة مار شربل المارونية وترأس اجتماعا لمقاطعة كندا ولقسم اوتاوا الكتائبي

موقع الكتائب/وصل النائب سامي الجميل الى أوتاوا العاصمة الاتحادية لكندا يرافقه رئيس الهيئة الاغترابية في الحزب انطوان ريشا ومستشار اللجنة التنفيذية سيرج ابو حلقة بعد ان انهى زيارته الى مونتريال باجتماع عام لقسم كندا الكتائبي عقد في دير ما مارون . وكان في استقباله على مداخل العاصمة رئيس مقاطعة كندا ايلي متى ورئيس قسم اوتاوا جورج اسكندر ورؤساء اقسام تورنتو ادرة نعمه وهليفكس بيار سعادة ووندزور اميل بنوت وكتائبيون واصدقاء. وحضر النائب الجميل القداس الالهي في كنيسة مار شربل المارونية برئاسة المونسنيور ريمون حنا على نية الشهداء الرئيس الشيخ بشير الجميل والنائب والوزير بيار الجميل والنائب انطوان غانم. وبعد الانجيل المقدس القى المونسنيور حنا عظة تناول فيها معنى الشهادة التي قدمها شهداء الكتائب من اجل لبنان زودا عن حرية وكرامة المسيحيين وتوجه بالكلمة الى النائب الجميل وقال له :" قبل القداس لم اكن اعرفك لكننا، افراد الجالية اللبنانية وانا، كنا نتابع مواقفك عبر محطات الاذاعة والتلفزيون وقد وجدنا فيك قائدا مناضلا يتكلم بجرأة ويقول الحقيقة حتى لو كانت صعبة فليحفظك الله ويسدد خطاك".

وبعد القداس استقبل النائب الجميل والمونسنيور في صالون الكنيسة اللبنانيين واخذت الصور التذكارية ومن ثم توجه الجميع الى باحة الكنيسة حيث زرع النائب الجميل والوفد المرافق ومسؤول الكتائب في اوتاوا أرزة باسم النائب والوزير الشيخ بيار الجميل. الى ذلك ترأس النائب الجميل باعتباره منسقا للجنة المركزية في الحزب اجتماعا لمقاطعة كندا ولقسم اوتاوا الكتائبي في حضور رئيس الهيئة الاغترابية انطوان ريشا ورؤساء أقسام المقاطعة واللجان التنفيذية للاقسام حيث استمع الجميل الى مقترحات الاقسام لتحسين الاداء الحزبي المركزي والاغترابي وكذلك ربط الاغتراب وخاصة كندا بالوطن عبر اعادة العمل في الخط الحيوي بين بيروت ومونتريال .

وتحدث ريشا منوها بالنشاط الذي قدمته كندا في فترة التحضير للانتخابات النيابية الماضية وحسن سيرة افراد الكتائب في المجتمع الكندي.

وأضاف : في المرحلة المقبلة لديكم برنامج عمل يمتد على مدى السنوات المقبلة يبدأ بالتحضير لانتخابات 2013 حيث ستمارسون حقكم الانتخابي انطلاقا من السفارات والقنصليات اللبنانية في الخارج ومن ثم دعوة اللبنانيين والمتحدرين من اصل لبناني الى التقيد في سجلات النفوس اللبنانية. وبعد ذلك تحدث الجميل قائلا :" انكم تنتسبون الى حزب لبناني عريق ومجيد ولبنان بحاجة اليكم في الاغتراب كما هو بحاجة الى الكتائب في الوطن لان الوطن يمر في مرحلة حساسة ومصيرية ولمواجهة المرحلة المقبلة يجب ان نجدد طاقاتنا ووسائل عملنا وفكرنا وتعميق التزامنا بالمبادئ الحزبية الاساسية التي نلخصها بمبدأين اساسيين :

1 الحفاظ على استقلال لبنان و سيادته على ال10452 كلم .

2 الحفاظ على الوجود المسيحي الحر في هذه البقعة المتوترة من العالم.

واضاف الجميل :" هذان المبدأن هما اساس نضالنا وجهدنا وعدا ذلك من تنظيم وخطاب سياسي وطرق عمل كلها امور ينبغي تطويرها، فما كان صالحا في العام 1936 لم يعد صالحا في ال 2009 فالمجتمع تطور وكذلك مناهج الشباب وأفكارهم وعلينا التاقلم مع الواقع الجديد."

وختم :" لا تخافوا على لبنان ولا تخافوا على الكتائب فنحن أقوياء بايماننا وحقنا ثابت وحقيقي ومن يكون الحق الى جانبه سينتصر في النهاية وسننتصر."

وفي الختام أقسم باقة من الكتائبيين والكتائبيات اليمين الحزبية وسلمهم النائب الجميل بطاقات انتسابهم الى الحزب

 

الجميل: السيادة اللبنانية منتهكة من الفلسطينيين ومن حزب الله

الثلائاء 22 سبتمبر/وكالات

أوتاوا: أكد منسق اللجنة المركزية في حزب "الكتائب اللبنانية" النائب سامي الجميل أننا نعيش في لبنان مرحلة مفصلية من تاريخنا قد ينتج منها امران، إما لبنان الجديد الذي يحاكي طموحاتنا او لبنان التطرف والحروب ورفض الاخر الذي نرى معالمه تدريجًا. وبالتالي فإما ان ندافع عن بلدنا ونعلن انه لابنائه ولن ندعه يذهب في اتجاهات لا نريدها له، أو انه لن يبقى كما نريده نحن ان يكون. وانطلاقًا من ذلك رأى الجميل أن ثمة مشكلات مهمة نعاني منها، اولها موضوع سيادة لبنان المنتهكة من قبل الفلسطينيين المسلحين على الاراضي اللبنانية والذين يفرضون سيادة غير السيادة اللبنانية في بعض المناطق وفي بعض المخيمات، اضافة الى سيادة ثانية هي سيادة "حزب الله" المسيطر عبر سلاحه على جزء من الاراضي اللبنانية. واعتبر أن هذه مرحلة فصل، فإما ان يبقى بلدنا بين يدي افرقاء وتحت امرة جيوش او ميليشيات او سلاح غير شرعي، او ان يكون لنا وملكنا، رافضًا مزايدة بعض الذين يعتبرون انفسهم فوق الدولة اللبنانية والقانون والدستور والذين يمنعون الجيش اللبناني من بسط سلطته على الاراضي اللبنانية كلها.

واضاف في خلال عشاء تكريمي اقامه قسم مونتريال الكتائبي على شرفه في مطعم "لورديا" اننا "نطمح للعيش في بلد مثل كندا حيث هناك احترام لفكر الانسان وكرامته وقيمته، بينما بلدنا الذي من المفترض ان يكون ديمقراطيًا، منعت فيه الاكثرية من تشكيل الحكومة بعد فوزها في الانتخابات النيابية وذلك في انتظار موافقة ايران وسوريا وغيرها من البلدان اولاً، في المقابل يطرحون علينا ان يكون الرابح والخاسر في الانتخابات سواسية، مما يعني أن اي قرار يحتاج الى موافقة الافرقاء كلهم ورضاهم، خصوصًا اولئك الذين يحملون السلاح والذين يهددون باستخدامه"، رافضًا الخضوع تحت قوة الضغط والسلاح والتهديد.

ولفت الى اننا "نعيش في بلد الازمات المتكررة والحروب المتكررة والتكاذب المتكرر منذ سبعين عامًا، حيث أحد لم يطرح الهواجس الحقيقية او يعلن الحقيقة كما هي، بل على العكس عاش الجميع في المواربة وهذا ما نرفض استمراره". ودعا الجميل الى بناء لبنان على اسس جديدة تساهم في تخطيه للمشكلات التي وقع فيها سابقًا، وتوجه الى المغتربين بالقول "أنتم موجودون هنا لان احدًا لم يملك الجرأة والشجاعة لطرح الحقيقة كما هي او حاول ايجاد الحلول لئلا نقع مجددًا في المشكلات، فالمحطات السيئة في تاريخ لبنان لما كانت قد حصلت لو جلسنا معًا واعلنا الحقيقة واحترمنا رأي بعضنا البعض".

وأعلن الجميل اننا "نريد لبنان المتطور الحضاري المبني على احترام الاخر وخصوصيته وعلى الحقيقة، ولن نحقق هذا "اللبنان" ان لم نجلس معًا واضعين احقادنا جانبًا لطرح الامور بكل موضوعية". ولفت الى ان ثمة اختلافًا كبيرًا في وجهات النظر مع بعض الافرقاء مثل "التيار الوطني الحر" في ما يتعلق بسلاح "حزب الله" والعلاقة مع سوريا مثلاً، داعيًا في الوقت عينه الى عدم فقدان المحبة والاخوة. وتابع:"هذا الكلام ليس طوبويًا ولا للمزايدة، بل مصيريًا لاننا اذا اردنا المحافظة على لبنان ووجودنا فيه، يجب الا نعامل بعضنا البعض بعداء".

واعتبر "أن الانتقال من لبنان الحروب الى السلام، يتطلب المرور بالحوار والمحبة وتطبيق العقيدة المسيحية التي ابتعدنا عنها، لأن الايمان المسيحي قيم ومبادئ اذا لم نعشها في حياتنا اليومية لا نكون مسيحيين اصيلين". وإذ رأى أن "الحقد الموجود بين المسيحيين غير مقبول"، اعتبر انه يجب استعادة المحبة بين بعضنا البعض لنصل الى الوحدة المسيحية حول الثوابت التاريخية التي دافعنا عنها، والتي هي مطلبنا وشعارنا وهي الاساس من اجل توحيد كل اللبنانيين.

وتمنى الجميل أن يتمكن اللبنانيون المغتربون من التعبير عن رأيهم في الدورة الانتخابية القادمة والمحاسبة. ولفت الى أن حزب الكتائب سيطرح بالتعاون مع بعض الحلفاء الهواجس امام الناخبين ليضعهم امام خيارات واضحة لا وسطية فيها، إما اختيار لبنان الحضارة او لبنان التخلف، لبنان السلام او الحرب، الدولة الدينية او المدنية، وطن التوتاليتارية او الديمقراطية".

ولفت الى ان "هذا الوطن بُني بفضل من وجد على ارضه منذ 1500 سنة وحافظ على الحرية واحترام الاخر ودافع عن نفسه وكرامته وقيمه وثقافته، واستشهد وقام بواجباته الكاملة لتعيش 18 طائفة بحرية فيه، وبفضل البطريركية المارونية، لذلك لا يحق لنا بسبب اعتبارات اقتصادية ومعيشية وسياسية التخلي عن دورنا ودفن تاريخنا المجيد".

وبالنسبة الى المصالحة المسيحية، اعتبر الجميل "يجب الا نفسح في المجال أمام الصراع السياسي للتأثير في العلاقات بين المسيحيين، فالاختلاف في الرأي لا يمنع المناقشة والحوار واللقاء، والتحاور في مواضيع ثانوية من الممكن الالتقاء عندها وتحقيق مصلحة اللبنانيين من خلالها". واعتبر الجميل أن شرط بناء وطن من دون التمييز بين ابنائه يقوم على احترام بعضنا البعض والثقة واحترام العقيدة الدينية، وهذه تؤدي كلها وفقه الى المواطنية. لافتًا الى أن الذهنية التي لاتزال موجودة ويعبر عنها بطرق مختلفة هي الطائفية".

وأكد أن العقدة في ذلك ليست عند المسيحيين، معتبرًا أنه يوم يسمي حزب الله نفسه "حزب لبنان" ويترأسه رجل مدني وعندما تصبح عقيدته مدنية، ويعلن مثل تيار المستقبل في مؤتمره الداخلي ايمانه في الدولة المدنية لا الدينية، عندها نكون اول من يواكب هذا الامر، لان حزب الكتائب تأسس حزبًا وطنيًا مدنيًا علمانيًا لكن بعض الاطراف اللبنانية تتصرف بطريقة متطرفة ودينية وتهدد بقائنا كلبنانيين مسيحييين، وبالتالي لا يمكننا سوى ان نقوم برد فعل طائفي. واضاف: "طالما عقلية حزب الله تقوم على تحويل لبنان الى دولة اسلامية، فإننا متمسكون بنظامنا الطائفي، لكننا سنكون أول من يطالب بالغاء الطائفية السياسية يوم يتخلى عن هذه العقيدة".

وبالنسبة الى المعتقلين في السجون السورية، جدد تأكيد ان الامور لن تستقيم مع سوريا طالما أن هذا الملف لم يعالج مشددًا على السعي لحله لكن المشكلة تكمن في عدم اعتراف سوريا بوجود لبنانيين في سجونها. وفي ما يتعلق بتشكيل الحكومة استبعد تشكيلاً قريبًا لأن "ايران لم تعط الضوء الاخضر لذلك، وحزب الله يمسك بلبنان رهينة عبر سلاحه فيما أحد في 14 آذار لا يرغب في حرب داخلية لذلك نحن متريثون ومترقبون ليتوقف هذا التحدي الذي لا افق له". وختم بأن مشكلة لبنان بنوية لا ظرفية وهي تحتاج الى معالجة بعمق وإلا فإن اي حل سيؤدي الى مشكلات جديدة.

 

لارسن لبلمار: لا تعارض بين المحكمة الدولية ونزع السلاح

نهارنت/ذكرت أوساط قريبة من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان إن المدعي العام دنيال بلمار التقى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن في لاهاي منذ أسابيع قليلة. وجرت خلال الاجتماع عملية تقاطع معلومات تتعلّق بتنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701 المعطوف على القرار 1559. ونقلت صحيفة "الاخبار" عن أوساط بلمار تأكيدها أنه حافظ على سرية التحقيقات الجنائية في جريمة اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري والجرائم الأخرى، التي تدخل ضمن اختصاص المحكمة إذا ثبت تلازمها مع اغتيال الحريري.

واضافت الأوساط "أن كلّ ما جرى خلال الاجتماع لم يكن إلا عملية تقاطع لبعض المعلومات التي جمعها لارسن أخيراً، تمهيداً لتقديم تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "بشأن النشاط المسلّح في منطقة جنوب نهر الليطاني". ولم يستبعد مسؤول في المحكمة الدولية "طرح لارسن على بلمار أسئلة تتعلّق بلقائه في قصر العدل في بيروت أحد المسؤولين في حزب الله قبل مغادرته لبنان". واشارت الصحيفة الى ان ضبّاطا لبنانيين كانوا تواصلوا مع لجنة التحقيق الدولية أثناء تولّي بلمار رئاستها مطلع هذا العام قد أكّدوا ل "الأخبار" أنه توسّع في التحقيق في قضية ربط محتمل بين شبكة الاتصالات التي كانت مديرية الاستخبارات في الجيش قد اكتشفتها، واشتبهت فيها خلال المراحل الأولى من التحقيق، وشخص قيل إنه مرتبط ب"حزب الله". وتابعت ناقلة عن أحد المحقّقين قوله يومها إن هذا الشخص "سافر إلى سوريا، ومنها إلى العراق ومن ثم اختفى عن الأنظار". وقد جمعت جهات أمنية لبنانية معلومات عن المشتبه فيه لكنها "كفّت يدها عن الملف بعد جريمة اغتيال أحد الضباط بعبوّة ناسفة" بحسب قول مسؤول أمني رفيع.

 

جنبلاط يشعر بالمرارة من اخفاق بري في تليين مواقف حلفائه

نهارنت/يشعر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بالمرارة بسبب تصلب بعض القوى الرئيسة، وعدم قيام الفريق الآخر، باستثناء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بملاقاته في منتصف الطريق علماً أن الأخير لم ينجح في اقناع حلفائه في الأقلية بضرورة هذه الملاقاة. وكشفت مصادر نيابية لصحيفة "الحياة" نقلاً عن قوى رئيسة في الأقلية، أن "حزب الله" كان في وسعه التحرك باتجاه حليفه النائب ميشال عون لإقناعه بأهمية تعديل موقفه لناحية التواضع في مطالبه بدلاً من أن يصر على التقدم بلائحة من المطالب غير قابلة للتنفيذ، ولا سيما ان جنبلاط من خلال موقفه بادر الى اعادة خلط الأوراق السياسية ظناً منه ان الظروف السياسية باتت مواتية لقيام كتلة سياسية - نيابية وسطية لا تميز بين المعارضة و14 آذار.

وأضافت المصادر ان "جنبلاط ابتعد من دون سابق انذار عن حلفائه المسيحيين في 14 آذار وكاد يدخل في اشتباك سياسي مع حليفه الاستراتيجي سعد الحريري قبل أن يتدارك الأمر ويبادر الى تبديد الالتباس المترتب على المواقف التي أعلنها في خطابه أمام الجمعية العمومية الاستثنائية للحزب التقدمي الاشتراكي في 2 آب الماضي".

واعتبرت المصادر ان بري التقط الإشارات الإيجابية التي أطلقها جنبلاط لكنه لم ينجح في اقناع حليفه "حزب الله" بموقف مماثل.

ورأت المصادر ان اصرار بري على التزامه الصمت لا يجيز له تبنيه بالكامل مطالب عون ولا سيما ان هذا التبني جاء قبل دخوله في سجال مع الحريري أعقب اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة، على رغم انه تعامل مع التشكيلة الوزارية التي قدمها الرئيس المكلف لرئيس الجمهورية ميشال سليمان على أنها بناءة ومتوازنة وعادلة.

وخلصت المصادر الى الاعتبار أن المشاورات النيابية المنتظرة لن تبدأ من حيث انتهت المشاورات السابقة بعدما تبين للحريري ان لا عودة للمفاوضات بالمفرق وانه آن الأوان للاتفاق على سلة شاملة سواء بالنسبة للحقائب أو الأسماء.

 

اتصالات لتعديل قرار سوري بخفض العاملين اللبنانيين في مصارف لبنانية في سوريا وزيادة الرأسمال

نهارنت/اصدرت السلطات السورية قرارا بخفض عدد المسؤولين والموظفين ‏اللبنانيين او غير السوريين العاملين في فروع المصارف اللبنانية في سوريا من نسبة 10% الى 3%، اعتبارا من نهاية العام الحالي. و‏ترافق القرار مع انباء استندت الى مصادر سورية لم تعلن رسميا حتى الآن، و‏تتضمن ابلاغ المصارف العربية والاجنبية العاملة في سوريا، برفع رساميلها عن معدلاتها ‏الحالية الى معدلات اكبر من 30 مليون دولار الآن الى 150 مليون دولار وللمصارف الجديدة الى ‏‏300 مليون دولار. وذكرت صحيفة "الديار" ان بعض المصارف اللبنانية من التي افتتحت فروعا لها في سوريا، تواجه صعوبات لجهة تطبيق ‏مفاعيل القرار. ‏ويعود السبب الى ان لدى المصارف اللبنانية في مراكزها في لبنان فائضا من الكادرات المصرفية من ‏ذوي الخبرات الجيدة، التي اوفدتها او ترغب في ايفادها الى سوريا للعمل في فروعها هناك. وبعضها عاد الى لبنان بسبب تداعيات الازمة المالية العالمية على الخليج.

وأوضحت "الديار" ان اتصالات تجري الآن بهذا الشأن بين ‏مسؤولي المصارف اللبنانية العاملة في سوريا والسلطات السورية للنظر في امكانية تعديل ‏هذا القرار الذي ابلغ ايضا الى وزارة العمل في سوريا للاشراف على بدء تنفيذه.

 

"حزب الله" تعقل أم... مناورة!؟

بقلم/سعد كيوان المصدر/الأنباء

خيم في الأيام الأخيرة جو من التهدئة أو "الهدنة" السياسية والاعلامية على الوضع المتأزم والمتشنج الناجم عن عرقلة مهمة سعد الحريري في تأليف حكومة لبنان. ولا شك ان اعادة تكليفه تثبيتا لأكثرية سياسية ونيابية وشعبية يتمتع بها عملا بأحكام الدستور ونظامنا الديموقراطي البرلماني، وأيضا حلول عيد الفطر السعيد وحاجة الناس الى الفرح والراحة، قد ساهما في ارساء بعض الاسترخاء في المناخ السياسي العام.

ولكن هذه المعطيات غير كافية بطبيعة الحال لاضفاء جو من التفاؤل، ولا بد من استعراض موقف المعطلين الفعليين وللأسباب الحقيقية للتعطيل...

 وكان لافتا في هذا السياق ما قاله وحذر منه أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله من "ألا يأخذ أحد البلد الى توتر مذهبي وطائفي وأمني وسياسي"، مضيفا بما يشبه الاعتراف بالخطأ: "نحن جربنا وكلنا خسرنا لأن الأزمة والزواريب نخسر بها والخطاب المذهبي سيف ذو حدين...". ناهيك عن الكلام حول القدس والتمسك ب"فلسطين التاريخية من البحر الى النهر"

فاذا أردنا الغوص في تفاصيل ومعاني هذا الكلام الذي قيل في خطاب "يوم القدس" الجمعة الماضي، فلا شك انه يبدو وكأنه يعكس، لا نقول مراجعة، وانما توقفا عندما المسار الذي وصلت اليه الأزمة التي افتعلت منذ ما بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي شهدت خسارة لقوى 8 آذار التي راهنت على الفوز، كما راهن حلفاؤها ورعاتها الاقليميين على ذلك. وبالتالي أعادت قوى هذا المحور النظر بمواقفها بناء على حسابات خارجية واقليمية، لتعويض الخسارة فكان التصعيد ووضع الشروط التعجيزية في وجه الرئيس المكلف، من الاصرار على "حكومة وحدة وطنية" الى "الثلث المعطل"، و"النسبية"، وغيرها من البدع التي لا علاقة لها بأسس وآليات نظامنا الديموقراطي، وحتى بمفهوم "التوافق" وغير ذلك من حصص وحقائب واسماء...

ولعل النفق المأزوم الذي وصلت اليه الأمور واصرار الحريري على ممارسة دوره وحقه الدستوري كرئيس مكلف دفع نصرالله الى هذا التوقف خوفا من ان تنزلق الأمور، أو يتم دفعها مجددا الى الهاوية. فاذا به يحذر من "أخذ البلد الى توتر مذهبي وطائفي وأمني وسياسي..."، وهذا ما مارسه عمليا "حزب الله" وصولا الى 7 أيار 2008.

ربما مارس البعض، أو ساهم كرد فعل بالدفع الى بعض من هذه التوترات، ولكن "حزب الله" مارس كل هذه التوترات مجتمعة أو على دفعات. وها هو نصرالله يؤكد بلسانه قائلا: "نحن جربنا، وكلنا خسرنا لأن الأزقة والزواريب نخسر بها والخطاب المذهبي سيف ذو حدين"! لا شك ان في هذا الكلام جرأة الاعتراف بالخطأ، ولكن من الذي دخل الأزقة والزواريب في السنتين الماضيتين؟

 وفي هذا الاطار، يبدو وكأن كلام نصرالله هذا يحمل في طياته نوعا من الاعتذار لوليد جنبلاط واعترافا له بتصرفه العاقل، عندما يتكلم عن "تجربة الأزقة والزواريب"، انطلاقا من قتل "الزيادين" مرورا بقتل لطفي زين الدين، وانتهاء ب7 أيار ومحاولة اقتحام الجبل. أو هكذا يحلو لنا ان نفسره، وهذا أمر ايجابي.

لن نأخذ عل نصرالله كلامه "الدستوري"! هو يحاول في مكان آخر تبرير التعطيل الحكومي بالقول ان "الكل اشتغل حقه الدستوري، الرئيس المكلف والمعارضة..." وطبعا هذا الكلام لا علاقة له بالدستور لأن ليس هناك من "حق للمعارضة" أو أي طرف كان ان يفرض دستوريا أي أمر على الرئيس المكلف أو يشترط عليه صيغة أو حقائب أو حصص، اذ ان الاستشارات التي يجريها ليست ملزمة وهي لاستمزاج الآراء. كما ان من حق الرئيس المكلف ان يضع التشكيلة التي يراها مناسبة ويعرضها على رئيس الجمهورية ويتشاور معه بشأنها. فكم بالحري اذا كانت هذه "المعارضة" ترفض تسمية الرئيس المكلف ولكنها تريد ان تقاسمه التشكيل وتفرض عليه الصيغ والحقائب والحصص، وكلام سليم الحص يشهد على ذلك، وهو لا ينتمي الى الأكثرية.

ثم يعود نصرالله في الختام ويدعو الى ترك "الساحة هادئة كما بعد الانتخابات، فهناك مسار قانوني ودستوري ولدينا في لبنان ديموقراطيتنا..."، وهذا كلام جيد ومسؤول خصوصا وانه يستخلص "أن نصل متأخرين أفضل من ان نودي ببلدنا الى التهدئة"!

لن نخوض في الكلام الآخر عن القدس وفلسطين لانه يتطلب نقاشا طويلا، الا أنه لا يمكن لنصرالله ان يضع "ثوابتا" هي عمليا - أقل ما يقال فيها – تعكس وجهة نظر طرف محدد لمفهومه للصراع الفلسطيني-الاسرائيلي، ولا يمكن فرضها أولا وخصوصا على الفلسطينيين أنفسهم، كما لا يمكن لطرف ان ينصب نفسه مسؤولا عن الآخرين، فتحرير القدس او كل فلسطين هي مهمة الفلسطينيين الذين يقررون هم ماذا يريدون، وكيف يستعيدون أرضهم وحقهم.

واخيرا، لا ينسى نصرالله ان يبرر لسوريا عدم فتحها جبهة قتال مع اسرائيل: "سوريا مش فاتحة جبهة ولا تقاتل صح، وهذا الأمر له ظروفه، وجوابه صح أم خطأ بحث آخر"! (كذا) أما لبنان فعليه ان "يصمد ويمانع ويقاوم ويعمل على امتلاك القوة" و... فليس له ظروفه؟

في أية حال، نأمل ان يكون هذا الموقف الداعي الى تجنب التوتر على أنواعه واشكاله، والاتعاظ من "تجربة الأزقة والزواريب" جديا ودافعا لفتح الطريق أمام تشكيل الحكومة، لا أن يكون محاولة لكسب الوقت والتبرؤ من التعطيل بانتظار ما ستؤول اليه المفاوضات بين ايران والولايات المتحدة و"مجموعة الستة" في بداية الشهر المقبل!

 

خالد عارف لموقع "14 آذار": هناك اشارات تؤكد المخاوف من اهتزازات امنية في المخيمات ولن نسمح بذلك 

الجهات الامنية هي التي تعرف تماماً من خلال التحقيقات التي تجريها، الجهة التي ارسلت الارهابيين والمسلحين، والجهة الإقليمية التي تموّلهم وتدعمهم. 

٢٢ ايلول ٢٠٠٩

  المصدر : خاص موقع 14 آذار

حاوره سلمان العنداري

اكد مسؤول العلاقات الخارجية في "منظمة التحرير الفلسطينية"، عضو المجلس الثوري في حركة "فتح" خالد عارف المخاوف من امكانية حصول اهتزازات امنية في بعض المخيمات الفلسطينية بعد تلقّي عدة اشارات ومؤشرات في اكثر من مخيم فلسطيني في لبنان، محذّراً من اي محاولة لجهات اقليمية او محلية زجّ الفلسطينيين في اي صراع من خلال بعض الاصوات والمجموعات التي لا تنتمي الى اي من الاطياف الفلسطينية، مؤكداً الحرص على استقرار لبنان وأمنه.

عارف، وفي مقابلة خاصة لموقع "14 آذار" الالكتروني، قال ان الرسالة وصلت لكل المعنيين الفلسطينيين، "واذا كان هناك من يفكّر باستغلال وضع جديد في هذا المخيم او ذاك، فاننا لن نسمح لا نحن ولا الاخوة اللبنانيين ولا الجهات الرسمية الامنية اللبنانية والفلسطينية بمثل هكذا عمل في اي مخيم من المخيمات".

واشار عارف ان لا توقعات او انفراجات ايجابية يمكن ان تتحقق في مسار الصراع الفلسطيني –الاسرائيلي اثناء انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة، ويأتي ذلك نتيجة التعنت والتشدد الاسرائيلي بوجه مساعي الرئيس الاميركي باراك اوباما لتحريك عملية السلام. كما طالب عارف العرب بموقف موحد تجاه الملف الفلسطيني مما يشكل عامل ضغط بوجه اسرائيل.

كلام عارف يأتي بعد تزايد المخاوف من امكانية انزلاق الوضع الامني في بعض المخيمات الفلسطينية، وسط انباء ومعلومات تقول بإمكانية استخدام المخيمات لتأزيم الاستقرار اللبناني، ولتمرير بعض الرسائل المحلية والاقليمية. وفي ما يلي نص الحوار:

قلتم منذ ايام ان الانظار الامنية موجهة الى عدد من المخيمات في لبنان. من لديه رغبة في تعكير الامن في المخيمات الفلسطينية؟

نعم لدينا تخوفات من امكانية افتعال احداث امنية في بعض المخيمات، فبعدما حصل ما حصل في مخيم نهر البارد، حيث كانت هناك بعض الاصوات والمجموعات التي لا تنتمي لا للمخيمات ولا الى الجهات الفلسطينية المعروفة، تم هدم مخيم نهر البارد بكامله، وقد دفع المخيم والجيش اللبناني واهل المخيم ثمناً باهظاً بسبب هذه المجموعات التي لا تنتمي الى اي من الاطياف اللبنانية او الفلسطينية.

هناك تخوفات من حصول اي اهتزازات امنية في مخيمات عدة، وليس بالتحديد في مخيم المية ومية في صيدا، لأنه لا يوجد فيه اي عناصر مخلة بالامن او عناصر مطلوبة او عناصر مشبوهة، على الرغم انه حصلت بعض المشاكل الامنية في هذا المخيم ولكن تم تطويقها مؤخراً، انما بصراحة لدينا تخوفات في احدى المخيمات في الجنوب، حيث تم اعتقال مجموعة تابعة لفتح الاسلام وتم تحويلها للقضاء اللبناني، وهذه المجموعات غير مقبولة لا فلسطينياً ولا لبنانياً. ومن هنا، اعطت مؤشرات واشارات بهذه التخوفات.

لن نقبل ان نكون عامل قلق للاستقراراللبناني

الجدير قوله، اننا ومنذ فترة طويلة على تعاون دائم مع الاجهزة الامنية اللبنانية لمعالجة اي تطور يمكن ان يحصل، ونحن نعمل لاستباق اي حدث داخل المخيمات، حيث كنا وما زلنا حريصين على الامن الاجتماعي الفلسطيني، وعلى الامن والاستقرار في لبنان، وباستمرر نحن نؤكد ونقول اننا كقيادة في منظمة التحرير الفلسطيني وحركة فتح واخوتنا في قوى التحالف، لا نقبل بعد الآن ان نكون عامل قلق للاستقرار اللبناني او الفلسطيني، ولن نسمح لأي مجموعة او افراد ان تستغل وجودنا في المخيم – اي مخيم - لتوتير الاجواء، لأننا جزء لا يتجزأ من الأمن والاستقرار في هذا البلد، ونحن ضيوف قصريين وننتظر عودتنا الى بلدنا، ومن هنا يجب ان نكون حريصين على علاقة جيدة، ونحترم هذه الضيافة، كما اننا نحترم ونلتزم بالقوانين اللبنانية المرعية، وحريصين كل الحرص على الاستقرار والسلم الاهلي في لبنان.

برأيك هل عاد شبح فتح الاسلام من جديد؟

ربما هناك من يحاول ان يستطلع ولكن بتقديري الرسالة وصلت لكل المعنيين الفلسطينيين ولكل القيادات الفلسطينية، ولكن ان كان هناك من يفكّر باستغلال وضع جديد في هذا المخيم او ذاك، وصلت الرسالة لهم ولمن وراءهم، اننا لن نسمح لا نحن ولا الاخوة اللبنانيين ولا الجهات الرسمية الامنية اللبنانية والفلسطينية بمثل هكذا عمل في اي مخيم من المخيمات.

من يري ان يستخدم المخيمات الفلسطينية كساحة لتبادل الرسائل، خصوصاً ان ما يحدث مرتبط بكثير من الملفات الاقليمية الشائكة في لبنان والمنطقة؟

اولاً، ان كان على المستوى الاقليمي، فالأخ الرئيس ابو مازن (محمود عباس) صرّح وابلغ اكثر من جهة رسمية محلية او اقليمية، بأننا كفلسطينيين لا طموح لنا سوى العيش بآمان وسلام واستقرار واطمئنان اجتماعي واقتصادي، ريثما تتم عودتنا الى بلدنا، ونحن واثقون تماماً بأننا عائدون الى بلدنا ودولتنا، لكن من هنا حتى يتم ذلك آملين ان يكون قريب وقريب جداً ، ان لا تحاول اي جهة اقليمية او محلية زجّنا في اي صراع نحن سنكون حريصين ومصرّين ان نبقى بعيدين عن اي تجاذب محلي او اقليمي لأن اعيننا دائماً بإتجاه القدس، وبإتجاه العودة الى فلسطين.

تعلمنا درساً قاسياً في مخيم نهر البارد

هل هناك رابط بين ما تقوله الصحف السوؤرية منذ ايام عن عمل امني وتسلل عناصر من القاعدة الى لبنان وبين التطورات التي يمكن ان تحصل في المخيمات في المستقبل؟

استطيع ان اؤكد ان الفصائل الفلسطينية مجتمعة دون استثناء، ان كان الفصائل التي تنضوي تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية او خارج المنظمة، وخاصةً على مستوى المخيمات والقيادات المتواجدة في المخيمات الفلسطينية في لبنان، لا تقبل ولن تقبل استغلال هذه المخيمات بوجود اي مجموعة خارج القانون او خارج الاجماع الفلسطيني،وقد تعلمنا درساً قاسياً مما حصل في نهر البارد، الوعي الفلسطيني حتى على المستوى العام للشعب الفلسطيني اضافةً الى القيادات، بتقديري يعطينا الاطمئنان، هذا يلزمه تنسيق فلسطيني كامل، وتنسيق فلسطيني لبناني مع الاجهزة اللبنانية، وانا واثق اننا سنتجاوز هذا القطوع ان كان احد ما يفكّر ان كان في لبنان بشكل عام، ام في المخيمات الفلسطينية بشكل خاص.

ما هو تعليقك على قول البعض ان سوريا هي التي تقف وراء ارسال العناصر الارهابية الى لبنان والمخيمات الفلسطينية ؟

بصراحة لم اسمع اي جهة لبنانية داخلية تتهم جهة اقليمية بشكل مباشر بما يحدث اليوم، الا ان العناصر التي يتم اعتقالها، والتي اعتقلت سابقاً في نهر البارد، او تلك التي اعتقلت في منطقة الشمال، و بيروت ومنطقة صور مؤخراً، بتقديري ان الجهات الامنية هي التي تعرف تماماُ الجهة التي ارسلتهم والجهة التي موّلتهم من خلال التحقيقات التي تجريها.

لا انفراجات في عملية السلام

هل تتوقع عشية انعقاد الجمعية العامة للامم المتحدة تحقيق حراكاً ما في مسار الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، وتزامناً مع جهود الرئيس الاميركي باراك اوباما لتحريك عملية السلام؟

في الحقيقة، حتة هذه اللحظة، لا يتوقع الرئيس ابو مازن والوفد الفلسطيني المرافق الى نيويورك اي شيء في هذا الخصوص، خاصةً بعد التعنّت الذي اعلنه كثير من المسؤولين الاسرائيليين، ان كان نتنياهو خاصةً بعد الاجتماعات التي عقدها مع ميتشل ولم يخرد بأي ايجابية، وبالتالي لا نتوقع اي انفراجات لغاية الآن، نأمل ان يكون عكس ذلك، لكن لغاية الآن لا نرى اي انفراجات ممكنة من خلال التصريحات والتعنت الذي تحدثنا عنه.

هل هذا يعني ان الرئيس باراك اوباما طوّق من قبل نتنياهو والتشدد الاسرائيلي التي اظهرته تل ابيب؟

الواضح تماماً ان الحكومة الاسرائيلية ونتنياهو وليبرمان وكافة المتطرفين، يظهر بتقديري، ان المجتمع الاسرائيلي بكامله اضافةً الى القيادة الاسرائيلية، غير مهيأة لغاية الآن لأي مشروع للسلام الحقيقيي في المنطقة، ان كان في ما يخصّ الاراضي العربية، او في ما يخصّ المستوطنات، او حتى حق العودة، اضافةً الى القضايا الاخرى الاساسية والمركزية، وبالتالي فهذا المجتمع بعيد عن مشاريع السلام التي تطرح من قبل المجتمع الدولي.

نأمل ان يكون هناك قدرة للولايات المتحدة الاميركية والادارة الاميركية، وعلى رأسها الرئيس اوباما ان يمارس ضغوطاً، يكون لها تأثير على هذه الحكومة الاسرائيلية اليمينية المتطرفة، او من قبل الاتحاد الاوروبي ، واطالب ايضاً ان يكون هناك موقف عربي موحّد يشكّل عامل ضغط، ولكن بصراحة، وبكل أسف، لا بوادر ظاهرة لغاية الآن.

قوة لبنان هي قوة لفلسطين والقضية

في ما يختص الموضوع الداخلي اللبناني، هل تعتبر ان التأخير في تشكيل حكومة وحدة وطنية سيؤدي الى تفاقم الوضع الأمني؟

انا قبل كل شيء ضيف في هذا البلد، ولكن اتمنى ان تشكّل الحكومة اللبنانية بتوافق كافة الاطراف، ونحن مقتنعون كفلسطينيين ان قوة لبنان هي قوة لفلسطين، وان الاستقرار الكامل في هذا البلد هو دعم للقضية الفلسطينبة، نأمل ان تشكّل الحكومة بأقرب وقت ممكن وان يشكلها الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري.

 

جديد فضائح وزارة الاتصالات: تقرير قضائي يكشف عن جملة من التناقضات والاكاذيب والاجتزاء في إعطاء المعلومات 

٢٢ ايلول ٢٠٠٩ /  المصدر : القوات اللبنانية 

يوماً بعد يوم، تكشف الوقائع أن المؤتمرات الصحافية "الفولكلورية" لوزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل ليست سوى "قنابل دخانية" للتضليل وإبعاد الانظار عن الفساد المستشري في الوزارة وعن الفضائح التي تكشف مدى مصداقية وزير "الاصلاح والتغيير" وفريق عمله. ففي آخر المعلومات حول موضوع التحقيقات الجارية بخصوص التخابر غير الشرعي، أظهر تقرير صادر في 17/9/ 2009 عن المحامي العام المالي في بيروت القاضي طاني لطّوف جملة من التناقضات والاكاذيب والاجتزاء في إعطاء المعلومات من قبل وزارة الاتصالات للاجهزة المعنية.

ومن أبرز هذه النقاط ما يتعلق بالشكوى الواردة من هيئة القضايا في وزارة العدل بموضوع سبع شركات وفندقين يشتبه بقيامها بتخابر غير شرعي بتاريخ 16/10/2008، حيث تبين بحسب التقرير ان بعض هذه الشركات عند تقديم الشكوى كانت متوقفة عن العمل منذ فترة سابقة نتيجة توقيف وزارة الاتصالات لهذه الخطوط في تاريخ سابق.

وان وزارة الاتصالات لم تقم، كما جرت العادة، بطلب مؤازرة لمداهمة هذه الشركات والكشف عليها وضبط المعدات المستعملة في التخابر غير الشرعي قبل توقيف هذه الخطوط. كما ان وزارة الاتصالات لم تبرز مستندات بخصوص كثافة الاتصالات مكتفية بجدول مقارنة بين كثافة الاتصال على هذه الخطوط مع كثافة الاتصال على خط شركة Bankers Insurance التي اعتمدت كنموذج للمقارنة، علما ان نوعية عمل هذه الشركات تختلف عن نوع عمل شركة Bankers Insurance . كما يشير التقرير القضائي ان وزارة الاتصالات لم تبرز أي تقرير فني حول كيفية حصول هذه المخالفات علما انها الجهة ذات الاختصاص بهذا الخصوص.

أما في ما يتعلق بمحطة الباروك، فيذكر التقرير القضائي انه بتاريخ 9/9/2009 ورد كتاب من وزارة الاتصالات بخصوص المحطة يشير الى محطات اخرى مشتبه باجرائها تخابر غير شرعي من دون ذكر اسمائها او عناوينها، فهل تتذكر وزارة الاتصالات ان تكشف الستارة عن محطات شبيهة بمحطة الباروك بعد فترة من الزمن، ولمَ هذا التكتم عن المعلومات؟ وهل للوزارة أن تخبرنا كيف تعاملت مع التخابر غير الشرعي المتفشي في مربعات "حزب الله" الامنية، وخصوصاً في الضاحية الجنوبية؟

 

الأكثريّة لن تسلّم البلاد تحت حجّة الشراكة والوحدة الوطنية 

٢٢ ايلول ٢٠٠٩

فادي عيد/المصدر : الديار

اكدت مصادر نيابية في 14 آذار ان المشاورات التي سيجريها الرئىس المكلف سعد الحريري اثر ‏عودته من المملكة العربية السعودية ستبدأ من الصفر، بعدما سقطت كل الحلول التي طرحت ‏سابقا خلال التكليف الاول لتجاوز العقد والمطبات والمطالب التعجيزية التي قامت في وجه ‏المحاولة الاولى لتأليف الحكومة العتيدة، مشيرة الى ان الجميع الآن ينتظر ما يمكن ان يجري في ‏الخارج على هامش بعض المحطات العربية والدولية والتي سيكون لبنان في صلب المناقشات الجارية ‏وهذه المحطات هي:‏ ‏- المشاورات التي سيجريها الرئيس المكلف في الرياض خلال لقاءاته مع المسؤولين السعوديين.‏ ‏- الاتصالات التي سيجريها الرئىس ميشال سليمان في نيويورك فضلاً عن القمة التي ستجمعه مع ‏الرئيس الاميركي باراك اوباما والمتوقعة يوم الجمعة المقبل في الخامس والعشرين من الجاري ‏واللقاءات التي سيجريها على هامش اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في ظل مشاركة سورية ‏وقطرية وسعودية وفرنسية رفيعة المستوى.‏ ‏- بلورة نتائج الاتصالات الاقليمية الجارية لا سيما مع دمشق بشأن لبنان والعراق والمصالحة ‏الفلسطينية - الفلسطينية.‏ وفي ظل دعوات التهدئة وفصل الشارع عن الخلاف السياسي القائم، تابعت المصادر، فإن هدنة ‏عيد الفطر السعيد، تحولت الى استراحة لمراجعة المواقف وجاءت بمثابة محطة انتظار لسلسلة ‏ من اللقاءات والاجتماعات في بحر هذا الاسبوع تمهيدا لانطلاق المشاورات النيابية قبل ظهر ‏الخميس المقبل والتي ستشمل كل الافرقاء وتتناول موضوع تأليف الحكومة والاوضاع العامة في ‏البلاد.

مشددة على ان مرحلة ما بعد عيد الفطر والتي على ضوئها سوف يبدأ الرئيس المكلف ‏استشاراته مع الكتل النيابية، ستكون مفصلية وسيحدد على ضوئها الرئيس الحريري خياراته ‏النهائية. لافتة الى ان نفس الحريري طويل جداً ويجب ان لا يراهن احد على نفاد صبره وهو لا ‏بد وان يصل الى ما يصبو اليه.‏ كاشفة ان الهدف الاساسي من قبول الرئيس الحريري التكليف هو استمرار ارساء قواعد النظام ‏الديمقراطي ونظام الطائف. معتبرة ان رفض الحريري التأليف يعني اخضاع لبنان لمنطق التعطيل ‏الذي تمارسه قوى المعارضة ما يمكن ان يفسر فوزا لها على حساب الاكثرية. وان تسليم الرئيس ‏المكلف لشروط الاقلية التعجيزية يعني اقرارا واضحا بالغاء نتائج الانتخابات النيابية ‏الاخيرة، الامر الذي تسعى اليه بعض الاطراف الاقليمية. مشيرة الى ان الاقلية ستظل تطالب ‏بشروط تعجيزية حتى لو وافق الرئيس المكلف على شروطها ومطالبها، لان الهدف الاول للاقلية، ‏وبحسب ما هو ظاهر، هو تفريغ قدرة الاكثرية على التحكم في الحكومة.‏ وفي حين اشارت المصادر النيابية نفسها الى ان الرئيس المكلف قدّم اقصى ما يمكنه للاقلية من ‏خلال التركيبة الحكومية التي عرضها على رئيس الجمهورية ميشال سليمان وتم رفضها من قبل قوى ‏المعارضة. شددت على ان الاكثرية ليست في وارد تسليم البلاد تحت حجّة الشراكة والوحدة ‏الوطنية الى فريق الاقلية.‏ وختمت المصادر ذاتها مذكّرة الاقلية بان استمرارها بمطالبها التعجيزية لن يؤدي الى تحسين ‏مواقعها وحصصها في التركيبة الوزارية المنتظرة كما حصل في التشكيلة الاولى، والتي لم تبصر ‏النور، لان سياسة التعطيل التي انتهجتها المعارضة للصيغة المطروحة، والتي تم من خلالها ‏التوزيع الطائفي والمذهبي واشراك جميع القوى السياسية والحزبية والتيارات، يعطي للاكثرية ‏المبرر لامكانية طرح صيغ بديلة في المشاورات المرتقبة لتشكيل الحكومة العتيدة.‏

 

ايران : معضلتان وسؤال لبناني 

٢٢ ايلول 2٠٠٩ /المصدر : النهار

علي حمادة

كشفت عودة الاحتجاجات الى المدن الايرانية في مناسبة "يوم القدس" التي تحييها الجمهورية الاسلامية حيوية نادرة للحركة الاحتجاجية التي اشتعلت اثر الانتخابات الرئاسية الاخيرة، ثم امتدت في الزمن لتتحول حركة ضد النظام في وجهه الشمولي. ومع شدة القمع الذي لجأت اليه السلطات الايرانية بدءاً بالمواجهة في الشارع والتي اسفرت عن مقتل عشرات المتظاهرين، ثم الاعتقالات الواسعة النطاق، والمحاكمات الصورية التي تذكر بالحقبة الستالينية، بدا من خلال تقارير عدة من الداخل الايراني ان الحركة الاحتجاجية المحاصرة بماكينات النظام لا تزال تعمل في عمق المجتمع الايراني، ولا سيما في المدن الكبرى. وقد يكون الحدث في يوم القدس هذه السنة رفع شعارات "لا غزة ولا لبنان نموت من اجل ايران"، بما يؤشر الى اعتراض على السياسة الخارجية للجمهورية الاسلامية، وهي تلك التي يديرها ولي الفقيه و"الاستبلشمنت" اي المؤسسة العسكرية – الامنية التي تمثلها على نحو كبير مؤسسة الحرس الثوري المتعددة النشاط بما في ذلك النشاط المالي والاقتصادي.

المؤسسة الحاكمة في ايران تقف في مواجهة معضلتين. الاولى داخلية سببها ترهل الحكم بعد ثلاثين عاما، وتراجع قوة الاستقطاب التي مثلتها شعارات الثورة في اوساط الشباب المديني على خلفية تفاقم الازمة الاقتصادية والمعيشية للمواطن العادي، فضلا عن التضييق الذي مورس على نواح كثيرة من الحياة الخاصة للشباب في المرحلة التي تلت انتهاء ولاية الرئيس محمد خاتمي، ومجيء الرئيس الحالي محمود احمدي نجاد كممثل للجناح المحافظ، وهو عمليا جناح مؤسسة الحرس الثوري الحاكمة الفعلية للجمهورية الاسلامية في ايران. وقد ظهر من خلال تظاهرات حزيران الماضي، اثر اعلان نتائج الانتخابات الرئاسية، حجم المعارضة وانه لو لم تتحرك المؤسسة الحاكمة بقيادة الحرس الثوري والمرشد السيد علي خامنئي لربما بلغ حجم التظاهرات بعد اسابيع عدة ملايين. ولكن القوة لم تعالج المشكلة بل هي اخّرت الانفجار.

المعضلة الثانية خارجية، وتتمثل في ما يعتبره الفريق الحاكم في طهران مصدر قوة من شأنه حماية النظام بنقل خطوط المواجهة بعيدا من الداخل الايراني الى داخل الكيانات العربية من جهة، وحول شبكات المصالح الغربية الاقليمية والدولية من جهة اخرى. وإذا كانت الايديولوجيا من ابرز محددات السياسة الخارجية الايرانية الا ان المحدد الاول هو مصلحة النظام وبقاؤه بعدما قامت من ضمنه وحوله شبكة مصالح واسعة ومعقدة. ومصدر القوة، كما يعتبره الفريق الحاكم، هو في الوقت عينه مصدر جاذب للاستهداف في لحظة تاريخية معينة تتوافر فيها حوافز وتتقاطع فيها مصالح كبرى. فإيران الاسلامية التي تنتشر من اليمن الى لبنان وفلسطين ومصر وصولا الى المغرب العربي في مواجهة متعددة شرقية – غربية، ثورية – محافظة، وسنية – شيعية تتموضع فوق ارض خطرة، هذا إذا ما ثبت ان الغرب لن يقبل التعايش مع ايران نووية ايا يكن الثمن. وهذا التموضع الخطر يزيد من خطورة نتائج العقوبات الحالية، ومن تلك التي يجري التحضير لها، وخصوصا ان الاقتراح الايراني الاخير الذي قدم الى الدول الخمس الكبرى والمانيا لم يتناول حل الازمة حول البرنامج النووي، بل جاء على شكل عرض قوة اقليمية قامت به ايران امام العالم.

مؤدّى هذا العرض ان جمهورية ايران الاسلامية الممسكة بأوراق اقليمية، دخلت في مخاض سياسي داخلي طويل سينعكس على سياستها الخارجية إما بمزيد من التدخلات في المحيط العربي من اليمن الى فلسطين ولبنان، واما بحرب اقليمية يرجح ان يكون لبنان ساحتها مع استمرارها في امتلاك اثمن الاوراق إطلاقا: "حزب الله"! والسؤال الذي يهمنا في لبنان: ما حدود تبعية الحزب للاجندة الايرانية؟

 عون: سأقاضي مروجي الشائعات الكاذبة

الثلائاء 22 سبتمبر/ وكالات

 بيروت: رد رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون على ما اشيع عن زيارة قام بها أخيراً الى العاصمة السورية سراً، واكد لصحيفة "البناء" ان "هذه الشائعة تصب في سياق حملة تشويه جديدة علي وعلى فريقي في بداية مرحلة الاستعداد للبحث في تشكيل الحكومة، وهي حملة مشابهة للتي مورست علينا قبل العيد مستهدفة وزير الاتصالات جبران باسيل، وبعد ان فقد هذا العنوان مضمونه يلجأ اتباع التعطيل الى اسلوب جديد ورخيص يهدف الى الايحاء للرأي العام بأن العماد عون يعتمد سياسات متسترة ومشبوهة، فيما ان كل خطوة نقوم بها تكون أمام العلن، فهذا هو تاريخنا وحاضرنا وهكذا سيكون مستقبلنا"، معلنا انه "اذا ما استمرت الجهات المشبوهة بإطلاق الشائعات الكاذبة بحقي من دون تقديم اثباتات فإنني فوراً سأقاضي الصحف التي تنشرها".

 

حرب: "الطائف" لم يطبق كما يجب و"الدوحة" غير دستوري

 التاريخ: ٢٢ ايلول ٢٠٠٩/المصدر: اخبار المستقبل 

أعلن النائب بطرس حرب ان "اتفاق الطائف لم يطبق حتى اليوم، لم يطبق أثناء وجود السوريين وبعد خروجهم من لبنان، وأصبحت هناك حال جديدة في لبنان هي دخول عنصر غير ديموقراطي على الساحة السياسية". وقال: "حتى اليوم "الطائف" لم يطبق كما يجب، وهناك تكريس لأعراف وتقاليد دستورية تعدله ضمنا كما حصل في الدوحة". وأكد ان "ما جرى في الدوحة مخالف لأحكام الطائف". وشدد على "ان اتفاق الدوحة غير دستوري، والاتفاق على توزيع الحقائب بين الأكثرية والأقلية غير دستوري، وحكومة الائتلاف او الوحدة الوطنية كالتي شكلت تطيح بالنظام الديموقراطي البرلماني الذي يعتبر ان هناك موالاة ومعارضة، اي لا تعود هناك محاسبة". ورأى ان طإعطاء رئيس الجمهورية عدد من الوزراء مخالف للدستور، لأن من يشكل الحكومات في لبنان هو الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية". واوضح أن مشروع القرار الذي تقدم به الى المجلس النيابي "وقعه عشرة نواب لنطالب بتعديل دستوري بحيث يصبح من غير الجائز تعديل المواد المتعلقة بالتوطين إلا بالاجماع". وقال: "فوجئت أن بعض القوى السياسية، وهي نفسها التي كانت تتهمنا أننا مع التوطين، كانت ضدنا في الموضوع".

وأشار حرب إلى "أن تأخير الحكومة هو أخطر شيء اذا كان هناك من يريد تمرير التوطين، واليوم سيكون لبنان عضواً غير دائم في مجلس الأمن لسنتين وسيكون ممثل المجموعة العربية، وبغياب حكومة لها دورسياسي ما دور ممثل لبنان في مجلس الأمن ومن سيوجهه؟".

 

ليس هناك منزلة بين المنزلتين

بقلم الياس الزغبي

الاصطفاف السياسي الراهن في لبنان ليس قدرا والسياسة حالة متحرّكة ومتبدّلة.

هذه اجابة بسيطة وعفوية على عنوان المحور الذي تطرحه "قضايا النهار"، وليس في وسع أي لبناني أن يتصوّر تأبيد التشكيلين السياسيين المستمرّين منذ أربع سنوات ونصف (14 و8 آذار) وبقاءهما، في الشكل والمضمون، الى أمد غير منظور.

لكنّ التبصّر في عمق السؤال يجعل الاجابة أكثر تعقيدا، لأن المسألة اللبنانية، في جوهرها، لا تختصرها عبارة "اصطفافات سياسية". هي عبارة - مصطلح لا بد منها لاثارة النقاش وتركيز البحث، بينما الاصطفاف الحقيقي في لبنان، وتحديدا منذ ربيع 2005 وانتهاء الوصاية السورية المباشرة، يتخطّى السياسة السياسية بمفهومها المتراكم كعلم قديم – حديث وكفنّ لادارة الحكم والمجتمع على أساس التنافس الديموقراطي، ليبلغ حد الانهدام العمودي بين مفهومين وثقافتين ومشروعين بما ينذر باعادة صياغة الدولة والنظام، وربما الحدود والهوية والكيان.

نعم، المسألة هي في هذه الجدّية والخطورة والالتهاب المصيري. وليس توالد الازمات في الآونة الاخيرة واتخاذها خطا تصاعديا تحت عناوين التوافق والشراكة والثلث المعطّل والاحتكام الى السلاح و"الأكثرية الشعبية" وتجويف نتائج الانتخابات والتحايل على الدستور وتعطيل تشكيل الحكومة سوى ظواهر وأعراض هذا الالتهاب.

أ – المشروع اللبناني ونقيضه

في المسار التاريخي اللبناني، قبل تكوّن دولة لبنان الكبير ( 1920) وبعده، هناك ثنائية ثابتة حكمت فلسفة تشكّل الكيان والهوية، قائمة على تقاطع الشرق والغرب كحالتين ثقافيتين وحضاريتين وتفاعلهما في الحالة اللبنانية، وقد تشاركت أو تصادمت كل المكوّنات اللبنانية، السياسية والطائفية، في اطار هذه الحالة وتحت لوائها عقودا طويلة الى أن أصبحت عقيدتها موحّدة في زواج نهائية لبنان وانتمائه العربي والتزامه المواثيق الدولية سنة 1989 (اتفاق الطائف). وظلت هذه العقيدة كامنة ومخنوقة الصوت تحت الادارة السورية (15 عاما)، وحين حانت الفرصة للتعبير عن نفسها بقوة وحرية في شباط – آذار 2005 كانت الصدمة الاولى في انكفاء فريق لبناني تمثله "الشيعية السياسية" عن المشاركة في فرحة الزواج التاريخي، ثم انفكاك فريق آخر مثّله العماد ميشال عون عن الحالة الاستقلالية الجديدة.

وفي مقابل الصدمة الايجابية التي أحدثها انخراط السنّة باندفاع وصدق بقيادة "تيار المستقبل" في تكريس ثنائية نهائية الكيان – الانتماء العربي تحت الشعار الحاسم "لبنان أول"، شكّل غياب "حزب الله" و "أمل" ومعهما المجموعات الأشد ارتباطا بالنظام السوري خيبة كبيرة للمشروع الاستقلالي، خلافا للتاريخ الشيعي الكياني الذي أرساه الائمة والقادة ودرّتاهم الامام المغيّب موسى الصدر والامام الراحل محمد مهدي شمس الدين، وكانت المفارقة المؤلمة دخول السنّة بحماسة والتزام الى الكيانية اللبنانية مقابل خروج الشيعة بفعل الامر الواقع عليها كي يحوّلهم "حزب الله" طائفة اقليمية ذات وظيفة فوق وطنية، فيما شكّل ارتداد عون ذهولا عاما لأنه خرج بصخب على الثنائية المسيحية التاريخية (عرب - غرب) وأوغر صدور مناصريه ضدها وانزلق عميقا في المحور المعادي لها وعزّز المشروع المناقض للكيانية اللبنانية وفرادة لبنان وقيمته المضافة. وحين حذّر البطريرك الماروني نصرالله صفير من الخطر على الكيان والهوية لم يكن يقصد توظيف كلامه في الفضاء الانتخابي العابر بل كان يضع يده على حقيقة المصير الذي يواجهه لبنان، وقد أثبتت مرحلة ما بعد الانتخابات صحة هاجسه، فلبنان اليوم مهدّد بخسارة معناه وهويته ونظامه وثوابت دولته.

ب - تهديم المرتكزات اللبنانية           

لأن الاخطار التي تهدّد لبنان ليست نظرية، والحديث عنها ليس للكسب السياسي، يجب تظهير هذه الأخطار بعيدا من عقدة التوقّف عند الخطر الاسرائيلي والاكتفاء به كغطاء جاهز للتستير على الاخطار الاخرى، ويحصل التوسّع أحيانا فيسمح فقط بالحديث عن خطري الارهاب والتوطين. اسرائيل، الارهاب، التوطين : نعم، انها أخطار ماثلة  نواجهها بكل الطاقات. ولكن ماذا عن العقدة السورية التاريخية تجاه استقلال لبنان، وهل يجب أن ننتظر ما يشبه الحسم التركي لعقدة اللواء السليب (لواء الاسكندرون) سنة 1998 كي يشفى الذهن السوري من "عقدة لبنان"؟

ماذا عن خطر ابقاء لبنان ساحة صراع ايراني – اميركي وسوري - سعودي وفلسطيني – اسرائيلي وسوري – عراقي وايراني – عربي...؟

وماذا عن السلاح السوري على الارض اللبنانية (المعسكرات الفلسطينية خارج المخيمات) والسلاح الايراني (في منطقة اليونيفل وخارجها) ؟

وهل يستطيع أحد أن يشرح كيف يكون سلاح "حزب الله" لمحاربة التوطين بحسب ما يروج له أهله وحلفاؤهم؟

هو ليس معدّا لشن حرب ابادة ضد المخيمات، ولا يتصدّى لأشد وجوه التوطين خطورة أي التوطين المسلّح خارج المخيمات برغم قرار طاولة الحوار (2006)،  ولا يرى أحد كيف يستطيع أن يفرض على اسرائيل حق العودة تحت وطأة التهديد بصواريخه البعيدة المدى. والخشية أن يكون هذا السلاح لتبرير التوطين المسلّح، والخشية الكبرى أن تكون وظيفته  لموازنة التوطين وليس لمنعه، وظيفة لاحقة وليست سابقة، في اطار الصراع الطائفي - السياسي الكبير في المنطقة.

ثم ماذا عن استخدام السلاح في الداخل واستبدال العلاقة السياسية بين اللبنانيين بمنطق الاحتكام الى القوة المسلحة ومبدأ البقاء للأقوى، وماذا عن الحدود والسيادة، وماذا عن الدستور والنظام السياسي ومفهوم الدولة؟

لبنان يتعرّض الان لعملية تهديم منهجي بسرعتين: خطة تغيير دراماتيكي بقوة السلاح (7 أيار 2008) لم تحصد نتائج فورية وجذرية، فحلّت محلها خطة تغيير بطيئة من خلال قضم المواقع والنفوذ تحت غطاء التوافق والحقوق والحصص والتوازنات. وخطورة هذه الخطة تكمن في ادخال تعديلات دستورية بدون الدستور، وفي تشويه أواليات النظام والأعراف والاصول، خصوصا في فرض شروط وأساليب وثقافات دخيلة على الحياة السياسية اللبنانية خلال تشكيل الحكومة ومراكز قواها وتوازناتها، وبالتحديد لجهة تخريب الحق الدستوري لرئيس الجمهورية والرئيس المكلّف في تشكيل الحكومة، والأخطر هو التحطيم المنهجي لمعنى الانتخابات ونتائجها والتأسيس لحكم رؤساء القبائل على قاعدة أن الأقوى والأكثر تسلّحا ينتزع النفوذ وأولوية القرار. ولا معنى للانتخابات الاّ كاستفتاء داخلي ذاتي لتكريس الزعامات الطائفية واطلاق يدها في اختلاق بدع جديدة في السياسة وادارة اللادولة.

واكثر ما يثير هاجس المسيحيين هو اصرار "حزب الله" على الأكثرية العددية وتجاهله المتمادي لقاعدة المناصفة وما أرساه اتفاق الطائف، في حين يصر "تيار المستقبل" وزعيمه سعد الحريري باسم المسلمين السنّة على أولوية المناصفة كأساس للحكم وقيام الدولة وقد كرّسا هذا الالتزام خطيا وشفويا مرّات عدة. ألا يعني تغييب "حزب الله" ومن معه مبدأ المناصفة وتهويلهم بالعدد تبييتا لمشروع المثالثة ولاحقا القطبية المذهبية؟ خصوصا أن تصريحات قياداتهم الدينية والسياسية والعسكرية تشي من حين الى آخر بالمكتوم.

ج - التموضع المستحيل

كل الاخطار المذكورة تجعل الاصطفاف السياسي الراهن في لبنان غير قابل للاهتزاز بصورة دراماتيكية، لأنه ليس مجرد التحاق مرحلي بطرف أو اخر، حتى ولو كانت المصلحة السياسية أو الشخصية في أساسه، وحتى لو اقتضت هذه المصلحة الخروج من الاصطفاف. فلا انهيار وشيكا لأي اصطفاف، و 14 و 8 آذار باقيان سواء بالاسمين نفسيهما أو تحت عناوين مختلفة في ما يشبه "التقمّص السياسي"، وقد أثبتت التجارب الاخيرة عدم قدرة أي قوة سياسية أو زعيم سياسي على الانتقال من ضفة الى أخرى لأن المسافة بين الضفتين هي منخفض سحيق لا يسهل عبوره. تلك كانت حالة وليد جنبلاط الذي حاول، ونبيه بري الذي لم يحاول، وطلال ارسلان الذي لم يقدر، ونجيب ميقاتي الذي لم يقدم، والطاشناق الذي يتردّد، وميشال المر الذي لم يشته، ونقولا فتوش الذي لم ينته. وتلك ستكون حالة كل راغب في مغادرة صفه، فليس هناك مشروع ثالث بين مشروعين ولا منزلة بين المنزلتين، والخيار هو بين لبنان المألوف ولبنان غير المألوف: الاول وطن ودولة ونظام، والثاني رقم وساحة وقبائل، فمتى يعود الثاني الى الاول، ومتى يهتدي القطيع الضال الى مرعاه؟! 

*كاتب سياسي
22 أيلول 2009

*عن جريدة النهار

 

بان كي مون: الأجواء مفعمة برياح التغيير

بقلم بان كي مون (*)

المستقبل/يلقي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلمة في قمة "المناخ" التي تفتتح أعمالها اليوم في نيويورك، في مستهل أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها العادية الرابعة والستين، ويشارك في أعمال الجمعية من قادة العالم. منذ أسبوعين، قمت بزيارة إلى المنطقة القطبية الشمالية. وهناك، شاهدت بقايا نهر الجليد، الذي كان منذ أعوام قليلة مضت كتلة رائعة من الثلوج. لقد تهاوت هذه الكتلة الرائعة. لم يلحقها الذوبان البطيء، لكن أصابها الانهيار. وقد سافرت إلى هناك في رحلة استغرقت تسع ساعات على متن سفينة انطلقت من تلك المستوطنة في أقصى شمال البسيطة حتى الطرف القطبي المتجمد. ولن تمر سوى سنوات قليلة حتى يمكن للسفينة نفسها أن تقلع دونما عائق على طول الطريق إلى القطب الشمالي. ذلك أن المنطقة القطبية الشمالية يمكن أن تصبح خالية تماما من الجليد بحلول عام 2030.

ولقد حدثني العلماء عن اكتشافاتهم الجادة. إن المنطقة القطبية الشمالية هي بمثابة النذير الذي يحذرنا من آثار تغير المناخ التي ستصيبنا جميعا. ولقد كان من دواعي انزعاجي وتيرة التغير السريعة هناك. والأسوأ من ذلك أن التغيرات في المنطقة القطبية الشمالية تؤدي الآن إلى تسارع وتيرة الاحترار العالمي. ويؤدي ذوبان الجمَد السرمدي إلى إطلاق غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة التي تبلغ في قوتها ضعف قوة غاز ثاني أكسيد الكربون بمعدل 20 مرة. ويهدد ذوبان الجليد في غرينلند بارتفاع مستوى سطح البحر. وفي الوقت نفسه، فإن معدلات انبعاثات غازات الدفيئة آخذة في الارتفاع. ولذلك، فإنني على أشد اقتناع بأنه يتعين علينا أن نعمل، والآن.

وتحقيقا لهذه الغاية، فقد دعيت إلى عقد مؤتمر قمة استثنائي بشأن تغير المناخ في 22 أيلول/سبتمبر في الأمم المتحدة بحضور نحو 100 من قادة العالم - وهو أكبر تجمع من هذا القبيل يشهده التاريخ حتى الآن لرؤساء الدول والحكومات. وسيكون التحدي الجماعي الذي يواجههم: تحويل أزمة المناخ إلى فرصة من أجل تحقيق نمو مستدام للجميع يكون أكثر أمنا ونظافة ومراعاة للخضرة والبيئة.

وسيكون مؤتمر كوبنهاغن مفتاحنا إلى هذا السبيل، حيث ستجتمع الحكومات في شهر كانون الأول/ديسمبر للتفاوض بشأن اتفاق جديد بشأن المناخ العالمي. وستكون لديّ رسالة قصيرة أتوجه بها إلى القادة: إن العالم يطلب منكم السعي الحثيث نحو التوصل إلى اتفاق عادل وفعال وطموح في كوبنهاغن. أما إذا عجزنا عن العمل، فسنظل نحسب مقدار الخسارة على مدى أجيال عديدة قادمة.

إن تغير المناخ هو القضية الجغرافية السياسية الأبرز في عصرنا. فهو يعيد صياغة المعادلة العالمية من أجل التنمية والسلام والرخاء. وهو يشكل تهديدا للأسواق والاقتصادات ومكاسب التنمية. ويمكن أن تؤدي نتائجه إلى نضوب إمداداتنا من الماء والغذاء، وإثارة النزاعات والهجرة، وزعزعة المجتمعات الهشة، بل ويمكن أن تؤدي إلى إسقاط الحكومات.

أفي ذلك مبالغة؟ كلاَّ. ليس في ذلك من المبالغة في شيء، وفقا لما يقول به أفضل العلماء في العالم. ووفقا لما يذكره الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ، فإن انبعاثات غازات الدفيئة على النطاق العالمي لا بد لها أن تتضاءل في غضون عشرة أعوام إذا كان لنا أن نتجنب حالة من إطلاق العنان لقوى الطبيعة الخارقة التي لم يعد لنا الآن سيطرة عليها.

وإن فترة العشر سنوات إنما تندرج في إطار العمر السياسي للكثيرين من الحاضرين في مؤتمر القمة. وها هي أزمة المناخ تحدث أمام ناظريهم.

على أن هناك بديلا لهذه الأزمة: النمو المستدام القائم على التكنولوجيات الخضراء والسياسات التي تؤيد تخفيض الانبعاثات في مواجهة تلك القائمة على النماذج الحالية كثيفة الكربون. والكثير من خطط التنشيط التي جرى استنباطها في أعقاب أزمة الهبوط الاقتصادي العالمية ينطوي على عنصر هام من عناصر السياسة "الخضراء" التي تعمل على توفير فرص العمل وتهيئ البلدان لتحقيق التفوق في مجال اقتصاد الطاقة النظيفة الذي هو سمة من سمات القرن الحادي والعشرين.

إن التغيير يملأ الأجواء. ويكمن السبيل إلى تحقيقه في التوصل إلى اتفاق بشأن المناخ العالمي من أجل تقليل انبعاثات غازات الدفيئة والحد من ارتفاع درجة الحرارة على الصعيد العالمي إلى مستوى علمي مأمون؛ اتفاق يؤدي إلى حفز النمو القائم على الطاقة النظيفة. والأمر الأكثر إلحاحا، أن هذا الاتفاق لا بد أن يوفر الحماية والمساعدة لمن هم أشد تعرضا لآثار تغير المناخ التي لا سبيل إلى تجنبها.

إن ما نحتاج إليه هو إرادة سياسية على أعلى المستويات - الرؤساء ورؤساء الوزارات - وأن تترجم هذه الإرادة السياسية إلى إحراز تقدم سريع في قاعة التفاوض. ويقتضي الأمر مزيدا من الثقة بين الأمم، ومزيدا من القدرة على الخيال، والطموح، والتعاون.

إنني أتوقع من القادة أن يشمروا عن سواعدهم وأن يتحدث كل مع الآخر - لا أن يتجنبه. وإنني أتوقع منهم أن يكثفوا جهودهم لحل القضايا السياسية الرئيسية التي كان من نتيجتها حتى الآن أنها أبطأت من سير المفاوضات العالمية إلى حد الجمود. ومن عجب أن هذا التعبير كان حتى عهد قريب كناية عن البطء. ولكن الطبقات الجليدية التي شاهدتها منذ أسابيع قليلة في القطب الشمالي تتخلى عن جمودها وتذوب بوتيرة أسرع من وتيرة التقدم الذي يحققه البشر في المحافظة عليها.

إن علينا أن نبدِّي مصالح كوكبنا في الأجل الطويل على المغانم السياسية القصيرة الأجل. وعلى القادة الوطنيين أن يصبحوا قادة عالميين وأن يأخذوا بالنظرة الأبعد أجلا. ذلك أن المخاطر التي نجبهها اليوم تتجاوز حدود البلدان. وهكذا أيضا ينبغي لتفكيرنا.

وليس من الضروري أن يحسم مؤتمر كوبنهاغن جميع التفاصيل. ولكن نجاح أي اتفاق بشأن المناخ العالمي يجب أن يكفل مشاركة جميع البلدان بما يتسق وقدراتها في العمل صوب هدف مشترك وطويل الأجل. وتلك هي نقاطي المرجعية لبلوغ هذا النجاح.

أولا، على كل بلد أن يبذل قصارى جهده للتقليل من الانبعاثات من جميع مصادرها الرئيسية. وعلى البلدان الصناعية أن تعزز من أهدافها المتعلقة بالتخفيف التي هي الآن أبعد ما تكون عن تلك التي يرى الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ بضرورة تحقيقها. وعلى البلدان النامية أيضا أن تقلل من ارتفاع معدلات انبعاثاتها وأن تعجل بالنمو الأخضر الذي يراعي البيئة كجزء من استراتيجياتها للحد من الفقر.

ثانيا، إن أي اتفاق يراد له أن يتكلل بالنجاح يجب أن يساعد أشد الفئات تأثرا على التكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ. وتلك هي ضرورة أخلاقية فضلا عن أنها تشكل استثمارا ذكيا في عالم أكثر استقراراً وأكثر أمناً.

ثالثا، تحتاج البلدان النامية إلى التمويل والتكنولوجيا لكي تمضي سريعا على طريق النمو القائم على التقليل من الانبعاثات. وينبغي لأي اتفاق أيضا أن يفتح الباب أمام الاستثمار الخاص، بما في ذلك عن طريق أسواق الكربون.

رابعا، لا بد من توخي الإنصاف في إدارة الموارد وتوزيعها على نحو يتيح لجميع البلدان أن يكون لها صوتها.

هذا العام، في كوبنهاغن، ستتاح لنا فرصة هائلة لأن نقف على الجانب الصحيح من منصة التاريخ. وستكون فرصة ليس فقط لدرء الكارثة، ولكن أيضا للشروع في عملية تحول أساسية في الاقتصاد العالمي.

إن أشرعتنا الآن مفعمة برياح سياسية قوية جديدة. وقد عبأ ملايين المواطنين قواهم. وها هي دوائر الأعمال التجارية الحصيفة ترسم الطريق أمام مسار جديد للطاقة النظيفة. وعلينا أن ننتهز هذه الفرصة وأن نعمل بشجاعة إزاء قضية تغير المناخ. فهذه الفرصة قد لا تسنح مرة أخرى في وقت قريب.

إن الأجواء مفعمة برياح التغيير. وعلينا أن نبرم الاتفاق من أجل ضمان مستقبل أفضل للجميع.

(*)الأمين العام للأمم المتحدة

  

خطاب حوار الأديان في لبنان ودلالاته/ اتساع دائرة اللامعنى

بقلم/حسن عباس/ملحق النهار

يؤشر تغيّر شكل كلّ حوار وموضوعاته، الى تغيّر طبيعة العلائق التي تربط بين الناس موضوع الحوار، وتغيّر الأفق الذي يتوقون الى بلوغه. هذا ما حصل بالنسبة الى "حوار الأديان" بين اللبنانيين المنتمين الى مذاهب دينية مختلفة. فما يشهده هذا الحوار حالياً، يعتبر نكوصاً بالقياس الى ما كان عليه في عهد قريب سالف. ذلك أن حوار الاديان في لبنان كان بين رجال دين يتوقون الى رسم صورة تفاعلية وانفتاحية للاديان المنتشرة على الاراضي اللبنانية. من لبنان الرسالة كان توق الى تعميم نظرة حضارية للاديان تغير العلاقات القائمة بينها على مستوى العالم. الآن نسي حوار الاديان هذا، فكرة لبنان، كانعكاس لعقوق الجماعات اللبنانية تجاه فكرة الدولة، فأصبح حواراً لإبقاء التجاور من دون صدام، بل اصبح تسويات موقتة موضوعها الامن لا تفاعل الافكار وتمازجها. لم يثمر حوار الديانتين اللبنانيتين الكبريين إزالة للحدود والحواجز والافكار المسبقة من اذهان أتباعهما، على رغم اتساع افق النخبة المتحاورة الاولى. الآن، يعود هذا الحوار بشكل يؤشر الى محدودية أفق المتحاورين الجدد الذين عملت الحرب اللبنانية الاهلية، وعدم مخالطتهم واحدهم للآخر في الحياة اليومية، على تضييق ذهنيتهم، فبتنا امام شكلين للحوار: حوار بين مذاهب الدين الواحد، وحوار اسلامي - مسيحي ينتمي بعض المنفتحين فيه الى ثقافة ما قبل الحرب، وبعضهم الآخر لا يحاور لينتج أيّ شيء بل يحاور للحوار فقط.

يعتبر الكتاب الصادر عن "الندوة اللبنانية" (مؤسسها ميشال اسمر)، عام 1965، تحت عنوان "المسيحية والإسلام في لبنان" من اهم الوثائق اللبنانية المعنية بموضوع الحوار بين الاديان في لبنان، في زمن كانت العلاقات بين ابناء الطوائف اللبنانية المختلفة اكثر الفة، او اقلّه كان التصريح بالاختلاف الباعث على الفرقة اقل وقاحة منه اليوم في شكله الفجّ الذي يتخذ لنفسه، حين يبتغي إحداث التقارب، عناوين العمل على منع ما يؤدي اليه مآل الأمور إن تُركت تسير على مجاريها (كشعار "منع الفتنة السنية - الشيعية"). يجمع هذا الكتاب محاضرات وندوات عدة لمجموعة من المتحاورين المسلمين والمسيحيين حول مواضيع متعلقة إما بالإسلام نفسه، وإما بالمسيحية نفسها، وإما بالعلاقة بين الديانتين في لبنان وما فيها من علاقة بين الدين والدولة على مستويات مختلفة.

ما يهمّنا هو دلالات العبارات التي تتجاوز حديث كل ديانة عن نفسها، وهذا ما توفره المحاضرات التي القاها كلّ من السيّد موسى الصدر والأب يواكيم مبارك والشيخ صبحي الصالح، إضافة الى بعض جوانب المحاضرة التي ألقاها الدكتور حسن صعب. وقد أعيدت طباعة المحاضرات الثلاث الاولى في المجلد الجامع الذي اصدرته "دار النهار" بالتعاون مع "الندوة اللبنانية"، عام 1997، تحت عنوان "عهد الندوة اللبنانية" خمسون سنة من المحاضرة".

العقلانية ورفض التقليد

ينظر السيد موسى الصدر الى علاقة الله بالطبيعة بشكل يحترم القوانين المنطقية التي تخضع لها الأشياء، مؤكداً مبدأ السببية، ومُخرِجاً الله من دائرة التأثير بما يتنافى مع هذه القوانين، لا لعدم قدرته بل لإبائه، فـ"مشيئة الله التي وسعت كل شيء تأبى أن تسقط عمل الاسباب في مسبباتها وان تمنع العلل من ايجاد معلولاتها". يحاول التوفيق بين الدين والحركة العلمية التي تتسارع وتيرتها، ويعتبرها البعض طاردة للدين من دائرة التفكير البشري، وذلك بالتشديد على ان الميدانين يبتغيان إدراك الحقائق. فإن كان هدف الدين هو سبر الحقائق، فإن العلم لا يبتغي سوى ذلك أيضاً، او بالأحرى "لا ذنب له" سوى ذلك، بحسب تعبير الصدر. لذا، فـ"المؤمن الذي يحارب العلم ويخاف منه يجب ان يعتبر نفسه شاكّاً غير مؤمن بدينه لأن الخوف من اكتشاف الحقيقة معناه الخوف من معارضة دينه للحقيقة. فالإيمان العميق يؤكد الحركة العلمية وينشطها".

لا يسقطه منطقه هذا في ألاعيب بعض رجال الدين الذين لا يكلّون من تلفيق المعاني والتفسيرات لبعض الآيات القرآنية بهدف الإيحاء بأن القرآن ذكر في نصه مسبقاً كل الإكتشافات العلمية المهمة، ففي رأيه ان "القرآن كتاب دين وتربية ويجب ان لا يعرض للشؤون العلمية بالتفصيل، بل يحرّض الانسان على السير في ملكوت السموات والارض والتدبر في العالم والدقة في صنع الخلق".

يرى الأب يواكيم مبارك أن منطلقات الرؤية الصدرية التي توافق بين الدين والعلم والتطور هي سمة إسلامية عامة. ما يراه تلميذ لويس ماسينيون (يواكيم مبارك) بديهية مسيحية لا تحتاج الى التبرير، يعكسه على الإسلام الذي يرى فيه انه "جدير ومستعد، كالمسيحية، للانسياق في تطور المجتمعات المتعددة العناصر وانشاء نظام سياسي للدول لا يكون فيه العنصر  الديني عقبة في سبيل التقدم أو سبباً لسيطرة فئة على أخرى".

يمدّ السيد الصدر رؤيته الحاثة على التفكير الى الدين نفسه، رافضاً تصنيف الإقتداء الأعمى بعقيدة الأهل إيماناً. ففي رأيه أن الله "يرفض قبول الايمان التقليدي الموروث، ويأمر بتحكيم التفكر والتدبر في العقيدة"، ويستشهد على ذلك بنص الآية القرآنية التي تقول: "وكذلك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال مترفوها انّا وجدنا آباءنا على امة وانّا على آثارهم مقتدون". هذا الحث على طرح التقليدي والموروث للتساؤل، يصل به الدكتور حسن صعب الى مدىً أبعد بإعلائه الغاية على النص، أي بتشديده على المضمون لا على الشكل. فالقرآن ينشد، في نظره، تحقيق غايات "وعلّة كل نص من نصوصه مساعدة الانسان على بلوغ الكمال وتحقيق العدالة. فاذا ما استقامت العلة بتدبير انساني فاضل، تحققت الغاية المنشودة من النص".

الانفتاح على الآخر

يعود السيد موسى الصدر الى بدايات التاريخ الإسلامي ليبيّن أن الإسلام منفتح منذ ابعد الأزمان على الثقافات الأخرى، "ثقافات جاءت من مصادر غير اسلامية"، وذلك عندما اتصل الاسلام الفاتح بالاسكندرية وجنديسابور وحران والهند والمرو في القرون الاولى اللاحقة على الهجرة. يتحدث عن ثقافات البلدان المفتوحة التي "انتقلت... في مختلف حقولها الى المجتمع الإسلامي فلاقت شيئاً من الاصطدام، والتردد. ثم انطلقت، وأصبحت جزءاً من الثقافة الاسلامية، وتوسعت، ونشطت حتى لكأن المجتمع الإسلامي هو صاحب الثقافة فأدى الأمانة بدوره الى العالم".

يستذكر ترحيب علماء الشريعة بـ"هذا الزحف الثقافي الغريب"، ويكتفي بموقف "امام الفقهاء" ابي عبد الله جعفر الصادق الذي "نرى في موقفه تشجيعاً للثقافة بمختلف حقولها وتعليماً لتلامذته، وتعيين بعضهم للإختصاص فيها" (جابر بن حيان في العلوم حيث برع في الكيمياء، وهشام بن الحكم ومؤمن الطاق في الفلسفة والكلام).

يرى الأب يواكيم مبارك أن التحقق الأسمى للمسيحية والاسلامية، يتم بالانقطاع عن تقاليد البيئة الاصلية، وأن المسيحية "لم تحقق ذاتها الا يوم خرجت من البيئة اليهودية في أورشليم، تلك البيئة المغلقة على نفسها قومياً وقانونياً وثقافياً، لتستقر في انطاكية، ومن هناك انفتحت على العالم مع اليهودية الهلّينية المهاجرة". الامر كذلك بالنسبة الى الاسلام، إذ "ان بدء العهد الاسلامي يؤرَّخ بهجرة النبي لا بولادته. لِمَ ذلك؟... لأنه يوم قطع محمد روابط الدم والقبلية ليحيك روابط جديدة وميثاق شرف وحقّ لأناس غرباء عن وطنه، يومذاك برز الى الوجود مجتمع جديد وولد الاسلام".

يتحدث عن التحقق بعد التحرر من قيود المحيط، ليعكس نظرته على لبنان الذي يدفعه الى القول "اننا في استمرار في حاجة كمسيحيين الى الخروج من أورشليم والاستقرار في انطاكية، واننا في حاجة كمسلمين الى مغادرة مكة لتجديد الهجرة الى المدينة. وهذا بالضبط ما نفعله عندما نتواعد نحن، مسيحيين ومسلمين من كل ملة، على التلاقي في لبنان".

يتجاوز الأب يواكيم مبارك طرحه النظري، الى التوصية بخطوات عملية تساعد في تحقيق التلاقي عملياً. فيطالب بإنشاء كليات خاصة بالعلوم الدينية، الاسلامية والمسيحية، وبإدماجها كلياً في التعليم اللبناني العالي، مشدداً على دور الجامعة اللبنانية الرسالي، هذه الجامعة التي "لا تتم رسالتها الخاصة الا يوم تنشئ مثل هذه المعاهد... وتحقق هكذا في لبنان هذه الرسالة الضرورية، رسالة الالتقاء والمقابلة النزيهة بين المسيحيين والمسلمين، على صعيد ايمان كل منهم". الى هذه الخطوة المساعدة على التعريف بالآخر، يضيف مطلب "وضع بيان مشترك عن المسيحية والاسلام يسهم في صياغته مسيحي ومسلم، ثم ينشر على اوسع مدى في سواد الشعب وفي المدارس وبين اوساط النخبة المثقفة التي غالباً ما تكون في هذا الحقل على مستوى الآخرين".

يؤسس مبارك رؤيته للتلاقي على النظر الى الدين كـ"تعابير اصلية"، ويعلن اقتناعه الخاص بما يدعو اليه. يقول: "إنني، كمسيحي، لأشعر بأن كل عرق في روحي الدينية مرتبط بلغة الوحي الاسلامي وطقوسه... معنى ذلك انني أجهر في الوقت نفسه بتعلقي بإيمان الاسلام دون المشاركة فيه، وبتعلقي بالتعابير الاصلية لروحه الدينية". ويتأسس ذلك كلّه على الفكرة التي بذل لها حياته والساعية الى التقريب بين الاديان السموية كونها جميعاً ابراهيمية، فالقرآن في نظره "ما زال كلاً لا يتجزأ ضمن نطاق الايمان القديم بإله ابراهيم".

يلاقي الشيخ صبحي الصالح الأب مبارك على هذه النظرة الانسانية للشأن الديني المعبّر عنها بالإبراهيمية. يقول: "إنّا لا نطمع – في الشرق العربي – بزيادة عددية تنشأ عن النشاط في الدعوة الى اعتناق الاسلام، بل الذي نصبو اليه في حوارنا ليكون مجدياً مفيداً – ان يحترم بعضنا بعضاً، وان يفهم احدنا الآخر، وان يطّلع كل منا على تعاليم اخيه، وان نتناسى مآسي الماضي، وما افتعل فيه من ظروف سيئة لتوهين روابطنا، وان نبني تعاوننا على اساس كرامة الإنسان، بوصفه انساناً، وهي الكرامة التي صانها للجميع اله التوحيد اله ابراهيم ابي الانبياء".

الحيّز المدني في السياسة

لا يشكل الاسلام، في نظر الأب مبارك، "عقبة في سبيل التقدم"، ويرى أن في لبنان ضرورة للتمييز بين الزمنيات والروحانيات، وهذه، في اعتقاده، مهمة مشتركة يجب أن تتعاون على تنفيذها كلّ من الديانتين بغية وصل لبنان بـ"الازمنة الحديثة". هكذا يتم وصل لبنان بالحداثة ويبقى حاملاً روح الدين، لا روح ديانة في عينها. يدعو في هذا السبيل الى إنشاء "مجلس اسلامي – مسيحي لضمان احترام التمييز الشرعي ما بين الروحيات والزمنيات من جهة ولإحلال الانسجام اللازم بين الزمنيات والروحيات من جهة اخرى". يهدف هذا المجلس الملّي الى التعاون المشترك بين الاسلام والمسيحية على تحديث النظام السياسي من دون الاصطدام بـ"ضمير" لبنان الديني، فـ"بالإضافة اذاً الى انشاء مجلس ملّي لكلتا الفئتين، يصار الى انشاء مجلس ملّي مشترك تحت شعار الاتفاق الودي والتعاون الايجابي يكون من علامات الأزمنة الحديثة ويمثل ارفع مقام معنوي، كما يكون مرجعاً اعلى للأمة عندما تصطدم بضميرها، فيطلعها، هكذا، الاسلام والمسيحية معاً على الطريق السوي".

يلاقي الشيخ صبحي الصالح الأب مبارك على هذا الطرح، لكنه يتحفظ عن الهدف المرجو منه. يوافق على فكرة إنشاء مجلس ملّي مشترك، ولكن، "ليس معنى هذا تبنينا الفصل بين الزمنيات والروحانيات، فإن أي هدف – مهما يَسْمُ  في نظر غيرنا – لن يحملنا على التفريط بما نعتقده بين يديّ الله من ان الاسلام دين ودولة، وعقيدة ونظام!". يوافق عليه لأنه يرى أنه طريق مهم على درب الحدّ من استغلال السياسيين وبعض رجال الدين للمسألة الطائفية في السياسة، "فلسوف نقلل عن طريق هذا المجلس – بوصفه ارفع سلطة معنوية في الدولة – من نفوذ الزعامة الطائفية او المذهبية التي يتقاسمها بعض رجال الدين من مشايخ وقسيسين مع الزعماء وأنصاف الزعماء او المتزعمين".

أما حسن صعب، فيتخطى تحفظات الشيخ الصالح بخطوات كبيرة، طارحاً فكرة البناء الروحي الديموقراطي بعيداً من شكليات "دين الدولة": "نبني بناءً روحياً ديموقراطياً... نبني بدون ان تكون بنا حاجة لأن نميّز بين المسلم وغير المسلم داخل البناء... ونبني ولسنا في حاجة لأن نعلن الاسلام دين الدولة. فالاسلام دين الله ودين الانسان، وليس دين الدولة". فالقرآن، في مفهومه، هو كتاب يدفع بالإنسان الى تحقيق غايات، لا كتاب يهدف الى التعلق بالنصوص. يفكك التعلق بأشكال قديمة للحكم، ويرى فيه تعلقاً بـ"جبرية الحكام" لا بـ"جبرية الاسلام"، فـ"الانظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي اجترحت بعد محمد هي من عمل البشر لا من عمل الله. والجبرية الالهية التي أضفوها عليها هي جبرية الحكام لا جبرية الاسلام. فالسيادة الالهية ليست سيادة هاشمية ولا اموية ولا عباسية ولا فاطمية ولا عثمانية، ولكنها سيادة الانسان المستضعف الذي اختاره الله في كتابه إماماً، وأراده وارثاً، واصطفاه سيد الكون".

الاسلام والتعددية

يرى السيد موسى الصدر في الاسلام ديناً ديناميكياً و"ملوّناً" يعترف بالتعددية الناتجة بشكل طبيعي من اختلاف "انفعالات الافراد والجماعات". "يعطي الإسلام مفهوماً عن المجتمع ينبثق من واقع الإنسان، الذي هو مبدأ المجتمع والغاية منه. انه مجتمع انساني لا فردي ولا جماعي، مجتمع موحد متماسك، لا منقسم متصارع، ملوّن حسب انفعالات الافراد والجماعات بالمؤثرات الكونية التي تحيط به".

يحيل المجتمع المتماثل على مجال الاستحالة. يشتقّ الصدر من بداهة الاختلاف دعوة الى التعاون والتكامل. "فالسلام الكوني والسلام الفردي يعطيان نهجاً منطقياً عن السلام العالمي، فالإختلاف في العنصر والرأي والانتاج في المجتمع العالمي يجب ان نعترف به ونعتبره كمالاً له وجمالاً فطرياً يسهل التعارف والتعاون والتكامل والوحدة". يتوسع في تطبيقات بداهة الإختلاف، ويصل بها الى الحث على تنسيق الجهد الثقافي للمختلفين لتحقيق السلام بين البشر، رافضاً كل دعوة الى "فرض وحدة الأنظمة" التي لا تتلاءم مع اختلاف تطلعات البشر. يقول: "هذا الإختلاف، وبتعبير اوضح: هذا التنوع، يتجلى بشكله ونتائجه في جسم الإنسان وفي الصورة التي يعطيها الاسلام عن الكون. فلا سلام بلا تنسيق الجهد الثقافي ووحدة الخطة العامة ولا سلام مع الرغبة في فرض وحدة الانظمة والآراء والانتاج والعناصر".

رسالة للبنان

البحث عن مفهوم للبنان، لم يغب عن الحوار الديني الذي نظّمته "الندوة اللبنانية". ففي تقديمه للحوار، قال مؤسس الندوة ميشال اسمر بوضوح ان "هذه السلسلة من المحاضرات انما نظمناها لان الندوة تؤمن... بأن لبنان وحده بين البلدان، يستطيع القيام بالتجربة الكبرى لتفاعل الاديان السماوية وملتقاها جميعاً في الخير والمحبة".

لكن الأب يواكيم مبارك هو الوحيد بين المحاضرين أفرد مساحة واسعة من محاضرته للبحث عن مفهوم للبنان ينتج من طبيعته السوسيولوجية التي تجمع أبناء ديانات ومذاهب متعددين. يتحدث عن تطوير النظام السياسي اللبناني من دون المسّ بالدستور، ومن خلال اجراء تمييز "اكثر عدالة" بين الروحاني والزمني: "فإن رأس قضايا الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان وهدفه الأكبر، هو، كما يبدو لي، أن نتوصل، على مستوى الفكر، وبالارتكاز على الدستور الحالي، ودون ان نضطر لأن نمسّه، الى التمييز تمييزاً أكثر عدالة بين الروحاني والزمني، بين المقدّس وغير المقدّس، بين المدني او السياسي والديني بغية سكبه، في ما بعد، في الأفكار والعادات وأخيراً في الأنظمة".

لا يرى مبارك لبنان الا من منظار التعددية التي يكتنفها مجتمعه، ويعكس ضرورة مكوّنات هذا المجتمع بعضها لبعض على سلام العالم بأسره، فـ"المسيحية والاسلام ضروريان اذاً بعضهما لبعض، لأنهما ضروريان لسلام العالم واتحاده". ويذهب في المنطق الناتج من فرضيته الى آخره. فضرورة المسيحية والاسلام بعضهما لبعض وللسلام العالمي، تنتج منها ضرورة المكان الذي تتعايش فيه هاتان الديانتان: أي لبنان. فـ"اذا كانت المسيحية والاسلام ضروريين هكذا كلاهما للآخر، فلبنان اذ ذاك ضروري للمسيحية والاسلام، وبالتالي للعالم...".

لهذه الأسباب، يشدد الأب مبارك على وجوب بقاء لبنان وطناً للتعددية لكي يبقى لبنان كمفهوم. فلبنان المسيحي هو مفهوم عنصري كمفهوم اسرائيل، ولبنان المسلم هو إعلان فشل الاسلام في التعايش مع الآخر المختلف: "ان لبناناً يريد نفسه مسيحياً صرفاً أو بغالبية مسيحية، يفقد مبرّر وجوده ويحكم على نفسه كما فعلت اسرائيل. وان لبناناً يريد نفسه اسلامياً صرفاً او بغالبية اسلامية، يحكم على نفسه ايضاً ويجعل من الاسلام قاطبة عصبية عرقية غيرى على هويتها، مستقلة عن كل هوية أخرى وعاجزة عن العيش في اطار أمة متعددة وموحدة".

هكذا كان شكل الحوار بين الاديان في لبنان منذ عقود قليلة سابقة. ويرشح منه بوضوح توق الاديان المختلفة الى التلاقي في لبنان الذي يدخل كمفهوم في علاقة جدلية مع الاديان المنتشرة على مساحته الصغيرة، فيدفعها الى التوق الى مسكونية يتأسس لها من لبنان، وتؤثر هي ، من ناحيتها، في تشكيل مفهوم لبنان كدولة تعددية صاحبة رسالة تدعو الى السلام العالمي. من هنا، فإنه يهدف الى ازالة الحواجز التي تفرّق بين المنتمين الى الاديان المختلفة، باعتبارها لا تمت الى الدين بصلة.

نكوص حوار غير مكتمل

على رغم أهمية الحوار المذكور الذي نظمته "الندوة اللبنانية"، لا يمكن اعتباره حواراً ناجزاً يخلو من الشوائب. فالمسكوت عنه كثير فيه، إذ هو يتجاهل المعضلة الطائفية الحادة في لبنان، وحين يقترب منها مواربةً بالحديث عن "الحواجز" وغيرها من المرادفات، يطرح حلولاً من خارج طبيعة هذه الأزمة، كاقتراح صياغة بيان اسلامي - مسيحي مشترك، أو التعرف الى دين الآخر. لكن للإنصاف، لا يمكن تحميل رجال الدين عبء اجتراح حلول للأزمات السوسيولوجية اللبنانية، فهذه مهمة متخصصين في شؤون اخرى. تسجَّل للحوار المذكور أيضاً مقاربته المنفتحة على الآخر للمسائل الدينية، ومحاولة التأسيس، من خلال الدين، لمفهوم عن لبنان كوطن لحياة أناس "ملوّنين" مذهبياً، وهو مفهوم كان من الممكن التأسيس عليه لخلق مفهوم لأمّة لبنانية.

لم يتوقف الحوار الاسلامي - المسيحي في لبنان، لا خلال الحرب ولا بعدها. ولكن معظم متحاوري اليوم هم ممن تبقّوا من متحاوري الأمس. هم من اللبنانيين الذين عاشوا الاختلاط الاسلامي - المسيحي في الحياة اليومية وفي المناسبات، أو جاوروهم في الحارات المختلطة قبل أن تؤدي الحرب الأهلية الى الصفاء الطائفي للمناطق اللبنانية، وخصوصاً في المدن. أو هم على الاقل ممن تكوّن وعيهم السياسي في حقبة كان لفكرة الدولة تأثيرها في تكوّن وعي الافراد السياسي.

يستمر الحوار الاسلامي - المسيحي اليوم من خلال "الامانة العامة الدائمة للحوار الاسلامي - المسيحي"، التي تحولت لاحقاً الى "اللجنة الوطنية للحوار"، وقد تشكلت هذه الاطر بمبادرة من بعض الشخصيات، كسعود المولى ومحمد السماك وسليمان تقي الدين وحارس شهاب وعباس الحلبي، بمباركة من البطريرك صفير والامام محمد مهدي شمس الدين. كما يستمر من خلال الفريق العربي للحوار الاسلامي - المسيحي الذي دفعت الى قيامه النواة اللبنانية الفاعلة في كل الاطر الحوارية القائمة، كما دفعت الى قيام اللقاء اللبناني للحوار الذي انعقدت جولات حوارية سياسية عديدة منه  حول الشؤون اللبنانية الداخلية والخارجية، بدأت في حزيران 2006 في مدينة مونترو السويسرية.

لن نتحدث عن هذه الاطر الحوارية وما انتج كلٌّ منها، ولكن سنتكلم فقط عن اتساع دائرة اللامعنى، في ما يلقيه محاورو اليوم المتوزعون على الاطر الحوارية المختلفة. وسنسقط المراجع التي نستقي منها مقالاتهم المنشورة في اعداد مختلفة من صحف مختلفة.

يقع جزء كبير من الحوار القائم اليوم اسيراً لحاجة المسلمين الى نفي صفة عدم تقبل الآخر عن ديانتهم، وحاجة مسيحيي الشرق الى نفي تبعيتهم للغرب الذي يشاركهم المعتقدات الدينية نفسها. يسعى محمد السماك الى الدفاع عن الاسلام و"فصله عن سلوك المسلمين الذين يتذرعون بالاسلام للقيام بأعمال ارهابية مما يجعل الغرب يعتقدون ان في الاسلام مشكلة مع التعايش مع الآخر". ويعتبر ان الثقافة الاسلامية تتضمن "رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، على رغم أن التأويل المتفائل لهذه العبارة لا يمكن ان يتجاوز نظرة بعض التيارات الاسلامية المنفتحة الى تيارات اخرى اسلامية ايضاً، ما يجعل ايرادها في سياق الحوار الاسلامي - المسيحي بلا معنى. قد تكون غابت عن معظم المحاورين البداهة التي انتبه اليها الأب جورج مسوح والقائلة انه "لا بد من القول ان الحوار لا يمكن ان يكون اسلامياً - مسيحياً، بل هو حوار بين مسلمين ومسيحيين، وشتّان بين الأمرين. فلا احد يستطيع الادعاء انه يتحدث، حصـرياً، باسم المسيحية او باسم الإسلام". هذه البداهة ضرورية لاقامة الحوار لأن الانفتاح على الآخر لا يمكن ان يتم من دون الانطلاق من ذهنية منفتحة لا تتنكر لكلّ آخر.

تتضمن المحاضرات الحوارية جملاً فارغة من المعنى، ما يدل على تراجع الصراحة في الحوارات المقامة. في "حوار الندوة" تجرأ الاب يواكيم مبارك على اتهام الغزالي بالانغلاق امام الشيخ صبحي الصالح. الآن، يتم انتقاء العبارات التي لا تمس أيّاً من جوانب عقيدة الآخر، فيفرغ حوار العقائد من المعنى. يقول الاب يوسف مونّس ان "الناس كلهم عيال الله"، و"هناك لاهوت للسماء والشمس والقمر والنجوم، ولاهوت للأرض في اشجارها وانهارها وجبالها وصحاريها وفصولها ومواسمها وكائناتها. الكل في حوار مع الكلي الازلي"، و"الافتتان بالمسيح وبوجهه البهي المنوّر، هو في اعتقادي الجامع المشترك الحقيقي للحوار". ويقول الاب صلاح ابو جودة اليسوعي انه ينبغي "تطوير حوار بين نخبة مفكّرة واعية... وأظنّ أنّ هذا يبقى، في الدرجة الأولى، مهمّة الطلاّب والطالبات في الجامعات، بفضل استعدادهم أكثر من غيرهم للموضوعيّة وللتفكير الشخصيّ بمسؤوليّة وهدوء"، متجاهلاً أزمة انقسام طلبة الجامعات اللبنانية المشابهة لانقسام الشارع اللبناني.

فرضيات حوارية تنفي ضرورة الحوار

من ناحية أخرى، يقع المتحاورون اسرى لفرضيات غير واقعية، فتنتفي ضرورة إقامة الحوار نفسه إذا صحّت. يقول محمد السماك ان "الحرية هنا (في لبنان الوطن المتعدد الدين والمذهب) هي ضابط الايقاع في العزف الوطني الذي تقدمه 18 عائلة روحية، تعزف كل منها على شرعة ومنهاج بشذى مختلف، ولكن بانسجام اوركسترالي متكامل، كما هو مفترض، وليس كما هو مفروض، اي عن اقتناع طوعي، وليس عن قبول قسري... اما النص – النص الاوركسترالي – فهو الميثاق الوطني. واما القائد فهو رئيس الدولة". ويتساءل في مكان آخر: "لماذا لا تكون جميع الاقطار العربية لبنان من حيث انها توفر الحرية الكاملة في الايمان وفي ممارسته، ومن حيث انها تقيم المساواة الكاملة في المواطنة وتحترم حقوقها، ومن حيث انها تحقق تالياً الاطمئنان الكامل الى المستقبل والمصير في شراكة وطنية كاملة؟". ويقول الاب صلاح ابو جودة انه "لا شكّ أنّ مجتمع لبنان معقّد لجهة تركيبته، الأمر الذي يوحي بضعفه. ولكنّ التعايش الإسلاميّ - المسيحيّ، منذ تأسيس دولة لبنان عام 1920، أرسى قيماً مشتركة، يجب إبرازها بتزايد، والتمسّك بها: 1- رفض الانغلاق المناطقي أو المذهبي أو الطائفي، 2- الحرص على الديمقراطية  وحرية التعبير عن الرأي، 3- الحرص على الانفتاح على الشرق والغرب علمياً، بشجاعة ومن  دون تحفّظ. 4- التمسك بالتعددية في لبنان، ورفض كل شكل من أشكال الآحدية، أكان ذلك لنظام الحكم أم لنظام التعليم أو لشكل المجتمع". ويقول المطران بولس مطر ان "قيمة الثقافة المتناغمة والمنسجمة التي تشكل خلاصة ثقافتي الديانتين المسيحية والاسلامية" هي من القيم التي انتجتها التجربة اللبنانية. فِلمَ الحوار إن كانت الأمور تُرى بهذا التفاؤل؟!

على رغم ذلك كله، تبعث بعض جوانب الحوار الاسلامي - المسيحي التفاؤل لما تتضمنه من تطرق بعمق الى المسائل الخلافية، كدعوة الاب جورج مسوح الى انه "ينبغي ان يُدرج كل حوار اسلامي - مسيحي في سياقه الخاص، حتى يأتي العمل من اجل حل المشكلات العالقة نافعاً"، وتحديده مهمة المسلمين والمسيحيين المشتركة التي "تكمن في إعادة الاعتبار الى الإنسان وحريته وكرامته. والحوار بينهما يكون بلا جدوى ولا معنى إذا لم يجعل الإنسان في قلب اهتماماته".

كذلك الحال مع مقاربة سعود المولى للمسائل الحوارية، فهو يقربها من الحياة البشرية ويحاول بحث اسس الخلافات، فيدعو الى "بناء طائف شعبي"، والى ايجاد الحلول لكيفية تأمين الانسجام بين الدين والدولة، وبحث الضمانات المطلوبة للطوائف وكيفية التوفيق بينها وبين حقوق الافراد والحرية والديموقراطية وحكم القانون والمؤسسات، ويطرح للبحث فكرة قانون مدني اختياري للأحوال الشخصية أو العودة الى القانون الذي تم إقراره أيام الانتداب الفرنسي ويلحظ إضافة طائفة غير مذهبية أو دينية (علمانية أو مدنية) لها قانونها الخاص للاحوال الشخصية، وفكرة السبيل الى إلغاء طائفية أو زبائنية الوظيفة مع المحافظة على التوازن وعلى حقوق الطوائف وضماناتها.

يبقى لأفكار المطران جورج خضر اثرها في فصل الدين عن الطائفية، وهي المهمة التي نذر لها عقوداً من حياته، فهو رفض اعتبار الذين سقطوا في الحرب الأهلية اللبنانية شهداء كتطبيق عملي لرفضه اتحاد المسيحيين على اساس طائفي قائلاً: "نؤكد أن الوحدة المسيحيّة ليست في التسمية ولا في كتلويّة الطوائف لكنها في بلورية الأفراد وإنجيليتهم". ويرفض مفهوم الحارات المسيحية، أي انعزال المسيحيين في مناطق جغرافية ذات لون طائفي موحّد، ويعتبرها من مخلّفات نظام "أهل الذمة" ويعتبر ان نضال المسيحيين الوطني هو "ألاّ يظلّوا حارة نصارى في دنيا الإسلام بل أن يصبح الجميع مواطنين في أوطان، متساوين في الكرامة بحيث لا يبقى فضل لأحد على أحد في الوجود والحرية".

ثنائية السنّة والشيعة بدل ثنائية الاسلام والمسيحية

تراجعت حالياً الأهداف المرجوة من حوار الأديان في لبنان، فهو من حيث الشكل اتخذ شكل حوار بين المذاهب المختلفة لا الأديان، ما يعكس تجذّر الإنقسامات بين اللبنانيين وتشظيها ووصولها الى مذاهب الأديان نفسها. خير مثال على ذلك، هو الحوار السني - الشيعي الذي أقامه "حزب الله" وبعض الجماعات السنّية السلفية، و دامت خلاصته اياما قليلة قبل تنصل السلفيين منها. لا يهمّش هذا المثال كتابات العديدين من دعاة التلاقي بين المسيحية والاسلام على ارض لبنان، والذين لم يتوقفوا عن الدعوة الى التفاهم والانفتاح على الآخر. لكن لا يمكن مقارنة كتابات هؤلاء بالحوار الذي نظمته "الندوة اللبنانية" لكونهم ليسوا اشخاصا ذوي تأثير عام كأولئك الذين جمعهم حوار "الندوة"، ولأن هؤلاء المحاورين ينتمون الى ثقافة الحقبة التي جرى فيها حوار "الندوة اللبنانية" بمثلها وغاياتها، لا الى حقبة اليوم التي خرّجت رجال دين من نوع آخر. وعلى رغم ان حوار "حزب الله" والسلفيين يطرح من ناحيته مشكلة منهجية إذا اردنا مقارنته بحوار "الندوة"، لكون الأول حواراً دفعت المصالح السياسية الى اجرائه وأثّرت في خلاصاته، ولكون الثاني لقاء لشخصيات دينية في ظرف عادي، ما يعطيهم حرية اكبر في تناولهم المسائل موضوع الحوار. على رغم ذلك، فإن مقارنته بحوار "الندوة اللبنانية" تكتسي اهمية كبيرة لعظم دلالات المقارنة المقامة.

الغائب الأول عن حوار اليوم هو الانفتاح الذي لا يخشى التفاعل مع الآخر ويتوق الى تقليص دائرة أخروية الآخر، والغائب الثاني هو الدولة اللبنانية، والغائب الثالث هو رسالية لبنان. وتطول لائحة الغياب.

نشير بالحوار السني - الشيعي الى وثيقة التفاهم التي وقّعها رئيس المجلس السياسي لـ"حزب الله" السيد ابراهيم امين السيد، والداعية حسن الشهال عن "التيارات السلفية" في لبنان، في 18 آب 2008، في فندق "السفير" في بيروت، وذلك لتنظيم العلاقة بين الطرفين.

تختلف روحية هذه الوثيقة شكلاً ومضموناً عن روحية الحوار الذي اقامته "الندوة اللبنانية". ففي الشكل هي تعبير عن وصول الانقسام السياسي الديني بين اللبنانيين من مستوى الأديان الى مستوى المذاهب المنتمية الى هذه الاديان، وهذا في حد ذاته مؤشر الى بؤس الحالة الثقافية التي وصل اليها اللبنانيون. أما في المضمون، فقد حلّت المصطلحات القتالية كـ"دم المسلم" و"الاعتداء" و"الدفاع عن النفس" و"التكفير" و"انتقال الخلافات الى الشارع"... الخ، مكان مصطلحات طموحة كـ"الدين الحق" و"الايمان العميق" و"التقدم" و"تطور المجتمعات المتعددة" و"عدم قبول الايمان التقليدي الموروث" و"الحركة العلمية" و"البناء الروحي الديموقراطي" و"تفاعل الاديان السماوية" و"الاديان الابراهيمية" و"السلام الكوني"...

تم الاتفاق في هذه الوثيقة على ثمانية بنود. ينص الاول منها على الآتي: "انطلاقا من حرمة دم المسلم فإننا نحرّم وندين اي اعتداء من اي مجموعة مسلمة على اي مجموعة مسلمة اخرى"، متناسياً ان ابناء لبنان ليسوا كلهم مسلمين، وانه كان من واجب المتحاورين الا يغفلوا ذكر المسيحيين في نص يشير الى "حرمة الدم"، ويعكس هذا التواضع المريب ضيق الافق الذي وصلت اليه بعض الجماعات الاسلامية، والذي لا يمكنها من الحديث عن "دم الانسان" ايّاً يكن دينه. يضيف نص هذا البند انه "وفي حال تعرض اي مجموعة الى اعتداء فمن حقها اللجوء الى الوسائل المشروعة للدفاع عن نفسها"، في تغييب كامل لدور الدولة اللبنانية في الدفاع عن سلامة اللبنانيين الجسدية وامنهم الشخصي وكرامتهم. لكأن المتحاورين لا يرون في الدولة اللبنانية سوى بقعة جغرافية لا ينبغي تنظيم حياة قاطنيها مركزياً، ويجب ان تسود فيها شريعة الغاب، ولا تقلل عبارة "الوسائل المشروعة" من فجاجة النص الاخير لأن الدولة مغيّبة فيه، وتالياً فإن الحديث عن مصدر المشروعية خاضع للاجتهاد الشخصي.

تحليل المستور في بنود الوثيقة ليس تأويلاً او اجتهاداً في باطن النص، ذلك أن النص ينطق بوضوح كافٍ. ويؤكد البند الثاني من الوثيقة ما استخلصناه من دلالات في البند الاول، إذ يدعو الى "الامتناع عن التحريض وتهييج العوام لان ذلك يساهم في اذكاء نار الفتنة ويُخرج القرار من ايدي العقلاء فيتحكم بالساحة السفهاء واعداء الامة الاسلامية". هكذا، فلبنان في وعي المتحاورين هو ساحة يتقاسم النفوذ عليها "العقلاء" و"السفهاء" الذين يتحكمون فيها بعيداً من الدولة اللبنانية.

يستمر المنطق الحاكم للوثيقة في بندها الخامس الذي يتعهد فيه المتحاورون انه "في حال تعرض "حزب الله" او السلفيون لأي ظلم ظاهر وجلي من اطراف داخليين او خارجيين، على الطرف الاخر الوقوف معه بقوة وحزم ضمن المستطاع". كان من الممكن الحديث عن روح التضامن التي تدعو اليها الوثيقة، وإن بين بعض اللبنانيين، لو ان هذا البند اكتفى بالحديث عن "الظلم الظاهر" الآتي من الخارج. ولكن ان يتم الاتفاق على التضامن "بقوة وحزم" في وجه اطراف داخليين "ضمن المستطاع"، والمستطاع خاضع للاجتهاد وخصوصاً انه كثير، فهذا يحدث "نقزة" إن لم نقل صدمة في وعي قارئ هذا البند.

ثوابتنا هي ثوابتنا

تولّى المفاوضات التي اسفرت عن توقيع الوثيقة المذكورة، من جانب السلفيين، رئيس "مجلس امناء وقف التراث الاسلامي" صفوان الزعبي الذي انتقد التكفيرية السياسية في خطب كل من "حزب الله" و"تيار المستقبل"، فـ"فكلاهما يعتمد فكراً تكفيرياً سياسياً. فعند "حزب الله" كل من يخالف رأيه يكون عميلاً لأميركا وإسرائيل، بينما لدى "تيار المستقبل" طريقة إذا احدهم يحاور حزب الله يكون خائنا لطائفته". والزعبي الذي قيل انه قاد المفاوضات مع "حزب الله" بثبات لا يلين، وامتدح من جانب بعض السلفيين على صفته هذه، مع انها ليست صفة تمتدح في ايّ حوار جدّي، قال لمحاوريه من الطرف الآخر "لن نسايركم على حساب ما نعتقد في الأمور العقائدية. ثوابتنا هي ثوابتنا، بمعنى أننا ضد التشييع وضد توريده لمناطقنا". للزعبي حريته في اعتقاده بما يريد، اما الحديث عن معتقدات الآخر المحاوَر بمنطق "البضائع" و"التوريد" فمؤشر الى ان الهدف المرتجى من الحوار لا يزيد على كونه تنظيماً لخطوط تماس قائمة بين مختلفين. فهو ليس حواراً يدعو الى الانفتاح ولا حواراً يؤدي الى التمازج والتفاعل على الصعيد الفكري. علماً أن المنطق نفسه يحكم نظرة "حزب الله" الى هذا الموضوع.

في تعليق داعي الاسلام الشهال على الوثيقة التي رفضها في مؤتمر صحافي عقده فور اعلانها، معتبراً ان الحالة السلفية اللبنانية غير معنية بها، وهي التي وقّعها حسن الشهال، القطب الثاني الكبير للحالة السلفية في لبنان، "محاولة لشق الصف السنّي عموماً والسلفية خصوصاً، ولتلميع صورة تنظيم حزب الله"، مشيراً إلى أن "الطائفة السنّية يعتريها الكثير من الفرقة، لذا كان (الأولى العمل) على تعزيز صفها وتوحيد كلمتها، وبعدها ننتقل إلى التلاقي مع الآخرين". هكذا يرسم بوضوح وعيه للمسألة الحوارية. فهي تتم بين "بلوكات" متواجهة، منها السني ومنها الشيعي، ولكل منها "ساحته" او "صفّه" الداخلي، وكأنها دول متجاورة تعقد في ما بينها اتفاقات خارجية لا أفكاراً ديناميكية قابلة للتفاعل في ما بينها. هكذا نرى ان المنطق نفسه يحكم نظرة موقّعي الوثيقة، ومعارضيها من الجهة السلفية.

الحوار للظهور بمظهر المتحاور

اقل ما يقال عن حوار "الندوة اللبنانية" انه كان توّاقاً الى التوصل الى نتائج تدفع قدماً بالعلاقة بين الاطراف المتحاورين، وترتقي بواقعهما المشترك، وتحديث فكرة الكيان الضامن لوجودهما، أي الدولة اللبنانية. لكن حوار "حزب الله" والسلفيين لم يكن يهدف، على رغم محدودية النقاط المتفق عليها، إلا الى الحوار. فهدفه كان أن يظهر الطرفان بصورة دعاة حوار لا اكثر، اي الحاجة الى "صيت" الانفتاح.

كان الداعية السلفي حسن الشهال يطالب، بعد انفتاح قنوات التواصل بين المقرّبين منه و"حزب الله"، بتأجيل اعلان التوصل الى خلاصات، لكن الهجوم الارهابي على الجيش اللبناني في حادثة "متفجرة التل" في وسط مدينة طرابلس، دفع الى التسريع في عملية الحوار. فأصابع الاتهام توجهت الى السلفيين، وكان الاعلان عن اقامتهم هذا الحوار وسيلة للظهور بمظهر المعتدلين والمنفتحين على الآخر. فالحوار كان لذاته اكثر مما هو لغايات مرجوة منه.

أما موقّع الوثيقة من جانب "حزب الله"، السيد ابراهيم امين السيد، فاعتبر ان الوثيقة "ستدخل الغيظ على قلوب اعدائنا الذين يعملون ليل نهار من اجل بث الفرقة والفتن والفوضى والنزاعات بيننا وعلى رأسهم اميركا واسرائيل، وعلى قلوب اولئك الذي يعتاشون على التحريض والتفريق والتكفير ويبنون امجادهم وبطولاتهم الزائفة بالتكفير والتمزيق والسباب والشتائم". هكذا، فالهدف من الوثيقة "ادخال الغيظ على قلوب... وعلى قلوب"، اي ان هدفه سلبي لا ايجابي من حيث المضمون.

لكن الهدف منه يظهر في جزء آخر من كلام السيد الذي رافق اطلاق الوثيقة، ذلك "اننا نقدم عليه كخطوة مضيئة ورائدة وقائدة وشجاعة لشعوب امتنا في لبنان والعالمين العربي والاسلامي، هذه الشعوب المؤمنة الطيبة التي تحتاج في مقاومتها للمحتلين والغزاة والغاصبين الى من يحمي ظهرها من اعدائها الذين يزرعون الفتن في كل مكان". الهدف منه هو "حماية الظهر" في حال حدوث مواجهة مع اسرائيل، لا اكثر. والهدف يبقى سلبيا: اقامة تحالف تكتيكي بين جماعات تناست ذكر الدولة اللبنانية وكل ما يمتّ الى منطقها بصلة.

يبقى السؤال: هل يعود حوار الاديان في لبنان الى ما كان عليه كخطوة في سبيل الارتقاء به الى افق ارحب حتى من الافق الرحب الذي كان يدور فيه؟ اما الجواب فرهن بعودة الجماعات المذهبية اللبنانية الى كنف الدولة اللبنانية. أما عن عودة هذه الجماعات الى الدولة، فموضوع لا يتعلق برجالات الدين، ويجب أن يُترك الحديث عنه الى مختصين بشؤون اخرى كالاجتماع والفكر والثقافة والسياسة والاقتصاد والتاريخ. ولكن هل كثيرٌ مطلب فصل رجال الدين بين الفكر الديني كفكر وبين الطائفية كسلوك اجتماعي يحد من افق ممارسيه؟ هذا هو التحدي المفروض اليوم على رجال الدين، وهذا هو الطريق الى الحد من الانقسامات الطائفية بدل تغذيتها، وهذا ما يمكّن من العودة الى حوار ديني راقٍ، يحلّ محلّ "حوار المتاريس الديني".